عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 08:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير}
هذه آية تنبيه على الصنعة الدالة على الصانع، وذلك أن تسخير هذه الأمور العظام كالشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والحيوان والنبات إنما هو بمسخر ومالك. وقرأ يحيى بن عمارة، وابن عباس: "وأصبغ" بالصاد على بدلها من السين; لأن حروف الاستعلاء تجتذب السين من سفلها إلى علوها فتردها صادا، والجمهور قراءتهم بالسين. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم، والحسن، والأعرج، وأبو جعفر، وابن نصاح، وغيرهم: "نعمه"، جمع نعمة كسدرة وسدر بفتح الدال، و"الظاهرة" هي الصحة وحسن الخلقة والمال وغير ذلك، و"الباطنة" المعتقدات من الإيمان ونحوه، والعقل. قال ابن عباس رضي الله عنهما: الظاهرة: الإسلام وحسن الخلقة، والباطنة: ما ستر من سيئ العمل، وفي الحديث: "قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد عرفنا الظاهرة، فما الباطنة؟ قال: ستر ما لو رآك الناس عليه لمقتوك".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومن الباطنة التنفس والهضم والتغذي وما لا يحصى كثرة، ومن الظاهرة عمل الجوارح بالطاعة، قال المحاسبي: الظاهرة: نعم الدنيا، والباطنة: نعم العقبى. وقرأ جمهور الناس: "نعمة" على الإفراد، فقال مجاهد: المراد "لا إله إلا الله"، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أراد الإسلام، والظاهر عندي أنه اسم جنس، كقوله تبارك وتعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}.
ثم عارض بالكفرة منها على فساد حالهم، وهم المشار إليهم بقوله تعالى: {ومن الناس}، وقال النقاش: الإشارة إلى النضر بن الحارث ونظرائه; لأنهم كانوا ينكرون الله ويشركون الأصنام في الألوهية، فذلك جدالهم، وبغير علم أي: لم يعلمهم من يقبل قوله، ولا عندهم هدى قلب ولا نور بصيرة يقيمون بها حجة، ولا يبتعون بذلك كتابا بأمر الله يبشر بأنه وحي، بل ذلك دعوى منهم وتخرص، وإذا دعوا إلى اتباع وحي الله رجعوا إلى التقليد المحض بغير حجة، فسلكوا طريق الآباء.
ثم وقف الله تعالى - وهم المراد بالتوقيف - على اتباعهم دين آبائهم، أيكون وهم بحال من يصير إلى عذاب السعير؟ فكأن القائل منهم يقول: هم يتبعون دين آبائهم ولو كان مصيرهم إلى السعير، فدخلت ألف التوقيف على حرف العطف كما كان اتساق الكلام، فتأمله). [المحرر الوجيز: 7/ 54-55]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور * ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور * نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ * ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون * لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد}
لما ذكر الله تعالى حال الكفرة أعقب ذلك بذكر حال المؤمنين ليتبين الفرق وتتحرك النفوس إلى طلب الأفضل. وقرأت عامة القراء: "يسلم" بسكون السين وتخفيف اللام، وقرأ عبد الله بن مسلم، وأبو عبد الرحمن: "يسلم" بفتح السين وشد اللام، ومعناه يخلص ويوجه ويستسلم به، و"الوجه" هنا الجارحة، استعير للقصد; لأن القاصد للشيء فهو مستقبله بوجهه، فاستعير ذلك للمعاني، و"المحسن" الذي جمع القول والعمل، وهو الذي شرح رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله جبريل عليه السلام.
و"العروة الوثقى" هي استعارة للأمر المنجي الذي لا يخاف عليه استحالة ولا إخلال، والعرى موضع التعليق، فكأن المؤمن متعلق بأمر الله تبارك وتعالى، فشبه ذلك بالعروة، و"الأمور" جمع أمر وليس بالمضاد للنهي). [المحرر الوجيز: 7/ 55-56]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم سلى عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام عن موجدته لكفر قومه وإعراضهم، فأمره أن لا يحزن لذلك، بل يعمد لما كلفه من التبليغ ويرجع الكل إلى الله تعالى. وقرأت فرقة: "يحزنك" من الرباعي، وقرأت فرقة: "يحزنك" من الثلاثي، و"ذات الصدور" ما فيها، والقصد من ذلك: إلى المعتقدات والآراء، ومن ذلك قولهم: "الذئب مغبوط بذي بطنه"، ومنه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: "ذو بطن بنت خارجة "). [المحرر الوجيز: 7/ 56-57]

تفسير قوله تعالى: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"المتاع القليل" هو العمر في الدنيا، و"العذاب الغليظ" معناه: المغلظ المؤلم). [المحرر الوجيز: 7/ 57]

رد مع اقتباس