عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10 رمضان 1438هـ/4-06-2017م, 06:56 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

ذو الرحمة


- أدلة هذا الاسم:
{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ (133)} [الأنعام: 133]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وربّك الغنيّ ذو الرّحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرّيّة قومٍ آخرين (133) إنّ ما توعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين (134) قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عاملٌ فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار إنّه لا يفلح الظّالمون (135)}
الغنيّ صفة ذات لله عز وجل لأنه تبارك وتعالى لا يفتقر إلى شيء من جهة من الجهات، ثم تليت هذه الصفة بقوله ذو الرّحمة فأردف الاستغناء بالتفضل وهذا أجمل تناسق، ثم عقب بهذه الألفاظ المضمنة الوعيد المحذرة من بطش الله عز وجل في التعجيل بذلك وأما مع المهلة ومرور الجديدين، فكذلك عادة الله في الخلق، وأما «الاستخلاف» فكما أوجد الله تعالى هذا العالم الآدمي بالنشأة من ذرية قوم متقدمين أصلهم آدم عليه السلام، وقرأت الجماعة «ذرّية» بضم الذال وشد الراء المكسورة، وقرأ زيد بن ثابت بكسر الذال وكذلك في سورة آل عمران وحكى أبو حاتم عن أبان بن عثمان أنه قرأ «ذرية» بفتح الذال وتخفيف الراء المكسورة، وحكى عنه أبو الزناد أنه قرأ على المنبر «ذرية» بفتح الذال وسكون الراء على وزن فعلة، قال فسألته فقال أقرأنيها زيد بن ثابت، ومن في قوله من ذرّيّة للتبعيض وذهب الطبري إلى أنها بمعنى قولك أخذت من ثوبي دينارا بمعنى عنه وعوضه).[المحرر الوجيز: 3/ 464-465]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وربّك الغنيّ ذو الرّحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرّيّة قومٍ آخرين (133) إنّ ما توعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين (134) قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عاملٌ فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار إنّه لا يفلح الظّالمون (135)}
يقول [تعالى]:
{وربّك} يا محمّد {الغنيّ} أي: عن جميع خلقه من جميع الوجوه، وهم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، {ذو الرّحمة} أي: وهو مع ذلك رحيمٌ بهم رؤوف، كما قال تعالى: {إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ} [البقرة: 143]).[تفسير القرآن العظيم: 3/ 342]

{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147)} [الأنعام: 147]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين}.
يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فإن كذّبوك يا محمّد هؤلاء اليهود فيما أخبرناك أنّا حرّمنا عليهم وحلّلنا لهم كما بيّنّا في هذه الآية، فقل: ربّكم ذو رحمةٍ بنا وبمن كان به مؤمنًا من عباده وبغيرهم من خلقه، واسعةٍ، تسع جميع خلقه المحسن والمسيء، لا يعاجل من كفر به بالعقوبة ولا من عصاه بالنّقمة، ولا يدع كرامة من آمن به وأطاعه ولا يحرمه ثواب عمله، رحمةً منه بكلا الفريقين، ولكنّ بأسه، وذلك سطوته وعذابه، لا يردّه إذا أحلّه عند غضبه على المجرمين بهم عنهم شيءٌ. والمحرّمون هم الّذين أجرموا فاكتسبوا الذّنوب واجترحوا السّيّئات.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ:
{فإن كذّبوك}: اليهود.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ:
{فإن كذّبوك}: اليهود {فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ}.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: كانت اليهود يقولون: إنّما حرّمه إسرائيل يعني: الثّرب وشحم الكليتين فنحن نحرّمه، فذلك قوله:
{فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين}). [جامع البيان: 9/ 647-648]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين (147) }
...

قوله تعالى: {فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ }.
أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قال: كانت اليهود تقول: إنّما حرّمه إسرائيل، فنحن نحرّمه. فذلك قوله: فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين).
[تفسير القرآن العظيم: 5/ 1412]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين (147) سيقول الّذين أشركوا لو شاء اللّه ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيءٍ كذلك كذّب الّذين من قبلهم حتّى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علمٍ فتخرجوه لنا إن تتّبعون إلاّ الظّنّ وإن أنتم إلاّ تخرصون (148)}
يريد فإن كذّبوك فيما أخبرت به أن الله حرمه عليهم وقالوا لم يحرم الله علينا شيئا وإنما حرمنا ما حرم إسرائيل على نفسه، قال السدي وهذه كانت مقالتهم فقل يا محمد على جهة التعجب من حالهم والتعظيم لفريتهم في تكذيبهم لك مع علمهم بحقيقة ما قلت، ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ، إذ لا يعاجلكم بالعقوبة مع شدة جرمكم.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذا كما تقول عند رؤية معصية أو أمر مبغي ما أحلم الله، وأنت تريد لإمهاله على مثل ذلك في قوله ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ قوة وصفهم بغاية الاجترام وشدة الطغيان، ثم أعقب هذه المقالة بوعيد في قوله ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين فكأنه قال: ولا تغتروا أيضا بسعة رحمته فإن له بأسا لا يرد عن المجرمين إما في الدنيا وإما في الآخرة، وهذه الآية وما جانسها من آيات مكة مرتفع حكمه بالقتال). [المحرر الوجيز: 3/ 485-486]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين (147)}
يقول تعالى: فإن كذّبك -يا محمّد -مخالفوك من المشركين واليهود ومن شابههم، فقل:
{ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ} وهذا ترغيبٌ لهم في ابتغاء رحمة اللّه الواسعة، واتّباع رسوله، {ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين} ترهيبٌ لهم من مخالفتهم الرّسول خاتم النّبيّين. وكثيرًا ما يقرن اللّه تعالى بين التّرغيب والتّرهيب في القرآن، كما قال تعالى في آخر هذه السّورة: {إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ} [الآية: 165]، وقال {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب} [الرّعد: 6]، وقال تعالى: {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم. وأنّ عذابي هو العذاب الأليم} [الحجر: 49، 50]، وقال تعالى: {غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب} [غافر: 3]، وقال [تعالى]: {إنّ بطش ربّك لشديدٌ إنّه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود} [البروج: 12 -14]، والآيات في هذا كثيرةٌ جدًّا). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 357]

{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)} [الكهف: 58]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وربّك الغفور ذو الرّحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجّل لهم العذاب بل لهم موعدٌ لن يجدوا من دونه موئلاً}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وربّك السّاتر يا محمّد على ذنوب عباده بعفوه عنهم إذا تابوا منهم {ذو الرّحمة} بهم).
[جامع البيان: 15/304]


رد مع اقتباس