عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 06:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 70 إلى 87]

{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72) وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطّيّبات وفضّلناهم على كثيرٍ ممّن خلقنا تفضيلا} [الإسراء: 70] الفرات بن سلمان، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه كانوا في سفرٍ، فمرّوا ببركٍ فيها ماءٌ فوضع بعضهم رءوسهم يشربون منها، فقال رسول اللّه: «اغسلوا أيديكم واشربوا فيها».
قال يحيى: سمعت بعضهم يقول: إنّ هذه الآية نزلت عند ذلك.
وقال الحسن: فضّل بنو آدم على البهائم والسّباع والهوامّ.
وقال بعضهم: {ورزقناهم من الطّيّبات} [الإسراء: 70] : يعني جميع رزق بني آدم: الخبز، واللّحم، والعسل، والسّمن، ونحوه من طيّبات الطّعام والشّراب، فجعل رزقهم أطيب من رزق الدّوابّ والطّير والجنّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/150]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولقد كرّمنا بني آدم} أي أكرمنا إلا أنها أشدّ مبالغةً في الكرامة).
[مجاز القرآن: 1/386]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الكريم: الشريف الفاضل...، وقال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ} أي: شرفناهم وفضّلناهم). [تأويل مشكل القرآن: 494]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطّيّبات وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا }
تأويله أن اللّه - جل ثناؤه - فضلهم بالتمييز، وبأن سخر لهم ما في السّماوات والأرض وبحملهم في البر والبحر.
{وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا}.
قال: {على كثير} ولم يقل على كلّ من خلقنا، لأن اللّه - جل وعلا - فضل الملائكة، فقال: {ولا الملائكة المقربون}.
ولكن ابن آدم مفضل على سائر الحيوان الذي لا يعقل ولا يميز.
وجاء في التفسير أن فضيلة ابن آدم أنه يمشي قائما وأن الدوابّ والإبل والحمير وما أشبهها تمشي منكبّة، وأن ابن آدم
يتناول الطعام بيديه ويرفعه إلى فيه، وأن سائر الحيوان يتناول ذلك بفيه. وهذا الذي في التفسير هو بعض ما فضل به ابن آدم.
وفضله فيما أعطي من التمييز ورزق من الطيبات وبصّر من الهدى مع ما لا يحصى من النعم عليه كثير جدّا). [معاني القرآن: 3/252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}
قال عبد الله بن عباس فضلوا بأنهم يأكلون بأيديهم والبهائم تأكل بأفواهها
وقال غيره فضلوا بالفهم والتمييز وبما سخر لهم). [معاني القرآن: 4/176]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يوم ندعو كلّ أناسٍ بإمامهم} [الإسراء: 71] قال الحسن: بكتابهم.
ما نسخت عليهم الملائكة من أعمالهم.
وقال قتادة: بإمامهم، بنبيّهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/150]
قال: {فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم} [الإسراء: 71] وقد فسّرناه قبل هذا الموضع.
{ولا يظلمون فتيلا} [الإسراء: 71]، والفتيل: يكون في بطن النّواة). [تفسير القرآن العظيم: 1/151]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يوم ندعوا كلّ أناسٍ بإمامهم...}

قراءة العوامّ بالنون. و(يدعو) أيضاً لله تبارك وتعالى. ... وسألني هشيم فقال: هل يجوز {يوم يدعوا كلّ أناسٍ} رووه عن الحسن فأخبرته أني لا أعرفه، فقال: قد سألت أهل العربيّة عن ذلك فلم يعرفوه). [معاني القرآن: 2/127]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يوم ندعو كلّ أناسٍ بإمامهم} أي بالذي اقتدوا به وجعلوه إماماً، ويجوز أن يكون بكتابهم: {ولا يظلمون فتيلاً} وهو المتفتّل الذي في شق بطن النواة). [مجاز القرآن: 1/386]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يوم ندعوا كلّ أناسٍ بإمامهم} أي بكتابهم الذي فيه أعمالهم، على قول الحسن.
وقال ابن عباس - في رواية أبي صالح -: برئيسهم.
{ولا يظلمون فتيلًا} والفتيل: ما في شق النواة). [تفسير غريب القرآن: 259]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الإمام: أصله ما ائتممت به. قال الله تعالى لإبراهيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}
أي: يؤتمّ بك، ويقتدى بسنّتك.
ثم يجعل الكتاب إماما يؤتم بما أحصاه. قال الله عز وجل: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} أي: بكتابهم الذي جمعت فيه أعمالهم في الدنيا.
وقال: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} يعني: كتابا، أو يعني: اللّوح المحفوظ). [تأويل مشكل القرآن: 459] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يوم ندعو كلّ أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا}
وتقرأ يوم يدعو - بالياء - {كلّ أناس بإمامهم}، يعنى به يوم القيامة، وهو منصوب على اذكر يوم يدعو كل أناس بإمامهم، ويجوز أن يكون منصوبا بمعنى يعيدكم الذي فطركم يوم يدعو كل أناس بإمامهم، ومعنى بإمامهم بدينهم الذي ائتموا به، وقيل بكتابهم، والمعنى واحد.
ويدل عليه {فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم}.
أي من كان على حق أعطي كتابه بيمينه.
{ولا يظلمون فتيلا} المعنى ولا يظلمون مقدار فتيل، والفتيل القشرة التي في شق النواة). [معاني القرآن: 3/253-252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يوم ندعو كل أناس بإمامهم}
روي عن ابن عباس أي بنبيهم وقال الحسن والضحاك بكتابهم
قال أبو جعفر ويدل على هذا قوله بعد: {فمن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا} الفتيل الذي يكون في شق النواة والنقير النقرة التي فيها والقطمير الفوقة التي تكون على النواة أي لا يظلمون مقدار هذا الحقير). [معاني القرآن: 4/177-176]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بإمامهم} قال ثعلب: اختلف الناس، فقالت طائفة: بكتابهم وقالت طائفة: بنبيهم، وقالت طائفة: بشرعهم). [ياقوتة الصراط: 312]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بإمامهم} أي بكتابهم وقيل: برئيسهم.
(والفتيل) ما في شق النواة. وقيل: ما يحدث بين الأصابع من العرق إذا فتل بعضها إلى بعض). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن كان في هذه أعمى} [الإسراء: 72]، يعني: من كان في هذه النّعماء الّتي ذكر اللّه في هذه الآية.
{فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا} [الإسراء: 72].
{ولقد كرّمنا بني آدم} [الإسراء: 70] إلى آخر الآية {أعمى} [الإسراء: 72]، يعني: أعمى القلب، فلا تعرف ربّها فتوحّده، فهو عن ما في الآخرة، يعني: فهو عن ما ذكر اللّه من أمر الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا.
وهو تفسير السّدّيّ.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: يقول: من كان في هذه الدّنيا أعمى عن ما عاين فيها من نعم اللّه وخلقه وعجائبه، قال يحيى: أي فيعلم أنّ له معادًا.
وهذا تفسير الحسن في أشباه هذا ممّا جعله اللّه تبصرةً للعباد فيعلمون أن البعث حقٌّ.
قال قتادة: فهو فيما يغيب عنه من أمر الآخرة أعمى.
{وأضلّ سبيلا} [الإسراء: 72] طريقًا.
وتفسير الحسن: من كان في هذه الدّنيا أعمى، الكافر عمي عن الهدى، فهو في الآخرة أعمى في الحجّة، أي: ليست له حجّةٌ، كقوله: {قال ربّ لم حشرتني أعمى} [طه: 125] عن حجّتي). [تفسير القرآن العظيم: 1/151]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ومن كان في هذه أعمى...}

يعني: في نعم الدنيا التي اقتصصناها عليكم {فهو في الآخرة} في نعم الآخرة {أعمى وأضلّ سبيلاً}.
والعرب إذا قالوا: هو أفعل منك قالوه في كل فاعل وفعيل، وما لا يزاد في فعله شيء على ثلاثة أحرف. فإذا كان في فعللت مثل زخرفت، أو افعللت مثل احمررت واصفررت لم يقولوا: هو أفعل منك؛ إلا أن يقولوا: هو أشدّ حمرةً منك، وأشدّ زخرفة منك. وإنما جاز في العمى لأنه لم يرد به عمى العين، إنما أراد به - والله أعلم - عمى القلب. فيقال: فلان أعمى من فلان في القلب
و(لا تقل): هو أعمى منه في العين. فذلك أنه لمّا جاء على مذهب أحمر وحمراء ترك فيه أفعل منك كما ترك في كثيره. وقد تلقى بعض النحويين يقول: أجيزه في الأعمى والأعشى والأعرج والأزرق، لأنا قد نقول: عمي وزرق وعرج وعشي ولا نقول: صفر ولا حمر ولا بيض. وليس ذلك بشيء، إنما ينظر في هذا إلى ما كان لصاحبه فيه فعل يقلّ أو يكثر، فيكون أفعل دليلاً على قلّة الشيء وكثرته؛ ألا ترى أنك قد تقول: فلان أقوم من فلان وأجمل؛ لأنّ قيام ذا وجماله قد يزيد على قيام الآخر وجماله، ولا تقول لأعميين: هذا أعمى من هذا، ولا لمّيتين: هذا أموت من هذا. فإن جاءك منه شيء في شعر فأجزته احتمل النوعان الإجازة: ... حدثني شيخ من أهل البصرة أنه سمع العرب تقول: ما أسود شعره.
وسئل الفراء عن الشيخ فقال: هذا بشّار الناقط.
وقال الشاعر:

أمّا الملوك فأنت اليوم ألأمهم = لؤماً وأبيضهم سربال طبّاخ
فمن قال هذا لزمه أن يقول: الله أبيضك والله أسودك وما أسودك. ولعبة للعرب يقولون أبيضي حالا وأسيدي حالا والعرب تقول مسودة مبيضة إذا ولدت السودان والبيضان وأكثر ما يقولون: موضحة إذا ولدت البيضان وقد يقولون مسيدة). [معاني القرآن: 2/128-127]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فهو في الآخرة أعمى} أشدّ عمىً). [مجاز القرآن: 1/386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا} أي في هذه الدنيا.
{فهو في الآخرة أعمى} وهذا من عمى القلب، أي هو في الآخرة أشد عمى.
وتأويله أنه إذا عمي في الدنيا، وقد عرّفه - جل وعلا - وجعل له إلى التوبة وصلة، وفسح له في ذلك إلى وقت مماته، فعمي عن رشده ولم يتب ففي الآخرة لا يجد متابا ولا متخلّصا مما هو فيه، فهو في الآخرة أشد عمى {وأضل سبيلا}.
أي وأضل طريقا، لأنه لا يجد طريقا إلى الهداية فقد حصل على عمله). [معاني القرآن: 3/253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا}
قال عكرمة قال رجل لعبد الله بن عباس كيف يكون في الآخرة أعمى فقال له أخطأت التأويل ألا ترى أنه جل وعز عدد النعم ثم قال ومن كان في هذه أعمى أي من عمي عن هذه النعم التي يراها وتدله على قدرة الله فهو فيما لم يره من أمر الآخرة أعمى وكذلك قال قتادة
وقال غيره ومن كان في الدنيا أعمى وقد فسح الله له في العمر ووعده قبول التوبة ودعاه إلى الطاعة فلم يجب وعمى عن ذلك فهو في الآخرة إذا كان لا تقبل منه توبة ولا إنابة أعمى وأضل سبيلا). [معاني القرآن: 4/178-177]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن كادوا} [الإسراء: 73]، يعني: قد كادوا.
تفسير السّدّيّ.
{ليفتنونك} [الإسراء: 73] ليضلّونك.
وقال بعضهم: يعني ليصدّونك.
{عن الّذي أوحينا إليك} [الإسراء: 73] القرآن.
{لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلا} [الإسراء: 73] لو فعلت.
وذلك أنّ المشركين خلوا برسول اللّه بمكّة ليلةً حتّى الصّباح، فقالوا: يا
[تفسير القرآن العظيم: 1/151]
محمّد إنّ الّذي جئت به لم يجئ به أحدٌ من قومك.
ورفقوا به وقالوا له: كفّ عن شتم آلهتنا وذمّها وانظر في هذا الأمر، فإنّ هذا لو كان حقًّا لكان فلانٌ أحقّ به منك، وفلانٌ أحقّ به منك.
فأنزل اللّه: {وإن كادوا ليفتنونك} [الإسراء: 73] إلى قوله: {ولولا أن ثبّتناك} [الإسراء: 74] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/152] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وإن كادوا ليفتنونك} أي يستزلّونك.

{لتفتري علينا غيره} لتختلق غيره.
{وإذاً لاتّخذوك خليلًا} أي لو فعلت ذاك لودّوك). [تفسير غريب القرآن: 259]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفتنة: الصدّ والاستزلال. قال الله عز وجل: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ،
أي: يصدّوك ويستزلوك. وقال الله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ، وقال: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ}
أي: صادين). [تأويل مشكل القرآن: 473] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتّخذوك خليلا}
معنى الكلام كادوا يفتنونك، ودخلت " إن " واللام للتوكيد، وتأويله أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لا نتركك تستلم الحجر حتى تلمّ بآلهتنا، فقال - صلى الله عليه وسلم - في نفسه، وما على أن أفعل ذلك واللّه يعلم ما في نفسي، وأتمكن من استلام الحجر.
هذا مما جاء في التفسير.
وجاء في التفسير أيضا أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اطرد عنك سقاط الناس ومواليهم وهؤلاء الذين رائحتهم رائحة الضأن، وذلك أنهم كانوا يلبسون الصوف، فقالوا: اطرد هؤلاء إن كنت أرسلت إلينا حتى تجلس إلينا ونسمع منك فهمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل في ذلك ما يستدعي به إسلامهم،
فتوعده اللّه - عز وجل - فيه أشد الوعيد وعصمه الله من أن يمضي ما عزم عليه،
فقال: (وإذا لاتّخذوك خليلا) أي إن فعلت ما أرادوا لاتخذوك خليلا). [معاني القرآن: 3/254-253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} المعنى كادوا يفتنونك لأن إن واللام تدل على التوكيد
ويروى أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالي حتى نجلس معك ونستمع منك فهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ميلا منه إلى أن يؤمنوا فعصم صلى الله عليه وسلم وأنزل الله تبارك وتعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} إلى قوله: {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات}
قال مالك بن دينار سألت جابر بن زيد عن قوله: {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} فقال: {إذا لأذقناك ضعف} عذاب الحياة {وضعف} عذاب {الممات}
قال أبو جعفر وكذلك معناه عند أهل اللغة وخوطب بهذا النبي صلى الله عليه وسلم لأن الثواب به جزل كما قال تعالى: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين} ولمشاهدة الأنبياء والملائكة والآيات العظام كان في ذلك الخطاب من الفائدة أنه علم به أن هذا حكم الله فيمن عصاه من الأنبياء فكيف غيرهم).
[معاني القرآن: 4/180-178]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ليفتنونك} أي يستزلونك {لتفتري} أي لتختلق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن كادوا} [الإسراء: 73]، يعني: قد كادوا.
تفسير السّدّيّ.
{ليفتنونك} [الإسراء: 73] ليضلّونك.
وقال بعضهم: يعني ليصدّونك.
{عن الّذي أوحينا إليك} [الإسراء: 73] القرآن.
{لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلا} [الإسراء: 73] لو فعلت.
وذلك أنّ المشركين خلوا برسول اللّه بمكّة ليلةً حتّى الصّباح، فقالوا: يا
[تفسير القرآن العظيم: 1/151]
محمّد إنّ الّذي جئت به لم يجئ به أحدٌ من قومك.
ورفقوا به وقالوا له: كفّ عن شتم آلهتنا وذمّها وانظر في هذا الأمر، فإنّ هذا لو كان حقًّا لكان فلانٌ أحقّ به منك، وفلانٌ أحقّ به منك.
فأنزل اللّه: {وإن كادوا ليفتنونك} [الإسراء: 73] إلى قوله: {ولولا أن ثبّتناك} [الإسراء: 74] بالنّبوّة، عصمناك بها {لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلا} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/152]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {لقد كدت تركن إليهم شيئاً} أي تميل وتعدل وتطمئن).
[مجاز القرآن: 1/386]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا }
وحكيت (تركن) بضم الكاف.
يقال ركن يركن، وركن يركن، فتوعده اللّه في ذلك أشد التوعد، فقال:{إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرا} ). [معاني القرآن: 3/254]

تفسير قوله تعالى: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إذًا لأذقناك} [الإسراء: 75] لو فعلت {ضعف الحياة} [الإسراء: 75] سعيدٌ، عن قتادة: أي: عذاب الدّنيا.
{وضعف الممات} [الإسراء: 75] أي: عذاب الآخرة.
قال: {ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا} [الإسراء: 75] ينتصر لك بعد عقوبتنا إيّاك.
سعيدٌ، عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ قومًا خلوا برسول اللّه ذات ليلةٍ إلى الصّبح يكلّمونه، ويفحمونه، ويسوّدونه، ويقاربونه، وكان في قولهم أن قالوا: يا محمّد، إنّك تأتي بشيءٍ لا يأتي به أحدٌ من النّاس، وأنت سيّدنا وابن سيّدنا، فما زالوا يكلّمونه حتّى كاد يقاربهم.
ثمّ إنّ اللّه منعه وعصمه من ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/152]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {إذاً لأذقناك ضعف الحياة} مختصر، كقولك ضعف عذاب الحياة وعذاب الممات فهما عذابان عذاب الممات به ضوعف عذاب الحياة).
[مجاز القرآن: 1/386]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ضعف الحياة} أي ضعف عذاب الحياة.
{وضعف الممات} أي ضعف عذاب الممات). [تفسير غريب القرآن: 259]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب الحذف والاختصار
من ذلك: أن تحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه وتجعل الفعل له.
كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} أي سل أهلها.
{وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أي حبّه.
و{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} أي وقت الحج.
وكقوله: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات). [تأويل مشكل القرآن: 210] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرا }
والمعنى لو ركنت إليهم في ذلك الشّيء القليل إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات، أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات لأنك أنت نبي ويضاعف لك العذاب على عذاب غيرك لو جنى هذه الجناية كما قال: {يا نساء النّبيّ من يأت منكنّ بفاحشة مبيّنة يضاعف لها العذاب ضعفين} لأن درجة النبي ودرجة آله الذين وصفهم الله فوق درجة غيرهم). [معاني القرآن: 3/254]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ضعف الحياة} أي عذاب الحياة، وكذلك عذاب الممات). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض} [الإسراء: 76]، يعني أرض المدينة.
{ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك} [الإسراء: 76] بعدك.
{إلا قليلا {76} سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلا {77}} [الإسراء: 76-77].
سعيدٌ، عن قتادة قال: همّ أهل مكّة بإخراجه من مكّة، ولو فعلوا ذلك ما نوظروا، ولكنّ اللّه كفّهم عن إخراجه حتّى أمره بالخروج.
ولقلّ مع ذلك ما لبثوا بعد خروجه من مكّة حتّى بعث اللّه عليهم القتل يوم بدرٍ.
قال يحيى: هي في هذا التّفسير قوله: {وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك} [الأنفال: 30].
وتفسير الحسن: {ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها} [الإسراء: 76] بالقتل {وإذًا لا يلبثون خلافك} [الإسراء: 76] بعدك {إلا قليلا} [الإسراء: 76] حتّى نستأصلهم بالعذاب فنهلكهم أجمعين لو قتلوك). [تفسير القرآن العظيم: 1/152]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض...}

لمّا قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة حسدته اليهود وثقل عليهم مكانه، فقالوا: إنك لتعلم أن هذه البلاد ليست ببلاد الأنبياء، إنما بلادهم الشأم.
فإن كنت نبيّا فاخرج إليه، فإن الله سينصرك. قال: فعسكر النبي صلى الله عليه وسلم على أميال من المدينة فأنزل الله: {وإن كادوا ليستفزّونك} ليستخفونك وإذاً لا يلبثون
{من الأرض ليخرجوك منها وإذاً لاّ يلبثون خلافك إلاّ قليلاً} يقول: إنك لو خرجت ولم يؤمنوا لنزل بهم العذاب). [معاني القرآن: 2/129-128]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإذا لاّ يلبثون خلافك} رفع يلبثون على التقديم والتأخير كقولك: ولا يلبثون خلافك إذاً، أي بعدك، قال:
عفت الديار خلافها فكأنما= بسط الشواطب بينهن حصيرا
أي بعدهن ويقرؤه آخرون خلفك والمعنى واحد). [مجاز القرآن: 1/387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذاً لا يلبثون خلافك} أي بعدك). [تفسير غريب القرآن: 259]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلّا قليلا }
كانوا قد كادوا أن يخرجوا النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة فأعلمهم الله أنهم لو فعلوا ذلك لم يلبثوا بعده إلا قليلا.
وقيل {ليستفزّونك أي ليقتلونك). [معاني القرآن: 3/254]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجونك منها} قيل المعنى يستفزونك بالقتل
قال عوف عن الحسن هموا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وأراد الله بقاء أهل مكة فأمره أن يخرج منها مهاجرا إلى المدينة فخرج بأمر الله ولو أخرجوه لهلكوا كما قال سبحانه: {وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا}
قال أهل التفسير {خلافك} أي بعدك
وحكي عن العرب جاء فلان خلف فلان وخلافة أي بعده وقد يجيء خلاف بمعنى مخالفة). [معاني القرآن: 4/180-181]

تفسير قوله تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({سنّة من قد أرسلنا} [الإسراء: 77] إنّهم إذا قتلوا نبيّهم أهلكهم اللّه بالعذاب.
{ولا تجد لسنّتنا تحويلا} [الإسراء: 77] سعيدٌ، عن قتادة قال: إنّ سنّة الرّسل والأمم كانت قبلك كذلك، إذا كذّبوا رسلهم وأخرجوهم لم يناظروا أن يبعث اللّه عليهم عذابه.
- قرّة بن خالدٍ، أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ قال: إنّ أشدّ النّاس عذابًا من قتل نبيًّا، أو قتله نبيٌّ، أو مصوّرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/153]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {سنّة من قد أرسلنا قبلك...}

نصب السنّة على العذاب المضمر، أي يعذّبون كسنّة من قد أرسلنا {ولا تجد لسنّتنا تحويلاً}.
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رّسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلاً}
وقال: {سنّة من قد أرسلنا قبلك} أي: سننّاها سنّة. كما قال: {رحمةً مّن رّبّك} ). [معاني القرآن: 2/73-72]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلا}
(سنّة) منصوب بمعنى أنا سننّا هذه السنة فيمن أرسلنا قبلك من رسلنا.
أنهم إذا أخرجوا نبيهم من بين أظهرهم أو قتلوه لم يلبثهم العذاب أن ينزل بهم، وكان خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة مهاجرا بأمر اللّه). [معاني القرآن: 3/255]

تفسير قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أقم الصّلاة لدلوك الشّمس} [الإسراء: 78] سعيدٌ، عن قتادة قال: إذا زالت الشّمس عن بطن السّماء لصلاة الظّهر.
{إلى غسق اللّيل} [الإسراء: 78] قال: بدوّ اللّيل لصلاة المغرب.
قال يحيى: يقول لزوال الشّمس عن كبد السّماء، يعني صلاة الظّهر والعصر بعدها.
{إلى غسق اللّيل} [الإسراء: 78] بدوّ اللّيل واجتماعه وظلمته.
صلاة المغرب عند بدوّ اللّيل، وصلاة العشاء عند اجتماع اللّيل، وظلمته إذا غاب الشّفق.
- مالك بن أنسٍ، عن داود بن الحصين، أنّ ابن عبّاسٍ قال: دلوك الشّمس: إذا فاء الفيء، وغسق اللّيل: اجتماع اللّيل وظلمته.
- مالك بن أنسٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: دلوك الشّمس ميلها.
- سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، أنّ رسول اللّه لمّا جاء بالصّلوات الخمس إلى قومه خلّى عنهم، حتّى إذا زالت الشّمس عن بطن السّماء نودي فيهم: الصّلاة جامعةً.
ففزعوا لذلك واجتمعوا، فصلّى بهم الظّهر أربع ركعاتٍ، لا يعلن فيهنّ القراءة، جبريل بين يدي نبيّ اللّه، ونبيّ اللّه بين أيدي النّاس، يقتدي النّاس بنبيّهم، ويقتدي نبيّ اللّه بجبريل.
ثمّ خلّى عنهم، حتّى إذا تصوّبت الشّمس وهي بيضاء نقيّةٌ نودي فيهم: الصّلاة جامعةً.
فاجتمعوا، فصلّى بهم العصر أربع ركعاتٍ دون صلاة الظّهر، لا يعلن فيهنّ القراءة، جبريل بين يدي نبيّ اللّه، ونبيّ اللّه بين أيدي النّاس، يقتدي النّاس بنبيّهم، ويقتدي نبيّ اللّه بجبريل.
ثمّ خلّى عنهم، حتّى إذا غربت الشّمس نودي فيهم: الصّلاة جامعةً.
فصلّى بهم المغرب ثلاث ركعاتٍ يعلن في
[تفسير القرآن العظيم: 1/153]
الرّكعتين الأوليين ولا يعلن في الرّكعة الآخرة، جبريل بين يدي نبيّ اللّه، ونبيّ اللّه بين أيدي النّاس، يقتدي النّاس بنبيّهم، ويقتدي نبيّ اللّه بجبريل.
ثمّ خلّى عنهم، حتّى إذا غاب الشّفق وأظلم العشاء نودي فيهم: الصّلاة جامعةً.
فاجتمعوا، فصلّى بهم العشاء أربع ركعاتٍ يعلن في الرّكعتين الأوليين ولا يعلن في الآخرتين، جبريل بين يدي نبيّ اللّه، ونبيّ اللّه بين أيدي النّاس، يقتدي النّاس بنبيّهم، ويقتدي نبيّ اللّه بجبريل.
ثمّ بات النّاس ولا يدرون أيزادون على ذلك أم لا.
حتّى إذا طلع الفجر نودي فيهم: الصّلاة جامعةً.
فاجتمعوا.
فصلّى بهم الصّبح ركعتين أطالهما وأعلن فيهما القراءة، جبريل بين يدي نبيّ اللّه، ونبيّ اللّه بين أيدي النّاس، يقتدي النّاس بنبيّهم، ويقتدي نبيّ اللّه بجبريل.
- المعلّى، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن ابن مسعودٍ، قال: دلوكها غروبها.
- المسعوديّ، عن سلمة بن كهيلٍ، عن عبد الرّحمن بن يزيد، قال: غابت الشّمس فقال عبد اللّه بن مسعودٍ: والّذي لا إله غيره إنّ هذه السّاعة لميقات هذه الصّلاة، ثمّ تلا هذه الآية: {أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى غسق اللّيل} [الإسراء: 78].
قال المسعوديّ: فدلوكها حين تغيب في قول عبد اللّه، وغسق اللّيل: مجيء اللّيل والصّلاة فيما بينهما.
قال يحيى: وتفسير ابن عبّاسٍ: هو زوالها، هو قول العامّة، يعني وقت صلاة الظّهر فيما حدّثني المسعوديّ وغيره.
ثمّ قال المسعوديّ: قال السّدّيّ، وكان يعالج التّفسير: لو كان دلوك الشّمس زوالها لكانت الصّلاة فيما بين زوالها إلى أن تغيب.
وكان قول ابن عبّاسٍ أعجب إلى المسعوديّ.
قوله: {وقرءان الفجر} [الإسراء: 78] قال قتادة: وهي صلاة الصّبح.
{إنّ قرءان الفجر كان مشهودًا} [الإسراء: 78] يشهده ملائكة اللّيل وملائكة النّهار، يجتمعون عند صلاة الصّبح وعند صلاة العصر فيما
- حدّثنا عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، عن النّبيّ: " فيسألهم ربّهم وهو أعلم بهم فيقول: كيف تركتم
[تفسير القرآن العظيم: 1/154]
عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلّون، وتركناهم وهم يصلّون ".
- سعيدٌ، عن قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، أنّ أبا عبيدة بن عبد اللّه بن مسعودٍ كتب إليه أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ كان يقول عند صلاة المغرب: يجتمع الحرسان من ملائكة اللّه: ملائكة اللّيل، وملائكة النّهار.
سعيدٌ، عن قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: كنّا نحدّث أنّ عند صلاة الفجر يجتمع الحرسان من ملائكة اللّه: حرس اللّيل، وحرس النّهار، ويقرأ هذه الآية: {وقرءان الفجر إنّ قرءان الفجر كان مشهودًا} [الإسراء: 78].
- المسعوديّ، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ، قال: يتدارك الحرسان عند صلاة الصّبح والمغرب.
وقال: اقرءوا إن شئتم: {وقرءان الفجر إنّ قرءان الفجر كان مشهودًا} [الإسراء: 78] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/155]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى غسق اللّيل...}

جاء عن ابن عباس قال: هو زيغوغتها وزوالها للظهر. قال أبو زكريّا: ورأيت العرب تذهب بالدلوك إلى غياب الشمس أنشدني بعضهم:
هذا مقام قدمي رباح = ذبّب حتى دلكت براح
يعني الساقي ذبّب: طرد الناس. براح يقول: حتى قال بالراحة على العين فينظر هل غابت قال: هكذا فسّروه.
وقوله: {إلى غسق اللّيل}: أوّل ظلمته للمغرب والعشاء.
وقوله: {وقرآن الفجر} أي وأقم قرآن الفجر {إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً} يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار). [معاني القرآن: 2/129]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لدلوك الشّمس إلى غسق اللّيل} ودلوك الشمس من عند زوالها إلى أن تغيب وقال:
هذا مقام قدمى رباح= غدوة حتى دلكت براح
ألا ترى أنها تدفع بالراح، يضع كفه على حاجبيه من شعاعها لينظر ما بقي من غيابها والدلوك دنوها من غيبوبتها،
قال العجاج:
والشمس قد كادت تكون دنفاً= أدفعها بالراح كي تزحلفا
{إلى غسق اللّيل}، أي ظلامه قال: ابن قيس الرّقيّات:
إنّ هذا الليل قد غسقا= واشتكيت الهمّ والأرقا
{وقرآن الفجر} أي ما يقرأ به في صلاة الفجر.
{إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً} مجازه: إن ملائكة الليل تشهده وإذا صليت الغداة أعقبتها ملائكة النهار). [مجاز القرآن: 1/388-387]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى غسق اللّيل وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً}
[وقال] {وقرآن الفجر} أي: وعليك قرآن الفجر). [معاني القرآن: 2/73]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لدلوك الشمس إلى غسق الليل}: دلوكها من عند زوالها إلى الليل و{غسق الليل}: سواده.
{كان مشهودا}: ذكروا أن ملائكة الليل وملائكة النهار تشهدها). [غريب القرآن وتفسيره: 219]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لدلوك الشّمس}: غروبها. ويقال: زوالها. والأول أحب إليّ، لأن العرب تقول: دلك النجم، إذا غاب.
قال ذو الرّمّة:
مصابيح ليست باللواتي تقودها نجوم ولا بالآفلات الدّوالك
وتقول في الشمس: دلكت براح يريدون غربت. والناظر قد وضع كفه على حاجبه ينظر إليها. قال الشاعر:
والشمس قد كادت دنفا أدفعها بالراح كي تزحلفا
فشبهها بالمريض في الدّنف، لأنها قد همّت بالغروب. كما قارب الدّنف الموت. وإنما ينظر إليها من تحت الكف، ليعلم كم بقي لها إلى أن تغيب ويتوقي الشعاع بكفه.
{وغسق اللّيل}: ظلامه.
{وقرآن الفجر} أي قراءة الفجر). [تفسير غريب القرآن: 260-259]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى غسق اللّيل وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهودا}
دلوك الشمس زوالها وميلها في وقت الظهيرة، وكذلك ميلها إلى الغروب هو دلوكها أيضا، يقال: قد دلكت براح وبراح.
أي قد مالت للزوال حتى صار الناظر يحتاج إذا تبصرها أن يكسر الشعاع عن بصره براحته.
قال الشاعر:
هذا مقام قدمي رباح= للشمس حتى دلكت براح
وقوله: {إلى غسق اللّيل} أي ظلمة الليل.
{وقرآن الفجر} أي فأقم قرآن الفجر، وفي هذا الموضع فائدة عظيمة تدل على أن الصلاة لا تكون إلا بقراءة، لأن قوله أقم الصلاة وأقم قرآن الفجر قد أمر أن
نقيم الصلاة بالقراءة حتى سميت الصلاة قرآنا، فلا تكون صلاة إلا بقراءة.
وقوله: {إنّ قرآن الفجر كان مشهودا}.
جاء في التفسير أن ملائكة الليل يحضرون قراءة الفجر، وملائكة النهار يحضرونها أيضا). [معاني القرآن: 3/256-255]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل}
روى سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله قال دلوكها غروبها
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس لدلوك الشمس لغروبها
وروى الشعبي عن ابن عباس دلوكها زوالها
وروى الزهري عن سالم عن ابن عمر دلوك الشمس بعد نصف النهار وهو وقت الظهر
وروى مالك والليث عن نافع عن ابن عمر قال دلوك الشمس زوالها
وكذلك روي عن جعفر بن محمد رحمة الله عليه
قال أبو جعفر الدلوك في اللغة الميل فهي تميل عند الزوال وعند الغروب إلا أن الزوال في هذا أكثر على ألسن الناس
ويدل عليه أن بعده إلى غسق الليل فيدخل فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبعده وقرآن الفجر فلا يمتنع أن يكون غسق الليل أوله وذلك عند غروب الشمس،
قال ذلك أبو هريرة وهو يقوي قول من قال الدلوك ميلها للزوال
قال أبن عباس غسق الليل اجتماع الليل وظلمته
وقال قتادة أوله). [معاني القرآن: 4/182-181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وقرآن الفجر} فسمى الصلاة قرآنا لأنها لا تكون إلا بالقرآن). [معاني القرآن: 4/183]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إن قرآن الفجر كان مشهودا}
روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الفجر تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار واقرءوا إن شئتم وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا). [معاني القرآن: 4/183]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لدلوك الشمس} قال ثعلب: اختلف الناس، فقالت طائفة: الدلوك: زوالها عند الظهور، وقالت طائفة: الدلوك: زوالها عند المغيب. والغسق: الإظلام). [ياقوتة الصراط: 313]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دلوك الشمس} غروبها، وقيل: زوالها. ويقال: دلك النجم: إذا غاب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 139]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دُلُوك}: زوال). [العمدة في غريب القرآن: 184]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غَسَقِ اللّيل}: سواده). [العمدة في غريب القرآن: 184]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك} [الإسراء: 79] عطيّةً من اللّه لك.
وقال الكلبيّ: النّافلة: الفضل.
قال يحيى: وسمعت بعضهم يقول: إنّ صلاة اللّيل على النّبيّ فريضةٌ، وهي للنّاس تطوّعٌ.
وقال الحسن: لم يقم النّبيّ أقلّ من ثلث اللّيل.
- الحسن بن دينارٍ، عن عونٍ العقيليّ، عن أنس بن مالكٍ، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا شغله شيءٌ عن صلاة اللّيل صلّى من النّهار اثنتي عشرة ركعةً.
- حمّاد بن سلمة، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة، قال: النّافلة لا تكون إلا للنّبيّ.
- حمّادٌ، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة، قال: إذا توضّأ الرّجل فأحسن الوضوء فإن قعد قعد مغفورًا له، وإذا قام يصلّي كانت له فضيلةً.
فقيل له: نافلةً؟ فقال: إنّما النّافلة للنّبيّ.
قوله: {عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 79] وعسى من اللّه واجبةٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/155]
قال: سيبعثك ربّك مقامًا محمودًا: الشّفاعة.
- يونس بن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن أبيه، عن صلة بن زفر، عن حذيفة بن اليمان، قال: يجمع اللّه النّاس يوم القيامة في صعيدٍ واحدٍ حفاةً، عراةً، كما خلقوا، يسمعهم الدّاعي وينفذهم البصر حتّى يلجمهم العرق، ولا تكلّم نفسٌ إلا بإذنه، قال: فأوّل من يدعى محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، يا محمّد فيقول: لبّيك وسعديك، والخير في يديك، والشّرّ ليس إليك،
والمهديّ من هديت، وعبدك بين يديك وبك وإليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، وعلى عرشك استويت، سبحانك ربّ البيت.
ثمّ يقال له: اشفع، قال: فذلك المقام المحمود الّذي وعده اللّه.
وفي تفسير الكلبيّ قال: إذا أدخل أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار، فبقيت زمرةٌ من آخر زمر الجنّة وهم على الصّراط لمّا خرج المؤمنون من الصّراط بإيمانهم على قدر أعمالهم، فمنهم من قد خرج كهيئة البرق، ومنهم من خرج كهيئة الرّيح، ومنهم من خرج كركض الفرس الجواد، ومنهم من خرج سعيًا، ومنهم من خرج زحفًا على قدر ما بقي له من نوره، إن قام لم يره
وإن جلس نظر إليه بين يديه، فهو يزحف على استه، وهم الّذين يقولون: {ربّنا أتمم لنا نورنا} [التحريم: 8] فذلك حين تقول لهم آخر زمرةٍ من زمر النّار: أمّا نحن فأخذنا بما في قلوبنا من الشّكّ والتّكذيب، فما نفعكم أنتم توحيدكم ربّكم؟ قال: وقد بلغت النّار منهم كلّ مبلغٍ.
- وفي حديث سعيدٍ، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي نضرة، عن سمرة بن جندبٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ منهم من تأخذه النّار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النّار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته».
قال يحيى: وبلغني أنّها لا تصيب وجوههم لمكان السّجود.
قال الكلبيّ: فيصرخون عند ذلك يدعون ربّهم، فيسمعهم أهل الجنّة، فيسعون،
[تفسير القرآن العظيم: 1/156]
أو قال: يمشون إلى آدم فيقولون: يا آدم، أناسٌ من ذرّيّتك لم يشركوا باللّه شيئًا حبسوا مع أهل الشّرك، فيقول آدم: إنّي قد أخطأت خطيئةً فأستحيي أن أكلّم ربّي، فعليكم بنوحٍ.
فيأتون نوحًا فيردّهم إلى إبراهيم.
ثمّ يأتون إبراهيم فيردّهم إلى موسى.
ثمّ يأتون موسى فيردّهم إلى عيسى.
ثمّ يأتون عيسى فيردّهم إلى محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فيأتون محمّدًا فيذكرون ذلك له، فينطلق نبيّ اللّه فيأتي ربّ العزّة فيسجد له حتّى يأمره أن يرفع رأسه، ثمّ يسأل اللّه عن ما يريد وهو أعلم به، فيقول: ربّ، أناسٌ من عبادك أصحاب ذنوبٍ لم يشركوا بك وأنت أعلم بهم يعيّرهم أهل النّار بعبادتهم إيّاك، فيقول اللّه: وعزّتي لأخرجنّهم منها.
فيخرجهم وقد احترقوا، فيدخلون الجنّة ثمّ ينضح عليهم من الماء حتّى ينبتوا، تنبت أجسادهم ولحومهم، ثمّ يدخلون الجنّة فيسمّون الجهنّميّين.
فيغبط....
عند ذلك الأوّلون من أهل الجنّة والآخرون، فذلك قوله: {عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 79].
- صاحبٌ له، عن جبيرٍ، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي الزّعراء، عن ابن مسعودٍ، قال: يأمر اللّه تبارك وتعالى بالصّراط، فيضرب على جهنّم، فيمرّ النّاس على قدر أعمالهم زمرًا، أوّلهم كلمح البرق، ثمّ كمرّ الرّيح، ثمّ كمرّ الطّير، ثمّ كأسرع البهائم، ثمّ كذلك حتّى يمرّ الرّجل سعيًا، وحتّى يمرّ الرّجل مشيًا، حتّى يكون آخرهم رجلٌ يتلبّط على بطنه فيقول: يا ربّ، لم
أبطأت بي؟ فيقول: لم أبطئ بك، إنّما أبطأ بك عملك.
قال: ثمّ يأذن اللّه في الشّفاعة، فيكون أوّل شافعٍ يوم القيامة روح القدس جبريل، ثمّ يقوم خليل اللّه إبراهيم، ثمّ موسى أو عيسى.
قال أبو الزّعراء: لا أدري أيّهما، قال: ثمّ يقوم نبيّكم رابعًا لا يشفع أحدٌ بعده فيما يشفّع فيه، وهو المقام المحمود الّذي ذكره اللّه: {عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 79] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/157]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {نافلةً لّك...}

ليست لأحد نافلة إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه ليس من أحد إلاّ يخاف على نفسه، والنبيّ صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فعمله نافلةٌ).
[معاني القرآن: 2/129]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك} أي اسهر بصلاة أو بذكر الله، وهجدت: نمت أيضاً وهو الهجود، قال لبيد بن ربيعة.
قال هجّدنا فقد طال السّرى
يقول: نوّمنا {نافلةً لك} أي نفلاً وغنيمة لك). [مجاز القرآن: 1/389]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لّك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً مّحموداً}
وقال: {عسى أن يبعثك ربّك} و{عسى ربّكم أن يكفّر عنكم} فيقال "عسى" من الله واجبه والمعنى أنّك لو علمت من رجل أنه لا يدع شيئا هو أحسن من شيء يأتيه فقال لك "عسى أن أكافئك" استنبت بعلمك به أنه سيفعل الذي يجب إذ كان لا يدع شيئا هو أحسن من شيء يأتيه). [معاني القرآن: 2/73]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فتهجد}: اسهر يقال تهجدت إذا سهرت وهجدت إذا نمت وهو الهجود.
{نافلة لك}: أي غنيمة لك ومنه النفل). [غريب القرآن وتفسيره: 219]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فتهجّد به} أي اسهر به. يقال: تهجدت: إذا سهرت.
وهجدت: إذا نمت.
{نافلةً لك} أي تطوعا). [تفسير غريب القرآن: 260]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربّك مقاما محمودا}
يقال تهجد الرجل إذا سهر، وهجد إذا نام، وقد هجّدته إذا نوّمته قال لبيد:
قلت هجّدنا فقد طال السّرى= وقدرنا إن خنا الدّهر غفل
وهذه نافلة لك زيادة للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصّة ليست لأحد غيره لأن اللّه - عز وجل - أمره بأن يزداد في عبادته على ما أمر به الخلق أجمعون، لأنه فضله عليهم،
ثم وعده أن يبعثه مقاما محمودا.
والذي صحت به الرواية والأخبار في المقام المحمود أنه الشفاعة). [معاني القرآن: 3/256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله عز وجل: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} قال علقمة والأسود التهجد بعد النوم
قال أبو جعفر التهجد عند أهل اللغة التيقظ والسهر والهجود النوم يقال تهجد إذا سهر وهجد إذا نام
يروى عن مجاهد أن هذا للنبي صلى الله عليه وسلم خصيصا وأن معنى نافلة لك للنبي صلى الله عليه وسلم خاص لأنه قد غفر له ذنوبه فهي ناقلة من أجل أنه لا يعملها في كفارة الذنوب والناس يعملون ما سوى المكتوبات لكفارات الذنوب
وقال غيره نافلة لك أي ليست بفرض لأن النفل كل ما لا يجب فعله والنافلة في اللغة الزيادة). [معاني القرآن: 4/184-183]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}
روى داود الأودي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال كل عسى واجبة
قال أبو عبيدة يعني في القرآن). [معاني القرآن: 4/185-184]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والتهجد) السهر، ويقال: تهجدت إذا سهرت، وهجدت: إذا نمت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 139]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَتَهَجَّدَ}: اسهر). [العمدة في غريب القرآن: 184]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقل ربّ أدخلني مدخل صدقٍ} [الإسراء: 80]، يعني: مدخله المدينة حين هاجر إليها.
أمره اللّه بهذا الدّعاء.
{وأخرجني مخرج صدقٍ} [الإسراء: 80]
[تفسير القرآن العظيم: 1/157]
تفسير الحسن: مخرج صدقٍ أي: إلى قتال أهل بدرٍ.
وقد كان أعلمه اللّه أنّه سيقاتل المشركين ببدرٍ، ويظهره اللّه عليهم.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: {مدخل صدقٍ} [الإسراء: 80] الجنّة {وأخرجني مخرج صدقٍ} [الإسراء: 80] أخرجه اللّه من مكّة إلى الهجرة بالمدينة.
{واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا} [الإسراء: 80] فأظهره اللّه عليهم يوم بدرٍ فقتلهم.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: علم نبيّ اللّه ألا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطانٍ، فسأل سلطانًا نصيرًا لكتاب اللّه ولحدوده ولفرائضه ولإقامة الدّين.
وقال مجاهد: {سلطانًا نصيرًا} [الإسراء: 80] حجّةً بيّنةً). [تفسير القرآن العظيم: 1/158]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وقل رّبّ أدخلني مدخل صدقٍ...}

قال له في المنصرف لمّا رجع من معسكره إلى المدينة حين أراد الشأم {وأخرجني مخرج صدقٍ} إلى مكة). [معاني القرآن: 2/129]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أدخلني مدخل صدقٍ} من أدخلت ومن جعله من دخلت قال: مدخل صدقٍ بفتح الميم). [مجاز القرآن: 1/389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقل ربّ أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا}
{أدخلني مدخل صدق}.
ومدخل صدق، {وأخرجني مخرج صدق}.
وجاء في التفسير {أدخلني مدخل صدق} الجنّة،
{وأخرجني مخرج صدق} أي وأخرجني من مكة إلى المدينة.
وجاء أيضا مدخل ومخرج صدق دخوله المدينة وخروجه من مكة.
وجاء مدخل صدق ومخرج صدق الإدخال في الدين والخروج من الدنيا وهو على الحقّ، وجاء أيضا - وهو حسن - دخوله في الرسالة وخروجه مما يجب عليه فيها - صلى الله عليه وسلم - وكل ذلك حسن.
فمن قال مدخل - بضم الميم - فهو مصدر أدخلته مدخلا.
ومن قال مدخل صدق فهو على أدخلته فدخل مدخل صدق.
وكذلك شرح مخرج مثله.
وقوله: {واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا} أي اجعل نصرتي من عندك بتسليطي بالقدرة والحجة، وقد أجاب اللّه - عزّ وجلّ - دعاءه وأعلمه أنه يعصمه من الناس،
فقال: واللّه يعصمك من النّاس)
وقال: {فإن حزب اللّه هم الغالبون}.
وقال: {ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون} ). [معاني القرآن: 3/257-256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق}
قال الحسن وقتادة هو دخول المدينة وخروجه من مكة
وقال الضحاك هو خروجه من مكة ودخوله مكة يوم الفتح آمنا
وقال مجاهد هو دخوله في الرسالة وأمر الله جل وعز). [معاني القرآن: 4/186-185]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا} قال الشعبي وعكرمة أي حجة ثابتة،
وقال مجاهد أي حجة وذهب الحسن إلى أنه العز والنصر وإظهار دينه على الدين كله). [معاني القرآن: 4/186]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقل جاء الحقّ} [الإسراء: 81] وهو القرآن.
{وزهق الباطل} [الإسراء: 81] وهو إبليس.
وهذا تفسير قتادة.
قال: {إنّ الباطل كان زهوقًا} [الإسراء: 81] والزّهوق: الدّاحض الذّاهب). [تفسير القرآن العظيم: 1/158]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)
: ({وزهق الباطل}: ذهب، يقال للسهم قد زهق إذا جاوز الغرض واستمر على جهته وزهقت نفسه إذا خرجت وأزهقتها أنا والزاهق الذاهب من قوله {فإذا هو زاهق}).
[غريب القرآن وتفسيره: 220]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}
روى معمر عن قتادة قال الحق القرآن والباطل الشيطان قال وزهق هلك). [معاني القرآن: 4/186]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وزهق الباطل} أي: بطل، وزهق - أيضا: مات، وزهق - أيضا: خرج، وزهق: سمن، وزهق: سقط،
يقال فيه كله: زهق). [ياقوتة الصراط: 313]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَزَهَقَ}: ذهب). [العمدة في غريب القرآن: 184]

تفسير قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وننزّل من القرءان} [الإسراء: 82] ينزّل اللّه من القرآن.
{ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظّالمين إلا خسارًا} [الإسراء: 82] كلّما جاء في القرآن شيءٌ كذّبوا به فازدادوا فيه خسارًا إلى خسارهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/158]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( وقوله جل وعز: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}

ليست من ههنا للتبعيض وإنما هي لبيان الجنس
والمعنى وننزل ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ثم بين فقال من القرآن كما قال سبحانه: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} ). [معاني القرآن: 4/187]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا أنعمنا على الإنسان} [الإسراء: 83]، يعني: المشرك، أعطيناه السّعة والعافية.
{أعرض} [الإسراء: 83] عن اللّه.
{ونأى بجانبه} [الإسراء: 83] وقال مجاهدٌ: تباعد منّا.
وهو واحدٌ.
{وإذا مسّه الشّرّ} [الإسراء: 83] الأمراض والشّدائد.
{كان يئوسًا} [الإسراء: 83] قال قتادة: يئس وقنط.
[تفسير القرآن العظيم: 1/158]
قال يحيى: يقول: يئس أن يفرج ذلك عنه؛ لأنّه ليست له نيّةٌ ولا حسبةٌ ولا رجاءٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/159]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كان يئوساً...}

إذا تركت الهمزة من قوله: {يؤوساً} فإن العرب تقول يوساً ويووساً تجمعون بين ساكنين وكذلك {ولا يؤوده حفظهما} وكذلك {بعذابٍ بئيسٍ} يقول بيس و(بييسٍ) و(ويؤوده) يجمعون ساكنين. فهذا كلام العرب: والقراء يقولون (يووساً) و(يووده) فيحرّكون الواو إلى الرفع و(بييسٍ) يحرّكون الياء الأولى إلى الخفض. ولم نجد ذلك في كلامهم،
لأن تحرك الياء والواو أثقل من ترك الهمزة، فلم يكونوا ليخرجوا من ثقل إلى ما هو أثقل منه). [معاني القرآن: 2/130]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نأي بجانبه} أي تباعد بناحيته وقربه.
{وإذا مسّه الشّرّ كان يئوساً} أي قنوطاً، أي شديد اليأس لا يرجو). [مجاز القرآن: 1/389]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسّه الشّرّ كان يئوساً}
وقال: {يئوساً} لأنه من "يئس"). [معاني القرآن: 2/73]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {نأى بجانبه}: أي تباعد.
{كان يؤسا}: من اليأس). [غريب القرآن وتفسيره: 220]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونأى بجانبه} أي تباعد.
{كان يؤساً} أي قانطا يائسا). [تفسير غريب القرآن: 260]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه}
قال مجاهد أي تباعد منا وقرأ يزيد بن القعقاع وناء بجانبه الهمزة مؤخرة واللغة الأولى أعرف وهذا على قلب الهمزة). [معاني القرآن: 4/187]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإذا مسه الشر كان يؤوسا}
روى سعيد عن قتادة قال يئس قنط). [معاني القرآن: 4/188-187]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أَعْرَضَ وَنئا بِجَانِبِهِ} أخبرنا أبو عمر - قال: أنا ثعلب عن ابن الأعرابي،
قال: يقال للمتكبر على الحق: أعرض ونأى بجانبه). [ياقوتة الصراط: 314]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَؤُوسا}: من اليأس). [العمدة في غريب القرآن: 184]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قل كلٌّ يعمل على شاكلته} [الإسراء: 84] سعيدٌ، عن قتادة، قال: على ناحيته وما ينوي، أي: المؤمن على إيمانه والكافر على كفره.
{فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا} [الإسراء: 84]، أي: فهو يعلم أنّ المؤمن أهدى سبيلا من الكافر). [تفسير القرآن العظيم: 1/159]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قل كلٌّ يعمل على شاكلته...}:

ناحيته. وهي الطريقة والجديلة. وسمعت بعض العرب من قضاعة يقول: وعبد الملك إذ ذاك على جديلته وابن الزبير على جديلته. والعرب تقول: فلان على طريقة صالحة، وخيدبة صالحة، وسرجوجة. وعكل تقول. سرجيجة). [معاني القرآن: 2/130]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يعمل على شاكلته} أي على ناحيته وخليقته ومنها قولهم: هذا من شكل هذا). [مجاز القرآن: 1/389]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {على شاكلته}: أي على نيته التي هي من شكل فعله في التفسير. وقالوا على شاكلته: على ناحيته،
ويقال: إن لفلان لشاكلة من فلان أي ناحية). [غريب القرآن وتفسيره: 220]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كلٌّ يعمل على شاكلته} أي على خليقته وطبيعته. وهو من الشّكل، يقال: لست على شكلي ولا شاكلتي).
[تفسير غريب القرآن: 260]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل كلّ يعمل على شاكلته فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا }
معناه على طريقته وعلى مذهبه، ويدل عليه: {فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا}.
أي أهدى طريقا. ويقال هذا طريق ذو شواكل، أي يتشعّب منه طرق جماعة). [معاني القرآن: 3/257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل كل يعمل على شاكلته} قال الحسن على نيته
وقال مجاهد أي على حدته وعلى طبيعته وقال الضحاك على ناحيته وهذا يرجع إلى قول الحسن ومجاهد
وحقيقة المعنى والله أعلم كل يعمل على النحو الذي جرت به عادته وطبعة
والمعنى وليس ينبغي أن يكون كذلك إنما ينبغي أن يتبع الحق حيث كان وقد ظهرت البراهين وتبين الحق
قال أبو جعفر وهذا يرجع إلى قول الحسن). [معاني القرآن: 4/188]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {على شاكلته} : على طبعه وشكله). [ياقوتة الصراط: 314]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {على شاكلته} أي على طبيعته وخليقته). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 139]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شَاكِلَتِهِ}: نيته طريقته). [العمدة في غريب القرآن: 184]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح} [الإسراء: 85]
يحيى، عن صاحبٍ له، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، أنّ ناسًا من اليهود لقوا نبيّ اللّه وهو على بغلته، فسألوه عن الرّوح، فأنزل اللّه: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85].
وفي تفسير الكلبيّ أنّ المشركين بعثوا رسلا إلى المدينة فقالوا لهم: سلوا اليهود عن محمّدٍ، وصفوا لهم نعته وقوله، ثمّ ائتونا فأخبرونا.
فانطلقوا حتّى قدموا المدينة فوجدوا بها علماء اليهود من كلّ أرضٍ قد اجتمعوا فيها لعيدٍ لهم، فسألوهم عن محمّدٍ ونعتوا لهم نعته، فقال لهم حبرٌ من أحبار اليهود: إنّ هذا لنعت النّبيّ الّذي نتحدّث أنّ اللّه باعثه في هذه الأرض.
فقالت لهم رسل قريشٍ: إنّه فقيرٌ، عائلٌ، يتيمٌ، لم يتبعه من قومه من أهل الرّأي أحدٌ ولا من ذوي الأسنان.
فضحك الحبر وقال كذلك نجده.
قالت لهم رسل قريشٍ: فإنّه يقول قولا عظيمًا، يدعو إلى الرّحمن، ويقول: إنّ الّذي باليمامة السّاحر الكذّاب، يعنون مسيلمة.
فقالت لهم اليهود: اذهبوا فسلوا صاحبكم عن خلالٍ ثلاثٍ، فإنّ الّذي باليمامة قد عجز عنهنّ.
فأمّا اثنتان من الثّلاث فإنّه لا يعلمهما إلا نبيٌّ، فإن أخبركم بهما فقد صدق.
وأمّا الثّالثة فلا يجترئ عليها أحدٌ.
فقالت لهم رسل قريشٍ: أخبرونا بهنّ.
فقالت لهم اليهود: سلوه عن أصحاب الكهف والرّقيم.
فقصّوا عليهم قصّتهم.
وسلوه عن ذي القرنين، وحدّثوهم بأمره.
وسلوه عن الرّوح، فإن أخبركم فيه بشيءٍ فهو كاذبٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/159]
فرجعت رسل قريشٍ إليهم فأخبروهم بذلك، فأرسلوا إلى النّبيّ فلقيهم، فقالوا: يابن عبد المطّلب، إنّا سائلوك عن خلالٍ ثلاثٍ فإن أخبرتنا بهنّ فأنت صادقٌ وإلا فلا تذكرنّ آلهتنا بشيءٍ.
فقال لهم رسول اللّه: «وما هنّ؟».
قالوا: أخبرنا عن أصحاب الكهف فإنّا قد أخبرنا عنهم بآيةٍ بيّنةٍ، وأخبرنا عن ذي القرنين فإنّا قد أخبرنا عنه بأمرٍ بيّنٍ، وأخبرنا عن الرّوح.
فقال لهم رسول اللّه: أنظروني حتّى أنظر ماذا يحدث إليّ فيه ربّي.
قالوا: فإنّا ناظروك فيه ثلاثًا.
فمكث نبيّ اللّه ثلاثة أيّامٍ لا يأتيه جبريل، ثمّ أتاه، فاستبشر به النّبيّ وقال: «يا جبريل، قد رأيت ما سأل عنه قومي ثمّ لم تأتني»، قال له جبريل: {وما نتنزّل إلا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيًّا} [مريم: 64] فإذا شاء ربّك أرسلني إليك، ثمّ قال له جبريل: إنّ اللّه قال: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من
العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85].
ثمّ قال له: {أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرّقيم} [الكهف: 9] فذكر قصّتهم.
قال: {ويسألونك عن ذي القرنين} [الكهف: 83] فذكر قصّته.
ثمّ لقي رسول اللّه قريشًا في آخر اليوم الثّالث فقالوا: ماذا أحدث إليك ربّك في الّذي سألناك عنه؟ فقصّه عليهم.
فعجبوا، وغلب عليهم الشّيطان أن يصدّقوه.
- هشامٌ، عن قتادة، أنّ ابن عبّاسٍ فسّر الرّوح مرّةً واحدةً ثمّ كفّ عن تفسيرها.
وأحسب أنّ هشامًا أو غيره ذكر أنّ قتادة فسّرها مرّةً ثمّ كفّ.
وقال السّدّيّ: الرّوح ملكٌ من الملائكة في السّماء السّابعة، ووجهه على صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة، وذلك قوله في عم يتساءلون: {يوم يقوم الرّوح} [النبأ: 38]، يعني ذلك الملك، وهو أعظم من كلّ مخلوقٍ، وتحت العرش، وهو حافظٌ على الملائكة يقوم على يمين العرش صفًّا واحدًا والملائكة صفٌّ، فذلك قوله: {ويسألونك عن الرّوح} [الإسراء: 85]، يعني ذلك الملك {قل الرّوح من
أمر ربّي} [الإسراء: 85] لم يحيطوا به علمًا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/160]
وتفسير الحسن أنّ الرّوح القرآن.
قال: {قل الرّوح من أمر ربّي} [الإسراء: 85] من وحي ربّي {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85]، أي: إنّ علمكم الّذي أتاكم اللّه قليلٌ في علم اللّه.
وبلغني عن الأعمش، عن بعض أصحابه التّابعين قال: الرّوح خلقٌ من خلق اللّه لهم أيدٍ وأرجلٌ.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: لقيت اليهود نبيّ اللّه فتعنّتوه وسألوه عن الرّوح، وعن أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين.
فأنزل اللّه: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85]، أي: اليهود.
- مالك بن أنسٍ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " خمسٌ لا يعلمهنّ إلا اللّه: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث} [لقمان: 34] إلى آخر السّورة.
الآيات الخمس "). [تفسير القرآن العظيم: 1/161]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قل الرّوح من أمر ربّي...}

يقول: من علم ربّي، ليس من علمكم). [معاني القرآن: 2/130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والرُّوح- فيما ذكر المفسرون-: مَلَكٌ عظيم من ملائكة الله يقوم وحده فيكون صفا وتقوم الملائكة صفّا
قال: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} ، وقال عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}.
ويقال للملائكة: الرُّوحانيُّون، لأنهم أرواح، نسبوا إلى الرُّوح- بالألف والنون- لأنها نسبة الخلقة، كما يقال: رقبانيّ وشعرانيّ). [تأويل مشكل القرآن: 486]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا}
سألت اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم -عن الروح وهم مقدرون أن يجيبهم بغير ما علم من تفسيرها، فأعلمهم أن الروح من أمر اللّه.
ثم قال: {وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا} فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوتينا التوراة، وفيها الحكمة، وقد تلوت: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}.
فأعلمهم اللّه - عزّ وجلّ - أنّ علم التوراة قليل في علم اللّه.
فقال: {ولو أنّما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه}
أي ما نفدت الحكمة التي يأتي بها اللّه عزّ وجلّ، فالتوراة قليلة بالإضافة إلى كلمات اللّه.
وقليل وكثير لا يصح إلا بالإضافة، فإنما يقل الشيء عندما يعلم أكثر منه، وكذلك يكثر عند معلوم هو أقل منه.
وقد اختلف الناس في تفسير الروح فقيل إن الروح جبريل ومن تأول ذلك فدليله قوله: {نزل به الرّوح الأمين * على قلبك}.
وقيل إن الروح خلق لخلق بني آدم في السماء.
وقال بعض المفسرين: إن الروح إنما يعنى به القرآن.
قال: ودليل ذلك قوله: ({كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} وكذلك قيل: الروح من أمر ربي، وتأويله تسمية القرآن بالروح أن القرآن حياة القلوب وحياة النفس فيما تصير إليه من الخير عند اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/258-257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}
روي عن عبد الله بن مسعود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسألته اليهود عن الروح فسكت فحسبت أنه يوحى اليه فتنحيت فأنزل عليه {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
يعني اليهود فقالوا نجد مثله في التوراة قل الروح من أمر ربي
قال أبو جعفر وقد تكلم العلماء في الروح
فروى عطاء عن ابن عباس قال الروح ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبح الله إلى يوم القيامة
وقال أبو صالح الروح خلق كخلق بني آدم وليسوا بني آدم لهم أيد وأرجل
وقيل الروح جبريل عليه السلام واحتج صاحب هذا القول بقوله سبحانه: {نزل به الروح الأمين}
قال محمد بن إسحاق وزعموا أنه ناداهم يعني النبي صلى الله عليه وسلم الروح جبريل وكذا روى عن ابن عباس والحسن
قال ابن عباس وجبريل قائم بين يدي الله جل ثناؤه يوم القيامة
وقيل هو عيسى صلى الله عليه وسلم أي هو من أمر الله وليس كما يقول النصارى
وقيل الروح القرآن لقوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} والله أعلم بما أراد غير أنه قد أخبرنا أنه من أمر الله جل وعز
فإن قال قائل كيف قيل لليهود وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وقد أوتوا التوراة
فالجواب أن قليلا وكثيرا إنما يعرفان بالإضافة إلى غيرهما فإذا أضيفت التوراة إلى علم الله جل وعز كانت قليلا من كثير ألا ترى إلى قوله تعالى: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} ). [معاني القرآن: 4/191-189]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك} [الإسراء: 86]، يعني القرآن حتّى لا يبقى منه شيءٌ.
{ثمّ لا تجد لك به علينا وكيلا} [الإسراء: 86] وليًّا يمنعك من ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/161]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك ثمّ لا تجد لك به علينا وكيلا}

أي لو شئنا لمحوناه من القلوب ومن الكتب حتى لا يوجد له أثر.
{ثمّ لا تجد لك به علينا وكيلا} أي لا تجد من يتوكل في رد شيء منه). [معاني القرآن: 3/259-258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك}
أي لو شئنا لأذهبناه من الصدور والكتب ثم لا تجد لك به علينا وكيلا أي من يتوكل في رده
قال الحسن أي يمنعك منا إذا أردناك). [معاني القرآن: 4/192-191]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إلا رحمةً من ربّك} [الإسراء: 87] فيها إضمارٌ، يقول: وإنّما أنزلناه عليك رحمةً من ربّك.
{إنّ فضله كان عليك كبيرًا} [الإسراء: 87] يقول: أعطاك النّبوّة وأنزل عليك القرآن.
- حمّادٌ، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: ليسرينّ على القرآن ليلةً، فلا تبقى منه آية في قلب رجلٍ ولا مصحفٍ إلا رفعت). [تفسير القرآن العظيم: 1/161]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إلاّ رحمةً مّن رّبّك...}

استثناء كقوله: {إلاّ حاجةً في نفس يعقوب قضاها}). [معاني القرآن: 2/130]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إلّا رحمة من ربّك إنّ فضله كان عليك كبيرا }
استثناء ليس من الأول، والمعنى ولكن اللّه رحمك فأثبت ذلك في قلبك وقلوب المؤمنين. ثم احتج اللّه عليهم بعد احتجاجه بقوله {قل كونوا حجارة أو حديدا} بالقرآن فأعلمهم - وهم العرب العاربة أهل البيان، ولهم تأليف الكلام - فقال لهم:
{قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} ). [معاني القرآن: 3/259]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إلا رحمة من ربك} إن فضله كان عليك كبيرا وهذا استثناء ليس من الأول أي لكن الله ثبته رحمة منه وتفضلا). [معاني القرآن: 4/192]


رد مع اقتباس