الموضوع: تجزئة المصحف
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 10:14 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تعشير المصحف


والبحث في هذه المسألة يتناول ثلاثة أمور:
أحدها: ماهية التعشير.
والثاني: تاريخه.
والثالث: حكم التعشير والآثار الواردة فيه.
أ‌- ماهية التعشير:
قال العيني في البناية على الهداية: ( قال في الجامع الصغير: والتعشير جمع العواشر في المصحف وهو كتابة العلامة عند منتهى عشر آيات). وهذه العلامة عبارة عن كلمة "عشر"، أو رأس "العين" حرفها الأول عند نهاية كل عشر آيات من السورة، ويقال إن في القرآن ستمائة عاشرة وثلاث وعشرون عاشرة، وحكاه في الفتاوى الهندية عن السراج الوهاج.
ب‌- تاريخ التعشير:
قال القرطبي في مقدمة تفسيره: (وأما وضع الأعشار فقال ابن عطية مر بي في بعض التواريخ أن المأمون العباسي أمر بذلك، وقيل الحجاج فعل ذلك).
[425]
لكن أبا عمرو الداني قد أخرج في المحكم بسنده عن الأوزاعي قال: (سمعت قتادة يقول: بدأوا فنقطوا، ثم خمسوا ثم عشروا.
قال أبو عمرو: وهذا يدل على الترخيص في ذلك والسعة فيه). وذكر القرطبي عن أبي عمرو الداني أنه قال في كتاب البيان له إثر ذكره للأخبار الواردة في التعشير: ( قال وهذه الأخبار كلها تؤذن بأن التعشير والتخميس وفواتح السور ورؤوس الآي من عمل الصحابة رضي الله عنهم، قادهم إلى عمله الاجتهاد، وأرى أن من كره ذلك منهم ومن غيرهم إنما كره أن يعمل بالألوان كالحمرة والصفرة وغيرها، على أن المسلمين في سائر الآفاق قد أطبقوا على جواز ذلك واستعماله في الأمهات وغيرها، والحرج والخطأ مرتفعان عنهم فيما أطبقوا عليه إن شاء الله).
ج- حكم التعشير والآثار الواردة فيه:
1- أخرج عبد الرزاق في المصنف، وأبو عبيدة في فضائل القرآن، وابن أبي داود في المصاحف، والداني في المحكم عن مسروق أن عبد الله بن مسعود كان يكره التعشير في المصحف.
2- وأخرج أبو عبيد، ومن طريقه الداني في المحكم عن مسروق أيضا عن عبد الله أنه كان يحك التعشير من المصحف.
3- وروي أبو عبيد بسنده عن ليث عن مجاهد أنه كره التعشير والطيب في المصحف.
[426]
4- وروى عبد الرزاق، وابن أبي داود في المصاحف عن إبراهيم أنه كان يكره في المصحف النقط والتعشير.
قال عبد الرزاق: قال سفيان: أراه نقط العربية.
5- روى أبو عبيد والداني في المحكم عن ابن سيرين أنه كان يكره الفواتح والعواشر التي فيها قاف وكاف.
6- وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، والداني في محكمه بسنده عن عطاء أنه كره التعشير في المصحف، أو يكتب فيه شيء من غيره.
7- وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن أبي داود في المصاحف، والداني في المحكم أن أبا العالية كان يكره العواشر.
8- وحكى أبو عمرو الداني في المحكم عن عبد الله بن الحكم قال: سمعت مالكا وسئل عن العشور التي تكون في المصحف بالحمرة وغيرها من الألوان فكره ذلك، وقال: "تعشير المصحف بالحبر لا بأس به".
9- وذكر الداني في بيانه وعنه القرطبي في تفسيره عن أشهب قال: [سمعت مالكا وسئل عن العشور التي تكون في المصحف بالحمرة وغيرها من الألوان فكره ذلك، وقال: "تعشير المصحف بالحبر لا بأس به"].
10- وقال ابن رشد في كتاب البيان والتحصيل: ( قال ابن القاسم: سئل مالك
[427]
عن عشور المصحف؟فقال: "يعشر بالسواد، وأكره الحمرة"). قال ابن رشد إثر ذكره للرواية عن مالك في كراهة التعشير بالحمرة ونظائره: ((ووجه كراهيته لتزيين داخله بالخواتم وتعشيره بالحمرة بين، ذلك أن القاريء فيه ينظر إلى ذلك فيلهيه ويشغله عن اعتباره وتدبر آياته. وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في نعله شراكين جديدين، ثم نزعهما ورد فيهما الخلقين وقال:" إني نظرت إليهما في الصلاة"، وصلى عليه السلام في خميصة شامية لها علم، فلما انصرف من الصلاة ردها إلى مهديها إليه أبي جهم وقال: " إني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني"، وإذا كان عليه السلام خشي على نفسه الفتنة في صلاته فهي على من سواه متيقنة غير مأمونة، وفي هذا بيان، ولهذا المعنى كره تزويق المسجد).
وقد ذهب إلى القول بكراهة التعشير أبو حنيفة وأحمد في رواية عنه على ما هو منقول في كتب فقه أصحابهما. قال الكاساني الحنفي في كتابه بدائع الصنائع: ( ويكره التعشير والنقط في المصحف لقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "جردوا مصاحفكم"، وذلك في ترك التعشير والنقط، ولأن ذلك يؤدي إلى الخلل في تحفظ القرآن، لأنه يتكل عليه فلا يجتهد في التحفظ؛ بل يتكاسل لكن قيل هذا في بلادهم،فأما في بلاد العجم فلا يكره لأن العجم لا يقدرون على تعلم القرآن بدونه، ولهذا جرى التعارف به في عامة البلاد من غيرنكير ، فكان مسنونا لا مكروها).
وذكر الميرغناني في الهداية نحوا من كلام الكاساني.
وقال العيني في البناية على الهداية : (وإنما كره أبو حنيفة التعشير والنقط لأحد الوجوه التي ذهب إليها إبراهيم في حديث ان مسعود " رض"، ولأن التعشير أمر غير [428]
مفيد إلا للتقصير في حفظ الآيات ومعرفته اعتمادا على الخط، ويروي: "جردوا المصاحف" هذه رواية غريبة ليس لها وجود في الكتب المشهورة، "وفي التعشير والنقط ترك التجريد، ولأن التعشير يخل بحفظ الآي"حيث يعتمد عليه، "والنقط يحفظ الإعراب اتكالا عليه"أي لأجل الاتكال على النقط "فيكره" أي إذا كان كذلك يكره كل واحد من التعشير والنقط، ثم ذكر القول باستحسانهما عن متأخري المشايخ واختاره). قال الحصفكي في الدر مع الحاشية: (وجاز تعشير المصحف ونقطه أي إظهار إعرابه، وبه يحصل الرفق جدا، خصوصا للعجم فيحسن، وعلى هذا لا بأس بكتابة أسامي السور وعدد الآي وعلامات الوقف ونحوها فيه بدعة حسنة درر وقنية). وقال الحليمي الشافعي وعنه السيوطي في الإتقان: (تكره كتابة الأعشار والأخماس وأسماء السور وعدد الآيات فيه، لقوله: "جردوا القرآن"، أما النقط فيجوز لأنه ليس صورة فيتوهم لأجلها ما ليس بقرآن قرآنا، إنما هي دلالات على هيئة المقروء فلا يضر إثباتها لمن يحتاج إليها...إلخ).
وجاء في كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلي الحنبلي: (مسألة: هل يكره نقط المصحف وتعشيره أم لا؟ فيه ثلاث روايات:
إحداها: الكراهة، رواه صالح وبكر بن محمد، وقد سئل عن قول ابن مسعود: "جردوا القرآن" قال: يقول لا يعشر ولا ينقط، كرهوا أن يكون فيه شيء غيره، فظاهر هذا الكراهة. ونقل ابن منصور عنه: لا بأس أن يعشر المصحف وينقط، ونقل حرب ويعقوب بن بختان: يكره العشور ونحو ذلك، إلا النقط فإن فيه منفعة.
"وجه الأولى": ما روي ابن مسعود أنه قال: "جردوا القرآن"، وقد فسره أحمد على أنه مجرد عن النقط والعشور، ولأن هذا لم يفعل في وقت الصحابة، ففعله محدث فلم يجز.
"ووجه الثانية": أن في ذلك عونا في ضبط القرآن، ولأن الصحابة وإن لم تفعل ذلك فلم تنه عنه،
[429]
وقد وجد ذلك بعدهم عصرا بعد عصر من غير نكير من أحد، فدل على جوازه.
"ووجه الثالثة" أن النقط مما تدعو الحاجة إليه لبيان الحروف، وليس كذلك العشور، لأنه يمكن معرفتها من غير المصحف من كتاب آخر، فلم يجز أن يخلط بالمصحف غيره مما ليس بقرآن).
[430]

رد مع اقتباس