عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:34 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يأتوك بكلّ ساحرٍ عليمٍ (112) وجاء السّحرة فرعون قالوا إنّ لنا لأجرًا إن كنّا نحن الغالبين}.
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه عن مشورة الملأ من قوم فرعون على فرعون، أن يرسل في المدائن حاشرين، يحشرون كلّ ساحرٍ عليمٍ. وفي الكلام محذوفٌ اكتفي بدلالة الظّاهر من إظهاره، وهو: فأرسل في المدائن حاشرين يحشرون السّحرة، فجاء السّحرة فرعون {قالوا إنّ لنا لأجرًا} يقول: إنّ لنا لثوابًا على غلبتنا موسى عندك، {إن كنّا} يا فرعون {نحن الغالبين}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: فأرسل في المدائن حاشرين، فحشر له كلّ ساحرٍ متعالمٍ فلمّا أتوا فرعون، قالوا: بم يعمل هذا السّاحر؟ قالوا: يعمل بالحيّات، قالوا: واللّه ما في الأرض قومٌ يعملون بالسّحر والحيّات والحبال والعصيّ أعلم منّا، فما أجرنا إن غلبنا؟ فقال لهم: أنتم قرابتي وحامتي، وأنا صانعٌ إليكم كلّ شيءٍ أحببتم.
- حدّثني عبد الكريم بن الهيثم، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال فرعون: لا نغالبه يعني موسى إلاّ بمن هو منه. فأعدّ علماء من بني إسرائيل، فبعث بهم إلى قريةٍ بمصر يقال لها الفرما، يعلّمونهم السّحر، كما يعلّم الصّبيان الكتاب في الكتّاب. قال: فعلّموهم سحرًا كثيرًا. قال: وواعد موسى فرعون موعدًا فلمّا كان في ذلك الموعد بعث فرعون، فجاء بهم وجاء بمعلّمهم معهم، فقال له: ماذا صنعت؟ قال: قد علّمتهم من السّحر سحرًا لا يطيقه سحر أهل الأرض، إلاّ أن يكون أمرًا من السّماء، فإنّه لا طاقة لهم به، فأمّا سحر أهل الأرض فإنّه لن يغلبهم فلمّا جاءت السّحرة قالوا لفرعون: {إنّ لنا لأجرًا إن كنّا نحن الغالبين} قال: {نعم وإنّكم لمن المقرّبين}.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فأرسل فرعون في المدائن حاشرين} فحشروا عليه السّحرة، فلمّا جاء السّحرة فرعون {قالوا إنّ لنا لأجرًا إن كنّا نحن الغالبين} يقول: عطيّةٌ تعطينا {إن كنّا نحن الغالبين قال نعم وإنّكم لمن المقرّبين}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين (111) يأتوك بكلّ ساحرٍ عليمٍ} أي: كاثره بالسّحرة لعلّك أن تجد في السّحرة من يأتي بمثل ما جاء به، وقد كان موسى وهارون خرجا من عنده حين أراهم من سلطانه، وبعث فرعون في مملكته، فلم يترك في سلطانه ساحرٌ إلاّ أتي به. فذكر لي واللّه أعلم أنّه جمع له خمسة عشر ألف ساحرٍ فلمّا اجتمعوا إليه أمرهم أمره، وقال لهم: قد جاءنا ساحرٌ ما رأينا مثله قطّ، وإنّكم إن غلبتموه أكرمتكم وفضّلتكم، وقرّبتكم على أهل مملكتي، قالوا: وإنّ لنا ذلك إن غلبناه؟ قال: نعم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، قال: السّحرة كانوا سبعين قال أبو جعفرٍ: أحسبه أنّه قال: ألفًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، عن ابن المنذر، قال: كان السّحرة ثمانين ألفًا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن خيثمة، عن أبي سودة، عن كعبٍ، قال: كان سحرة فرعون اثني عشر ألفًا). [جامع البيان: 10/ 352-355]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وجاء السّحرة فرعون قالوا إنّ لنا لأجرًا إن كنّا نحن الغالبين (113)}
قوله تعالى: {وجاء السحرة فرعون}
الوجه الأول:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ قال: السّحرة الّذين توفّاهم اللّه مسلمين ثمانين ألفًا.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جريرٌ، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن خيثمة، عن أبي سودة، عن كعبٍ قال: كانت سحرة فرعون اثنى عشر ألفًا.
الوجه الثّالث:
- ذكر، عن زكريّا بن يحيى الكسائيّ، ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن أبي سودة، عن كعبٍ قال: كانت سحرة فرعون تسعة عشر ألفًا.
والوجه الرّابع:
- ذكر، عن معاوية بن هشامٍ، عن سفيان، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن أبي ثمامة قال: سحرة فرعون سبعة عشر ألفًا.
والوجه الخامس:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: كان يعين السّحرة بضعةً وثلاثين ألفًا ليس منهم رجلٌ إلا ومعه حبلٌ أو عصًا.
قوله تعالى: {إنّ لنا لأجرًا إن كنّا نحن الغالبين}
- وحدّثنا عمّار بن خالدٍ الواسطيّ، ثنا محمّد بن الحسن، ويزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ فلمّا أبوا فرعون قالوا: بم يعمل هذا السّاحر. قالوا: عمله بالحيّات، قالوا: فلا واللّه ما في الأرض قومٌ يعملون بالسّحر بالحيّات والحبال والعصى الّذي نعمل فما أجرنا إن غلبنا، قال: فقال لهم: أنتم أقاربي وخاصّتي، وأنا صانعٌ إليكم كما أحببتم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1534-1535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: كانت السحرة سبعين رجلا أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء، وفي لفظ: كانوا سحرة في أول النهار وشهداء آخر النهار حين قتلوا.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال: كان سحرة فرعون اثني عشر ألفا.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق قال: جمع له خمسة عشر ألف ساحر.
- وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال: سحرة فرعون سبعة عشر ألفا، وفي لفظ: تسعة عشر ألفا.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال: كان السحرة بضعة وثلاثين ألفا ليس منهم رجل إلا معه حبل أو عصا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن القاسم بن أبي بزة قال: سحرة فرعون كانوا سبعين ألف ساحر فألقوا سبعين ألف حبل وسبعين ألف عصا حتى جعل موسى يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوحى الله إليه: يا موسى ألق عصاك، فألقى عصاه فإذا هي ثعبان فأغر فاه فابتلع حبالهم وعصيهم فألقى السحرة عند ذلك سجدا فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلها.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال: كانت السحرة الذين توفاهم الله مسلمين ثمانين ألفا.
- وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال: السحرة ثلاثمائة من قرم ثلاثمائة من العريش ويشكون في ثلاثمائة من الإسكندرية.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {قالوا إن لنا لأجرا} أي إن لنا لعطاء وفضيلة). [الدر المنثور: 6/ 496-496]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال نعم وإنّكم لمن المقرّبين (114) قالوا يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نّكون نحن الملقين}.
يقول جلّ ثناؤه: قال فرعون للسّحرة إذ قالوا له: إنّ لنا عندك ثوابًا إن نحن غلبنا موسى؟ قال: نعم، لكم ذلك، وإنّكم لممّن أقرّبه وأدنيه منّي). [جامع البيان: 10/ 355]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال نعم وإنّكم لمن المقرّبين (114) قالوا يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نّكون نحن الملقين}.
...
{قالوا يا موسى} يقول: قالت السّحرة لموسى: يا موسى اختر أن تلقي عصاك، أو نلقي نحن عصيّنا.
ولذلك أدخلت أن مع إمّا في الكلام لأنّها في موضع أمرٍ بالاختيار، فإنّ أن في موضع نصبٍ لما وصفت من المعنى؛ لأنّ معنى الكلام: اختر أن تلقي أنت، أو نلقي نحن، والكلام مع إمّا إذا كان على وجه الأمر، فلا بدّ من أن يكون فيه أن كقولك للرّجل إمّا أن تمضي، وإمّا أن تقعد، بمعنى الأمر: امض أو اقعد، فإذا كان على وجه الخبر لم يكن فيه أن، كقوله: {وآخرون مرجون لأمر اللّه إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم} وهذا هو الّذي يسمّى التّخيير، وكذلك كلّ ما كان على وجه الخبر، وإمّا في جميع ذلك مكسورةٌ). [جامع البيان: 10/ 355-356]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قالوا يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين (115) قال ألقوا فلمّا ألقوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم وجاءوا بسحرٍ عظيمٍ (116)}
قوله تعالى: {قالوا يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين}
- وبه، عن ابن عبّاسٍ قال: اليوم الّذي أظهر اللّه فيه موسى على السّحرة وفرعون هو يوم عاشورا، فلمّا اجتمعوا في صعيدٍ قال النّاس بعضهم لبعضٍ: انطلقوا فلنحضر هذا الأمر، ونتّبع السّحرة إن كانوا هم الغالبين يعني بذلك موسى وهارون -صلّى اللّه عليهما وسلّم- استهزاءً بهما، قالوا يا موسى لقدرتهم بسحرهم: إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين، قال: ألقوا،... فألقوا حبالهم وعصيّهم وقالوا: بعزّة فرعون إنّا لنحن الغالبون، فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفةً، فأوحى اللّه -عزّ وجلّ- إليه أن ألق العصا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1535]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... {استرهبوهم}: «من الرّهبة» ). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {استرهبوهم} من الرّهبة قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {واسترهبوهم} هو من الرّهبة أي خوّفوهم). [فتح الباري: 8/ 300]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({استرهبوهم} من الرّهبة، أشار به إلى قوله تعالى: {فلمّا القوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم} [الأعراف: 146] وقال: استرهبوهم من الرهبة. أي: الخوف، والمعنى: أن سحرة فرعون سحروا أعين النّاس أي خيلوا إلى الأبصار أن ما فعلوه له حقيقة في الخارج، واسترهبوا النّاس بذلك وخوفوهم وخاف موسى عليه السّلام أيضا من ذلك). [عمدة القاري: 18/ 234]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: {استرهبوهم} من الرهبة وهي الخوف). [إرشاد الساري: 7/ 125]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال ألقوا فلمّا ألقوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم وجاءوا بسحرٍ عظيمٍ}.
يقول تعالى ذكره: قال موسى للسّحرة: {ألقوا} ما أنتم ملقون، فألقت السّحرة ما معهم. {فلمّا ألقوا} ذلك {سحروا أعين النّاس} خيّلوا إلى أعين النّاس بما أحدثوا من التّخييل والخدع أنّها تسعى. {واسترهبوهم} يقول: واسترهبوا النّاس بما سحروا في أعينهم، حتّى خافوا من العصيّ والحبال، ظنًّا منهم أنّها حيّاتٌ. {وجاءوا} كما قال اللّه {بسحرٍ عظيمٍ} بتخييلٍ عظيمٍ كثيرٍ، من التّخييل والخداع.
- وذلك كالّذي حدّثنا موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: قال لهم موسى: ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيّهم، وكانوا بضعةً وثلاثين ألف رجلٍ، ليس منهم رجلٌ إلاّ معه حبلٌ وعصًا. {فلمّا ألقوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم} يقول: فرّقوهم فأوجس في نفسه خيفةً موسى.
- حدّثني عبد الكريم، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: ألقوا حبالاً غلاظًا وخشبًا طوالاً، قال: فأقبلت تخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: صفّ خمسة عشر ألف ساحرٍ، مع كلّ ساحرٍ حباله وعصيّه، وخرج موسى معه أخوه يتّكئ على عصاه حتّى أتى الجمع وفرعون في مجلسه مع أشراف مملكته، ثمّ قالت السّحرة: {يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون أوّل من ألقى قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيّهم} فكان أوّل ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون، ثمّ أبصار النّاس بعد، ثمّ ألقى كلّ رجلٍ منهم ما في يده من العصيّ والحبال، فإذا هي حيّاتٌ كأمثال الجبال، قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضًا. {فأوجس في نفسه خيفةً موسى} وقال: واللّه إن كانت لعصيًّا في أيديهم، ولقد عادت حيّاتٍ، وما تعدو هذا أو كما حدّث نفسه.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن هشامٍ الدّستوائيّ، قال: حدّثنا القاسم بن أبي بزّة، قال: جمع فرعون سبعين ألف ساحرٍ، وألقوا سبعين ألف حبلٍ وسبعين ألف عصًا، حتّى جعل يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى). [جامع البيان: 10/ 356-358]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قالوا يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين (115) قال ألقوا فلمّا ألقوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم وجاءوا بسحرٍ عظيمٍ (116)}
قوله تعالى: {قالوا يا موسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين}
- وبه، عن ابن عبّاسٍ قال: اليوم الّذي أظهر اللّه فيه موسى على السّحرة وفرعون هو يوم عاشورا، فلمّا اجتمعوا في صعيدٍ قال النّاس بعضهم لبعضٍ: انطلقوا فلنحضر هذا الأمر، ونتّبع السّحرة إن كانوا هم الغالبين يعني بذلك موسى وهارون -صلّى اللّه عليهما وسلّم- استهزاءً بهما، قالوا يا موسى لقدرتهم بسحرهم: إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين، قال: ألقوا،... فألقوا حبالهم وعصيّهم وقالوا: بعزّة فرعون إنّا لنحن الغالبون، فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفةً، فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه أن ألق العصا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1535] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فلما ألقوا} قال: ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا فأقبلت تخيل إليه من سحرهم أنها تسعى). [الدر المنثور: 6/ 498]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)}

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك} فألقى عصاه فتحولت حية فأكلت سحرهم كله). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 234]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... (تلقّف) : «تلقم» ). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {تلقّف} تلقم تقدّم في أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/ 300]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال الله عز وجل: {لا تخف إنّك أنت الأعلى والق ما في يمينك تلقف ما صنعوا} [طه: 68، 69] القصّة بتمامها في التّفسير.
أشار به إلى قوله تعالى: {فإذا هي تلقف ما يأفكون} وفسّر لفظ تلقف، بلفظ تلقم أي: تأكل ما يأفكون أي: ما يلقونه ويوهمون أنه حق وهو باطل). [عمدة القاري: 18/ 234-235]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: {فإذا هي} {تلقف} أي (تلقم) تأكل ما يلقوله ويوهمون أنه حق). [إرشاد الساري: 7/ 125]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون}.
يقول تعالى ذكره: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك، فألقاها فإذا هي تلقم وتبتلع ما يسحرون كذبًا وباطلاً، يقال منه: لقفت الشّيء فأنا ألقفه لقفًا ولقفانًا.
- وذلك كالّذي حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك}، فألقى موسى عصاه، فتحوّلت حيّةً، فأكلت سحرهم كلّه.
- حدّثنا عبد الكريم بن الهيثم، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: فألقى عصاه فإذا هي حيّةٌ تلقف ما يأفكون، لا تمرّ بشيءٍ من حبالهم وخشبهم الّتي ألقوها إلاّ التقمته، فعرفت السّحرة أنّ هذا أمرٌ من السّماء، وليس هذا بسحرٍ، فخرّوا سجّدًا وقالوا: {آمنّا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون}.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: أوحى اللّه إلى موسى: لا تخف، وألق ما في يمينك تلقف ما يأفكون. فألقى عصاه فأكلت كلّ حيّةٍ لهم، فلمّا رأوا ذلك سجدوا، وقالوا: {آمنّا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أوحى اللّه إليه أن ألق ما في يمينك، فألقى عصاه من يده، فاستعرضت ما ألقوا من حبالهم وعصيّهم، وهي حيّاتٌ، في عين فرعون وأعين النّاس تسعى فجعلت تلقفها: تبتلعها حيّةً حيّةً، حتّى ما يرى بالوادي قليلٌ ولا كثيرٌ ممّا ألقوه. ثمّ أخذها موسى فإذا هي عصاه في يده كما كانت، ووقع السّحرة سجّدًا، قالوا: {آمنّا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون} لو كان هذا سحرًا ما غلبنا.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن هشامٍ الدّستوائيّ، قال: حدّثنا القاسم بن أبي بزّة، قال: أوحى اللّه إليه أن ألق عصاك، فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ فاغرٌ فاه، فابتلع حبالهم وعصيّهم، فألقي السّحرة عند ذلك سجّدًا. فما رفعوا رءوسهم حتّى رأوا الجنّة والنّار وثواب أهلها.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {يأفكون} قال: يكذبون.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا حسينٌ قال: حدّثني حجّاجٌ عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ: {فإذا هي تلقف ما يأفكون} قال: يكذبون.
- حدّثنا إبراهيم بن المستمرّ، قال: حدّثنا عثمان بن عمر، قال: حدّثنا قرّة بن خالدٍ السّدوسيّ، عن الحسن: {تلقف ما يأفكون} قال: حبالهم وعصيّهم تسترطها استراطًا). [جامع البيان: 10/ 358-360]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون (117)}
قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك}:
- وبه، عن ابن عبّاسٍ قوله: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك قال: فأوحى اللّه إليه أن ألق العصا، فلمّا ألقاها صارت ثعبانًا عظيمًا فاغرةً فاها.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا جريرٌ، عن يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: وعصى موسى اسمها ماسًا، وهي مع يوشع بن نونٍ.
قوله تعالى: {فإذا هي تلقف}:
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ الواسطيّ، ثنا محمّد بن الحسن ويزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فجعلت العصا بدعوة موسى تلتبس بالحبال، فصارت جرزًا إلى الثّعبان حتّى تدخل فيه حتّى ما بقيت عصًا ولا حبلٌ إلا ابتلعته.
- ذكر، عن وهب بن جريرٍ، عن قرّة بن خالدٍ، عن الحسن: {فإذا هي تلقف ما يأفكون} قال: يشترط حبالهم وعصيّهم.
قوله تعالى: {ما يأفكون}
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {يأفكون}: يكذبون). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1535-1536]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال حدثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {فإذا هي تلقف ما يأفكون} قال: يعني يكذبون).[تفسير مجاهد: 242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك} قال: أوحى الله إلى موسى أن ألق ما في يمينك فألقى عصاه فأكلت كل حية فلما رأوا ذلك سجدوا.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك} فألقى عصاه فتحولت حية فأكلت سحرهم كله وعصيهم وحبالهم.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {تلقف ما يأفكون} قال: يكذبون.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {تلقف ما يأفكون} قال: تسترط حبالهم وعصيهم.
- وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أن السحرة قالوا حين اجتمعوا، إن يك ما جاء به سحرا فلن يغلب وإن يك من الله فسترون، فلما ألقى عصاه أكلت ما أفكوا من سحرهم وعادت كما كانت علموا أنه من الله فألقوا عند ذلك ساجدين قالوا: آمنا برب العالمين.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: التقى موسى وأمير السحرة فقال له موسى: أريتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق قال الساحر: لآتين غدا بسحر لا يغلبه سحر فو الله لئن غلبتني لأومنن بك ولأشهدن أنك حق وفرعون ينظر إليهم وهو قول فرعون: إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة إذ التقيتما لتظاهر أفتخرجا منها أهلها). [الدر المنثور: 6/ 498-500]

تفسير قوله تعالى: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فوقع الحقّ وبطل ما كانوا يعملون}.
يقول تعالى ذكره: فظهر الحقّ وتبيّن لمن شهده وحضره في أمر موسى، وأنّه للّه رسولٌ يدعو إلى الحقّ {وبطل ما كانوا يعملون} من إفك السّحر وكذبه ومخايله.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فوقع الحقّ} قال: ظهر.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن أبيه، عن مجاهدٍ، في قوله: {فوقع الحقّ وبطل ما كانوا يعملون} قال: ظهر الحقّ وذهب الإفك الّذي كانوا يعملون.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فوقع الحقّ} قال: ظهر الحقّ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فوقع الحقّ} ظهر موسى). [جامع البيان: 10/ 360-361]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فوقع الحقّ وبطل ما كانوا يعملون (118)}
قوله تعالى: {فوقع الحقّ}؛
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ، ثنا محمّد بن الحسن، ويزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ يعني: قوله: {فوقع الحقّ}؛ قال: ظهر الحقّ. وروي، عن مجاهدٍ نحو ذلك.
قوله تعالى: {وبطل ما كانوا يعملون}؛
- وبه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وبطل ما كانوا يعملون} فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين فكسر اللّه ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1536]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: {فوقع الحق} يعني ظهر الحق). [تفسير مجاهد: 242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {فوقع الحق} قال: ظهر، {وبطل ما كانوا يعملون} قال: ذهب الإفك الذي كانوا يعملون). [الدر المنثور: 6/ 500]

تفسير قوله تعالى: {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين}.
يقول تعالى ذكره: فغلب موسى فرعون وجموعه {هنالك} عند ذلك. {وانقلبوا صاغرين} يقول: وانصرفوا عن موطنهم ذلك بصغرٍ مقهورين.
يقال منه: صغر الرّجل يصغر صغرًا وصغرًا وصغارًا). [جامع البيان: 10/ 361]

تفسير قوله تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وألقي السّحرة ساجدين (120) قالوا آمنّا بربّ العالمين (121) ربّ موسى وهارون}.
يقول تعالى ذكره: وألقي السّحرة عندما عاينوا من عظيم قدرة اللّه، ساقطين على وجوههم سجّدًا لربّهم. يقولون: {آمنّا بربّ العالمين}، يقولون: صدّقنا بما جاءنا به موسى. وأنّ الّذي علينا عبادته هو الّذي يملك الجنّ والإنس وجميع الأشياء، وغير ذلك، ويدبّر ذلك كلّه، ربّ موسى وهارون، لا فرعون.
- كالّذي حدّثني عبد الكريم، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا رأت السّحرة ما رأت، عرفت أنّ ذلك أمرٌ من السّماء وليس بسحرٍ، خرّوا سجّدًا، وقالوا: آمنّا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون). [جامع البيان: 10/ 361-362]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وألقي السّحرة ساجدين (120)}
قوله تعالى: {وألقي السّحرة ساجدين}
- ذكر عن سعيد بن سلامٍ، ثنا إسماعيل بن عبد اللّه بن سلمان، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ وألقي السّحرة ساجدين قال: رأوا منازلهم تبنى لهم وهم في سجودهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وألقي السحرة ساجدين}، قال: رأوا منازلهم تبنى لهم وهم في سجودهم.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال: لما خر السحرة سجدا رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها). [الدر المنثور: 6/ 500]


تفسير قوله تعالى: {قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى: {آمنا برب العالمين} قال كانوا سحرة في أول النهار وشهداء في آخر النهار يعني حين قتلوا). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 234]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وألقي السّحرة ساجدين (120) قالوا آمنّا بربّ العالمين (121) ربّ موسى وهارون}.
يقول تعالى ذكره: وألقي السّحرة عندما عاينوا من عظيم قدرة اللّه، ساقطين على وجوههم سجّدًا لربّهم. يقولون: {آمنّا بربّ العالمين}، يقولون: صدّقنا بما جاءنا به موسى. وأنّ الّذي علينا عبادته هو الّذي يملك الجنّ والإنس وجميع الأشياء، وغير ذلك، ويدبّر ذلك كلّه، ربّ موسى وهارون، لا فرعون.
- كالّذي حدّثني عبد الكريم، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا رأت السّحرة ما رأت، عرفت أنّ ذلك أمرٌ من السّماء وليس بسحرٍ، خرّوا سجّدًا، وقالوا: آمنّا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون). [جامع البيان: 10/ 361-362] (م)
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قالوا آمنّا بربّ العالمين (121) ربّ موسى وهارون (122)}
قوله تعالى: {آمنّا بربّ العالمين (121) ربّ موسى وهارون}
- حدّثنا عمّارٌ، ثنا محمّدٌ وزيدٌ، عن أصبغ، عن القاسم، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: فلمّا عرفت السّحرة ذلك، قالوا: لو كان هذا سحرًا لم يبلغ من سحرنا كلّ هذا ولكن هذا أمرٌ من اللّه، آمنّا باللّه وبما جاء به موسى، ونتوب إلى اللّه ممّا كنّا عليه.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن رجلٍ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {آمنّا بربّ العالمين} قال: كانوا سحرةً في أوّل النّهار وشهداء آخر النّهار، يعني حين قتلوا.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن سعيدٍ الجوهريّ، ثنا أبو أسامة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: كان فرعون فارسيًّا من أهل اصطخر). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1537]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وألقي السّحرة ساجدين (120) قالوا آمنّا بربّ العالمين (121) ربّ موسى وهارون}.
يقول تعالى ذكره: وألقي السّحرة عندما عاينوا من عظيم قدرة اللّه، ساقطين على وجوههم سجّدًا لربّهم. يقولون: {آمنّا بربّ العالمين}، يقولون: صدّقنا بما جاءنا به موسى. وأنّ الّذي علينا عبادته هو الّذي يملك الجنّ والإنس وجميع الأشياء، وغير ذلك، ويدبّر ذلك كلّه، ربّ موسى وهارون، لا فرعون.
- كالّذي حدّثني عبد الكريم، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا رأت السّحرة ما رأت، عرفت أنّ ذلك أمرٌ من السّماء وليس بسحرٍ، خرّوا سجّدًا، وقالوا: {آمنّا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون}). [جامع البيان: 10/ 361-362] (م)
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قالوا آمنّا بربّ العالمين (121) ربّ موسى وهارون (122)}
قوله تعالى: {آمنّا بربّ العالمين (121) ربّ موسى وهارون}
- حدّثنا عمّارٌ، ثنا محمّدٌ وزيدٌ، عن أصبغ، عن القاسم، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: فلمّا عرفت السّحرة ذلك، قالوا: لو كان هذا سحرًا لم يبلغ من سحرنا كلّ هذا ولكن هذا أمرٌ من اللّه، آمنّا باللّه وبما جاء به موسى، ونتوب إلى اللّه ممّا كنّا عليه.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن رجلٍ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {آمنّا بربّ العالمين} قال: كانوا سحرةً في أوّل النّهار وشهداء آخر النّهار، يعني حين قتلوا.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن سعيدٍ الجوهريّ، ثنا أبو أسامة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: كان فرعون فارسيًّا من أهل اصطخر). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1537] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون}.
يقول تعالى ذكره: {قال فرعون} للسّحرة إذ آمنوا باللّه، يعني صدّقوا رسوله موسى عليه السّلام لمّا عاينوا من عظيم قدرة اللّه وسلطانه: {آمنتم} يقول: أصدّقتم بموسى وأقررتم بنبوّته، {قبل أن آذن لكم} بالإيمان به. {إنّ هذا} يقول: تصديقكم إيّاه، وإقراركم بنبوّته، {لمكرٌ مكرتموه في المدينة} يقول لخدعةٌ خدعتم بها من في مدينتنا لتخرجوهم منها. {فسوف تعلمون} ما أفعل بكم، وتلقون من عقابي إيّاكم على صنيعهم هذا.
وكان مكرهم ذلك فيما:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في حديثٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: التقى موسى وأمير السّحرة، فقال له موسى: أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أنّ ما جئت به حقٌّ؟ قال السّاحر: لآتينّ غدًا بسحرٍ لا يغلبه سحرٌ، فواللّه لئن غلبتني لأومننّ بك ولأشهدنّ أنّك حقٌّ، وفرعون ينظر إليهم فهو قول فرعون: {إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة} إذ التقيتما لتظاهرا فتخرجا منها أهلها). [جامع البيان: 10/ 362]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون (123)}
قوله تعالى: {إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ قال فرعون:{ ... إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة} إذ التقيتما لتتظاهرا فتخرجا منها أهلها). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة} إذ التقيتما لتظاهر أفتخرجا منها أهلها {لأقطعن أيديكم} الآية، قال: قتلهم وقطعهم كما قال.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحاق قال: كان من رؤوس السحرة الذين جمع فرعون لموسى فيما بلغني سابور وعاذور وحطحط ومصفى، أربعة هم الذين آمنوا حين رأوا ما رأوا من سلطان الله فآمنت معهم السحرة جميعا.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان أول من صلب فرعون وهو أول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: لما ألقوا ما في أيديهم من السحر ألقى موسى عصاه فإذا هي ثعبان مبين فتحت فما لها مثل الرحى فوضعت مشفرها على الأرض ورفعت المشفر الآخر فاستوعبت كل شيء ألقوه من حبالهم وعصيهم ثم جاء إليها فأخذها فصارت عصا كما كانت فخرت بنو إسرائيل سجدا وقالوا: آمنا برب موسى وهارون قال: {آمنتم له قبل أن آذن لكم} الآية، قال: فكان أول من قطع من خلاف وأول من صلب في الأرض فرعون). [الدر المنثور: 6/ 500-501]

تفسير قوله تعالى: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ثمّ لأصلّبنّكم أجمعين}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل فرعون للسّحرة إذ آمنوا باللّه وصدّقوا رسوله موسى: {لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ} وذلك أن يقطع من أحدهم يده اليمنى ورجله اليسرى، أو يقطع يده اليسرى ورجله اليمنى، فيخالف بين العضوين في القطع، فمخالفته في ذلك بينهما هو القطع من خلافٍ. ويقال: إنّ أوّل من سنّ هذا القطع فرعون. {ثمّ لأصلّبنّكم أجمعين} وإنّما قال هذا فرعون، لمّا رأى من خذلان اللّه إيّاه وغلبة موسى عليه السّلام وقهره له.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو داود الحفريّ، وحبّويه الرّازيّ، عن يعقوب القمّيّ، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ثمّ لأصلّبنّكم أجمعين} قال: أوّل من صلب وأوّل من قطع الأيدي والأرجل من خلافٍ فرعون). [جامع البيان: 10/ 363]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ثمّ لأصلّبنّكم أجمعين (124)}
قوله تعالى: {لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ}
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ يوسف بن واقدٍ، ثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ثمّ لأصلّبنّكم وكان أوّل من قطع الأيدي والأرجل وصلب فرعون.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ} فقتلهم وقطّعهم كما قال). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة} إذ التقيتما لتظاهر أفتخرجا منها أهلها {لأقطعن أيديكم} الآية، قال: قتلهم وقطعهم كما قال). [الدر المنثور: 6/ 500] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة: {لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف} قال: يدا من ههنا ورجلا من ههنا.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أنهم كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء). [الدر المنثور: 6/ 502]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا إنّا إلى ربّنا منقلبون (125) وما تنقم منّا إلاّ أن آمنّا بآيات ربّنا لمّا جاءتنا ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين}.
يقول تعالى ذكره: قال السّحرة مجيبةٌ لفرعون، إذ توعّدهم بقطع الأيدي والأرجل من خلافٍ، والصّلب: {إنّا إلى ربّنا منقلبون} يعني بالانقلاب إلى اللّه الرّجوع إليه والمصير). [جامع البيان: 10/ 363]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قالوا إنّا إلى ربّنا منقلبون (125)}
قوله تعالى: {قالوا إنّا إلى ربّنا منقلبون}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: {إنّا إلى ربّنا منقلبون} يعني إنّا إلى ربّنا راجعون). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1537]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وما تنقم منّا إلاّ أن آمنّا بآيات ربّنا} يقول: ما تنكر منّا يا فرعون وما تجد علينا، إلاّ من أجل أن آمنّا: أي: صدّقنا بآيات ربّنا، يقول: بحجج ربّنا وأعلامه وأدلّته الّتي لا يقدر على مثلها أنت، ولا أحدٌ سوى اللّه، الّذي له ملك السّموات والأرض. ثمّ فزعوا إلى اللّه، بمسألته الصّبر على عذاب فرعون، وقبض أرواحهم على الإسلام، فقالوا: {ربّنا أفرغ علينا صبرًا} يعنون بقولهم: أفرغ: أنزل علينا حبسًا يحبسنا عن الكفر بك عند تعذيب فرعون إيّانا. {وتوفّنا مسلمين} يقول: واقبضنا إليك على الإسلام، دين خليلك إبراهيم -صلّى اللّه عليه وسلّم-، لا على الشّرك بك.
- كما حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ} فقتلهم وصلبهم، كما قال عبد اللّه بن عبّاسٍ حين قالوا: {ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين} قال: كانوا في أوّل النّهار سحرةً، وفى آخر النّهار شهداء.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن عبيد بن عميرٍ، قال: كانت السّحرة أوّل النّهار سحرةً، وآخر النّهار شهداء.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وألقي السّحرة ساجدين} قال: ذكر لنا أنّهم كانوا في أوّل النّهار سحرةً، وآخره شهداء.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين} قال: كانوا أوّل النّهار سحرةً، وآخره شهداء). [جامع البيان: 10/ 364-365]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وما تنقم منّا إلّا أن آمنّا بآيات ربّنا لمّا جاءتنا ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين (126)}
قوله تعالى: {ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: قال عبد اللّه بن عبّاسٍ: حين قالوا: {ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين} قال: فكانوا في أوّل النّهار سحرةً، وفي آخر النّهار شهداء). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1538]


رد مع اقتباس