عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:36 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) )
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا أبو كريبٍ، وعبد بن حميدٍ، قالا: أخبرنا أبو أسامة، عن الحسن بن الحكم النّخعيّ، قال: حدّثنا أبو سبرة النّخعيّ، عن فروة بن مسيكٍ المراديّ، قال: أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم؟ فأذن لي في قتالهم وأمّرني، فلمّا خرجت من عنده سأل عنّي، ما فعل الغطيفيّ؟ فأخبر أنّي قد سرت، قال: فأرسل في أثري فردّني فأتيته وهو في نفرٍ من أصحابه، فقال: ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه، ومن لم يسلم فلا تعجل حتّى أحدث إليك قال: وأنزل في سبإٍ ما أنزل، فقال رجلٌ: يا رسول الله، وما سبأٌ، أرضٌ أو امرأةٌ؟ قال: ليس بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولكنّه رجلٌ ولد عشرةً من العرب فتيامن منهم ستّةٌ، وتشاءم منهم أربعةٌ. فأمّا الّذين تشاءموا فلخمٌ، وجذام، وغسّان، وعاملة، وأمّا الّذين تيامنوا: فالأزد، والأشعريّون، وحميرٌ، ومذحجٌ، وأنمارٌ، وكندة. فقال رجلٌ: يا رسول الله، وما أنمارٌ؟ قال: الّذين منهم خثعم، وبجيلة.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ). [سنن الترمذي: 5/214] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آيةٌ جنّتان عن يمينٍ وشمالٍ كلوا من رزق ربّكم واشكروا له بلدةٌ طيّبةٌ وربٌّ غفورٌ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: {لقد كان لسبإٍ} أي لولد سبإٍ في مساكنهم علامةٌ بيّنةٌ، وحجّةٌ واضحةٌ، على أنّه لا ربّ لهم إلاّ الّذي أنعم عليهم النّعم الّتي كانوا فيها.
وسبأٌ فيما روي عن رسول اللّه اسم أبي اليمن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن أبي جنابٍ الكلبيّ، عن يحيى بن هانئٍ بن عروة المراديّ، عن رجلٍ منهم يقال له: فروة بن مسيكٍ، قال: قلت: يا رسول اللّه أخبرني عن سبإٍ، ما كان؟ رجلاً كان أو امرأةً، أو جبلاً، أو واديًا؟ فقال: لا، كان رجلاً من العرب وله عشرة أولادٍ، فتيمّن منهم ستّةٌ، وتشاءم أربعةٌ، فأمّا الّذين تيمّنوا منهم فكندة، وحمير، والأزد، والأشعريّون، ومذحج، وأنمار الّذين منها خثعمٌ وبجيلة وأمّا الّذين تشاءموا: فعاملة، وجذام، ولخم، وغسّان.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، قال: حدّثني الحسن بن الحكم، قال: حدّثنا أبو سبرة النّخعيّ، عن فروة بن مسيكٍ القطيعيّ، قال: قال رجلٌ: يا رسول اللّه أخبرني عن سبإٍ ما هو؟ أرضٌ أو امرأةٌ؟ قال: ليس بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولكن رجلٌ ولد عشرةً من الولد، فتيامن ستّةٌ، وتشاءم أربعةٌ، فأمّا الّذين تشاءموا: فلخم، وجذام، وعاملة، وغسّان؛ وأمّا الّذين تيامنوا: فكندة، والأشعريّون، والأزد، ومذحج، وحمير، وأنمار؛ فقال رجلٌ: ما أنمار؟ قال: الّذين منهم خثعمٌ وبجيلة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا العنقزيّ، قال: أخبرني أسباط بن نصرٍ، عن يحيى بن هانئٍ المراديّ، عن أبيه، أو عن عمّه أسباطٍ شكّ قال: قدم فروة بن مسيكٍ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، أخبرني عن سبإٍ، أجبلاً كان أو أرضًا؟ فقال: لم يكن جبلاً ولا أرضًا، ولكنّه كان رجلاً من العرب ولد عشرة قبائل، ثمّ ذكر نحوه، إلاّ أنّه قال: وأنمار الّذين يقولون منهم بجيلة وخثعمٌ.
فإذ كان الأمر كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، من أنّ سبأً رجلٌ، كان الإجراء فيه وغير الإجراء معتدلين أمّا الإجراء فعلى أنّه اسم رجلٍ معروفٍ، وأمّا ترك الإجراء فعلى أنّه اسم قبيلةٍ أو أرضٍ. وقد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماء من القرّاء.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: في مساكنهم فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيّين: (في مساكنهم) على الجماع بمعنى منازل آل سبأٍ. وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين في (مسكنهم) على التّوحيد وبكسر الكاف، وهي لغةٌ لأهل اليمن فيما ذكر لي وقرأ حمزة: {مسكنهم} على التّوحيد وفتح الكاف.
والصّواب من القول في ذلك عندنا: أنّ كلّ ذلك قراءاتٌ مشهوراتٌ متقاربات المعنى، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {آيةٌ} قد بيّنّا معناها قبل.
وأمّا قوله: {جنّتان عن يمينٍ وشمالٍ} فإنّه يعني: بستانان كانا بين جبلين، عن يمين من أتاهما وشماله.
وكان من صنفهما فيما ذكر لنا ما:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، قال: سمعت قتادة، في قوله: {لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آيةٌ جنّتان عن يمينٍ وشمالٍ} قال: كانت جنّتان بين جبلين، فكانت المرأة تخرج، مكتلها على رأسها، فتمشي بين جبلين، فيمتلئ مكتلها، وما مسّت بيدها، فلمّا طغوا بعث اللّه عليهم دابّةٌ، يقال لها جرذٌ، فنقّبت عليهم، فغرّقتهم، فما بقي لهم إلاّ أثلٌ، وشيءٌ من سدرٍ قليلٌ.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آيةٌ جنّتان عن يمينٍ وشمالٍ} إلى قوله: {فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم} قال: ولم يكن يرى في قريتهم بعوضةٌ قطّ، ولا ذبابٌ، ولا برغوثٌ، ولا عقربٌ، ولا حيّةٌ، وإن كان الرّكب ليأتون وفي ثيابهم القمل والدّوابّ، فما هم إلاّ أن ينظروا إلى بيوتهم، فتموت الدّوابّ، قال: وإن كان الإنسان ليدخل الجنّتين، فيمسك القفّة على رأسه، فيخرج حين يخرج وقد امتلأت تلك القفّة من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئًا بيده؛ قال: والسّدّ يسقيها.
ورفعت الجنّتان في قوله: {جنّتان عن يمينٍ وشمالٍ} ترجمةً عن الآية، لأنّ معنى الكلام: لقد كان لسبأٍ في مسكنهم آيةٌ هي جنّتان عن أيمانهم وشمائلهم.
وقوله: {كلوا من رزق ربّكم} يقول: وقيل لهم: كلوا من رزق ربّكم الّذي يرزقكم من هاتين الجنّتين من زروعهما وأثمارهما، {واشكروا له} على ما أنعم به عليكم من رزقه ذلك؛ والى هذا منتهى الخبر، ثمّ ابتدأ الخبر عن البلدة، فقال: هذه بلدةٌ طيبةٌ: أي ليست بسبخةٍ، ولكنّها كما ذكرنا من صفتها عن عبد الرّحمن بن زيدٍ أن كانت كما وصفها به ابن زيدٍ، من أنّه لم يكن فيها شيءٌ مؤذٍ، الهمج والدّبيب والهوامّ {وربٌّ غفورٌ} يقول: وربّكم غفورٌ لذنوبكم إن أنتم أطعتموه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {بلدةٌ طيبةٌ} قال: هذه بلدةٌ طيبةٌ، {وربٌّ غفورٌ} وربّكم غفورٌ لذنوبكم، قومٌ أعطاهم اللّه نعمةً، وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته). [جامع البيان: 19/244-248]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، ثنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن أنسٍ القرشيّ، ثنا عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا عبد اللّه بن عيّاشٍ، عن عبد اللّه بن هبيرة السّبائيّ، عن عبد الرّحمن بن وعلة، قال: سمعت ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، يقول: إنّ رجلًا سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن سبأٍ ما هو رجلٌ أو امرأةٌ أو أرضٌ؟ فقال: «هو رجلٌ ولد عشرةً من الولد ستّةً من ولده باليمن وأربعةٌ بالشّام، فأمّا اليمانيّون فمذحجٌ، وكندة، والأزد، والأشعريّون، وأنمار، وحمير خيرٌ كلّها، وأمّا الشّاميّون فلخمٌ، وجذام، وعاملة، وغسّان» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه «وشاهده حديث فروة بن مسيكٍ المراديّ»). [المستدرك: 2/459]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثناه أبو بكر بن إسحاق، وعليّ بن حمشاذٍ، قالا: أنبأ بشر بن موسى، ثنا الحميديّ، ثنا فرج بن سعيد بن علقمة، عن سعيد بن أبيض بن حمّالٍ المأربيّ، حدّثني عمّ أبي ثابت بن سعيد بن أبيض، عن أبيه فروة بن مسيكٍ المراديّ، حدّثه أنّه سأل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم عن سبأٍ فقال: يا رسول اللّه، سبأٌ رجلٌ أو جبلٌ أم وادٍ؟ فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «بل رجلٌ ولد عشرةً فتشاءم أربعةٌ وتيامن ستّةٌ فتشاءم لخم، وجذام، وعاملة، وغسّان، وتيامن حمير ومذحجٌ، والأزد، وكندة، والأشعريّون، والأنمار الّتي منها بجيلة»). [المستدرك: 2/460]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت د) - (فروة بن مسيكٍ المرادي - رضي الله عنه -: قال: أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم؟ فأذن لي في قتالهم وأمّرني، فلما خرجت من عنده، سأل عني، ما فعل الغطيفيّ؟ فأخبر أني سرت، فأرسل في إثري فردّني، فأتيته - وهو في نفرٍ من أصحابه - فقال: ادع القوم، فمن أسلم منهم فاقبل منه، ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدّث إليك، قال: وأنزل في سبأٍ ما أنزل، فقال رجل: يا رسول الله، وما سبأ؟ أرضٌ، أو امرأة؟ قال: «ليس بأرضٍ، ولا امرأة، ولكنه رجلٌ ولد عشرة من العرب، فتيامن منهم ستةٌ وتشاءم منهم أربعةٌ، فأما الذين تشاءموا: فلخمٌ، وجذامٌ، وغسان، وعاملة. وأما الذين تيامنوا: فالأزد، والأشعريون، وحمير، وكندة، ومذحج، وأنمار». فقال رجلٌ: وما أنمار؟ قال: «الذين منهم خثعم وبجيلة». هذه رواية الترمذي.
وأخرجه أبو داود مختصراً في كتاب الحروف، وهذا لفظه، قال: أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث، ولم يذكر لفظه - فقال رجل من القوم: يا رسول الله، أخبرنا عن سبأٍ، ما هو: أرضٌ، أو امرأةٌ؟ قال: «ليس بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولكنه رجلٌ ولد عشرة من العرب، فتيامن ستةٌ، وتشاءم أربعةٌ».
[شرح الغريب]
(فتيامن وتشاءم) تيامن، أي: قصد جهة اليمن، وتشاءم، أي: قصد جهة الشام). [جامع الأصول: 2/326-327]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وهذه السّورة سمّيت بقوله فيها {لقد كان لسبأ في مساكنهم} الآية قال بن إسحاق وغيره هو سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ووقع عند التّرمذيّ وحسّنه من حديث فروة بن مسيكٍ قال أنزل في سبأٍ ما أنزل فقال رجلٌ يا رسول اللّه وما سبأٌ أرضٌ أو امرأةٌ قال ليس بأرضٍ ولا امرأةٍ ولكنّه رجلٌ ولد عشرةً من العرب فتيامن ستّةٌ وتشاءم أربعة الحديث قال وفي الباب عن بن عبّاس قلت حديث بن عبّاس وفروة صححهما الحاكم وأخرج بن أبي حاتمٍ في حديث فروة زيادةً أنّه قال يا رسول اللّه إنّ سبأ قومٌ كان لهم عزٌّ في الجاهليّة وإنّي أخشى أن يرتدّوا فأقاتلهم قال ما أمرت فيهم بشيء فنزلت لقد كان لسبأ في مساكنهم الآيات فقال له رجلٌ يا رسول اللّه وما سبأ فذكره وأخرج بن عبد البرّ في الأنساب له شاهدًا من حديث تميمٍ الدّاريّ وأصله قصّة سبأٍ وقد ذكرها بن إسحاق مطوّلةً في أوّل السّيرة النّبويّة وأخرج بعضها بن أبي حاتمٍ من طريق حبيب بن الشّهيد عن عكرمة وأخرجها أيضًا من طريق السّدّيّ مطوّلًا). [فتح الباري: 8/535] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وروى التّرمذيّ من حديث فروة بن مسيك المرادي، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر حديثا فيه، فقال رجل: وما سبأ أرض أم امرأة؟ قال: ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم ستّة وتشاءم منهم أربعة، فأما الّذين تشاءموا: فلخم وجذام وغسان وعاملة، وأما الّذين تيامنوا: فالأزد والأشعرون وحمير وكنده ومذحج وأنمار. فقال الرجل: وما أنمار؟ قال: الّذين منهم خثعم وبجيلة، وقال: حديث حسن غريب. وقال ابن إسحاق: سبأ اسمه عبد شمس بن يشخب بن يعرب بن قحطان من يقظان بن عامر وهو هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السّلام، وهو أول من سبى من العرب فلقب بذلك، وفي: (أدب الخواص) : هذا اشتقاق غير صحيح لأن سبأ مهموز، والسبي غير مهموز، والصّواب: أن يكون من سبأت النّار الجلد، أي: أحرقته، ومن سبأ الحمر إذا اشتريتها. وقال أبو العلاء: لو كان الأمر كما يقولون لوجب أن لا يهمز ولا يمتنع أن يكون أصل السّبي الهمزة إلّا أنهم فرقوا بين سبيت المرأة وسبأت الحمر، والأصل واحد، وفي (التيجان) : وهو أول متوج وبنى السد المذكور في القرآن، وهو سد فيه سبعون نهرا، ونقل إليه الشّجر مسيرة ثلاثة أشهر في ثلاثة أشهر وبلغ من العمر خمسمائة سنة). [عمدة القاري: 19/127-128] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {لقد كان لسبإٍ} [سبأ: 15].
- عن ابن عبّاسٍ «أنّ رجلًا سأل النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - عن سبأٍ، ما هو أرجلٌ أم امرأةٌ أم أرضٌ؟ قال: " بل هو رجلٌ ولد عشرةً، فسكن اليمن منهم ستّةٌ، وسكن الشّام منهم أربعةٌ، فأمّا اليمانيّون فمذحجٌ وكندة والأزد والأشعريّون وأنمارٌ وحميرٌ عربًا كلّها، وأمّا الشّاميّة فلخمٌ وجذام وعاملة وغسّان» ".
رواه أحمد والطّبرانيّ، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجالهما ثقاتٌ.
- وعن يزيد بن حصينٍ السّلميّ «أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه ما سبأٌ؟ نبيٌّ كان أو امرأةٌ؟ قال: " كان رجلًا من العرب "، فقال: ما ولد؟ قال: " ولد عشرةً، سكن اليمن ستّةٌ والشّام أربعةٌ، فالّذين باليمن كندة ومذحجٌ والأزد والأشعريّون وأنمارٌ وحميرٌ، وبالشّام لخمٌ وجذام وعاملة وغسّان» ".
رواه الطّبرانيّ، ورجاله رجال الصّحيح غير شيخ الطّبرانيّ عليّ بن الحسن بن صالحٍ الصّائغ ولم أعرفه). [مجمع الزوائد: 7/94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: لقد كان لسبأ في مساكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور * فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط واثل وشيء من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور * وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين * فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور.
أخرج أحمد، وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه قال: أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم فاذن لي في قتالهم وأمرني فلما خرجت من عنده أرسل في أثري فردني فقال ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث اليك وأنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل: يا رسول الله وما سبأ أرض أم امرأة قال: ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم
ستة وتشاءم منهم أربعة فاما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة.
وأمّا الذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار، فقال رجل: يا رسول الله وما أنمار قال: الذين منهم خثعم وبجيلة). [الدر المنثور: 12/186-187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والطبراني، وابن أبي حاتم، وابن عدي والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن سبأ أرجل هو أو امرأة أم أرض فقال: بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير.
وأمّا الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان). [الدر المنثور: 12/187-188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {لقد كان لسبإ في مسكنهم} ). [الدر المنثور: 12/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (لقد كان لسبأ) بالخفض منونة مهموزة (في مساكنهم) على الجماع بالألف). [الدر المنثور: 12/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن يحيى بن وثاب أنه يقرأها {لقد كان لسبإ في مسكنهم} ). [الدر المنثور: 12/189]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال: كان لسأ جنتان بين جبلين فكانت المرأة تمر ومكتلها على رأسها فتمشي بين جبلين فتمتليء فاكهة وما مسته بيدها فلما طغوا بعث الله عليهم دابة يقال لها: الجرذ فنقب عليهم فغرقهم فما بقي منهم إلا أثل وشيء من سدر قليل). [الدر المنثور: 12/189]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {لقد كان لسبإ في مسكنهم}، قال لم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية وان الركب ليأتون في ثيابهم القمل والدواب فما هو إلا أن ينظروا إلى بيوتها فتموت تلك الدواب وان كان الانسان ليدخل الجنتين فيمسك القفة على رأسه ويخرج حين يخرج وقد امتلأت تلك القفة من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئا بيده). [الدر المنثور: 12/189-190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بلدة طيبة ورب غفور} قال: هذه البلد طيبة وربكم غفور لذنوبكم، وفي قوله {فأعرضوا} قال: بطر القوم أمر الله وكفروا نعمته). [الدر المنثور: 12/190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: كان أهل سبأ أعطوا ما لم يعطه أحد من أهل زمانهم فكانت المرأة تخرج على رأسها المكتل فتريد حاجتها فلا تبلغ مكانها الذي تريد حتى يمتليء مكتلها من أنواع الفاكهة فأجمعوا ذلك فكذبوا رسلهم وقد كان السيل يأتيهم من مسيرة عشرة أيام حتى يستقر في واديهم فيجمع الماء من تلك السيول والجبال في ذلك الوادي وكانوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وكانوا يفتحون اذا شاؤا من ذلك الماء فيسقون جنانهم اذا شاءوا فلما غضب الله عليهم وأذن في هلاكهم دخل رجل إلى جنته - وهو عمرو بن عامر فيما بلغنا وكان كاهنا - فنظر إلى جرذة تنقل أولادها من بطن الوادي إلى أعلى الجبل فقال: ما نقلت هذه أولادها من ههنا إلا وقد حضر أهل هذه البلاد عذاب ويقدر أنها خرقت ذلك العرم فنقبت نقبا فسال ذلك النقب ماء إلى جنته فأمر عمرو بن عامر بذلك النقب فسد فأصبح وقد انفجر بأعظم ما كان فأمر به أيضا فسد ثم انفجر بأعظم ما كان فلما رأى ذلك دعا ابن أخيه فقال: اذا أنا جلست العشية في نادي قومي فائتني فقل: علام تحبس علي مالي فاني سأقول ليس لك عندي مال ولا ترك أبوك شيئا وانك لكاذب، فاذا أنا كذبتك فكذبني وأردد على مثل ما قلت لك فاذا فعلت ذلك فاني سأشتمك فاشتمني، فاذا أنت شتمتني لطمتك فاذا أنا لطمتك فقم فالطمني، قال: ما كنت لاستقبلك بذلك يا عم قال: بلى، فافعل فاني أريد بها صلاحك وصلاح أهل بيتك فقال الفتى فلطمه فقال الشيخ: يا معشر بني فلان الطم فيكم لا سكنت في بلد لطمني فيه فلان أبدا من يبتاع مني، فلما عرف القوم منه الجد أعطوه فنظر إلى أفضلهم عطية فأوجب له البيع فدعا بالمال فنقده وتحمل هو وبنوه من ليلته فتفرقوا). [الدر المنثور: 12/190-192]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال: كان في سبأ كهنة وكانت الشياطين يسترقون السمع فأخبروا الكهنة بشيء من أخبار السماء وكان فيهم رجل كاهن شريف كثير المال أنه أخبر ان زوال أمرهم قد دنا وان العذاب قد أظلهم فلم يدر كيف يصنع لأنه كان له مال كثير من عقر فقال لرجل من بنيه وهو أعزهم أخوالا: اذا كان غدا وأمرتك بأمر فلا تفعله فاذا نهرتك فانتهرني فاذا تناولتك فالطمني قال: يا أبت لا تفعل ان هذا أمر عظيم وأمر شديد قال: يا بني قد حدث أمر لا بد منه فلم يزل حتى هيأه على ذلك فلما أصبحوا واجتمع الناس قال: يا بني افعل كذا وكذا، فأبى فأنتهره أبوه فأجابه فلم يزل ذلك بينهما حتى تناوله أبوه فوثب على أبيه فلطمه فقال: ابني يلطمني علي بالشفرة قالوا: وما تصنع بالشفرة قال: اذبحه قالوا: تذبح ابنك الطمه واصنع ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه فأرسلوا إلى أخواله فاعلموهم بذلك فجاء أخواله فقالوا: خذ منا ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه قالوا: فلتموتن قبل أن تدعوه قال: اشتروا مني دوري اشتروا مني أرضي فلم يزل حتى باع دوره وأرضه وعقاره، فلما صار الثمن في يده وأحرزه قال: أي قوم ان العذاب قد أظلكم وزوال أمركم قد دنا فمن أراد منكم دارا جديدا وجملا شديدا وسفرا فليلحق بعمان ومن أراد منكم الخمر والخمير والعصير فليلحق ببصرى، ومن أراد منكم الراسخات في الوحل المطعمات في المحل المقيمات في الضحل فليلحق بيثرب ذات نخل فأطاعه قوم فخرج أهل عمان إلى عمان وخرجت غسان إلى بصرى وخرجت الاوس والخزرج وبنو كعب بن عمرو إلى يثرب فلما كانوا ببطن نخل قال بنو كعب: هذا مكان صالح لا نبتغي به بدلا فأقاموا فلذلك سموا خزاعة لأنهم انخزعوا عن أصحابهم وأقبلت الأوس والخزرج حتى نزلوا بيثرب). [الدر المنثور: 12/192-193]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لقد كان لسبإ}، قال: كان لهم مجلس مشيد بالمرمر فأتاهم ناس من النصارى فقالوا: أشكروا الله الذي أعطاكم هذا قالوا: ومن أعطاناه إنما كان لآبائنا فورثناه فسمع ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه: كلامك علي حرام ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه: كلامك علي حرام ان لم تأت غدا وأنا في مجلس قومي فتصك وجهي ففعل ذلك فقال: لا أقيم بأرض فعل هذا ابني بي فيها إلا من بيتاع مني مالي فابتدره الناس فابتاعوه فبعث الله جرذا أعمى يقال له الخلد من جرذان عمى فلم يزل يحفر السد حتى خرقه فانهدم وذهب الماء بالجنتين). [الدر المنثور: 12/193-194]

تفسير قوله تعالى: (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فأرسلنا عليهم سيل العرم قال بلغنا أن هلاكهم كان في جرذ خرق عرمهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/128]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ذواتي أكل خمط قال الخمط الأراك وأكله بريره). [تفسير عبد الرزاق: 2/128-129]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال الأكل: الثّمر). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يقال الأكل الثّمرة قال أبو عبيدة في قوله تعالى ذواتي أكلٍ خمط وأثل قال الخمط هو كلّ شجرٍ ذي شوكٍ والأكل الجنى أي بفتح الجيم مقصورٌ وهو بمعنى الثّمرة). [فتح الباري: 8/536]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الأكل: الثّمر
أشار به إلى قوله تعالى: {ذواتي أكل خمط أثل} (سبإ: 16) وفسّر (الأكل بالثمر) ، أراد أن الأكل الجني بفتح الجيم بمعنى الثّمرة، وفي التّفسير: الأكل الثّمر والخمط الأراك، قاله أكثر المفسّرين، وقيل: هو كل شجر ذات شوك. وقيل: شجرة العضاه، والأثل الطرفاء، قاله ابن عبّاس). [عمدة القاري: 19/128]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الأكل) بضم الكاف في قوله تعالى: {ذواتى أكل خمط} [سبأ: 16] هو (الثمر) ولأبي ذر يقال الأكل الثمرة قال أبو عبيدة: الأكل الجنى بفتح الجيم مقصورًا وهو بمعنى الثمرة). [إرشاد الساري: 7/308]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {سيل العرم} [سبأ: 16] : " السّدّ: ماءٌ أحمر أرسله اللّه في السّدّ، فشقّه وهدمه، وحفر الوادي، فارتفعتا عن الجنبين، وغاب عنهما الماء فيبستا، ولم يكن الماء الأحمر من السّدّ، ولكن كان عذابًا أرسله اللّه عليهم من حيث شاء " وقال عمرو بن شرحبيل: {العرم} [سبأ: 16] : «المسنّاة بلحن أهل اليمن» وقال غيره: " العرم: الوادي). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله سيل العرم السّدّ كذا للأكثر بضمّ المهملة وتشديد الدّال ولأبي ذرٍّ عن الحمويّ الشّديد بمعجمةٍ وزن عظيمٍ قوله فشقّه كذا للأكثر بمعجمةٍ قبل القاف الثّقيلة وذكر عياضٌ أنّ في رواية أبي ذرٍّ فبثقه بموحّدةٍ ثمّ مثلّثةٍ قبل القاف الخفيفة قال وهو الوجه تقول بثقت النّهر إذا كسرته لتصرفه عن مجراه قوله فارتفعتا عن الجنبتين كذا للأكثر بفتح الجيم والنّون الخفيفة بعدها موحّدةٌ ثمّ مثنّاةٌ فوقانيّةٌ ثمّ تحتانيّةٌ ثمّ نونٌ ولأبي ذرٍّ عن الحمويّ بتشديد النّون بغير موحّدة تثنية جنّةٍ واستشكل هذا التّرتيب لأنّ السّياق يقتضي أن يقول ارتفع الماء على الجنّتين وارتفعت الجنّتان عن الماء وأجيب بأنّ المراد من الارتفاع الزّوال أي ارتفع اسم الجنّة منهما فالتّقدير فارتفعت الجنّتان عن كونهما جنّتين وتسمية ما بدّلوا به جنّتين على سبيل المشاكلة قوله ولم يكن الماء الأحمر من السّدّ كذا للأكثر بضمّ المهملة وتشديد الدّال وللمستمليّ من السّيل وعند الإسماعيليّ من السّيول وهذا الأثر عن مجاهدٍ وصله الفريابيّ أيضًا وقال السّدّ في الموضعين فقال فشقّه بالمعجمة والقاف الثّقيلة وقال على الجنّتين تثنية جنّةٍ كما للأكثر في المواضع كلّها قوله وقال عمرو بن شرحبيل العرم المسنّاة بلحن أهل اليمن وقال غيره العرم الوادي أمّا قول عمرٍو فوصله سعيد بن منصورٍ عن شريكٍ عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة وهو عمرو بن شرحبيل فذكره سواءً واللّحن اللّغة والمسنّاة بضمّ الميم وفتح المهملة وتشديد النّون وضبط في أصل الأصيليّ بفتح الميم وسكون المهملة قال بن التّين المراد بها ما يبنى في عرض الوادي ليرتفع السّيل ويفيض على الأرض وكأنّه أخذ من عرامة الماء وهو ذهابه كلّ مذهبٍ وقال الفرّاء العرم المسنّاة وهي مسنّاةٌ كانت تحبس الماء على ثلاثة أبوابٍ منها فيسيّبون من ذلك الماء من الباب الأوّل ثمّ الثّاني ثمّ الآخر ولا ينفذ حتّى يرجع الماء السّنة المقبلة وكانوا أنعم قومٍ فلمّا أعرضوا عن تصديق الرّسل وكفروا بثق اللّه عليهم تلك المسنّاة فغرقت أرضهم ودقّت الرّمل بيوتهم ومزّقوا كلّ ممزّقٍ حتّى صار تمزيقهم عند العرب مثلًا يقولون تفرّقوا أيدي سبأٍ وأمّا قول غيره فأخرجه بن أبي حاتمٍ من طريق عثمان بن عطاءٍ عن أبيه قال العرم اسم الوادي وقيل العرم اسم الجرذ الّذي خرّب السّدّ وقيل هو صفة السّيل مأخوذٌ من العرامة وقيل اسم المطر الكثير وقال أبو حاتمٍ هو جمعٌ لا واحد له من لفظه وقال أبو عبيدة سيل العرم واحدتها عرمةٌ وهو بناءٌ يحبس به الماء يبنى فيشرف به على الماء في وسط الأرض ويترك فيه سبيلٌ للسّفينة فتلك العرمات واحدتها عرمةٌ). [فتح الباري: 8/536-537]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {لا يعزب} لا يغيب {العرم} السد ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنبتين وغاب عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الأحمر من السد ولكنه كان عذبا أرسله الله عليهم من حيث شاء
وقال عمرو بن شرحبيل العرم المسناة بلحن أهل اليمن
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 3 سبأ {لا يعزب عنه مثقال ذرة} قال لا يغيب عنه
وبه في قوله 16 سبأ {سيل العرم} قال سد ماء أحمر أرسله الله في السد إلى آخره لكن قال في آخره أرسل عليهم ولم يقل من حيث شاء
وأما قول عمرو بن شرحبيل فقال سعيد بن منصور في السّنن ثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة وهو عمرو بن شرحبيل قال العرم المسناة بلحن أهل اليمن). [تغليق التعليق: 4/287-288]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (العرم السّدّ ماءٌ أحمر أرسله الله في السّدّ فشقّه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنتين وغاب عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الأحمر من السّدّ ولاكن كان عذاباً أرسله الله عليهم من حيث شاء: وقال عمرو بن شرحبيل. العرم المسنّاة بلحن أهل اليمن: وقال غيره العرم الوادي.
أشار به إلى قوله تعالى: {فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم} (سبإ: 16) . وفسّر: (العرم) بقوله: (السد)
إلى آخره، صاحب (التّلويح) : هل وجدناه منقولًا عن مجاهد؟ قال ابن أبي حاتم: حدثنا حجاج بن حمزة أخبرنا أخبرنا شبابة أخبرنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، فذكره، فلا أدري أهو من قول البخاريّ أو هو معطوف على ما علقه عن مجاهد قبل؟ والله أعلم. وبيّن السّهيلي أنه من كلام البخاريّ لا من كلام غيره. قلت: رواية ابن أبي حاتم توضح أنه من قول مجاهد لأن البخاريّ مسبوق به، فافهم. والله أعلم. (والسد) بضم السّين وتشديد الدّال، كذا هو في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر عن الحمويّ الشّديد، بالشين المعجمة على وزن عظيم. قوله: (فشقه) ، من الشق بالشين المعجمة والقاف، هكذا في رواية الأكثرين، وذكر عياض أن في رواية أبي ذر: فبثقه، بفتح الباء الموحدة والتّاء المثلّثة، قال: وهو الوجه، تقول: بثقت النّهر إذا كسرته لتصرفه عن مجراه. قوله: (فارتفعتا عن الجنتين) ، كان القياس أن يقال: ارتفعت الجنتان عن الماء ولكن المراد من الارتفاع الانتفاء، والزوال يعني ارتفع إسم الجنّة عنهما فتقديره: ارتفعت الجنتان عن كونهما جنّة. وقال الزّمخشريّ: وتسمية البدل جنتين على سبيل المشاكلة، هذا كله في رواية أبي ذر عن الحمويّ، وفي رواية الأكثرين: فارتفعت على الجنتين، بفتح الجيم والنّون والباء الموحدة والتّاء المثنّاة من فوق والياء آخر الحروف ثمّ النّون قوله: (ولم يكن الماء الأحمر من السد) ، بضم السّين المهملة وتشديد الدّال، كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي من السّيل، وعند الإسماعيليّ: من السّيول. قوله: (وقال عمرو بن شرحبيل) ، بضم الشين المعجمة وفتح الرّاء وسكون الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وباللام: الهمداني الكوفي، يكنى أبا ميسرة. قوله: (المسناة) ، بضم الميم وفتح السّين المهملة وتشديد النّون، كذا هو مضبوط في أكثر الرّوايات وكذا هو في أكثر كتب أهل اللّغة، وضبط في رواية الأصيليّ بفتح الميم وسكون السّين وتخفيف النّون، وقال ابن التّين: معنى المسناة ما يبنى في عرض الوادي ليرتفع السّيل ويفيض على الأرض، قال: إنّها عند أهل العراق كالزريبة تبنى على سيف البحر ليمنع الماء. قوله: (بلحن أهل اليمن) ، أي: بلغة أهل اليمن، وهذا أسنده عبد بن حميد عن يحيى بن عبد الحميد عن شريك عن أبي إسحاق عنه، وقال بلسان اليمن بدل بلحن. قوله: (وقال غيره) ، أي: غير عمرو بن شرحبيل (العرم الوادي) ، وهو قول عطاء، وقيل: هو اسم الجرد الّذي أرسل إليهم (وحرب السد) وقيل: هو الماء، وقيل: المطر الكثير، وقيل: إنّه صفة السّيل من العرامة وهو ذهابه كل مذهب، وقال أبو حاتم: هو جمع لا واحد له من لفظه، وفي كتاب: (مفايض الجواهر) : قال ابن شربة: في زمن إياس بن رحيعم بن سليمان بن داود عليهما السّلام، بعث الله رجلا من الأزد يقال له عمرو بن الحجر وآخر يقال له حنظلة بن صفوان، وفي زمنه كان خراب السد، وذلك أن الرّسل دعت أهله إلى الله فقالوا: ما نعرف لله علينا من نعمة، فإن كنتم صادقين فادعوا الله علينا وعلى سدنا، فدعوا عليهم، فأرسل الله عليهم مطرا جردا أحمر كأن فيه النّار أمامه فارس، فلمّا خالط الفارس السد انهدم ودفن بيوتهم الرمل وفرقوا ومزقوا حتّى صاروا مثلا عند العرب، فقالت: تفرقوا أيدي سبأ، وأيادي سبأ). [عمدة القاري: 19/129]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({العرم}) في قوله تعالى: {فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم} [سبأ: 16] هو (السدّ) بضم السين وفتحها وتشديد الدال المهملتين الذي يحبس الماء بنته بلقيس وذلك أنهم كانوا يقتتلون على ماء واديهم فمرت به فسدّ، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني سيل العرم السدّ وله عن الحموي الشديد بشين معجمة بوزن عظيم السيل (ماء أحمر أرسله في السدّ) ولأبي ذر أرسله الله في السدّ بفتح سين السد فيهما في اليونينية (فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنبين) بفتح الجيم والموحدة بينهما نون ساكنة، ولأبي ذر عن الحموي بفتح الجنبتين بفتح الجيم والنون والموحدة
والفوقية وسكون التحتية وفي نسخة نسبها في الفتح للأكثرين الجنتين بتشديد النون بغير موحدة تثنية جنة.
قال الكرماني: فإن قلت: القياس أن يقال ارتفعت الجنتان عن الماء. وأجاب: بأن المراد من الارتفاع الانتقال والزوال يعني ارتفع اسم الجنة عنهما فتقديره ارتفعت الجنتان عن كونهما جنة. قال في الكشاف وتبعه في الأنوار وتسمية البدل جنتين على سبيل المشاكلة.
(وغاب عنهما) عن الجنتين (الماء فيبستا) لطغيانهم وكفرهم وإعراضهم عن الشكر (ولم يكن الماء الأحمر من السد) وللمستملي من السيل. (ولكن) ولأبي ذر ولكنه (كان عذابًا أرسله الله عليهم من حيث شاء) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.
(وقال عمرو بن شرحبيل): بفتح العين وسكون الميم وشرحبيل بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة بعدها موحدة مكسورة فتحتية ساكنة فلام الهمداني الكوفي فيما وصله سعيد بن منصور ({العرم} المسناة) بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد النون وضبطه في اليونينية بضم الميم والهاء من غير ضبط على السين ولا نقط على الهاء وفي آل ملك المسناة بضم الميم وسكون السين ونقط الهاء وضبط في أصل الأصيلي كما قال في الفتح المسناة بفتح الميم وسكون المهملة (بلحن أهل اليمن) بسكون الحاء في الفرع، وقال في المصابيح بفتحها أي بلغتهم وكانت هذه المسناة تحبس على ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض ومن دونها بركة ضخمة فيها اثنا عشر مخرجًا على عدّة أنهارهم يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء وإذا استغنوا سدّوها، فإذا جاء المطر اجتمع إليه ماء أودية اليمن فاحتبس السيل من وراء السد فتأمر بلقيس بالباب الأعلى فيفتح فيجري ماؤه في البركة فكانوا يستقون من الأول ثم من الثاني ثم من الثالث الأسفل فلا ينفد الماء حتى يثوب الماء من السنة المقبلة فكانت تقسمه بينهم على ذلك فبقوا على ذلك بعدها مدة فلما طغوا وكفروا سلّط الله عليهم جرذًا يسمى الخلد فثقب السدّ من أسفله فغرّق الماء جنانهم وخرب أرضهم.
(وقال غيره): غير ابن شرحبيل ({العرم}) هو (الوادي) الذي فيه الماء وهذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه). [إرشاد الساري: 7/308-309]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (الخمط: الأراك، والأثل: الطّرفاء "، العرم: «الشّديد»). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الخمط الأراك والأثل الطّرفاء العرم الشّديد سقط الكلام الأخير للنسفي وقد وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ بهذا كلّه مفرّقًا). [فتح الباري: 8/537]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {نجازي} نعاقب {أعظكم بواحدة} بطاعة الله {مثنى وفرادى} واحد واثنين {التناوش} الرّد من الآخرة إلى الدّنيا وبين ما يشتهون من مال أو ولد أو زهرة {بأشياعهم} بأمثالهم وقال ابن عبّاس كالجوابي وكالجوبة من الأرض الخمط الأراك والأثل الطرفاء والعرم الشّديد
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله 17 سبأ {وهل نجازي إلّا الكفور} قال هل نعاقب
وفي قوله 46 سبأ {إنّما أعظكم بواحدة} قال بطاعة الله
وفي قوله 46 سبأ {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} قال اثنين وواحد
وبه في قوله 52 سبأ {وأنى لهم التناوش من مكان بعيد} قال الرّد من مكان بعيد قال من الآخرة إلى الدّنيا
وفي قوله 54 سبأ {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال من مال أو ولد كما فعل بأشياعهم من قبل قال الكفّار من قبلهم
وأما قول ابن عبّاس فتقدم ذكر الجوبة في أحاديث الأنبياء
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية بن صالح حدثني علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 16 سبأ {أكل خمط} يقول الأراك
وبه قال {وأثل} الطرفاء
وبه قال {العرم} الشّديد). [تغليق التعليق: 4/288-289]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الخمط الأراك والأثل: الطّرفاء
أشار به إلى قوله تعالى: {ذواتي أكل وخمط واثل وشى من سدر قليل} (سبأ: 16) وفسّر الخمط بالأراك وهو الشّجر الّذي يستعمل منه المساويك، وهو قول مجاهد والضّحّاك، وقال أبو عبيدة: الخمط كل شجرة فيها مرارة ذات شوك، وقال ابن فارس: كل شجر لا شوك له.
العرم: الشّديد
أشار به إلى قوله تعالى: {سيل العرم} (سبأ: 16) وفسره بالشديد، وقد مر فيما مضى). [عمدة القاري: 19/130]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الخمط) هو (الأراك) أي الشجر الذي يستاك بقضبانه (والأثل) هو (الطرفاء) قاله ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم (العرم) أي (الشديد) من العرامة وهي الشراسة والصعوبة وقد مرّ). [إرشاد الساري: 7/310]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله: {سيل العرم} قال: سيل الوادي). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 90]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عز وجل: {أكل خمطٍ} قال: الأراك). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 90]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدّلناهم بجنّتيهم جنّتين ذواتي أكلٍ خمطٍ وأثلٍ وشيءٍ من سدرٍ قليلٍ (16) ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلاّ الكفور}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: فأعرضت سبأٌ عن طاعة ربّها وصدّت عن اتّباع ما دعتها إليه رسلها من أنّه خالقها.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ، قال: لقد بعث اللّه إلى سبإٍ، ثلاثة عشر نبيًّا، فكذّبوهم.
{فأرسلنا عليهم سيل العرم} يقول تعالى ذكره: فثقبنا عليهم حين اعرضوا عن تصديق رسلنا سدّهم الّذي كان يحبس عنهم السّيول.
والعرم: المسنّاة الّتي تحبس الماء، واحدها: عرمةٌ، وإيّاه عنى الأعشى بقوله:
ففي ذاك للمؤتسي أسوةٌ = ومأربٌ قفّى عليه العرم
رجامٌ بنته لهم حميرٌ = إذا جاء ماؤهم لم يرم
وكان العرم فيما ذكر ممّا بنته بلقيس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، قال: حدّثني وهب بن جريرٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: سمعت المغيرة بن حكيمٍ، قال: لمّا ملكت بلقيس، جعل قومها يقتتلون على ماء واديهم؛ قال: فجعلت تنهاهم فلا يطيعونها فتركت ملكها، وانطلقت إلى قصرٍ لها، وتركتهم؛ فلمّا كثر الشّرّ بينهم، وندموا أتوها، فأرادوها على أن ترجع إلى ملكها، فأبت، فقالوا: لترجعنّ أو لنقتلنّك، فقالت: إنّكم لا تطيعونني، وليست لكم عقولٌ، قالوا: فإنّا نطيعك، وإنّا لم نجد فينا خيرًا بعدك، فجاءت فأمرت بواديهم، فسدّ بالعرم.
قال أحمد: قال وهبٌ، قال أبي: فسألت المغيرة بن حكيمٍ عن العرم، فقال: هو بكلام حمير المسنّاة؛ فسدت ما بين الجبلين، فحبست الماء من وراء السّدّ، وجعلت له أبوابًا بعضها فوق بعضٍ، وبنت من دونه بركةً ضخمةً، فجعلت فيها أثنى عشر مخرجًا على عدّة أنهارهم؛ فلمّا جاء المطر احتبس السّيل من وراء السّدّ، فأمرت بالباب الأعلى ففتح، فجرى ماؤه في البركة، وأمرت بالبعر فألقي فيها، فجعل بعض البعر يخرج أسرع من بعضٍ، فلم تزل تضيّق تلك الأنهار، وترسل البعر في الماء، حتّى خرج جميعًا معًا، فكانت تقسمه بينهم على ذلك، حتّى كان من شأنها وشأن سليمان ما كان.
- حدّثنا أحمد بن عمر البصريّ، قال: حدّثنا صالح بن زريقٍ، قال: أخبرنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، في قوله {فأرسلنا عليهم سيل العرم} قال: المسنّاة بلحن اليمن.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {سيل العرم} قال: سدٍّ.
وقيل: إنّ العرم اسم وادٍ كان لهؤلاء القوم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثنّى أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فأرسلنا عليهم سيل العرم} قال: وادٍ كان باليمن، كان يسيل إلى مكّة، وكانوا يسقون وينتهي سيلهم إليه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {فأرسلنا عليهم سيل العرم} ذكر لنا أنّ سيل العرم واد سبأ كانت تجتمع إليه مسايل من أوديةٍ شتّى، فعمدوا فسدّوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة، وجعلوا عليه أبوابًا، وكانوا يأخذون من مائه ما احتاجوا إليه، ويسدّون عنهم ما لم يعنوا به من مائه شيئًا.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {فأرسلنا عليهم سيل العرم} وادٍ في سبأ يدعى العرم، وكان إذا مطر سالت أودية اليمن إلى العرم، واجتمع إليه الماء، فعمدت سبأٌ إلى العرم، فسدّوا ما بين الجبلين، فحجزوه بالصّخر والقار، فانسدّ زمانًا من الدّهر، لا يرجون الماء، يقول: لا يخافون.
وقال آخرون: العرم: صفةٌ للمسنّاة الّتي كانت لهم وليس باسمٍ لها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {سيل العرم} يقول: الشّديد، وكان السّبب الّذي سبّب اللّه لإرسال ذلك السّيل عليهم فيما ذكر لي جرذًا ابتعثه اللّه على سدّهم، فنقب فيه نقبًا.
ثمّ اختلف أهل العلم في صفة ما حدث عن ذلك الثّقب ممّا كان فيه خراب جنّتيهم فقال بعضهم: كان صفة ذلك أنّ السيل لمّا وجد عملاً في السّدّ عمل فيه فخرّبه، ثمّ فاض الماء على جنّاتهم، فغرّقها وخرّب أرضهم وديارهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ، قال: كان لهم، يعني لسبأٍ سدٌّ، قد كانوا بنوه بنيانًا أيّدًا، وهو الّذي كان يردّ عنهم السيل إذا جاء أن يغشي أموالهم وكان فيما يزعمون في علمهم من كهانتهم، أنّه إنّما يخرّب عليهم سدّهم ذلك فأرةٌ، فلم يتركوا فرجةً بين حجرين، إلاّ ربطوا عندها هرّةً؛ فلمّا جاء زمانه، وما أراد اللّه بهم من التّغريق، أقبلت فيما يذكرون فأرةٌ حمراء إلى هرّةٍ من تلك الهرر، فساورتها، حتّى استأخرت عنها أي الهرّة، فدخلت في الفرجة الّتي كانت عندها، فغلغلت في السّدّ، فحفرت فيه حتّى وهنته للسّيل وهم لا يدرون؛ فلمّا جاء السّيل وجد خللاً، فدخل فيه حتّى قلع السّدّ، وفاض على الأموال، فاحتملها فلم يبق منها إلاّ ما ذكره اللّه؛ فلمّا تفرّقوا نزلوا على كهانة عمران بن عامرٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: لمّا نزل بالقوم أمر اللّه، بعث اللّه عليهم جرذًا يسمّى الخلد، فثقبه من أسفله حتّى غرّق به جنّاتهم، وخرّب به أرضهم عقوبةً بأعمالهم.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: لمّا طغوا وبغوا، يعني سبأً، بعث اللّه عليهم جرذًا، فخرق عليهم السّدّ، فأغرقهم اللّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: بعث اللّه عليهم جرذًا، وسلّطه على الّذي كان يحبس الماء الّذي يسقيهما، فأخرب في أجواف تلك الحجارة، وكلّ شيءٍ منها من رصاصٍ وغيره، حتّى تركها حجارةً، ثمّ بعث اللّه سيل العرم، فاقتلع ذلك السّدّ، وما كان يحبس، واقتلع تلك الجنّتين، فذهب بهما وقرأ: {فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدّلناهم بجنّتيهم جنّتين} قال: ذهب بتلك القرى والجنّتين.
وقال آخرون: كانت صفة ذلك أنّ الماء الّذي كانوا يعمرون به جنّاتهم سال إلى موضعٍ غير الموضع الّذي كانوا ينتفعون به، فبذلك خربت جنّاتهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: بعث اللّه عليه يعني على العرم دابّةً من الأرض، فثقبت فيه ثقبًا، فسال ذلك الماء إلى موضعٍ غير الموضع الّذي كانوا ينتفعون به، وأبدلهم اللّه مكان جنّتيهم جنّتين ذواتي أكلٍ خمطٍ، وذلك حين عصوا، وبطروا المعيشة.
والقول الأوّل أشبه بما دلّ عليه ظاهر التّنزيل، وذلك أنّ اللّه تعالى ذكره أخبر أنّه أرسل عليهم سيل العرم، ولا يكون إرسال ذلك عليهم إلاّ بإسالته عليهم، أو على جنّاتهم وأرضهم، لا بصرفه عنهم.
وقوله: {وبدّلناهم بجنّتيهم جنّتين ذواتي أكلٍ خمطٍ} يقول تعالى ذكره: وجعلنا لهم مكان بساتينهم من الفواكه والثّمار، بساتين من جنى ثمر الأراك، والأراك: هو الخمط.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {أكلٍ خمطٍ} يقول: الأراك.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قال: أبدلهم اللّه مكان جنّتيهم جنّتين ذواتي أكلٍ خمطٍ، والخمط: الأراك.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سمعت الحسن، يقول في قوله: {ذواتي أكلٍ خمطٍ} قال: أراه قال: الخمط: الأراك.
- حدّثني محمّد بن عمارة، قال: حدّثني عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، {أكلٍ خمطٍ} قال: الخمط: الأراك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {ذواتي أكلٍ خمطٍ} قال: الأراك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ذواتي أكلٍ خمطٍ} والخمط: الأراك، وأكله: بريره.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {وبدّلناهم بجنّتيهم جنّتين ذواتي أكلٍ خمطٍ} قال: بدّلهم اللّه بجنان الفواكه والأعناب، إذ أصبحت جنّاتهم خمطًا، وهو الأراك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وبدّلناهم بجنّتيهم جنّتين} قال: أذهب تلك القرى والجنّتين، وأبدلهم الّذي أخبرك ذواتي أكلٍ خمطٍ؛ قال: فالخمط: الأراك، قال: جعل مكان العنب أراكًا، والفاكهة أثلاً، وبقي لهم شيءٍ من سدرٍ قليلٍ.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار بتنوين أكلٍ غير أبي عمرٍو، فإنّه يضيفها إلى الخمط، بمعنى: ذواتي ثمر خمطٍ وأمّا الّذين لم يضيفوا ذلك إلى الخمط، وينوّنون الأكل، فإنّهم جعلوا الخمط هو الأكل، فردّوه عليه في إعرابه وبضمّ الألف والكاف من الأكل قرأت قرّاء الأمصار، غير نافعٍ، فإنّه كان يخفّف منها.
والصّواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأه: {ذواتي أكلٍ} بضمّ الألف والكاف لإجماع الحجّة من القرّاء عليه، وبتنوين أكلٍ لاستفاضة القراءة بذلك في قرّاء الأمصار، من غير أن أرى خطأ قراءة من قرأ ذلك بإضافته إلى الخمط؛ وذلك في إضافته وترك إضافته، نظير قول العرب: في بستان فلانٍ أعناب كرمٍ وأعناب كرمٍ، فتضيف أحيانًا الأعناب إلى الكرم، لأنّها منه، وتنوّن أحيانًا، ثمّ تترجم بالكرم عنها، إذ كانت الأعناب ثمر الكرم، وأمّا (الأثل) فإنّه يقال له الطّرفاء؛ وقيل: شجرٌ شبيهٌ بالطّرفاء، غير أنّه أعظم منها وقيل: إنّها السّمر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ {وأثلٍ}، قال: الأثل: الطّرفاء.
وقوله: {وشيءٍ من سدرٍ قليلٍ} يقول: ذواتي أكلٍ خمطٍ وأثلٍ وشيءٍ من سدرٍ قليلٍ.
وكان قتادة يقول في ذلك ما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثني سعيدٌ، عن قتادة {ذواتي أكلٍ خمطٍ وأثلٍ وشيءٍ من سدرٍ قليلٍ} قال: بينما شجر القوم خير الشّجر، إذ صيّره اللّه من شرّ الشّجر بأعمالهم). [جامع البيان: 19/248-258]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فأرسلنا عليهم سيل العرم وهو السيل ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنتين وغار عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الأحمر في السد ولكنه كان عذابا أرسله الله عليهم من حيث يشاء). [تفسير مجاهد: 524-525]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: لقد بعث الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم وكان لهم سد كانوا قد بنوه بنيانا أبدا وهو الذي كان يرد عنهم السيل اذا جاء أن يغشى أموالهم وكان فيما يزعمون في علمهم من كهانتهم انه إنما يخرب سدهم ذلك فارة فلم يتركوا فرجة بين حجرين إلا ربطو عندها هرة فلما جاء زمانه وما أراد الله بهم من التفريق أقبلت فيما يذكرون فأرة حمراء إلى هرة من تلك الهرر فساورنها حتى استأخرت عنها الهرة فدخلت في الفرجة التي كانت عندها فتغلغلت بالسد فحفرت فيه حتى رققته للسيل وهم لا يدرون فلما ان جاء السيل وجد عللا فدخل فيه حتى قلع السد وفاض على الأموال فاحتملها فلم يبق منها إلا ما ذكر عن الله تبارك وتعالى). [الدر المنثور: 12/194-195]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال: كانت أودية اليمن تسيل إلى وادي سبأ وهو واد بين جبلين فعمد أهل سبأ فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وتركوا ما شاءوا لجناتهم فعاشوا بذلك زمانا من الدهر ثم انهم عتوا وعملوا بالمعاصي فبعث الله على ذلك السد جرذا فنقبه عليهم فعرض الله مساكنهم وجناتهم وبدلهم بمكان جنتهم جنتين خمط والخمط الاراك وائل الاثل القصير من الشجر الذي يصنعون منه الأقداح). [الدر المنثور: 12/195]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سيل العرم} قال: الشديد). [الدر المنثور: 12/195]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه {سيل العرم} قال: المنساة بلحن اليمن). [الدر المنثور: 12/195]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سيل العرم} قال: {العرم} بالحبشة وهي المنساة التي يجتمع فيها الماء ثم ينشف). [الدر المنثور: 12/195-196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال {العرم} اسم الوادي). [الدر المنثور: 12/196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {سيل العرم} قال: واد كان باليمن كان يسيل إلى مكة). [الدر المنثور: 12/196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال: وادي سبأ يدعى {العرم} ). [الدر المنثور: 12/196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سيل العرم} السد ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهمه وحفر الوادي عن الجنتين فارتفعا وغار عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الاحمر من السد كان شيئا أرسله الله عليهم، وفي قوله {أكل خمط} قال: الخمط الاراك). [الدر المنثور: 12/196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس أرسله الله عليهم، وفي قوله (أكل خمط) قال: (الخمط) الاراك). [الدر المنثور: 12/196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أكل خمط} قال: الاراك {وأثل} قال: الطرفاء). [الدر المنثور: 12/196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له: أخبرني عن قوله {أكل خمط} قال: الاراك قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت الشاعر يقول:
ما معول فود تراعى بعينها * أغن غضيض الطرف من خلل الخمط). [الدر المنثور: 12/197]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه في قوله {وأثل} قال الاثل شجر لا يأكلها شيء وانما هي حطب). [الدر المنثور: 12/197]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال الخمط الاراك والاثل النضار والسدر النبق). [الدر المنثور: 12/197]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لقد كان لسبإ في مسكنهم}، قال: قوم أعطاهم الله نعمة وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته قال الله {فأعرضوا} قال: ترك القوم أمر الله {فأرسلنا عليهم سيل العرم} ذكر لنا {العرم} وادي سبأ كانت تجتمع اليه مسايل من أودية شتى فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وجعلوا عليه أبوابا وكانوا يأخذون من مائة ما احتاجوا اليه ويسدون عنهم ما لم يعبؤا به من مائة فلما تركوا أمر الله بعث الله عليهم جرذا فنقبه من أسفله فاتسع حتى غرق الله به حروثهم وخرب به أراضيهم عقوبة بأعمالهم قال الله {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط} والخمط الاراك و{أكل} بربرة و{وأثل وشيء من سدر قليل} بينما شجر القوم من خير الشجر اذ صيره الله من شر الشجر عقوبة بأعمالهم قال الله {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} ان الله اذا أراد بعبد كرامة أو خيرا تقبل حسناته واذا أراد بعبد هوانا أمسك عليه بذنبه). [الدر المنثور: 12/197-198]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال: الخمط هو الاراك.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وأبي مالك، مثله). [الدر المنثور: 12/198]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه في قوله تعالى وهل نجازي إلا الكفور قال هي المناقشة يعني الحساب يقول من حوسب عذب وهو الكافر لا يغفر له). [تفسير عبد الرزاق: 2/129]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: قال مجاهد: {هل يجازى إلّا الكفور} هل يعاقب إلّا الكفور [الآية: 17]). [تفسير الثوري: 243]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: (يجازى) : «يعاقب»). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ يجازي يعاقب وصله بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيحٍ عنه ومن طريق طاوسٍ قال هو المناقشة في الحساب ومن نوقش الحساب عذّب وهو الكافر لا يغفر له تنبيهٌ قيل إنّ هذه الآية أرجى آيةٍ في كتاب اللّه من جهة الحصر في الكفر فمفهومه أنّ غير الكفر بخلاف ذلك ومثله ان العذاب على من كذب وتولّى وقيل ولسوف يعطيك ربك فترضى وقيل فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ وقيل كل يعمل على شاكلته وقيل
- {قل يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم} الآية وقيل آية الدّين وقيل ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة وهذا الأخير نقله مسلمٌ في صحيحه عن عبد اللّه بن المبارك عقب حديث الإفك وفي كتاب الإيمان من مستدرك الحاكم عن بن عبّاس قوله تعالى ولكن ليطمئن قلبي). [فتح الباري: 8/537]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {نجازي} نعاقب {أعظكم بواحدة} بطاعة الله {مثنى وفرادى} واحد واثنين {التناوش} الرّد من الآخرة إلى الدّنيا وبين ما يشتهون من مال أو ولد أو زهرة {بأشياعهم} بأمثالهم وقال ابن عبّاس كالجوابي وكالجوبة من الأرض الخمط الأراك والأثل الطرفاء والعرم الشّديد
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله 17 سبأ {وهل نجازي إلّا الكفور} قال هل نعاقب). [تغليق التعليق: 4/288] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ: يجازي: يعاقب
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {وهل نجازي إلاّ الكفور} (سبأ: 17) وفسّر: (يجازي) بقوله: (يعاقب) وكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عنه). [عمدة القاري: 19/130]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) في قوله تعالى: ({وهل يجازى}) أي (يعاقب) يقال في العقوبة يجازى وفي المثوبة يجزي. قال الفراء المؤمن يجزى ولا يجازى أي يجزى الثواب بعمله ولا يكافأ بسيئاته كذا نقل). [إرشاد الساري: 7/309]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ذلك جزيناهم بما كفروا} يقول تعالى ذكره: هذا الّذي فعلنا بهؤلاء القوم من سبأٍ من إرسالنا عليهم سيل العرم، حتّى هلكت أموالهم، وخربت جنّاتهم، جزاءً منّا على كفرهم بنا، وتكذيبهم رسلنا، و{ذلك} من قوله: {ذلك جزيناهم} في موضع نصبٍ بوقوع جزيناهم عليه؛ ومعنى الكلام: جزيناهم ذلك بما كفروا.
وقوله: {وهل نجازي إلاّ الكفور} اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض أهل الكوفة: (وهل يجازى) بالياء وبفتح الزّاي على وجه ما لم يسمّ فاعله إلاّ الكفور، رفعا، وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: {وهل نجازي} بالنّون وبكسر الزّاي {إلاّ الكفور} بالنّصب.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ ومعنى الكلام: كذلك كافأناهم على كفرهم باللّه، وهل يكافأ إلاّ الكفور لنعمة اللّه؟
فإن قال قائلٌ: أوما يجزي اللّه أهل الإيمان به على أعمالهم الصّالحة، فيخصّ أهل الكفر بالجزاء، فيقال: وهل يجازى إلاّ الكفور؟
قيل: إنّ المجازاة في هذا الموضع: المكافأة، واللّه تعالى ذكره وعد أهل الإيمان به التّفضّل عليهم، وأن يجعل لهم بالواحدة من أعمالهم الصّالحة عشر أمثالها إلى ما لا نهاية له من التّضعيف، ووعد المسيء من عباده أن يجعل بالواحدة من سيّئاته مثلها مكافأةً به على جرمه، والمكافأة لأهل الكبائر والكفر، والجزاء لأهل الإيمان مع التّفضّل، فلذلك قال جلّ ثناؤه في هذا الموضع: (وهل يجازى إلاّ الكفور)؟ لأنّه كما قال جلّ جلاله لا يكافأ على عمله إلاّ الكفور، إذا كانت المكافأة مثل المكافأ عليه، وأنّه لا يغفر له من ذنوبه شيئًا، ولا يمحّص من شيءٌ منها في الدّنيا. وأمّا المؤمن فإنّه يتفضّل عليه على ما وصفت.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ (وهل يجازى) قال: يعاقب.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل يجازى إلاّ الكفور} إنّ اللّه تعالى إذا أراد بعبده كرامةً تقبّل حسناته، وإذا أراد بعبده هوانًا أمسك عليه ذنوبه حتّى يوافى بها يوم القيامة.
قال: وذكر لنا أنّ رجلاً بينما هو في طريقٍ من طريق المدينة، إذا مرّت به امرأةٌ، فأتبعها بصره، حتّى أتى على حائطٍ، فشّج وجهه، فأتى نبيّ اللّه ووجهه يسيل دمًا، فقال: يا نبيّ اللّه فعلت كذا وكذا، فقال له نبيّ اللّه: إنّ اللّه إذا أراد بعبدٍ كرامةً، عجل له عقوبة ذنبه في الدّنيا، وإذا أراد اللّه بعبدٍ هوانًا أمسك عليه ذنبه حتّى يوافى به يوم القيامة، كأنّه عير أبتر). [جامع البيان: 19/258-260]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وهل نجازي إلا الكفور يقول هل نعاقب إلا الكفور). [تفسير مجاهد: 525]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وهل نجازي إلا الكفور} قال: تلك المناقشة). [الدر المنثور: 12/198]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن طاووس {وهل نجازي إلا الكفور} قال: هو المناقشة في الحساب ومن نوقش الحساب عذب وهو الكافر لا يغفر له). [الدر المنثور: 12/198]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد: (وهل يجازى) قال: هل يعاقب إلا الكفور). [الدر المنثور: 12/198-199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حيوة وكان من أصحاب علي قال: جزاء المعصية الوهن في العبادة والضيق في المعيشة والمنغص في اللذة قيل: وما المنغص قال: لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها). [الدر المنثور: 12/199]

تفسير قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى قرى ظاهرة قال كل يوم هم على ماء). [تفسير عبد الرزاق: 2/129]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير قال هي قرى عربية وهي القرى التي بين مأرب والشام). [تفسير عبد الرزاق: 2/129]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن أبي نجيح أن ناسا يقولون هي السراة ظاهرة). [تفسير عبد الرزاق: 2/130]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله قرى ظاهرة قال متواصلة آمنين لا يخافون جوعا ولا ظمأ إنما يغدون فيقيلون في قرية ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة حتى لقد ذكر لنا أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها فيمتلئ قبل أن ترجع إلى أهلها من غير أن تحترف بيدها شيئا وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادا ولا سقاء من ماء مما بسط للقوم قال فبطر القوم نعمة الله فقالوا ربنا بعد بين أسفارنا فمزقوا كل ممزق وجعلوا أحاديث). [تفسير عبد الرزاق: 2/130]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر وقال قتادة فقال الشعبي فحلت الأنصار بيثرب وغسان بالشام وخزاعة بتهامة والأزد بعمان
قال معمر وقال قتادة ظاهرة متواصلة على ظهر طريق). [تفسير عبد الرزاق: 2/130]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجعلنا بينهم وبين القرى الّتي باركنا فيها قرًى ظاهرةً وقدّرنا فيها السّير سيروا فيها ليالي وأيّامًا آمنين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن نعمته الّتي كان أنعمها على هؤلاء القوم الّذين ظلموا أنفسهم وجعلنا بين بلدهم وبين القرى الّتي باركنا فيها وهي الشّام، قرًى ظاهرةً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {القرى الّتي باركنا فيها} قال: الشّام.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وجعلنا بينهم وبين القرى الّتي باركنا فيها} يعني الشّام.
- حدّثني عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {القرى الّتي باركنا فيها} قال: الشّام.
وقيل: عني بالقرى الّتي بورك فيها بيت المقدس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وجعلنا بينهم وبين القرى الّتي باركنا فيها قرًى ظاهرةً} قال: الأرض الّتي باركنا فيها: هي الأرض المقدّسة.
وقوله: {قرًى ظاهرةً} يعني: قرًى متّصلةٌ، وهي قرًى عربيّةٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سمعت الحسن، في قوله: {وجعلنا بينهم وبين القرى الّتي باركنا فيها قرًى ظاهرةً} قال: قرًى متواصلةٌ، قال: كان أحدهم يغدو فيقيل في قريةٍ ويروح، فيأوي إلى قريةٍ أخرى قال: وكانت المرأة تضع زنبيلها على رأسها، ثمّ تمتّهنّ بمغزلها، فلا تأتي بيتها حتّى يمتلئ من كلّ الثّمار.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {قرًى ظاهرةً} أي متواصلةٌ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثنّى أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: ثنّى أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قرًى ظاهرةً} يعني: قرًى عربيّةً، بين المدينة والشّام.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: ثنّى أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قرًى ظاهرةً} قال: السّروات.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {قرًى ظاهرةً} يعني: قرًى عربيّةً، وهي بين المدينة والشّام.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعلنا بينهم وبين القرى الّتي باركنا فيها قرًى ظاهرةً} قال: كان بين قريتهم وبين الشّام قرًى ظاهرةً، قال: إن كانت المرأة لتخرج معها مغزلها ومكتلها على رأسها، تروح من قريةٍ وتغدو، وتبيت في قريةٍ لا تحمل زادًا ولا ماءً، لما بينها وبين الشّام.
وقوله: {وقدّرنا فيها السّير} يقول تعالى ذكره: وجعلنا بين قراهم والقرى الّتي باركنا فيها سيرًا مقدّرًا من منزلٍ إلى منزلٍ، وقريةٍ إلى قريةٍ، لا ينزلون إلاّ في قريةٍ، ولا يغدون إلاّ من قريةٍ.
وقوله: {سيروا فيها ليالي وأيّامًا آمنين} يقول: وقلنا لهم سيروا في هذه القرى ما بين قراكم والقرى الّتي باركنا فيها ليالي وأيّامًا، آمنين لا تخافون جوعًا ولا عطشًا، ولا من أحدٍ ظلمًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {سيروا فيها ليالي وأيّامًا آمنين} لا يخافون ظلمًا ولا جوعًا، وإنّما يغدون فيقيلون، ويروحون فيبيّتون في قرية أهل جنّةٍ ونهرٍ، حتّى لقد ذكر لنا أنّ المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها، وتمتهن بيدها، فيمتلئ مكتلها من الثّمر قبل أن ترجع إلى أهلها من غير أن تخترف بيدها شيئًا، وكان الرّجل يسافر لا يحمل معه زادًا ولا سقاءً ممّا بسط للقوم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأيّامًا آمنين} قال: ليس فيها خوفٌ). [جامع البيان: 19/260-264]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها يعني قرى الشام قرى ظاهرة يعني الشراة). [تفسير مجاهد: 525]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد {القرى التي باركنا فيها} قال: الشام). [الدر المنثور: 12/199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها} قال: هي قرى الشام.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير، مثله). [الدر المنثور: 12/199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة} قال: كان فيما بين اليمن إلى الشام قرى متواصلة و{القرى التي باركنا فيها} الشام، كان الرجل يغدو فيقبل في القرية ثم يروح فيبيت في القرية الاخرى وكانت المرأة تخرج وزنبيلها على رأسها فما تبلغ حتى يمتلى ء من كل الثمار). [الدر المنثور: 12/199-200]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن أبي ملكية في قوله {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة} قال: كانت قراهم متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وثمرهم متدل فبطروا). [الدر المنثور: 12/200]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {وقدرنا فيها السير} قال: دانينا فيها السير). [الدر المنثور: 12/200]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {وجعلنا بينهم} يعني بين مساكنهم {وبين القرى التي باركنا فيها} يعني الأرض المقدسة {قرى} فيما بين منازلهم مساكنهم وبين أرض الشام {سيروا فيها} يعني اذا ظعنوا من منازلهم إلى أرض الشام من الأرض المقدسة). [الدر المنثور: 12/200-201]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله {ظاهرة} قال: قرى بالشام). [الدر المنثور: 12/201]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} قال: لا يخافون جوعا ولا ظمأ انما يغدون فيقيلون في قرية ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة ونهر حتى ذكر لنا: أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها فيمتلئ قبل أن ترجع إلى أهلها وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادا فبطروا النعمة {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} فمزقوا {كل ممزق} وجعلوا أحاديث). [الدر المنثور: 12/201]

تفسير قوله تعالى: (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {باعد} [سبأ: 19] : وبعّد واحدٌ). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باعد وبعّد واحدٌ قال أبو عبيدة في قوله تعالى قالوا ربنا باعد بين أسفارنا مجازه مجاز الدّعاء وقرأه قومٌ بعّد يعني بالتّشديد قلت قراءة باعد للجمهور وقرأه بعّد أبو عمرو وبن كثيرٍ وهشامٌ). [فتح الباري: 8/536]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (باعد وبعّد واحدٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} (سبإ: 19) ، وقال: إن معنى باعد وبعد واحد، وباعد قراءة الأكثرين، وبعد بالتّشديد قراءة أبي عمرو وابن كثير). [عمدة القاري: 19/128]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({باعد}) بالألف وكسر العين في قوله تعالى: {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} [سبأ: 19] (وبعّد) بدون ألف وتشديد العين وهذه قراءة أبي عمرو وابن كثير وهشام (واحد) في المعنى إذ كل منهما فعل طلب ومعنى الآية أنهم لما بطروا نعمة ربهم وسألوا انتعالها جازاهم جزاء من كفر نعمه إلى أن صاروا مثلًا فقيل تفرّقوا أيادي سبأ كما قال تعالى: {فجعلناهم أحاديث} [سبأ: 19] ). [إرشاد الساري: 7/308]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فقالوا ربّنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزّقناهم كلّ ممزّقٍ إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: اختلف القرّاء في قراءة قوله: {ربّنا باعد بين أسفارنا} فقرأته عامّة قرّاء المدينة والكوفة: {ربّنا باعد بين أسفارنا} على وجه الدّعاء والمسألة بالألف؛ وقرأ ذلك بعض أهل مكّة والبصرة: (بعّد) بتشديد العين على الدّعاء أيضًا وذكر عن المتقدّمين أنّه كان يقرؤه: (ربّنا باعد بين أسفارنا) على وجه الخبر عن اللّه أنّ اللّه فعل ذلك بهم. وحكي عن آخر أنّه قرأه: (ربّنا بعّد) على وجه الخبر أيضًا غير أنّ الرّبّ منادًى.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا: {ربّنا باعد} و(بعّد) لأنّهما القراءتان المعروفتان في قرّاء الأمصار وما عداهما فغير معروفٍ فيهم؛ على أنّ التّأويل من أهل التّأويل أيضًا يحقّق قراءة من قرأه على وجه الدّعاء والمسألة، وذلك أيضًا ممّا يزيد القراءة الأخرى بعدًا من الصّواب.
فإذا كان هو الصّواب من القراءة، فتأويل الكلام: فقالوا: يا ربّنا باعد بين أسفارنا، فاجعل بيننا وبين الشّام فلواتٍ ومفاوزٍ، لنركب فيها الرّواحل، ونتزوّد معنا فيها الأزواد؛ وهذا من الدّلالة على بطر القوم نعمة اللّه عليهم وإحسانه إليهم، وجهلهم بمقدار العافية؛ ولقد عجّل لهم ربّهم الإجابة، كما عجّل للقائلين: {إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ} أعطاهم ما رغبوا إليه فيه وطلبوا من المسألة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو حصينٍ عبد اللّه بن أحمد بن يونس، قال: حدّثنا عبثرٌ، قال: حدّثنا حصينٌ، عن أبي مالكٍ، في هذه الآية: {فقالوا ربّنا باعد بين أسفارنا} قال: كانت لهم قرًى متّصلةٌ باليمن، كان بعضها ينظر إلى بعضٍ، فبطروا ذلك، وقالوا: ربّنا باعد بين أسفارنا، قال: فأرسل اللّه عليهم سيل العرم، وجعل طعامهم أثلاً وخمطًا وشيئًا من سدرٍ قليلٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فقالوا ربّنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم} قال: فإنّهم بطروا عيشهم، وقالوا: لو كان جنى جنّاتنا أبعد ممّا هي كان أجدر أن نشتهيه، فمزّقوا بين الشّام وسبأٍ، وبدّلوا بجنّتيهم جنّتين ذواتي أكلٍ خمطٍ وأثلٍ، وشيءٍ من سدرٍ قليلٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فقالوا ربّنا باعد بين أسفارنا} بطر القوم نعمة اللّه، وغمطوا كرامة اللّه، قال اللّه {وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فقالوا ربّنا باعد بين أسفارنا} حتّى نبيت في الفلوات والصّحاري {وظلموا أنفسهم}.
وقوله {وظلموا أنفسهم} وكان ظلمهم إيّاها عملهم بما يسخط اللّه عليهم من معاصيه، ممّا يوجب لهم عذاب اللّه، {فجعلناهم أحاديث} يقول: صيّرناهم أحاديث للنّاس يضربون بهم المثل في التّشتيت، فيقال: تمزّق القوم أيادي سبًّا، وأيدي سبًّا، إذا تفرّقوا وتقطّعوا.
وقوله {ومزّقناهم كلّ ممزّقٍ} يقول: وقطّعناهم في البلاد كلّ مقطعٍ.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزّقناهم كلّ ممزّقٍ} قال قتادة: قال عامرٌ الشّعبيّ: أمّا غسّان فقد لحقوا بالشّام، وأمّا الأنصار فلحقوا بيثرب، وأمّا خزاعة فلحقوا بتهامة، وأمّا الأزد فلحقوا بعمان.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: يزعمون أنّ عمرو بن عامرٍ، وهو عمّ القوم كان كاهنًا فرأى في كهانته أنّ قومه سيمزّقون، ويباعد بين أسفارهم، فقال لهم: إنّي قد علمت أنّكم ستمزّقون، فمن كان منكم ذا همٍّ بعيدٍ، وجملٍ شديدٍ، ومزادٍ جديدٍ، فليلحق بكأسٍ أو كرودٍ، قال: فكانت وادعة بن عمرٍو؛ ومن كان منكم ذا همٍّ مدنٍ، وأمرٍ ذعرٍ، فليلحق بأرضٍ شنّ، فكانت عوف بن عمرٍو، وهم الّذين يقال لهم بارقٌ؛ ومن كان منكم يريد عيشًا آينًا، وحرمًا آمنًا، فليلحق بالأرزين، فكانت خزاعة؛ ومن كان يريد الرّاسيات في الوحل، المطعمات في المحلّ، فليلحق بيثرب ذات النّخل، فكانت الأوس والخزرج فهما هذان الحيّان من الأنصار؛ ومن كان يريد خمرًا وخميرًا، وذهبًا وحريرًا، وملكًا وتأميرًا فليلحق بكوثى وبصرى، فكانت غسّان بنو جفنة ملوك الشّام، ومن كان منهم بالعراق.
قال ابن إسحاق: قد سمعت بعض أهل العلم يقول: إنّما قالت هذه المقالة طريفة امرأة عمران بن عامرٍ، وكانت كاهنةً، فرأت في كهانتها ذلك، واللّه أعلم أيّ ذلك كان؛ قال: فلمّا تفرّقوا، نزلوا على كهانة عمران بن عامرٍ.
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} يقول تعالى ذكره: إنّ في تمزيقناهم كلّ ممزّقٍ {لآياتٍ} يقول: لعظةً وعبرةً ودلالةً على واجب حقّ اللّه على عبده من الشّكر على نعمه إذا أنعم عليه، وحقّه من الصّبر على محنته إذا امتحنه ببلاءٍ {لكلّ صبّارٍ} على محنه {شكورٍ} على نعمه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} كان مطرّفٌ يقول: نعم العبد الصّبّار الشّكور، الّذي إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر). [جامع البيان: 19/264-268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} قال: لا يخافون جوعا ولا ظمأ انما يغدون فيقيلون في قرية ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة ونهر حتى ذكر لنا: أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها فيمتلئ قبل أن ترجع إلى أهلها وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادا فبطروا النعمة {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} فمزقوا {كل ممزق} وجعلوا أحاديث). [الدر المنثور: 12/201] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} قال: قالوا يا ليت هذه القرى يبعد بعضها عن بعض فنسير على نجائبنا). [الدر المنثور: 12/201]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر رضي الله عنه انه قرأ (قالوا ربنا بعد بين أسفارنا) مثقلة قال: لم يدعوا على أنفسهم ولكن شكوا ما أصابهم). [الدر المنثور: 12/201-202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي رضي الله عنه انه قرأ (قالوا ربنا بعد بين أسفارنا) مثقلة على معنى فعل). [الدر المنثور: 12/202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه انه قرأ (بعد بين أسفارنا) بنصب الباء ورفع العين). [الدر المنثور: 12/202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (ربنا) بالنصب (باعد) بنصب الباء وكسر العين على الدعاء). [الدر المنثور: 12/202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {ومزقناهم كل ممزق} قال: أما غسان فلحقوا بالشام وأما الانصار فلحقوا بيثرب وأما خزاعة فلحقوا بتهامة وأما الازد فلحقوا بعمان، فمزقهم الله كل ممزق). [الدر المنثور: 12/202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: مطرف في قوله {إن في ذلك لآيات} نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر واذا ابتلي صبر). [الدر المنثور: 12/202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله: (لكل صبار شكور) قال: صبار في الكريهة، شكور عند الحسنة). [الدر المنثور: 12/203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن جرير والبيهقي في شعب الايمان عن عامر رضي الله عنه قال: الشكر نصف الايمان والصبر نصف الايمان واليقين الايمان كله). [الدر المنثور: 12/203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: ان الله قال: يا عيسى بن مريم اني باعث بعدك أمة ان أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا وان أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ولا حلم ولا علم، قال: يا رب كيف يكون هذا لهم ولا حلم ولا علم قال: أعطيهم من حلمي وعلمي). [الدر المنثور: 12/203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في شعب الايمان والدارمي، وابن حبان عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن أمر المؤمن كله خير ان أصابته سراء شكر كان خيرا وان أصابته ضراء صبر كان خيرا). [الدر المنثور: 12/203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبت للمؤمن ان أعطي قال الحمد لله فشكر وان ابتلي قال الحمد لله فصبر فالمؤمن يؤجر على كل حال حتى اللقمة يرفعها إلى فيه). [الدر المنثور: 12/203-204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الشعب وابو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نظر في الدين إلى من هو فوقه وفي الدنيا إلى من هو تحته كتبه الله صابرا وشاكرا ومن نظر في الدين إلى من هو تحته ونظر في الدنيا إلى من هو فوقه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا والله سبحانه وتعالى أعلم). [الدر المنثور: 12/204]


رد مع اقتباس