عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 09:50 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {قال له صاحبه} حكاية أن المؤمن من الرجلين لما سمع كلام الكافر وقفه -على جهة التوبيخ- على كفره بالله تعالى، وقرأ أبي بن كعب: "وهو يخاصمه"، وقرأ ثابت البناني: "ويلك أكفرت"، ثم جعل يعظم الله تعالى عنده بأوصاف تضمنت النعم والدلائل على جواز البعث من القبور. وقوله: {من تراب} إشارة إلى آدم صلى الله عليه وسلم. وقوله: {سواك رجلا} كما تقول: سواك شخصا أو حيا أو نحو هذا من التأكيدات، وقد يحتمل أنه قصد تخصيص الرجولة على وجه تعديد النعمة في أن لم يكن أنثى ولا خنثى، وذكر الطبري نحو هذا). [المحرر الوجيز: 5/608]

تفسير قوله تعالى: {لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (واختلفت القراءة في قوله: "لكنا"، فقرأ ابن عامر، ونافع -في رواية المسيلي: "لكنا" في الوصل والوقف. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، "لكن" في الوصل، و"لكنا" في الوقف، ورجحها الطبري، وهي رواية ورش، وقالون عن نافع وقرأ ابن مسعود، وأبي بن كعب، والحسن: "لكن أنا هو الله ربي"، وفي قراءة عيسى الثقفي، والأعمش -بخلاف- "لكن هو الله ربي"، فأما هذه الأخيرة فبين على الأمر والشأن، وأما الذي قبلها فعلى معنى: لكن أنما أقول. ومن هذه الفرقة من قرأ: "لكننا" على حذف الهمزة وتخفيف التنوين، وفي هذا نظر، وأما من قرأ: "لكنا" فأصله عنده "لكن أنا" حذفت الهمزة على غير قياس وأدغمت النون في النون، وقد قال بعض النحويين: نقلت حركة الهمزة إلى النون فجاء "لكننا" ثم أدغمت بعد ذلك فجاء "لكنا"، فرأى بعض القراء أن بالإدغام استغني عن الألف الأخيرة، فمنهم من حذفها في الوصل، ومنهم من أثبتها في الوصل والوقف لتدل على أصل الكلمة، ويتوجه في "لكنا" أن تكون "لكن" لحقتها نون الجماعة التي في "خرجنا وضربنا"، ووقع الإدغام لاجتماع المثلين، ثم وحد في "ربي" على المعنى، ولو اتبع اللفظ لقال: "ربنا" ذكره أبو علي. ويترجح بهذا التعليل قول من أثبت الألف في حالي الوصل والوقف. ويتوجه في "لكنا" أن تكون المشهورة من أخوات "إن"، والمعنى: "لكن قولي هو الله ربي"، إلا أني لا أعرف من يقرأ بها وصلا ووقفا، وذلك يلزم من يوجه هذا الوجه. وروى هارون عن أبي عمرو "لكنه هو الله ربي" بضمير لحق "لكن". وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/609]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولولا إذ دخلت} الآية. وصية من المؤمن للكافر، و"لولا" تحضيض، بمعنى: هلا، و"ما" يحتمل أن تكون بمعنى "الذي"، بتقدير: "الذي شاء الله كائن"، وفي "شاء" ضمير عائد، ويحتمل أن تكون شرطية بتقدير: "ما شاء الله كان"، ويحتمل أن تكون خبر ابتداء محذوف تقديره: "هو ما شاء الله، أو الأمر ما شاء الله". وقوله: {لا قوة إلا بالله} تسليم وصد لقول الكافر: ما أظن أن تبيد هذه أبدا، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي هريرة: "ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة؟" قال: بلى يا رسول الله، قال: "لا قوة إلا بالله، إذا قالها العبد قال الله عز وجل: أسلم عبدي واستسلم".
[المحرر الوجيز: 5/609]
وفي حديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا عبد الله بن قيس: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة"؟ قال: افعل يا رسول الله، قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
واختلفت القراءة في حذف الياء من "ترن" وإثباتها، فأثبتها ابن كثير وصلا ووقفا، وحذفها ابن عامر، وعاصم، وحمزة فيهما، وأثبتها نافع، وأبو عمرو في الوصل فقط. وقرأ الجمهور: "أقل" بالنصب على المفعول الثاني، وقوله: "أنا" فاصلة ملغاة، وقرأ عيسى بن عمر: "أقل" بالرفع على أن يكون "أنا" مبتدأ و"أقل" خبره، والجملة في موضع المفعول الثاني، والرؤية رؤية القلب في هذه الآية). [المحرر الوجيز: 5/610]

تفسير قوله تعالى: {فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا}
هذا الترجي بـ "عسى" يحتمل أن يريد به: في الدنيا، ويحتمل أن يريد: في الآخرة، وتمني ذلك في الآخرة أشرف مقطعا، وأذهب مع الخير والصلاح، وأن يكون ذلك يراد به الدنيا أذهب في نكاية هذا المخاطب، وأشد إيلاما لنفسه.
و "الحسبان": العذاب كالبرد والصر ونحوه، واحد الحسبان: حسبانة، وهي المرامي من هذه الأنواع المذكورة، وهي سهام ترمى دفعة بآلة لذلك. و"الصعيد": وجه الأرض، و"الزلق": الذي لا يثبت فيه قدم، يعني أنه تذهب أشجاره ونباته، ويبقى أرضا قد ذهبت منافعها حتى منفعة المشي، فهي وحل لا تنبت ولا تثبت فيها قدم). [المحرر الوجيز: 5/610]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الغور" مصدر يوصف به الماء المفرد والمياه الكثيرة، كقولك: رجل عدل وامرأة عدل ونحوه، ومعناه: ذاهبا في الأرض لا يستطاع تناوله، وقرأت فرقة: "غورا" بضم الغين، وقرأت فرقة: "غؤرا" بضم الغين وهمز الواو، و"غور" مثل "نوح" يوصف به الواحد والجمع، المذكر والمؤنث، ومنه قول الشاعر:
تظل جيادها نوحا عليه ... مقلدة أعنتها صفونا
وهذا كثير، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/611]

تفسير قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وأحيط بثمره} الآية. هذا خبر من الله تعالى عن إحاطة العذاب بحال هذا الممثل به، وقد تقدم القول في الثمر، غير أن الإحاطة كناية عن عموم العذاب والفساد. ويقلب كفيه يريد: يضع بطن إحداهما على ظهر الأخرى، وذلك فعل المتلهف المتأسف على فائت أو خسارة أو نحوها، ومن عبر بـ "يصفق" فلم يتقن. وقوله: {خاوية على عروشها} يريد أن السقوف وقعت، وهي العروش، ثم تهدمت الحيطان عليها، فهي خاوية والحيطان على العروش. ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا، قال بعض المفسرين: هي حكاية عن قول الكافر هذه المقالة في الآخرة، ويحتمل أن يريد أنه قالها في الدنيا على جهة التوبة بعد حلول المصيبة، ويكون فيها زجر للكفرة من قريش أو غيرهم; لئلا تجيء لهم حال يؤمنون فيها بعد نقم تحل بهم). [المحرر الوجيز: 5/611]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وعاصم، وأبو عمرو، والحسن، وأبو جعفر، وشيبة: "ولم تكن" بالتاء على لفظ الفئة، وقرأ حمزة، والكسائي، ومجاهد، وابن وثاب: "ولم يكن" بالياء على المعنى. و"الفئة": الجماعة التي يلجأ إلى نصرها، قال مجاهد: هي العشيرة.
[المحرر الوجيز: 5/611]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهي عندي من: فاء يفيء، وزنها فعلة "فيئة" حذفت العين تخفيفا، وقد قال أبو علي وغيره: هي من فأوت وليست من فاء، وهذا الذي قالوه أدخل في التصريف، والأول أحكم في المعنى. وقرأ ابن أبي عبلة: "فئة تنصره"). [المحرر الوجيز: 5/612]

تفسير قوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "هنالك" يحتمل أن يكون ظرفا لقوله: "منتصرا"، ويحتمل أن تكون "الولاية" مبتدأ و"هنالك" خبره، وقرأ حمزة، والكسائي، والأعمش، ويحيى بن وثاب: "الولاية" بكسر الواو، وهي بمعنى الرياسة والزعامة ونحوه، وقرأ الباقون: "الولاية" بفتح الواو، وهي بمعنى الموالاة والصلة ونحوه، ويحكى عن أبي عمرو، والأصمعي أن كسر الواو هنا لحن; لأن (فعالة) إنما تجيء فيما كان صنعة أو معنى متقلدا، وليس هنا تولي أمر.
وقرأ أبو عمرو، والكسائي: "الحق" بالرفع على جهة النعت ل "الولاية"، وقرأ الباقون: "الحق" بالخفض على النعت لله عز وجل، وقرأ أبو حيوة: "لله الحق" بالنصب. وقرأ الجمهور: "عقبا" بضم العين والقاف، وقرأ عاصم، وحمزة، والحسن: "عقبا" بضم العين وسكون القاف وتنوين الباء، وقرأ عاصم أيضا: "عقبى" بياء التأنيث. والعقب والعقب بمعنى المعاقبة). [المحرر الوجيز: 5/612]

رد مع اقتباس