عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 07:20 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى ادخلوا في السلم كافة قال ادخلوا في الإسلام جميعا ولا تتبعوا خطوات الشيطان يقول خطاياه). [تفسير عبد الرزاق: 1/82]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّةً ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ}.
اختلف أهل التّأويل في معنى السّلم في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: الإسلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {ادخلوا في السّلم} قال: ادخلوا في الإسلام.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله: {ادخلوا في السّلم} قال: ادخلوا في الإسلام.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {ادخلوا في السّلم كافّةً} قال: السّلم: الإسلام.
[جامع البيان: 3/595]
- حدّثني موسى بن هارون، قال: أخبرنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ادخلوا في السّلم} يقول: في الإسلام.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن النّضر بن عربيٍّ، عن مجاهدٍ: ادخلوا في الإسلام.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ادخلوا في السّلم} قال: السّلم: الإسلام.
- حدّثت عن الحسين بن فرجٍ، قال: سمعت أبا معاذٍ الفضل بن خالدٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: {ادخلوا في السّلم} في الإسلام.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ادخلوا في الطّاعة.
ذكر من قال ذلك
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {ادخلوا في السّلم} يقول: ادخلوا في الطّاعة.
وقد اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء أهل الحجاز: (ادخلوا في السّلم) بفتح السّين. وقرأته عامّة قرّاء الكوفيّين بكسر السّين.
[جامع البيان: 3/596]
فأمّا الّذين فتحوا السّين من السّلم، فإنّهم وجّهوا تأويلها إلى المسالمة، بمعنى: ادخلوا في الصّلح والمسالمة وترك الحرب وإعطاء الجزية. وأمّا الّذين قرءوا ذلك بالكسر من السّين فإنّهم مختلفون في تأويله؛ فمنهم من يوجّهه إلى الإسلام، بمعنى ادخلوا في الإسلام كافّةً، ومنهم من يوجّهه إلى الصّلح، بمعنى: ادخلوا في الصّلح، ويستشهد على أنّ السّين تكسر، وهي بمعنى الصّلح بقول زهير ابن أبي سلمى:
وقد قلتما إن ندرك السّلم واسعًا = بمالٍ ومعروفٍ من الأمر نسلم
وأولى التّأويلات بقوله: {ادخلوا في السّلم} قول من قال: معناه: ادخلوا في الإسلام كافّةً.
وأمّا الّذي هو أولى القراءتين بالصّواب في قراءة ذلك، فقراءة من قرأ بكسر السّين؛ لأنّ ذلك إذا قرئ كذلك وإن كان قد يحتمل معنى الصّلح، فإنّ معنى الإسلام: ودوام الأمر الصّالح عند العرب أغلب عليه من الصّلح، والمسالمة، وينشد بيت أخي كندة:
دعوت عشيرتي للسّلم لمّا = رأيتهم تولّوا مدبرينا
بكسر السّين، بمعنى: دعوتهم للإسلام لمّا ارتدّوا، وكان ذلك حين ارتدّت كندة مع الأشعث بعد وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
[جامع البيان: 3/597]
وقد كان أبو عمرو بن العلاء، يقرأ سائر ما في القرآن من ذكر (السّلم) بالفتح سوى هذه الّتي في سورة البقرة، فإنّه كان يخصّها بكسر سينها توجيهًا منه لمعناها إلى الإسلام دون ما سواها.
وإنّما اخترنا ما اخترنا من التّأويل في قوله: {ادخلوا في السّلم} وصرفنا معناه إلى الإسلام، لأنّ الآية مخاطبٌ بها المؤمنون، فلن يعدو الخطاب إذ كان خطابًا للمؤمنين من أحد أمرين، إمّا أن يكون خطابًا للمؤمنين بمحمّدٍ المصدّقين به وبما جاء به، فإن يكن ذلك كذلك، فلا معنى أن يقال لهم وهم أهل الإيمان: ادخلوا في صلح المؤمنين، ومسالمتهم، لأنّ المسالمة، والمصالحة إنّما يؤمر بها من كان حربًا بترك الحرب. فأمّا الموالي فلا يجوز أن يقال له: صالح فلانًا، ولا حرب بينهما، ولا عداوة. أو يكون خطابًا لأهل الإيمان بمن قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من الأنبياء المصدّقين بهم، وبما جاءوا به من عند اللّه المنكرين محمّدًا، ونبوّته، فقيل لهم: ادخلوا في السّلم؛ يعني به الإسلام لا الصّلح. لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما أمر عباده بالإيمان به وبنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وما جاء به، وإلى ذلك دعاهم دون المسالمة، والمصالحة؛ بل نهى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم في بعض الأحوال عن دعاء أهل الكفر إلى السلم، فقال: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السّلم وأنتم الأعلون واللّه معكم} وإنّما أباح له فصلّى اللّه عليه وسلّم في بعض الأحوال إذا دعوه إلى الصّلح ابتداء المصالحة، فقال له جلّ ثناؤه: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها} فأمّا دعاؤهم إلى الصّلح ابتداءً فغير موجودٍ في القرآن، فيجوز توجيه قوله: {ادخلوا في السّلم} إلى ذلك.
[جامع البيان: 3/598]
فإن قال لنا قائلٌ: فأيّ هذين الفريقين دعي إلى الإسلام كافّةً؟
قيل قد اختلف في ذلك، فقال بعضهم: دعي إليه المؤمنون بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وما جاء به.
وقال آخرون: قيل: دعي إليه المؤمنون بمن قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من الأنبياء المكذّبون بمحمّدٍ.
فإن قال: فما وجه دعاء المؤمنين بمحمّدٍ وبما جاء به إلى الإسلام؟
قيل: وجه دعائه إلى ذلك الأمر له بالعمل بجميع شرائعه، وإقامة جميع أحكامه، وحدوده، دون تضييع بعضه والعمل ببعضه. وإذا كان ذلك معناه، كان قوله {كافّةً} من صفة السّلم، ويكون تأويله: ادخلوا في العمل بجميع معاني السّلم، ولا تضيّعوا شيئًا منه يا أهل الإيمان بمحمّدٍ وما جاء به.
وبنحو هذا المعنى كان يقول عكرمة في تأويل ذلك.
[جامع البيان: 3/599]
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، قوله: {ادخلوا في السّلم كافّةً} قال: نزلت في ثعلبة، وعبد اللّه بن سلاّمٍ، وابن يامين، وأسدٍ، وأسيدٍ ابني كعبٍ، وسمية بن عمرٍو، وقيس بن زيدٍ، كلّهم من يهود، قالوا: يا رسول اللّه، يوم السّبت يوم كنّا نعظّمه فدعنا فلنسبت فيه، وإنّ التّوراة كتاب اللّه، فدعنا فلنقم بها باللّيل فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّةً ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان}.
فقد صرّح عكرمة، بمعنى ما قلنا في ذلك من أنّ تأويل ذلك دعاءٌ للمؤمنين إلى رفض جميع المعاني الّتي ليست من حكم الإسلام، والعمل بجميع شرائع الإسلام، والنّهي عن تضييع شيءٍ من حدوده.
وقال آخرون: بل الفريق الّذي دعي إلى السّلم فقيل لهم ادخلوا فيه بهذه الآية هم أهل الكتاب، أمروا بالدّخول في الإسلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال. قال ابن عبّاسٍ في قوله: {ادخلوا في السّلم كافّةً} يعني أهل الكتاب.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ الفضل بن خالدٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قول اللّه عزّ وجلّ: {ادخلوا في السّلم كافّةً} قال: يعني أهل الكتاب.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال إنّ اللّه جلّ ثناؤه أمر الّذين آمنوا بالدّخول في العمل بشرائع الإسلام كلّها،
[جامع البيان: 3/600]
وقد يدخل في الّذين آمنوا المصدّقون بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وبما جاء به، والمصدّقون بمن قبله من الأنبياء، والرّسل، وما جاءوا به، وقد دعا اللّه عزّ وجلّ كلا الفريقين إلى العمل بشرائع الإسلام، وحدوده، والمحافظة على فرائضه الّتي فرضها، ونهاهم عن تضييع شيءٍ من ذلك، فالآية عامّةٌ لكلّ من شمله اسم الإيمان، فلا وجه لخصوص بعضٍ بها دون بعضٍ.
وبمثل التّأويل الّذي قلنا في ذلك كان مجاهدٌ، يقول.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {ادخلوا في السّلم كافّةً} قال: ادخلوا في الإسلام كافّةً، ادخلوا في الأعمال كافّةً). [جامع البيان: 3/601]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كافّةً}.
يعني جلّ ثناؤه {كافّةً} عامّةً جميعًا.
- كما حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله: {في السّلم كافّةً} قال: جميعًا.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {في السّلم كافّةً} قال: جميعًا.
[جامع البيان: 3/601]
- وحدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، {في السّلم كافّةً} قال: جميعًا وعن أبيه، عن قتادة، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيع بن الجرّاح، عن النّضر، عن مجاهدٍ، ادخلوا في الإسلام جميعًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: {كافّةً} جميعًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {كافّةً} جميعًا، وقرأ. {وقاتلوا المشركين كافّةً كما يقاتلوكم كافّةً} جميعًا.
- حدّثت عن الحسين، قال. سمعت أبا معاذٍ الفضل بن خالدٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ادخلوا في السّلم كافّةً} قال: جميعًا). [جامع البيان: 3/602]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى. {ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ}.
يعني جلّ ثناؤه. بذلك: اعملوا أيّها المؤمنون بشرائع الإسلام كلّها، وادخلوا في التّصديق به قولاً، وعملاً، ودعوا طرائق الشّيطان، وآثاره أن تتّبعوها فإنّه لكم عدوٌّ مبينٌ لكم عداوته.
[جامع البيان: 3/602]
وطريق الشّيطان الّذي نهاهم أن يتّبعوه هو ما خالف حكم الإسلام، وشرائعه، ومنه تسبيت السّبت وسائر سنن أهل الملل الّتي تخالف ملّة الإسلام. وقد بيّنت معنى الخطوات بالأدلّة الشّاهدة على صحّته فيما مضى، فكرهت إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 3/603]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها الّذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّةً ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ (208)
قوله: يا أيّها الذين آمنوا
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن الصّبّاح بن أبي سريجٍ، أخبرني الهيثم بن يمانٍ، ثنا إسماعيل بن زكريّا، حدّثني محمّد بن عونٍ، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ، قوله: يا أيّها الّذين آمنوا ادخلوا في السلم كآفة كذا قرأها بالنصب،
[تفسير القرآن العظيم: 2/369]
يعني: مؤمني أهل الكتاب، فإنّهم كانوا مع الإيمان باللّه مستمسكين ببعض أمر التّوراة والشّرائع الّتي نزلت فيهم.
وروي عن مقاتل بن حيّان، أنّه قال: عبد اللّه بن سلامٍ ومؤمنو أهل الكتاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/370]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ادخلوا في السّلم
[الوجه الأول]
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن الصّبّاح، أخبرني الهيثم بن يمانٍ، ثنا إسماعيل بن زكريّا، حدّثني محمّد بن عونٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: قال اللّه تبارك وتعالى: ادخلوا في السّلم كافّةً يقول: ادخلوا في شرائع دين محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا تدعوا منها شيئًا، وحسبكم الإيمان بالتّوراة وما فيها.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ عن الضّحّاك، عن ابن عباس، قوله: ادخلوا في السّلم كافّةً قال: السّلم: الطّاعة.
وروي عن أبي العالية والرّبيع بن أنسٍ، نحو ذلك.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، ثنا عمّي الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: يا أيّها الّذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّةً والسّلم: الإسلام. وروي عن عكرمة، وأحد قولي مجاهدٍ والسّدّيّ والضّحّاك وطاوسٍ: وأحد قولي قتادة نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن أبي فاطمة، ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: ادخلوا في السّلم كافّةً قال: في أنواع البرّ كلّها.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا عبيد اللّه بن إسماعيل البغداديّ، ثنا خلف بن هشامٍ المقرئ، ثنا الخفّاف، قال: قال سعيد: قال قال قتادة: في السّلم يعني: الموادعة). [تفسير القرآن العظيم: 1/370]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله كافّةً
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: ادخلوا في السّلم كافّةً يقول: جميعًا.
وروي عن الضّحّاك وأبي العالية والرّبيع وعكرمة وقتادة والسّدّيّ ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/370]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولا تتبعوا خطوات الشيطان
قد تقدّم تفسيره على أربعة أوجهٍ. وهذين الحديثين لم نكتبهما هناك، فكتبناهما هنا.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: خطوات الشّيطان يقول: عمله.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:
ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان يقول: طاعته). [تفسير القرآن العظيم: 1/371]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ
- حدّثنا محمّد بن نحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال مطرّفٌ: وجدنا أغشّ عباد اللّه لعبيد اللّه، الشّيطان). [تفسير القرآن العظيم: 1/371]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ادخلوا في السلم كافة يعني في الإسلام جميعا). [تفسير مجاهد: 104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (208) فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فأعلموا أن الله عزيز حكيم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم
[الدر المنثور: 2/490]
كافة} كذا قرأها بالنصب يعني مؤمني أهل الكتاب فإنهم كانوا مع الإيمان بالله مستمسكين ببعض أمر التوراة والشرائع التي أنزلت فيهم يقول: ادخلوا في شرائع دين محمد ولا تدعوا منها شيئا وحسبكم بالإيمان بالتوراة وما فيها.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة} قال: نزلت في ثعلبة وعبد الله بن سلام، وابن يامين وأسد وأسيد إبني كعب وسعيد بن عمرو وقيس بن زيد كلهم من يهود قالوا: يا رسول الله يوم السبت يوم كنا نعظمه فدعنا فلنسبت فيه وإن التوراة كتاب الله فدعنا فلنقم بها بالليل فنزلت.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله {ادخلوا في السلم} قال: يعني أهل الكتاب و{كافة}: جميعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: السلم الطاعة
[الدر المنثور: 2/491]
وكافة يقول: جميعا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: السلم الإسلام والزلل ترك الإسلام). [الدر المنثور: 2/492]

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البيّنات فاعلموا أنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}.
يعني بذلك جلّ ثناؤه: فإن أخطأتم الحقّ، فضللتم عنه، وخالفتم الإسلام، وشرائعه، من بعد ما جاءتكم حججي، وبيّنات هداي، واتّضحت لكم صحّة أمر الإسلام بالأدلّة الّتي قطعت عذركم أيّها المؤمنون، فاعلموا أنّ اللّه ذو عزّةٍ، لا يمنعه من الانتقام منكم مانعٌ، ولا يدفعه عن عقوبتكم على مخالفتكم أمره ومعصيتكم إيّاه دافعٌ حكيمٌ فيما يفعل بكم من عقوبته على معصيتكم إيّاه بعد إقامته الحجّة عليكم، وفي غيره من أموره.
وقد قال عددٌ من أهل التّأويل. إنّ البيّنات هي محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم والقرآن. وذلك قريبٌ من الّذي قلنا في تأويل ذلك، لأنّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم والقرآن من حجج اللّه على الّذين خوطبوا بهذه الآيه. غير أنّ الّذي قلناه في تأويل ذلك أولى بالحقّ، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه، قد احتجّ على من خالف الإسلام من أخبار أهل الكتاب بما عهد إليهم في التّوراة والإنجيل وتقدّم إليه على ألسن أنبيائهم بالوصاة به، فذلك وغيره من حجج اللّه تبارك وتعالى عليهم مع ما لزمهم من الحجج بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وبالقرآن؛ فلذلك اخترنا ما اخترنا من التّأويل في ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
[جامع البيان: 3/603]
ذكر أقوال القائلين في تأويل قوله: {فإن زللتم}.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {فإن زللتم} يقول: فإن ضللتم.
- وحدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإن زللتم} قال: والزّلل: الشّرك.
ذكر أقوال القائلين في تأويل قوله: {من بعد ما جاءتكم البيّنات}.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {من بعد ما جاءتكم البيّنات} يقول: من بعد ما جاءكم محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- وحدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البيّنات} قال: الإسلام، والقرآن.
- وحدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، {فاعلموا أنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ} يقول: عزيزٌ في نقمته، حكيمٌ في أمره). [جامع البيان: 3/604]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البيّنات فاعلموا أنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ (209)
قوله: فإن زللتم
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثنا أبي، ثنا عمّي الحسين عن أبيه عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البيّنات والزّلل: ترك الإسلام). [تفسير القرآن العظيم: 1/371]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: من بعد ما جاءتكم البيّنات
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:
فإن زللتم يقول: إن ضللتم. وبه عن السّدّيّ: من بعد ما جاءتكم البيّنات من بعد ما جاءكم محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البيّنات يعني بالبيّنات: ما أنزل اللّه من الحلال والحرام). [تفسير القرآن العظيم: 1/371]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فاعلموا أنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع عن أبي العالية: فاعلموا أنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ يقول: عزيزٌ في نقمته إذا انتقم، حكيمٌ في أمره. وروي عن قتادة والرّبيع بن أنسٍ، نحو ذلك.
[تفسير القرآن العظيم: 2/371]
- حدثنا محمد بن يحي، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة بن أفضل، قال محمّد بن إسحاق: العزيز في نصرته ممّن كفر به إذا شاء). [تفسير القرآن العظيم: 1/372]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: حكيمٌ
به عن ابن إسحاق: الحكيم في عذره وحجّته إلى عباده). [تفسير القرآن العظيم: 1/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي {فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات} قال: فإن ضللتم من بعد ما جاءكم محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية {فاعلموا أن الله عزيز حكيم} يقول: عزيز في نقمته إذا انتقم حكيم في أمره). [الدر المنثور: 2/492]

تفسير قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة قال يأتيهم الله في ظلل من الغمام وتأتيهم الملائكة عند الموت). [تفسير عبد الرزاق: 1/82]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى اللّه ترجع الأمور}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: هل ينظر المكذّبون بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وما جاء به، إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام، والملائكة.
ثمّ اختلفت القرّاء في قراءة قوله {والملائكة} فقرأ بعضهم: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة} بالرّفع عطفًا بالملائكة على اسم اللّه، على معنى: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه والملائكة في ظللٍ من الغمام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أحمد بن يوسف، عن أبي عبيدٍ القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، قال: في قراءة أبيّ بن كعبٍ: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه والملائكة في ظللٍ من الغمام قال: تأتي الملائكة في ظللٍ من الغمام، ويأتي اللّه عزّ وجلّ فيما شاء.
- وقد حدّثت هذا الحديث، عن عمّار بن الحسن، عن عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة} الآية. وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ: وهي في بعض القراءة: (هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه والملائكة في ظللٍ من الغمام) كقوله: {ويوم تشقّق السّماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلاً}.
[جامع البيان: 3/605]
وقرأ ذلك آخرون: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة بالخفض عطفًا بالملائكة على الظّلل؛ بمعنى: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام وفي الملائكة.
وكذلك اختلفت القرّاء في قراءة ظللٍ، فقرأها بعضهم: في ظللٍ، وبعضهم: في ظلالٍ.
فمن قرأها في ظللٍ، فإنّه وجّهها إلى أنّها جمع ظلّةٍ، والظّلّة تجمع ظللٌ وظلالٌ، كما تجمع الحلّة حللٌ، والجلّة جلالٌ.
وأمّا الّذي قرأها في ظلالٍ فإنّه جعلها جمع ظلّةٍ، كما ذكرنا من جمعهم الجلّة جلالٌ.
وقد يحتمل أن يكون قارئه كذلك وجّهه إلى أنّ ذلك جمع ظلٍّ، لأنّ الظّلّة والظّلّ قد يجمعان جميعًا ظلالاً.
والصّواب من القراءة في ذلك عندي {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام} لخبرٍ روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: إنّ من الغمام طاقاتٌ يأتي اللّه فيها محفوفًا فدلّ بقوله طاقاتٍ على أنّها ظللٌ لا ظلالٌ، لأنّ واحد الظّلل ظلّةٌ، وهي الطّاق.
[جامع البيان: 3/606]
واتّباعًا لخطّ المصحف. وكذلك الواجب في كلّ ما اتّفقت معانيه واختلفت في قراءته القرّاء ولم يكن على إحدى القراءتين دلالةٌ تنفصل بها من الأخرى غير اختلاف خطّ المصحف، فالّذي ينبغي أن تؤثر قراءته منها ما وافق رسم المصحف.
وأمّا الّذي هو أولى القراءتين في: {والملائكة} بالصّواب فالرّفع عطفًا بها على اسم اللّه تبارك وتعالى على معنى: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام، وإلاّ أن تأتيهم الملائكة؛ على ما روي عن أبيّ بن كعبٍ، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قد أخبر في غير موضعٍ من كتابه أنّ الملائكة تأتيهم، فقال جلّ ثناؤه: {وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا} وقال: {هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربّك أو يأتي بعض آيات ربّك} فإن أشكل على امرئٍ قول اللّه جلّ ثناؤه: {والملك صفًّا صفًّا} فظنّ أنّه مخالفٌ معناه معنى قوله {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة} إذ كان قوله والملائكة في هذه الآية بلفظ جمعٍ، وفي الأخرى بلفظ الواحد. فإنّ ذلك خطأٌ من الظّنّ، وذلك أنّ الملك في قوله: {وجاء ربّك والملك} بمعنى الجميع، ومعنى الملائكة، والعرب تذكر الواحد بمعنى الجميع، فتقول: فلانٌ كثير الدّرهم، والدّينار، يراد به الدّراهم والدّنانير، وهلك البعير والشّاة بمعنى جماعة الإبل والشّاء، فكذلك قوله: {والملك} بمعنى الملائكة.
[جامع البيان: 3/607]
ثمّ اختلف أهل التّأويل في قوله: {ظللٍ من الغمام} وهل هو من صلة فعل اللّه جلّ ثناؤه، أو من صلة فعل الملائكة، ومن الّذي يأتي فيها؟ فقال بعضهم: هو من صلة فعل اللّه، ومعناه: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام، وأن تأتيهم الملائكة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام} قال: هو غير السّحاب لم يكن إلاّ لبني إسرائيل، في تيههم حين تاهوا، وهو الّذي يأتي اللّه فيه يوم القيامة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام} قال: يأتيهم اللّه وتأتيهم الملائكة عند الموت.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال عكرمة في قوله: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمامٍ} قال: طاقاتٌ من الغمام والملائكة حوله قال ابن جريجٍ وقال غيره: والملائكة بالموت.
[جامع البيان: 3/608]
وقول عكرمة، هذا وإن كان موافقًا قول من قال: إنّ قوله في ظللٍ من الغمام من صلة فعل الرّبّ تبارك وتعالى الّذي قد تقدّم ذكرناه، فإنّه له: مخالفٌ في صفة الملائكة؛ وذلك أنّ الواجب من القراءة على تأويل قول عكرمة، هذا في الملائكة الخفض، لأنّه تأوّل الآية: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام، وفي الملائكة، لأنّه زعم أنّ اللّه تعالى يأتي في ظللٍ من الغمام، والملائكة حوله. هذا إن كان وجه قوله، والملائكة حوله، إلى أنّهم حول الغمام، وجعل الهاء في حوله من ذكر الغمام؛ وإن كان وجه قوله: والملائكة حوله إلى أنّهم حول الرّبّ تبارك وتعالى، وجعل الهاء في قوله من ذكر الرّبّ عزّ جلّ، فقوله نظير قول الآخرين الّذين قد ذكرنا قولهم غير مخالفهم في ذلك.
وقال آخرون: بل قوله {في ظللٍ من الغمام} من صلة فعل الملائكة، وإنّما تأتي الملائكة فيها، وأمّا الرّبّ تعالى ذكره فإنّه يأتي فيما شاء.
ذكر من قال ذلك
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة}.. الآية، قال: ذلك يوم القيامة، تأتيهم الملائكة في ظللٍ من الغمام. قال: الملائكة يجيئون في ظللٍ من الغمام، والرّبّ تعالى يجيء فيما شاء.
وأولى التّأويلين بالصّواب في ذلك تأويل من وجّه قوله: {في ظللٍ من الغمام} إلى أنّه من صلة فعل الرّبّ عزّ وجلّ، وأنّ معناه: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام، وتأتيهم الملائكة لما؛
- حدّثنا به محمّد بن حميدٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن المختار،
[جامع البيان: 3/609]
عن ابن جريجٍ، عن زمعة بن صالحٍ، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ من الغمام طاقاتٌ يأتي اللّه فيها محفوفًا وذلك قوله: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة وقضي الأمر}.
وأمّا معنى قوله: {هل ينظرون} فإنّه ما ينظرون، وقد بيّنّا ذلك بعلله فيما مضى من كتابنا هذا قبل.
ثمّ اختلف في صفة إتيان الرّبّ تبارك وتعالى الّذي ذكره في قوله: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه} فقال بعضهم: لا صفة لذلك غير الّذي وصف به نفسه عزّ وجلّ من المجيء والإتيان والنّزول، وغير جائزٍ تكلّف القول في ذلك لأحدٍ إلاّ بخبرٍ من اللّه جلّ جلاله، أو من رسولٍ مرسلٍ. فأمّا القول في صفات اللّه وأسمائه، فغير جائزٍ لأحدٍ من جهة الاستخراج إلاّ بما ذكرنا. وقال آخرون: إتيانه عزّ وجلّ نظير ما يعرف من مجيء الجائي من موضعٍ إلى موضعٍ وانتقاله من مكانٍ إلى مكانٍ.
وقال آخرون: معنى قوله: {هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم اللّه} يعني به: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم أمر اللّه، كما يقال: قد خشينا أن يأتينا بنو أميّة، يراد به حكمهم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم ثوابه وحسابه وعذابه، كما قال عزّ وجلّ: {بل مكر اللّيل والنّهار} وكما يقال: قطع الوالي اللّصّ أو ضربه، وإنّما قطعه أعوانه.
[جامع البيان: 3/610]
وقد بيّنّا معنى الغمام فيما مضى من كتابنا هذا قبل فأغنى ذلك عن تكريره، لأنّ معناه هاهنا هو معناه هنالك.
فمعنى الكلام إذًا: هل ينظر التّاركون الدّخول في السّلم كافّةً والمتّبعون خطوات الشّيطان إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام، فيقضي في أمرهم ما هو قاضٍ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافعٍ المدينيّ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن رجلٍ من الأنصار، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: توقفون موقفًا واحدًا يوم القيامة مقدار سبعين عامًا لا ينظر إليكم، ولا يقضى بينكم، قد حصر عليكم فتبكون حتّى ينقطع الدّمع، ثمّ تدمعون دمًا، وتبكون حتّى يبلغ ذلك منكم الأذقان، أو يلجمكم فتضجون، ثمّ تقولون: من يشفع لنا إلى ربّنا فيقضي بيننا؟ فيقولون: من أحقّ بذلك من أبيكم آدم؟ جبل اللّه تربته، وخلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلّمه قبلاً، فيؤتى آدم، فيطلب ذلك إليه، فيأبى، ثمّ يستقرئون الأنبياء نبيًّا نبيًّا، كلّما جاءوا نبيًّا أبى، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: حتّى يأتوني، فإذا جاءوني خرجت حتّى آتي الفحص قال أبو هريرة: يا رسول اللّه: وما الفحص؟ قال: قدّام العرش، فأخرّ ساجدًا، فلا أزال ساجدًا حتّى يبعث اللّه إليّ ملكًا، فيأخذ بعضدي فيرفعني،
[جامع البيان: 3/611]
ثمّ يقول اللّه لي: يا محمّد فأقول: نعم، وهو أعلم، فيقول: ما شأنك؟ فأقول: يا ربّ وعدتني الشّفاعة، فشفّعني في خلقك فاقض بينهم فيقول: قد شفّعتك، أنا آتيكم فأقضي بينكم. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فأنصرف حتّى أقف مع النّاس، فبينما نحن وقوفٌ سمعنا حسًّا من السّماء شديدًا، فهالنا، فنزل أهل السّماء الدّنيا بمثلي من في الأرض من الجنّ، والإنس حتّى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافّهم، فقلنا لهم: أفيكم ربّنا؟ قالوا: لا، وهو آتٍ ثمّ نزل أهل السّماء الثّانية بمثلي من نزل من الملائكة، وبمثلي من فيها من الجنّ، والإنس، حتّى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافّهم، فقلنا لهم: أفيكم ربّنا؟ قالوا: لا، وهو آتٍ. ثمّ نزل أهل السّماء الثّالثة بمثلي من نزل من الملائكة، وبمثلي من في الأرض من الجنّ، والإنس حتّى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافّهم، فقلنا لهم: أفيكم ربّنا؟ قالوا: لا، وهو آتٍ، ثمّ نزل أهل السّموات على قدر ذلك من التّضعيف حتّى نزل الجبّار في ظللٍ من الغمام والملائكة ولهم زجلٌ من تسبيحهم يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ربّ العرش ذي الجبروت، سبحان الحيّ الّذي لا يموت، سبحان الّذي يميت الخلائق ولا يموت، سبّوحٌ قدّوسٌ، ربّ الملائكة والرّوح، قدّوسٌ قدّوسٌ، سبحان ربّنا الأعلى، سبحان ذي السّلطان والعظمة، سبحانه أبدًا أبدًا، فينزل تبارك وتعالى يحمل عرشه يومئذٍ ثمانيةٌ، وهم اليوم أربعًا، أقدامهم على تخوم الأرض السّفلى والسّموات إلى حجزهم، والعرش على مناكبهم،
[جامع البيان: 3/612]
فوضع اللّه تبارك وتعالى عرشه حيث شاء من الأرض. ثمّ ينادي منادٍ نداءً يسمع الخلائق، فيقول: يا معشر الجنّ والإنس إنّي قد أنصت منذ يوم خلقتكم إلى يومكم هذا، أسمع كلامكم، وأبصر أعمالكم، فأنصتوا إليّ، فإنّما هو صحفكم وأعمالكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرًا فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلاّ نفسه، فيقضي اللّه عزّ وجلّ بين خلقه الجنّ، والإنس، والبهائم، فإنّه ليقيض يومئذٍ للجمّاء من ذات القرن.
وهذا الخبر يدلّ على خطأ قول قتادة في تأويله قوله: {والملائكة} أنّه معني به: والملائكة تأتيهم عند الموت، لأنّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر أنّهم يأتونهم بعد قيام السّاعة في موقف الحساب حين تشقّق السّماء.
وبمثل ذلك روي الخبر عن جماعةٍ من الصّحابة والتّابعين كرهنا إطالة الكتاب بذكرهم وذكر ما قالوا في ذلك.
[جامع البيان: 3/613]
ويوضّح أيضًا صحّة ما اخترنا من القراءة فى قوله: {والملائكة} بالرّفع على معنى: وتأتيهم الملائكة.
وينبىء عن خطأ قراءة من قرأ ذلك بالخفض؛ لأنّه أخبر صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ الملائكة تأتي أهل القيامة في موقفهم حين تفطّر السّماء قبل أن يأتيهم ربّهم في ظللٍ من الغمام، إلاّ أن يكون قارئ ذلك ذهب إلى أنّه عزّ وجلّ عنى بقوله ذلك: إلاّ أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام، وفي الملائكة الّذين يأتون أهل الموقف حين يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام فيكون ذلك وجهًا من التّأويل، وإن كان بعيدًا من قول أهل العلم، ودلالة الكتاب، وآثار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الثّابتة). [جامع البيان: 3/614]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقضي الأمر وإلى اللّه ترجع الأمور}.
يعني جلّ ثناؤه بذلك: وفصل القضاء بالعدل بين الخلق، على ما ذكرناه قبل عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: من أخذ الحقّ لكلّ مظلومٍ من كلّ ظالمٍ، حتّى القصاص للجمّاء من القرناء من البهائم.
وأمّا قوله: {وإلى اللّه ترجع الأمور} فإنّه يعني: وإلى اللّه يئول القضاء بين خلقه يوم القيامة، والحكم بينهم في أمورهم الّتي جرت في الدّنيا من ظلم بعضهم بعضًا، واعتداء المعتدي منهم حدود اللّه، وخلاف أمره، وإحسان المحسن منهم، وطاعته إيّاه فيما أمره ونهاه، فيفصل بين المتظالمين، ويجازي أهل الإحسان بالإحسان، وأهل الإساءة بما رأى، أو يتفضّل على من لم يكن منهم كافرًا فيعفو؛
[جامع البيان: 3/614]
ولذلك قال جلّ ثناؤه: {وإلى اللّه ترجع الأمور} وإن كانت أمور الدّنيا كلّها، والآخرة من عنده مبدؤها وإليه مصيرها، إذ كان خلقه في الدّنيا يتظالمون، ويلي النّظر بينهم أحيانًا في الدّنيا بعض خلقه، والحكّم بينهم بعض عبيده، فيجور بعضٌ، ويعدل بعضٌ، ويصيب واحدٌ، ويخطئ واحدٌ، ويمكّن تنفيذ الحكم على بعضٍ، ويتعذّر ذلك على بعضٍ لمنعة جانبه وغلبته بالقوّة.
فأعلم عباده تعالى ذكره أنّ مرجع جميع ذلك إليه في موقف القيامة، فينصف كلًّا من كلٍّ، ويجازي حقّ الجزاء كلًّا، حيث لا ظلم ولا ممتنعٍ من نفوذ حكمه عليه، وحيث يستوي الضّعيف والقويّ، والفقير، والغنيّ، ويضمحلّ الظّلم، وينزل سلطان العدل.
وإنّما أدخل جلّ وعزّ الألف واللاّم في الأمور لأنّه جلّ ثناؤه عنى بها جميع الأمور، ولم يعن بها بعضًا دون بعضٍ، فكان ذلك بمعنى قول القائل: يعجبني العسل، والبغل أقوى من الحمار، فيدخل فيه الألف واللاّم، لأنّه لم يقصد به قصد بعضٍ دون بعضٍ، إنّما يراد به العموم والجمع). [جامع البيان: 3/615]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (هل ينظرون إلّا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى اللّه ترجع الأمور (210)
قوله: هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا محمّد بن أبي بكر بن عطاء بن مقدّمٍ، ثنا معتمر بن سليمان، قال سمعت عبد الجليل القيسيّ يحدّث عن أبي حازمٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو: هل ينظرون إلّا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام الآية. يهبط حين يهبط، وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجابٍ، منها: النّور والظّلمة، والماء، فيصوّت الماء في تلك الظّلمة صوتًا تنخلع له القلوب.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا الحسن بن عونٍ البصريّ، ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ عن قتادة، في قوله تعالى هل ينظرون إلّا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام وذلك يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 1/372]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: في ظللٍ من الغمام
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عمرٌو العنقزيّ، عن زمعة بن صالحٍ، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ هل ينظرون إلّا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام قال: يأتي اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة في ظللٍ من السّحاب، قد قطّعت طاقاتٌ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قوله: هل ينظرون إلّا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام قال: كان مجاهدٌ يقول: هو غير السّحاب، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم حين تاهوا، وهو الّذي يأتي اللّه فيه يوم القيامة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/372]
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن الوزير الدّمشقيّ، ثنا الوليد، قال: سألت زهير بن محمّدٍ، عن قول اللّه هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام قال:
ظللٌ من الغمام، منظومٌ بالياقوت، مكلّلٌ بالجواهر والزبرجد). [تفسير القرآن العظيم: 1/373]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: والملائكة
[الوجه الأوّل]
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة يقول:
والملائكة يجيئون في ظللٍ من الغمام، واللّه تبارك وتعالى يجيء فيما يشاء، وهي في بعض القراءة هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللّه والملائكة في ظللٍ من الغمام وهي كقوله ويوم تشقّق السّماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلا
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن إبراهيم الدروقي، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ عن عكرمة هل ينظرون إلّا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة يقول: والملائكة حوله.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق أبنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة قال: يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام، وتأتيهم الملائكة عند الموت). [تفسير القرآن العظيم: 1/373]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وقضي الأمر وإلى اللّه ترجع الأمور
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا ابن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان عن أبيه عن عكرمة: وقضي الأمر يقول: قامت السّاعة.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ، قال: ثنا ابن زيدٍ، يعني: عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم قال: إلى اللّه المرجع). [تفسير القرآن العظيم: 1/373]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى الموصليّ: ثنا أبو هشامٍ، ثنا أبو عامرٍ، ثنا زمعة بن صالحٍ، عن سلمة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: "إلا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام) قال: ظللٌ من السّحاب قد قطّعن طاقاتٍ"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/181]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا أبو هشامٍ، ثنا أبو عامرٍ، عن زمعة، عن سلمة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إلّا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة}
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/512]
قال: ظللٌ من السحاب، قد قطعن طاقاتٍ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور
أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما شاخصة أبصارهم إلى السماء ينظرون فصل القضاء وينزل الله في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو في هذه الآية قال: يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب منها النور والظلمة والماء فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتا تنخلع له القلوب
[الدر المنثور: 2/492]
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في هذه الآية قال: يأتي الله يوم القيامة في ظلل من السحاب قد قطعت طاقات.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وابمن أبي حاتم عن مجاهد قوله {في ظلل من الغمام} قال: هو غير السحاب ولم يكن قط إلا لبني اسرائيل في تيههم وهو الذي يأتي الله فيه يوم القيامة وهو الذي جاءت فيه الملائكة.
وأخرج ابن جرير والديلمي عن ابن عباس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن من الغمام طاقات يأتي الله فيها محفوفا بالملائكة وذلك قوله {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام}.
وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي العالية قال: في قراءة أبي بن كعب (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام) قال: يأتي الملائكة في ظلل من الغمام وهو كقوله (يوم تشقق السماء ونزل الملائكة تنزيلا) (الفرقان الآية 25)
[الدر المنثور: 2/493]
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عكرمة {في ظلل من الغمام} قال: طاقات {والملائكة} قال: الملائكة حوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: يأتيهم الله في ظلل من الغمام وتأتهم الملائكة عند الموت.
وأخرج عن عكرمة {وقضي الأمر} يقول: قامت الساعة). [الدر المنثور: 2/494]


رد مع اقتباس