عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 08:22 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

الخلاصة في حرق المصاحف ودفنها


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (إحراق المصحف
لا خلاف بين أهل العلم فى تحريم إحراق المصحف على وجه الاستخفاف , بل قد صرح بعضهم بكون ذلك ردة وكفرا من مرتكبيه . أما إذا كان تحريق المصحف قد اقتضته مصلحة شرعية راجحة , فإن جمهور أهل العلم على القول بجواز إحراقه , لأن عثمان بن عفان رضى الله عنه أمر بتحريق ما خالف مصحف الإمام , وكان ذلك بمحضر من الصحابة على ما فى حديث أنس بن مالك رضى الله عنه , وقد أخرجه البخارى وغيره فى قصة جمع القرآن , وقد مضى مستوفا فى غير موضع من هذا البحث . لكن طائفة من أهل العلم قد ذهبت إلى القول بمنع إحراق المصاحف , وهو الذى صرح به شمس الأئمة السرخسى من فقهاء الحنفية فى شرحه على كتاب السير الكبير لمحمد بن الحسن الشيبانى , وإليه ميل الحارث المحاسبى على ما فى البرهان .

كما ذهب إلى القول بمنع إحراق المصاحف بالنار القاضى حسين المروزى من أئمة الشافعية , وهو اختيار جمال الدين يوسف بن عبد الهادى الحنبلى .
والقول بكراهة إحراق المصاحف هو مقتضى ما حكى عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه من امتناعه عن إحراق الكتاب الذى وقع فى الغنائم يوم فتح تستر قائلا : ( لولا إنى أخاف أن يكون فيه ذكر الله عزوجل لأحرقته ). وعن إبراهيم النخعى أنه كان يكره حرق الصحف إذا كان فيها ذكر الله . أخرجها عبد الرازق فى مصنفه . فظاهرهما كراهة إحراق المصاحف من طريق الأولى . وقد مر فى مسألة إتلاف المصاحف من هذا البحث سرد للنقول المتضمنة لنصوص مجوزى إحراق المصاحف للمصلحة , وهم الجمهور , ونصوص مانعى الإحراق , ووجه كل مذهب مما أغنى عن إعادته هنا .. ). [المتحف: 84]

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (دفن المصحف مر في مسألتي إتلاف المصاحف وإحراقها الإشارة إلى دفن المصحف كوسيلة من وسائل الإتلاف عند قيام ما يبرره، والأصل في دفن المصاحف بشرطه ما أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف قال: (حدثنا علي بن محمد الثقفي، حدثنا منجاب بن الحارث قال: قال إبراهيم: حدثني أبو المحياة عن بعض أهل طلحة بن مصرف قال: دفن عثمان المصاحف بين القبر والمنبر" قال أبو بكر هذا إبراهيم بن يوسف السعدي من ولد سعد بن أبي وقاص روى عنه المنجاب كتاب المبتدأ عن زياد، وهو لا بأس به").
والمصاحف التي جرى دفنها هي تلك التي جمعها عثمان بن عفان رضي الله عنه من الناس حين اتفق الصحابة على كتابة المصحف الإمام، وإتلاف ما سواه كما هو مبين في موضعه من هذا البحث، وقد جاء في تاريخ المدينة لابن شبة أن عثمان رضي الله عنه جعل ما جمعه من القرآن من الناس فجعله في صندوق ثم جمع جماعة من الصحابة فاستشارهم فيه، فقال بعضهم: "حرقه" . فكره ذلك، وحفر تحت درجة منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفنه فيه وسوى عليه.
وقد مرت رواية التحريق مخرجة في صحيح البخاري وغيره على ما سبق بيانه في مسألة إحراق المصاحف في موضعه من هذا البحث... فلتطلب هناك.
وقال ابن مفلح: (وذكر أحمد أن أبا الجوزاء بلي مصحف له، فحفر له في مسجده فدفنه).
ثم ذكر ابن مفلح دفن الكتب وعبر عنه بقيل كما لو بلي المصحف أو اندرس نص عليه. وقد صرح غير واحد من أهل العلم بأن جواز الدفن خاص بالداثر من المصاحف العتيق البالي أو ما قام فيه سبب يقتضي إتلافه على ما مر بيانه في مسألة إتلاف المصاحف، أما لو كان المصحف صحيحا فإنه لا يجوز دفنه أو إتلافه... قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية في الفتاوى المصرية: (المصحف العتيق والذي تخرق وصار بحيث لا ينتفع به بالقراءة فيه فإنه يدفن في مكان يصان فيه كما أن كرامة بدن المؤمن دفنه في موضع يصان فيه).
وقال ابن عبد الهادي في مغني ذوي الأفهام: ( ويجوز دفن داثر مصحف وكتب علم وحديث وغسلها ولا تحرق بنار، ولا يجوز دفن مصحف صحيح ولا غسله).
وعن كيفية الدفن والتدابير التي ينبغي اتخاذها لهذه الغاية، جاء في الفتاوى الهندية ما نصه: (المصحف إذا صار خلقا لا يقرأ منه ويخاف أن يضيع يجعل في خرقة طاهرة ويدفن، ودفنه أولى من وضعه موضعا يخاف أن يقع عليه فيه النجاسة أو نحو ذلك، ويلحد له لأنه لو شق ودفن يحتاج إلى إهالة التراب إليه فهو حسن، أيضا كذا في الغرائب.
وقال السيوطي في الإتقان: (إن في بعض كتب الحنفية أن المصحف إذا بلي لا يحرق؛ بل يحفر له في الأرض ويدفن، وفيه وقفة لتعرضه للوطء بالأقدام).[المتحف:595-597]


رد مع اقتباس