عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 02:42 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة النور

[ من الآية (4) إلى الآية (5) ]

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}


قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عبد الله بن مسلم بن يسار وأبي زرعة بن عمرو بن جرير: [بِأَرْبَعَةٍ شُهَدَاء]، بالتنوين.
قال أبو الفتح: هذا حسن في معناه؛ وذلك أن أسماء العدد من الثلاثة إلى العشرة لا تضاف إلى الأوصاف، ولا يقال: عندي ثلاثة ظريفين إلا في ضرورة إلى إقامة الصفة مقام الموصوف، وليس ذلك في حسن وضع الاسم هناك، والوجه عندي ثلاثة ظريفون. وكذلك قوله: [بِأَرْبَعَةٍ شُهداءَ] لتجري "شهداء" على "أربعة" وصفا؛ فهذا هذا.
فأما وجه قراءة الجماعة: {بِأَرْبَعَةِ شُهداءَ} بالإضافة فإنما ساغ ذلك لأنهم قد استعملوا الـ"شهداء" استعمال الأسماء؛ وذلك كقولهم: إذا دفن الشهيد صلت عليه الملائكة، وعد الشهداء يومئذ فكانوا كذا وكذا، ومنزلة الشهيد عند الله مكينة. فلما اتسع ذلك عنهم جرى عندهم مجرى الاسم؛ فحسنت إضافة اسم العدد إليه حسنها إذا أضيف إلى الاسم الصريح أو قريبا من ذلك.
واعلم منْ بَعْدُ أن الصفات لا تتساوى أحوالها في قيامها مقام موصوفاتها، بل بعضها في ذلك أحسن من بعض، فمتى دلت الصفة على موصوفها حسنت إقامتها مقامه، ومتى لم تدل على موصوفها قبحت إقامتها مقامه. فمن ذلك قولك: مررت بظريف، فهذا أحسن من قولك: مررت بطويل؛ وذلك أن الظريف لا يكون إلا إنسانا مذكرا ورجلا أيضا، وذلك أن الظُّرف
[المحتسب: 2/101]
إنما هو حسن العبارة، وأنه أمر يخص اللسان؛ فظريف إذا مما يختص الرجال دون الصبيان؛ لأن الصبي في غالب الأمر لا تصح له صفة الظرف، وليس كذلك قولنا: مررت بطويل؛ لأن الطويل قد يجوز أن يكون رجلا، وأن يكون رمحا، وأن يكون حبلا وجذعا، ونحو ذلك. فهذا هو الذي يقبح، والأول هو الذي يحسن، فإن قام دليل من وجه آخر على إرادة الموصوف ساغ وضع صفته موضعه، فاعرف ذلك واعتبره بما ذكرنا.
وإنما قبح حذف الموصوف من موضعين:
أحدهما أن الصفة إنما لحقت الموصوف إما للتخصيص والبيان، وأما للإسهاب والإطناب، وكل واحد من هذين لا يليق به الحذف، بل هو من أماكن الإطالة والهضب.
واعلم أن الصفة كما تفيد في الموصوف فكذلك قد يفيد الموصوف في صفته، ألا تراك إذا قلت: مررت بغلام طويل فقد علم أن طويلا هنا إنسان. ولو لم يتقدم ذكر الغلام لم يُعلم أنه لإنسان أو غيره: من الرمح، أو الجذع، ونحوهما. وكذلك قد علم بقولك: طويل، أن الرجل طويل وليس بربعة ولا قصير، وهذا أحد ما خلط الموصوف بصفته حتى صارت معه كالجزء منه، وذلك لتساويهما في إفادة كل واحد منهما في صاحبه ما لولا مكانه لم يُفِد فيه). [المحتسب: 2/102]

قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس