عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 20 شعبان 1433هـ/9-07-2012م, 12:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

ما قيل في اختصاص كل سورة بما سميت به


قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (خاتمة أخرى في اختصاص كل سورة بما سميت
ينبغي النظر في وجه اختصاص كل سورة بما سميت به، ولا شك أن العرب تراعي في الكثير من المسميات أخذ أسمائها من نادر أو مستغرب يكون في الشيء من خلق أو صفة تخصه أو تكون معه أحكم أو أكثر أو أسبق لإدراك الرائي للمسمى ويسمون الجملة من الكلام أو القصيدة الطويلة بما هو أشهر فيها، وعلى ذلك جرت أسماء سور الكتاب العزيز، كتسمية سورة البقرة بهذا الاسم لقرينه ذكر قصة البقرة المذكورة فيها وعجيب الحكمة فيها.
وسميت سورة النساء بهذا الاسم لما تردد فيها من كثير من أحكام النساء، وتسمية سورة الأنعام لما ورد فيها من تفصيل أحوالها، وإن كان قد ورد لفظ الأنعام في غيرها إلا أن التفصيل الوارد في قوله تعالى: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً} إلى قوله: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ} لم يرد في غيرها.
كما ورد ذكر النساء في سور إلا أن ما تكرر وبسط من أحكامهن لم يرد في غير سورة النساء، وكذا سورة المائدة لم يرد ذكر المائدة في غيرها فسميت بما يخصها.
فإن قيل: قد ورد في سورة هود ذكر نوح وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام، فلم تختص باسم هود وحده وما وجه تسميتها به وقصة نوح فيها أطول وأوعب؟
قيل: تكررت هذه القصص في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء بأوعب مما وردت في غيرها، ولم يتكرر في واحدة من هذه السور الثلاث اسم هود عليه السلام كتكرره في هذه السورة، فإنه تكرر فيها عند ذكر قصته في أربعة مواضع، والتكرار من أقوى الأسباب التي ذكرنا.
وإن قيل: فقد تكرر اسم نوح في هذه السورة في ستة مواضع فيها، وذلك أكثر من تكرار اسم هود.
قيل: لما جردت لذكر نوح وقصته مع قومه سورة برأسها، فلم يقع فيها غير ذلك كانت أولى بأن تسمى باسمه عليه السلام من سورة تضمنت قصته وقصة غيره وإن تكرر اسمه فيها. أما هود فكانت أولى السور بأن تسمى باسمه عليه السلام.
واعلم أن تسمية سائر سور القرآن يجري فيها من رعى التسمية ما ذكرنا.
وانظر سورة {ق} لما تكرر فيها من ذكر الكلمات بلفظ القاف. ومن ذلك السور المفتتحة بالحروف المقطعة، ووجه اختصاص كل واحدة بما وليته حتى لم تكن لترد {الم} في موضع {الر} ولا {حم} في موضع {طس} لاسيما إذا قلنا: إنها أعلام لها وأسماء عليها.
وكذا وقع في كل سورة منها ما كثر ترداده فيما يتركب من كلمها، ويوضحه أنك إذا ناظرت سورة منها بما يماثلها في عدد كلماتها وحروفها وجدت الحروف المفتتح بها تلك السورة إفرادا وتركيبا أكثر عددا في كلماتها منها في نظيرتها ومماثلتها في عدد كلمها وحروفها، فإن لم تجد بسورة منها ما يماثلها في عدد كلمها ففي اطراد ذلك في المماثلات مما يوجد له النظير ما يشعر بأن هذه لو وجد ما يماثلها لجرى على ما ذكرت لك، وقد اطرد هذا في أكثرها فحق لكل سورة منها ألا يناسبها غير الوارد فيها فلو وضع موضع {ق} من سورة {ن} لم يمكن لعدم التناسب الواجب مراعاته في كلام الله تعالى، وقد تكرر في سورة يونس من الكلم الواقع فيها {الر} مائتا كلمة وعشرون أو نحوها فلهذا افتتحت بـ {الر}، وأقرب السور إليها مما يماثلها بعدها من غير المفتتحة بالحروف المقطعة سورة النحل وهي أطول منها مما يركب على {الر} من كلمها مائتا كلمة مع زيادتها في الطول عليها، فلذلك وردت الحروف المقطعة في أولها {الر}). [البرهان في علوم القرآن: 1/270-272]

قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (تنبيه:
قال الزركشي في البرهان: ينبغي البحث عن تعداد الأسامي هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات فإن كان الثاني فلم يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسماء لها وهو بعيد.
قال: وينبغي النظر في اختصاص كل سورة بما سميت به، ولا شك أن العرب تراعي في كثير من المسميات أخد أسمائها من نادر أو مستغرب يكون في الشيء من خلق أو صفة تخصه أو يكون معه أحكم أو أكثر أو أسبق لإدراك الرائي للمسمى ويسمون الجملة من الكلام أو القصيدة الطويلة بما هو أشهر فيها وعلى ذلك جرت أسماء سور القرآن؛ كتسمية سورة البقرة بهذا الاسم لقرينة قصة البقرة المذكورة فيها وعجيب الحكمة فيها، وسميت سورة النساء بهذا الاسم لما تردد فيها شيء كثير من أحكام النساء، وتسمية سورة الأنعام لما ورد فيها من تفصيل أحوالها وإن كان قد ورد لفظ الأنعام في غيرها إلا أن التفصيل الوارد في قوله تعالى: {ومن الأنعام حمولة وفرشا} إلى قوله: {أم كنتم شهداء} لم يرد في غيرها كما ورد ذكر النساء في سور إلا أن ما تكرر وبسط من أحكامهن لم يرد في غير سورة النساء، وكذا سورة المائدة لم يرد ذكر المائدة في غيرها فسميت بما يخصها.
قال: فإن قيل قد ورد في سورة هود ذكر نوح وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى فلم خصت باسم هود وحده مع أن قصة نوح فيها أوعب وأطول؛قيل تكررت هذه القصص في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء بأوعب مما وردت في غيرها ولم يتكرر في واحدة من هذه السور الثلاث اسم هود كتكرره في سورته فإنه تكرر فيها في أربعة مواضع والتكرار من أقوى الأسباب التي ذكرنا.
قال:فإن قيل فقد تكرر اسم نوح فيها في ستة مواضع؛ قيل لما أفردت لذكر نوح وقصته مع قومه سورة برأسها فلم يقع فيها غير ذلك كانت أولى بأن تسمى باسمه من سورة تضمنت قصته وقصة غيره. انتهى.
قلت: ولك أن تسأل فتقول قد سميت سور جرت فيها قصص أنبياء بأسمائهم كسورة نوح وسورة هود وسورة إبراهيم وسورة يونس وسورة آل عمران وسورة طس سليمان وسورة يوسف وسورة محمد وسورة مريم وسورة لقمان وسورة المؤمن وقصة أقوام كذلك كسورة بني إسرائيل وسورة أصحاب الكهف وسورة الحجر وسورة سبأ وسورة الملائكة وسورة الجن وسورة المنافقين وسورة المطففين ومع هذا كله لم يفرد لموسى سورة تسمى به مع كثرة ذكره في القرآن؛ حتى قال بعضهم كاد القرآن أن يكون كله موسى، وكان أولى سورة أن تسمى به سورة طه أو القصص أو الأعراف لبسط قصته في الثلاثة ما لم يبسط في غيرها، وكذلك قصة آدم ذكرت في عدة سور ولم تسم به سورة كأنه اكتفاء بسورة الإنسان، وكذلك قصة الذبيح من بدائع القصص ولم تسم به سورة الصافات، وقصة داود ذكرت في ص ولم تسم به، فانظر في حكمة ذلك على أني رأيت بعد ذلك في جمال القراء للسخاوي أن سورة طه تسمى سورة الكليم وسماها الهذلي في كامله سورة موسى وأن سورة ص تسمى سورة داود ورأيت في كلام الجعبري أن سورة الصافات تسمى سورة الذبيح وذلك يحتاج إلى مستند من الأثر.). [الإتقان في علوم القرآن: 2/368-370]


رد مع اقتباس