عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 02:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيدًا (60) وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا (61) فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا (62) أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغًا (63)}.
هذا إنكارٌ من اللّه، عزّ وجلّ، على من يدّعي الإيمان بما أنزل اللّه على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين، وهو مع ذلك يريد التّحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب اللّه وسنّة رسوله، كما ذكر في سبب نزول هذه الآية: أنّها في رجلٍ من الأنصار ورجلٍ من اليهود تخاصما، فجعل اليهوديّ يقول: بيني وبينك محمّدٌ. وذاك يقول: بيني وبينك كعب بن الأشرف. وقيل: في جماعةٍ من المنافقين، ممّن أظهروا الإسلام، أرادوا أن يتحاكموا إلى حكّام الجاهليّة. وقيل غير ذلك، والآية أعمّ من ذلك كلّه، فإنّها ذامّةٌ لمن عدل عن الكتاب والسّنّة، وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطّاغوت هاهنا؛ ولهذا قال: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت [وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيدًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/346]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا]}.
وقوله: {يصدّون عنك صدودًا} أي: يعرضون عنك إعراضًا كالمستكبرين عن ذلك، كما قال تعالى عن المشركين: {وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل اللّه قالوا بل نتّبع ما وجدنا عليه آباءنا} [لقمان:21] هؤلاء وهؤلاء بخلاف المؤمنين، الّذين قال اللّه فيهم: {إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا [وأطعنا وأولئك هم المفلحون]} [النّور: 51] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/346]

تفسير قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا (62)}
ثمّ قال تعالى في ذمّ المنافقين: {فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم} أي: فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم واحتاجوا إليك في ذلك، {ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا} أي: يعتذرون إليك ويحلفون: ما أردنا بذهابنا إلى غيرك، وتحاكمنا إلى عداك إلّا الإحسان والتّوفيق، أي: المداراة والمصانعة، لا اعتقادًا منّا صحّة تلك الحكومة، كما أخبرنا تعالى عنهم في قوله: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى [أن تصيبنا دائرةٌ فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده] فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين} [المائدة:52].
وقد قال الطّبرانيّ: حدّثنا أبو زيدٍ أحمد بن يزيد الحوطيّ، حدّثنا أبو اليمان، حدّثنا صفوان بن عمر، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ. قال: كان أبو برزة الأسلميّ كاهنًا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه فتنافر إليه ناسٌ من المسلمين فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك [يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت]} إلى قوله: {إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/346-347]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم} [أي] هذا الضّرب من النّاس هم المنافقون، واللّه يعلم ما في قلوبهم وسيجزيهم على ذلك، فإنّه لا تخفى عليه خافيةٌ، فاكتف به يا محمّد فيهم، فإنّ اللّه عالمٌ بظواهرهم وبواطنهم؛ ولهذا قال له: {فأعرض عنهم} أي: لا تعنّفهم على ما في قلوبهم {وعظهم} أي: وانههم على ما في قلوبهم من النّفاق وسرائر الشّرّ {وقل لهم في أنفسهم قولا بليغًا} أي: وانصحهم فيما بينك وبينهم بكلامٍ بليغٍ رادعٍ لهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/347]

رد مع اقتباس