عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 03:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري



تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) }
يخبر تعالى عمّا تشارط عليه فرعون والسّحرة الّذين استدعاهم لمعارضة موسى، -عليه السّلام-: إن غلبوا موسى ليثيبنّهم وليعطينّهم عطاءً جزيلًا. فوعدهم ومنّاهم أن يعطيهم ما أرادوا، ويجعلنّهم من جلسائه والمقرّبين عنده، فلمّا توثّقوا من فرعون لعنه الله: {قالوا يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 456]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين (115) قال ألقوا فلمّا ألقوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم وجاءوا بسحرٍ عظيمٍ (116)}
هذه مبارزةٌ من السّحرة لموسى، عليه السّلام، في قولهم: {إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين} أي: قبلك. كما قال في الآية الأخرى: {وإمّا أن نكون أوّل من ألقى} [طه: 65] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 456]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فقال لهم موسى، عليه السّلام: {ألقوا} أي: أنتم أوّلًا قبلي. والحكمة في هذا -واللّه أعلم -ليرى النّاس صنيعهم ويتأمّلوه، فإذا فرغ من بهرجهم ومحالهم، جاءهم الحقّ الواضح الجليّ بعد تطلّبٍ له والانتظار منهم لمجيئه، فيكون أوقع في النّفوس. وكذا كان. ولهذا قال تعالى: {فلمّا ألقوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم} أي: خيّلوا إلى الأبصار أنّ ما فعلوه له حقيقةٌ في الخارج، ولم يكن إلّا مجرّد صنعةٍ وخيالٍ، كما قال تعالى: {فإذا حبالهم وعصيّهم يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى * فأوجس في نفسه خيفةً موسى * قلنا لا تخف إنّك أنت الأعلى * وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنّما صنعوا كيد ساحرٍ ولا يفلح السّاحر حيث أتى} [طه: 66-69].
- قال سفيان بن عيينة: حدّثنا أبو سعيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: ألقوا حبالًا غلاظًا وخشبًا طوالًا. قال: فأقبلت يخيل إليه من سحرهم أنّها تسعى.
- وقال محمّد بن إسحاق: صفّ خمسة عشر ألف ساحرٍ، مع كلّ ساحرٍ حباله وعصيّه، وخرج موسى، عليه السّلام، معه أخوه يتّكئ على عصاه، حتّى أتى الجمع، وفرعون في مجلسه مع أشراف أهل مملكته، ثمّ قال السّحرة: {يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون أوّل من ألقى * قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيّهم} [طه: 65-66] فكان أوّل ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون، ثمّ أبصار النّاس بعد، ثمّ ألقى كلّ رجلٍ منهم ما في يده من الحبال والعصيّ فإذا حيّاتٌ كأمثال الجبال، قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضًا.
- وقال السّدّي: كانوا بضعةً وثلاثين ألف رجلٍ، ليس رجلٌ منهم إلّا ومعه حبلٌ وعصًا، {فلمّا ألقوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم} يقول: فرقوهم أي: من الفرق.
- وقال ابن جريرٍ: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا ابن عليّة، عن هشامٍ الدّستوائي، حدّثنا القاسم ابن أبي بزّة قال: جمع فرعون سبعين ألف ساحرٍ، فألقوا سبعين ألف حبلٍ، وسبعين ألف عصا، حتّى جعل يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى ؛ ولهذا قال تعالى: {وجاءوا بسحرٍ عظيمٍ}). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 456-457]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون (117) فوقع الحقّ وبطل ما كانوا يعملون (118) فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين (119) وألقي السّحرة ساجدين (120) قالوا آمنّا بربّ العالمين (121) ربّ موسى وهارون (122)}
يخبر تعالى أنّه أوحى إلى عبده ورسوله موسى، عليه السّلام، في ذلك الموقف العظيم، الّذي فرّق اللّه -تعالى- فيه بين الحقّ والباطل، يأمره بأن يلقي ما في يمينه وهي عصاه، {فإذا هي تلقف} أي: تأكل {ما يأفكون} أي: ما يلقونه ويوهمون أنّه حقٌّ، وهو باطلٌ.
- قال ابن عبّاسٍ: فجعلت لا تمرّ بشيءٍ من حبالهم ولا من خشبهم إلّا التقمته، فعرفت السّحرة أنّ هذا أمرٌ من السّماء، وليس هذا بسحرٍ، فخرّوا سجّدًا وقالوا: {آمنّا بربّ العالمين. ربّ موسى وهارون}
- وقال محمّد بن إسحاق: جعلت تبتلع تلك الحبال والعصيّ واحدةً، واحدةً حتّى ما يرى بالوادي قليلٌ ولا كثيرٌ ممّا ألقوا، ثمّ أخذها موسى فإذا هي عصًا في يده كما كانت، ووقع السّحرة سجّدًا {قالوا آمنّا بربّ العالمين. ربّ موسى وهارون} لو كان هذا ساحرًا ما غلبنا.
وقال القاسم بن أبي بزّة: أوحى اللّه إليه أن ألق عصاك، فألقى عصاه، فإذا هي ثعبانٌ فاغرٌ فاه، يبتلع حبالهم وعصيّهم. فألقي السّحرة عند ذلك سجّدًا، فما رفعوا رءوسهم حتّى رأوا الجنّة والنّار وثواب أهلهما). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 457-458]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون (123) لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ثمّ لأصلّبنّكم أجمعين (124) قالوا إنّا إلى ربّنا منقلبون (125) وما تنقم منّا إلا أن آمنّا بآيات ربّنا لمّا جاءتنا ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين (126)}
يخبر تعالى عمّا توعّد به فرعون، لعنه اللّه، السّحرة لمّا آمنوا بموسى، عليه السّلام، وما أظهره للنّاس من كيده ومكره في قوله: {إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها} أي: إنّ غلبه لكم في يومكم هذا إنّما كان عن تشاورٍ منكم ورضا منكم لذلك، كقوله في الآية الأخرى: {إنّه لكبيركم الّذي علّمكم السّحر} [طه: 70] وهو يعلم وكلّ من له لبٌّ أنّ هذا الّذي قاله من أبطل الباطل؛ فإنّ موسى، عليه السّلام، بمجرّد ما جاء من "مدين" دعا فرعون إلى اللّه، وأظهر المعجزات الباهرة والحجج القاطعة على صدق ما جاء به، فعند ذلك أرسل فرعون في مدائن ملكه ومعاملة سلطنته، فجمع سحرةً متفرّقين من سائر الأقاليم ببلاد مصر، ممّن اختار هو والملأ من قومه، وأحضرهم عنده ووعدهم بالعطاء الجزيل. وقد كانوا من أحرص النّاس على ذلك، وعلى الظّهور في مقامهم ذلك والتّقدّم عند فرعون، وموسى، عليه السّلام، لا يعرف أحدًا منهم ولا رآه ولا اجتمع به، وفرعون يعلم ذلك، وإنّما قال هذا تستّرًا وتدليسًا على رعاع دولته وجهلتهم، كما قال تعالى: {فاستخفّ قومه فأطاعوه} [الزّخرف: 54] فإنّ قومًا صدّقوه في قوله: {أنا ربّكم الأعلى} [النّازعات: 24] من أجهل خلق اللّه وأضلّهم.
وقال السّدّيّ في تفسيره بإسناده المشهور عن ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ وغيرهما من الصّحابة، في قوله تعالى: {إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة} قاوا: التقى موسى، عليه السّلام، وأمير السّحرة، فقال له موسى: أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي، وتشهد أنّ ما جئت به حقٌّ؟ قال السّاحر: لآتينّ غدًا بسحرٍ لا يغلبه سحرٌ، فوالله لئن غلبتني لأومنن بك ولأشهدنّ أنّك حقٌّ. وفرعون ينظر إليهما، قالوا: فلهذا قال ما قال.
وقوله: {لتخرجوا منها أهلها} أي: تجتمعوا أنتم وهو، وتكون لكم دولة وصولة، وتخرجوا منها الأكابر والرّؤساء، وتكون الدّولة والتّصرّف لكم، {فسوف تعلمون} أي: ما أصنع بكم). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 458-459]

تفسير قوله تعالى: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ فسّر هذا الوعيد بقوله: {لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ} يعني: يقطع يد الرّجل اليمنى ورجله اليسرى أو بالعكس. و {لأصلّبنّكم أجمعين} وقال في الآية الأخرى: {في جذوع النّخل} [طه: 71] أي: على الجذوع.
قال ابن عبّاسٍ: وكان أول من صلب، وأول من قطع الأيدي والأرجل من خلافٍ، فرعون). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 459]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقول السّحرة: {إنّا إلى ربّنا منقلبون} أي: قد تحقّقنا أنّا إليه راجعون، وعذابه أشدّ من عذابك، ونكاله ما تدعونا إليه، وما أكرهتنا عليه من السّحر، أعظم من نكالك، فلنصبرنّ اليوم على عذابك لنخلص من عذاب اللّه، لمّا قالوا: {ربّنا أفرغ علينا صبرًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 459]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ربّنا أفرغ علينا صبرًا} أي: عمّنا بالصّبر على دينك، والثّبات عليه، {وتوفّنا مسلمين} أي: متابعين لنبيّك موسى، عليه السّلام. وقالوا لفرعون: {فاقض ما أنت قاضٍ إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا * إنّا آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السّحر واللّه خيرٌ وأبقى * إنّه من يأت ربّه مجرمًا فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيا * ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات فأولئك لهم الدّرجات العلا} [طه: 72-75] فكانوا في أوّل النّهار سحرةً، فصاروا في آخره شهداء بررةً.
قال ابن عبّاسٍ، وعبيد بن عمير، وقتادة، وابن جريج: كانوا في أوّل النّهار سحرةً، وفي آخره شهداء). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 459]


رد مع اقتباس