عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 06:16 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

القراءات في قول الله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}

قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (2 - وَاخْتلفُوا فِي قَوْله {الصِّرَاط} فِي السِّين وَالصَّاد وَالزَّاي والإشمام
فَقَرَأَ ابْن كثير (السراط) بِالسِّين فِي كل الْقُرْآن فِي رِوَايَة القواس وَعبيد بن عقيل عَن شبْل
وروى البزي وَعبد الْوَهَّاب بن فليح عَن أصحابهما عَن ابْن كثير بالصَّاد فِي كل الْقُرْآن
وروى عبيد بن عقيل عَن أبي عَمْرو أَنه كَانَ يقْرَأ (السراط) بِالسِّين
وروى هرون الْأَعْوَر عَن أبي عَمْرو أَنه كَانَ رُبمَا قَرَأَ بِالسِّين وَرُبمَا قَرَأَ بالصَّاد
وروى الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو أَنه قَرَأَ (الزراط) بالزاي خَالِصَة وروى اليزيدي وَعبد الْوَارِث بالصَّاد عَنهُ فِي جَمِيع الْقُرْآن
وروى عُرْيَان بن أبي سُفْيَان عَن أبي عَمْرو أَنه كَانَ يقْرَأ بَين الصَّاد وَالزَّاي مثل حَمْزَة
الْبَاقُونَ {الصِّرَاط} بالصَّاد غير أَن حَمْزَة كَانَ يشم الصَّاد فيلفظ بهَا بَين الصَّاد وَالزَّاي وَلَا يضبطها الْكتاب
وَقَالَ الْكسَائي عَن حَمْزَة إِنَّه كَانَ يفعل ذَلِك بالصَّاد الساكنة خَاصَّة وَلَا يَفْعَله بالمتحركة كَانَ يقْرَأ (الزراط) بالزاي وَيقْرَأ {صِرَاط الَّذين} بالصَّاد
وَكَانَ سليم يحْكى ذَلِك فِي الساكنة والمتحركة
قَالَ خلف وَكَذَلِكَ إِذا سكنت وَأَتَتْ بعْدهَا دَال مثل {قصد السَّبِيل} النَّحْل 9 و{يصدر الرعاء} الْقَصَص 23 و{يصدفون} الْأَنْعَام 46 و{المصيطرون} الطّور 37 و{بمصيطر} الغاشية 22
وَكَانَ الْفراء يحْكى عَن حَمْزَة (الزراط) بالزاي خَالِصَة ويحكى ذَلِك فِي الصَّاد الساكنة فَقَط فَإِذا تحركت لم يقلبها زايا
حَدثنِي حسن الْجمال قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى الْأَصْبَهَانِيّ
قَالَ حَدثنَا خَلاد قَالَ لم يقْرَأ سليم {الصِّرَاط} إِلَّا بالصَّاد إِلَّا أَن سليما كَانَ يقْرَأ فِي الصَّلَاة بشبه الزَّاي فِي هَذِه وَحدهَا وَلم يكن يشم الصَّاد الزَّاي فِي الْقُرْآن كُله غَيرهَا ويصفى الصَّاد فِي الْقُرْآن كُله
وَكَانَ الْكسَائي يُتَابع حَمْزَة فِي {قصد} و{يصدر الرعاء} وَمَا كَانَ مثل ذَلِك
وحَدثني مُحَمَّد بن يحيى الْكسَائي عَن خلف قَالَ سَمِعت الْكسَائي يَقُول السِّين فِي {الصِّرَاط} أَسِير فِي كَلَام الْعَرَب وَلَكِنِّي أَقرَأ بالصَّاد أتبع الْكتاب الْكتاب بالصَّاد
وَأما الْبَاقُونَ فكلهم يصفى الصَّاد فِي ذَلِك كُله
وَاخْتلف عَن الْكسَائي فِي {المصيطرون} و{بمصيطر} وَسَتَأْتِي فِي موَاضعهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَالسِّين الأَصْل وَالْكتاب بالصَّاد وَإِنَّمَا كتبت بالصَّاد ليقربوها من الطَّاء لِأَن الطَّاء لَهَا تصعد فِي الحنك وَهِي مطبقة وَالسِّين مهموسة وَهِي من حُرُوف الصفير فثقل عَلَيْهِم أَن يعْمل اللِّسَان منخفضا ومستعليا فِي كلمة وَاحِدَة فقلبوا السِّين إِلَى الصَّاد لِأَنَّهَا مؤاخية للطاء فِي الإطباق ومناسبة للسين فِي الصفير ليعْمَل اللِّسَان فيهمَا متصعدا فِي الحنك عملا وَاحِدًا
وَأما إمالة الصَّاد إِلَى الزَّاي فَلِأَن الصَّاد وَإِن كَانَت من حُرُوف الإطباق فَهِيَ مهموسة والطاء مجهورة فقلبت الصَّاد إِلَى حرف مجهور مثلهَا مؤاخ للصاد بالصفير ليَكُون مجهورا كالطاء
وَكَذَلِكَ القَوْل فِي {قصد} و{يصدر} و{يصدفون} من نحا بهَا نَحْو الزَّاي فلعلة الهمس والجهر). [السبعة في القراءات: 105 - 107]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ({الصراط} بإشمام الزاي، حمزة إلا العجلي، وبرواية خلاد، وابن سعدان يشم ههنا فقط.
[الغاية في القراءات العشر: 138]
النقاش يشم ما فيه الألف واللام. أبو حمدون عن الكسائي بإشمام السين، رويس بالسين). [الغاية في القراءات العشر: 139]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ({الصراط} [6]: بإشمام الزاي حيث جاء عيسى، ونهشلي وحمزه غير العجلي وعلي وابن لاحق ورويم، والحلواني والبزاز عن خلاد، والدوري، طريق العلاف. بالوجهين الجعفي، وابن أبي حماد.
ويشم محمد بن بحرٍ،
[المنتهى: 2/542]
والضبي المعرفة. وافق خلاد من طريق الزريري في الأولة.
وروى ابن سلم طريق الجعفي: إذا حقق أشم،
[المنتهى: 2/543]
وإذا حدر أشم في «الحمد» فقط. بالزاي أبو حمدون، عن سليم .
بالسين ويس، وقنبل إلا ابن الصلت، والربعي، والهاشمي، بإشمام السين أبو حمدون، عن علي.
[المنتهى: 2/544]
بإشمامها إذا سكنت وبعدها دال هما، وخلف إلا الحلواني، عن خلاد، وابن لاحق، وافق رويس طريق النخاس في {يصدر} [القصص: 23، الزلزلة: 6] فيهما).[المنتهى: 2/542]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ قنبل (السراط) و(سراط الذين) بالسين حيث وقع، وقرأ خلف بين الصاد والزاي، وقرأ الباقون بالصاد). [التبصرة: 61] (م)
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (خلف: {الصّراط} و:{صراط}، حيث وقعا: بإشمام الصّاد الزّاي.
وخلاد: بإشمامها الزّاي في قوله عز وجل: {الصّراط المستقيم} هنا خاصّة.
وقنبل: بالسّين حيث وقعا.
والباقون: بالصّاد). [التيسير في القراءات السبع: 126] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :( [وخلف عن حمزة]: الصّراط وصراط حيث وقعا بإشمام الصّاد [الزّاي] وخلاد بإشمامها الزّاي في قوله تعالى: {الصّراط المستقيم} [هنا] خاصّة، وقنبل ورويس: بالسّين حيث وقعا، والباقون بالصّاد). [تحبير التيسير: 186] (م)
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (الصِّرَاطَ) بالسين حيث وقع الْجَحْدَرِيّ، ومجاهد، والأعرج، وابن مُحَيْصِن، والقواس غير الربعي، وابْن الصَّلْتِ، والزَّيْنَبِيّ، وعبيد بن عقيل عن أَبِي عَمْرٍو، ورُوَيْس، وابْن قُرَّةَ عن يَعْقُوب، وأبو حمدون، وخلف عن الكسائي، وافقهم الْأَعْمَش إذا كان فيه الألف واللام وقال الشيخان أبو الفضل الْخُزَاعِيّ وأبو الحسين الْخَبَّازِيّ أبو حمدون عن علي بإشمام السين أبو حمدون عن سليمان، والأصمعي عن أَبِي عَمْرٍو، وابن أبي شريح،
[الكامل في القراءات العشر: 478]
والشيزري عن علي بإشمام الصاد زايا الشيزري عن خَلَّاد، والنهشلي طريق ابن أملي، وحَمْزَة غير العجلي، وأبي الحسن بن لاحق، ورويم، والحلواني البزاز عن خَلَّاد، والدُّورِيّ طريق العلاف، وعنبسة غير الْخَبَّازِيّ قال الْخُزَاعِيّ: ابن أبي حماد والجعفي بالوجهين، ويشم ابن يحيى، والضبي، وأَبُو عَمْرٍو غير العلاف بالمعرفة، وافق خَلَّاد عن طريق الزريري في (اهْدِنَا الصِّرَاطَ) فقط قال الْخُزَاعِيّ: قال ابن سلم طريق الجعفي إذا حقق أشم وإذا حدر أشم في الحمد فقط بإشمامها إذا سكنت وبعدها دال مثل (قَصْدُ)، (وَتَصْدِيَة)، و(يُصْدِر) الأخوان وخلف غير الحلواني عن خَلَّاد وابن لاحق.
قال أبو الحسين: غير العجلي وابن العلاف، وافقه ابن مهران في العجلي وكذلك الرَّازِيّ وافق رويم في (يُصْدِر) فيهما قال الرَّازِيّ: حيث وقع، قال العراقي: خلف في اختياره بالصاد وهو خطأ والاختيار الصاد بحرف الإطباق غير نصب، الخليل وسليمان بن إسماعيل عن ابْن كَثِيرٍ وابن أبي عبلة، وأبو حيوة، والاختيار الكسر كالباقين، لأنه بدل أو نعت). [الكامل في القراءات العشر: 479]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([6، 7]- {الصِّرَاطَ}، و{صِرَاطَ} حيث وقعا، بالسين: قنبل.
بإشمامه الزاي: خلف، وافقه خلاد في {الصِّرَاطَ} فقط.
وكذلك قال الضبي عن أصحابه). [الإقناع: 2/595] (م)
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (108 - .... .... .... .... = وَعَنْدَ سِرَاطِ وَالسِّرَاطَ لِ قُنْبُلاَ
109 - بِحَيْثُ أَتَى وَالصَّادُ زَاياً أشِمَّهَا = لَدَى خَلَفٍ وَاشْمِمْ لِخَلاَّدِ الاَوَّلاَ). [الشاطبية: 9] (م)
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): (وقوله: لـ (قنبلا)، أي اتبعه ، من : ولي هذا هذا، إذا جاء بعده في الرتبة، وهو فعل أمر، و(قنبلا) مفعول.
والصراط، أصله السين؛ لأنه من الاستراط ، وهو الابتلاع ، كأنه يبتلع سالكيه، وقيل له لقمٌ، من ذلك.
وأهل الحجاز يقولون: صراط بالصاد، قصدًا للمجانسة والمشاكلة؛ لأن السين لا تُجانس الطاء، والصاد تجانسها. أما الطاء فتجانسها في الإطباق والاستعلاء. وأما السين فتجانسها في الصفير والهمس والمخرج ، فعدلوا إليها هذا التوسط.
ومن أشم الصاد زايًا، بالغ في طلب المشاكلة؛ لأنها تزيد على الصاد بالجهر الموافق للطاء). [فتح الوصيد: 2/217] (م)
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ( [108] ومالك يوم الدين راويه ناصرٌ = وعند سراطٍ والسراط لقنبلا
[109] بحيث أتى والصاد زايًا أشمها = لدى خلفٍ واشمم لخلاد الاولا
ب: (ل): ارمٌ من الولاء، بمعنى: أتبع، (الإشمام): من (أشممته الطيب): إذا أوصلت إليه شيئًا يسيرًا مما يتعلق به، وهو الرائحة، والإشمام عندهم على أربعة أنواع:
[1]- خلط الحرف بالحرف، كما في {الصراط} [الفاتحة: 6]، و {بمصيطر} [الغاشية: 22].
[2] وخلط الحركة بالحركة، كما في {غيض} [هود: 44]، و{قيل} [البقرة: 11].
[3] وخلط الإسكان بالتحريك كما في {تأمنا} [يوسف: 11].
[4] وضم الشفتين بعد سكون الحرف، وسيأتيك في باب الوقف.
[كنز المعاني: 1/351]
ح: (مالك): مبتدأ، (راويه): مبتدأ ثانٍ، (ناصرٌ): خبره، والجملة: خبر المبتدأ الأول، و (قنبلا): مفعول (ل)، (بحيث أتى): ظرف الأمر، والباء: زائدة، و(الصاد زايًا أشمها) من باب الإضمار على شريطة التفسير، والمختار نصب (الصاد)- لوقوع الأمر بعده على المفعول الأول، و(زايًا): مفعول ثانٍ، أي: أشمم الصاد زايًا، و(الأولا): صفة موصوف محذوف، أي: الصراط الأول، وهمزة (أشمم) حذفت مع أنها همزة قطع للضرورة.
ص: أي: لفظ {ملك يوم الدين} [3] يقرأه بالمد الكسائي وعاصم المرموزان بالراء والنون، وغيرهما بحذف المد، وهذا مما استغنى باللفظ عن القيد، فلم يقل: ومالك بالمد.
وأتبع قنبلًا في لفظ {صراط} [7]، و {الصراط} [6] باللام أو مجردًا عنها حيث وقع في القرآن، أي: اقرأهما على مذهب قنبل بصريح السين، وهذا أيضًا مما اكتفى باللفظ عن القيد.
وأشمم الصاد زايًا في {صراط} [7]، و {الصراط} [6] حيث وقع
[كنز المعاني: 1/352]
عند خلف عن حمزة، وأشمم الصاد زايًا في {الصراط} الذي وقع أولًا في القرآن وهو: {اهدنا الصراط المستقيم} [6] لخلاد عنه، والباقون: بالصاد الصريح في كل القرآن.
أما التصريح بالسين: فلأنها الأصل؛ لأن السراط من الاستراط، وهو الابتلاع، سمي الطريق به لأنه يبتلع السابلة. وأما الصاد: فلكراهة الخروج من السين وهو حرف مهموس مستفل إلى الطاء وهو حرف مجهور مستعلٍ-، فطلبوا التجانس بقلب السين صادًا لاشتراكهما في الصفير والهمس والمخرج، واشتراك الصاد والطاء في الإطباق والاستعلاء.
وأما إشمام الزاي: فللمبالغة في طلب التجانس لزيادة الزاي على الصاد بالجهر.
والحاصل: أن قنبلًا عن ابن كثير قرأ في كل القرآن {صراط} [7]، و{الصراط} [6] بالسين الصريح، وخلفًا عن حمزة بإشمام الصاد زايًا في كل القرآن، وخلادًا عنه بالإشمام في {الصراط المستقيم} [6] فقط، وفيما عداه بالصاد الصريح، والباقون وهم: نافع والبزيّ وأبو عمرو وابن عامر
[كنز المعاني: 1/353]
وعاصم والكسائي- بالصاد الصريح في كل القرآن). [كنز المعاني: 1/354] (م)
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (ثم قال: وعند سراط،.. والسراط أي مجردا عن لام التعريف ومتصلا بها، ثم المجرد عن اللام قد يكون نكرة نحو: {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}، {أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا}.
وقد تكون معرفة بالإضافة نحو: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي}، {صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}، {صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا}.
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/240]
فلهذا لم أقل إرادة المنكر والمعرف ومثله، وكسر بيوت والبيوت، ونقل قران والقران بخلاف قوله: في لؤلؤ في العرف والنكر شعبة، فإنه لم يأت مجردا عن اللام إلا وهو نكرة ولو اقتصر على لفظ النكرة في الكل لحصل الغرض فإن لام التعريف زائدة على الكلمة كما قال: ووالاه في بئر وفي بئس ورشهم، والحكم عام في كل ما في القرآن من لفظ بئس مجردا من الراء والفاء واللام، وفي وبئس بالواو وفي فبئس بالفاء وفي لبئس باللام وإنما نبه على ما فيه لام التعريف دون المضاف لاتحاد لفظ اللام وتعدد المضاف إليه ولو أنه قال سراط بسين قنبل كيف أقبلا وبالصاد باقيهم وزايا أشمها البيت لتم له المقصود والله أعلم.
ثم هذا أيضا مما استغني فيه باللفظ عن القيد فكأنه قال بالسين، واعتمد على صورة الكتابة فلم يخف التباسا إذ يقرأ بالصاد، "وقنبلا" منصوب؛ لأنه مفعول به لقوله: "لِ" وهذه اللام المنفردة هي فعل أمر من قوله ولي هذا هذا يليه إذا جاء بعده، أي: اتبعْ قنبلا عند هاتين اللفظتين فاقرأ قراءته فيهما بالسين في جميع القرآن وقد بين ذلك بقوله رحمه الله:
109-
بِحَيْثُ أَتَى وَالصَّادُ زَاياً أشِمَّهَا،.. لَدَى خَلَفٍ وَاشْمِمْ لِخَلاَّدِ الَاوَّلا
أي بحيث أتى المذكور، وهذا لفظ يفيد العموم كقوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}.
والباء في "بحيث" زائدة ولو لم يقل بحيث
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/241]
أتى لاقتصر الحكم على ما في الفاتحة وهكذا كل موضع يطلق فيه اللفظ يكون مخصوصا بتلك السورة كقوله: وخفف كوف يكذبون سبيل برفع خذ، وفي "شركاي" الخلف فإن كان الخلاف مطردا في موضعين قال: معا، وإن كان في أكثر قال: جميعا أو كلا أو حيث جاء ونحو ذلك، ولم يخرج عن هذا إلا حروف يسيرة كالتوراة وكأين في آل عمران وقراءة الباقين بالصاد وهي أقوى القراءات لاتفاق الرسم عليها وأفصحها لغة وعلم أن قراءة الباقين بالصاد من قوله والصاد زايا أشمها كأنه قال: والباقون بالصاد وأشمها زايا خلف، ويجوز في قوله: الصاد النصب والرفع والنصب هو المختار لأجل الأمر وغلط من قال هنا الرفع أجود، وأصل كلمة السراط السين والصاد بدل منها لأجل قوة الطاء ومن أشمها زايا بالغ في المناسبة بينهما وبين الطاء، وروي عن بعضهم إبدالها زايًا خالصة والمعنى بهذا الإشمام خلط صوت الصاد بصوت الزاي فيمتزجان فيتولد منهما حرف ليس بصاد ولا زاي.
والإشمام في عرف القراء يطلق باعتبارات أربعة، أحدها خلط حرف بحرف كما في الصراط وما يأتي في أصدق ومصيطر، والثاني خلط حركة بأخرى كما يأتي في قيل وغيض وأشباههما، والثالث إخفاء الحركة فيكون بين الإسكان والتحريك كما يأتي في:
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/242]
{تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ}.
على ظاهر عبارة صاحب التيسير، والرابع ضم الشفتين بعد سكون الحرف، وهو الذي يأتي في باب الوقف وفي باب وقف حمزة وهشام وآخر باب الإدغام على ما سنبين ذلك ونوضح ما فيه من الإشكالات إن شاء الله، وقوله: لدى خلف أي عنده ومعنى عنده أي في مذهبه وقراءته، ووصل همزة القطع من قوله: وأشمم لخلاد ضرورة كما صرف براءة فيما تقدم وأصله من قولهم أشممته الطيب أي أوصلت إليه شيئا يسيرا مما يتعلق به وهو الرائحة، والأول مفعول "واشمم"، ونقل الحركة من همزة أول إلى لام التعريف فتحركت، فإن لم يعتد بالحركة كان حذف التنوين من قوله لخلاد؛ لالتقاء الساكنين تقديرا، وإن اعتد بها فحذف التنوين ضرورة، وسيأتي تحقيق هذين الوجهين في مسألة: "عادا الأولى" والمراد بالأول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}؛ أي أشمه وحده خلاد دون ما بقي في الفاتحة وفي جميع القرآن، وهذه إحدى الروايات عنه وقلَّ من ذكرها.
وروي أنه يوافق خلفا في حرفي الفاتحة معا دون سائر القرآن.
وروي أنه يشم ما كان بالألف واللام فقط في الفاتحة وغيرها. والرواية
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/243]
الرابعة أنه يقرأ بالصاد خالصة كسائر القراء في الفاتحة وغيرها.
قال أبو الطيب بن غلبون: المشهور عن خلاد بالصاد في جميع القرآن قال: وهذه الرواية هي المعول عليها وبها أخذ في فاتحة الكتاب وغيرها.
وفي الشرح الكبير تعليل هذه الروايات وبسط القول في ذلك والله أعلم). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/244] (م)
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (108 - ومالك يوم الدّين راويه ناصر ... وعند سراط والسّراط ل قنبلا
109 - بحيث أتى والصّاد زاء أشمّها ... لدى خلف واشمم لخلّاد الاوّلا
...
واللام في لقنبلا للأمر، أي اتبع قنبلا في قراءة لفظ صِراطَ* والصِّراطَ* بالسين حيث وقع في القرآن الكريم سواء كان منكرا نحو وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أم معرفا باللام نحو: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أم بالإضافة نحو صِراطَ الَّذِينَ وَأَنَّ هذا صِراطِي صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ وهذا مما استغنى فيه باللفظ عن القيد أيضا حيث لم يقل بالسين. ثم أمر بإشمام الصاد صوت الزاي لخلف في هذا اللفظ حيث وقع في القرآن الكريم سواء كان منكرا، أم معرفا باللام، أو بالإضافة كالأمثلة المذكورة. وأخيرا أمر بإشمام الصاد صوت الزاي لخلاد في الموضع الأول
[الوافي في شرح الشاطبية: 50]
فقط وهو اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ فتكون قراءته في بقية المواضع بالصاد الخالصة وقرأ
الباقون بالصاد الخالصة في جميع المواضع من القرآن الكريم.
وكيفية الإشمام هنا: أن تخلط لفظ الصاد بلفظ الزاي وتمزج أحد الحرفين بالآخر فيتولد منها حرف ليس بصاد ولا بزاي ولكن يكون صوت الصاد متغلبا على صوت الزاي، وقصارى القول أن تنطلق بالصاد كما ينطلق العوام بالظاء). [الوافي في شرح الشاطبية: 50] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (10- .... .... .... .... .... = .... .... وَالصِرَاطَ فَأَسْجِلَا
11 - وَبِالسِّيْنِ طِبْ .... .... .... = .... .... .... .... ........). [الدرة المضية: 16]
- قال محمد بن الحسن بن محمد المنير السمنودي (ت: 1199هـ):(ثم قال: والصراط فأسجلا أي قرأ مرموز(فا) فأسجلا وهو خلف (الصراط) بالصاد حيث وقع منكرًا ومعرفًا خلافًا لأصله وهذا من جملة قوله: كذلك تعريفًا وأشار إليه بقوله أسجلا أي أطلقا ثم شرع في تتمة المسألة فقال:
ص - وبالسين (ط) واكسر عليهم إليهم = لديهم (فـ)ـتى والضم في الهاء (حـ)ـلا-
[شرح الدرة المضيئة: 39]
عن الياء إن تسكن سوى الفرد واضمهم إن = تزل (طـ)ـاب إلا من يولهم (فـ)ـلا-
ش - أي روى مرموز (طا) طب وهو رويس (صراط) بالسين حيث وقع). [شرح الدرة المضيئة: 40]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وروى الأصمعيّ عن
[النشر في القراءات العشر: 1/48]
أبي عمرٍو، (الزّراط) بالزّاي الخالصة وجاء أيضًا عن حمزة ووجه ذلك أنّ حروف الصّفير يبدل بعضها من بعضٍ، وهي موافقةٌ للرّسم كموافقة قراءة السّين). [النشر في القراءات العشر: 1/49]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (روى رويس، وابن مجاهد عن قنبل {الصراط} و {صراط} حيث أتى بالسين، والباقون بالصاد.
وأشم خلف عن حمزة الصاد زايًا في جميع القرآن، واختلف عن خلاد:
[تقريب النشر في القراءات العشر: 215]
ففي الشاطبية والتيسير: والإشمام في الحرف الأول من الفاتحة فقط، وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
وفي العنوان والمجتبى: إشمام موضعي الفاتحة فقط، وهو في المستنير عن ابن البختري عن الوزان، وطريق ابن حامد عن الصواف عن الوزان عنه، وهو في الروضة.
وعند جمهور العراقيين: الإشمام في المعرف باللام فقط حيث أتى، وهو طريق بكار عن الوزان عنه.
وفي التبصرة، والكافي، والهداية، والتذكرة عدم الإشمام مطلقًا، وهو طريق ابن الهيثم، والطلحي عنه.
وانفرد ابن عبيد عن الصواف عن الوزان عنه بالإشمام مطلقًا في جميع القرآن،
[تقريب النشر في القراءات العشر: 216]
كرواية خلف). [تقريب النشر في القراءات العشر: 217] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (112- .... .... .... .... السّراط مع = سراط زن خلفًا غلا كيف وقع
113 - والصّاد كالزّاي ضفا الأوّل قف = وفيه والثّاني وذي اللاّم اختلف
114 - وباب أصدق شفا والخلف غر = يصدر غث شفا المصيطرون ضر
[طيبة النشر: 38]
115 - ق الخلف مع مصيطرٍ والسّين لي = وفيهما الخلف زكيٌّ عن ملي). [طيبة النشر: 39] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (قوله: (السراط الخ البيت) يعني قرأ الصراط وصراط كيف وقع في القرآن بالسين كما لفظ به قنبل بخلاف عنه، ورويس بلا خلاف، والباقون بالصاد لقوله: والصاد كالزاي: أي وخلف يشم الصاد مجاورة الطاء، ووجه إشمام الصاد أنه مزج بها حرفا يجانس الطاء في الجهر، وقرئ أيضا بالزاي الخالصة والكل لغات العرب قوله: (نل ظلا) أي أصب ظلا، نقل هذه القراءة المشهورة يريد الحض عليها والحث على الأخذ بها، وقوله زن من الزينة، وقوله غلا: أي ارتفع وعلا، يشير إلى أن الخلف مرتفع عزيز عن قنبل، وذلك أن أكثر المؤلفين لم يذكروا عنه سوى السين، والناظم زاد الصاد عنه قوله: (كيف وقع) يعني منكرا أو معرّفا، منونا أو غير منوّن باللام أو بغيرها كما وقع في هذه السورة
[شرح طيبة النشر لابن الجزري: 49]
وكقوله: وأن هذا صراطي مستقيما، وصراط الله، وهذا صراط علي.
والصّاد كالزّاي (ض) فا الأوّل (ق) ف = وفيه والثّاني وذي اللّام اختلف
أي والصاد التي قرأ بها الباقون في الصراط، وصراط كيف وقع جعلها كالزاي يعني أشمها الزاي: أي خلطها بها خلف عن حمزة، وأما خلاد فقد اختلف عنه، فروى عنه بعضهم الإشمام في الأول من الفاتحة فقط، وروى بعضهم الإشمام في الأول، والثاني من الفاتحة أيضا فحسب، وروى بعضهم المعرف باللام فقط، وروى بعضهم عدم الإشمام مطلقا وهذه الأربعة المذكورة تخرج من قوله: وفيه والثاني الخ قوله: (ضفا) أي كثر ونما وطال، يشير إلى كثرة مجيء الصاد مشمة في هذا اللفظ وغيره، وأنه لغة للعرب فاشية قوله: (قف) يجوز أن يكون بضم القاف على أنه أمر من قاف أثرهم يقوفه إذا أتبعه: أي أتبع هذه القراءة فإنها مأثورة، ويجوز أن يكون بفتح القاف فيكون فاؤه مشددة خففت للوقف فيكون إشارة إلى قوتها. لأن القاف اليابس القوي يبسه قوله: (فيه) أي في الأول والثاني: أي مع الثاني فيكون الإشمام له فيهما، وفي اللام: أي المحلى بلام التعريف حيث وقع في الفاتحة وغيرها اختلف: أي اختلف الرواة عن خلاد في ذلك كله من الإشمام وعدمه، فلا يكون له إشمام في شيء من ذلك، أو يكون الإشمام فيها وهذا واضح فليتأمل.
وباب أصدق (شفا) والخلف غ) ر = يصدر (غ) ث (شفا) المصيطرون (ض) ر
لما ذكر الإشمام في الصاد في الصراط وبابه استطرد ما وقع فيه الخلاف في الإشمام، فقال: وباب أصدق، يعني بالباب الصنف: أي ما وقع فيه الصاد الساكنة وبعده دال مثل أصدق وتصديق؛ وجملته اثنا عشر صادا: اثنان في النساء، وثلاثة في الأنعام؛ وسبعة في سبع سور: الأنفال ويونس ويوسف والحجر والنحل والقصص وإذا زلزلت، فقرأها بالإشمام حمزة والكسائي وخلف ورويس بخلاف عنه، والباقون بالصاد الخالصة؛ ووجه الإشمام كما تقدم في الصراط، فإن الدال حرف مجهور كالطاء قوله: (شفا) أي أبرأ وصحح: يعني أنه
[شرح طيبة النشر لابن الجزري: 50]
في القوة بهذه المثابة، وقوله غر: من الغرور: وهو الخطر، كأنه يقول طريق الصدق سلامة وخلافه خطر، وقوله: يصدر: يعني أن كلمة يصدر من جملة الباب المذكور، ووقعت في القصص وإذا زلزلت أشم الصاد فيهما حمزة والكسائي وخلف ورويس بلا خلاف وأعاد رمز شفا لئلا يتوهم أنه لرويس وحده، وقوله: غث، من الغيث، الذي هو نفع البلاد: أي ينفع نفعا شفا الغليل فيه، يقال غاث الله البلاد قوله: (المصيطرون) يعني قوله تعالى: أم هم المصيطرون فيا لطور قرأه بالإشمام أيضا خلف عن حمزة وخلاد بخلاف عنه كما سيأتي في البيت الآتي، وقوله: ضر، من الضرر: وهو ضد النفع، يشير إلى معنى المصيطرون وهم الجبارون المسلطون: أي هم ذوو ضرر.
(ق) ي الخلف مع مصيطر والسّين (ل) ي = وفيهما الخلف (ز) كيّ (ع) ن (مع) لي
ق من الوقاية: وهو الحفظ والصيانة والأمر ق حرف واحد ولكنه كتب بالياء على الأصل للبيان قوله: (مع مصيطر) يعني قوله تعالى: لست عليهم بمصيطر في الغاشية: يعني أن خلفا عن حمزة وخلادا بخلاف عنه على الإشمام كما تقدم في المصيطرون قوله: (والسين لي) أي ورواهما بالسين هشام، واختلف فيهما عن قنبل وحفص وابن ذكوان، فرواه بعضهم بالسين وبعضهم بالصاد كما ذكر في النشر فيكون في كل منهما ثلاث قراءات الإشمام لحمزة بخلاف عن خلاد والسين لهشام بلا خلاف، ولقنبل وحفص وابن ذكوان في أحد وجهيهم والصاد لهم في الوجه الآخر، وللباقين وجه كما تقدم في صراط، قوله: (زكى) أي زاك: ومعناه تام ممدوح، وقوله: عن ملي: أي ثقة قادر من الملاءة: يعني الخلاف فيهما مع صحّته ورد عن ثقة قائم به). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 51] (م)
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ص:
مالك (ن) ـل (ظ) ـلّا (روى) السّراط مع = سراط (ز) ن خلفا (غ) لا كيف وقع
ش: (مالك) مفعول (قرأ) مقدرا، وفاعله (نل)، و(ظلا) مفعول معه، والواو مقدرة. و(روى) معطوف عليه لمحذوف، و(السراط) مفعول (قرأ) أيضا وفاعله (زن)، و(مع سراط) محله نصب على الحال، و(خلفا) إما مصدر فعل محذوف باق على حاله، أي: اختلف عنه خلفا، أو بمعنى مفعول؛ كقولهم: [درهم] ضرب الأمير، ومحله على هذا نصب على الحال، و(غلا) حذف عاطفه على (زن)، و(كيف) محلها نصب على الحال من فاعل (وقع)، وضابط (كيف) أنها إن صحبت جملة فهي في محل نصب على الحال، أو مفردا فهي في محل رفع على الخبر.
أي: قرأ ذو نون (نل) عاصم وظاء (ظلّا) يعقوب، ومدلول (روى) الكسائي، وخلف مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: 4] بوزن «فاعل»، وقرأ الباقون بلا ألف.
فإن قلت: [من أين] يفهم قراءة المذكورين قيل: من لفظه؛ لدخوله في قاعدته التي نبه عليها بقوله: «وبلفظ أغنى عن قيده عند اتضاح المعنى»، أي: صحة الوزن.
قلت: لا؛ لأن الوزن أيضا صحيح مع القصر، غايته أنه دخله الخبل. والله أعلم.
فإن قلت: هب أن اللفظ [يكتفى به للمذكورين]، بأن يقال: قرأ المذكورون بهذا اللفظ، فمن أين تعلم قراءة المتروكين؟ فإنه يصح أن يقال: قرأ المذكورون [بمد
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/303]
«مالك»، فيكون ضده القصر للمتروكين، ويصح أن يقال: قرأ المذكورون] بتقديم الألف على اللام، وهو كذلك فيكون ضده التأخير؛ فلم يتعين قيد يؤخذ للمتروكين ضده؛ لأن تقدير المد يزاحمه [تقدير] الألف.
قلت: إنما ترك التقييد تعويلا على القرينة؛ لأن هذا اللفظ لم يقع في القرآن في قراءة صحيحة إلا محصورا في (مالك) بالمد و(ملك) بالقصر، وكلاهما مجمع عليه في موضعه، واختلفوا في هذا هنا، فلما مضى للمذكورين على [المد] علم أن الباقين لمجمع العقد، أو علمنا المد [من متفق المد]، فأخذنا لهم ضده، وهو القصر.
وقرأ ذو غين (غلا) رويس (سراط) كيف وقع، سواء كان معرفة أو نكرة، بالسين، فيحتمل أن يريد بقوله: (السراط) المقترن باللام، فيدخل في قوله: (مع سراط) المجرد منها مطلقا، سواء كان نكرة؛ نحو: سراط مستقيم [البقرة: 142]، أو معرفا بالإضافة؛ نحو: سراط الذين [الفاتحة: 7]، وسراط ربك [الأنعام: 126]، وسراطي [الأنعام: 153]، ويحتمل أن يريد بـ (السراط) مطلق المعرفة؛ فيدخل في الثاني المنكر خاصة.
واختلف عن ذيزاي (زن) قنبل في ذلك؛ فروى عنه ابن مجاهد السين، وابن شنبوذ الصاد.
فإن قلت: من أين يعلم أنهما قرآ بالسين؟
قلت: من تعين المزاحمين بعد.
فإن قلت: هل يفهم من قوله: (وبلفظ أغنى عن قيده)؟
قلت: لا؛ لأنه قال: (عند اتضاح المعنى) ومراده [به] أن ينكشف لفظ القراءة بألا يتزن البيت إلا بها، والوزن هنا يصح بالوجهين.
فإن قلت: كان يكفيه (سراط)؛ كقوله: (وبيس بير جد).
قلت: الفرق أن الأصول تعم بخلاف الفرش.
مقدمة:
قاعدة الكتاب أن الكلمة ذات النظير إن ذكرت في الأصول وعم الخلاف جميع مواقعها، فقرينة كلية الأصول تغني عن صيغة العموم؛ كقوله: (وبيس بير جد)، وإن لم
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/304]
يعم الخلاف بل خص بعضا دون بعض قيد محل القراءة، نحو: [نأى الإسرا صف]، وإن ذكرت في الفرش وخصها الخلاف ذكرها مطلقة لقرينة الخصوص، وإن كان النظير بسورتها لزم الترتيب نحو: (يعملون دم)، وإن عم الخلاف بعض النظائر نص عليه نحو:
(يغفر مدا أنث هناكم وظرب عم في الأعراف )، أو كل النظائر أتى بلفظ يعم، فإن كان واقعا في موضعين خاصة قال: (معا) نحو: (وقدره حرك معا) أو (كلا) نحو: (وكلا دفع دفاع) [وقد يصرح بهما نحو:
... ... ... ... ... [ظعن] ونحشر يا نقول ظنّة
ومعه حفص في سبا يكن (رضا)] ... ... ... ...
وإن كان في أكثر قال: (جميعا) [أو (كلا) نحو: يترك كلا خف حق].
وجه مد مالِكِ أنه اسم، قال: من ملك ملكا بالكسر، ويرجح بأن الله هو المالك الحقيقي، وبأن إضافته عامة؛ إذ يقال: «مالك الجن والإنس والطير»، و(ملك) يضاف لغير المملوك، فيقال: «ملك العرب والعجم»، وبأن زيادة البناء دليل على زيادة المعنى، وبأن ثواب تاليها أكثر.
ثم إن فسر بالمتصرف فهو من صفات الأفعال، أو القادر فمن صفات الذات ومفعوله محذوف، أي: مالك الجزاء أو القضاء، وأضيف للظرف توسعا، ويجوز أن يكون على ظاهره بلا تقدير. ونسبة الملك إلى الزمان في حق الله- تعالى- مستقيمة، ويؤيده قراءة ملك [بفعل ماض]، فإنه حينئذ مفعول به، ويوافق الرسم تقديرا؛ لأن المحذوف تحقيقا كالموجود.
ووجه القصر: أنه صفة مشبهة من ملك ملكا [بالضم]، ولا حذف؛ للزوم الصفة المشبهة، ويرجح بأنه تعالى ملك الملوك، وهي تدل على الثبوت، ف «ملك» أبلغ؛ لاندراج [المالك في الملك].
وقال أبو حاتم: «مالك» أبلغ [في مدح الخالق]، وملك أبلغ في مدح المخلوق، والفرق بينهما: أن المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك، وإذا كان الله- تعالى- ملكا
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/305]
كان مالكا. واختاره ابن العربي، وبأنه- تعالى- تمدح بقوله: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران: 26] و«ملك» مأخوذ منه، ولم يتمدح بمالك الملك (بكسر الميم)، وبأنه أشرف لاستعماله مفردا، وهو موافق للرسم تحقيقا.
تنبيه:
ما تقدم من أن «مالك» من «ملك» بالكسر هو المعروف.
وقال الأخفش: (يقال: «ملك من الملك»، بضم الميم، و«مالك» من «الملك» بفتح الميم وكسرها، وروى ضمها أيضا بهذا [المعنى]، وروي عن العرب «لي في هذا الوادي ملك» بتثليث الميم، والمعروف الفرق: فالمفتوح بمعنى الشد والربط، والمضموم بمعنى القهر والتسليط على من يتأتّى منه الطاعة، ويكون باستحقاق [وغيره]، والمكسور بمعنى التسلط على من يتأتى منه [الطاعة] ومن لا يتأتى منه، ولا يكون إلا باستحقاق؛ فيكون بين المكسور والمضموم [عموم وخصوص من وجه]، والله أعلم.
ص:
والصّاد كالزّاي (ض) فا الأول (ق) ف = وفيه والثاني وذي اللّام اختلف
ش: (والصاد كالزاي) اسمية، و(ضفا) محله النصب بنزع الخافض، و(الأول) مبتدأ وخبره: [كذلك]، مقدر، و(قف) محله [أيضا] نصب، (وفيه) يتعلق بـ (اختلف)، (والثاني) عطف على الهاء من (فيه) على الصحيح من أن المعطوف على ضمير خفض [لا يحتاج لإعادة الخافض]، (وذي اللام) كذلك.
أي: قرأ الصاد من صِراطَ والصِّراطَ كيف وقع كالزاي، بالإشمام بين الصاد والزاي: ذو ضاد (ضفا) خلف عن حمزة، واختلف عن ذي قاف (قف) خلاد على
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/306]
أربعة أوجه:
فقطع له بإشمام الأول من الفاتحة خاصة الشاطبي والداني [في «التيسير»]، وبه قرأ على فارس.
وبإشمام حرفي الفاتحة صاحب «العنوان» والطرسوسي من طريق ابن شاذان عنه، وصاحب «المستنير» من طريق ابن البختري [، وبه قطع الأهوازي] عن الوزان أيضا، وهي طريق ابن حامد عن الصواف.
وبإشمام المعرف بأل خاصة هنا وفي جميع القرآن جمهور العراقيين، وهي طريق [ابن] بكار عن الوزان، وبه قرأ صاحب «التجريد» على الفارسي والمالكي، وهو الذي في «روضة» أبي علي البنداري، وطريق ابن مهران عن ابن أبي عمر عن الصواف عن الوزان، وهي رواية الدوري عن سليم عن حمزة.
وقطع له بعدم الإشمام في الجميع صاحب «التبصرة» و«التلخيص» و«الهداية» و«التذكرة» وجمهور المغاربة، وبه قرأ الداني على أبي الحسن، وهي طريق أبي الهيثم والطلحي، ورواية الحلواني عن خلاد.
والباقون بالصاد الخالصة في جميع المواضع؛ لأن إشمام الصاد ضده ترك الإشمام، وهو للمتروكين؛ فتعين لم ذكر أولا السين.
تنبيه:
معنى الإشمام هنا: خلط لفظ الصاد بالزاي، ويعرف بأنه: مزج الحرف بآخر.
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/307]
ويعبر عنه بصاد بين بين، وبصاد كزاي، وقد استعمل الإشمام [أيضا] في فصل قِيلَ [هود: 44] وغِيضَ [هود: 44]، وفي الوقف، وفي تَأْمَنَّا [يوسف: 11] [فهذه أربعة مواضع وقع ذكر الإشمام فيها. وقوله: (وفي الوقف)؛ أي: باب الوقف، وفي باب وقف حمزة وهشام] وكل منها يغاير غيره، وسيأتي التنبيه على كلّ في محله.
وجه السين: أنه الأصل؛ لأنه مشتق من السرط، وهو الابتلاع؛ إما لأنه يبتلع المارة به، أو المار به يبتلعه كما قالوا: «قتل أرضا عالمها، وقتلت أرض جاهلها»، وهذه لغة عامة العرب، وهو يوافق الرسم تقديرا، وإنما رسم صادا؛ ليدل على البدل فلا تناقضه السين.
ووجه الصاد: قلب السين صادا مناسبة للطاء بالاستعلاء والإطباق والتفخيم مع الراء؛ استثقالا للانتقال من سفل إلى علو.
ووجه الإشمام: ضم الجهر إلى المناسبات، وهي لغة قيس.
فائدة لغوية:
كل كلمة وجد فيها بعد السين حرف من أربعة جاز قلب السين صادا، وهي الطاء؛ نحو: الصِّراطَ [الفاتحة: 6] والخاء والغين المعجمتان؛ نحو: سخره ووَ أَسْبَغَ [لقمان: 20]، والقاف؛ نحو: سَقَرَ [القمر: 48]، وهذه الأربعة لم تقع في القرآن إلا على الأصل بالسين، والقلب في كلام العرب.
تنبيه:
الطرق الأربعة واضحة من كلام المصنف؛ لأن قوله: (الأول قف) إشارة إلى الأولى.
وقوله: (واختلف فيه مع الثاني) تفيد الخلاف فيه على انفراده وحال انضمامه للثاني، وهو الطريق الثانية.
وقوله: (واختلف في ذي اللام) إشارة للثالث، ويفهم من حكاية الخلف في الجميع
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/308]
الرابع.
ص:
وباب أصدق (شفا) والخلف (غ) ر = يصدر (غ) ث (شفا) المصيطرون (ض) ر
ش: (باب أصدق) قراءة (شفا) كالزاي اسمية، (والخلف كائن عن غر) كذلك، و(يصدر) إما مبتدأ [خبره] أشمه (غث)، أو مفعول لـ «أشم»، و(شفا) عطف على (غث)، و(المصيطرون ضر) كذلك فيهما، ولا محل للجمل كلها.
أي قرأ مدلول (شفا) (حمزة والكسائي وخلف) في اختياره باب «أصدق» كله بإشمام الصاد زاء، وهو كل صاد ساكنة بعدها دال، ك تَصْدِيقَ [يوسف: 111]، ويَصْدِفُونَ [الأنعام: 46] وفَاصْدَعْ [الحجر: 94] ويَصْدُرُ [الزلزلة: 6] واختلف عن ذي غين (غر) رويس في الباب كله:
فروى عنه النخاس والجوهري: إشمام الكل، وبه قطع ابن مهران.
وروى أبو الطيب وابن مقسم الصاد الخالصة، وبه قطع الهذلي، واتفقوا عنه على إشمام يُصْدِرَ الرِّعاءُ [القصص: 23] ويَصْدُرُ النَّاسُ [الزلزلة: 6] [ولهذا] قال:
(يصدر غث شفا) أي: أشمها لهؤلاء.
فإن قلت: إعادة (شفا) تكرار؛ لدخوله في باب (أصدق).
قلت: بل واجب الذكر؛ لرفع توهم انفراد رويس بها.
ثم كمل فقال:
ص:
(ق) الخلف مع مصيطر والسّين (ل) ى = وفيهما الخلف (ز) كى (ع) ن (م) لى
ش: (ق) مبتدأ (والخلف) ثان، وخبره محذوف، أي: كائن عنه، في (المصيطرون) والجملة خبر الأول، و(مع مصيطر) حال، (والسين فيهما [كائن] عن لى ) اسمية، و(زكى) مبتدأ، و(عن وملى) معطوفان عليه، و(فيهما) خبر، و(الخلف) فاعل الظرف تقديره: ذو زكى وعن وملى استقر الخلف في الكلمتين عنهم.
أي: قرأ ذو ضاد (ضر) خلف في البيت المتلو بلا خلاف عنه: الْمُصَيْطِرُونَ [الطور: 37]، وبِمُصَيْطِرٍ بالغاشية [22] بالإشمام.
واختلف عن ذي قاف (ق) خلاد: فروى [عنه] جمهور المشارقة والمغاربة
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/309]
الإشمام، وهو الذي لم يوجد نص بخلافه، وأثبت له الخلاف [فيهما] صاحب «التيسير» من قراءته على أبي الفتح، وتبعه الشاطبي، وروى عنه الصاد الحلواني، ومحمد بن سعيد البزار [كلاهما عن خلاد]، وقرأهما بالسين ذو لام (لى) هشام، واختلف فيهما عن ذي زاي (زكى) وعين (عن) وميم (ملى) قنبل وحفص وابن ذكوان.
فأما قنبل: فرواهما عنه بالصاد ابن شنبوذ من «المبهج»، وكذا نص الداني في «جامعه»، وبالسين ابن مجاهد، وابن شنبوذ [من] «المستنير»، ونص على السين في الْمُصَيْطِرُونَ والصاد في بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22] جمهور العراقيين [والمغاربة]، وهو الذي في «الشاطبية» [و «التيسير»].
وأما ابن ذكوان فرواهما عنه بالسين ابن مهران من طريق الفارسي عن النقاش، وهي رواية ابن الأخرم وغيره عن الأخفش بالصاد وابن سوار، ورواه الجمهور عن النقاش، وهو الذي في «الشاطبية» و«التيسير».
وأما حفص فنص له على الصاد فيهما ابن مهران وابن غلبون وصاحب «العنوان»، وهو الذي في «التبصرة» و«الكافي» و«التلخيص»، وهو الذي عند الجمهور له، وذكره الداني في «جامعه» عن الأشناني عن عبيد، وبه قرأ على أبي الحسن، ورواهما بالسين زرعان عن عمرو، [وهو نص الهذلي عن الأشناني] عن عبيد، وحكاه الداني في «جامعه» عن أبي طاهر عن الأشناني، وكذا رواه ابن شاهي عن عمرو، وروى آخرون [عنه]: المسيطرون [الطور: 37] بالسين وبِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22] بالصاد، وكذا هو في «المبهج» و«الإرشاد» و«غاية أبي العلاء».
وبه قرأ الداني على أبي الفتح، وقطع بالخلاف له في الْمُصَيْطِرُونَ وبالصاد في بِمُصَيْطِرٍ في «التيسير» و«الشاطبية».
والحاصل من هذه الطرق: أن لكل من قنبل وحفص ثلاث طرق، ولابن ذكوان طريقان.
ووجه كل منهما يفهم مما تقدم). [شرح طيبة النشر للنويري: 1/310] (م)

قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "الصراط، وصراط" [الآية: 6، 7] فقنبل من طريق ابن مجاهد وكذا رويس بالسين حيث وقعا على الأصل؛ لأنه مشتق من السرط وهو البلع وهي لغة عامة العرب وافقهما ابن محيصن فيهما والشنبوذي فيما تجرد عن اللام.
وقرأ: خلف عن حمزة بإشمام الصاد الزاي في كل القرآن ومعناه، مزج لفظ الصاد بالزاي وافقه المطوعي.
واختلف: عن خلاد على أربع طرق الأولى الإشمام في الأول من الفاتحة فقط الثانية الإشمام في حرف الفاتحة فقط الثالثة الإشمام في المعرف باللام خاصة هنا، وفي جميع القرآن الرابعة عدم الإشمام في الجميع والأربعة مستفادة من قول الطيبة الأول أي: بالإشمام قف، وفيه والثاني وذي اللام اختلف، والباقون بالصاد كابن شنبوذ وباقي الرواة من قنبل وهي لغة قريش.
وعن: الحسن "اهدنا صراطا مستقيما" [الآية: 6] بالنصب والتنوين فيهما من غير أل). [إتحاف فضلاء البشر: 1/365] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واتفقوا أيضا على كتابة الصراط بالصاد معرفا ومنكرا بأي إعراب كان، للدلالة على البدل؛ لأن السين هو الأصل كما تقدم، وكذا ويبصط بالبقرة فخرج يبسط الرزق فإنه بالسين، وكذا كتبوا بالصاد "أم هم المصيطرون" بالطور و"بمصيطر" بالغاشية). [إتحاف فضلاء البشر: 1/369] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {الصراط} [6] و{صراط} [7] قرأهما قنبل حيث وقعا بالسين، وخلف بإشمام الصاد الزاي، وخلاد مثله في الأول خاصة، وفي هذه السورة فقط، والباقون بالصاد، ولا خلاف في تفخيم رائه لوقوع حرف الاستعلاء بعدها). [غيث النفع: 324] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {اهدنا الصراط المستقيم (6)}
{أهدنا}
- قرأ ابن مسعود (أرشدنا).
- وقرأ ثابت البناني (بصرنا)
- وقراءة الجماعة (اهدنا) من الهداية.
{الصراط}
- قرأ قنبل ورويس وابن كثير ويعقوب وابن محيصن وابن مجاهد عن قنبل من طريق ابن حمدون، وأبو حمدون والكسائي والقواس وعبيد بن عقيل عن شبل، وعن أبي عمرو (السراط) بالسين.
- وقرأ «الصراط» بالصاد، الجمهور، ومنهم ابن كثير فيما رواه البزي وعبد الوهاب بن فليح عن أصحابهما عنه، وهي قراءة نافع وأبي عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي وأبي جعفر وشيبة وقتادة.
- وقرأ (الزراط بالزاي): حمزة وأبو عمرو والكسائي في رواية ابن ذكوان عنه وعن عاصم في رواية مجالد بن سعيد عنه بالزاي.
[معجم القراءات: 1/17]
الخالصة، وهي رواية الأصمعي عن أبي عمرو، وهي رواية عن حمزة، وهي لغة بني عذرة وبني كلب وبني القين، وهم يقولون في (أصدق) أزدق، وروى هذا لغة الأصمعي عن أبي عمرو.
- وقرأ بإشمام الصاد زاياً حمزة من طريق خلف، وفيه تفصيل عن رواته، وخلاد والمطوعي، ورواه عن حمزة الدوري فيما كان فيه ألف ولام فقط، وهي قراءة أبي عمرو وهارون الأعور والعريان عن أبي سفيان، وخلف.
- قال أبو علي": ژوي عن أبي عمرو السين، والصاد، والمضارعة بين الزاي والصاد، رواه عنه العريان بن أبي سفيان وهارون الأعور.
- قال بعض اللغويين: (ماحكاه الأصمعي في هذه القراءة خطأ منه، إنما سمع أبا عمرو يقرأها بالمضارعة فتوهمها زايا، ولم يكن الأصمعي نحويا فيؤمن على هذا، وحكى هذا الكلام أبو علي عن أبي بكر بن مجاهد) وقال الأصبهاني
[معجم القراءات: 1/18]
- قرأ حمزة «الصراط» بإشمام الزاي في كل القرآن في جميع الروايات عنه إلا رواية عبد الله بن صالح العجلي فإنه بالصاد في
كل القرآن، ورواية خلاد وابن سعدان جميعاً عن سليم فإنه يشم الصاد الزاي في أم الكتاب
- وقال أبو جعفر الطوسي": الصاد لغة قريش وهي اللغة الجيدة، وعامة العرب يجعلونها سيناً، والزاي لغة لعذرة وكلب وبني القين.
- وقال أبو بكر بن مجاهد": وهذه القراءة - يشير إلى قراءة من قرأ بين الزاي والصاد - تكلف حرف بين حرفين، وذلك صعب على اللسان، وليس بحرف يبنى عليه الكلام، ولا هو من حروف المعجم، ولست أدفع أنه من كلام فصحاء العرب، إلا أن الصاد فيه أفصح وأوسع.
- وقرأ أبو حمدون عن حمزة بإشمام الصاد السين (الصراط)
{الصراط المستقيم}
- قرأ زيد بن علي والضحاك ونصر بن علي عن الحسن (اهدنا صراط مستقيما) بالتنوين من غير لام التعريف
- وقرأ جعفر الصادق (صراط مستقيم) بالإضافة). [معجم القراءات: 1/19]

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (3 - وَاخْتلفُوا فِي قَوْله {عَلَيْهِم}
فَقَرَأَ {عَلَيْهِم} بِضَم الْهَاء حَمْزَة وَكَذَلِكَ {إِلَيْهِم} و{لديهم}
هَذِه الثَّلَاثَة الأحرف بِالضَّمِّ وَإِسْكَان الْمِيم
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {عَلَيْهِم} وَأَخَوَاتهَا بِكَسْر الْهَاء). [السبعة في القراءات: 108]
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (وَاخْتلفُوا فِي قَوْله {غير المغضوب عَلَيْهِم}
قَرَأَ {غير المغضوب عَلَيْهِم} بخفض الرَّاء نَافِع وَعَاصِم وَأَبُو عمر وَابْن عَامر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ.
وَاخْتلفُوا عَن ابْن كثير فَحَدثني أَبُو حَمْزَة الأنسي أنس بن خَالِد بن عبد الله بن أبي طَلْحَة بن مُوسَى بن أنس بن مَالك قَالَ حَدثنَا نصر بن عَليّ قَالَ خبرنَا بكار بن عبد الله بن يحيى العوذي عَن الْخَلِيل بن أَحْمد قَالَ (سَمِعت عبد الله بن كثير الْمَكِّيّ أَنه كَانَ يقْرَأ {غير المغضوب عَلَيْهِم} ) وَقَالَ الْخَلِيل: (وَهِي جَائِزَة على وَجه الصّفة للَّذين أنعم الله عَلَيْهِم يَعْنِي بِالصّفةِ الْقطع من ذكر الَّذين)
- وَيجوز أَن يكون نصب غير على الْحَال.
- وَقد قَالَ الْأَخْفَش نصب غير على الِاسْتِثْنَاء وَهَذَا غلط.
- وروى غَيره عَن ابْن كثير الْكسر مثل قِرَاءَة الْعَامَّة.
- وَمن كسر غير فَلِأَنَّهُ نعت للَّذين.
- وَيجوز على التكرير {صِرَاط} {غير المغضوب عَلَيْهِم}.
قَالَ أَبُو بكر: استطلت ذكر الْعِلَل بعد هَذِه السُّورَة وكرهت أَن يثقل الْكتاب فَأَمْسَكت عَن ذَلِك وأخبرت بِالْقِرَاءَةِ مُجَرّدَة). [السبعة في القراءات:111 - 112]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ( (عليهم، وإليهم، ولديهم) يضم الهاء حمزة، يعقوب يضم كل هاء قبلها ياء ساكنة. زاد رويس وإن سقطت الياء لعلة إلا قوله:
{ومن يولهم} وكسر الهاء {من بين أيديهم ومن خلفهم}.
[الغاية في القراءات العشر: 140]
وافقه روح وزيد في {أيديهن وأرجلهن} سهل يضم إذا انفتح ما قبل الياء ويكسر إذا انكسر.
ضم كل ميم الجمع حجازي، ورش يضم مع ألف القطع، ونافع يخير.
ويضم قتيبة ونصير عند رؤوس الآي، وألف القطع إذا لم ينكسر ما قبله، وزاد نصير عند الميم، وقال: إذا خفت الكلمة ولم تطل
[الغاية في القراءات العشر: 141]
فإذا ثقلت أو طالت لم يضم، فإذا تلقته ألف وصل ضم الهاء والميم حمزة والكسائي وخلف، وكسرهما أبو عمرو، وكذلك يعقوب وسهل إذا انكسر ما قبله كسر الهاء، وضم الميم الآخرون). [الغاية في القراءات العشر: 142]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ({عليهم} [7]، وأختاها بضم الهاء حمزة. ويضم سلام، ويعقوب كل هاء قبلها ياء ساكنة في الجمع، والتثنية.
[المنتهى: 2/545]
وزاد رويس، والمنهال وإن حذفت الياء لعلة إلا قوله: {ومن يولهم} [الأنفال: 16]
[المنتهى: 2/546]
وافق سهل إذا انفتح ما قبل الياء.
يضم ميمات الجمع مكي، ويزيد طريق الفضل، وعنه الإسكان، يعني عن أبي جعفر ويخير نافع، وروى الحلواني أن الضم والإسكان عند قالون فيها سواء، إلا أنه كان يميل إلى رفعها.
بضمها عند ألف القطع العمري، وورش، وأبو عون طريق الواسطي.
[المنتهى: 2/547]
زاد أبو عون عند أختها، ورؤوس الآي إذا عري من الحائل، وبه قرأت عن أحمد بن صالح، عن قالون، وافق عيسى عند رؤوس الآي.
برفعها إذا انضم ما قبلها عند الهمزة المقطوعة والفاصلة نصير،
[المنتهى: 2/548]
وقتيبة، وابن وردة، إذا لم تكن الفاصلة اسمًا عند قتيبة خاصة نحو {ألم يأتكم نذير} [المائدة: 8]، {هم والغاوون} [الشعراء: 94]، {جمعناكم والأولين} [المرسلات: 38]، زاد نصير، وبشر، وابن وردة عند أختها، وقال نصير إذا خفت الكلمة ولم تطل، فإذا ثقلت، أو طالت لم يضم.
[المنتهى: 2/549]
قال أبو الفضل: وقصده في الحقة هو خمسة أحرف غير الواو، أو ما دونها، والله أعلم.
فإذا لقي الميم ساكن كسر أبو عمرو وأبو عبيد الميم والهاء، وافق سلام، ويعقوب، وسهل إذا انكسر ما قبل الهاء.
بضمها حمصي، وهما، وخلف. وافق ابن ذكوان طريق عبدالرزاق، والداجوني، عن ابن موسى في {يومهم الذي} به في الذاريات [60]، {إلى أهلهم انقلبوا} في المطففين [31]، الباقون بضم الميم وحدها). [المنتهى: 2/550]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ قنبل (السراط) و(سراط الذين) بالسين حيث وقع، وقرأ خلف بين الصاد والزاي، وقرأ الباقون بالصاد). [التبصرة: 61] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وقرأ حمزة (عليهُم وإليهُم ولديهُم) هذه الثلاثة حيث وقعت بضم الهاء في وصله ووقفه، وكسرها الباقون.
قرأ حمزة والكسائي في كل هاء وميم الجمع أتى بعدهما ساكن وقبل الهاء ياء
[التبصرة: 61]
ساكنة أو كسرة بضم الهاء والميم، وقرأ أبو عمرو بسكرهما في الوصل خاصة، وقرأ الباقون بكسر الهاء وضم الميم، وذلك نحو (عليهم الذلة) [البقرة: 61] و(عن قبلتهم التي) [البقرة: 142]؛ ولا اختلاف في كسر الهاء في الوقف لجميعهم إلا ما ذكرنا عن حمزة في الثلاثة الأحرف، فإنه يقف كما يصل حيث وقت.
ولا خلاف في عليهما وعليهن). [التبصرة: 62]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (واختلف المتعقبون من القراء من هذا الفصل في وقف حمزة على (نبئهم وأنبئهم) وبدله من الهمزة ياء فذهبت طائفة إلى أن الهاء تبقى على ضمتها لأن الياء ليست بلازمة، وقال قوم: بل تكسر من أجل الياء، وهو مذهب الشيخ أبي الطيب، والأول أحسن لكون الياء عارضة في الوقف). [التبصرة: 62]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (واختلفوا في ميم الجمع إذا لم يأت بعدها ساكن نحو: (منكم وعليكم وأنتم) فكان ابن كثير يصل الميم بواو حيث وقعت، وخير قالون في إسكانها وصلتها بواو، وكذلك روى الحلواني وأبو نشيط عنه أنه خير فلا تبالي في أي رواية قرأت بالضم، واختار ابن مجاهد الإسكان، والاختيار عند القراء ضم الميمات كلها للحلواني، وإسكانها كلها لأبي نشيط، وقرأ الباقون بالإسكان غير أن ورشًا وصلها بواو إذا لقيها همزة بأي حركة كانت نحو (ومنهم أميون) [البقرة: 78]، و(عليهم ءآنذرتهم) [البقرة: 6] (وينفعهم إيمانهم) [المؤمن: 85] وأسكن ما عدا ذلك، فإن وقع بعد ميم الجمع ساكن فكلهم ضموا الميم إلا ما ذكرنا عن أبي عمرو في الأصل المتقدم.
وأما قوله تعالى: (فبهداهم اقتده) و(لا تعلمونهم الله يعلمهم) فلا خلاف في ضم الميم فيه لأن الهاء ليس قبلها ياء ساكنة ولا كسرة). [التبصرة: 62]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (خلف: {الصّراط} و:{صراط}، حيث وقعا: بإشمام الصّاد الزّاي.
وخلاد: بإشمامها الزّاي في قوله عز وجل: {الصّراط المستقيم} هنا خاصّة.
وقنبل: بالسّين حيث وقعا.
والباقون: بالصّاد). [التيسير في القراءات السبع: 126] (م)
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (حمزة: {عليهم}، و:{إليهم} و:{لديهم}: بضم الهاء. والباقون بكسرها.
ابن كثير، وقالون بخلاف عنه: يضمان الميم الّتي للجمع، ويصلانها بواو، مع الهمزة وغيرها، نحو قوله تعالى: (عليهمو ءأنذرتهمو ام لم تنذرهمو) وشبهه.
وورش: يضمها، ويصلها مع الهمزة فقط.
والباقون يسكنونها.
[التيسير في القراءات السبع: 126]
حمزة، والكسائيّ: يضمان الهاء والميم، إذا كان قبل الهاء كسرة أو ياء ساكنة، وأتى بعد الميم ألف وصل، نحو: {عليهم الذلة} و:{من دونهم امرأتين} و:{بهم الأسباب} وشبهه. وذلك في حال الوصل.
فإن وقفا على الميم كسرا الهاء وسكنا الميم.
وحمزة: على أصله في الكلم الثّلاث المتقدّمة، يضم الهاء منهنّ على كل حال.
وأبو عمرو: يكسر الهاء والميم في ذلك كله، في حال الوصل أيضا.
والباقون: يكسرون الهاء، ويضمون الميم فيه.
ولا خلاف بين الجماعة أن الميم في جميع ما تقدم ساكنة في الوقف. فاعلم ذلك، وبالله التوفيق). [التيسير في القراءات السبع: 127] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :( [وخلف عن حمزة]: الصّراط وصراط حيث وقعا بإشمام الصّاد [الزّاي] وخلاد بإشمامها الزّاي في قوله تعالى: {الصّراط المستقيم} [هنا] خاصّة، وقنبل ورويس: بالسّين حيث وقعا، والباقون بالصّاد). [تحبير التيسير: 186] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(حمزة عليهم وإليهم ولديهم بضم الهاء قلت: وافقه يعقوب في ذلك وزاد ضم كل هاء ضمير جمع أو تثنية وقعت بعد ياء ساكنة نحو: عليهما [وعليهم]
[تحبير التيسير: 186]
وعليهن وفيهم [وفيهما] وفيهن ويزكيهم ويهديهم ومثليهم حيث وقع، زاد رويس فضم ما سقطت منه الياء لجزم أو أمر نحو: (أو لم تأتهم، وقهم السّيّئات، يغنهم اللّه) إلّا قوله [تعالى] : {ومن يولهم يومئذٍ} في (سورة) الأنفال فقط فإنّه لا خلاف في كسر الهاء منه والله الموفق. والباقون بكسرها مطلقًا. ابن كثير وأبو جعفر وقالون بخلاف عنه يضمون [الميم] الّتي للجمع [ويصلونها] بواو مع الهمزة وغيرها [نحو] : {عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم} وشبهه. قلت: وبالإسكان قرأ المؤلف لقالون على أبي الحسن وبالصلة على أبي الفتح والله الموفق. وورش يضمها [ويصلها] مع الهمزة فقط، والباقون يسكنونها. حمزة والكسائيّ وخلف يضمون الهاء والميم إذا كان قبل الهاء كسرة أو ياء ساكنة وأتى بعد الميم ألف وصل نحو: (عليهم الذلة وإليهم اثنين وعن قبلتهم الّتي وبهم الأسباب ويريهم اللّه) وشبهه وذلك في حال الوصل، فإن وقفوا على الميم كسروا الهاء وسكنوا الميم. وحمزة على أصله في الكلم الثّلاث المتقدّمة يضم الهاء منهنّ على كل حال.
[تحبير التيسير: 187]
قلت: وكذلك يعقوب ورويس على أصلهما المتقدّم والله الموفق.
وأبو عمرو يكسر الهاء والميم في ذلك كله في حال الوصل أيضا. قلت: وافقه يعقوب فيما لم يكن قبل الهاء [ياء] [ساكنة] نحو: (قبلهم الّتي وبهم الأسباب). والله الموفق.
والباقون يكسرون الهاء ويضمون الميم فيه ولا خلاف بين الجماعة أن الميم في جميع ما تقدم ساكنة في الوقف فاعلم ذلك [وباللّه التّوفيق] ). [تحبير التيسير: 188] (م)
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (الَّذِينَ)، (عَليهِم) وأخواتها ذكرت قبل هذا). [الكامل في القراءات العشر: 479]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([6، 7]- {الصِّرَاطَ}، و{صِرَاطَ} حيث وقعا، بالسين: قنبل.
بإشمامه الزاي: خلف، وافقه خلاد في {الصِّرَاطَ} فقط.
وكذلك قال الضبي عن أصحابه). [الإقناع: 2/595] (م)
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([7]- {عَلَيْهِمْ}، و{إِلَيْهِمْ}، و{لَدَيْهِمْ} بضم الهاء: حمزة.
وبضم ميم الجميع مع الهمزة وغيرها: ابن كثير وقالون بخلاف عن أبي نشيط. بضمها مع الهمزة فقط: ورش.
[الإقناع: 2/595]
الباقون بإسكانها.
وإذا لقي الميم ساكن نحو {عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} [البقرة: 61]، و{بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166] كسر أبو عمرو الهاء والميم في الوصل، وضمهما فيه حمزة والكسائي. فإن وقفا كسرا الهاء، إلا أن تكون من إحدى الكلم الثلاث، فحمزة يضم الهاء فيهن في الوقف أيضا، الباقون بضم الميم وحدها، والوقف للكل على الميم ساكنة من غير إشارة). [الإقناع: 2/596]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (108 - .... .... .... .... = وَعَنْدَ سِرَاطِ وَالسِّرَاطَ لِ قُنْبُلاَ
109 - بِحَيْثُ أَتَى وَالصَّادُ زَاياً أشِمَّهَا = لَدَى خَلَفٍ وَاشْمِمْ لِخَلاَّدِ الاَوَّلاَ). [الشاطبية: 9] (م)
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (110 - عَلَيْهِمْ إِلَيْهِمْ حَمْزَةٌ وَلَدَيْهِموُ = جَمِيعاً بِضَمِّ الْهاءِ وَقْفاً وَمَوْصِلاَ
111 - وَصِلْ ضَمَّ مِيمِ الْجَمْعِ قَبْلَ مُحَرَّكٍ = دِرَاكاً وَقاَلُونٌ بِتَخْيِيرِهِ جَلاَ
[الشاطبية: 9]
112 - وَمِنْ قَبْلِ هَمْزِ الْقَطْعِ صِلْهَا لِوَرْشِهِمْ = وَأَسْكَنَهاَ الْبَاقُونَ بَعْدُ لِتَكْمُلاَ
113 - وَمِنْ دُونِ وَصْلٍ وضُمَّهَا قَبْلَ سَاكِنٍ = لِكُلٍ وَبَعْدَ الْهَاءِ كَسْرُ فَتَى الْعَلاَ
114 - مَعَ الْكَسْرِ قَبْلَ الْهَا أَوِ الْيَاءِ سَاكِناً = وَفي الْوَصْلِ كَسْرُ الْهَاءِ بالضَّمَّ شَمْلَلاَ
115 - كَمَا بِهِمُ الْأَسْبَابُ ثُمَّ عَلَيْهِمُ الْـ = ـقِتَالُ وَقِفْ لِلْكُلِّ بِالْكَسْرِ مُكْمِلاَ). [الشاطبية: 10]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): (وقوله: لـ (قنبلا)، أي اتبعه ، من : ولي هذا هذا، إذا جاء بعده في الرتبة، وهو فعل أمر، و(قنبلا) مفعول.
والصراط، أصله السين؛ لأنه من الاستراط ، وهو الابتلاع ، كأنه يبتلع سالكيه، وقيل له لقمٌ، من ذلك.
وأهل الحجاز يقولون: صراط بالصاد، قصدًا للمجانسة والمشاكلة؛ لأن السين لا تُجانس الطاء، والصاد تجانسها. أما الطاء فتجانسها في الإطباق والاستعلاء. وأما السين فتجانسها في الصفير والهمس والمخرج ، فعدلوا إليها هذا التوسط.
ومن أشم الصاد زايًا، بالغ في طلب المشاكلة؛ لأنها تزيد على الصاد بالجهر الموافق للطاء).[فتح الوصيد: 2/217] (م)
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([110] عليهم إليهم (حمزة) ولديهمو = جميعًا بضم الهاء وقفًا وموصلا
ضم الهاء في هذه هو الأصل ؛ لأن الياء فيها منقلبة عن ألف.
والضم لغة قريش ومن والاهم ، واستوى الوقف والوصل لذلك، ولأن
[فتح الوصيد: 2/217]
الضم في : هُم ومنهُم وعنهُم، دليل على أنه الأصل، وإنما كسر الهاء من كسر، لمجاورة الياء أو الكسرة؛ لأن الهاء تُشابه الألف في الضعف والخفاء.
وكما كانت الألف تُمال لمجاورتهما، فكذلك الهاء التي شابهتها، تكسر لشبه الكسر بالإمالة، ولهذا أجمعوا على الضم في ما سوى ذلك.
[111] وصل ضم ميم الجمع قبل محركٍ = (د)راكًا (وقالونٌ) بتخييره جلا
(دراكًا): متابعة.
و(جلا): كشف؛ لأنه نبه بالتخيير على ثبوت القراءتين، والأصل في هذه الميم، الصلة، بدليل: {أنلزمكموها}.
ولأن الواو في (عليهمو)، كالألف في (عليهما)؛ لأن التثنية والجمع يجريان في الزيادة مجرى واحدًا.
فمن حذف فللإيجاز والخفة لكثرة ذلك في الكلام، ولأن ميم الجمع ناب مناب أسماء ظاهرة غائبةٍ وحاضرة.
ولما لم يكن في العربية اسمٌ في آخره واوٌ قبلها ضمةٌ، حذفها من حذفها لذلك، وأسكنت الميم مبالغةً في إزالة ما حذف، لأن بقاء الضمة دليل عليه؛ ولأنه يؤدي إلى ما يتحامونه في الكلام، من اجتماع خمس حركات نحو {رسلهم}: وشبهه.
[فتح الوصيد: 2/218]
[112] ومن قبل همز القطع صلها لـ (ورشهم) = وأسكنها الباقون بعد لتكملا
حجة من ضم الميم عند همز القطع، أن مذهبه نقل الحركة.
فكان يلزمه أن يحرك الميم بالفتح والكسر عند الهمزة المفتوحة والمكسورة، وذلك تحريكٌ لها بغير حركتها الأصلية.
فإذا لم يكن بُدٌّ من تحريكها، فبحركتها الأصلية أولى، فراجع الأصل فرارًا من ذلك.
وقوله: (لتكملا)، أي لتكمل وجوهها.
وليست هذه علة من أسكن، وإنما أشار إلى كمال وجوه القراءة .
[113] ومن دون وصلٍ ضمها قبل ساكن = لكل وبعد الهاء كسر (فتى العلا)
[114] مع الكسر قبل الها أو الياء ساكنًا = وفي الوصل كسر الهاء بالضم (شـ)مللا
[115] كما بهم الأسباب ثم عليهم ال = قتال وقف للكل بالكسر مكملا
فإن لقي الميم ساكنٌ، وقبل الميم هاءٌ وقبل الهاء كسرةٌ أو ياءٌ ساكنة، فمن كسر الهاء، كسرها لمجاورة ما يوجب الكسر، وقد تقدم. ومن كسر الميم كسرها إتباعا لها ولالتقاء الساكنين.
[فتح الوصيد: 2/219]
ومن ضم الميم دون الحاء، احتج بأن الضرورة دعت إلى مراجعة الأصل في الميم دون الهاء، وهي لغة أهل الحرمين؛ إذ كانت حركتها الأصلية بها أولى.
ومن ضمهما جميعًا، راجع الأصل فيهما.
و(شملل) : أسرع ؛ لأنه أخف وأسرع لفظًا.
فإن انعدم الشرط بعدم الهاء أو الكسر قبلها، أو الياء قبلها، وقع الإجماع على الضم فيهما أو في الميم، كقوله: {عليكم القتال}، و{منهم المؤمنون} الزوال موجب الكسر.
وقوله: (وقف للكل بالكسر)، يعني بكسر الهاء المكسور ما قبلها أو التي قبلها الياء؛ لأنك إذا وقفت، زال السبب الموجب لمراجعة الأصل، وهو التقاء الساكنين ، فلم تضم الميم، فانكسرت الهاء لما قبلها من الموجب للكسر؛ لأن الميم لما انضمت في حال الوصل ضمت الهاء في لغة من ضمها، ليكون عمل اللسان واحد؛ لأنهم رأوا أنهم لو كسروا الماء، لخرجوا من كسرها إلى ضم الميم، وذلك يثقل عليهم، ولم يكسروا الميم إتباعًا لها؛ لأن الضم أولى بها عند التقاء الساكنين، لأنه الأصل). [فتح الوصيد: 2/220] (م)
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ( [108] ومالك يوم الدين راويه ناصرٌ = وعند سراطٍ والسراط لقنبلا
[109] بحيث أتى والصاد زايًا أشمها = لدى خلفٍ واشمم لخلاد الاولا
ب: (ل): ارمٌ من الولاء، بمعنى: أتبع، (الإشمام): من (أشممته الطيب): إذا أوصلت إليه شيئًا يسيرًا مما يتعلق به، وهو الرائحة، والإشمام عندهم على أربعة أنواع:
[1]- خلط الحرف بالحرف، كما في {الصراط} [الفاتحة: 6]، و {بمصيطر} [الغاشية: 22].
[2] وخلط الحركة بالحركة، كما في {غيض} [هود: 44]، و{قيل} [البقرة: 11].
[3] وخلط الإسكان بالتحريك كما في {تأمنا} [يوسف: 11].
[4] وضم الشفتين بعد سكون الحرف، وسيأتيك في باب الوقف.
[كنز المعاني: 1/351]
ح: (مالك): مبتدأ، (راويه): مبتدأ ثانٍ، (ناصرٌ): خبره، والجملة: خبر المبتدأ الأول، و (قنبلا): مفعول (ل)، (بحيث أتى): ظرف الأمر، والباء: زائدة، و(الصاد زايًا أشمها) من باب الإضمار على شريطة التفسير، والمختار نصب (الصاد)- لوقوع الأمر بعده على المفعول الأول، و(زايًا): مفعول ثانٍ، أي: أشمم الصاد زايًا، و(الأولا): صفة موصوف محذوف، أي: الصراط الأول، وهمزة (أشمم) حذفت مع أنها همزة قطع للضرورة.
ص: أي: لفظ {ملك يوم الدين} [3] يقرأه بالمد الكسائي وعاصم المرموزان بالراء والنون، وغيرهما بحذف المد، وهذا مما استغنى باللفظ عن القيد، فلم يقل: ومالك بالمد.
وأتبع قنبلًا في لفظ {صراط} [7]، و {الصراط} [6] باللام أو مجردًا عنها حيث وقع في القرآن، أي: اقرأهما على مذهب قنبل بصريح السين، وهذا أيضًا مما اكتفى باللفظ عن القيد.
وأشمم الصاد زايًا في {صراط} [7]، و {الصراط} [6] حيث وقع
[كنز المعاني: 1/352]
عند خلف عن حمزة، وأشمم الصاد زايًا في {الصراط} الذي وقع أولًا في القرآن وهو: {اهدنا الصراط المستقيم} [6] لخلاد عنه، والباقون: بالصاد الصريح في كل القرآن.
أما التصريح بالسين: فلأنها الأصل؛ لأن السراط من الاستراط، وهو الابتلاع، سمي الطريق به لأنه يبتلع السابلة. وأما الصاد: فلكراهة الخروج من السين وهو حرف مهموس مستفل إلى الطاء وهو حرف مجهور مستعلٍ-، فطلبوا التجانس بقلب السين صادًا لاشتراكهما في الصفير والهمس والمخرج، واشتراك الصاد والطاء في الإطباق والاستعلاء.
وأما إشمام الزاي: فللمبالغة في طلب التجانس لزيادة الزاي على الصاد بالجهر.
والحاصل: أن قنبلًا عن ابن كثير قرأ في كل القرآن {صراط} [7]، و{الصراط} [6] بالسين الصريح، وخلفًا عن حمزة بإشمام الصاد زايًا في كل القرآن، وخلادًا عنه بالإشمام في {الصراط المستقيم} [6] فقط، وفيما عداه بالصاد الصريح، والباقون وهم: نافع والبزيّ وأبو عمرو وابن عامر
[كنز المعاني: 1/353]
وعاصم والكسائي- بالصاد الصريح في كل القرآن). [كنز المعاني: 1/354] (م)
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ( [110] عليهم إليهم حمزة ولديهم = جميعًا بضم الهاء وقفًا وموصلا
ب: (الموصل): الوصل.
ح: (عليهم إليهم .... لديهم): نصب على المفعول به، أي: يقرأهن حمزة، أو رفعٌ على الابتداء، والخبر: حمزةُ، أي: قراءته، (جميعًا): ظرف، أي: في كل القرآن، و(وقفًا وموصلًا): حالان عن (حمزة)، أي: ذا وقفٍ ووصلٍ.
ص: يعني: أن لفظ {عليهم} [6]، و{إليهم} [آل عمران: 77]، و {لديهم} [آل عمران: 44]، حيث وقعن في القرآن يقرأهن حمزة بضم الهاء سواء يصل أو يقف، والباقون: بالكسر.
أما الضم: فلأنه هو الأصل، كما تقول: (هم القوم)، وتخصيص الألفاظ الثلاثة دون غيرها نحو: {فيهم} [الكهف: 22]، و{أيديهم} [البقرة: 79] لانقلاب الياء عن الألف هنا، بدليل: (على زيدٍ) و(إلى عمروٍ)، و(لدى بكرٍ)، وبعد الألف لا يكون إلا مضمومًا نحو: {وقليلٌ ما هم} [ص:
[كنز المعاني: 1/354]
24]، فكذلك بعد المنقلب عنها، وأما الكسر: فمجاورة الياء.
[111] وصل ضم ميم الجمع قبل محركٍ = داركًا وقالونٌ بتخييره جلا
ب: (وصل الضم): إشباعه حتى يتولد منه واوٌ، و(داركًا): متابعة من (دارك الرجل صوته): إذا تابعه، (جلا): ظهر.
ح: (بتخييره): متعلق بـ (جلا)، والضمير: لـ (قالون)، أو للوصل الدال عليه (صل).
ص: أي: صل ضم ميم الجمع إذا كان ذلك الميم قبل حرفٍ متحرك في كل القرآن عن ابن كثير والمرموز له بالدال، نحو: {ومنهم أميون} [البقرة: 78]، و{عليهم ءأنذرتهم} [البقرة: 6]؛ لأن الواو في {منهم} كالألف في (منهما) تجري التثنية والجمع مجرًى واحدًا.
قوله: (قبل محرك) احترازٌ عم قبل ساكن، نحو: {إليهم اثنين} [يس: 14]، {عليهم الذلة} [البقرة: 61]؛ لأن زيادة الواو حينئذٍ مفضية إلى حذفها لالتقاء الساكنين وتعيُّن حرف المد للحذف.
[كنز المعاني: 1/355]
وقالون عن نافع يقول بالتخيير بين الوصل والقطع إشعارًا بجواز الوجهين.
[112] ومن قبل همز القطع صلها لورشهم = وأسكنها الباقون بعد لتكملا
ب: (همز القطع): ما يثبت في الدرج.
ح: ضمير (صلها) و (أسكنها): لميم الجمع، و(من قبل): ظرف (صلها)، و(من): للابتداء أو للبيان، و(بعدُ): متعلق بـ (الباقون)، أي: الباقون في ذكري بعد ذكرِ من وصل، وكذا: (لتكملا)، أي: أعلمتك بذلك لتكمل وجوه القراءة.
ص: أي: وصل ورش ميم الجمع الذي قبل همزة القطع، نحو: {عليهم ءأنذرتهم أم لم} [البقرة: 6]، {إنما معكم إنما نحن} [البقرة: 14]، للزومه نقل حركة الهمزة إليها إذا لم يصل، فيتحرك الميم بالحركات المختلفة،
[كنز المعاني: 1/356]
أو لاستعانته بالمد على النطق بالهمزة، أو للأخذ باللغتين.
والباقون من القراء أسكنوا ميم الجمع بعد حذف الواو.
أما الحذف: فللخفة، وأما الإسكان: فللمبالغة في التخفيف؛ لأن الضمة من جنس الواو.
[113] ومن دون وصلٍ ضُمها قبل ساكنٍ = لكل وبعد الهاء كسرُ فتى العلا
[114] مع الكسر قبل الها أو الياء ساكنًا = وفي الوصل كسر الهاء بالضم شمللا
ب: (شملل): أسرع.
ح: (ضُمَّها) بضم الضاد: فعل أمر، وبفتحها: مبتدأ، خبره: ما قبله أو ما بعده، والضمير: لميم الجمع، (كسرُ) مبتدأ، (بعد الهاء): خبره، و(مع الكسر): ظرف المبتدأ، و(ساكنًا): حال من الياء لجواز تذكيره وتأنيثه، فاعل (شمللا): ضمير يرجع إلى (كسر الهاء) جعل الكسر آتيًا بالضم، في عجلٍ على سبيل المجاز.
ص: أي ضُمَّ ميم الجمع بلا وصل إذا كان قبل حرفٍ ساكن نحو:
[كنز المعاني: 1/357]
{وأنتم الأعلون} [آل عمران: 39] من كل القراء، إلا أن أبا عمرو يكسرها بعد هاءٍ، وقعت بعد كسرةٍ أو ياءٍ ساكنة، نحو: {في قلوبهم العجل} [البقرة: 93]، و{إليهم اثنين} [يس: 14].
وحمزة والكسائي المرموزان بالشين، ضما كسر الهاء الواقع بعد الكسر أو الياء الساكن في الوصل دون الوقف.
أما ضم الميم: فلأنه لما احتيج إلى تحريكها لالتقاء الساكنين عُدل إلى أصل حركتها، وهو الضم، وإنما لم يجز الوصل؛ لأن الوصل وهو زيادة الواو قبل الساكن يفضي إلى حذفها لالتقاء الساكنين، وتعيُن حرف العلة للحذف.
وأما كسرها عند أبي عمرو: فلأنه لما كسر الهاء لإتباع ما قبلها كسر الميم لإتباع الهاء.
وأما ضم الهاء عند حمزة والكسائي: فلإتباع حركة الهاء حركة الميم، وقال: (في الوصل) لأنهما حالة الوقف يكسران الهاء، إذ لا إتباع حينئذٍ، ولا يخفى: أن حمزة في {عليهم} [6] و {لديهم} [آل
[كنز المعاني: 1/358]
عمران: 44] و{إليهم} [آل عمران: 77] يضم الهاء وقفًا ووصلًا.
[115] كما بهمُ الأسبابُ ثم عليهم الـ = قتال وقف للكل بالكسر مكملا
ح: (ما): زائدة، و (ثم): حرف العطف، (مكملًا): حال من ضمير (قف)، أي: مكملًا وجوه القراءة في ميم الجمع.
ص: أتى بمثال للهاء التي قبلها كسرة، وهو: {وتقطعت بهم الأسباب} في البقرة [166]، ومثال للهاء التي قبلها ياء ساكنة، وهو: {فلما كتب عليهم القتال} في النساء [77]، وهذا من باب اللف والنشر، أي: مع الكسر قبل الهاء نحو: {بهم الأسباب} [البقرة: 166]، ومع الياء الساكن ما قبلها كـ {عليهم القتال} [النساء: 77].
وقف لكل القراء على الميم بكسر الهاء لفوات الإتباع عند الوقف، ولم يبين الناظم رحمه الله سكون الميم لدى الوقف للوضوح). [كنز المعاني: 1/359]
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (ثم قال: وعند سراط،.. والسراط أي مجردا عن لام التعريف ومتصلا بها، ثم المجرد عن اللام قد يكون نكرة نحو: {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}، {أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا}.
وقد تكون معرفة بالإضافة نحو: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي}، {صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}، {صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا}.
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/240]
فلهذا لم أقل إرادة المنكر والمعرف ومثله، وكسر بيوت والبيوت، ونقل قران والقران بخلاف قوله: في لؤلؤ في العرف والنكر شعبة، فإنه لم يأت مجردا عن اللام إلا وهو نكرة ولو اقتصر على لفظ النكرة في الكل لحصل الغرض فإن لام التعريف زائدة على الكلمة كما قال: ووالاه في بئر وفي بئس ورشهم، والحكم عام في كل ما في القرآن من لفظ بئس مجردا من الراء والفاء واللام، وفي وبئس بالواو وفي فبئس بالفاء وفي لبئس باللام وإنما نبه على ما فيه لام التعريف دون المضاف لاتحاد لفظ اللام وتعدد المضاف إليه ولو أنه قال سراط بسين قنبل كيف أقبلا وبالصاد باقيهم وزايا أشمها البيت لتم له المقصود والله أعلم.
ثم هذا أيضا مما استغني فيه باللفظ عن القيد فكأنه قال بالسين، واعتمد على صورة الكتابة فلم يخف التباسا إذ يقرأ بالصاد، "وقنبلا" منصوب؛ لأنه مفعول به لقوله: "لِ" وهذه اللام المنفردة هي فعل أمر من قوله ولي هذا هذا يليه إذا جاء بعده، أي: اتبعْ قنبلا عند هاتين اللفظتين فاقرأ قراءته فيهما بالسين في جميع القرآن وقد بين ذلك بقوله رحمه الله:
109-
بِحَيْثُ أَتَى وَالصَّادُ زَاياً أشِمَّهَا،.. لَدَى خَلَفٍ وَاشْمِمْ لِخَلاَّدِ الَاوَّلا
أي بحيث أتى المذكور، وهذا لفظ يفيد العموم كقوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}.
والباء في "بحيث" زائدة ولو لم يقل بحيث
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/241]
أتى لاقتصر الحكم على ما في الفاتحة وهكذا كل موضع يطلق فيه اللفظ يكون مخصوصا بتلك السورة كقوله: وخفف كوف يكذبون سبيل برفع خذ، وفي "شركاي" الخلف فإن كان الخلاف مطردا في موضعين قال: معا، وإن كان في أكثر قال: جميعا أو كلا أو حيث جاء ونحو ذلك، ولم يخرج عن هذا إلا حروف يسيرة كالتوراة وكأين في آل عمران وقراءة الباقين بالصاد وهي أقوى القراءات لاتفاق الرسم عليها وأفصحها لغة وعلم أن قراءة الباقين بالصاد من قوله والصاد زايا أشمها كأنه قال: والباقون بالصاد وأشمها زايا خلف، ويجوز في قوله: الصاد النصب والرفع والنصب هو المختار لأجل الأمر وغلط من قال هنا الرفع أجود، وأصل كلمة السراط السين والصاد بدل منها لأجل قوة الطاء ومن أشمها زايا بالغ في المناسبة بينهما وبين الطاء، وروي عن بعضهم إبدالها زايًا خالصة والمعنى بهذا الإشمام خلط صوت الصاد بصوت الزاي فيمتزجان فيتولد منهما حرف ليس بصاد ولا زاي.
والإشمام في عرف القراء يطلق باعتبارات أربعة، أحدها خلط حرف بحرف كما في الصراط وما يأتي في أصدق ومصيطر، والثاني خلط حركة بأخرى كما يأتي في قيل وغيض وأشباههما، والثالث إخفاء الحركة فيكون بين الإسكان والتحريك كما يأتي في:
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/242]
{تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ}.
على ظاهر عبارة صاحب التيسير، والرابع ضم الشفتين بعد سكون الحرف، وهو الذي يأتي في باب الوقف وفي باب وقف حمزة وهشام وآخر باب الإدغام على ما سنبين ذلك ونوضح ما فيه من الإشكالات إن شاء الله، وقوله: لدى خلف أي عنده ومعنى عنده أي في مذهبه وقراءته، ووصل همزة القطع من قوله: وأشمم لخلاد ضرورة كما صرف براءة فيما تقدم وأصله من قولهم أشممته الطيب أي أوصلت إليه شيئا يسيرا مما يتعلق به وهو الرائحة، والأول مفعول "واشمم"، ونقل الحركة من همزة أول إلى لام التعريف فتحركت، فإن لم يعتد بالحركة كان حذف التنوين من قوله لخلاد؛ لالتقاء الساكنين تقديرا، وإن اعتد بها فحذف التنوين ضرورة، وسيأتي تحقيق هذين الوجهين في مسألة: "عادا الأولى" والمراد بالأول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}؛ أي أشمه وحده خلاد دون ما بقي في الفاتحة وفي جميع القرآن، وهذه إحدى الروايات عنه وقلَّ من ذكرها.
وروي أنه يوافق خلفا في حرفي الفاتحة معا دون سائر القرآن.
وروي أنه يشم ما كان بالألف واللام فقط في الفاتحة وغيرها. والرواية
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/243]
الرابعة أنه يقرأ بالصاد خالصة كسائر القراء في الفاتحة وغيرها.
قال أبو الطيب بن غلبون: المشهور عن خلاد بالصاد في جميع القرآن قال: وهذه الرواية هي المعول عليها وبها أخذ في فاتحة الكتاب وغيرها.
وفي الشرح الكبير تعليل هذه الروايات وبسط القول في ذلك والله أعلم). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/244] (م)
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (110- عَلَيْهِمْ إِلَيْهِمْ حَمْزَةٌ وَلَدَيْهِموُ،.. جَمِيعاً بِضَمِّ الْهاءِ وَقْفاً وَمَوْصِلا
أي قرأ حمزة هذه الألفاظ الثلاثة بضم الهاء وحذف واو العطف من إليهم ضرورة وسيأتي له نظائر فموضع عليهم وإليهم ولديهم نصب على المفعولية ويجوز الرفع على الابتداء وخبره حمزة أي يقرؤهن بالضم، أو قراءة حمزة والأولى أن يلفظ بالثلاثة في البيت مكسورات الهاء ليتبين قراءة الباقين؛ لأن الكسر ليس ضدا للضم فلا تتبين قراءتهم من قوله بضم الهاء ولو قال: بضم الكسر لبان ذلك، ولعله أراده وسبق لسانه حالة الإملاء إلى
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/244]
قوله: بضم الهاء، وسيأتي في قوله: كسر الهاء بالضم شمللا، وقف للكل بالكسر مكملا ما يوضح أن الخلاف في هذا الباب دائر بين كسر الهاء وضمها، ومن عادته المحافظة على قيوده وإن كان موضع الخلاف مشهورًا أو لا يحتمل غيره كقوله: وها هو وها هي أسكن، ثم قال: والضم غيرهم وكسر مع كونه صرح بلفظي هو وهي وهذه الكلمات الثلاث ليس منها في الفاتحة إلا "عليهم"، وأدرج معها "إليهم" و"لديهم"؛ لاشتراكهن في الحكم، وهذا يفعله كثيرا حيث يسمح النظم به كقوله: وقيل وغيض وجئ وحيل وسيق وسيء وسيت ويتركه حيث يتعذر عليه فيذكر كل واحد في سورته كقوله: في الأحزاب بما يعلمون اثنان عن ولد العلا. ثم قال: في سورة الفتح: "بما يعملون حج"، وقال في البقرة: "وفتحك سين السلم"، ثم ذكر في الأنفال الذي في سورة القتال فكل واحد من الجمع والتفريق يقع مع اتحاد القارئ واختلافه، وقوله: جميعا أي حيث وقعت هذه الثلاث في جميع القرآن ووقفا وموصلا حالان من حمزة أي ذا وقف ووصل أي في حالتي وقفه ووصله فالموصل والوصل مثل المرجع والرجع.
وأعلم أن الضم في الهاء هو الأصل مطلقا للمفرد والمثنى والمجموع نحو: "منه وعنه ومنهما وعنهما ومنهم وعنهم ومنهن وعنهن"، وفتحت: في "منها وعنها" لأجل الألف وكسرت إذا وقع قبلها كسر أو ياء ساكنة نحو بهم وفيهم فمن قرأ بالضم فهو الأصل، وإن كان الكسر أحسن في اللغة كما قلنا في الصراط وإنما اختص حمزة هذه الألفاظ الثلاثة بالضم؛ لأن الياء فيها بدل عن الألف ولو نطق بالألف لم يكن إلا الضم في الهاء فلحظ الأصل في ذلك وإنما اختص جمع المذكر دون المؤنث
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/245]
والمفرد والمثنى فلم يضم عليهن ولا عليه ولا عليهما؛ لأن الميم في عليهم يضم عند ساكن في قراءته ومطلقا في قراءة من يصلها بواو فكان الضم في الهاء إتباعا وتقديرا وليس في عليه وعليهما وعليهن ذلك ولم يلحظ يعقوب الحضرمي هذا الفرق فضم هاء التثنية وجمع المؤنث ونحو فيهم وسيؤتيهم وقد ضم حمزة فيما يأتي: {لِأَهْلِهِ امْكُثُوا}.
وضم حفص {عَلَيْهُ اللَّهَ} في الفتح، {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ}. والضم الأصل في الكل والله أعلم.
111-
وَصِلْ ضَمَّ مِيمِ الْجَمْعِ قَبْلَ مُحَرَّكٍ،.. "دِ"رَاكاً وَقاَلُونٌ بِتَخْيِيرِهِ جَلا
نبه على أن أصل ميم الجمع أن تكون مضمومة، والمراد بوصل ضمها إشباعه فيتولد منه واو، وذلك كقولهم في أنتمْ ومنهمْ: أنتمو ومنهمو فيكون زيادة الجمع على حد زيادة التثنية هذه بواو وهذه بألف "فأنتمو وأنتما" كالزيدون والزيدان وقاما وقاموا وكلاهما لغة فصيحة، وقد كثر مجيئها في الشعر وغيره، قال لبيد:
وهمو فوارسها وهمْ حكامها
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/246]
فجمع بين اللغتين، وكذا فعل الكميت في قوله:
هززتكمو لو أن فيكمْ مهزَّة
وقال الفرزدق:
من معشر حبهم دين وبغضهمو،.. كفر،..،...
وقوله: قبل محرك احتراز مما بعده ساكن، وسيأتي حكمه؛ لأن الزيادة قبل الساكن مفضية إلى حذفها لالتقاء الساكنين، وبقي عليه شرط آخر وهو أن لا يتصل بميم الجمع ضمير فإنه إن اتصل بها ضمير وصلت لجميع القراء وهي اللغة الفصيحة حينئذ وعليها جاء الرسم نحو: {فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ}، {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا}، {فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ}، {أَنُلْزِمُكُمُوهَا}، {حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، {حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}، {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ}، وقوله: دراكا أي متابعة وهو مصدر في موضع الحال أي صلة تابعا لما نقل، يقال دارك الرجل صوبه أي تابعه والدال رمز ابن كثير وصرف اسم قالون هنا وترك صرفه فيما تقدم فيكون صرفه أو ترك صرفه
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/247]
للضرورة، وجلا أي كشف؛ وذلك لأنه نبه بتخييره بين مثل قراءة ابن كثير، وقراءة الجماعة على صحة القراءتين وثبوتهما أي يروى عن قالون الوجهان؛ الوصل وتركه، وهذا التخيير منقول أيضا عن نافع نفسه، ويروى عن قالون مثل ورش، وعن ابن كثير مثل الجماعة:
112-
وَمِنْ قَبْلِ هَمْزِ الْقَطْعِ صِلْهَا لِوَرْشِهِمْ،.. وَأَسْكَنَهاَ الْبَاقُونَ بَعْدُ لِتَكْمُلا
كان يلزمه أن يذكر مع ورش ابن كثير وقالون؛ لئلا يظن أن هذا الموضع مختص بورش كما قال في باب الإمالة: رمى صحبة ولو قال: ومن قبل همز القطع وافق ورشهم لحصل الغرض.
ومعنى البيت: أن ورشا يقرأ مثل قراءة ابن كثير إذا كان بعد الميم همزة قطع، وهي التي تثبت في الوصل نحو: {عَلَيْهِمْ}، {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ}، {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ}، {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا}،
لكن ورشا يكون أطول مدًّا من ابن كثير على أصله وإنما خص ورش الصلة بما كان قبل همزة لحبه المد وإيثاره له ولهذا مد ما بعد الهمزة في وجه كما سيأتي، وأراد أيضا الجمع بين اللغتين، كما قال امرؤ القيس:
أمرخ خيامهمو أم عشر،.. أم القلب في إثرهم منحدر
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/248]
وخص ذلك؛ ليستعين بالمد على النطق بالهمز، قال أبو علي: كأنه أحب الأخذ باللغتين وكان المد قبل الهمزة مستحبًّا، واعتل له المهدوي وغيره بما يلزمه من نقل الحركة على أصله، ولو نقل إليها لتحركت بالضم والفتح والكسر، فآثر أن يحركها بحركتها الأصلية ولا تعتورها الحركات العارضة والهاء في صلها وأسكنها تعود على ميم الجمع، وإنما بين قراءة الباقين أنها بالإسكان؛ لئلا يظن أنها بترك الصلة ولا يلزم من ترك الصلة الإسكان؛ إذ ربما تبقى الميم مضمومة من غير صلة كما يفعل في هاء الكناية وهو المعبر عنه ثم بالقصر وسيأتي، ولم يقرأ بذلك في الميم؛ لقوتها واستغنائها عن الحركة، ولما كانت الهاء خفية ضعيفة قويت بالحركة تارة وبها وبالصلة أخرى، وقوله: بعد متعلق بالباقون أي الذين بقوا في ذكرى بعد ذكر من وصل ولا يجوز تعلقه بأسكنها؛ لأن من المسكنين من سبق الواصلين في الزمان كابن عامر إلا على تأويل ترتيب الذكر فيرجع إلى المعنى الأول ويجوز أن يتعلق بمحذوف ولتكملا أيضا متعلق به أي أعلمتك بقراءة الباقين بعد ما ذكرت قراءة الواصلين؛ لتكمل وجوه القراءة في ميم الجمع وإن علقنا بعد بالباقون كان لتكملا متعلقا بأسكنها، واللام للعاقبة؛ لأنهم لم يسكنوها لهذه العلة وإنما كانت العاقبة ذلك، ويجوز على هذا أن يتعلق اللام بصلها والواو في وأسكنها للحال أي صلها لورش في الحال التي أسكنها فيها الباقون؛ لتكمل وجوهها، وإسكان ميم الجمع هو اللغة الفصيحة الفاشية، وقد وافق من وصلها على ترك الصلة في الوقت، وكذا في هاء الكناية ولم ينبه الناظم على ذلك في البابين والله أعلم.
113-
وَمِنْ دُونِ وَصْلٍ وضُمَّهَا قَبْلَ سَاكِنٍ،.. لِكُلٍ وَبَعْدَ الْهَاءِ كَسْرُ فَتَى العَلاَ
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/249]
ذكر في هذا البيت حكم ميم الجمع إذا لقيها ساكن ولا يقع ذلك الساكن في القرآن إلا بعد همزة الوصل فقال ضمها من غير صلة لكل القراء ووجه الضم تحريكها لالتقاء الساكنين واختير ذلك؛ لأنه حركتها الأصلية فهي أولى من حركة عارضة ولم تمكن الصلة؛ لأن إثباتها يؤدي إلى حذفها لأجل ما بعدها من الساكن وضمها فعل أمر، وفي نسخة ضمها على أنه مبتدأ خبره ما قبله أو ما بعده ومثله: {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} - {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}.
وكان يمكن إثبات الصلة في: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ}؛ لأن الساكن بعدها مدغم فيبقى من باب إدغام أبي عمرو: {قَالَ رَبِّ}.
وقد فعل ذلك البزي في: "عنهو تلهى"، "فظلتمو تفكهون"، إلا أن الفرق أن إدغام أبي عمرو والبزي طارئ على حرف المد فلم يحذف له، وكذا إدغام "دابة" و"الصاخة" و"خاصة" فلم يحذف حرف المد خوفا من الإجحاف باجتماع إدغام طارئ وحذف، وأما إدغام اللام في الذين ونحوه فلأصل لازم وليس بطارئ على حرف المد فإنه كذلك أبدا كان قبله حرف مد أو لم يكن فحذف حرف المد للساكنين طردا للقاعدة فلم يقرأ "منهمو الذين" كما لم يثبت حرف المد في مثل: {قَالُوا اطَّيّرْنَا}،
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/250]
{ادْخُلا النَّارَ}، {وَفِي النَّارِ}.
ثم قال: وبعد الهاء كسر فتى العلا؛ أي: إن وقع قبل الميم التي قبل الساكن هاء كسر أبو عمرو الميم إتباعا للهاء؛ لأن الهاء مكسورة وبقي الباقون على ضم الميم ثم ذكر شرط كسر الهاء فقال:
114-
مَعَ الْكَسْرِ قَبْلَ الْهَا أَوِ الْيَاءِ سَاكِناً،.. وَفي الْوَصْلِ كَسْرُ الْهَاءِ بالضَّمَّ "شَـ"ـمْلَلا
أي: إذا كان قبل الهاء كسر أو ياء ساكنة وقصر لفظ الهاء ضرورة وساكنا حال من الياء والياء كغيرها من الحروف يجوز تأنيثها وتذكيرها، ومعنى شملل أسرع وفاعله ضمير عائد على كسر الهاء أي أتى بالضم في عجل جعل الكسر آتيا بالضم تجوزا واتساعا وإن كانا لا يجتمعان، ووجهه توافق معنى القراءتين وصحتهما وحلول كل واحد منهما في محل الآخر، والشين رمز حمزة والكسائي قرءا بضم الهاء والميم على الأصل في الميم والإتباع في الهاء وأبو عمرو كسر الهاء؛ لما قبلها، والميمَ؛ للإتباع، والباقون ضموا الميم على الأصل لما احتاجوا إلى تحريكها لأجل الساكن بعدها، وكسروا الهاء لمجاورة ما أوجب ذلك من الكسر أو الياء الساكنة كما أجمعوا على "بهم وفيهم" إذا لم يكن بعدها ساكن ولم يبالوا بالخروج من كسر إلى ضم؛ لأن الكسر عارض قاله أبو علي، وقوله في الوصل لم يكن إليه حاجة فإن الكلام فيه فكان ينبغي أن ينبه على أنه شرط في ضم الميم كما أنه شرط في ضم الهاء وإلا فإتيانه به ههنا يوهم أنه شرط في ضم الهاء فقط وليس كذلك،
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/251]
وكان يغني عنه أيضا قوله بعد ذلك: وقف للكل بالكسر ثم مثل ما ذكره فقال:
115-
كَمَا بِهِمُ الْأَسْبَابُ ثُمَّ عَلَيْهِمُ الْـ،.. ـقِتَالُ وَقِفْ لِلْكُلِّ بِالْكَسْرِ مُكْمِلا
"ما" في "كما" زائدة. مثَّل ما قبل الهاء فيه كسر بقوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} ومثله في {قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ}، {مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ}.
ومثل ما قبله ياء ساكنة بقوله سبحانه: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ} ومثله {يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ}، {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ}.
ثم قال: وقف للكل بالكسر يعني في الهاء؛ لأن ضمها في قراءة حمزة والكسائي كان إتباعا لضم الميم لا لمجرد كون الضم هو الأصل فإنهما لم يضما الهاء في نحو: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} ولا ضم الكسائي نحو {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}.
وإذا كان ضم الهاء إتباعا للميم ففي الوقف سكنت الميم، فلم يبق إتباع فعاودا كسر الهاء ولا يستثنى من هذا إلا الكلمات الثلاث المقدم ذكرها وهي: "عليهم وإليهم ولديهم" فإن حمزة يضم الهاء فيها وقفا ووصلا فلا يؤثر الوقف في مذهبه شيئا في نحو: {عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ} إلا سكون الميم فقط، وكان ينبغي للناظم أنه ينبه على سكون الميم وقفا كما نبه على كسر الهاء ولكنه أهمله؛ لوضوحه، ومكملا حال أي قف مكملا وجوه القراءة في ميم الجمع والله أعلم). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 1/252] (م)
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (108 - ومالك يوم الدّين راويه ناصر ... وعند سراط والسّراط ل قنبلا
109 - بحيث أتى والصّاد زاء أشمّها ... لدى خلف واشمم لخلّاد الاوّلا
...
واللام في لقنبلا للأمر، أي اتبع قنبلا في قراءة لفظ صِراطَ* والصِّراطَ* بالسين حيث وقع في القرآن الكريم سواء كان منكرا نحو وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أم معرفا باللام نحو: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أم بالإضافة نحو صِراطَ الَّذِينَ وَأَنَّ هذا صِراطِي صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ وهذا مما استغنى فيه باللفظ عن القيد أيضا حيث لم يقل بالسين. ثم أمر بإشمام الصاد صوت الزاي لخلف في هذا اللفظ حيث وقع في القرآن الكريم سواء كان منكرا، أم معرفا باللام، أو بالإضافة كالأمثلة المذكورة. وأخيرا أمر بإشمام الصاد صوت الزاي لخلاد في الموضع الأول
[الوافي في شرح الشاطبية: 50]
فقط وهو اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ فتكون قراءته في بقية المواضع بالصاد الخالصة وقرأ
الباقون بالصاد الخالصة في جميع المواضع من القرآن الكريم.
وكيفية الإشمام هنا: أن تخلط لفظ الصاد بلفظ الزاي وتمزج أحد الحرفين بالآخر فيتولد منها حرف ليس بصاد ولا بزاي ولكن يكون صوت الصاد متغلبا على صوت الزاي، وقصارى القول أن تنطلق بالصاد كما ينطلق العوام بالظاء). [الوافي في شرح الشاطبية: 50] (م)
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (110 - عليهم إليهم حمزة ولديهم ... جميعا بضمّ الهاء وقفا وموصلا
المعنى: قرأ حمزة هذه الكلمات عَلَيْهِمْ* إِلَيْهِمْ* لَدَيْهِمْ* بضم الهاء في حالي الوقف والوصل في جميع القرآن الكريم، سواء كان بعد الكلمات متحرك نحو عَلَيْهِمْ* غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ. أم كان بعدهن ساكن نحو عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ*، إِلَيْهِمْ* اثْنَيْنِ*. وأخذ هذا التعميم من الإطلاق. وقرأ غير حمزة هذه الكلمات الثلاث في جميع القرآن بكسر الهاء، ويؤخذ كسر الهاء من اللفظ.
111 - وصل ضمّ ميم الجمع قبل محرّك ... دراكا وقالون بتخييره جلا
المعنى: أمر الناظم بضم ميم الجمع وصلتها بواو إذا وقعت قبل متحرك لابن كثير في جميع القرآن سواء كان الحرف المتحرك همزة نحو عَلَيْهِمْ* أَأَنْذَرْتَهُمْ*، أم غيرها نحو أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، واحترز بقوله: قبل محرك؛ عما إذا وقعت قبل ساكن فإنها- وإن تحركت بالضم لأجل الساكن- لا توصل بواو لأحد من القراء نحو عَلَيْكُمُ الصِّيامُ، وَمِنْهُمُ الَّذِينَ فإن اقترن بها ضمير؛ فإنها توصل بواو لجميع القراء نحو أَنُلْزِمُكُمُوها، فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ، فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ.
ثم ذكر أن قالون يخير القارئ بقراءته بين الصلة والسكون فيما ذكر فيكون لقالون وجهان في كل ميم جمع وقع بعدها متحرك في جميع القرآن الكريم وهما الصلة والسكون، وليست جيم جلا رمزا لورش لتصريحه باسم قالون.
[الوافي في شرح الشاطبية: 51]
112 - ومن قبل همز القطع صلها لورشهم ... وأسكنها الباقون بعد لتكملا
المعنى: أمر بضم ميم الجمع وصلتها بواو إذا وقعت قبل همز القطع لورش نحو عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ، ولما كانت قراءة الباقين لا تؤخذ من الضد نص عليها فقال: وأسكنها الباقون بعد لتكملا. فباقي القراء بعد ابن كثير وقالون وورش يقرءون بسكون الميم. والاختلاف في صلة ميم الجمع وسكونها إنما هو في حال وصل الميم بما بعدها. وأما إذا وقف عليها فقد أجمعوا على سكونها.
113 - ومن دون وصل ضمّها قبل ساكن ... لكلّ وبعد الهاء كسر فتى العلا
114 - مع الكسر قبل الها أو الياء ساكنا ... وفي الوصل كسر الهاء بالضمّ شمللا
115 - كما بهم الأسباب ثمّ عليهم ال ... قتال وقف للكلّ بالكسر مكملا
قوله: (ضمها) يروى بفتح الضاد وضم الميم على أنه مبتدأ وقوله: (لكل) متعلق بمحذوف خبر، ويروى بضم الضاد وفتح الميم على أنه فعل أمر وها مفعول به.
و(شمللا) بمعنى أسرع، ولما ذكر في البيتين السابقين حكم ميم الجمع لجميع القراء إذا وقعت قبل متحرك، ذكر هنا حكمها إذا وقعت قبل ساكن فأمر بضمها من غير صلة إذا وقعت قبل ساكن، لكل القراء نحو وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ*، مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ثم بين أن (فتى العلا) وهو أبو عمرو البصري قرأ بكسر الميم إذا وقعت بعد الهاء بشرط أن يكون
قبل الهاء حرف مكسور نحو فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ، وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ*. أو ياء ساكنة نحو يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ، يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ، عَلَيْهِمُ الْقِتالُ*، إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ، ولا يخفى أنه يسكن الميم عند الوقف، ثم ذكر أن المرموز لهما بالشين وهما: حمزة والكسائي قرآ بضم كسر الهاء، مع ضم الميم، في حال الوصل إذا وقعت الهاء بعد حرف مكسور أو ياء ساكنة كالأمثلة المذكورة وذلك في حال الوصل فقط، وأما في حال الوقف فيقرءون بكسر الهاء، وهذا معنى قوله: وقف للكل بالكسر مكملا، ويستثنى من قوله: وقف للكل بالكسر مكملا: الكلمات الثلاث المتقدمة:
عَلَيْهِمْ*، إِلَيْهِمْ*، لَدَيْهِمْ*؛ فإن حمزة يقرؤها بضم الهاء وقفا ووصلا، سواء وقع بعد الميم ساكن أو متحرك كما سبق، وعلى هذا فمثل يُرِيهِمُ اللَّهُ، يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ،
[الوافي في شرح الشاطبية: 52]
يقرؤها حمزة والكسائي بضم الهاء والميم وصلا، وبضم الهاء وسكون الميم وقفا، ويقرؤهما الكسائي بضم الهاء والميم وصلا، وبكسر الهاء وسكون الميم وقفا). [الوافي في شرح الشاطبية: 53] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (11 - .... .... وَاكْسِرْ عَلَيْهِمْ إِلَيْهِمُ = لَدَيْهِمْ فَتَىً وَالضَّمُّ فِي الْهَاءِ حُلَّلَا). [الدرة المضية: 16] (م)
- قال محمد بن الحسن بن محمد المنير السمنودي (ت: 1199هـ):(ثم أتى بالواو الفاصلة فقال: واكسر عليهم إلخ أي قرأ مرموز (فا) فتى وهو خلف بكسر الياء في الثلاثة ألفاظ حيث وقعت وهذا إذا لم يكن بعد الميم ساكن فإن كان فله حكم سيأتي. ثم أخبر أن مرموز (حا) حللا وهو يعقوب قرأ بضم كل هاء ضمير جمع مذكر أو مؤنث أو مثنى إذا وقعت بعد يا ساكنة نحو: «عليهم، وإليهم، ولديهم، وفيهم، ويزكيهم، ومثليهم، وعليهن، وإليهن، وفيهن، وأيديهن، وعليهما، وفيهما، وإليهما» ). [شرح الدرة المضيئة: 40] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وروى) الخليل بن أحمد عن ابن كثيرٍ (غير المغضوب) بالنّصب ونصبه حسنٌ على الحال، أو على الصّفة، (وقرأ) أيّوب السّختيانيّ (ولا الضّألين) بهمزةٍ مفتوحةٍ في موضع الألف وهو قليلٌ في كلام العرب، قال: فهذا كلّه موافقٌ لخطّ المصحف والقراءة به لمن رواه عن الثّقات جائزةٌ لصحّة وجهه في العربيّة وموافقته الخطّ إذا صحّ نقله). [النشر في القراءات العشر: 1/47]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وعن عمر رضي اللّه عنه، (غير المغضوب) بالرّفع، أي: هم غير المغضوب أو أولئك. وعن عبد الرّحمن بن هرمز الأعرج ومسلم بن جندبٍ وعيسى بن عمر الثّقفيّ البصريّ وعبد اللّه بن يزيد القصير (عليهم) بضمّ الهاء ووصل الميم بالواو، وعن الحسن وعمرو بن فائدٍ (عليهم) بكسر الهاء ووصل الميم بالياء، وعن ابن هرمز أيضًا بضمّ الهاء والميم من غير صلةٍ، وعنه أيضًا بكسر الهاء وضمّ الميم من غير صلةٍ فهذه أربعة أوجهٍ وفي المشهور ثلاثةٌ فتصير سبعةً، وكلّها لغاتٌ وذكر أبو الحسن الأخفش فيها ثلاث لغاتٍ أخرى لو قرئ بها لجاز، وهي ضمّ الهاء وكسر الميم مع الصّلة والثّانية كذلك إلّا أنّه بغير صلةٍ، والثّالثة بالكسر فيهما من غير صلةٍ ولم يختلف عن أحدٍ منهم في الإسكان وقفًا). [النشر في القراءات العشر: 1/49]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (روى رويس، وابن مجاهد عن قنبل {الصراط} و {صراط} حيث أتى بالسين، والباقون بالصاد.
وأشم خلف عن حمزة الصاد زايًا في جميع القرآن، واختلف عن خلاد:
[تقريب النشر في القراءات العشر: 215]
ففي الشاطبية والتيسير: والإشمام في الحرف الأول من الفاتحة فقط، وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
وفي العنوان والمجتبى: إشمام موضعي الفاتحة فقط، وهو في المستنير عن ابن البختري عن الوزان، وطريق ابن حامد عن الصواف عن الوزان عنه، وهو في الروضة.
وعند جمهور العراقيين: الإشمام في المعرف باللام فقط حيث أتى، وهو طريق بكار عن الوزان عنه.
وفي التبصرة، والكافي، والهداية، والتذكرة عدم الإشمام مطلقًا، وهو طريق ابن الهيثم، والطلحي عنه.
وانفرد ابن عبيد عن الصواف عن الوزان عنه بالإشمام مطلقًا في جميع القرآن،
[تقريب النشر في القراءات العشر: 216]
كرواية خلف). [تقريب النشر في القراءات العشر: 217] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ يعقوب بضم كل هاء ضمير جمع أو مثنى، إذا وقعت بعد ياء ساكنة، نحو: {عليهم} [7]، و{عليهن} [البقرة: 228]، و{عليهما} [البقرة: 229]، و{فيهم} [البقرة: 129]، و{فيهن} البقرة: [197]، و{فيهما} [البقرة: 219]، و{إليهم} [آل عمران: 77]، و{صياصيهم} [الأحزاب: 26]، و{ترميهم} [الفيل: 4].
وافقه حمزة في {عليهم} [7]، و{إليهم} [آل عمران: 77]، و{لديهم} [آل عمران: 44] فقط.
فإن سقطت الياء لجزم أو بناء نحو: {وإن يأتهم} [الأعراف: 169]، و{يخزهم} [التوبة: 14]، و{فاستفتهم} [الصافات: 11]، و{فآتهم} [الأعراف: 38]، فإن رويسًا يضم الهاء من ذلك، إلا قوله: {ومن يولهم يومئذٍ} في الأنفال [16]، فإنه كسر الهاء فيها كالباقين.
واختلف عنه في {ويلههم الأمل} في الحجر [3]، و{يغنهم الله} في النور [32]، و{وقهم السيئات} و{وقهم عذاب الجحيم} وهما في غافر [7، 9].
وانفرد أبو الفتح فارس عن يعقوب بضم هاء {ببغيهم} في الأنعام [146]، و{حليهم} في الأعراف [148].
[تقريب النشر في القراءات العشر: 217]
وانفرد ابن مهران عن يعقوب بكسر هاء أيديهن من قوله تعالى: {بين أيديهن وأرجلهن} في الممتحنة [12]، وقرأ الباقون بكسر الهاء من ذلك كله.
قرأ ابن كثير، وأبو جعفر، وقالون بخلاف عنه {عليهم غير المغضوب عليهم ولا} [7]، و{مما رزقناهم ينفقون} [البقرة: 3]: {على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةٌ} [البقرة: 7]، ونحوه مما وقع بعد ميم الجمع فيه محرك، بضم الميم من ذلك كله، وصلة الضم بواو.
وافقهم ورش في ما وقع بعد ميم الجمع فيه همزة قطع، نحو: {عليهم ءأنذرتم أم لم} [البقرة: 6] {معكم إنما} [البقرة: 14]، {وأنهم إليه} [البقرة: 46].
وانفرد الهذلي عن الهاشمي عن ابن جماز بإسكان الميم من غير صلة، إذا لم يكن بعده همزة قطع، وبذلك قرأ الباقون في الجمع.
ولا خلاف في إسكانها وقفًا.
[تقريب النشر في القراءات العشر: 218]
فإن وقع بعد الميم ساكن، وكان قبلها ياء ساكنة أو كسرة نحو: {عليهم الذلة} [البقرة: 61]، و{يريهم الله} [البقرة: 167] و{قلوبهم العجل} [البقرة: 93]، و{بهم الأسباب} [البقرة: 166] : فأبو عمرو يكسر الميم في ذلك.
والمدنيان، وابن كثير، وابن عامر، وعاصم بضمها.
وحمزة، والكسائي، وخلف بضم الهاء والميم جميعًا.
وأتبع يعقوب الميم الهاء فضمها في نحو: {عليهم الذلة} [البقرة: 61]، و{يريهم الله} [البقرة: 167]، وكسرها في نحو: {قلوبهم العجل} [البقرة: 93]، و{بهم الأسباب} [البقرة: 166].
ورويس على الوجهين في {ويلههم الأمل} [الحجر: 3]، و{يغنهم الله} [النور: 32] و{قهم السيئات} [غافر: 9].
فإن وقفوا أسكنوا الميم، وهم في الهاء على أصولهم، فيعقوب بضم الهاء بعد الياء الساكنة، وحمزة يوافقه في {عليهم} [الفاتحة: 7]، و{إليهم} [آل عمران: 77]، و{لديهم} [آل عمران: 44]، والباقون بالكسر.
ولا خلاف في ضم الميم وصلًا إذا كان قبلها ضمة، نحو: {يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} [البقرة: 159]، و{عليكم القتال} [البقرة: 216] {ومنهم الذين} [التوبة: 61]، {وأنتم الأعلون} [آل عمران: 139] ). [تقريب النشر في القراءات العشر: 219] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(112- .... .... .... .... السّراط مع = سراط زن خلفًا غلا كيف وقع
113 - والصّاد كالزّاي ضفا الأوّل قف = وفيه والثّاني وذي اللاّم اختلف
114 - وباب أصدق شفا والخلف غر = يصدر غث شفا المصيطرون ضر
[طيبة النشر: 38]
115 - ق الخلف مع مصيطرٍ والسّين لي = وفيهما الخلف زكيٌّ عن ملي). [طيبة النشر: 39] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (116 - عليهمو إليهمو لديهمو = بضمّ كسر الهاء ظبيٌ فهم
117 - وبعد ياءٍ سكنت لا مفردا = ظاهر وإن تزل كيخزهم غدا
118 - وخلف يلههم قهم ويغنهم = عنه ولا يضمّ من يولّهم
119 - وضمّ ميم الجمع صل ثبتٌ درا = قبل محرّكٍ وبالخلف برا
120 - وقبل همز القطع ورشٌ واكسروا = قبل السّكون بعد كسرٍ حرّروا
121 - وصلاً وباقيهم بضمٍ وشفا = مع ميمٍ الهاء وأتبع ظرفا). [طيبة النشر: 39] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (قوله: (السراط الخ البيت) يعني قرأ الصراط وصراط كيف وقع في القرآن بالسين كما لفظ به قنبل بخلاف عنه، ورويس بلا خلاف، والباقون بالصاد لقوله: والصاد كالزاي: أي وخلف يشم الصاد مجاورة الطاء، ووجه إشمام الصاد أنه مزج بها حرفا يجانس الطاء في الجهر، وقرئ أيضا بالزاي الخالصة والكل لغات العرب قوله: (نل ظلا) أي أصب ظلا، نقل هذه القراءة المشهورة يريد الحض عليها والحث على الأخذ بها، وقوله زن من الزينة، وقوله غلا: أي ارتفع وعلا، يشير إلى أن الخلف مرتفع عزيز عن قنبل، وذلك أن أكثر المؤلفين لم يذكروا عنه سوى السين، والناظم زاد الصاد عنه قوله: (كيف وقع) يعني منكرا أو معرّفا، منونا أو غير منوّن باللام أو بغيرها كما وقع في هذه السورة
[شرح طيبة النشر لابن الجزري: 49]
وكقوله: وأن هذا صراطي مستقيما، وصراط الله، وهذا صراط علي.
والصّاد كالزّاي (ض) فا الأوّل (ق) ف = وفيه والثّاني وذي اللّام اختلف
أي والصاد التي قرأ بها الباقون في الصراط، وصراط كيف وقع جعلها كالزاي يعني أشمها الزاي: أي خلطها بها خلف عن حمزة، وأما خلاد فقد اختلف عنه، فروى عنه بعضهم الإشمام في الأول من الفاتحة فقط، وروى بعضهم الإشمام في الأول، والثاني من الفاتحة أيضا فحسب، وروى بعضهم المعرف باللام فقط، وروى بعضهم عدم الإشمام مطلقا وهذه الأربعة المذكورة تخرج من قوله: وفيه والثاني الخ قوله: (ضفا) أي كثر ونما وطال، يشير إلى كثرة مجيء الصاد مشمة في هذا اللفظ وغيره، وأنه لغة للعرب فاشية قوله: (قف) يجوز أن يكون بضم القاف على أنه أمر من قاف أثرهم يقوفه إذا أتبعه: أي أتبع هذه القراءة فإنها مأثورة، ويجوز أن يكون بفتح القاف فيكون فاؤه مشددة خففت للوقف فيكون إشارة إلى قوتها. لأن القاف اليابس القوي يبسه قوله: (فيه) أي في الأول والثاني: أي مع الثاني فيكون الإشمام له فيهما، وفي اللام: أي المحلى بلام التعريف حيث وقع في الفاتحة وغيرها اختلف: أي اختلف الرواة عن خلاد في ذلك كله من الإشمام وعدمه، فلا يكون له إشمام في شيء من ذلك، أو يكون الإشمام فيها وهذا واضح فليتأمل.
وباب أصدق (شفا) والخلف غ) ر = يصدر (غ) ث (شفا) المصيطرون (ض) ر
لما ذكر الإشمام في الصاد في الصراط وبابه استطرد ما وقع فيه الخلاف في الإشمام، فقال: وباب أصدق، يعني بالباب الصنف: أي ما وقع فيه الصاد الساكنة وبعده دال مثل أصدق وتصديق؛ وجملته اثنا عشر صادا: اثنان في النساء، وثلاثة في الأنعام؛ وسبعة في سبع سور: الأنفال ويونس ويوسف والحجر والنحل والقصص وإذا زلزلت، فقرأها بالإشمام حمزة والكسائي وخلف ورويس بخلاف عنه، والباقون بالصاد الخالصة؛ ووجه الإشمام كما تقدم في الصراط، فإن الدال حرف مجهور كالطاء قوله: (شفا) أي أبرأ وصحح: يعني أنه
[شرح طيبة النشر لابن الجزري: 50]
في القوة بهذه المثابة، وقوله غر: من الغرور: وهو الخطر، كأنه يقول طريق الصدق سلامة وخلافه خطر، وقوله: يصدر: يعني أن كلمة يصدر من جملة الباب المذكور، ووقعت في القصص وإذا زلزلت أشم الصاد فيهما حمزة والكسائي وخلف ورويس بلا خلاف وأعاد رمز شفا لئلا يتوهم أنه لرويس وحده، وقوله: غث، من الغيث، الذي هو نفع البلاد: أي ينفع نفعا شفا الغليل فيه، يقال غاث الله البلاد قوله: (المصيطرون) يعني قوله تعالى: أم هم المصيطرون فيا لطور قرأه بالإشمام أيضا خلف عن حمزة وخلاد بخلاف عنه كما سيأتي في البيت الآتي، وقوله: ضر، من الضرر: وهو ضد النفع، يشير إلى معنى المصيطرون وهم الجبارون المسلطون: أي هم ذوو ضرر.
(ق) ي الخلف مع مصيطر والسّين (ل) ي = وفيهما الخلف (ز) كيّ (ع) ن (مع) لي
ق من الوقاية: وهو الحفظ والصيانة والأمر ق حرف واحد ولكنه كتب بالياء على الأصل للبيان قوله: (مع مصيطر) يعني قوله تعالى: لست عليهم بمصيطر في الغاشية: يعني أن خلفا عن حمزة وخلادا بخلاف عنه على الإشمام كما تقدم في المصيطرون قوله: (والسين لي) أي ورواهما بالسين هشام، واختلف فيهما عن قنبل وحفص وابن ذكوان، فرواه بعضهم بالسين وبعضهم بالصاد كما ذكر في النشر فيكون في كل منهما ثلاث قراءات الإشمام لحمزة بخلاف عن خلاد والسين لهشام بلا خلاف، ولقنبل وحفص وابن ذكوان في أحد وجهيهم والصاد لهم في الوجه الآخر، وللباقين وجه كما تقدم في صراط، قوله: (زكى) أي زاك: ومعناه تام ممدوح، وقوله: عن ملي: أي ثقة قادر من الملاءة: يعني الخلاف فيهما مع صحّته ورد عن ثقة قائم به). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 51] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(عليهمو إليهمو لديهمو = بضمّ كسر الهاء (ظ) بي (ف) هم
أي قرأ هذه الكلم الثلاث وهي عليهم ولديهم وإليهم حيث وقعت بضم الهاء يعقوب وحمزة والباقون بالكسر، وفهم العموم من إضافة غير إليهم إليها على العادة ووجه الضم الأصل، وذلك أن الأصل في هذه الهاء ونحوها من ها آت
[شرح طيبة النشر لابن الجزري: 51]
الضمير الضم لأنها تضم مبتدأة، وبعد الألف والفتحة والضمة والواو والسكون سوى الياء، نحو: هو ودعاه وله ويعلمه وأخوه ومنه، وإنما تكسر بعد الكسرة والياء الساكنة وهو ثقيل فلذلك كسرها من كسرها في هذه الكلم. وأما تخصيص حمزة هذه الكلم بالضم التفاتا إلى اللغات التي هي الأصل فيها واتباعا للضم المقدّر في ميم الجمع منها. وأما يعقوب فإنه يضمها على الأصل وأطلق ذلك فيها وفي تثنيتها وجمع الإناث منها وكذلك في كل هاء ضمير مثلها كما سيأتي في البيت الآتي ولم يستثن من ذلك إلا الضمير المفرد كما سيأتي.
وبعد ياء سكنت لا مفردا = (ظ) اهر وإن تزل كيخزهم (غ) دا
يعني وضم كسر هاء الضمير بعد الياء الساكنة مطلقا من ضمير التثنية والجمع يعقوب، نحو: عليهما وإليهما وفيهما وعليهن وفيهن وصياصيهم وبجنتيهم ويزكيهم وأيديهم وأيديهن قوله: (لا مفردا) أي لا الضمير المفرد فلا خلاف في كسر الهاء منه لوقوعها طرفا فاستثقلت الضمة عليها قوله: (ظاهر من المظاهرة) وهي المعاونة والمغالبة قوله: (وإن تزل) أي سقطت الياء لعلة جزم أو بناء نحو «ويخزهم، وإن يأتهم، وفأتهم.، وفاستفتهم» فإن رويسا يضمها على الأصل ولا يعتد بعارض السقوط إلا في قوله «ومن يولهم» كما سيأتي؛ واختلف عنه في «يلههم، وقهم، ويغنهم» على ما ذكره في أول البيت الآتي:
وخلف يلههم قهم ويغنهم = عنه ولا يضمّ من يولّهم
أي واختلف عن رويس في «ويلههم الأمل» في الحجر، «وقهم عذاب الجحيم، وقهم السيئات» كلاهما في غافر «ويغنهم الله» في النور، فورى عنه بعضهم ضمها طردا للباب، وروى آخرون كسرها لأجل الساكن بعدها إلحاقا بنحو «بهم الأسباب» قوله: (ولا يضم الخ) أي ولا يضم الهاء من قوله تعالى:
ومن يولهم يومئذ دبره. بل كسرها كالباقين بلا خلاف، وذلك لأن اللام فيها مشددة مكسورة فهي بمنزلة كسرتين، والانتقال من الكسرتين إلى ضمة ثقيل جدا بخلاف أخواته.
[شرح طيبة النشر لابن الجزري: 52]
وضمّ ميم الجمع صل (ث) بت (د) را = قبل محرّك وبالخلف (ب) را
يعني أن ميم الجمع إما أن يكون قبل محرك أو قبل ساكن، فإن وقعت قبل محرك نحو ما في هذه السورة، وهو «أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم، وهم يوقنون، وعلى قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم، وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم» فإن أبا جعفر وابن كثير وقالون بخلاف عنه يصلون ضم ميم الجمع من ذلك وشبهه بواو: أي حالة الوصل فيقولون: عليهمو وهمو وقلوبهمو، والباقون بالإسكان من غير صلة، وكلهم متفقون على الوقف بالسكون، ويفهم ذلك من قوله: قبل محرك فإنها لا تقع كذلك إلا في حالة الوصل وهما لغتان صحيحتان فصيحتان، ولورش فيه مذهب سيأتي في البيت الآتي:
وقبل همز القطع ورش واكسروا = قبل السّكون بعد كسر (ح) رّروا
أي وصل ضم ميم الجمع قبل همز القطع نحو «عليهم أأنذرتهم أم لم وأنهم إليه» ورش من الطريقين، ووجهه الفرار من النقل على مقتضى مذهبه فرجع إلى الأصل، وهو الصلة عنده قوله: (واكسروا) إشارة إلى القسم الثاني من قسمي ميم الجمع، وهو أن تكون قبل ساكن. وقد اختلفوا في حركتها وحركة ما قبلها إذا وقعت بعد كسرة نحو «بهم الأسباب، وعليهم القتال» فقرأه أبو عمرو بكسر الميم حالة الوصل، والباقون بضمها كما سيأتي في البيت الآتي، ومنهم حمزة والكسائي وخلف يضمون الهاء قبلها اتباعا، وإذا وقفوا كسروا الهاء، إلا حمزة فهو على أصله في ضم الهاء في نحو عليهم القتال، وإليهم اثنين، ويعقوب على أصله كما سيأتي، وقوله: حرروا: أي قوموا وأتقنوا، وذلك أن الأصل في التقاء الساكنين الكسر، وفيه أيضا إجراؤها في الإتباع على ما قبلها تخفيفا لئلا ينتقل من كسر إلى ضم.
وصلا وباقيهم بضمّ و (شفا) = مع ميم الهاء وأتبع (ظ) رفا
أي حالة الوصل قوله: (وباقيهم) أي باقي القراء يضم الميم الواقعة بعد
[شرح طيبة النشر لابن الجزري: 53]
كسر قبل ساكن في الوصل أيضا قوله: (وشفا) أي أن حمزة والكسائي وخلفا يضمون الهاء المسكورة قبل الميم أيضا حالة الوصل مع الميم، فإذا وقفوا كسروا الهاء على أصلهم، وحمزة على أصله كما تقدّم قوله: (وأتبع) أي أتبع يعقوب الهاء الميم: يعني ما تقرر من مذهبه فيضم الميم إذا وقعت بعد الهاء المضمومة في مذهبه نحو «عليهم القتال، ويريهم الله» ويكسرها إذا وقعت بعد مكسور نحو «بهم الأسباب، وقلوبهم العجل» ). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 54] (م)
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ص:
مالك (ن) ـل (ظ) ـلّا (روى) السّراط مع = سراط (ز) ن خلفا (غ) لا كيف وقع
ش: (مالك) مفعول (قرأ) مقدرا، وفاعله (نل)، و(ظلا) مفعول معه، والواو مقدرة. و(روى) معطوف عليه لمحذوف، و(السراط) مفعول (قرأ) أيضا وفاعله (زن)، و(مع سراط) محله نصب على الحال، و(خلفا) إما مصدر فعل محذوف باق على حاله، أي: اختلف عنه خلفا، أو بمعنى مفعول؛ كقولهم: [درهم] ضرب الأمير، ومحله على هذا نصب على الحال، و(غلا) حذف عاطفه على (زن)، و(كيف) محلها نصب على الحال من فاعل (وقع)، وضابط (كيف) أنها إن صحبت جملة فهي في محل نصب على الحال، أو مفردا فهي في محل رفع على الخبر.
أي: قرأ ذو نون (نل) عاصم وظاء (ظلّا) يعقوب، ومدلول (روى) الكسائي، وخلف مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: 4] بوزن «فاعل»، وقرأ الباقون بلا ألف.
فإن قلت: [من أين] يفهم قراءة المذكورين قيل: من لفظه؛ لدخوله في قاعدته التي نبه عليها بقوله: «وبلفظ أغنى عن قيده عند اتضاح المعنى»، أي: صحة الوزن.
قلت: لا؛ لأن الوزن أيضا صحيح مع القصر، غايته أنه دخله الخبل. والله أعلم.
فإن قلت: هب أن اللفظ [يكتفى به للمذكورين]، بأن يقال: قرأ المذكورون بهذا اللفظ، فمن أين تعلم قراءة المتروكين؟ فإنه يصح أن يقال: قرأ المذكورون [بمد
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/303]
«مالك»، فيكون ضده القصر للمتروكين، ويصح أن يقال: قرأ المذكورون] بتقديم الألف على اللام، وهو كذلك فيكون ضده التأخير؛ فلم يتعين قيد يؤخذ للمتروكين ضده؛ لأن تقدير المد يزاحمه [تقدير] الألف.
قلت: إنما ترك التقييد تعويلا على القرينة؛ لأن هذا اللفظ لم يقع في القرآن في قراءة صحيحة إلا محصورا في (مالك) بالمد و(ملك) بالقصر، وكلاهما مجمع عليه في موضعه، واختلفوا في هذا هنا، فلما مضى للمذكورين على [المد] علم أن الباقين لمجمع العقد، أو علمنا المد [من متفق المد]، فأخذنا لهم ضده، وهو القصر.
وقرأ ذو غين (غلا) رويس (سراط) كيف وقع، سواء كان معرفة أو نكرة، بالسين، فيحتمل أن يريد بقوله: (السراط) المقترن باللام، فيدخل في قوله: (مع سراط) المجرد منها مطلقا، سواء كان نكرة؛ نحو: سراط مستقيم [البقرة: 142]، أو معرفا بالإضافة؛ نحو: سراط الذين [الفاتحة: 7]، وسراط ربك [الأنعام: 126]، وسراطي [الأنعام: 153]، ويحتمل أن يريد بـ (السراط) مطلق المعرفة؛ فيدخل في الثاني المنكر خاصة.
واختلف عن ذيزاي (زن) قنبل في ذلك؛ فروى عنه ابن مجاهد السين، وابن شنبوذ الصاد.
فإن قلت: من أين يعلم أنهما قرآ بالسين؟
قلت: من تعين المزاحمين بعد.
فإن قلت: هل يفهم من قوله: (وبلفظ أغنى عن قيده)؟
قلت: لا؛ لأنه قال: (عند اتضاح المعنى) ومراده [به] أن ينكشف لفظ القراءة بألا يتزن البيت إلا بها، والوزن هنا يصح بالوجهين.
فإن قلت: كان يكفيه (سراط)؛ كقوله: (وبيس بير جد).
قلت: الفرق أن الأصول تعم بخلاف الفرش.
مقدمة:
قاعدة الكتاب أن الكلمة ذات النظير إن ذكرت في الأصول وعم الخلاف جميع مواقعها، فقرينة كلية الأصول تغني عن صيغة العموم؛ كقوله: (وبيس بير جد)، وإن لم
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/304]
يعم الخلاف بل خص بعضا دون بعض قيد محل القراءة، نحو: [نأى الإسرا صف]، وإن ذكرت في الفرش وخصها الخلاف ذكرها مطلقة لقرينة الخصوص، وإن كان النظير بسورتها لزم الترتيب نحو: (يعملون دم)، وإن عم الخلاف بعض النظائر نص عليه نحو:
(يغفر مدا أنث هناكم وظرب عم في الأعراف )، أو كل النظائر أتى بلفظ يعم، فإن كان واقعا في موضعين خاصة قال: (معا) نحو: (وقدره حرك معا) أو (كلا) نحو: (وكلا دفع دفاع) [وقد يصرح بهما نحو:
... ... ... ... ... [ظعن] ونحشر يا نقول ظنّة
ومعه حفص في سبا يكن (رضا)] ... ... ... ...
وإن كان في أكثر قال: (جميعا) [أو (كلا) نحو: يترك كلا خف حق].
وجه مد مالِكِ أنه اسم، قال: من ملك ملكا بالكسر، ويرجح بأن الله هو المالك الحقيقي، وبأن إضافته عامة؛ إذ يقال: «مالك الجن والإنس والطير»، و(ملك) يضاف لغير المملوك، فيقال: «ملك العرب والعجم»، وبأن زيادة البناء دليل على زيادة المعنى، وبأن ثواب تاليها أكثر.
ثم إن فسر بالمتصرف فهو من صفات الأفعال، أو القادر فمن صفات الذات ومفعوله محذوف، أي: مالك الجزاء أو القضاء، وأضيف للظرف توسعا، ويجوز أن يكون على ظاهره بلا تقدير. ونسبة الملك إلى الزمان في حق الله- تعالى- مستقيمة، ويؤيده قراءة ملك [بفعل ماض]، فإنه حينئذ مفعول به، ويوافق الرسم تقديرا؛ لأن المحذوف تحقيقا كالموجود.
ووجه القصر: أنه صفة مشبهة من ملك ملكا [بالضم]، ولا حذف؛ للزوم الصفة المشبهة، ويرجح بأنه تعالى ملك الملوك، وهي تدل على الثبوت، ف «ملك» أبلغ؛ لاندراج [المالك في الملك].
وقال أبو حاتم: «مالك» أبلغ [في مدح الخالق]، وملك أبلغ في مدح المخلوق، والفرق بينهما: أن المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك، وإذا كان الله- تعالى- ملكا
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/305]
كان مالكا. واختاره ابن العربي، وبأنه- تعالى- تمدح بقوله: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران: 26] و«ملك» مأخوذ منه، ولم يتمدح بمالك الملك (بكسر الميم)، وبأنه أشرف لاستعماله مفردا، وهو موافق للرسم تحقيقا.
تنبيه:
ما تقدم من أن «مالك» من «ملك» بالكسر هو المعروف.
وقال الأخفش: (يقال: «ملك من الملك»، بضم الميم، و«مالك» من «الملك» بفتح الميم وكسرها، وروى ضمها أيضا بهذا [المعنى]، وروي عن العرب «لي في هذا الوادي ملك» بتثليث الميم، والمعروف الفرق: فالمفتوح بمعنى الشد والربط، والمضموم بمعنى القهر والتسليط على من يتأتّى منه الطاعة، ويكون باستحقاق [وغيره]، والمكسور بمعنى التسلط على من يتأتى منه [الطاعة] ومن لا يتأتى منه، ولا يكون إلا باستحقاق؛ فيكون بين المكسور والمضموم [عموم وخصوص من وجه]، والله أعلم.
ص:
والصّاد كالزّاي (ض) فا الأول (ق) ف = وفيه والثاني وذي اللّام اختلف
ش: (والصاد كالزاي) اسمية، و(ضفا) محله النصب بنزع الخافض، و(الأول) مبتدأ وخبره: [كذلك]، مقدر، و(قف) محله [أيضا] نصب، (وفيه) يتعلق بـ (اختلف)، (والثاني) عطف على الهاء من (فيه) على الصحيح من أن المعطوف على ضمير خفض [لا يحتاج لإعادة الخافض]، (وذي اللام) كذلك.
أي: قرأ الصاد من صِراطَ والصِّراطَ كيف وقع كالزاي، بالإشمام بين الصاد والزاي: ذو ضاد (ضفا) خلف عن حمزة، واختلف عن ذي قاف (قف) خلاد على
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/306]
أربعة أوجه:
فقطع له بإشمام الأول من الفاتحة خاصة الشاطبي والداني [في «التيسير»]، وبه قرأ على فارس.
وبإشمام حرفي الفاتحة صاحب «العنوان» والطرسوسي من طريق ابن شاذان عنه، وصاحب «المستنير» من طريق ابن البختري [، وبه قطع الأهوازي] عن الوزان أيضا، وهي طريق ابن حامد عن الصواف.
وبإشمام المعرف بأل خاصة هنا وفي جميع القرآن جمهور العراقيين، وهي طريق [ابن] بكار عن الوزان، وبه قرأ صاحب «التجريد» على الفارسي والمالكي، وهو الذي في «روضة» أبي علي البنداري، وطريق ابن مهران عن ابن أبي عمر عن الصواف عن الوزان، وهي رواية الدوري عن سليم عن حمزة.
وقطع له بعدم الإشمام في الجميع صاحب «التبصرة» و«التلخيص» و«الهداية» و«التذكرة» وجمهور المغاربة، وبه قرأ الداني على أبي الحسن، وهي طريق أبي الهيثم والطلحي، ورواية الحلواني عن خلاد.
والباقون بالصاد الخالصة في جميع المواضع؛ لأن إشمام الصاد ضده ترك الإشمام، وهو للمتروكين؛ فتعين لم ذكر أولا السين.
تنبيه:
معنى الإشمام هنا: خلط لفظ الصاد بالزاي، ويعرف بأنه: مزج الحرف بآخر.
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/307]
ويعبر عنه بصاد بين بين، وبصاد كزاي، وقد استعمل الإشمام [أيضا] في فصل قِيلَ [هود: 44] وغِيضَ [هود: 44]، وفي الوقف، وفي تَأْمَنَّا [يوسف: 11] [فهذه أربعة مواضع وقع ذكر الإشمام فيها. وقوله: (وفي الوقف)؛ أي: باب الوقف، وفي باب وقف حمزة وهشام] وكل منها يغاير غيره، وسيأتي التنبيه على كلّ في محله.
وجه السين: أنه الأصل؛ لأنه مشتق من السرط، وهو الابتلاع؛ إما لأنه يبتلع المارة به، أو المار به يبتلعه كما قالوا: «قتل أرضا عالمها، وقتلت أرض جاهلها»، وهذه لغة عامة العرب، وهو يوافق الرسم تقديرا، وإنما رسم صادا؛ ليدل على البدل فلا تناقضه السين.
ووجه الصاد: قلب السين صادا مناسبة للطاء بالاستعلاء والإطباق والتفخيم مع الراء؛ استثقالا للانتقال من سفل إلى علو.
ووجه الإشمام: ضم الجهر إلى المناسبات، وهي لغة قيس.
فائدة لغوية:
كل كلمة وجد فيها بعد السين حرف من أربعة جاز قلب السين صادا، وهي الطاء؛ نحو: الصِّراطَ [الفاتحة: 6] والخاء والغين المعجمتان؛ نحو: سخره ووَ أَسْبَغَ [لقمان: 20]، والقاف؛ نحو: سَقَرَ [القمر: 48]، وهذه الأربعة لم تقع في القرآن إلا على الأصل بالسين، والقلب في كلام العرب.
تنبيه:
الطرق الأربعة واضحة من كلام المصنف؛ لأن قوله: (الأول قف) إشارة إلى الأولى.
وقوله: (واختلف فيه مع الثاني) تفيد الخلاف فيه على انفراده وحال انضمامه للثاني، وهو الطريق الثانية.
وقوله: (واختلف في ذي اللام) إشارة للثالث، ويفهم من حكاية الخلف في الجميع
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/308]
الرابع.
ص:
وباب أصدق (شفا) والخلف (غ) ر = يصدر (غ) ث (شفا) المصيطرون (ض) ر
ش: (باب أصدق) قراءة (شفا) كالزاي اسمية، (والخلف كائن عن غر) كذلك، و(يصدر) إما مبتدأ [خبره] أشمه (غث)، أو مفعول لـ «أشم»، و(شفا) عطف على (غث)، و(المصيطرون ضر) كذلك فيهما، ولا محل للجمل كلها.
أي قرأ مدلول (شفا) (حمزة والكسائي وخلف) في اختياره باب «أصدق» كله بإشمام الصاد زاء، وهو كل صاد ساكنة بعدها دال، ك تَصْدِيقَ [يوسف: 111]، ويَصْدِفُونَ [الأنعام: 46] وفَاصْدَعْ [الحجر: 94] ويَصْدُرُ [الزلزلة: 6] واختلف عن ذي غين (غر) رويس في الباب كله:
فروى عنه النخاس والجوهري: إشمام الكل، وبه قطع ابن مهران.
وروى أبو الطيب وابن مقسم الصاد الخالصة، وبه قطع الهذلي، واتفقوا عنه على إشمام يُصْدِرَ الرِّعاءُ [القصص: 23] ويَصْدُرُ النَّاسُ [الزلزلة: 6] [ولهذا] قال:
(يصدر غث شفا) أي: أشمها لهؤلاء.
فإن قلت: إعادة (شفا) تكرار؛ لدخوله في باب (أصدق).
قلت: بل واجب الذكر؛ لرفع توهم انفراد رويس بها.
ثم كمل فقال:
ص:
(ق) الخلف مع مصيطر والسّين (ل) ى = وفيهما الخلف (ز) كى (ع) ن (م) لى
ش: (ق) مبتدأ (والخلف) ثان، وخبره محذوف، أي: كائن عنه، في (المصيطرون) والجملة خبر الأول، و(مع مصيطر) حال، (والسين فيهما [كائن] عن لى ) اسمية، و(زكى) مبتدأ، و(عن وملى) معطوفان عليه، و(فيهما) خبر، و(الخلف) فاعل الظرف تقديره: ذو زكى وعن وملى استقر الخلف في الكلمتين عنهم.
أي: قرأ ذو ضاد (ضر) خلف في البيت المتلو بلا خلاف عنه: الْمُصَيْطِرُونَ [الطور: 37]، وبِمُصَيْطِرٍ بالغاشية [22] بالإشمام.
واختلف عن ذي قاف (ق) خلاد: فروى [عنه] جمهور المشارقة والمغاربة
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/309]
الإشمام، وهو الذي لم يوجد نص بخلافه، وأثبت له الخلاف [فيهما] صاحب «التيسير» من قراءته على أبي الفتح، وتبعه الشاطبي، وروى عنه الصاد الحلواني، ومحمد بن سعيد البزار [كلاهما عن خلاد]، وقرأهما بالسين ذو لام (لى) هشام، واختلف فيهما عن ذي زاي (زكى) وعين (عن) وميم (ملى) قنبل وحفص وابن ذكوان.
فأما قنبل: فرواهما عنه بالصاد ابن شنبوذ من «المبهج»، وكذا نص الداني في «جامعه»، وبالسين ابن مجاهد، وابن شنبوذ [من] «المستنير»، ونص على السين في الْمُصَيْطِرُونَ والصاد في بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22] جمهور العراقيين [والمغاربة]، وهو الذي في «الشاطبية» [و «التيسير»].
وأما ابن ذكوان فرواهما عنه بالسين ابن مهران من طريق الفارسي عن النقاش، وهي رواية ابن الأخرم وغيره عن الأخفش بالصاد وابن سوار، ورواه الجمهور عن النقاش، وهو الذي في «الشاطبية» و«التيسير».
وأما حفص فنص له على الصاد فيهما ابن مهران وابن غلبون وصاحب «العنوان»، وهو الذي في «التبصرة» و«الكافي» و«التلخيص»، وهو الذي عند الجمهور له، وذكره الداني في «جامعه» عن الأشناني عن عبيد، وبه قرأ على أبي الحسن، ورواهما بالسين زرعان عن عمرو، [وهو نص الهذلي عن الأشناني] عن عبيد، وحكاه الداني في «جامعه» عن أبي طاهر عن الأشناني، وكذا رواه ابن شاهي عن عمرو، وروى آخرون [عنه]: المسيطرون [الطور: 37] بالسين وبِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22] بالصاد، وكذا هو في «المبهج» و«الإرشاد» و«غاية أبي العلاء».
وبه قرأ الداني على أبي الفتح، وقطع بالخلاف له في الْمُصَيْطِرُونَ وبالصاد في بِمُصَيْطِرٍ في «التيسير» و«الشاطبية».
والحاصل من هذه الطرق: أن لكل من قنبل وحفص ثلاث طرق، ولابن ذكوان طريقان.
ووجه كل منهما يفهم مما تقدم). [شرح طيبة النشر للنويري: 1/310] (م)
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ثم انتقل فقال:
ص:
عليهمو إليهمو لديهمو = بضمّ كسر الهاء (ظ) بى (ف) هم
ش: (ظبى) فاعل (قرأ) و(فهم) عطف عليه، حذف عاطفه، و(عليهم) مفعوله، و(إليهم ولديهم) حذف عاطفهما، و(بضم) يتعلق بـ (قرأ)، أو (ظبى) مبتدأ و(فهم) عطف عليه، و(عليهم) وما بعده مفعول (قرأ)، أو هو الخبر.
أي: قرأ ذو ظاء (ظبى) وفاء (فهم)، يعقوب وحمزة، عليهُم وإليهُم ولديهُم، بضم كسر الهاء في الثلاث، [حال وصله ووقفه]، ويفهمان من إطلاقه:
[إذا كانت لجمع مذكر ولم] يتلها ساكن علم مما بعد، ويتزن البيت بقراءة ابن كثير والباقون بالكسر كما صرح به.
فائدة
: الخلاف تارة يعم الوصل والوقف فيطلقه كهذا الموضع ومالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: 4] وتارة يخص الوصل وتارة الوقف، فإن خص أحدهما وجاز غيره في الآخر تعين القيد، نحو: (حاشا معا صل)، وإن امتنع اعتمد على القرينة؛ نحو: (وآدم انتصاب الرّفع دل)، وربما صرح به تأكيدا؛ نحو: (في الوصل تا تيمموا).
وجه ضم الهاء: أنه الأصل؛ بدليل الإجماع عليه قبل اتصالهما، وهي لغة قريش، والحجازيين ومجاوريهم من فصحاء اليمن، ولأنها خفيّة فقويت بأقوى حركة.
ووجه الكسر: مجانسة لفظ الياء، وهي لغة قيس وتميم وبني سعد، ورسمهما واحد.
ثم كمل فقال:
ص:
وبعد ياء سكنت لا مفردا = (ظ) اهر وإن تزل كيخزهم (غ) دا
ش: (ظاهر) فاعل (قرأ)، و(بعد) ظرفه ومتعلقه محذوف لدلالة الأول، وهو (بضم كسر الهاء)، وكذلك مفعوله، وهو كل هاء بعد ياء، و(سكنت) صفة ياء، و(لا مفردا) عطف بـ (لا) المشتركة لفظا على المفعول المحذوف، و(تزل) فعل الشرط و(كيخزهم) خبر مبتدأ محذوف، و(ذو غدا) فاعل (قرأ)، وهو جواب (إن)، أي: قرأ ذو ظاء (ظاهر) يعقوب كل هاء وقعت بعد ياء ساكنة بضم الكسر، سواء كانت في الثلاثة أو
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/311]
[في] غيرها، في ضمير تثنية أو جمع، مذكر أو مؤنث، نحو: عليهُما ولديهُما وإليهُما وصياصيهُم [الأحزاب: 26] وجنتيهُم [سبأ: 16] وترميهُم [الفيل: 4] وعليهُن وفيهُن وإليهُن إلا إن أفرد الضمير نحو (عليه) و(إليه) وسيأتي في باب الكناية.
وهذا كله إن كانت الياء موجودة، فإن زالت لعلة جزم أو بناء؛ نحو: وإن يأتهُم [الأعراف: 169] ويخزهُم [التوبة: 14] فاستفتهُم [الصافات: 149] فَآتِهِمْ [الأعراف: 38] فإن رويسا ينفرد بضم ذلك كله، إلا ما أشار إليه [بقوله]:
ص:
وخلف يلههم قهم ويغنهم = عنه ولا يضمّ من يولّهم
ش: (وخلف هذا اللفظ كائن عنه) اسمية، وعاطف (قهم) محذوف بدلالة الثاني، (ولا يضم) منفية، وفي المعنى مخرجة من قوله: (وإن تزل).
أي: اختلف عن ذي غين (غدا) (رويس) المعبر عنه بضمير (عنه) في وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ [الحجر: 3] ويُغْنِيَهُمُ اللَّهُ [النور: 33] ووَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ [غافر: 9] ووَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ [غافر: 7] فروى كسر الأربعة القاضي عن النخاس، والثلاثة الأول الهذلي عن الحمامي، وكذا نص الأهوازي.
وقال الهذلي: وكذا أخذ علينا في التلاوة، زاد ابن خيرون عنه كسر الرابعة، وضم الأربعة الجمهور عن رويس، واتفق عنه على كسر وَمَنْ يُوَلِّهِمْ [الأنفال: 16].
وجه ضم الجميع: ما تقدم.
ووجه كسر المستثنى: الاعتداد بالعارض، وهو زوال الياء مراعاة صورة اللفظ، ووجه الاتفاق في يُوَلِّهِمْ تغليب العارض، والله أعلم.
ص:
وضمّ ميم الجمع (ص) لـ (ث) بت (د) رى = قبل محرّك وبالخلف (ب) را
ش: (ضمّ) مفعول (صل) من (يصل)، حذفت فاؤه حملا على المضارع، [والجملة خبر (من)] و(ثبت) [محله نصب على نزع الخافض] (ودرى) عطف عليه، والعائد محذوف: أي: ذو (ثبت) و(درى) صل لهما ضم ميم الجمع، و(قبل محرك) ظرف أو
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/312]
حال المفعول، (وبالخلف) خبر مقدم، أي: وذو [باء] (برا).
وروى عنه بالخلف، أي: ضم ميم الجمع وصلها بواو لذي ثاء (ثبت) (أبو جعفر) ودال (درى) (ابن كثير) إن كانت قبل محرك نحو عليهمو غير [الفاتحة: 7] معكمو أينما [الحديد: 4] جاءكمو موسى [البقرة: 92] واختلف عن قالون، وأطلق جمهور العراقيين وابن بليمة الخلاف عنه من الطريقين، وفي «التيسير» الخلاف عن أبي نشيط، وجعل مكي الإسكان لأبي نشيط والصلة للحلواني.
تنبيه:
تحتاج الميم لقيدين وهما: قبل محرك ولو تقديرا؛ ليندرج فيه كنتمو تمنون [آل عمران: 143] وفظلتمو تفكهون [الواقعة: 65] على التشديد، وأن يكون المحرك منفصلا؛ ليخرج عنه نحو دَخَلْتُمُوهُ [المائدة: 23] أَنُلْزِمُكُمُوها [هود: 28] فإنه مجمع عليه.
ثم تمم حكم الميم فقال:
ص:
وقبل همز القطع ورش ... ... ... ... ...
ش: (ورش) فاعل (وصل) مقدرا، و(قبل) ظرفه أو حال مفعوله، وهو ضم ميم الجمع.
[أي: ووصل ورش ضم ميم الجمع] والواقعة قبل همزة القطع من طريقيه.
فإن قلت: إفراد ورش يوهم تخصيصه.
قلت: إذا علمت أن قاعدته ذكر صاحب الأصل أولا ثم إفراد الموافق؛ كقوله:
... ... ... .... ولفا فعل سوى الإيواء الأزرق اقتفى وكقوله:
وافق في إدغام صفّا زجرا = ذكرا وذروا (ف) د ...
قد علمت أنه أحسن فيما فعل.
فإن قلت: هلا قال: وافق ورش؛ كقوله: «وافق في: مؤتفك»؟
قلت: لو قاله لم يعلم أوافق الأقرب على الخلاف، أو الأبعد على الصلة.
فإن قلت: لم يبين هل الخلاف في الوصل أو الوقف؟
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/313]
قلت: شرط في الصلة كونها قبل محرك ولا يكون إلا وصلا.
تفريع:
يثلث لورش باعتبار طريقيه؛ [نحو] أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ [البقرة: 6] كما يثلث وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة: 275] وجه الضم أنه الأصل؛ ولهذا أجمع عليه عند اتصال الضمير، نحو دَخَلْتُمُوهُ [المائدة: 23] ويوافق الرسم وقفا أو تقديرا، أو امتنع في الوقف؛ لأنه محل تخفيف.
وجمع قالون بين اللغتين؛ كقول لبيد [من الكامل]:
... ... ... ... = وهم فوارسها وهم حكّامها
وخص ورش الهمزة إيثارا للمد، وأيضا فمذهبه النقل، ولو نقلت لحركت [الميم] بالثلاث، [فحركتها] بحركتها الأصلية، وأسكنها الباقون تخفيفا؛ لكثرة دورها مع أمن اللبس، وعليه الرسم.
ولما تم حكم [المتحرك] ما بعدها، انتقل للساكن ما بعدها فقال:
ص:
... ... ... ... واكسروا = قبل السّكون بعد كسر (ح) رّروا
وصلا وباقيهم بضمّ و(شفا) = مع ميم الهاء وأتبع (ظ) رفا
ش: (قبل) و(بعد) ظرفان، (كسر وحرروا) محله نصب بنزع الخافض، [وكذا (وصلا وباقيهم قرءوا بضم) اسمية و(شفا) فاعل (ضم) مقدرا، والهاء مفعوله، و(مع ميم) حال الهاء، و(ظرفا) نصب بنزع الخافض] المتعلق بـ (أتبع)، أي: كسر ذو حاء (حرروا) أبو عمرو الميم وصلا قبل الساكن إذا كان قبلها كسر، نحو: بِهِمُ الْأَسْبابُ [البقرة:
166]، عَلَيْهِمُ الْقِتالُ [البقرة: 246]. وبعد كسر شامل للهاء التي قبلها كسرة، أو ياء ساكنة كالمثالين، وخرج [عنه]: لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ [هود: 31] لأن الميم بعد ضم، والباقون بضمها، وصرح به ليتعين ضد الكسر، وضم مدلول (شفا) (حمزة والكسائي
[شرح طيبة النشر للنويري: 1/314]
وخلف) [الهاء] مع الميم، وأتبع ذو ظاء ظرفا (يعقوب) الهاء في حكمها المتقدم، فيضم في نحو: يُرِيهِمُ اللَّهُ [البقرة: 167] ويكسر في نحو بِهِمُ الْأَسْبابُ [البقرة: 166] ويجوز لرويس في نحو يُغْنِهِمُ اللَّهُ [النور: 32] الوجهان اللذان في الهاء، وأجمعوا على ضم الميم بعد مضموم، سواء كان ياءً ك لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ [هود: 31]، أو [هاء] نحو: عَلَيْهِمُ الْقِتالُ [البقرة: 246] أو تاء نحو: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ [آل عمران: 139]، وعلم من قوله: (وصلا) أن الكل يقفون بكسر الهاء والميم، ويخص هذا العموم حمزة ويعقوب بـ عَلَيْهِمْ* [وإِلَيْهِمْ*] ولَدَيْهِمْ*.
وجه ضم الميم المتفق عليه: أنه حرّك للساكنين بالضمة الأصلية وأيده الإتباع، وامتنع إثبات الصلة للساكن ك وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ [البقرة: 25]، ولا يرد كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ [آل عمران: 143]؛ للعروض.
ووجه كسرهما: أنه كسر الميم على أصل التقاء الساكنين، والهاء لمناسبة الطرفين، أي: ما بعدها وما قبلها، والياء مجانسة الكسرة، فتخلف أصلان، وهما ضمهما، وحصل وصل وهو كسر أول الساكنين، ومناسبتان وهما أولى. ووجه ضمها: أن الميم حركت للساكن بحركة الأصل وضم الهاء اتباعا [لها] لا على الأصل، وإلا لزم بقاء ضمها وقفا، إلا أن حمزة في عَلَيْهِمْ* وما معها آثر الإتباع في الوقف، وهي لغة [بني] سعد.
ووجه كسر الهاء وضم الميم: مناسبة الهاء للياء وتحريك الميم بالأصلية، وهي لغة بني سعد وأهل الحرمين، وفيها موافقة أصل وهو تحريك الميم بالأصلية، ومناسبة وهي كسر الهاء للياء، ومخالفة أصلين وهما ضم [الهاء] وكسر الميم على أصل التقاء الساكنين.
خاتمة:
(آمين) ليست من القرآن، وفيها أربع لغات: مد الهمزة وقصرها مع تخفيف الميم وتشديدها، [لكن في التشديد بحاليه خلاف] ). [شرح طيبة النشر للنويري: 1/315]

قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "الصراط، وصراط" [الآية: 6، 7] فقنبل من طريق ابن مجاهد وكذا رويس بالسين حيث وقعا على الأصل؛ لأنه مشتق من السرط وهو البلع وهي لغة عامة العرب وافقهما ابن محيصن فيهما والشنبوذي فيما تجرد عن اللام.
وقرأ: خلف عن حمزة بإشمام الصاد الزاي في كل القرآن ومعناه، مزج لفظ الصاد بالزاي وافقه المطوعي.
واختلف: عن خلاد على أربع طرق الأولى الإشمام في الأول من الفاتحة فقط الثانية الإشمام في حرف الفاتحة فقط الثالثة الإشمام في المعرف باللام خاصة هنا، وفي جميع القرآن الرابعة عدم الإشمام في الجميع والأربعة مستفادة من قول الطيبة الأول أي: بالإشمام قف، وفيه والثاني وذي اللام اختلف، والباقون بالصاد كابن شنبوذ وباقي الرواة من قنبل وهي لغة قريش.
وعن: الحسن "اهدنا صراطا مستقيما" [الآية: 6] بالنصب والتنوين فيهما من غير أل). [إتحاف فضلاء البشر: 1/365] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف: في ضم الهاء وكسرها من "عليهم" [الآية: 7] "وإليهم ولديهم وعليها
[إتحاف فضلاء البشر: 1/365]
وإليهما وفيهما وعليهن وإليهن وفيهن وصياصيهم وبجنتيهم وترميهم وما نريهم وبين أيديهن" وما يشبه ذلك من ضمير التثنية والجمع مذكرا أو مؤنثا.
فحمزة: وكذا يعقوب من "عليهم، وإليهم، ولديهم" الثلاثة فقط، حيث أتت بضم الهاء على الأصل؛ لأن الهاء لما كانت ضعيفة لخفائها خصت بأقوى الحركات، ولذا تضم مبتدأة وبعد الفتح والألف والضمة والواو والسكون في غير الياء نحو: هو ولهو ودعاه ودعوه ودعه، وهي لغة قريش والحجازيين، وافقهما المطوعي في الثلاثة والشنبوذي في عليهم فقط، حيث وقع، وزاد يعقوب فقرأ جميع ما ذكر وما شابهه مما قبل الهاء ياء ساكنة بضم الهاء أيضا، وافقه الشنبوذي في عليهما فقط، وهذا كله إذا كانت الياء موجودة فإن زالت لعلة جزم نحو: "وإن يأتهم ويخزهم أو لم يكفهم" أو بناء نحو: "فاستفتهم" فرويس وحده بضم الهاء في ذلك كله إلا قوله تعالى "ومن يولهم يومئذ" بالأنفال فإنه كسرها من غير خلف واختلف عنه في "ويلههم الأمل" بالحجر و"يغنهم الله" في النور "وقهم السيئات، وقهم عذاب الجحيم" موضعي غافر والباقون: بكسر "الهاء في ذلك" كله في جميع القرآن لمجانسة الكسر لفظ الياء أو الكسر وهي لغة قيس وتميم وبني سعد.
واختلف: في صلة ميم الجمع بواو وإسكانها إذا وقعت قبل محرك ولو تقديرا نحو: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا} ومما رزقناهم ينفقون فقالون بخلف عنه وابن كثير وكذا أبو جعفر بضم الميم ووصلها بواو في اللفظ، اتباعا للأصل بدليل "دخلتموه، أنلزمكموها" وافقهم ابن محيصن والإسكان لقالون في الكافي والعنوان والإرشاد وكذا في الهداية من طريق أبي نشيط، ومنها قرأ به الداني على أبي الحسن ومن طريق الحلواني على أبي الفتح،
[إتحاف فضلاء البشر: 1/366]
والصلة له في الهداية للحلواني، وبها قرأ الداني على أبي الفتح من الطريقين عن قراءته على عبد الله بن الحسين من طريق الجمال عن الحلواني. واشترطوا في الميم أن تكون قبل محرك ولو تقديرا ليندرج فيه "كُنْتُمْ تَمَنَّوْن، فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُون" على التشديد وأن يكون المحرك منفصلا ليخرج عنه المتصل نحو: "دخلتموه، وأنلزمكموها" فإنه مجمع عليه.
وقرأ ورش: من طريقيه بالصلة إذا وقع بعد ميم الجمع همزة قطع نحو: "عليهم، ءأنذرتهم" إيثارا للمد، وعدل عن نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، الذي هو مذهبه؛ لأنه لو أبقى الميم ساكنة لتحركت بسائر الحركات، فرأى تحريكها بحركتها الأصلية أولى والباقون بالسكون في جميع القرآن للتخفيف وأجمعوا على إسكانها وقفا؛ لأنه محل تخفيف.
واختلف: في ضم ميم الجمع وكسرها وضم ما قبلها وكسره، إذا كان بعد الميم ساكن وقبلها هاء مكسورة ما قبلها كسرة أو ياء ساكنة نحو: "عليهم القتال، ويؤتيهم الله، وبهم الأسباب، وفي قلوبهم العجل" "فنافع" وابن كثير وابن عامر وعاصم وكذا أبو جعفر بضم الميم وكسر الهاء في ذلك كله، ووجهه مناسبة الهاء بالياء، وتحريك الميم بالحركة الأصلية، وهي لغة بني
[إتحاف فضلاء البشر: 1/367]
أسد وأهل الحرمين، وافقهم ابن محيصن وقرأ أبو عمرو بكسر الهاء لمجاورة الكسرة أو الياء الساكنة وكسر الميم أيضا على أصل التقاء الساكنتين، وافقه اليزيدي والحسن.
وقرأ: حمزة والكسائي وكذا خلف بضمهما؛ لأن الميم حركت للساكن بحركة الأصل وضم الهاء اتباعا لها، وافقهم الأعمش وقرأ يعقوب باتباع الميم الهاء على أصله، فضمها حيث ضم الهاء في نحو: "يريهم الله" لوجود ضم الهاء وكسرها في نحو: "قلوبهم العجل" لوجود الكسرة.
وأما: الوقف فكلهم على إسكان الميم، وهم على أصولهم في الهاء فحمزة بضم الهاء من نحو: "عليهم القتال، وإليهم اثنين" ويعقوب بضم ذلك ونحو: "يريهم الله، ولا يهديهم الله" ورويس في نحو: "يغنهم الله" على أصله بالوجهين.
واتفقوا: على ضم الميم المسبوقة بضم سواء كان في هاء أو كاف أو تاء نحو: "يلعنهم الله، ويلعنهم اللاعنون، عليكم القتال، وأنتم الأعلون" وإذا وقفوا سكنوا الميم، وعن ابن محيصن من المبهج "غَيْرَ الْمَغْضُوبِ" [الآية: 7] بنصب غير على الحال، قيل من الذين وهو ضعيف، وقيل من الضمير في عليهم، وعنه من المفردة الخفض كالجمهور على البدل من الذين بدل نكرة من معرفة، أو من الضمير المجرور في عليهم). [إتحاف فضلاء البشر: 1/368] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {الصراط} [6] و{صراط} [7] قرأهما قنبل حيث وقعا بالسين، وخلف بإشمام الصاد الزاي، وخلاد مثله في الأول خاصة، وفي هذه السورة فقط، والباقون بالصاد، ولا خلاف في تفخيم رائه لوقوع حرف الاستعلاء بعدها). [غيث النفع: 324] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {أنعمت} العين من حروف الحلق الستة وهي الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء.
ولا خلاف بين القراء في إظهار النون الساكنة والتنوين عند الهمزة والهاء والعين والحاء والمهملتين، ولا خلاف بين السبعة أيضًا في إظهارهما عند الخاء والغين المعجمتين). [غيث النفع: 325]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {عليهم} ضم حمزة هاءه وصلاً ووقفًا، والباقون بالسكر، وضم الملكي وقالون بخلف عنه وصلاً كل ميم جمع ووصلاها بواو لفظًا، وعليه فلقالون فيما بعده همزة قطع المد والقصر، فهو من باب المنفصل نحو {قالوا ءامنا} [البقرة 14] وسواء اتصلن بهاء كـ {عليهم} و{ءأنذرتهم} [البقرة 6] أو كاف نحو {أنكم} [البقرة 187] و{عليكم} [البقرة 40] أو تاء نحو {أنتم} [البقرة 85] و{كنتم} [البقرة 23].
وافق ورش على الصلة إذا وقع بعد ميم الجمع همزة قطع، نحو {لهم ءامنوا} [البقرة 13] ومد ورش له طويلاً لأنه من باب المنفصل لا يخفى، والباقون بالسكون، فإن اتصلت بضمير نحو {أنلزمكموها} [هود 28] و{دخلتموه} [المائدة 23] وجبت الصلة لفظًا وخطًا اتفاقًا). [غيث النفع: 325] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {الضالين} مد لازم لأنه سببه ساكن مدغم لازم، ومذهب الجمهور، بل نقل بعضهم الإجماع عليه أن القراء كلهم يمدون للساكن اللازم مدًا مشبعًا من غير إفراط، لا تفاوت بينهم فيه). [غيث النفع: 325]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}
{صراط}
- تقدمت القراءة في المعرف بالصاد والسين، والإشمام زاياً.
[معجم القراءات: 1/19]
{صراط الذين}
. حكي عن أبي عمرو أن أعرابياً قرأ (صراط لذين) بلام
واحدة.
وفي كتاب الشواذ لأبي محمد عبد السلام المقرئ:
قرأ أبي بن كعب وابن السميفع وأبو رجاء (صراط الذين) بتخفيف اللام حيث كان جمعاً أو واحدً.
- وقرأ ابن مسعود وابن الزبير وزيد بن علي وعمر بن الخطاب وعلي وعلقمة والأسود (صراط من أنعمت عليهم).
- وقراءة الجماعة (صراط الذين» بلام مضعفة.
{عليهم}
- قرأ عاصم وأبو عمرو وابن عامر والكسائي عليهم بكسر
الهاء وإسكان الميم، وهي لغة قيس وبني أسد وتميم.
[معجم القراءات: 1/20]
وقرأ حمزة ويعقوب (عليهم) بضم الهاء وإسكان الميم وقفاً ووصلاً, وهي لغة رسول الله صلي الله عليه وسلم وقريش والحجازيين ومن حولهم من فصحاء اليمن.
- وقرأ الحسن وعمرو بن فائد (عليهمي) بكسر الهاء والميم, وياء بعدها.
- وقرأ الحسن وعمرو بن فائد وأبو عمرو (عليهم) بكسر الهاء والميم من غير ياء, ووافقهم على ذلك اليزيدي.
- وقرأ ابن كثير ونافع وقالون بخلاف عنه وأبو جعفر وابن محيصن وورش (عليهمو) بكسر الهاء وضم الميم وواو بعدها
- وإذا وقف ابن كثير أسقط الواو.
- وقرأ الأعرج (عليهم) بكسر الهاء وضم الميم بغير واو.
[معجم القراءات: 1/21]
وقرأ الأعرج والكسائي وابن كثير وقالون ويعقوب (عليهم) بضم الهاء والميم.
- وقرأ (عليهمو) بضم الهاء وكسر الميم وياء بعدها الحسن البصري وعمرو بن فائد, وهذه من القراءات التي زادها الأخفش.
- وزاد الأخفش أيضاً (عليهم) بضم الهاء وكسر الميم من غير إشباع إلى الياء.
- وقرأ هؤلاء القراء في الوقف بالإسكان, ولم ينقل عنهم في هذا خلاف.
{غير المغضوب عليهم}
- قرأ (غير) بالجر, نافع وعاصم وأبو بكر وأبو عمرو وأبن عامر.
[معجم القراءات: 1/22]
وابن كثير وحمزة والكسائي, وذهب العلماء إلى أن الجر على البدل من (الذين) أو على أنه نعت, وذهب ابن كيسان إلى أنها بدل من الهاء والميم في (عليهم)
- وروي صدقة والخليل بن أحمد عن ابن كثير (غير) بالنصب وهي قراءة عمر وعلي وابن مسعود وعبد الله بن الزبير وأبي بن كعب, وهي قراءة ابن محيصن ورواية المعدل عن الأعمش.
وبذلك يكون عن ابن كثير, روايتان: النصب والجر والنصب على الحال, وهو الوجه الأول عند ابن خالويه, والثاني على الاستثناء من الهاء والميم في عليهم, وإلى مثل هذا ذهب الزجاج والأخفش.
وكره الطبري هذه القراءة لشذوذها عن قراءة القراء.
- وقرأ عمر بن الخطاب (غير) بالرفع, أي: هم غير المغضوب عليهم, أو أولئك, على الابتداء والخبر.
[معجم القراءات: 1/23]
{ولا الضالين}
لا: قرأ عمر وعلى وأبي وأبو بكرو علقمة والأسود وعبد الله بن الزيبر (وغير الضالين)
قال ابن حجر: (ذكرها أبو عبيد وسعيد بن منصور بإسناد صحيح, وهي للتأكيد أيضاً).
قال ابن عطية: وروي عنهما (عمر وأبي) في الراء النصب والخفض في الحرفين.
{الضالين}
وقرأ أيوب السختياني (ولا الضالين) بإبدال الألف همزة؛ فراراً من التقاء الساكنين.
قال ابن خالويه: (قيل لأيوب: لم همزت؟ فقال: إن المدة التي مددتموها أنتم لتحجزوا بين الساكنين هي هذه الهمز التي همزت
- وقراءة الجماعة (ولا الضالين)
- وقرأه الزهري بتخفيف اللام (الضالين) حيث وقع). [معجم القراءات: 1/24]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس