عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 9 جمادى الآخرة 1434هـ/19-04-2013م, 07:11 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (ومجاز {إيّاك نعبد}: إذا بدئ بكناية المفعول قبل الفعل جاز الكلام، فإن بدأت بالفعل: لم يجز، كقولك: نعبد إياك، قال العجّاج:
إيّاك أدعو فتقّبل ملقى
ولو بدأت بالفعل: لم يجز، كقولك: أدعو إيّاك، محالٌ، فإن زدت الكناية في آخر الفعل جاز الكلام: أدعوك إياك). [مجاز القرآن: 1 /24]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}
{إيّاك نعبد} فلأنه إذا قال "الحمد لمالك يوم الدين"، فإنه ينبغي أن يقول "إيّاه نعبد"، فإنما هذا على الوحي، وذلك أن الله تبارك وتعالى خاطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (قل يا محمد: الحمد لله، وقل: الحمد لمالك يوم الدين، وقل يا محمد: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}).
وأما قوله: {إيّاك نعبد} ولم يقل "أنت نعبد"، فلأن هذا موضع نصب، وإذا لم يقدر في موضع النصب على الكاف أو الهاء وما أشبه ذلك من الإضمار الذي يكون للنصب، جعل "إياك" أو "إيّاه" أو نحو ذلك مما يكون في موضع نصب، قال: {وإنا أو إيّاكم لعلى هدًى}؛ لأن هذا موضع نصب، تقول: "إني أو زيداً منطلق" و{ضلّ من تدعون إلاّ إيّاه} هذا في موضع نصب، كقولك: "ذهب القوم إلا زيدا"، وإنما صارت {إيّاك} في {إيّاك نعبد} في موضع نصب من أجل {نعبد}، وكذلك: {إيّاك نستعين} أيضاً، وإذا كان موضع رفع جعلت فيه "أنت" و"أنتما" و"أنتم"، و"هو" و"هي" وأشباه ذلك). [معاني القرآن: 1/ 11]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين (5)}
معنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع، يقال : "هذا طريق معّبد" إذا كان مذللاً بكثرة الوطء، و"بعير معبّد" إذا كان مطليّاً بالقطران.
فمعنى {إياك نعبد}: إياك نطيع الطاعة التي نخضع معها، وموضع {إيّاك} نصب بوقوع الفعل عليه، وموضع الكاف في {إيّاك} خفض بإضافة " إيّا " إليها، و " إيّا " اسم للمضمر المنصوب إلا أنه يضاف إلى سائر المضمرات، نحو: إيّاك ضربت، وإياه ضربت، وإياي حدّثت، ولو قلت: "إيا زيد" كان قبيحاً، لأنه خص به المضمر.
وقد روي عن بعض العرب، رواه الخليل: (إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيّا الشوابّ).
ومن قال: إن (إياك) بكماله الاسم، قيل له: لم نر اسما ًللمضمر ولا للمظهر يضاف، وإنّما يتغير آخره، ويبقى ما قبل آخره على لفظ واحد.
والدّليل على إضافته قول العرب: " إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب " يا هذا، وإجراؤهم الهاء في "إياه" : مجراها في "عصاه".
وقوله عزّ وجلّ: {وإيّاك نستعين}
الأصل في {نستعين}: نستعون؛ لأنه إنما معناه: من المعونة والعون.
ولكن الواو قلبت ياء لثقل الكسرة فيها، ونقلت كسرتها إلى العين، وبقيت الياء ساكنة، لأنّ هذا من الإعلال الذي يتبع بعضه بعضاً، نحو: أعان يعين، وأقام يقيم، وهذا يشرح في مكانه شرحاً مستقصى إن شاء اللّه). [معاني القرآن: 1/ 48-49]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله تعالى: {إياك نعبد} ولم يقل "نعبدك"؛ لأن هذا أوكد.
قال سيبويه: كأنهم إنما يقدمون الذي بيانه أهم إليهم، وهم ببيانه أعنى، وإن كانا جميعاً يهمانهم، ويعنيانهم .
والعبادة في اللغة: الطاعة مع تذلل وخضوع، يقال: "طريق معبد" إذا كان قد ذلل بالوطء، و"بعير معبد" إذا طلي بالقطران، أي: امتهن كما يمتهن العبد، قال طرفة:

إلى أن تحامتني العشيرة كلها.......أفردت إفراد البعير المعبد
أو يقال "عبد من كذا" أي: أنف منه، كما قال الشاعر:
وأعبد أن تهجى تميم بدارم
ثم قال تعالى: {وإياك نستعين}
أعاد {إياك} توكيدا ً، ولم يقل: "ونستعين" كما يقال المال بين زيد وبين عمرو، فتعاد بين توكيدا ً، وقال: {إياك} ولم يقل إياه؛ لأن المعنى: قل يا محمد: {إياك نعبد} .
على أن العرب ترجع من الغيبة إلى الخطاب كما قال الأعشى:
عنده الحزم والتقى وأسى الصر........ع وحمل لمضلع الأثقال
ثم قال -ورجع من الغيبة إلى الخطاب- :
ووفاء إذا أجرت فما غر........ت حبال وصلتها بحبال
وقال تعالى: {وسقاهم ربهم شرابا طهورا}، ثم قال: {إن هذا كان لكم جزاء}، وعكس هذا أن العرب ترجع من الخطاب إلى الغيبة كما قال تعالى: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة}.
وفي الكلام حذف، والمعنى: وإياك نستعين على ذلك). [معاني القرآن: 1/64-66]


رد مع اقتباس