عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 12:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (101) إلى الآية (111) ]
{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)}


قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فلا أنساب بينهم (101)
قرأ يعقوب وحده (فلا أنساب بّينهم) مدغمة.
وكذلك أدغم الباء من قوله (لذهب بّسمعهم) و(العذاب بّالمغفرة)، و(الصاحب بّالجنب) في هذه الأربعة المواضع، ويظهرها في غيرها.
[معاني القراءات وعللها: 2/198]
قال أبو منصور: اتفق القراء على إظهار الباءين في هذه الحروف؛ لأنهما من كلمتين). [معاني القراءات وعللها: 2/199]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {فَلَا أَنْسَاب بَّيْنَهُمْ} [آية/ 101] بالإدغام:
قرأها أبو عمرو ويعقوب يس-.
[الموضح: 900]
والوجه أن الإدغام يجوز لاجتماع المثلين وهما الباءان، وإن كانتا من كلمتين.
وقرأ الباقون {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} بالإظهار، وكذلك ح- عن يعقوب.
والوجه أن اجتماع المثلين إذا كانا من كلمتين، فانه لا يعتد اجتماعًا في الحقيقة؛ لأنهما بعرض الانفصال، فالنية فيهما التزايل). [الموضح: 901]

قوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102)}
قوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103)}
قوله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)}
قوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105)}
قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (شقاوتنا (106)
قرأ حمزة والكسائي (شقاوتنا) بفتح الشين، والألف.
وقرأ الباقون (شقوتنا) بكسر الشين.
وروى بكار عن أبان قال: سألت عاصمًا عن هذا الحرف فقال: إن شئت فاقرأ (شقاوتنا) وإن شئت (شقوتنا)
قال أبو منصور: أما (شقوتنا) بفتح الشين فهي قليلة في القراءة، وأما (شقوتنا) و(شقاوتنا) فلغتان قرى بهما. وأنشد الفراء:
كلّف من عنائه وشقوته... بنت ثماني عشرةٍ من حجّته). [معاني القراءات وعللها: 2/196]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {غلبت علينا شقوتنا} [106]
قرأ حمزة والكسائي {شقوتنا} بالألف.
والباقون: {شقوتنا} فيكونان مصدرين واسمين، قال الشاعر:
كلف من نائه وشقوته بنت ثمان عشرة من حجته
وما قرأ أحد {شقوتنا} بفتح الشين، وكان بعضهم لا يجيزه البتة في قراءة، ولا عربته. وهو عندى جائز؛ لأنه تجعله المرة الواحدة من المصدر
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/94]
شقي، شقوة، ونام نومة، وزقا الديك زقوة. وقام زيد قومة. إلا أن القراءة سنة لا يقرأ إلا بما قد قرئ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/95]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: شقوتنا [المؤمنون/ 106] في كسر الشين وفتحها والألف.
فقرأ حمزة والكسائي: (شقاوتنا) بفتح الشين وبالألف.
وقرأ الباقون: شقوتنا بكسر الشين بغير ألف. حدثني أبو علي محمد بن عيسى العباسي وأحمد بن علي الخزّاز قالا: حدثنا بشر بن هلال قال: حدّثنا بكار عن أبان قال: سألت عاصما فقال: إن شئت فاقرأ: شقوتنا وإن شئت فاقرأ (شقاوتنا).
الشقوة: مصدر كالردّة، والفطنة، والشقاوة: كالسعادة وإذا كان كذلك فالقراءة بهما جميعا سائغ كما روى عن عاصم). [الحجة للقراء السبعة: 5/302]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا}
قرأ حمزة والكسائيّ (شقاوتنا) بالألف وفتح الشين وقرأ الباقون {شقوتنا} بكسر الشين من غير ألف وهما مصدران تقول شقي من الشقاوة والشقوة والشقوة كالفطنة والشقاوة كالسعادة). [حجة القراءات: 491]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (18- قوله: {شقوتنا} قرأه حمزة والكسائي بفتح الشين، وبألف بعد القاف، وقرأ الباقون بكسر الشين من غير ألف، وهما مصدران: الشقوة كالفطنة والردة، والشقاوة كالسعادة والقساوة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/131]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {شَقَاوَتُنَا} [آية/ 106] بالألف وفتح الشين:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن الشقاوة مصدر على فعالةٍ كالسعادة.
وقرأ الباقون {شِقْوَتُنَا} بكسر الشين من غير ألف.
والوجه أن مصدر أيضًا كالردة والفتنة). [الموضح: 901]

قوله تعالى: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)}
قوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أُبي: [وَلا تكَلِّمُونِ أَنَّهُ]، بفتح الألف.
قال هارون: كيف شئت {إنَّه}، و[أنِّه].
وفي قراءة ابن مسعود: [وَلا تُكَلِّمُونِ كَانَ فَرِيقٌ]، بغير "أنه".
وقال يونس عن هارون في حرف أُبي: [وَلا تُكَلِّمُونِ أنْ كَانَ فَرِيقٌ].
قال أبو الفتح: قراءة ابن مسعود: [كان فَرِيقٌ] بغير "أنه" تشهد للكسر؛ لأنه موضع استئناف، والكسر أحق بذلك. والقراءة "أَنْ كَانَ فَرِيقٌ" تشهد لـ "أنه"، ألا ترى أن معناه: ولا تكلمون لأنه كان فريقٌ كذا). [المحتسب: 2/98]

قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109)}
قوله تعالى: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فاتّخذتموهم سخريًّا (110)
قرأ نافع وحمزة والكسائي (سخريًّا) بضم السين ها هنا وفي (ص) وكذلك قال هبيرة عن حفص عن عاصم.
وقرأ الباقون (سخريًّا) بكسر السين في السورتين.
واتفقوا على ضم السين في الزخرف، في قوله: (سخريًّا).
وأخبرني المنذري عن ابن فهم عن ابن معاذ عن يونس قال: من قرأ (سخريًّا) فهو من السّخرة.
ومن قرأ (سخريًّا) فهو من الهزؤ.
[معاني القراءات وعللها: 2/196]
قال أبو منصور: وروي عن الكسائي والخليل وسيبويه أنهما بمعنىً واحد
كقول العرب: بحر لجي، ولجي - وكوكب دريّ، ودريّ.
منسوب إلى الدّرّ - والعصي والعصي، جع العصا). [معاني القراءات وعللها: 2/197]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {فاتخذتموهم سخريًا} [110].
قرأ نافع، وحمزة، والكسائي بالضم ها هنا وفي (ص)
والباقون بالكسر، فمن كسر جعله من الهزء والسخرية. ومن ضم جعله من السخر.
وقال بعض العلماء: الأختيار الضم لا تفاق الجميع على التي في (الزخرف) {ليتخذ بعضهم بعضًا سخريًا}.
قال أبو عبد الله: وقد قرأ التي في (الزخرف) بالكسر ابن محيصن المكي فيما حدثني عنه أحمد بن عبدان عن على عن أبي عبيد.
وحدثني ابن عرفة عن ثعلب قال: تقول العرب: رجل سخرة: إذا كان الناس يسخرون منه. ورجل سخرة بفتح الخاء إذا كان يسخر من الناء. فالمفعول ساكن، والفاعل متحرك. وكذلك رجل هزأة وهزأة وضحكة، وضحكة. وامرأة طلعة قبعة إذا كانت كثيرة الاطلاع، فإذا أبصرها إنسان قبعت أي: أدخلت رأسها. ورجل نكحة: إذا كان كثير النكاح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/95]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: سخريا في كسر السين في المؤمنين [110] وفي صاد [63]، ولم يختلفوا في الزخرف [32].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر سخريا بكسر السين، وكذلك في صاد. هبيرة عن حفص عن عاصم (سخريا) رفعا، وهو غلط، والمعروف عن حفص سخريا بكسر السين.
[الحجة للقراء السبعة: 5/302]
وقرأ نافع وحمزة والكسائي (سخريا) رفعا في السورتين.
قال أبو زيد: اتخذت فلانا سخريا وسخرة: إذا هزئت منه، وقد سخرت به وبه أسخر سخريا وسخرا، أبو عبيدة: اتخذتموهم سخريا: تسخرون منهم، وسخريا: تسخّرونهم. وقال ابن سلام:
قال يونس: ليتخذ بعضهم بعضا سخريا [الزخرف/ 32] قال: من السّخرة، والسّخريّ من الهزء قال: وقد يقال: سخريّ، فأما تلك الأخرى، يعني: السّخري، فواحدة مضمومة لا غير، ويقال من الهزء: سخري وسخري ومن السخرة مضمومة. أبو عبد الرحمن بن اليزيدي: سخريا من السّخرية، و (سخريّا) بالضم من السّخرة.
وحكى غيره أن الحسن وقتادة قالا: ما كان من العبودية فهو سخريّ بالضم، وما كان من الهزء فبالكسر. قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وابن عامر: فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري [المؤمنون/ 110] بكسر السين أرجح من قراءة من ضم فقال:
(سخريا) لأنه من الهزء، والأكثر من الهزء، كسر السين فيما حكوه، وترى أنه إنما كان الأكثر لأن السّخر مصدر سخرت بدلالة حكاية أبي زيد لذلك، ولقول الشاعر:
من علو لا كذب فيه ولا سخر
[الحجة للقراء السبعة: 5/303]
وقولهم في مصدر سخرت: سخريا وسخرا، إنما جاء ذلك لأن فعل وفعل قد يكونان بمعنى، نحو: المثل والمثل، والشّبه والشبه وحروف أخر على هذا، فكذلك السّخر والسّخر، إلا أن المكسورة ألزمت ياء النسب دون المفتوحة، كما اتفقوا في القسم على الفتح في: لعمر الله، ولم يخرج مع إلحاق ياء النسب عن حكم المصدر، ولم يخرج إلى الصفة بلحاق الياءين له، كما يخرج سائر ما لحقته الياء، يدلّك على ذلك قولهم: فاتخذتموهم سخريا فأفرد، وقد جرى على الجمع كما تفرد المصادر، فكأن ياء النسب لم يقع به اعتداد في المعنى كما لم يعتدّ به، ولم يكن للنسب في نحو أحمر وأحمري ودوّار ودوّارى، ومثل ذلك في أن ياء النسب لما كان كالتي في قمري ونحوه لم يعتد به قول الشماخ:
خضرانيات.
ألا ترى أنه لو أعتدّ به وأريد به معنى النسب لردّ إلى الواحد، كما يردّ سائر ما لحقه ياء النسب وأريد به النسب إلى الواحد، إذا لم يكن المنسوب مسمّى بالجمع، وأن لم يرد: خضرانيات إلى الواحد دلالة على أنه لم يعتدّ بها وكان في حكم الزيادة. ك (لا) في قوله: لئلا يعلم أهل الكتاب [الحديد/ 29]. وأمّا قراءة من ضم في قوله:
(فاتخذتموهم سخريّا) وفي صاد في قوله: (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أتخذناهم سخريا) ص/ 62 - 63]
[الحجة للقراء السبعة: 5/304]
فالكسر في معنى السخرية أفشى وأكثر إذا كان السخريّ في معنى الهزء، وهذان الموضعان يراد بهما، الهزء يقوّي ذلك قوله في المؤمنين:
وكنتم منهم تضحكون [المؤمنون/ 110] والضحك بالسّخر والهزء أشبه، وجه ذلك في صاد: (اتخذناهم سخريا). ووجه الضم أن يونس قال فيما حكى عنه ابن سلّام: أن السّخري قد يقال بالضم بمعنى الهزء، وقوله: فأما الأخرى فواحدة، يعني التي يراد بها السّخرة. وقال أبو الحسن: سخري إذا أردت من سخرت به ففيه لغتان يعني الضم والكسر، ومن ثمّ اتفق هؤلاء القرّاء على الضم في التي في الزخرف في قوله: ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا فهذا من السّخرة وانقياد بعضهم لبعض في الأمور التي [إنّ] لم ينقد بعضهم لبعض فيها، لم يلتئم قوام أمر العالم. فأما سخري فإفراده يجوز أن يكون لإفراد بعضهم في اللفظ وإن كان المعنى على الكثرة، ويجوز أن يكون كسخري- بكسر السين- لم يخرج بلحاق الياء له من أن يكون مصدرا، ووجه الضم في سخري إذا كان من الهزء أن السّخر على فعل، وفعل وفعل يتعاقبان على الكلمة كالحزن والحزن، والبخل والبخل، كما كان فعل وفعل كذلك، إلا أن المضموم خصّ بالنسب كما خصّ المكسور به، وبقي على حكم المصدر كما بقي عليه المكسور، فأمّا ما حكاه أبو زيد من قوله: اتخذت فلانا سخريا وسخرة، فإن قوله: سخري وصف بالمصدر، وقولهم: سخرة ليس بمصدر من الهزء، فيكون النسب إليه، ولكن سخرة كقولهم: ضحكة، وهزأة- بتسكين العين- إذا كان يضحك منه. والفاعل في هذا بفتح
[الحجة للقراء السبعة: 5/305]
العين نحو: هزأة ونكحة، وجمل خجأة). [الحجة للقراء السبعة: 5/306]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فاتخذتموهم سخريا}
قرأ نافع وحمزة والكسائيّ {سخريا} بالضّمّ وفي ص
[حجة القراءات: 491]
مثله وقرأ الباقون بالكسر
وقال الخليل هما لغتان وقال آخرون بل ما كان في الاستهزاء فهو بالكسر وما كان من جهة السخري فهو بالضّمّ والكسر أحسن لاتباع الكسرة ويقوّي الكسرة قوله بعدها {وكنتم منهم تضحكون} والضحك بالهزء أشبه وحجّة الرّفع إجماع الجميع على الرّفع في سورة الزخرف {ليتّخذ بعضهم بعضًا سخريا} 32 فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه أولى). [حجة القراءات: 492]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (19- قوله: {سخريًا} قرأه نافع وحمزة والكسائي بضم السين، وقرأ الباقون بالكسر، ومثله في «ص» وكلهم ضم السين في الزخرف.
وحجة من ضم أنه جعله من «التسخير » وهو الخدمة، وقيل: هو بمعنى الهزؤ، والمعروف في التسخير ضم السين.
20- وحجة من كسر أنه جعله من «السخرية» وهو الاستهزاء ودليله قوله بعده: {وكنتم منهم تضحكون} فالضحك بالشيء نظير الاستهزاء به، وهو في القراءتين مصدر، فلذلك وحّد، وقبله جماعة، والكسر الاختيار، لصحة معناه، ولشبهه بما بعده، ولأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/131]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {سُخْرِيًّا} [آية/ 110] بضم السين:
قرأها نافع وحمزة والكسائي، وكذلك في سورة: ص
وقرأ الباقون {سِخْرِيًّا} بكسر السين في السورتين.
وكلهم قرأ في الزخرف بضم السين.
والوجه أن السخري والسخري بالضم والكسر لغتان، وكلاهما مصدر
[الموضح: 901]
سخرت منه. والتي في هذه الآية هي بمعنى الهزء، بدليل قوله تعالى {وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ}. فأما السخري الذي بمعنى التسخر والانقياد فهو بالضم لا غير، ولهذا اتفقوا على الضم في التي في الزخرف). [الموضح: 902]

قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّهم هم الفائزون (111)
قرأ حمزة والكسائي (إنّهم) بكسر الألف، وكذلك روى خارجة عن نافع.
وقرأ الباقون (أنّهم) بفتح الألف.
قال أبو منصور: من قرأ (إنّهم) فهو استئناف كأنه قال: (إني جزيتهم اليوم بما صبروا) فقال: (إنّهم هم الفائزون).
ومن قرأ (أنّهم) فالمعنى: أني جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز). [معاني القراءات وعللها: 2/197]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {أنهم هم الفآئزون} [111]
قرأ حمزة والكسائي: {أنهم} بالكسر على الابتداء و«إن» إذا كانت
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/95]
مبتدأة كانت مكسورة، والكلام قد تم عند قوله: {إني جزيتهم اليوم بما صبروا} تلخيصه: إني جزيتهم اليوم: الفوز بصبرهم، كما يقال: اليوم أجزيك بصنيعك حيث أحسنت إلي.
وقرأ الباقون بالفتح على تقدير: أني جزيتهم اليوم بما صبروا بأنهم هم الفائزون. ولأنهم. وروي خارجة عن نافع مثل حمزة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/96]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: (إنهم هم الفائزون) [المؤمنون/ 111] في كسر الألف وفتحها.
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: أنهم فتحا.
وقرأ حمزة والكسائي: (إنّهم) كسرا. خارجة عن نافع:
(صبروا... إنّهم) كسرا، مثل حمزة.
من فتح كان على قوله: جزيتهم لأنهم هم الفائزون، ويجوز أن يكون أنهم في موضع المفعول الثاني لأن جزيت يتعدّى إلى مفعولين، قال: وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا [الإنسان/ 12] تقديره: جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز، وفاز الرجل إذا نال ما أراد، وقالوا: فوّز الرجل إذا مات. ويشبه أن يكون ذلك على التفاؤل له، أى: صار إلى ما أحب، والمفازة للمهلكة على وجه التفاؤل أيضا، وقيل: إنه مفعلة من فوّز إذا هلك، فكان فوز في الأصل على التفاؤل أيضا، ومن كسر استأنف وقطعه مما قبله، ومثل ذلك في الكسر والاستئناف والإتباع لما قبله: لبّيك إن الحمد والنعمة لك، وأنّ الحمد... ). [الحجة للقراء السبعة: 5/306]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون}
قرأ حمزة والكسائيّ {أنهم هم الفائزون} بكسر الألف وقرأ الباقون بالفتح
والفتح على وجهين أحدهما أن يكون أنهم في موضع المفعول الثّاني لأن جزيت تتعدى إلى مفعولين قال الله جلّ الله وعز {وجزاهم بما صبروا جنّة وحريرًا} ويجعل {إنّهم} في موضع نصب على تأويل إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا الفوز يعني الجنّة وإن شئت لم تأت بالمفعول الثّاني في جزيت فكان معناه أثبتهم ولم تذكر ما أثبتهم ثمّ قلت لأنهم هم الفائزون بأعمالهم السّابقة
[حجة القراءات: 492]
قال محمّد بن يزيد التّفسير الأول أجود لأن الفوز هو الجزاء وليس بعلة للجزاء ومن كسر إن يقول إن الكلام متناه عند قوله {بما صبروا} ثمّ أخبر فقال {أنهم هم الفائزون} قال أبو عبيد هذا مدح من الله لهم). [حجة القراءات: 493]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (21- قوله: {أنهم هم} قرأه حمزة والكسائي بكسر الهمزة، على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/131]
الاستئناف، لأن الكلام تم عند قوله: {بما صبروا} ويكون الجزاء محذوفًا لم يذكر ما هو، والفعل عامل فيه في المعنى، وهو المفعول الثاني لـ «جزيت» وفتح الباقون على تقدير حذف اللام، أي: لأنهم، ويجوز أني عمل في {إن جزيتهم} مفعولًا ثانيًا، تقديره: إني جزيتهم الفوز، يكون «أن والفعل» مصدرًا، ويكون الجزاء مذكورًا، وهو الفوز، والفوز النجاة من النار، وهو المفعول لـ «جزيت»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/132]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {إنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [آية/ 111] بكسر الألف:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه على الاستئناف والقطع مما قبله.
وقرأ الباقون {أَنَّهُمْ} بفتح الألف.
والوجه أنه على إضمار اللام، والتقدير: جزيتهم لأنهم هم الفائزون.
ويجوز أن يكون {أَنَّهُمْ} وما بعده مفعولًا ثانيًا لجزيت، والمفعول الأول: هم من جزيتهم؛ لأن جزيت يتعدى إلى مفعولين، والتقدير: جزيتهم الفوز). [الموضح: 902]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس