عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 05:42 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوّكم وواعدناكم جانب الطّور الأيمن ونزلنا عليكم المنّ والسّلوى (80) كلوا من طيّبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحلّ عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى (81) وإنّي لغفّارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثمّ اهتدى (82)}.
يذكر تعالى نعمه على بني إسرائيل العظام، ومننه الجسام، حيث نجّاهم من عدوّهم فرعون، وأقرّ أعينهم منه، وهم ينظرون إليه وإلى جنده قد غرقوا في صبيحةٍ واحدةٍ، لم ينج منهم أحدٌ، كما قال [تعالى]: {وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} [البقرة: 50].
وقال البخاريّ: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا شعبة، حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لـمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة واليهود تصوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هذا اليوم الّذي أظفر اللّه فيه موسى على فرعون، فقال: " نحن أولى بموسى فصوموه " رواه مسلمٌ أيضًا في صحيحه.
ثمّ إنّه تعالى واعد موسى وبني إسرائيل بعد هلاك فرعون إلى جانب الطّور الأيمن، وهو الّذي كلّمه تعالى عليه، وسأل فيه الرّؤية، وأعطاه التّوراة هناك. وفي غضون ذلك عبد بنو إسرائيل العجل، كما يقصّه تعالى قريبًا.
وأمّا المنّ والسّلوى، فقد تقدّم الكلام على ذلك في سورة "البقرة" وغيرها. فالمنّ: حلوى كانت تنزل عليه من السّماء. والسّلوى: طائرٌ يسقط عليهم، فيأخذون من كلٍّ، قدر الحاجة إلى الغد، لطفًا من اللّه ورحمةً بهم، وإحسانًا إليهم؛ ولهذا قال تعالى: {كلوا من طيّبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحلّ عليكم غضبي} أي: كلوا من هذا [الرّزق] الّذي رزقتكم، ولا تطغوا في رزقي، فتأخذوه من غير حاجةٍ، وتخالفوا ما آمركم به، {فيحلّ عليكم غضبي} أي: أغضب عليكم {ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى} قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: أي: فقد شقي.
وقال شفيّ بن ماتعٍ: إنّ في جهنّم قصرًا يرمى الكافر من أعلاه، فيهوي في جهنّم أربعين خريفًا قبل أن يبلغ الصّلصال، وذلك قوله: {ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى} رواه ابن أبي حاتمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 308]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإنّي لغفّارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحًا} أي: كلّ من تاب إليّ تبت عليه من أيّ ذنبٍ كان، حتّى إنّه تعالى تاب على من عبد العجل من بني إسرائيل.
وقوله: {تاب} أي: رجع عمّا كان فيه من كفرٍ أو شركٍ أو نفاقٍ أو معصيةٍ.
وقوله: {وآمن} أي: بقلبه {وعمل صالحًا} أي: بجوارحه.
وقوله: {ثمّ اهتدى} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: أي ثمّ لم يشكّك.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {ثمّ اهتدى} أي: استقام على السّنّة والجماعة. وروي نحوه عن مجاهدٍ، والضّحّاك، وغير واحدٍ من السّلف.
وقال قتادة: {ثمّ اهتدى} أي: لزم الإسلام حتّى يموت.
وقال سفيان الثّوريّ: {ثمّ اهتدى} أي: علم أنّ لهذا ثوابًا.
وثمّ هاهنا لترتيب الخبر على الخبر، كقوله: {ثمّ كان من الّذين آمنوا وتواصوا بالصّبر وتواصوا بالمرحمة} [البلد: 17]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 308-309]

رد مع اقتباس