عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 22 جمادى الأولى 1441هـ/17-01-2020م, 03:05 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

(ذكر الأئمة الذين أخذ عنهم هؤلاء السبعة)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (ذكر الأئمة الذين أخذ عنهم هؤلاء السبعة)
اعلم وفقك الله- أن قراءة هؤلاء السبعة متصلة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل من قرأ بحرف من هؤلاء السبعة فقد قرأ قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن ابن كثير قرأ على مجاهد بن جبير أبي الحجاج وقرأ مجاهد على ابن عباس، وقرأ ابن عباس على
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/15]
أُبَيِّ بن كعب، وقرأ أُبَيُّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد قرأ النبي عليه السلام على أُبي ليأخذ أُبيّ ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقرأ نافع على سبعين من التابعين منهم أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة بن نصاح، ويزيد بن رومان، قال: فما اتفق عليه اثنان أخذته، وما شذ واحد منهم تركته حتى ألفت هذه القراءة. وكان أبو جعفر قرأ على عبد الله بن عباس وعلى مولاه عبد الله بن عياش.
وأما أبو عمرو فقرأ على ابن كثير ولقي مجاهدًا، وقيل: إنه قرأ على مجاهدٍ نفسه.
وأما عاصم فإنه قال: ما قرأت على أحد من الناس إلا على أبي عبد الرحمن السلمي، وكنت أرجع من عنده فأعرضه على زر بن حبيش، فما كان من قراءة زر فهو عن عبد الله بن مسعود، وما كان من قراءة أبي عبد الرحمن فهو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان زر بن حبيش صاحب عربية، وكان عبد الله يسأله عن العربية فقال له يومًا: ما الحفدة؟ فقال: الخدم، قال: فقال عبد الله: لا، ولكنهم الأختان. وعاش زر مائة سنة وعشرين سنة، فلما كبر سنه أنشأ يقول:
إذا الرجال ولدت أولادها ........وارتعشت من كبر أجسادها
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/16]
وجعلت أسقاهما تعتادها .......تلك زروع قد دنا حصادها
وقرأ الكسائي على حمزة، وقرأ حمزة على الأعمش، وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب، وقرأ يحيى بن وثاب على عبيد بن نضيلة وقرأ عبيد على علقمة، وقرأ علقمة على عبد الله.
وحدثني ابن مجاهد قال: قرأ حمزة علي ثلاثة: الأعمش وابن أبي ليلى، وحمران بن أعين، فما كان من قراءة الأعمش فعن عبد الله، وما كان من قراءة ابن أبي ليلى فعن علي رضي الله عنه، وما كان من قراءة حمران فعن أبي الأسود الدؤلي.
وأما ابن عامر فإنه أخذ قراءته عن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي، وأخذها المغيرة عن عثمان.
وليس في هؤلاء السبعة أحد أقدم من ابن عامر؛ لأنه قد قرأ أيضًا على عثمان نفسه.
حدثني بذلك أحمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن بكر، قال:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/17]
حدثنا هشام بن عمار أن الوليد بن مسلم حدثه عن يحيى بن الحارث الذماري عن عبد الله بن عامر أنه قرأ على عثمان بن عفان.
فإن سأل سائل فقال: أهذه الحروف نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الاختلاف والوجوه، أم نزلت بحرف واحد، قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم باللغات؟
فالجواب في ذلك وبالله التوفيق-:
أن طائفة قالت: إنه [كذا] نزلت على سبعة أحرف من سبعة أبواب في العرضات التي كان جبريل عليه السلام ينزل بكل سنة فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: وذلك أن القرآن نزل جملة واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا كما قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} ثم نزل من السماء الدنيا على محمد صلى الله عليه وسلم في نحو من عشرين سنة، وكانت تتنزل العشر والخمس والآية والآيتان والسورة بأسرها.
قال: حدثني أبو الحسن بن عبيد، قال: حدثني بن أبي خيثمة، عن أبي سلمة المنقري، عن أبان، عن قتادة، قال: بين أول نزول القرآن وآخره عشرون سنة ليثبت الله به قلب محمد عليه السلام، ألم تسمع في قوله: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} وقال {وقرءانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} كذلك قرأها أُبَيُّ.
قال أبو عبد الله بن خالويه: حدثني أبو القاسم المروزي، قال: حدثنا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/18]
الحسين بن أبي ربيع، قال: حدثنا عبد الرزاق عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير قال: وذكره السدي والأعمش قالوا: «نزل جبريل عليه السلام بالقرآن جملة واحدة ليلة القدر فجعل بموضع النجوم من السماء الدنيا في بيت العزة فجعل جبريل عليه السلام ينزل به على محمد عليه السلام». وروى قتادة عن ابن أبي المليخ عن واثلة أن النبي عليه السلام قال: «نزل صحف إبراهيم صلى الله عليه وسلم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست منها، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة منها، وأنزل الزبور لثمان عشرة منها، والقرآن لأربع وعشرين منها».
وقال عبد الله بن دينار وكان يقرأ الكتاب الأول-:
قال: «نزل الزبور على داود بعد التوراة بأربعمائة عام ونيف، والإنجيل بعد الزبور بألف عام، والقرآن على محمد رضي الله عنه بعد الإنجيل بثمانمائة عام».
وقال شيبان عن قتادة في قوله: {وأنزل الفرقان} قال: هو القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم فأحل حلاله، وحرم حرامه، فرض فرائضه، وحد حدوده وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته، وشرع فيه شرائعه، وبين فيه دينه وأول يوم نزل فيه جبريل بالرسالة على النبي عليه السلام لسبع وعشرين من رجب. واحتج أصحاب هذا القول بما حدثني به ابن مجاهد قال: حدثني موسى بن إسحاق، قال: حدثنا هرون بن حاتم، قال: حدثنا عبد الرحمن عن عيسى الهمذاني، عن المسيب بن عبد خير، قال: عمر رضي الله عنه: «من علم فليعلم، ومن لم يعلم فليسأل العلماء؛ لأن القرآن نزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف». وقال: حدثني محمد بن حفص، قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ، قال: حدثنا عثمان بن صالح، قال: أخبرني ابن وهب قال: أخبرني
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/19]
سليمان بن بلال، قال: حدثني محمد بن عجلان عن عسدي المقرئ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، ولكن لا تختموا آية رحمة بعذاب، ولا تختموا ذكر عذاب برحمة».
حدثني أبو عبد الله الفقيه، قال: حدثنا عن عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثني أخي عن سليمان عن محمد بن عجلان، عن أبي اسحق الهمذاني، عن الأبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية ظهر وبطن».
وقال آخرون: بل نزل القرآن بلغة قريش، وبحرف واحد نحو: {مالك يوم الدين} بأسرها، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم -تسهيلاً على أمته- أن يقرأ كل قوم بلغتهم، وهي سبع لغات متفرقة في القرآن.
وحدثني أبو حفص القطان قراءةً عليه، قال: حدثنا الحساني قال: حدثنا وكيع عن رجل لم يسمه عن مجاهد قال: «نزل القرآن بلغة قريش». قال: وحدثنا الحساني، قال: حدثنا وكيع، قال حدثنا ابن أبي ذيب عن الزهري قال: الماعون: المال بلسان قريش، كذا قال: المال.
وأخبرني ابن دريد رحمة الله عليه- عن أبي حاتم عن أبي عبيدة:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/20]
الماعون: الماء، وأنشد.
* يمج صبيره الماعون صبا *
وقال غيره: الماعون: نحو الملح، والنار، والفأس، والدلو، والقدر، والقداحة.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/21]
وقال آخرون: الماعون الزكاة، وينشد للراعي:
قوم على الإسلام لما يمنعوا ....... ماعونهم ويضيعوا التهليلا
اعلم أن الاختلاف في القراءة يكون لاختلاف إعراب كقوله: {الزانية والزاني فاجلدوا} يقرأ رفعًا ونصبًا، النصب عيسى بن عمر، والرفع الناس. وكذلك {السارق والسارقة}.
ويكون باختلاف الحروف {يقضي الحق} و{ويقص الحق} {وما هو على الغيب بظنين} و{بضنين} و{وقد شغفها حبا} و{شعفها} قرأ بالعين عمر بن عبد العزيز وأبو رجاء.
ويكون بالزيادة والنقصان، كقوله: {وفيها ما تشتهيه الأنفس}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/22]
و{تشتهي}، وكقراءة الحسن {أفمن هذا الحديث تعجبون تضحكون} بغير واو.
ويكون بالتقديم والتأخير كقراءة أبي بكر الصديق رضي الله عنه {وجاءت سكرة الموت بالحق} قرأ أبو بكر {سكرة الحق بالموت} وكل ذلك صوابٌ، وإن كانت القراءة لا تجوز إلا بما عليه هؤلاء الأئمة السبعة؛ لأن الاختلاف على ضربين:
اختلاف تغاير، وليس ذلك بحمد الله- في القرآن.
فأما اختلاف اللفظين والمعنى واحد فلا بأس بذلك، أما سمعت قول عبد الله: إنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال! وكان يقرأ {كالصوف المنقوش} وكان يقرأ: {إن كانت إلا زقية واحدة} وفي قراءتنا {صيحة واحدة} والزقية والصيحة سيان، وفي حرف عبد الله {صفراء لذة للشاربين} وفي قراءتنا {بيضاء لذة للشاربين} ونحو قوله: {واذكر بعد
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/23]
أمة} أي: بعد حين، وقرأ ابن عباس: {بعد أمة} أي: نسيان؛ لأنه اذكر بعد مدة. لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد عجب مما أعطاه الله من الفضل وسخر منه المشركون. وقد عجب الله تعالى من عظيم ما نال المشركون من الله، وقد قال الله تعالى: {إن تعجب فعجب} وقوله تعالى: {بل عجبت وبل عجبت ويسخرون}، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عجب ربكم من ألكم وقنوطكم». غير أن العجب من الله تعالى بخلاف ما يكون من المخلوقين، كما أن المخادعة والمكر والحيلة والنسيان منه على خلاف ما يكون منا، ومعنى ألكم: الضجيج ورفع الصوت بالدعاء. فالأل: رفع الصوت والأل: سرعة المشي، والأل: مصدر أله بالحربة ألا، والحربة يقال لها: الألة.
وحدثني أحمد بن عبدان المقرئ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال: سمعت الكسائي يخبر عن زائدة عن الأعمش عن شقيق بن سلمة، قال: قرأت عند شريح: {بل عجبت} فقال: إن الله لا يعجب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/24]
من الشيء وإنما يعجب من لا يعلم، قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: إن شريحًا كان يعجب بعلمه، وكان عبد الله أعلم منه، فكان يقول: {بل عجبت} وكذلك قوله تعالى: {كيف ننشرها} أي نحييها، من قوله تعالى: {ثم إذا شاء أنشره} يقال: نشر الميت إذا حيي، وأنشره الله، قال الأعشى:
لو أسندت ميتا إلى نحرها ...... عاش ولم ينقل إلى قابر
حتى يقول الناس مما رأوا .......يا عجبًا للميت الناشر
و{كيف ننشزها}: كيف نحركها بالزاي، والمعنيان متقاربان؛ لأنه إذا تحرك فقد حيي، وإذا حيي فقد تحرك، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءته بالحروف كنحو ما قد مضى، وكرواية أم سلمة عنه: {ملك يوم الدين} وروى عنه غيرها {ملك} بالسند الصحيح، ففي ذلك وضوح ما ورد علينا من القراءة على لفظتين فصاعدًا غير مخالف للمصحف والإعراب، وتوارثته الأئمة غير متضاد فيها المعنى كما قال تعالى: {ولو كان من عند غير الله
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/25]
لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} يعني اختلاف التغاير، لا اختلاف الإعراب والحروف. ومما يوضح ذلك أيضًا ما حدثناه محمد بن عبيد الفقيه، قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن القارئ، قال: حدثنا سويد عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عبد الرحمن أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة (الفرقان) على غير ما أقرؤها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها فكدت أعجل عليه فأمهلته حتى انصرف، ثم لببته برداء، فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة (الفرقان) على غير ما أقرأتنيها؟! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ، فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت. ثم قال لي: اقرأ، فقرأت فقال: هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه».
وحدثنا أبو القاسم البغوي، قال: حدثنا محمد بن زياد، قال: حدثنا أبو شهاب الحناط، عن داود بن أبي هند، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: جلس ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على بابه فقال بعضهم: إن الله قال في آية كذا وكذا، وقال بعضهم: لم يقل كذا!
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما فقُئ في وجهه الرُّمان؛ أي: حب الرمان وقال: «أبهذا أمرتم، أو بهذا بعثتم؟! إنما ضلت الأمم في مثل هذا انظروا ما أمرتم به فاعملوا به، وما نهيتم عنه فانتهوا» ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/26]


رد مع اقتباس