عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 07:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {اذهب إلى فرعون إنّه طغى} أي: اذهب إلى فرعون ملك مصر، الّذي خرجت فارًّا منه وهاربًا، فادعه إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، ومره فليحسن إلى بني إسرائيل ولا يعذّبهم، فإنّه قد طغى وبغى، وآثر الحياة الدّنيا، ونسي الرّبّ الأعلى.
قال وهب بن منبّه: قال اللّه لموسى: انطلق برسالتي فإنّك بعيني وسمعي، وإنّي معك أيدي ونصري، وإنّي قد ألبستك جنّةً من سلطاني لتستكمل بها القوّة في أمري، فأنت جندٌ عظيمٌ من جندي، بعثتك إلى خلقٍ ضعيفٍ من خلقي، بطر نعمتي، وأمن مكري، وغرّته الدّنيا عنّي، حتّى جحد حقّي، وأنكر ربوبيّتي، وزعم أنّه لا يعرفني، فإنّي أقسم بعزّتي لولا القدر الّذي وضعت بيني وبين خلقي، لبطشت به بطشة جبار، يغضب لغضبه السموات والأرض، والجبال والبحار، فإن أمرت السّماء حصبته، وإن أمرت الأرض ابتلعته، وإن أمرت الجبال دمّرته، وإن أمرت البحار غرّقته، ولكنّه هان عليّ، وسقط من عيني، ووسعه حلمي، واستغنيت بما عندي، وحقّي إنّي أنا الغنيّ لا غنيّ غيري، فبلّغه رسالتي، وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاصي، وذكّره أيّامي وحذّره نقمتي وبأسي، وأخبره أنّه لا يقوم شيءٌ لغضبي، وقل له فيما بين ذلك قولًا ليّنًا لعلّه يتذكّر أو يخشى، وخبّره أنّي إلى العفو والمغفرة أسرع منّي إلى الغضب والعقوبة، ولا يروّعنّك ما ألبسته من لباس الدّنيا، فإنّ ناصيته بيدي، ليس ينطق ولا يطرف ولا يتنفّس إلّا بإذني، وقل له: أجب ربّك فإنّه واسع المغفرة، وقد أمهلك أربعمائة سنةٍ، في كلّها أنت مبارزه بالمحاربة، تسبّه وتتمثّل به وتصدّ عباده عن سبيله وهو يمطر عليك السّماء، وينبت لك الأرض، [و] لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر [ولم تغلب] ولو شاء اللّه أن يعجّل لك العقوبة لفعل، ولكنّه ذو أناةٍ وحلمٍ عظيمٍ. وجاهده بنفسك وأخيك وأنتما تحتسبان بجهاده فإنّي لو شئت أن آتيه بجنودٍ لا قبل له بها لفعلت، ولكن ليعلم هذا العبد الضّعيف الّذي قد أعجبته نفسه وجموعه أنّ الفئة القليلة -ولا قليل منّي-تغلب الفئة الكثيرة بإذني، ولا تعجبنّكما زينته، ولا ما متّع به، ولا تمدّا إلى ذلك أعينكما، فإنّها زهر الحياة الدّنيا، وزينة المترفين. ولو شئت أن أزيّنكما من الدّنيا بزينةٍ، ليعلم فرعون حين ينظر إليها أنّ مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما، فعلت، ولكنّي أرغب بكما عن ذلك، وأزويه عنكما. وكذلك أفعل بأوليائي، وقديمًا ما جرت عادتي في ذلك. فإنّي لأذودهم عن نعيمها ورخائها، كما يذود الرّاعي الشّفيق إبله عن مبارك الغرّة، وما ذاك لهوانهم عليّ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالمًا موفرًا لم تكلمه الدّنيا.
واعلم أنّه لا يتزيّن لي العباد بزينةٍ هي أبلغ ممّا عندي من الزّهد في الدّنيا، فإنّها زينة المتّقين، عليهم منها لباسٌ يعرفون به من السّكينة والخشوع، سيماهم في وجوههم من أثر السّجود، أولئك أوليائي حقًّا حقًّا، فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك، وذلّل قلبك ولسانك، واعلم أنه من أهان لي وليًّا أو أخافه، فقد بارزني بالمحاربة، وبادأني وعرض لي نفسه ودعاني إليها، وأنا أسرع شيءٍ إلى نصرة أوليائي، أفيظنّ الّذي يحاربني أن يقوم لي، أم يظنّ الّذي يعاديني أن يعجزني، أم يظنّ الّذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني. وكيف وأنا الثّائر لهم في الدّنيا والآخرة، لا أكل مضطرّهم إلى غيري.
رواه ابن أبي حاتمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 280-282]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ربّ اشرح لي صدري * ويسّر لي أمري} هذا سؤالٌ من موسى، عليه السّلام، لربّه عزّ وجلّ، أن يشرح له صدره فيما بعثه به، فإنّه قد أمره بأمرٍ عظيمٍ، وخطبٍ جسيمٍ، بعثه إلى أعظم ملكٍ على وجه الأرض إذ ذاك، وأجبرهم، وأشدّهم كفرًا، وأكثرهم جنودًا، وأعمرهم ملكًا، وأطغاهم وأبلغهم تمرّدًا، بلغ من أمره أن ادّعى أنّه لا يعرف اللّه، ولا يعلم لرعاياه إلهًا غيره.
هذا وقد مكث موسى في داره مدّةً وليدًا عندهم، في حجر فرعون، على فراشه، ثمّ قتل منهم نفسًا فخافهم أن يقتلوه، فهرب منهم هذه المدّة بكمالها. ثمّ بعد هذا بعثه ربّه عزّ وجلّ إليهم نذيرًا يدعوهم إلى اللّه عزّ وجلّ أن يعبدوه وحده لا شريك له؛ ولهذا قال: {ربّ اشرح لي صدري * ويسّر لي أمري} أي: إن لم تكن أنت عوني ونصيري، وعضدي وظهيري، وإلّا فلا طاقة لي بذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 282]

تفسير قوله تعالى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي} وذلك لما كان أصابه من اللّثغ، حين عرض عليه التّمرة والجمرة، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه، كما سيأتي بيانه، وما سأل أن يزول ذلك بالكلّيّة، بل بحيث يزول العيّ، ويحصل لهم فهم ما يريد منه وهو قدر الحاجة. ولو سأل الجميع لزال، ولكنّ الأنبياء لا يسألون إلّا بحسب الحاجة، ولهذا بقيت بقيّةٌ، قال اللّه تعالى إخبارًا عن فرعون أنّه قال: {أم أنا خيرٌ من هذا الّذي هو مهينٌ ولا يكاد يبين} [الزّخرف 52] أي: يفصح بالكلام.
وقال الحسن البصريّ: {واحلل عقدةً من لساني} قال: حلّ عقدةً واحدةً، ولو سأل أكثر من ذلك أعطي.
وقال ابن عبّاسٍ: شكا موسى إلى ربّه ما يتخوّف من آل فرعون في القتيل، وعقدة لسانه، فإنّه كان في لسانه عقدةٌ تمنعه من كثيرٍ من الكلام، وسأل ربّه أن يعينه بأخيه هارون يكون له ردءًا ويتكلّم عنه بكثيرٍ ممّا لا يفصح به لسانه، فآتاه سؤله، فحلّ عقدةً من لسانه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن عمرو بن عثمان، حدّثنا بقيّة، عن أرطاة بن المنذر، حدّثني بعض أصحاب محمّد بن كعبٍ، عنه قال: أتاه ذو قرابةٍ له. فقال له: ما بك بأسٌ لولا أنّك تلحن في كلامك، ولست تعرب في قراءتك؟ فقال القرظيّ: يا ابن أخي، ألست أفهمك إذا حدّثتك ؟. قال:نعم. قال: فإنّ موسى، عليه السّلام، إنّما سأل ربّه أن يحلّ عقدةً من لسانه كي يفقه بنو إسرائيل كلامه، ولم يزد عليها. هذا لفظه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 282-283]

تفسير قوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {واجعل لي وزيرًا من أهلي * هارون أخي}: وهذا أيضًا سؤالٌ من موسى في أمرٍ خارجيٍّ عنه، وهو مساعدة أخيه هارون له.
قال الثّوريّ، عن أبي سعيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: فنبّئ هارون ساعتئذٍ حين نبّئ موسى، عليهما السّلام.
وقال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن ابن نمير، حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة أنّها خرجت فيما كانت تعتمر، فنزلت ببعض الأعراب، فسمعت رجلًا يقول: أيّ أخٍ كان في الدّنيا أنفع لأخيه؟ قالوا: ما ندري. قال: واللّه أنا أدري قالت: فقلت في نفسي: في حلفه لا يستثني، إنّه ليعلم أيّ أخٍ كان في الدّنيا أنفع لأخيه. قال: موسى حين سأل لأخيه النّبوّة. فقلت: صدق واللّه. قلت: وفي هذا قال اللّه تعالى في الثّناء على موسى، عليه السّلام: {وكان عند اللّه وجيهًا} [الأحزاب: 69]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 283]

تفسير قوله تعالى: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {اشدد به أزري} قال مجاهدٌ: ظهري). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 283]

تفسير قوله تعالى: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأشركه في أمري}أي: في مشاورتي). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 283]

تفسير قوله تعالى: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كي نسبّحك كثيرًا * ونذكرك كثيرًا} قال مجاهدٌ: لا يكون العبد من الذّاكرين اللّه كثيرًا، حتّى يذكر اللّه قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 283]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّك كنت بنا بصيرًا} أي: في اصطفائك لنا، وإعطائك إيّانا النّبوّة، وبعثتك لنا إلى عدوّك فرعون، فلك الحمد على ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 283]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال قد أوتيت سؤلك يا موسى (36) ولقد مننّا عليك مرّةً أخرى (37) إذ أوحينا إلى أمّك ما يوحى (38) أن اقذفيه في التّابوت فاقذفيه في اليمّ فليلقه اليمّ بالسّاحل يأخذه عدوٌّ لي وعدوٌّ له وألقيت عليك محبّةً منّي ولتصنع على عيني (39) إذ تمشي أختك فتقول هل أدلّكم على من يكفله فرجعناك إلى أمّك كي تقرّ عينها ولا تحزن وقتلت نفسًا فنجّيناك من الغمّ وفتنّاك فتونًا (40)}
هذه إجابةٌ من اللّه لرسوله موسى، عليه السّلام، فيما سأل من ربّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 283]

رد مع اقتباس