عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 08:37 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أقام عليهم الحجة في أمر الأصنام بأنهم يقرون بأن الله تعالى خالق المخلوقات، ويدعون مع ذلك إلها غيره، والمعنى: قل الحمد لله على ظهور الحجة عليكم. وقوله تعالى: {بل أكثرهم} إضراب عن مقدر، تقديره ليس دعواهم بحق، ونحو هذا، وقوله: "أكثرهم" على أصله; لأن منهم من شذ فعلهم كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل. ويحتمل أن تكون الإشارة أيضا إلى من هو معد أن يسلم). [المحرر الوجيز: 7/ 57]

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر على جهة الحكم وفصل القضية بأن الله عز وجل له ملك السماوات والأرض وما فيهما، أي: وأقوال هؤلاء لا معنى لها ولا حقيقة، والمعنى: الذي لا حاجة به في وجوده وكماله إلى شيء، ولا نقص بجهة من الجهات، و"الحميد" المحمود، أي: كذلك هو بذاته وصفاته). [المحرر الوجيز: 7/ 57]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم * ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير}
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سبب هذه الآية أن اليهود قالت: يا محمد، كيف عنينا بهذا القول وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ونحن قد أوتينا التوراة فيها كلام الله وأحكامه، وعندك أنها تبيان كل شيء؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التوراة قليل من كثير"، ونزلت هذه الآية، وهذا هو القول الصحيح، والآية مدنية. وقال قوم: إن سبب الآية أن قريشا قالت: سيتم هذا الكلام لمحمد وينحسر، فنزلت. وقال السدي: قريش: ما أكثر كلام محمد، فنزلت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والغرض منها الإعلام بكثرة كلمات الله تعالى، وهي في نفسها غير متناهية، وإنما قرب الأمر على أفهام البشر بما يتناهى; لأنه غاية ما يعهده البشر من الكثرة، وأيضا فإن الآية إنما تضمنت أن كلمات الله تعالى لم تكن لتنفد، وليس تقتضي الآية أنها تنفد بأكثر من هذه الأقلام والبحور.
قال أبو علي: المراد بالكلمات - والله أعلم - ما في المقدور دون ما أخرج منه إلى الوجود. وذهبت فرقة إلى أن (الكلمات) هنا إشارة إلى المعلومات.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول ينحو إلى الاعتزال من حيث يرون في الكلام أنه مخلوق، نور الله تعالى قلوبنا بهداه.
وقرأ أبو عمرو وحده من السبعة، وابن أبي إسحاق، وعيسى: "والبحر" بالنصب عطفا على "ما" التي هي اسم "أن"، وقرأ جمهور الناس: "والبحر" بالرفع على أنه ابتداء، وخبره في الجملة التي بعده; لأن تقديره: "هذه حاله"، كذا، قدرها سيبويه، وقال بعض النحويين: هو عطف على "أن"; لأنها في موضع رفع بالابتداء. وقرأ جمهور الناس: "يمده"، من "مد"، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "يمده" من "أمد"، وقالت فرقة: هما بمعنى واحد، وقالت فرقة: مد الشيء بعضه بعضا، وأمد الشيء ما ليس منه، فكأن الأبحر السبعة المتوهمة ليست من البحر الموجود. وقرأ جعفر بن محمد: "والبحر مداده"، وهو مصدر، وقرأ ابن مسعود: "وبحر يمده"، وقرأ الحسن: "ما نفد كلام الله").[المحرر الوجيز: 7/ 57-59]

تفسير قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى أمر الخلق والبعث أنه في الجميع وفي شخص واحد بالسواء; لأنه كله "بكن فيكون" قاله مجاهد، وحكى النقاش أن هذه الآية في أبي بن خلف، وأبي الأسود وبنيه، ومنبه بن الحجاج، وذلك أنهم قالوا: يا محمد، إنا نرى الطفل يخلق بتدريج وأنت تقول: الله يعيدنا دفعة واحدة، فنزلت الآية بسببهم). [المحرر الوجيز: 7/ 59]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير}
هذا تنبيه خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به جميع العالم، وهذه عبرة تدل على الخالق المخترع أن يكون الليل بتدرج، والنهار كذلك، فما قصر من أحدهما زاد في الآخر، ثم بالعكس ينقسم بحكمة بارئ العالم، لا رب غيره.
و"يولج" معناه: يدخل، و"الأجل المسمى": القيامة التي تنتقض فيها هذه البنية وتكور الشمس. وقرأ جمهور القراء: "بما تعملون" بالتاء من فوق، وقرأ عباس عن أبي عمرو "يعملون" بالياء.
وقوله تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق}، الإشارة بـ"ذلك" إلى هذه العبرة وما جرى مجراها، ومعنى هو الحق أي: صفة الألوهية له حق، فيحسن في القول تقدير "ذو"، وكذلك الباب متى أخبر بمصدر عن عين، فالتقدير: ذو كذا، و"حق" مصدر، ومنه قول الشاعر:
فإنما هي إقبال وإدبار
وهذا كثير. ومتى قلت: كذا وكذا حق، فإنما معناه: اتصاف كذا بكذا حق.
وقوله: {وأن ما يدعون} يصح أن يريد الأصنام، وتكون "ما" بمعنى "الذي"، ويكون الإخبار عنها بالباطل على نحو ما قدمناه في "الحق"، ويصح أن تكون "ما" مصدرية، كأنه قال: وأن دعاءكم آلهة من دونه الباطل، أي الفعل الذي لا يؤدي إلى الغاية المطلوبة به. وقرأ الجمهور: "تدعون" بالتاء من فوق، وقرأ: "يدعون" بالياء ابن وثاب، والأعمش، وأهل مكة، ورويت عن أبي عمرو. وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 7/ 59-60]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور * وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور}
الرؤية في قوله: "ألم تر" رؤية العين يتركب عليها النظر والاعتبار، والمخاطب محمد صلى الله عليه وسلم والمراد الناس أجمع. و"الفلك" جمع وواحد بلفظ واحد. وقرأ موسى بن الزبير: "الفلك" بضم اللام. وقوله: "ألم تر" يحتمل أن يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق، فالباء للإلصاق، ويحتمل أن يريد: بالريح وتسخير الله تعالى البحر ونحو هذا، فالباء باء السبب. وقرأ الجمهور: "بنعمة"، وقرأ ابن أبي عبلة: "بنعمات" بفتح النون وكسر العين.
وذكر تعالى من صفة المؤمن الصبار والشكور على الضراء والسراء، وقال الشعبي: "الصبر نصف الإيمان، والشكر نصفه الآخر، واليقين الإيمان كله"). [المحرر الوجيز: 7/ 60-61]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وغشي: غطى، أو قارب، و"الظلل": السحاب، وقرأ محمد بن الحنفية: "كالظلال" ومنه قول النابغة يصف البحر:
يماشيهن أخضر ذو ظلال ... على حافاته فلق الدنان
ووصف تعالى في هذه الآية حالة البشر الذين لا يعتبرون حق العبرة، والقصد بالآية تبيين آية تشهد العقول بأن والأصنام والأوثان لا شركة لها فيها ولا مدخل.
وقوله تعالى: {فمنهم مقتصد}، قال الحسن: منهم مؤمن يعرف حق الله تعالى في هذه النعم، وقال مجاهد: يريد: فمنهم مقتصد على كفره، أي: منهم من يسلم لله تعالى ويفهم نحو هذا من القدرة، وإن ضل في الأصنام من جهة أنه يعظمها بسيرته ولسانه.
و"الختار": القبيح الغدر، وذلك أن نعم الله تعالى على العباد كأنها عهود ومنن يلزم عنها أداء شكرها والعبادة لمسديها، فمن كفر ذلك وجحد به فكأنه ختر وخان، ومن الختر قول عمرو بن معدي يكرب الزبيدي:
فإنك لو رأيت أبا عمير ... ملأت يديك من غدر وختر
وقال الحسن: الختار هو الغدار. و"كفور" بناء مبالغة). [المحرر الوجيز: 7/ 61]

رد مع اقتباس