عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 09:20 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (1) إلى الآية (5) ]

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}

قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)}
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ({عوجًا} [1]: بوقفة لطيفة حفص). [المنتهى: 2/801]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (ووقف حفص على (عوجًا) في وصله وقفة خفيفة، وكذلك وقف على (مرقدنا) من قوله تعالى (من مرقدنا) في يس، وعلى (من) من قوله عز وجل (من راق)، وعلى اللام من قوله تعالى (بل، ران) يقف على هذه الأربعة
[التبصرة: 258]
المواضع وقفة خفيفة في وصله، كذلك روى الأشناني عن حفص، ووصل ذلك الباقون بغير وقف). [التبصرة: 259]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (قرأ حفص: {عوجا} (1): يسكت على الألف سكتة لطيفة، من غير قطع ولا تنوين، ثم يقول: {قيما} (2).
وكذلك كان يسكت، مع مراد الوصل، على الألف في يس (52) في قوله عز وجل: {من مرقدنا}، ثم يقول: {هذا}.
وكذلك كان يسكت على النون في القيامة (27)، في قوله: {من}، ثم يقول: {راق}.
وكذلك كان يسكت على اللام في المطففين ((14))، في قوله: {بل}، ثم يقول: {ران}.
والباقون: يصلون ذلك كله، من غير سكت، ويدغمون النون واللام في الراء). [التيسير في القراءات السبع: 347]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (قرأ حفص: (عوجا) يسكت على الألف سكتة لطيفة من غير قطع ولا تنوين ثمّ يقول (قيمًا) وكذلك كان يسكت مع مراد الوصل على الألف في يس في قوله تعالى: (من مرقدنا) ثمّ يقول: (هذا) وكذلك يسكت على النّون في القيامة في قوله تعالى: (من) ثمّ يقول: (راق) وكذلك كان يسكت على اللّام في المطففين في قوله: (بل) ثمّ يقول: (ران)، والباقون يصلون ذلك [كله] من غير سكت، ويدغمون النّون واللّام في الرّاء). [تحبير التيسير: 442]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([1]- {عِوَجَا} بوقفة لطيفة من غير قطع ولا تنوين: حفص). [الإقناع: 2/688]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (830 - وَسَكْتَةُ حَفْصٍ دُونَ قَطْعٍ لَطِيفَةٌ = عَلَى أَلِفِ التَّنْوِينِ فِي عِوَجاً بَلاَ
831 - وَفِي نُونٍ مَنْ رَاق وَمَرْقَدِناَ وَلاَ = مِ بَلْ رَانَ وَالْبَاقُونَ لاَ سَكْتَ مُوصَلاَ). [الشاطبية: 66]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([830] وسكتة (حفص) دون قطعٍ لطيفة = على ألف التنوين في عوجًا بلا
[831] وفي نون من راقٍ ومرقدنا ولا = م بل ران والباقون لا سكت موصلا
قال أبو عمرو: «كذلك نص الأشناني في كتابه عن حفص».
والغرض بذلك، إيضاح المعنى في هذه المواضع.
ومعنى (بلا)، خبر. وفيه ضميرٌ لحفص.
وقوله: (والباقون لا سكت موصلا)، أي في حال الإيصال المذكور في المواضع المذكورة بما بعده.
و (موصلا)، منصوب على الحال منه). [فتح الوصيد: 2/1064]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([830] وسكته حفصٍ دون قطع لطيفة = على ألف التنوين في عوجًا بلا
ح: (سكته): مبتدأ، (لطيفةٌ): خبره، (دون قطع): حال، أي: كائنةً دونه، (على ألف): متعلق بـ (سكتة)، (في عوجًا): ظرف (سكته)، (بلا): بمعنى اختبر، جملة مستأنفة، وضميره: عائد إلى حفص.
ص: كان حفصٌ على {عوجًا} [1] وقفة خفيفة من غير قطع نفس، لأنه واصلٌ، وغرضه: إيضاح المعنى، لئلا يتوهم أن {قيمًا} [2] نعت {عوجًا}، فإنه حال من {الكتب} [1]، ولما وقف أبدل التنوين ألفًا، إذ التنوين لا يوقف عليه.
ومعنى البيت: أن سكتة حفص ووقفه على الألف المبدلة من التنوين في {عوجًا} سكتة لطيفة خفيفة من غير قطع نفسٍ.
[831] وفي نون من راقٍ ومرقدنا ولا = م بل ران والباقون لا سكت موصلا
[كنز المعاني: 2/389]
ح: (وفي نون): عطف على (ألف)، وكذلك: ما بعده، (الباقون): مبتدأ، (لا سكت): (لا): لنفي الجنس، خبره: محذوف، أي: لهم، (موصلا): صفة (سكت)، أي: موصلًا إلينا منقولًا عنهم، والجملة: خبر المبتدأ.
ص: سكت حفصٌ في المواضع الثلاثة: في نون {من راقٍ} في القيامة [27]، ليعلم أنهما كلمتان، وليست اللفظة على (فعلا)، وفي آخر {مرقدنا} في قوله تعالى: {من بعثنا من مرقدنا هذا} في يس [52]، ليعلم أن ليس {هذا} صفة المرقد، وفي لام: {بل ران} من قوله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم} في المطففين [14]، لما مر في {من راقٍ} [القيامة: 27]، والباقون: لا يسكتون في الكل، لأنه لو لزم السكت على اللام والنون ليظهرا للزم في كل مدغم، ولو لزم على {عوجً} [1]، و{مرقدنا} [يس: 52] للزم فيما شاكلهما جميعًا، وحفص لا يفعل كذلك). [كنز المعاني: 2/390]
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (830- وَسَكْتَةُ حَفْصٍ دُونَ قَطْعٍ لَطِيفَةٌ،.. عَلَى أَلِفِ التَّنْوِينِ فِي عِوَجًا بَلا
قال صاحب التيسير: قرأ حفص "عوجا" يسكت على الألف سكتة لطيفة من غير قطع ولا تنوين ثم يقول: "قَيِّمًا"، وقال مكي: كان حفص يقف على عوجا وقفة خفيفة في وصله.
قلتُ: فهذا معنى قوله: دون قطع؛ أي: دون قطع نفس؛ لأنه في وقفه واصل وغرضه من ذلك إيضاح المعنى؛ لئلا يُتوهم أن قيما نعت "عوجا"، وإنما "قيما" حال من الكتاب المنزل أو منصوب بفعل مضمر؛ أي: جعله قيما، ولما التزم صورة الوقف لأجل ذلك لزمه أن يبدل من التنوين ألفا يقف عليها؛ لأن التنوين لا يوقف عليه فهذا معنى قوله: على ألف التنوين؛ أي: على الألف المبدلة من التنوين وفي ذلك نظر فإنه لو وقف على التنوين لكان أدل على غرضه وهو أنه واقف بنية الوصل وكثير من المصنفين كالأهوازي وابن غلبون يقولون: يقف
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/327]
على عوجا، ولا يذكرون إبدال التنوين ألفا، وقال الأهوازي: ليس هو وقفا مختارًا؛ لأن في الكلام تقديما وتأخيرا معناه أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا، ومعنى بلا: اختبر وفاعله ضمير عائد إلى حفص ثم قال:
831- وَفِي نُونٍ مَنْ رَاق وَمَرْقَدِنا وَلا،.. مِ بَلْ رَانَ وَالبَاقُونَ لا سَكْتَ مُوصَلا
أي: وسكت في هذه المواضع الثلاثة أيضا أحدها: النون من: {مَنْ رَاقٍ} في سورة القيامة لما اندغمت النون في الراء بغير غنة وقف على "من" ليعلم أنهما كلمتان وليست اللفظة على وزن فعال، وكذا الكلام في لام: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}، أما: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، فوقف على مرقدنا؛ لئلا يتوهم أن هذا الذي بعده صفة للمرقد وإنما هو مبتدأ، قال مكي: ولو اختار متعقب الوقف على عوجا وعلى "مرقدنا" لجميع القراء لكان ذلك حسنًا؛ لأنه يفرق بين معنيين فهو تمام مختار الوقف عليه قال: وقرأ الباقون ذلك كله بغير وقف مروي عنهم؛ لأنه متَّصل في الخط والإدغام فرع ولا كراهة فيه، ولو لزم الوقف على اللام والنون؛ ليظهر للزم في كل مدغم، فهذا معنى قول الناظم: والباقون لا سكت، وموصلا نعت لسكت؛ أي: لا سكت لهم منقولا عنهم موصلا إلينا.
وقال الشيخ: موصلا نصب على الحال؛ أي: في حال إيصال المذكور في المواضع المذكورة بما بعده، قال: المهدوي وكان يلزم حفصا مثل ذلك في ما
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/328]
شاكل هذه المواضع وهو لا يفعله، فليس لقراءته وجه من الاحتجاج يعتمد عليه إلا اتباع الرواية. قلت: أولى من هذه المواضع بمراعاة الوقف عليها: {وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} فينبغي الوقف على قولهم؛ لئلا يتوهم أن ما بعده هو المفعول، وكذا: {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ، الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} ينبغي الاعتناء بالوقف على النار، ثم يبتدأ بما بعده؛ لئلا يوهم الصفة ولذلك نظائر والله أعلم). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/329]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (830 - وسكتة حفص دون قطع لطيفة = على ألف التّنوين في عوجا بلا
831 - وفي نون من راق ومرقدنا ولا = م بل ران والباقون لا سكت موصلا
سكت حفص على ألف عِوَجاً المبدلة من التنوين، وألف مَرْقَدِنا في يس، وعلى نون مَنْ راقٍ في القيامة، ولام بَلْ رانَ في المطففين. سكتة لطيفة من دون قطع نفس في حال وصل هذه الكلمات بما بعدها، ولم يقيد الناظم السكت بحال الوصل باعتبار أنه من المعلوم أن السكت لا يكون إلا في حال الوصل. وترك الباقون السكت على هذه الكلمات في حال الوصل، وإنما أبدل تنوين عِوَجاً ألفا حال السكت؛ لأن السكت يشارك الوقف في قطع الصوت فتجري عليه أحكامه من إبدال التنوين ألفا في نحو عِوَجاً، وإظهار النون في مثل مَنْ راقٍ، واللام في مثل بَلْ رانَ وغير ذلك. وقول الناظم (دون قطع)
[الوافي في شرح الشاطبية: 310]
معناه: دون قطع طويل، ولا بدّ من تقييده بهذا وإلا فالسكت فيه قطع الصوت حتما وإن كان قليلا. وقوله (والباقون لا سكت موصلا)، (موصلا) صفة (سكت) وخبر (لا) محذوف والتقدير: لا سكت موصلا منقولا إلينا عنهم). [الوافي في شرح الشاطبية: 311]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (تَقَدَّمَ سَكْتُ حَفْصٍ عَلَى عِوَجَا فِي بَابِهِ). [النشر في القراءات العشر: 2/310]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (ذكر سكت حفص على {عوجًا} [1] في بابه). [تقريب النشر في القراءات العشر: 582]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (وتقدم سكت حفص على عوجا. [1] ). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/428]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وسكت حفص بخلف عنه من طريقيه على الألف المبدلة من التنوين في "عِوَجًا" [الآية: 1] سكتة لطيفة من غير تنفس إشعارا بأن قيما ليس متصلا بعوجا
[إتحاف فضلاء البشر: 2/208]
وسكت أيضا على ألف مرقدنا، ويبتدئ هذا لئلا يوهم أنه صفة لمرقدنا وعلى نون من ويبتدئ راق لئلا يتوهم أنها كلمة واحدة، وسكت أيضا على لام بل، ويبتدئ ران ومن لازمه عدم الإدغام والباقون بغير سكت على الأصل في الأربعة). [إتحاف فضلاء البشر: 2/209]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (القراءات
تقدم كسر دال "الحمد لله" عن الحسن). [إتحاف فضلاء البشر: 2/208]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {عوجا * قيما} قرا حفص في الوصل بالسكت على الألف المبدلة من التنوين سكته يسيرة من غير تنفس، إشعارًا بأن {قيما} ليس متصلاً بـــ {عوجا} على أنه نعت له، بل هو منصوب بفعل مقدر، أي: جعله قيمًا وأنزله، فيكون حالاً من الهاء المتصل به، ويحتمل غير هذا، والباقون بغير سكت، فلهم في تنوينه الإخفاء لأجل قاف {قيما} ). [غيث النفع: 812]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)}
{الْحَمْدُ لِلَّهِ}
- قراءة الجماعة (الحمد لله)، بالرفع على الابتداء، ولله: الخبر.
- وقرأ الحسن (الحمد لله) بكسر الدال على إتباع حركة اللام، وهو إتباع حركة معرب لحركة غير إعراب، وهي لغة تميم وبعض غطفان، يتبعون الأول الثاني للتجانس.
ذكر صاحب الإتحاف قراءة الحسن هذه، وأشار إلى أنها تقدمت، قلت: تقدم ذكرها في سورة الفاتحة الآية/2.
والقراءة هناك مروية عن ثلاثة، وهم الحسن وزيد بن علي ورؤبة.
وقال أبو حيان في ذلك الموضع:
(وقراءة الرفع أمكن في المعنى؛ ولهذا أجمع السبعة عليها؛ لأنها تدل على ثبوت الحمد واستقراره لله تعالى...).
وكان قد ذكر مع هاتين القراءتين قراءة ثالثة بنصب الدال.
{عِوَجًا (1)- قَيِّمًا (2)}
- قرأ حفص بخلاف عنه (عوجا، ... قيمًا) بالسكت على الألف من (عوجا)، وهي مبدلة من التنوين، وهو سكت من غير تنفس
[معجم القراءات: 5/145]
بمقتدر حركتين، دفعًا لإيهام أن يكون (قيما) نعتًا لـ(عوجًا) فيفسد المعنى؛ إذ (قيمًا) حال من (الكتاب).
قال مكي: (كان حفص يقف على (عوجا)..، وحجته في ذلك أنه اختار أن يبين بوقفه على (عوجا) أنه وقف تام، فإن (قيمًا) ليس بتابع في إعرابه لـ(عوجًا)، إنما هو منصوب بإضمار فعل، تقديره: أنزله قيمًا).
قال ابن هشام:
(... ما حكاه بعضهم من أنه سمع شيخًا يعرب لتلميذه: (قيمًا).. صفة لـ (عوجًا) قال: فقلت له: يا هذا، كيف يكون العوج قيمًا؟ وترحمت على من وقف من القراء على ألف التنوين في (عوجا) وقفة لطيفة، دفعًا لهذا التوهم، وإنما (قيمًا) حال إما من اسم محذوف هو وعامله، أي أنزله (قيمًا) وإما من الكتاب..).
- وقرأ أبو عمرو وابن عامر وابن كثير ونافع وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم، وحفص عن عاصم في وجهه الثاني وأبو جعفر ويعقوب (عوجًا، قيمًا) من غير سكت في الوصل مع إخفاء التنوين في القاف.
- وفي بعض مصاحف الصحابة:
(ولم يجعل له عوجًا، لكن جعله قيمًا).
قال أبو حيان:
(ويحمل ذلك على تفسير المعنى لا أنها قراءة) ). [معجم القراءات: 5/146]

قوله تعالى: {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (1 - قَوْله {من لَدنه} 2
قَرَأَ عَاصِم في رِوَايَة أَبي بكر (من لدنهي) بِفَتْح اللَّام وإشمام الدَّال الضمة وَكسر النُّون وَالْهَاء ويصل الْهَاء بياء في الْوَصْل
وَلم يقْرَأ بذلك أحد غَيره
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {من لَدنه} بِفَتْح اللَّام وَضم الدَّال وتسكين النُّون وَضم الْهَاء من غير بُلُوغ وَاو وَكَذَلِكَ حَفْص عَن عَاصِم مثلهم). [السبعة في القراءات: 388]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ({من لدنه} بإشمام الدال، وكسر النون والهاء يحيى). [الغاية في القراءات العشر: 304]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (من لدنه) [2]: بكسر النون والهاء واختلاس ضمة الدال أبو بكر إلا البرجمي والأعشى وابن جبير وحمادًا، وزاد الرفاعي حيث جاء،
[المنتهى: 2/801]
وآخذ عنه كخلف عن يحيى). [المنتهى: 2/802]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ أبو بكر (من لدنه) بإسكان الدال ويشمها الضم، وكسر النون والهاء، ويصل الهاء بياء، والإشمام في هذا إنما هو بعد الدال لأنها ساكنة فهي بمنزلة دال (زيد) المرفوع في الوقف، وليس بمنزلة الإشمام في (سيئت) و(قيل) لأن هذا متحرك، وقرأ الباقون بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء غير أن ابن كثير يصل الهاء بواو على أصله). [التبصرة: 258]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وقد ذكرنا (يبشر)و(رعبًا) و(بالغدوة) فيما تقدم). [التبصرة: 259]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (أبو بكر: {من لدنه} (2): بإسكان الدال، وإشمامها شيئًا من الضم، ويكسر النون والهاء، ويصل الهاء بياء.
والباقون: بضم الدال، وإسكان النون، وضم الهاء.
وابن كثير: على أصله، يصلها بواو). [التيسير في القراءات السبع: 347]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (حمزة، والكسائي: {ويبشر المؤمنين} (2): بفتح الياء، وإسكان الباء، وضم الشين مخففًا.
والباقون: بضم الياء، وفتح الباء، وكسر الشين مشددًا). [التيسير في القراءات السبع: 348]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (أبو بكر: (من لدنه) بإسكان الدّال وإشمامها شيئا من الضّم وبكسر النّون والهاء ويصل الهاء بياء، والباقون بضم الدّال وإسكان النّون وضم الهاء، وابن كثير على أصله
[تحبير التيسير: 442]
يصلها بواو). [تحبير التيسير: 443]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : ( (ويبشر المؤمنين) قد ذكر في آل عمران). [تحبير التيسير: 443]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (قِيَمًا) بكسر القاف وفتح الياء خفيف الْأَعْمَش، الباقون مشدد، وهو الاختيار
[الكامل في القراءات العشر: 589]
لقوله: (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) ). [الكامل في القراءات العشر: 590]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (مِنْ لَدُنْهُ) بكسر النون وإشمام الدال شيئًا من الضم أبو بكر غير ابن جبير، والْأَعْمَش، والبرجمي، وعصمة عن عَاصِم، زاد الرفاعي حيث جاء واحد عنه كخلف عن يحيى، وأما (مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا) خفيف مدني، وأبو بكر، وقد ذكرنا الاختلاس بضم لامه وسكون داله الخطيب عن الأعشى قال أبو علي أبو زيد عن أَبِي عَمْرٍو كنافع، وخارجة عن نافع كأَبِي عَمْرٍو، الباقون مشدد، وهو الاختيار؛ لأنه أشهر). [الكامل في القراءات العشر: 590]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([2]- {مِنْ لَدُنْهُ} بكسر النون والهاء واختلاس ضمة الدال: أبو بكر). [الإقناع: 2/688]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (832 - وَمِنْ لَدْنِهِ في الضَّمِّ أَسْكِنْ مُشِمَّهُ = وَمِنْ بَعْدِهِ كَسْرَانِ عَنْ شُعْبَةَ اعْتَلاَ
833 - وَضُمَّ وَسَكِّنْ ثُمَّ ضُمَّ لِغَيْرِهِ = وَكُلُّهُمْ فِي الْهَا عَلَى أَصْلِهِ تَلاَ). [الشاطبية: 66]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([832] ومن لدنه في الضم أسكن مشمه = ومن بعده كسران عن (شعبة) اعتلا
[833] وضم وسكن ثم ضم لغيره = وكلهم في الها على أصله تلا
حقيقة هذا الإشمام، أن تشير بالعضو إلى الضمة بعد إسكان الدال، ولا يدركه الأعمى لكونه إشارةً بالعضو من غير صوتٍ، وتكسر النون والهاء.
وهي لغة لبني كلاب رواها أبو زيد.
يقولون: لدنه؛ يشمون الدال، ويكسرون النون. وذلك أنهم استثقلوا الضمة في الدال، فأسكنوا، فالتقى ساكنان، فكسروا النون لذلك.
وأما كسر الهاء، فلأجل كسر النون.
(وضم) الدال وسكن النون، (ثم ضم) لغير أبي بكر.
(وكلهم في الماء على أصله تلا)؛ فأبو بكر يصلها بياء، كما يقرأ (أنا ءاتيك بهي)، وابن كثير يصلها بواو.
والباقون، يضمون من غير صلة). [فتح الوصيد: 2/1065]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([832] ومن لدنه في الضم أسكن مشمه = ومن بعده كسران على شبعة اعتلى
[833] وضم وسكن ثم ضم لغيره = وكلهم في الها على أصله تلا
[كنز المعاني: 2/390]
ح: (من لدنه): مفعول (أسكن)، (مشمه): حال من (فاعله): (في الضم): ظرفه، (كسران): مبتدأ، (اعتلى عن شعبة): نعته، (من بعده): خبره، الهاء في (لغيره): لشبعة، (وكلهم): مبتدأ، (تلا): خبره، (على أصله): متعلق به، (في الهاء): ظرفه.
ص: قرأ أبو بكر شعبة: {بأسًا شديدًا من لدنه} [2] بإسكان الدال مع إشمامها، وهو الإشارة بالعضو إلى الضمة من غير صوتٍ يسمع، ويكسر النون والهاء، والباقون: بضم الدال والهاء وإسكان النون.
وكل يقرأ الهاء من ذلك على أصله، فشبعة يصل الهاء بالياء، نحو: {به} [البقرة: 22]، وابن كثير بالواو على أصله، والباقون: بترك الوصل.
أما قراءة شبعة: فلغة بني كلاب، وأما قراءة الآخرين: فلغة سائر العرب الوارد عليه القرآن غير هذا الموضع المختلف فيه). [كنز المعاني: 2/391]
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (832- وَمِنْ لَدْنِهِ في الضَّمِّ أَسْكِنْ مُشِمَّهُ،.. وَمِنْ بَعْدِهِ كَسْرَانِ عَنْ شُعْبَةَ اعْتَلا
أي: أسكن ضم الدال في حال كونك "مشمه" فالهاء في "مشمه" للضم، والكسران في النون والهاء وهذا معنى قول صاحب التيسير: قرأ أبو بكر "من لدنه" بإسكان الدال وإشمامها شيئا من الضم وبكسر النون والهاء ويصل الهاء بياء، وكذا قال صاحب الروضة: إشمامها شيئا من الضم، وصرح الأهوازي فقال: باختلاس ضمة الدال، أما مكي فقال: الإشمام في هذا إنما هو بعد الدال؛ لأنها ساكنة فهي بمنزلة دال زيد المرفوع في الوقف، وليس بمنزلة الإشمام في "سيئت"، وقيل: لأن هذا متحرك، ولم يذكر الشيخ في شرحه غير هذا القول فقال: حقيقة هذا الإشمام أن يشير بالعضو إلى الضمة بعد إسكان الدال، ولا يدركه الأعمى؛ لكونه إشارة بالعضو من غير صوت، قال أبو علي: وهذا الإشمام ليس في حركة خرجت إلى اللفظ، وإنما هو تهيئة العضو لإخراج الضمة؛ ليعلم أن الأصل كان في الدال
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/329]
الضمة، فأسكنت كما أسكنت الباء في سبع والكسر من النون؛ لالتقاء الساكنين، وكسرت الهاء بعدها لأجل كسرة النون نحو: به ومن أجله.
833- وَضُمَّ وَسَكِّنْ ثُمَّ ضُمَّ لِغَيْرِهِ،.. وَكُلُّهُمُ فِي الْهَا عَلَى أَصْلِهِ تَلا
أي: ضم الدال وسكن النون ثم ضم الهاء لغير شعبة، أما حكم الهاء في الضم والكسر والصلة فعلى ما عرف من أصولهم في باب هاء الكناية، فتكسر الهاء، وتصلها بياء في قراءة شعبة لأجل كسر ما قبلها، وتضم الهاء في قراءة غيره؛ لعدم الكسر قبلها، وابن كثير وحده يصلها بواو كما يقرأ "منهو" و"عنهو"، والباقون يضمون ولا يصلون كما يقرءون: "منه" وعنه). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/330]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (832 - ومن لدنه في الضّمّ أسكن مشمّه = ومن بعده كسران عن شعبة اعتلا
833 - وضمّ وسكّن ثمّ ضمّ لغيره = وكلّهم في الها على أصله تلا
قرأ شعبة بإسكان ضمة الدال مع إشمامها الضم وبكسر النون والهاء. قال في الغيث: والمراد بالإشمام هنا ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة على ما ذكره مكي والداني وغيرهما. وقال العلامة الجعبري: لا يكون الإشمام بعد الدال بل معه تنبيها على أن أصلها الضم وسكنت تخفيفا .. انتهى.
والظاهر أن الحق مع الجعبري. ثم بين الناظم قراءة غير شعبة بقوله (وضم وسكن ثم ضم لغيره) يعني ضم الدال وسكن النون وضم الهاء وكل من القراء على أصله في الهاء، فشعبة يصلها بياء لوقوعها في قراءته بين متحركين نحو بِهِ* وابن كثير يصلها بواو لوقوعها بعد ساكن وقبل متحرك نحو مِنْهُ* وعَنْهُ* والباقون لا يصلونها على قاعدتهم). [الوافي في شرح الشاطبية: 311]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: مِنْ لَدُنْهُ، فَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْكَانِ الدَّالِ وَإِشْمَامِهَا الضَّمَّ وَكَسْرِ النُّونِ وَالْهَاءِ وَوَصْلِهَا بِيَاءِ اللَّفْظِ، وَانْفَرَدَ نِفْطَوَيْهِ عَنِ الصَّرِيفِينِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِكَسْرِ الْهَاءِ مِنْ غَيْرِ صِلَةٍ، وَهِيَ رِوَايَةُ خَلَفٍ عَنْ يَحْيَى، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَالدَّالِ، وَإِسْكَانِ النُّونِ، وَابْنُ كَثِيرٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي الصِّلَةِ بِوَاوٍ). [النشر في القراءات العشر: 2/310]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي آلِ عِمْرَانَ). [النشر في القراءات العشر: 2/310]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (روى أبو بكر {من لدنه} [2] بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون والهاء وصلتها بياء، وانفرد نفطويه عن الصريفيني عن أبي بكر بكسرها من غير صلة، والباقون بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء، وابن كثير يصلها على أصله). [تقريب النشر في القراءات العشر: 582]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ({ويبشر} [2] ذكر في آل عمران). [تقريب النشر في القراءات العشر: 582]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (742 - من لدنه للضّمّ سكّن وأشمّ = واكسر سكون النّون والضّم صرم). [طيبة النشر: 83]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (من لدنه للضّمّ سكّن وأشم = واكسر سكون النّون والضّمّ (ص) رم
يريد أنه قرأ قوله تعالى «من لدنه» بإسكان ضم الدال وإشمامها الضم، وبكسر سكون النون وضم الهاء وصلتها أبو بكر، والباقون بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء وابن كثير يصلها بواو على أصله). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 266]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ص:
من لدنه للضّمّ سكّن وأشم = واكسر سكون النّون والضمّ (ص) رم
ش: أي قرأ ذو صاد (صرم) أبو بكر من لدنه [2] فقط لقرينة الفرش، بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون والهاء وصلتها.
والباقون بضم الدال، وإسكان النون وضم الهاء، وصلتها بواو لابن كثير، وبلا صلة لغيره.
تنبيه:
قيد الإسكان والضم للضد، والإشمام هنا: ضم الشفتين مع الدال. قال الفارسي: هو تهيئة [العضو] وليس حركة، وتجوّز الأهوازي بتسميته اختلاسا.
ووجه إسكان الدال أن أصلها: «لدن» فاسكنت تخفيفا ك: «عضد» ونبه بالإشمام عليها، وكسرت النون للساكنين ك: «أمس»، أو جرت على لغة قيس وهو إعرابها، وبقيت الهاء على أصل ضمها؛ لعدم العارض). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/428]

قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "مِنْ لَدُنْه" [الآية: 2] فأبو بكر بإسكان الدال مع إشمامها الضم وكسر النون والهاء وصلتها بها لفظية فتصير لدنهي، فتسكين الدال تخفيفا كتسكين عين عضد فالتقت مع النون الساكنة فكسرت النون، وتبعه كسر الهاء وكان حقه أن يكسر أول الساكنين إلا أنه يلزم منه العود إلى ما فر منه، ووصلت بهما؛ لأنها بين متحركين والسابق كسر وإشمام الدال للتنبيه على أصلها في الحركة، وهو هنا عبارة عن ضم الشفتين مع الدال بلا نطق، قال الفارسي: وغيره كمكي ومن تابعه هو تهيئة العضو بلا صوت، فليس هو حركة، وتجوز الأهوازي بتسميته اختلاسا، والباقون بضم الدال وسكون النون وضم الهاء وابن كثير أبدلها بواو على أصله). [إتحاف فضلاء البشر: 2/209]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وقرأ "وَيُبَشِّر" [الآية: 2] بالتخفيف حمزة والكسائي وخلف ومر بآل عمران). [إتحاف فضلاء البشر: 2/209]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {لدنه} [2] قرأ شعبة بإسكان الدال مع إشمامها الضم، وكسر النون والهاء، ووصلها بياء في اللفظ.
والمراد بالإشمام هنا: ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة، على ما ذكره مكي والداني وأبو عبد الله الفاسي وغيرهم.
وقال الجعبري: لا يكون الإشمام بعد الدال، بل معه واعترض الأول فانظره تنبيهًا على أن أصلها الضم، وسكنت تخفيفًا.
[غيث النفع: 812]
والباقون بضم الدال والهاء، وإسكان النون، والمكي على أصله في الصلة). [غيث النفع: 813]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {ويبشر} قرأ الأخوان بفتح الياء، وإسكان الباء الموحدة، وضم الشين مخففة، والباقون بضم الياء، وفتح الموحدة، وكسر الشين مشددة). [غيث النفع: 813]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)}
{قَيِّمًا}
- قراءة الجماعة (قيمًا) بفتح القاف وتشديد الياء مكسورة.
- وقرأ أبان بن تغلب وأبو رجاء وأبو المتوكل وأبو الجوزاء وابن يعمر والنخعي والأعمش (قيمًا) بكسر القاف وفتح الياء.
{لِيُنْذِرَ}
- ترقيق الراء عن الأزرق وورش.
{بَأْسًا}
- قرأ أبو عمرو بخلاف عنه وأبو جعفر (باسًا) بإبدال الهمزة ألفًا.
- وكذا جاءت قراءة حمزة في الوقف.
- والجماعة على القراءة بالهمز (بأسًا).
{مِنْ لَدُنْهُ}
- قرأ عاصم في رواية أبي بكر ويحيى وحماد وجبلة (لدنهي) بسكون الدال مع إشمامها الضم، وكسر النون والهاء، ثم وصل الهاء بياء.
قال ابن مجاهد: (ولم يقرأ بذلك أحد غيره).
[معجم القراءات: 5/147]
وأصلها (لدن) على وزن (عضد)، فخفف بإسكان الوسط وهو الدال، وأشير بالإشمام إلى الضم تنبيهًا على أنه الأصل.
وكسرت النون للتخلص من التقاء الساكنين:
سكون الدال الطارئ، وسكون النون في الأصل، ثم كسرت الهاء إتباعًا لكسر النون قبلها، ووصلت بياء لوقوعها بين متحركين: أولهما مكسور. وكان الوصل بياء مراعاة للكسر.
واعترض بعضهم على الإشمام في وسط الكلمة: إذ الإشمام غنما يكون في آخر الكلمة عند الوقف.
قال الشهاب:
(وهذا -أي الإشمام- ما قرر القراء، لكن استشكله في الدر المصون وغيره بأن الإشمام وهو الإشارة إلى الحركة بضم الشفتين مع انفراج بينهما إنما يتحقق في الوقف على الآخر كما قرره النحاة، وكونه في الوسط كما هنا لا يتصور؛ ولذا قيل: إنه يؤتى به هنا بعد الوقف على الهاء.
ودفع الاعتراض بأنه لا يدل حينئذٍ على حركة الدال بأنه متعين، إذ ليس في الكلمة ما يصلح أن يشار إلى حركته غيرها، ولا يخفى ما فيه. والذي يحسم مادة الإشكال ما مر في سورة يوسف من أن الإشمام له معان أربعة: منها تضعيف الصوت بالحركة الفاصلة بين الحرفين، فهو إخفاء لها.
وقال الداني: إنه هو المراد هنا، وهو الصواب، وبه صرح ابن جني في المحتسب..
[معجم القراءات: 5/148]
فمن قال: إنها متواترة نقلها الجعبري وغيره، فلا وجه لإنكارها، لم يأتِ بشيء، مع أن التحقيق أن الأداء غير متواتر، وهذا مما لا مرية فيه...).
- وقرأ أبو بكر شعبة عن عاصم (لدنه) بإشمام الدال الضم، وكسر النون والهاء، وذكر الرازي أنها لغة بني كلاب.
وفي أمالي الشجري:
(وقال أبو علي: ... فأما ما روي عن عاصم من قراءته (لدنه) فالكسرة فيه ليست كسرة جر، وإنما هي كسرة التقاء الساكنين، وذلك أن الدال أسكت كما أسكنت الباء من (سبع)، والنون ساكنة، فلما التقيا كسر الثاني منهما).
وقال الأصبهاني في المبسوط: (روى يحيى عن أبي بكر: ... من لدنه.
قال: يشم الدال ويكسر النون والهاء.
ورأيت من المشايخ من كان يقول: لا ندري ما هذه الرواية، ولا نقبل مثل هذا عن أبي بكر، سيما إذا كان الرواة الثقات عنه كلهم على خلافه، والله أعلم به).
وقال ابن الجزري:
(وانفرد نفطويه عن الصريفيني عن يحيى عن أبي بكر بكسر الهاء من غير صلة، وهي رواية خلف عن يحيى).
والذي وجدته في بعض مراجع المتقدمين أن كسرة النون كسرة إعراب، وهي لغة قيس.
[معجم القراءات: 5/149]
قال السيوطي: (وإعراب لدن) لغة قيسية، تشبيهًا بعند، وبه قرأ عاصم: (بأسًا شديدًا من لدنه) بالجر، وإشمام الدال الساكنة الضم...).
وذكر مثل هذا أبو الحسن الأشموني في شرحه، وابن هشام في أوضح المسالك، وذكر أغلب العلماء أنها هنا على البناء، وأن الكسر عارض لالتقاء الساكنين.
- وقرأ ابن كثير (لدنهو) بضم الهاء على الأصل، ثم وصل هذه الهاء بواو، وهو مشهور مذهبه في القراءة.
- وقرأ أبو حيوة (لدنه) بضم اللام وسكون الدال وكسر النون والهاء.
قال ابن الشجري:
(ولدن... وفيه لغات...
والثالثة: لدن، مثل عضد، خففوه تارة بإسكان أوسطه، وتارة بنقل الحركة إلى أوله، وحركوا النون لالتقاء الساكنين، وخصوها بالحركة التي كانت للثقل).
وذكر العكبري قراءتين أخريين:
1- لدنه: بفتح اللام وضم الدال وكسر النون.
2- لدنه: بفتح اللام وضم الدال واختلاس كسرة النون.
- وقرأ أبو عمرو وابن عامر ونافع وحمزة والكسائي وحفص عن
[معجم القراءات: 5/150]
عاصم وأبو جعفر ويعقوب (من لدنه) بفتح اللام، وضم الدال، وسكون النون، وضم الهاء من غير بلوغ واو.
{وَيُبَشِّرَ}
- قرأ حمزة والكسائي وخلف وأصحاب عبد الله بن مسعود والأعمش وطلحة (ويبشر) بفتح الياء في أوله، وإسكان الباء وضم السين، وهو من (بشر) الثلاثي.
وبنضب الراء عطفًا على (لينذر).
- وقرأ أبو عمرو وابن عامر وابن كثير ونافع وعاصم وأبو جعفر ويعقوب (ويبشر) بالتضعيف والنصب من (بشر)، والمضعف لغة الحجاز.
وتقدم مثل هذا في الآية/39 من سورة آل عمران.
- وقرئ (ويبشر) بالرفع على الاستئناف، أي: وهو يبشر، وهو قطع عما قبله.
- وذكر أبو حيان أن عبد الله بن مسعود قرأ: (يبشر) في جميع القرآن من أبشر، ثم قال: (وهي لغىً ثلاث، حكاها غير واحد من اللغويين).
- والقراءة بترقيق الراء من (يبشر) عن الأزرق وورش.
[معجم القراءات: 5/151]
{الْمُؤْمِنِينَ}
- قرأ أبو عمرو بخلاف عنه وأبو جعفر والأصبهاني والأزرق وورش بإبدال الهمزة واوًا (المومنين).
- وكذا جاءت قراءة حمزة في الوقف.
- وقراءة الجماعة بالهمز (المؤمنين).
وتقدم مثل هذا في مواضع مما سبق بيانه، وانظر الآية/99 من سورة يونس). [معجم القراءات: 5/152]

قوله تعالى: {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)}
{فِيهِ}
- قراءة ابن كثير في الوصل (فيهي) بوصل الهاء بياء.
- وقراءة الجماعة (فيه) بكسرة مختلسة غير مشبعة). [معجم القراءات: 5/152]

قوله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)}
{وَيُنْذِرَ}
- وقراءة الجماعة (وينذر) من (أنذر)، وفتح الراء بالعطف على (لينذر) في الآية/2 من هذه السورة.
- وذكر ابن خالويه أن مجاهدًا قرأ (وينذر) كذا بالتضعيف من (نذر).
- وقراءة الأزرق وورش بترقيق الراء في قراءة الجماعة). [معجم القراءات: 5/152]

قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (كَبُرَتْ) باختلاس الباء الْأَعْمَش، ونعيم بن ميسرة عن أَبِي عَمْرٍو، الباقون بضم الباء، وهو الاختيار؛ لأنه أشبع (كَلِمَةً) بالرفع ابن مُحَيْصِن، وأبو حيوة، والحسن وحمد، والزَّعْفَرَانِيّ، وابْن مِقْسَمٍ، وهو الاختيار لأن معناه: عظمت كلمة، الباقون نصب). [الكامل في القراءات العشر: 590]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): ("وعن" ابن محيصن الحسن "كبرت كلمة" بالرفع على الفاعلية والجمهور بالنصب على التمييز وهو أبلغ
[إتحاف فضلاء البشر: 2/209]
ومعنى الكلام بها تعجب أي: ما أكبرها كلمة). [إتحاف فضلاء البشر: 2/210]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}
{لِآبَائِهِمْ}
- قراءة حمزة في الوقف بإبدال الهمزة الأولى ياء مفتوحة.
- وقراءته في الهمزة الثانية بالتسهيل بين بين.
{كَبُرَتْ}
- قراءة الجماعة (كبرت) بضم الباء.
- وقرئ (كبرت) بسكون الباء، وهي لغة تميم، وذهب العكبري إلى أن إسكان الباء للتخفيف، وقال الزجاج: (... ويجوز... بتسكين الباء، ولا أعلم أحدًا قرأ بها).
- وذكر الزمخشري هذه القراءة بسكون الباء، وزاد أنه مع إشمام الباء الساكنة الضم، وصورة القراءة على هذا (كبرت).
{كَبُرَتْ كَلِمَةً}
- قراءة الجمهور (كبرت كلمةً) بالنصب.
والنصب على وجهين:
الأول: كبر: فعل ماض لإنشاء الذم، والفاعل ضمير مستتر، (وكلمةً) تمييز له.
والمخصوص بالذم محذوف، أي: تلك المقالة الشنعاء.
[معجم القراءات: 5/153]
الثاني: ذهب أبو عبيدة إلى أن ظاهر الكلام على التعجب، أي: ما أكبرها كلمةً، وهو نصب على التمييز، وهو رأي الزمخشري، ومن قبله الأخفش.
- وقرأ الحسن ومجاهد وابن يعمر وابن أبي إسحاق وابن محيصن والقواس عن ابن كثير وعيسى الثقفي والأعرج بخلاف عنه وعمرو بن عبيد وابن مسعود وأبو رزين وأبو رجاء وابن أبي عبلة (كبرت كلمة)، كذا بالرفع على الفاعلية.
قال ابن جني: (أخلص الفعل لـ(كلمة) هذه الظاهرة فرفعها).
وقال الفراء:
(نصبها أصحاب عبد الله، ورفعها الحسن وبعض أهل المدينة، فمن نصب أضمر في (كبرت): كبرت تلك الكلمة كلمةً، ومن رفع لم يضمر شيئًا، كما تقول: عظم قولك، وكبر كلامك).
وقال الأخفش: (وقد رفع بعضهم الكلمة لأنها هي التي كبرت).
وقال أبو حيان: (والنصب أبلغ في المعنى وأقوى).
وقراءة النصب هي الصواب عند الطبري لإجماع الحجة من القراء عليها). [معجم القراءات: 5/154]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس