عرض مشاركة واحدة
  #45  
قديم 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م, 03:58 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

فصل في ياءات الإضافة وعللها
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فصل في ياءات الإضافة وعللها
220- اعلم أن ياء الإضافة زائدة أبدًا وهو اسم المضاف إليه، وأصلها الحركة؛ لأن الاسم لا يكون على حرف واحد ساكن، والدليل على أن أصلها الحركة أنها كالكاف في «عليك وإليك» وكالهاء في «عليه وإليه» وكالتاء في «رأيت» و«أرأيت» وهذه المضمرات لا تكون إلا متحركات، فكذلك ياء الإضافة، وإنما جاز إسكانها استخفافًا ولا يجوز ذلك في الكاف والهاء والتاء، استثقالا للحركة على الياء؛ لأن الياء حرف ثقيل، فإذا تحرك ازداد ثقلا، ويدل على ثقل الحركة على الياء أنها تقلب ألفًا، إذا تحركت وانفتح ما قبلها، في أكثر الكلام، وأنهم لما حركوها أعطوها الفتح، الذي هو أخف الحركات، ولو أعطوها الكسر، والذي قبلها لا يكون إذا كان متحركا، إلا مكسورا لاجتمع كسرتان، وياءٌ عليها كسرة، وذلك ثقيل، ولو أعطوها الضم لاجتمع ما هو أثقل من ذلك، فكان الفتح أولى بها، إذ لابد من حركة تقويها، والفتح فيها أقوى وأفصح، لأنه الأصل، ولخفة الفتحة، ولأن العرب تأتي بها السكت، بعد ياء الإضافة، لتثبت حركتها في الوقف، فإذا كانوا يحرصون على بقاء الحركة في الوقف، فثباتها في الوصل آكد، فمن ذلك إدخالهم الهاء في «كتابيه وحسابيه وماليه» وشبهه، حرصًا على بيان حركة الياء في الوقف، إذا كانت اسمًا على حرف واحد، فألزم الحركة في الوقف
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/324]
والوصل لتقوي. وأنا أذكر في آخر كل سورة الاختلاف في ما فيها من الياءات، واستغنى بما بيناه من علتها عن الإعادة لذلك، وأذكر في هذه السورة جملًا من أصول القراء في الياءات، ينتفع بحفظها مجملة، واستغنى بذلك عن حفظ أكثرها منفردة.
221- فمن ذلك أصل نافع، اعلم أن نافعًا، في رواية ورش عنه، كان يفتح كل ياء إضافة، واختلف القراء فيها في جميع القرآن، مما ثبت خطه في المصحف، وعدة ما اختلف القراء فيه، من ياءات الإضافة، مائة وخمس وسبعون ياء، فتحها ورش عن نافع، إلا ثلاثًا وعشرين، فإنه أسكنها، في البقرة: {اذكروني أذكركم} «152»، وفي الأنعام {وأن هذا صراطي مستقيمًا} «153»، وفي الأعراف: {معي بني إسرائيل} «105» و{إني اصطفيتك} «144» وفي براءة {معي عدوا} «83»، وفي إبراهيم {وما كان لي عليكم من سلطان} «22»، وفي الكهف: {معي} في ثلاثة مواضع «67، 72، 75» وفي مريم: {من ورائي وكانت} «5» وفي طه: {هارون أخي. اشدد} «30، 31» وفي الأنبياء: {ذكر من معي وذكر} «24» وفي الفرقان: {يا ليتني اتخذت} «27» وفي الشعراء: {إن معي ربي} «62»، وفي النمل: {مالي لا أرى} «20»، وفي القصص: {معي ردءًا} «34»، وفي العنكبوت: {إن أرضي واسعة} «56»، وفي صاد: {ولي نعجة} «23» وفيها: {ما كان لي من علم} «69»، وفي المؤمن: {ذروني أقتل موسى} «26»، وفيها: {ادعوني أستجب} «60»، وفي الزخرف: {يا عبادي لا خوف} «68»، وفي نوح: {بيتي مؤمنًا} «28»، فذلك ثلاث وعشرون ياء، أسكنها ورش، من الياءات التي اختلف فيها جميع القراء الذين ذكرنا، وفتح ما عدا ذلك، مما اختلفوا فيه، وهو ثابت في الخط، وقرأ قالون بمثل ذلك، وزاد على ورش فأسكن ثماني ياءات وهن، في البقرة:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/325]
{وليؤمنوا بي لعلهم} «186»، وفي الأنعام {محياي} «162»، وفي يوسف: {وبين إخوتي} «100»، وفي طه: {ولي فيها مآرب} «18»، وفي النمل والأحقاف: {أوزعني أن} «19، 15»، وفي الشعراء: {ومن معي من المؤمنين} «118»، وفي الدخان: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} «21»، فأسكن هذه الثمانية قالون، وفتحها ورش، وعنه في {محياي} الوجهان، أعني ورشًا، وقد روي عن ورش فتح الياء وإسكانها في {أني أوفي الكيل} «يوسف 59» و{سبيلي أدعو} «يوسف 108» وروي عن قالون الإسكان والفتح في قوله: {إلى ربي إن لي عنده} «فصلت 50»، وبالفتح قرأت في ذلك كله لهما، وأخبرني أبو الطيب أنه قرأ بالوجهين لقالون في «إلى ربي، إن لي عنده».
223- ومن ذلك أصل أبي عمرو، كان أبو عمرو يُسكن ياء الإضافة إذا كان بعدها همزة مضمومة، وذلك عشرة مواضع في القرآن، ولم يفتحها، على هذا الشرط، غير نافع نحو: {فإني أعذبه} «المائدة 115»، و{عذابي أصيب} «الأعراف 156» وشبهه، وكان أبو عمرو يسكن كل ياء إضافة، ليس بعدها ألف، نحو: {بيتي للطائفين} «البقرة 125» و{وجهي لله} «آل عمران 20»، إلا حرفين، فإن فتحهما، وهما: {محياي} في «الأنعام 162»، و{مالي لا أعبد} في «يس 22» وكان أبو عمرو يفتح كل ياء إضافة، بعدها ألف وصل، مع لام أو غير لام، نحو: {إني اصطفيتك} «الأعراف 144»، و{أخي. اشدد به} «طه 30، 31» و{عن آياتي الذين} «الأعراف 146»، و{ربي الذي} «البقرة 258»، و{ربي الفواحش} «الأعراف 33»، و{ياليتني اتخذت} «الفرقان 27»، و{من بعدي اسمه} «الصف 6»، ونحوه، إلا موضعين، وهما في العنكبوت والزمر: {يا عبادي الذين آمنوا} «56»، {يا عبادي الذين أسرفوا} «53»، فإنه أسكنها وحذفها لالتقاء الساكنين، والوقف للجميع بالياء عليهما، وكان
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/326]
أبو عمرو يفتح الياء، إذا أتت بعدها همزة مفتوحة أو مكسورة، مما اختلف القراء فيه، إلا أن تكون الكلمة على خمسة أحرف بالياء أو أكثر، فإنه يسكن الياء تخفيفًا لطول الكلمة، نحو: {حشرتني أعمى} «طه 135» و{ستجدني إن شاء الله} «الكهف 69» و{لعنتي إلي يوم الدين} «ص 78» وشبهه، وخالف هذا الأصل في ثلاثة مواضع، ففتح الياء فيها، والكلمة على خمسة أحرف، وهي: {وما توفيقي إلا بالله} في «هود 88» وفيها: {شقاقي} «89» وفيها: {أرهطي} «92».
223- وعلته، في فتح هذه الثلاثة المواضع، أنه اجتمع، في «توفيقي وشقاقي» حرفا مد ولين في كل واحدة، فلم يعتد بالتكرير، وأتت همزة الاستفهام في {أرهطي} وهي زائدة، فلم يعتد بها، وجميع ما أسكنه أبو عمرو، وخالف فيها نافعًا أربع وثلاثون ياء، تستخرج من هذه الأصول التي ذكرناها، وجميع ما فتحه أبو عمرو، مما أسكنه نافع، أربع ياءات وهي: {محياي} و{إني اصطفيتك} و{أخي. اشدد}، و{ياليتني اتخذت}، وعن ورش في {محياي} الوجهان: الفتح والإسكان.
224- ومن ذلك أصل ابن كثير، كان ابن كثير يسكن كل ياء إضافة، اختلف فيها بعدها همزة مضمومة أو مكسورة، أو ليس بعدها همزة، وخالف أصله، مع الهمزة المكسورة، في موضعين، ففتح الياء فيهما، وهما قوله في يوسف {آبائي إبراهيم} «38»، وفي نوح: {دعائي إلا} «6» وخالف أصله، إذا لم يأت بعد الياء همزة، في خمسة مواضع، ففتح الياء فيهن، وهن في الأنعام: {محياي}، وفي مريم: {من ورائي وكانت}، وفي النمل: {مالي لا أرى}، وفي يس: {ومالي لا أعبد}، وفي فصلت: {أين شركائي قالوا}
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/327]
47- وكان ابن كثير يفتح ياء الإضافة، إذا أتى بعدها همزة مفتوحة أو ألف وصل، وخالف أصله، مع الهمزة المفتوحة، في عشرة مواضع، فأسكن الياء فيها، في آل عمران: {اجعلي لي آية} «41»، وفي هود: {ضيفي أليس} «78»، وفي يوسف: {قال أحدهما إني}، و{وقال الآخر إني} «36» وفيها: {يأذن لي} «80» وفيها: {سبيلي أدعو} «108»، وفي الكهف {من دوني أولياء} «102» وفي مريم: {اجعل لي آية} «10» وفي طه: {يسر لي أمري} «26» وفي النمل: {ليبلوني أأشكر} «40» خاصة، فهذه عشرة مواضع، أسكن الياء فيها، وبعدها همزة مفتوحة، وخالف قنبل البزي فيما ذكرنا، من الفتح والإسكان فيها، وبعدها همزة مفتوحة، وخالف قنبل، وفتحها البزي، وهن في هود ثلاثة مواضع: {ولكني أراكم} «29» و{إني أراكم} «84» و{فطرني أفلا} «51» وفي الفرقان: {إن قومي اتخذوا} «30»، وفي النمل والأحقاف {أوزعني}، وفي الأحقاف أيضًا: {ولكني أراكم} «23»، وفي الزخرف: {من تحتي أفلا} «51»، وفي قل يا أيها الكافرون: {ولي دين} «6»، وخالف أيضًا ابن كثير أصله مع ألف الوصل في موضعين، فأسكن الياء فيهما، في الفرقان: {يا ليتني اتخذت} وفيها: {إن قومي اتخذوا} «30» أسكنها، في رواية قنبل عنه، وقد ذكرت، فأما الياء في: {يا بني} «هود 42» وفي: {بمصرخي} «إبراهيم 22» وفي: {أخفي لهم} «السجدة 17»، و{أملي لهم} «محمد 25» فليست بياء إضافة، فلذلك لم نذكر ذلك مع ياءات الإضافة، وسيأتي الاختلاف فيها، في مواضعها إن شاء الله تعالى. فأما: {آتاني الله} فليست بثابتة في المصحف، فلذلك لم نذكرها.
225- ومن ذلك أصل حمزة، كان حمزة يسكن جميع الياءات، التي
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/328]
اختلف فيها القراء، إلا ياء {محياي}، فإنه فتحها، وكسر ياء {بمصرخي} وليست بياء إضافة.
226- ومن ذلك أصل الكسائي، كان الكسائي يسكن جميع الياءات، التي اختلف فيها القراء، إلا أربع عشرة ياء، فإن فتحن، وهن في البقرة: {عهدي الظالمين} «124»، وفيها: {ربي الذي} «258»، وفي الأنعام: {محياي} «162» وفي الأعراف: {ربي الفواحش} «33» وفيها: {عن آياتي الذين} «146» وفي مريم: {آياتي الكتاب} «30» وفي الأنبياء: {مسني الضر} «83» وفيها: {عبادي الصالحون} «105»، وفي النمل: {مالي لا أرى} «20» وفي سبأ: {عبادي الشكور} «13»، وفي ياسين: {مالي لا أعبد} «22»، وفي ص: {مسني الشيطان} «41»، وفي الزمر: {إن أرادني الله} «38»، وفي الملك: {إن أهلكني الله} «28»، ففتح هذه الأربع عشرة فقط.
227- ومن ذلك أصل عاصم كان عاصم في رواية أبي بكر عنه يُسكن كل الياءات، التي للإضافة المختلف فيها، غير تسع عشرة ياء فإنه فتحها ستراها في ذكرنا للاختلاف في الياءات، في آخر كل سورة. وقرأ، في رواية حفص عنه، بإسكان كل الياءات، إلا اثنتين وأربعين ياء، فإنه فتحها، وستراها في أواخر السور.
228- ومن ذلك أصل ابن عامر، كان ابن عامر يُسكن جميع ياءات الإضافة المختلف فيها، إلا ثلاثًا وأربعين ياء، فإنه فتحها، وستراها في أواخر السور، واختلفت الرواية عنه في سبع ياءات، فأسكن ابن ذكوان ستًا منها، وفتحها هشام، وهن في البقرة: {بيتي للطائفين} «125» ومثله في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/329]
الحج، وفي نوح: {بيتي مؤمنًا} «28»، وفي النمل: {مالي لا أرى} «20»، وفي غافر: {مالي أدعوكم} «41»، وفي الكافرون: {ولي دين}، والسابعة: {أرهطي} «هود 92» فتحها ابن ذكوان، وأسكها هشام، وإنما تركت ذكر ما استثنيت لعاصم وابن عامر لكثرة ذلك، لئلا يطول الكتاب، وإذ لابد من ذكر كل ياء اختلف فيها، في آخر كل سورة، وما فيها من ذلك، والاختيار في ذلك الفتح، لأنه الأصل، ففي سورة البقرة، من ذلك، ثماني ياءات إضافة، قرأ الحرميان وأبو عمرو: {إني أعلم} «30، 33» بالفتح، قرأ حمزة وحفص: {عهدي الظالمين} «124» بالإسكان، والياء محذوفة من اللفظ في الوصل؛ لالتقاء الساكنين، وله نظائر كثيرة، وقرأ نافع وحفص وهشام: {بيتي للطائفين} بالفتح، وقرأ ابن كثير: {فاذكروني أذكركم} «152» بالفتح، قرأ ورش: {بي لعلهم} «186» بالفتح، وقرأ نافع وأبو عمرو: {مني إلا} «249» بالفتح، وقرأ حمزة: {ربي الذي يحيي} «258» بالإسكان، وإذا ذكرنا، في ياءات الإضافة، من قرأ بالفتح فالباقون بالإسكان، وإذا ذكرنا من قرأ بالإسكان فالباقون بالفتح، فنستغني بهذه المقدمة عن ذكر الباقين، في ذلك، حيث وقع). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/330]


رد مع اقتباس