عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 12:10 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولوطا} نصب بفعل مضمر، تقديره: واذكر لوطا، و"الفاحشة": إتيان الرجال في الأدبار، وهي معصية ابتدعها قوم لوط).[المحرر الوجيز: 6/ 639-640]

تفسير قوله تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين * قال رب انصرني على القوم المفسدين * ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين}
تقدم ذكر القراءات في "أإنكم"، واختلف الناس في "قطع السبيل" المشار إليها هنا، فقالت فرقة: كان قطع الطريق بالسلب فاشيا فيهم، وقال ابن زيد: كانوا يقطعون الطرق على الناس لطلب الفاحشة، فكانوا يحيفون. وقالت فرقة: بل أراد قطع سبيل النسل في ترك النساء وإتيان الرجال. وقالت فرقة: أراد أنهم بفتح الأحدوثة عنهم يقطعون سبيل الناس عن قصدهم في التجارات وغيرها. و"النادي": المجلس الذي يجتمع الناس فيه، وهو اسم جنس; لأن الأندية في المدن كثيرة، كأنه قال: وتأتون في اجتماعكم حيث اجتمعتم، واختلف الناس في "المنكر"، فقالت فرقة: كانوا يحذفون الناس بالحصى، ويستخفون بالغريب والخاطر عليهم، وروته أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا لا يربطهم دين ولا مروءة، وقال مجاهد، ومنصور: كانوا يأتون الرجال في مجالسهم وبعضهم يرى بعضا، وقال القاسم بن محمد: منكرهم أنهم كانوا يتفاعلون في مجالسهم، ذكره الزهراوي، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان يتضارطون في مجالسهم، وقال مجاهد أيضا: كان أمرهم لعب الحمام، وتطريف الأصابع بالحناء، والصفير، والحذف، ونبذ الحياء في جميع أمورهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقد توجد هذه الأشياء في بعض عصاة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فالتناهي واجب.
فلما وقفهم لوط عليه السلام على هذه القبائح رجعوا إلى التكذيب واللجاج، أي: ائتنا بالعذاب، فإن ذلك لا يكون، ولا تقدر عليه، وهم لم يقولوا هذا إلا وهم مصممون على اعتقاد كذبه، وليس يصح في الفطرة أن يكون معاند يقول هذا).[المحرر الوجيز: 6/ 640-641]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : ([ثم استنصر لوط عليه السلام ربه، فبعث عليهم ملائكة لعذابهم]، فجاؤوا إبراهيم عليه السلام أولا مبشرين بإسحاق، ومبشرين بنصرة لوط على قومه، وكان لقاؤهم لإبراهيم على الصورة التي بينت في غير هذا الموضع، فلفظة "البشرى" -في هذا الموضع- تتضمن أمر إسحاق ونصرة لوط عليهما السلام، فلما أخبروه بإهلاك القرية على ظلمهم أشفق إبراهيم عليه السلام على لوط عليه السلام، فعارضهم بحسب ما يأتي). [المحرر الوجيز: 6/ 641]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين * ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين * إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون * ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون}
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن إبراهيم عليه السلام لما علم من قبل الملائكة أن قرية لوط تعذب أشفق على المؤمنين فجادل الملائكة، وقال: أرأيتم إن كان فيهم مائة بيت من المؤمنين أتتركونهم؟ قالوا: ليس فيهم ذلك، فجعل ينحدر حتى انتهى إلى عشرة أبيات، فقال له الملائكة: ليس فيها عشرة، ولا خمسة، ولا ثلاثة، ولا اثنان، فحينئذ قال إبراهيم عليه السلام: إن فيها لوطا، فراجعوه حينئذ بأنا نحن أعلم بمن فيها، أي: لا تخف أن يقع حيف على مؤمن.
وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر: "لننجينه" بفتح النون الوسطى وشد الجيم، و"منجوك" بفتح النون وشد الجيم، وقرأ حمزة، والكسائي: "لننجينه " بسكون النون وتخفيف الجيم، وقرأ ابن كثير، وعاصم في رواية أبي بكر: " لننجينه " بالتشديد، و"منجوك" بالتخفيف، وقرأت فرقة: "لننجينه" بسكون النون الأخيرة من الكلمة، وهذا إنما يجيء على أنه خفف النون المشددة وهو يريدها.
وامرأة لوط هذه كانت كافرة، وتنبه على أضيافه، و"الغابر": الباقي، ومعناه: من الغابرين في العذاب، وقالت فرقة: من الغابرين أي: ممن غبر وبقي من الناس وعسى في كفره). [المحرر الوجيز: 6/ 641-642]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في "بهم" في الموضعين عائد على الأضياف الرسل، وذلك بخوفه من قومه عليهم، فلما أخبروه بما هم فيه فرج عنه، وقرأ عامة القراء: "سيء" بكسر السين، وقرأ عيسى وطلحة بضمها).[المحرر الوجيز: 6/ 642]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الرجز": العذاب، وقوله تعالى: {بما كانوا يفسقون} أي: عذابهم بسبب فسقهم، وكذلك كل أمة عذبها الله فإنما عذبها على الفسق والمعصية، ولكن بأن يقترن ذلك بالكفر الذي يوجب عذاب الآخرة. وقرأ أبو حيوة، والأعمش: "يفسقون" بكسر السين.
وقوله تعالى: {ولقد تركنا منها}، أي: من خبرها وما بقي من أثرها، فـ "من" لابتداء الغاية، ويصح أن تكون للتبعيض، على أن تريد ما ترك من بقايا تلك القرية ومنظرها، والآية موضع العبرة، وعلامة القدرة، ومزدجر النفوس عن الوقوع في سخط الله تعالى.
وقرأ جمهور القراء: "منزلون" بتخفيف الزاي، وقرأ ابن عامر: "منزلون" بشد الزاي، وهي قراءة الحسن وعاصم -بخلاف عنهما-، وقرأ الأعمش: الحسن وعاصم بخلاف عنهما-، وقرأ الأعمش: "إنا مرسلون" بدل "منزلون"، وقرأ ابن محيصن: "رجزا" بضم الراء). [المحرر الوجيز: 6/ 642]

رد مع اقتباس