عرض مشاركة واحدة
  #35  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 08:50 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (125) إلى الآية (127) ]

{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)}

قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ضيّقًا حرجًا كأنّما يصّعّد... (125).
[معاني القراءات وعللها: 1/383]
قرأ ابن كثير وحده (ضيقًا) خفيفا، وفي الفرقان مثله، وكذلك روى عقبة بن سنان عن أبي عمرو.
وشددهما الباقون.
قال أبو منصور: الضّيق والضّيّق واحد، والأصل التشديد، ويكون الضّيق في غير هذا الموضع بمعنى: الشك، قال الله تعالى: (ولا تكن في ضيقٍ ممّا يمكرون)، وروى أبو عبيدة عن أبي عمرو: الضّيق: الشك، بفتح الياء، وقوله (حرجًا) قرأ نافع وأبو بكر (حرجًا) بكسر الراء، وقرأ الباقون (حرجًا).
وقال يونس: الحرج والحرج لغتان معناهما: الضّيّق.
قال أبو إسحاق: من قال (حرج) فهو بمنزلة قولك: رجل دنف بكسر النون، ومن قال (حرج) فهو بمنزلة: رجل دنف. أي: ذو دنفٍ، وكذلك قليبٌ حرج، أي: ذو حرج وضيق.
ويقال للشجر المشجر الذي لا تصل إليه الراعية لتضايقه وتكاثفه: حرج وحرجة، شبّه الله صدر الكافر بها، المعنى: أنه لا تصل إليه الحكمة). [معاني القراءات وعللها: 1/384]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (كأنّما يصّعّد في السّماء... (125).
قرأ ابن كثير (كأنّما يصعد) خفيفة، وقرأ أبو بكر عن عاصم (يصّاعد) مشددا بألف، وقرأ الباقون (يصّعّد) بالتشديد بلا ألف.
قال أبو منصور: من قرأ (يصعد) فهو من صعد يصعد.
ومن قرأ (يصّاعد) أو (يصّعّد) فالأصل يتصاعد ويتصعّد، إلا أن التاء أدغمت منهما في الصاد فشددت.
المعنى: أن قلب الكافر كأنه (يصّعّد) في السماء نتوءًا عن الإسلام والحكمة، لا يعلق به شيء منهما، وقيل معناه: أنه كأنه كلّف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه). [معاني القراءات وعللها: 1/385]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (44- وقوله تعالى: {ضيقا حرجا} [125].
قرأ ابن كثير {ضيقا} خفيفًا.
وقرأ الباقون {ضيقًا} مشددًا، وكذلك في (الفرقان).
وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر {حرجا} بكسر الراء.
وقرأ الباقون بالفتح، فقال قوم: الحرج والحرج؛ لغتان مثل الدنف والدنف. وقال آخرون: الحرج: الاسم. والحرج المصدر. فالحرج: الضيق. والحرج في اللغة الضيق، ومعنى ضيقًا حرجًا: الحرج أشد الضيق، كأنه قال: ضيقًا جدًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/169]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (45- وقوله تعالى: {كأنما يصعد في السماء} [125].
قرأ ابن كثير {يصعد} خفيفًا.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر {يصعد} بالألف وتشديد الصاد أراد: يتصاعد فأدغم.
وقرأ الباقون {يصعد} بتشديد الصاد والعين من غير ألف، أرادوا: يتصعد فأدغموا التاء في الصاد، ومعناهن واحد، كله من الصعود). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/169]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الياء وتخفيفها من قوله عز وجل: ضيقا [الأنعام/ 125].
فقرأ ابن كثير وحده: ضيقا* ساكنة الياء، وفي الفرقان [13] مكانا ضيقا خفيفتين.
وقرأ الباقون التي في سورة الأنعام: ضيقا مشدّدة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/399]
وكذلك روى حجّاج بن محمد الأعور عن عقبة بن سنان عن أبي عمرو ضيقا* خفيفا. أخبرني بذلك أبو بكر محمد بن عبد الله المقري، قال: حدثنا عبد الرزّاق بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن جبير مقرئ أنطاكيّة، قال: حدثنا حجّاج الأعور، عن عقبة، عن أبي عمرو أنّه قرأ: ضيقا* خفيفا.
الضّيق والضّيّق: مثل: الميت والميّت، في أن المحذوف مثل المتمّ في المعنى، والياء مثل الواو في الحذف، وإن لم يعتلّ بالقلب، كما اعتلّت الواو به، وأتبعت الياء الواو في هذا كما أتبعتها في قولهم: اتّسر. قالوا في اتسار الجزور:
اتّسروها، فجعلت بمنزلة اتعد). [الحجة للقراء السبعة: 3/400]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الراء وكسرها من قوله عزّ وجلّ: حرجا [الأنعام/ 125].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: حرجا مفتوحة الراء.
وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر: حرجا* مكسورة الراء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/400]
وروى حفص عن عاصم حرجا مثل أبي عمرو.
قال أبو زيد: حرج عليه السحور، يحرج حرجا: إذا أصبح قبل أن يتسحّر، وحرم عليه حرما، وهما واحد، وحرمت على المرأة الصلاة تحرم حرما، وحرجت عليها الصلاة تحرج حرجا، وهما واحد.
وقال أبو زيد: حرج فلان يحرج حرجا، إذا هاب أن يتقدم على الأمر، أو قاتل فصبر وهو كاره.
من فتح الراء كان وصفا بالمصدر، مثل: قمن وحرى، ودنف، ونحو ذلك من المصادر التي يوصف بها، ولا يكون كبطل، لأن اسم الفاعل في الأمر العامّ من فعل إنما يجيء على فعل. ومن قرأ: حرجا* فهو مثل دنف، وفرق، ومعنى الكلمة فيما فسّر أبو زيد: الضّيق والكراهة). [الحجة للقراء السبعة: 3/401]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في تشديد العين وتخفيفها، وإدخال الألف وإخراجها من قوله عزّ وجلّ: كأنما يصعد في السماء [الأنعام/ 125].
فقرأ ابن كثير وحده: كأنما يصعد في السماء. ساكنة الصاد بغير ألف خفيفة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/401]
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي:
يصعد مشدّدة العين بغير ألف.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: يصاعد بألف مشدّدة الصاد.
وروى حفص عن عاصم مشدّدة بغير ألف يصعد مثل حمزة.
قراءة ابن كثير يصعد في السماء من الصعود، والمعنى أنه في نفوره من الإسلام وثقله عليه بمنزلة من تكلّف ما لا يطيقه، كما أن صعود السماء لا يستطاع.
ومن قال: يصّعّد أراد: يتصعّد، فأدغم، ومعنى يتصعّد:
أنه كأنه يتكلف ما يثقل عليه وكأنه يتكلف شيئا بعد شيء، كقولهم: يتفوّق ويتجرّع ونحو ذلك مما يتعاطى فيه الفعل شيئا بعد شيء، ويصّاعد مثل: يتصعّد في المعنى مثل:
ضاعف وضعّف وناعم ونعّم.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون فاعل يشرح صدره الضمير، العائد إلى من* كأنّ المهديّ يشرح صدر نفسه؟
[الحجة للقراء السبعة: 3/402]
فإن ذلك صحيح في المعنى، والأشبه أن يكون الضمير الذي فيه عائدا إلى اسم الله عزّ وجلّ لقوله: أفمن شرح الله صدره للإسلام [الزمر/ 22]، وقوله: ألم نشرح لك صدرك [الانشراح/ 1] وكذلك يكون الضمير الذي في قوله يشرح صدره لاسم الله تعالى، والمعنى أنّ الفعل مسند إلى اسم الله تعالى في اللفظ، وفي المعنى: للمنشرح صدره، وإنّما نسبه إلى ضمير اسم الله لأنّه بقوته كان وتوفيقه كما قال: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [الأنفال/ 17]، ويدلّك على أن المعنى لفاعل الإيمان إسناد هذا الفعل إلى الكافر في قوله: ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله [النحل/ 106]، فكما أسند الفعل إلى فاعل الكفر كذلك يكون إسناده في المعنى إلى فاعل الإيمان. ومعنى شرح الصدر: اتساعه للإيمان أو الكفر وانقياده له، وسهولته عليه، يدلّك على ذلك وصف خلاف المؤمن بخلاف الشرح الذي هو اتساع وهو قوله: ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا [الأنعام/ 125] كأنما يفعل ما يعجز عنه، ولا يستطيعه لثقله عليه وتكاؤده له.
فأما قوله: كأنما يصاعد في السماء: فمن قال: يصّاعد
[الحجة للقراء السبعة: 3/403]
ويصّعّد، فهو من المشقّة وصعوبة الشيء ومن ذلك قوله: يسلكه عذابا صعدا [الجن/ 17]. وقوله: سأرهقه صعودا [المدثر/ 17]. أي: سأغشّيه عذابا صعودا، أي عقوبة صعودا أي: شاقا. ومن ذلك قول عمر: «ما تصعّدني شيء كما تصعّدتني خطبة النكاح»، أي: ما شق عليّ شيء مشقّتها، وكأنّ ذلك لما يتكلفه الخطيب في مدحه وإطرائه للمملك، وربما لم يكن كذلك، فتحتاج إلى تطلّب المخلص، فلذلك شقّ. ومن ذلك قول الشاعر:
وإن سيادة الأقوام فاعلم... لها صعداء مطلبها شديد
فكأنّ معنى يصعد... يتكلّف
مشقة في ارتقاء
[الحجة للقراء السبعة: 3/404]
صعدا، وعلى هذا قالوا: عقبة عنوت وعنتوت، وعقبة كئود، ولا تكون السماء في هذا القول المظلّة للأرض، ولكن كما قال سيبويه: القيدود: الطويل في غير سماء، يريد به في غير ارتفاع صعدا، وعلى هذا قوله: قد نرى تقلب وجهك في السماء [البقرة/ 144].
فأما قوله: يجعل صدره ضيقا حرجا فعلى تأويلين:
أحدهما: التسمية في قوله: وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا [الزخرف/ 19]، أي: سمّوهم بذلك، فكذلك يسمى القلب ضيّقا بمحاولة الإيمان وحرجا عنه.
والآخر: الحكم كقولهم: اجعل البصرة بغداد، وجعلت حسني قبيحا، أي: حكمت بذلك، ولا يكون هذا من الجعل الذي يراد به الخلق، ولا الذي يراد به الإلقاء كقولك: جعلت متاعك بعضه على بعض، وقوله: .. ويجعل الخبيث بعضه على بعض [الأنفال/ 37]). [الحجة للقراء السبعة: 3/405]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنّما يصعد في السّماء}
قرأ ابن كثير {ضيقا} خفيفا وقرأ الباقون بالتّشديد والأصل ضييق على وزن فيعل ابن كثير حذف الياء الثّانية والباقون أدغموا الياء ولم يحذفوا من الكلمة شيئا ومثله هين وهين
قرأ نافع وأبو بكر {حرجا} بكسر الرّاء وقرأ الباقون بالفتح وهما لغتان مثل الدنف الدنف وحجّة من فتح قوله {وما جعل عليكم في الدّين من حرج} فإن قال قائل لم قال الله {صدره ضيقا} مثقلًا الجواب إن الحرج أشد الضّيق فكأنّه قال ضيق جدا
قرأ ابن كثير {كأنّما يصعد} خفيفا من صعد يصعد وحجته قوله {إليه يصعد الكلم الطّيب} وقرأ أبو بكر (يصاعد) الأصل يتصاعد فأدغم التّاء في الصّاد لقربها من الصّاد
وقرأ الباقون {يصعد} الأصل يتصعّد فأدغموا التّاء في الصّاد ومعنى يصعد ويصاعد ويصعد كله واحد). [حجة القراءات: 271]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (66- قوله: {ضيقًا} قرأ ابن كثير بالتخفيف، هنا، وفي الفرقان على حذف إحدى الياءين استخفافًا واستثقالًا لياء مشددة مكسورة، والمحذوفة هي الثانية؛ لأن بها وقع الاستثقال، ولأنها قد غيرت، فهو بمنزلة «ميت»، وقرأ الباقون بالتشديد للياء؛ لأنه الأصل، كميت، واصله ياءان أدغمت الأولى في الثانية، فالأولى زائدة، والثانية عين الفعل أصلية؛ لأنه من «ضاق يضيق» مثل «كال يكيل»، وهو الاختيار، لأنه الأصل، ولأن أكثر القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/450]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (67- قوله: {حرجا} قرأ نافع وأبو بكر بكسر الراء، جعلاه اسم فاعل كفرق وحذر، ومعناه الضيق، كرر المعنى، وحسن ذلك لاختلاف اللفظ، فالمعنى: يجعل صدره ضيقًا، إنما يقال: فلان حرج أي آثم، وقرأ الباقون بفتح الراء، جعلوه مصدرًا وصف به، كـ «دنف وقمن»، قال أبو زيد: حرج عليه السحور يحرج حرجًا، إذا أصبح قبل أن يتسحر، وحكى أبو زيد: حرج فلان يحرج حرجًا، إذا هاب أن يتقدم على الأمر، أو قاتل فصبر وهو كاره، وقيل: من فتح جعله جمع حرجة، وهو ما التف من الشجر، وقد اختلف في فتح الراء وكسرها عند عمر بن الخطاب، فسأل ابن الخطاب رجلًا من
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/450]
كنانة راعيًا فقال: ما الحرجة عندكم؟ قال: الحرجة الشجرة تكون بين الأشجار، لا تصل إليه راعية ولا وحشية ولا شيء، فقال عمر: كذلك قلب المنافق، لا يصل إليه شيء من الخير، فيكون المعنى أن الله جل ذكره وصف صدر الكافر بشدة الضيق، عن وصول الموعظة إليه، ودخول الإيمان فيه، فشبهه في امتناع وصول المواعظ إليه بالجرحة، وهي الشجرة التي لا يوصل إليها لرعي ولا لغيره فهذا يدل على الفتح، وهو الاختيار لصحة معناه، لأن أكثر القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/451]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (68- قوله: {كأنما يصَّعد} قرأه ابن كثير بإسكان الصاد، مخففا الصعود، وهو الطلوع، شبه الله جل ذكره الكافر في نفوره عن الإيمان، وثقله عليه بمنزلة من تكلّف ما لا يطيقه، كما أن صعود السماء لا يُطاق، وقرأ أبو بكر بالتشديد وبألف، بناه على مستقبل «تصاعد» فأدغم التاء في الصاد، واصله «تتصاعد» فهو على مثل الأول غير أنه فيه معنى فعل شيء بعد شيء، وذلك أثقل على فاعله، فهو بمعنى يتعاطى، معناه: يريد أن يفعل ما لا يطيقه، وقرأ الباقون بالتشديد، من غير ألف، وهو كالذي قبله، معناه: يتكلف ما لا يطيق شيئًا بعد شيء، كقولك: يتجرع ويتفرق). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/451]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (50- {صَدْرَهُ ضَيِّقًا} [آية/ 125] بالتخفيف:-
قرأها ابن كثير وحده، وكذلك في الفرقان {مَكَانًا ضَيِّقًا} مخففة.
الضيق والضيق مخففًا ومشددًا واحد، مثل الميت والميت، والأصل التشديد على ما تقدم في الميت، إلا أن الضيق الياءان فيه أصليان، وليس أحدهما واو كالميت، إلا أن الياء جيل مثل الواو في الحذف وإن لم يعتل بالقلب كما اعتلت الواو به، إلا أن الياء أتبعت الواو في ذلك كما أتبعتها في اتسر من اليسر أو من الإيسار، جعلت بمنزلة اتعد من الوعد.
وقرأ الباقون {ضَيِّقًا} بالتشديد، وهو الأصل). [الموضح: 501]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (51- {حَرَجًا} [آية/ 125] بكسر الراء:-
قرأها نافع وعاصم -ياش-.
[الموضح: 501]
والوجه أنه اسم الفاعل من خرج يحرج حرجًا فهو حرج، قاله أبو زيد، وهو إذا هاب أن يتقدم على الأمر، ومثله دنف يدنف دنفا فهو دنف؛ لأن اسم الفاعل من فعل بكسر العين في الأكثر إنما هو على فعل بكسر العين، والمعنى: يجعل صدره ضيقًا مبالغًا في الضيق، وقيل آثمًا، وقيل شاكًا.
وقرأ الباقون {حَرَجًا} بفتح الراء.
وهو المصدر من حرج حرجًا، وهو مصدر وصف به كدنف وقمن وحرى). [الموضح: 502]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (52- {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [آية/ 125] بسكون الصاد: -
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه مضارع صعد، والمعنى: أنه في ثقل الإسلام عليه وتجافيه عنه، كأنه كلف أن يصعد في السماء، وصعود السماء غير مستطاع، فهو بمنزلة من طلب ما لا يستطيعه.
وقرأ الباقون {يَصَّعَّدُ} بتشديد الصاد والعين، إلا عاصمًا في رواية ياش-. فإنه قرأ {يَصَّاعَدُ} بالألف مشددة الصاد.
ووجه {يَصَّعَّدُ} أن الأصل يتصعد، فأدغمت التاء في الصاد، والمعنى أنه لثقل الإسلام عليه فكأنه يتكلف الصعود شيئًا بعد شيء، كقولهم يترقي ويترجع ونحو ذلك.
[الموضح: 502]
وأما {يَصَّاعَدُ} فهو مثل يتصعد في المعنى، وهو من باب تضاعف وتضعف). [الموضح: 503]

قوله تعالى: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126)}

قوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس