عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 11:01 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم ذكر الله تعالى مقالة موسى وذلك ضرب مثل للمؤمنين الذين يقولون ما لا يفعلون ذكرهم الله تعالى بقوم آذوا نبيهم على علم منهم بنبوته وزاغوا ف أزاغ اللّه قلوبهم، أي فاحذروا أيها المؤمنون أن يصيركم العصيان، وقول الباطل إلى مثل حالهم، وقال أبو أمامة: هم الخوارج، وقال سعد بن أبي وقاص: هم الحرورية، المعنى: أنهم أشباههم في أنهم لما زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم، وقوله لم تؤذونني تقرير، والمعنى تؤذونني بتعنيتكم وعصيانكم واقتراحاتكم، وهذه كانت أفعال بني إسرائيل، وانظر إنه تعالى أسند الزيغ إليهم لكونه فعل حطيطة، كما قال الله تعالى: نسوا اللّه فأنساهم [الحشر: 19] وهذا يخالف قوله تعالى: ثمّ تاب عليهم ليتوبوا [التوبة: 118] فأسند التوبة إلى نفسه لكونها فعل رفعة ومنه قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: وإذا مرضت فهو يشفين [الشعراء: 80]، و «زاغ» معناه: مال، وصار عرفها في الميل عن الحق، وأزاغ اللّه قلوبهم معناه: طبع عليها وختم وكثر ميلها عن الحق، وهذه العقوبة على الذنب بالذنب، وأمال ابن أبي إسحاق: زاغوا). [المحرر الوجيز: 8/ 293-294]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول اللّه إليكم مصدّقاً لما بين يديّ من التّوراة ومبشّراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحرٌ مبينٌ (6) ومن أظلم ممّن افترى على اللّه الكذب وهو يدعى إلى الإسلام واللّه لا يهدي القوم الظّالمين (7) يريدون ليطفؤا نور اللّه بأفواههم واللّه متمّ نوره ولو كره الكافرون (8)
المعنى: «واذكر يا محمد إذ قال عيسى»، وهذا مثل آخر ضربه الله تعالى لكفار قريش، وحكي عن موسى أنه قال: يا قوم [الصف: 5] وعن عيسى أنه قال: يا بني إسرائيل من حيث لم يكن له فيهم أب، ومصدّقاً، حال مؤكدة، ومبشّراً عطف عليه، وقوله تعالى: يأتي من بعدي، وقوله: اسمه أحمد جملتان كل واحدة منهما في موضع خفض على الصفة لرسول، وأحمد فعل سمي به، ويحتمل أن يكون أفعل كأسود، وهو في هذه الآية الكلمة لا الشخص، وليست على حد قولك جاءنا أحمد لأنك هاهنا أوقعت الاسم على مسماه، وفي الآية إنما أراد: اسمه هذه الكلمة، وذكر أبو علي هذا الغرض ومنه ينفك إعراب قوله تعالى يقال له إبراهيم [الأنبياء: 60]، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر: «بعدي» بفتح الياء، وقوله تعالى: فلمّا جاءهم بالبيّنات، الآية يحتمل أن يريد عيسى، وتكون الآية وما بعدها تمثيلا بأولئك لهؤلاء المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون التمثيل قد فرغ عند قوله: اسمه أحمد، ثم خرج إلى ذكر أحمد لما تطرق ذكره، فقال مخاطبة للمؤمنين، فلمّا جاء أحمد هؤلاء الكفار قالوا هذا سحرٌ مبينٌ، و «البينات» هي الآيات والعلامات، وقرأ جمهور الناس: «هذا ساحر» إشارة إلى ما جاء به، وقرأ ابن مسعود وطلحة والأعمش وابن وثاب: «هذا سحر» إشارة إليه بنفسه). [المحرر الوجيز: 8/ 294]


رد مع اقتباس