عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 05:25 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النور

[ من الآية (47) إلى الآية (53) ]
{ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52) ۞ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ۖ قُلْ لَا تُقْسِمُوا ۖ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53)}


قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47)}
قوله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48)}
قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49)}
قوله تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50)}
قوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي عليه السلام والحسن بخلاف، وابن أبي إسحاق: [إِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الْمُؤْمِنِينَ]، بالرفع.
قال أبو الفتح: أقوى القراءتين إعرابا ما عليه الجماعة من نصب "القول" وذلك أن في شرط اسم كان وخبرها أن يكون اسمها أعرف من خبرها، وقوله تعالى : {أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} أعرف من قول المؤمنين؛ وذلك لشبه "أنْ" وصلتها بالمضمر من حيث كان لا يجوز وصفها، كما لا يجوز وصف المضمر، والمضمر أعرف من قول المؤمنين؛ فلذلك اختارت الجماعة أن تكون "أنْ" وصلتها اسم كان. ومثله {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا} أي: إلا قولُهم على ما مضى فأما قولهم:
[المحتسب: 2/115]
وَقَدْ عَلِمَ الأقْوَامُ ما كانَ دَاءَهَا ... بِشَهْلَانَ إلَّا الخِزْيُ مِمَّنْ يَقُودُهَا
وأنه إنما اختير فيه رفع "الخزي" وإن كان مظهرا ومعرفة، كما أن داءها مظهر ومعرفة من حيث أذكره لك، وذلك أن "إلا" إذا باشرت شيئا بعدها فإنما جيء به لتثبيته وتوكيد معناه، وذلك كقولك: ما كان زيد إلا قائما، فزيد غير محتاج إلى تثبيته، وإنما يثبت له القيام دون غيره. فإذا قلت: ما كان قائما إلا زيد، فهناك قيام لا محالة، فإنما أنت نافٍ أن يكون صاحبه غير زيد، فعلى هذا جاء قوله: ما كان داءها بشهلان إلا الخزيُ برفع "الخزيُ"، وذلك أنه قد كان شاع وتُعُولِمَ أن هناك داء، وأنما أراد أن يثبت أن هذا الداء الذي لا شك في كونه ووقوعه لم يكن جانيَه ومسببَه إلا الخزيُ ممن يقودها، فهذا أمرٌ الإعرابُ فيه تابعٌ لمعناه ومحذوّ على الغرض المراد فيه. وأما قوله:
وليس الذي يجري من العينِ ماءَها ... ولكِنَّها نَفْسٌ تَذُوبُ فتقْطُرُ
ويروى: "ولكنه" فالوجه فيه نصب الماء، وذلك أنه رأى ماء يجري من العين فاستكثره واستنكره، فقال: ليس هذا الذي أراه جاريًا من العين ماءً للعين، وإنما هو هكذا وشيء غير مائها. هذا هو الذي عناه فعبر عنه بما تراه، ولم يعنه الإخبار عن ماء العين فيخبر عنه بأنه هذا الشيء الجاري من العين؛ فذلك اختار نصب الماء، ولو رفعه لجاز؛ لأنه كان يعود إلى هذا المعنى، لكنه كان يعود بعد تعب به، ومسامحة فيه، وعلاج يريد حمله عليه). [المحتسب: 2/116]

قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {ويخشى الله ويتقه} [52].
فيه أربع قراءات:
قرأ ابن كثير، وعاصم في رواية أبي بكر، وحمزة، وابن عامر {يتقه} ساكنًا؛ وذلك أن الياء لما اختلطت بالفعل وصارت من درجه ثقلت الكلمة، فخففت بالإسكان.
وقال آخرون: بل توهموا أن الجزم واقع على الهاء.
وقرأ نافع في رواية ورش وابن كثير والكسائي {ويتقهي} بكسر الهاء لمجاورة القاف المكسورة يتبعون الهاء ياء تقوية.
وروي قالون عن نافع {ويتقه} باختلاس الحركة، وهو الاختيار عند النحويين؛ لأن الأصل في الفعل قبل الجزم أن يكون يتقيه بالاختلاس فلما سقطت الياء للجزم بقيت الحركة مختلسة كأول وهلة.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/111]
والقراءة الرابعة: روى حفص عن عاصم {ويتقه} بإسكان القاف وكسر الهاء. وله حجتان:
أحدهما: أنه كره الكسرة في القاف، فأسكنها تخفيفًا، كما قال الشاعر:
عجبت لمولود وليس له أب = ومن ولد لم يلده أبوان
يعني: آدم وعيسى [عليهما السلام]. أراد: لم يلده فأكسن اللام. ويجوز أن يكون أسكن القاف والهاء ساكنة فكسر الهاء لالتقاء الساكنين.
كما أقر عاصم في أول (الكهف) {من لدنه} بكسر الهاء لسكونها، وسكون النون.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/112]
وفيها حجة ثالثة: أن من العرب من يقول: زيد لم يتق فجزم القاف بعد حذف الياء، توهمًا أن القاف آخر الكلمة، وينشد:
ومن يتق فإن الله معه = ورزق الله [موتاب] وغادي). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/113]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ابن كثير وحمزة والكسائي ونافع في رواية ورش وابن سعدان عن إسحاق [المسيبي] عن نافع: (ويخشى الله ويتقهي) [النور/ 52] موصولة بياء. وقال قالون عن نافع: ويتقه فأولئك بكسر الهاء لا يبلغ بها الياء. وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: (ويتّقه) جزما. حفص عن عاصم: ويتقه فأولئك ساكنة القاف مكسورة الهاء بغير ياء مختلسة الكسرة. [وروى] أبو عمارة عن حفص عن عاصم: (ويتّقه فأولئك) مكسورة القاف ساكنة الهاء، وكذلك روى أبو عمارة عن حمزة.
قال أبو علي: قول من قال: (ويتّقهي) موصولة بياء، هو الوجه، لأنّ الهاء ما قبلها، [متحرك وحكمها إذا تحرك ما قبلها أن تتبعها الياء في الوصل]. وما رواه قالون عن نافع: (ويتّقه فأولئك) لا يبلغ
[الحجة للقراء السبعة: 5/327]
فيها الياء، وجهه: أن الحركة ليست تلزم ما قبل الهاء، ألا ترى أن الفعل إذا رفع دخلته الياء، وإذا دخلت الياء اختير حذف الياء بعد الهاء في الوصل مثل: (عليه) فلمّا كان الحرف المحذوف لا يلزم حذفه صار كأنّه في اللّفظ، كما أنّ الحرف لمّا لم يلزم حذفه في قوله:
وكحل العينين بالعواور صار كأنّه في اللّفظ، فلم يهمز الواو، فكذلك لم يثبت في الآية الياء بعد الهاء. وقول أبي عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: (ويتّقه) جزما، فإن قول من تقدم أبين من هذا. ووجهه أنّ ما يتبع هذه الهاء من الواو والياء زائدة فردّ إلى الأصل، وحذف ما يلحقه من الزيادة، ويقوّي ذلك أن سيبويه يحكي أنّه سمع من يقول: هذه أمة الله، في الوصل والوقف، وهذه الهاء التي في هذه قد أجروها مجرى هاء الضمير، فكما استجازوا الحذف في هذه فكذلك يجوز الحذف في هذه الهاء التي للضمير. وزعم أبو الحسن: أن:
له أرقان ونحوه لغة يجرونها في الوصل مجراها في الوقف، فيحذفون منها كما حذفوا في الوقف، وحملها سيبويه على الضرورة، وعلى أنّه
[الحجة للقراء السبعة: 5/328]
أجرى الوصل مجرى الوقف. وأمّا ما رواه حفص عن عاصم: (ويتّقه) فإنّ وجهه أن (تقه) من (يتّقه) مثل: كتف، فكما يسكّن نحو: كتف، كذلك سكن القاف من (تقه) وعلى هذا قول الشاعر:
لم يلده أبوان
ومثله:
فبات منتصبا وما تكردسا فلمّا أسكن ما قبل الهاء لهذا التشبيه، حرّك الهاء بالكسر، كما حرّك الدّال بالفتح في: «لم يلده»). [الحجة للقراء السبعة: 5/329]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون}
قرأ نافع في رواية الحلواني {ويخش الله ويتقه} بالاختلاس وهو الاختيار عند أهل النّحو لأن الأصل في الفعل قبل الجزم أن تقول يتقيه وبالاختلاس فلمّا سقطت الياء للجزم بقيت الحركة مختلسة كأول وهلة
وقرأ أبو عمرو وأبو بكر {ويتقه} ساكنة الهاء قالوا إن الهاء لما اختلطت بالفعل ثقلت الكلمة فخففت بالإسكان
وقرأ حفص ويتقه بإسكان القاف وكسر الهاء وله حجتان إحداهما أنه كره الكسرة في القاف فأسكنها تخفيفًا والعرب تقول هذا فخذ وفخذ وكبد وكبد ويجوز أن يكون أسكن القاف والهاء فكسر الهاء لالتقاء الساكنين كما قرأ أبو بكر في أول الكهف {من لدنه} بكسر الهاء فإنّه أسكن الدّال استثقالا للضمة فلمّا أسكن الدّال التقى ساكنان النّون والدّال فكسر النّون لالتقاء الساكنين وكسر الهاء لمجاورة حرف مكسور ووصلها بياء
[حجة القراءات: 503]
وقرأ الباقون {ويتقه} ي بكسر الهاء لمجاورة القاف المكسورة يتبعون الهاء ياء تقوية وقد ذكرت ذلك في آل عمران). [حجة القراءات: 504]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {ويتقه} قرأه أبو عمرو وأبو بكر بإسكان الهاء، وقرأ قالون بكسر الهاء من غير ياء، ومثله حفص إلا أنه سكن القاف، وقرأ الباقون بكسر القاف، ويصلون الهاء بياء في الوصل خاصة.
وحجة من كسر الهاء ووصلها بياء أنه أتى به على الأصل، لأن الهاء قبلها متحرك مكسور، وقد بينا أن هذه الياء بدل من واو، وأن الهاء أصلها الضم،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/140]
وإنما كسرت لاتباع ما قبلها، والاستقبال للخروج من كسر إلى ضم، ولأنه ليس في الكلام «فَعلي» فلما انكسرت الهاء انقلبت الواو ياء.
26- وحجة من كسر الهاء ولم يصلها بياء أنه أبقى الفعل على أصله قبل الجزم، وذلك أن أصله «يتقيه» فحذفت الياء التي بعد الهاء عند سيبويه وأصحابه لسكونها وسكون الياء التي قبل الهاء، ولم يعتد بالهاء لخفائها، فلم يكن بحاجز حصين فلما حذفت الياء التي بعد الهاء، لما ذكرنا بقيت الهاء مكسورة من غير ياء بعد الكسرة، فلما حذفت الياء قبل الهاء للجزم بقيت الهاء على حالها قبل حذف الياء؛ لأن حذف الياء التي قبل الهاء عارض، وقد قيل: إن من كسر الهاء من غير ياء بعد الكسرة أنه إنما فعل ذلك لأنه لما رأى الحركة التي قبلها لا تلزم، لأن الفعل إذا رفع سكن ما قبل الهاء، وإذا نصب انفتح ما قبل الهاء، فبناه على حال رفعه؛ لأن الرفع أول الحركات، وقد تقدم ذكر علل هذا بأشبع من هذا.
27- وحجة من أسكن الهاء أنه توهم أنها لام الفعل، لكونها آخرا، فأسكنها للجزم، وهذه علة ضعيفة، وقيل: إنه أسكن على نية الوقف، وهذه علة ضعيفة أيضًا، وقيل: هي لغة لبعض العرب، حكى سيبويه: «هذه أمة الله» بالإسكان، ولا يشبه هاء «هذه» لأن هاء «هذه» ليست للإضمار، إنما هي بدل من ياء ساكنة وهاء {يتقه} للإضمار تعود على الله جل ذكره، وقد ذكرنا علة هذا فيما تقدم بأشبع من هذا الكلام.
28- وحجة من أسكن القاف أنه بناه على التخفيف، وشبّه «تقه» بـ «كتف» فخفف الثاني بالإسكان، كما يفعل بـ «كتف» فيقول «كتف»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/141]
وهو ضعيف، إنما يجوز في الشعر، وكان يجب على من أسكن القاف أن يضم الهاء؛ لأن هاء الكناية إذا سكن ما قبلها ولم يكن ياء ضمت نحو: «هنه وعنه واحتباه وفعلوه» لكن لما كان كون القاف عارضًا لم يعتد به، وأبقى الهاء على كسرتها التي كانت عليها، مع كسر القاف، ولم يصل الهاء بياء؛ لأن الياء المحذوفة، التي قبل الهاء، مقدرة منوية، فبقي الحذف على الياء، التي بعد الهاء، على أصله، وكسر القاف، وصلة الهاء بياء هو الاختيار، لأن عليه الجماعة، وهو الأصل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/142]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ} [آية/ 52] ساكنة القاف، مكسورة الهاء مختلسةً:
رواها ص- عن عاصم.
والوجه أنه جعل تقه من يتقه بمنزلة كتف وفخذ، فكما يسكن الوسط من كتفٍ فيقال كتْفٌ، فكذلك يسكن القاف من تقه، ومثل ذلك قول الشاعر:
105- عجبت لمولودٍ وليس له أبٌ = وذي ولدٍ لم يلده أبوان
فلما أسكن ما قبل الهاء للتشبيه بكتفٍ كما ذكرنا، حرك الهاء بالكسر كما حرك الشاعر الدال بالفتح من قوله: لم يلده؛ لالتقاء الساكنين، والعلة فيهما واحدة من أجل أنه نوى السكون في هاء يتقه، كما أسكنت في: هذه أمة الله، فلما سكنت القاف ههنا لما ذكرنا حرك الهاء بالكسر لالتقائها مع القاف
[الموضح: 919]
الساكنة. ويجوز أن يكون إنما كسر الهاء من {يَتّقْهِ} لأجل الياء التي كانت في الكلمة قبل لحاق الجزم بها، ويأتي شرح ذلك.
وأما اختلاس حركة الهاء فلسكون ما قبلها.
وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي و-ش- عن نافع {وَيَتَّقِهِي} بكسر القاف وإشباع الهاء.
والوجه أن هذا هو الأصل؛ لأن الأصل في هذه القاف أن تكون مكسورة لتكون دالة على الياء المحذوفة للجزم، والأصل في هذه الهاء أيضًا أن تكون موصولة بياء؛ لأن ما قبلها متحركٌ بالكسر، فحكمها أن تتصل بياء، كما تقول: مررت بهي.
وقرأ نافع ن- ويعقوب {وَيَتَّقِهِ} مكسورة القاف والهاء مختلسة من غير ياء.
والوجه أن الحركة التي قبل الهاء ليست بلازمة؛ لأنه إذا رفع الفعل ولحق الياء سكن ما قبل الهاء، فقيل: يتقيه، وإذ ألحقت الياء كان المختار اختلاس حركة الهاء من غير ياء، نحو عليه، فقد أجريت الكلمة المجزومة مجرى غير المجزومة في حذف الياء اللاحقة بعد الهاء؛ لأن تلك الياء المحذوفة للجزم أعني التي كانت قبل الهاء في تقدير الثبات.
وقرأ أبو عمرو وعاصم ياش- {وَيَتَّقِهْ} بكسر القاف وسكون الهاء.
والوجه أن الأصل في هذه الهاء الحركة، إلا أنها أُسكنت كما أُسكنت من قول الشاعر:
106- فَبِثُّ لدى البيت العتيق أشيمه = ومطواي مشتاقان له أرقان
[الموضح: 920]
وأبو الحسن يحمله على إجراء الوصل مجرى الوقف). [الموضح: 921]

قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ۖ قُلْ لَا تُقْسِمُوا ۖ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس