عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:13 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولوطًا إذ قال لقومه إنّكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين (28) أئنّكم لتأتون الرّجال وتقطعون السّبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب اللّه إن كنت من الصّادقين (29) قال ربّ انصرني على القوم المفسدين (30)}
يقول تعالى مخبرًا عن نبيّه لوطٍ عليه السّلام، إنّه أنكر على قومه سوء صنيعهم، وما كانوا يفعلونه من قبيح الأعمال، في إتيانهم الذّكران من العالمين، ولم يسبقهم إلى هذه الفعلة أحدٌ من بني آدم قبلهم. وكانوا مع هذا يكفرون باللّه، ويكذّبون رسوله ويخالفونه ويقطعون السّبيل، أي: يقفون في طريق النّاس يقتلونهم ويأخذون أموالهم، {وتأتون في ناديكم المنكر} أي: يفعلون ما لا يليق من الأقوال والأفعال في مجالسهم الّتي يجتمعون فيها، لا ينكر بعضهم على بعضٍ شيئًا من ذلك، فمن قائلٍ: كانوا يأتون بعضهم بعضًا في الملأ قاله مجاهدٌ. ومن قائلٍ: كانوا يتضارطون ويتضاحكون؛ قالته عائشة، رضي اللّه عنها، والقاسم. ومن قائلٍ: كانوا يناطحون بين الكباش، ويناقرون بين الدّيوك، وكلّ ذلك كان يصدر عنهم، وكانوا شرًّا من ذلك.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حمّاد بن أسامة، أخبرني حاتم بن أبي صغيرة، حدّثنا سماك بن حربٍ، عن أبي صالحٍ -مولى أمّ هانئٍ -عن أمّ هانئٍ قالت: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، عن قوله عزّ وجلّ: {وتأتون في ناديكم المنكر}، قال: "يحذفون أهل الطّريق، ويسخرون منهم، وذلك المنكر الّذي كانوا يأتونه".
ورواه التّرمذيّ، وابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ من حديث أبي أسامة حمّاد بن أسامة عن أبي يونس القشيري، حاتم بن أبي صغيرة به. ثمّ قال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ لا نعرفه إلّا من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، عن عمرو بن قيسٍ، عن الحكم، عن مجاهدٍ: {وتأتون في ناديكم المنكر} قال: الصّفير، ولعب الحمّام والجلاهق، والسّؤال في المجلس، وحلّ أزرار القباء.
وقوله: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب اللّه إن كنت من الصّادقين}، وهذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم؛ ولهذا استنصر عليهم نبيّ اللّه فقال: {ربّ انصرني على القوم المفسدين}). [تفسير ابن كثير: 6/ 276]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولـمّا جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنّا مهلكو أهل هذه القرية إنّ أهلها كانوا ظالمين (31) قال إنّ فيها لوطًا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجّينّه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين (32) ولـمّا أن جاءت رسلنا لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنّا منجّوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين (33) إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزًا من السّماء بما كانوا يفسقون (34) ولقد تركنا منها آيةً بيّنةً لقومٍ يعقلون (35)}.
لما استنصر لوطٌ عليه السّلام، اللّه عليهم، بعث اللّه لنصرته ملائكةً فمرّوا على إبراهيم عليه السّلام، في هيئة أضيافٍ، فجاءهم بما ينبغي للضّيف، فلمّا رأى أنّه لا همّة لهم إلى الطّعام نكرهم، وأوجس منهم خيفةً، فشرعوا يؤانسونه ويبشّرونه بوجود ولدٍ صالحٍ من امرأته سارّة -وكانت حاضرةً -فتعجّبت من ذلك، كما تقدّم بيانه في سورة "هودٍ" و"الحجر". فلمّا جاءت إبراهيم بالبشرى، وأخبروه بأنّهم أرسلوا لهلاك قوم لوطٍ، أخذ يدافع لعلّهم ينظرون، لعلّ اللّه أن يهديهم، ولـمّا قالوا: {إنّا مهلكو أهل هذه القرية}، {قال إنّ فيها لوطًا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجّينّه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين} أي: من الهالكين؛ لأنّها كانت تمالئهم على كفرهم وبغيهم ودبرهم. ثمّ ساروا من عنده فدخلوا على لوطٍ في صورة شبابٍ حسانٍ، فلمّا رآهم كذلك، {سيء بهم وضاق بهم ذرعًا} أي: اهتمّ بأمرهم، إن هو أضافهم خاف عليهم من قومه، وإن لم يضفهم خشي عليهم منهم، ولم يعلم بأمرهم في السّاعة الرّاهنة. {قالوا لا تخف ولا تحزن إنّا منجّوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين. إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزًا من السّماء بما كانوا يفسقون}، وذلك أنّ جبريل عليه السّلام اقتلع قراهم من قرار الأرض، ثمّ رفعها إلى عنان السّماء، ثمّ قلبها عليهم. وأرسل اللّه عليهم حجارةً من سجّيلٍ منضودٍ، مسوّمةً عند ربّك وما هي من الظّالمين ببعيدٍ، وجعل [اللّه] مكانها بحيرةً خبيثةً منتنةً، وجعلهم عبرةً إلى يوم التّناد، وهم من أشدّ النّاس عذابًا يوم المعاد؛ ولهذا قال تعالى: {ولقد تركنا منها آيةً بيّنةً} أي: واضحةً، {لقومٍ يعقلون}، كما قال {وإنّكم لتمرّون عليهم مصبحين * وباللّيل أفلا تعقلون} [الصّافّات: 137، 138] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 277]

رد مع اقتباس