الموضوع: غير مصنف
عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 07:33 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

من لواحق الدعاء الذي لم يذكر في المأثور

قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ)
: (بسم الله الرحمن الرحيم
ومن لواحق الدعاء الذي لم يذكر في المأثور
[108] قوله صلى الله عليه وسلم عند الخروج إلى السفر: «اللهم بك ابتسرت، وإليك توجهت، وبك اعتصمت». معنى ابتسرت: ابتدأت سفري، وكل شيء أخذته غضا فقد بسرته، وابتسرته، ويقال: بسرت لانبات أبسره بسرًا: إذا رعيته غضًا، وهذا هو الصحيح في الرواية. والعوام ترويه: «اللهم بك انتشرت» وهو صحيح في المعنى أيضًا، إلا أن الرواية ما ذكرته لك أولاً، وقد فسرناه في غريب الحديث.
[109] [و] قوله قوله - صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من السفر: «ثوبا لربنا أوبا لا يغادر علينا حوبا» الثوب: مصدر ثاب يثوب [ثوبا]، ونصبه على المصدر كأنه قال: أثوب ثوبا، وقوله أوبا مصدر آب يؤوب إذا رجع ومعناه: الرجوع عن الذنب. كقوله سبحانه -: {فإن كان للأوابين غفورا} [الإسراء: 25]. وكقوله: {واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب} [ص: 17]. [قالوا] الأواب: الكثير الرجوع إلى الله عز وجل.
والحوب بضم الحاء المأثم، والحوب بفتحها مصدر حاب يحوب: إذا أثم.
[110] [و] قوله: [صلى الله عليه وسلم] إذا سافر: «اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحور بعد الكون وسوء المنظر في الأهل والمال».
وعثاء السفر: شدة النصب والمشقة، وأصله من الوعث وهو الدهس، والمشي يشتد فيه على صاحبه فصار مثلاً لكل ما يشاق على فاعله. وقوله: «كآبة المنقلب» يعني أن ينقلب من سفره إلى أهله بأمر يكتئب منه. مثل أن يصيبه في طريقه مرض أو يناله خسران أو يقدم على ألهه فيجدهم مرضى، أو يكون قد هلك بعضهم إلى ما يشبه ذلك من الأمور التي يكتئب لها الإنسان. قوله: الحور بعد الكون [هكذا يروى] بالنون؛ ومعناه، النقصان بعد الزيادة، وذلك أن يكون الإنسان على حالة جميلة، فيحور عن ذلك؛ أي: يرجع. وأخبرني عبد الرحمن بن الأسد عن الدبري عن عبد الرزاق، قال: سئل معمر عن ذلك فقال: هو الكنتي، ومعنى الكنتي أن يكون الإنسان قد بلغ حالة من النقص لا يزال يخبر الراهن منها بالماضي فيقول: كنت موسرًا فأهب، وكنت شابًا فأغزو، ونحو هذا من الأمر. وأنشد أبو زيد:
إذا ما كنت ملتمسا صديقا
فلا تظفر بكنتي كبير
وقد جاء في غير هذا الحديث. الكور، وهو مأخوذ من كور العمامة. يقول: قد تغير وانتقض كما ينقض كور العمامة.
[111] [و] قوله صلى الله عليه وسلم عند دخول الخلاء: «اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث [المخبث] الشيطان الرجيم». الرجس النجس، زعم الفراء أنهم إذا بدؤوا بالنجس ولم يذكروا الرجس فتحوا النون والجيم، وإذا بدؤوا بالرجس ثم أتبعوه النجس كسروا النون. وقوله: «الخبيث المخبث» الخبيث هو ذو الخبث في نفسه، والمخبث: هو الذي أصحابه وأعوانه خبثاء. كقولهم: قوي مقو، وضعيف مضعف، ونحوهما.
[112] [و] قوله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه» فقيل: يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال: «أما همزه فالموتة، وأما نفثه فالشعر؛ وأما نفخه فالكبر». قال أبو عبيد: فهذا تفسير من النبي صلى الله عليه وسلم ولتفسيره تفسير؛ فالموتة: الجنون، وإنما سماه همزًا؛ لأنه جعله من النخس والهمز وكل شيء دفعته فقد همزته، فأما الشعر فإنما سماه نفثًا لأنه كالشيء ينفثه الإنسان من فيه مثل الرقية ونحوها. وأما الكبر. فإنما سمي نفخًا لما يوسوس إليه الشيطان في نفسه فيعظمها عنده ويحقر الناس في عينه حتى يدخله لذلك الكبر والنخوة.
[113] [و] قوله صلى الله عليه وسلم إذا عوذ الحسن والحسين: «أعيذكما بكلمات الله التامة من [شر] كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة». الهامة يعني: الواحدة من هوام الأرض، وهي دوابها المؤذية، كالحية، والعقرب ونحوهما. وقوله: «لامة» ولم يقل ملمة، وأصلها من ألممت إلماما فأنا ملم. يقال: ذلك الشيء يأتيه ويلم به، وذلك لأنه لم يرد طريق الفعل، ولكن أراد أنها ذات لمم. كقول النابغة:
كليني لهم يا أمية ناصب
أي: ذي نصب، ومن هذا قول الله سبحانه: {وأرسلنا الرياح لواقح} [الحجر: 22] واحدتها: لاقح؛ يعني أنها ذات لقح ولو كان على مذهب الفعل لقال: ملقح؛ لأنها تلقح السحاب والشجر. وأما قوله: «كلمات الله التامة» فقد فسرناه فيما تقدم، وبينا معنى التمام فيها؛ فأغنى ذلك عن إعادته هاهنا.
[114] [و] قوله: «إنه صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من خمس العيمة والغيمة والأيمة والكزم والقرم».
العيمة: شهوة اللبن حتى لا يصبر عنه، يقال: عام الرجل يعيم عيمًا، ورجل عيمان. والغيمة: أن يكون الإنسان شديد العطش، كثير الاستسقاء للماء. والأيمة: طول التعزب، من قولك رجل: أيم، وامرأة أيم. إذا كانا عزبين. وأخبرني أبو عمر عن أبي العباس، أحمد بن يحيى، قال: العرب تقول في الدعاء على الإنسان: ما له! عام وغام وآم، فمعنى: عام: أن تهلك إبله وماشيته؛ فلا يجد لبنا يحلبه.
ومعنى غام: أن يشتد عطشه فلا يجد ماء يشربه.
ومعنى آم: أن تطول أيمته؛ فلا يجد نكاحًا. وأما القرم: فهو في اللحم كالعيمة في اللبن؛ يقال: قرمت إلى اللحم فأنا قرم إليه.
وأما الكزم: فشدة الأكل، [من قولك]: كزم الرجل الشيء بفيه يكزمه كزمًا؛ إذا كسره، المصدر ساكن الزاي، والاسم بفتحها. ويقال: كزم، وأزم، وبزم، وكدم، وعذم، كله بمعنى واحد.
[115] [و] قوله صلى الله عليه وسلم إذا نزل من سفره أرضًا: «يا أرض، ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما يدب عليك من أسد، وأسود، ومن ساكن البلد، ومن والد وما ولد». يعني بالأسود: الحية، وساكن البلد: الجن؛ وذلك أنهم سكان الأرض. والعرب تسمي الأرض المستوية: بلدًا، وإن لم تكن مسكونة ولا ذات أبنية. قال الشاعر:
وبلد ليس به أنيس
إلا اليعافير وإلا العيس
وقال النابغة:
ها إن تا عذرة إن لم تكن نفعت
فإن صاحبها قد تاه في البلد
يريد متائه الأرض ومجاهلها. والوالد: إبليس، وما ولد: نسله وذريته.
[116] [و] قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من الضبنة في السفر، وكآبة الشطة، وسوء المنقلب».
الضبنة: عيال الرجل [ومن يلزمه في نفقته]. وسموا ضبنة؛ لأنهم في ضبن من يعولهم. والضبن: ما بين الكشح والإبط؛ تعوذ بالله من كثرة العيال، وخص به حال السفر، لأنه مظنة الإقواء.
وفيه وجه آخر: وهو أن يكون إنما تعوذ من صحبة من لا غناء فيه، ولا كفاية، وإنما هو كل، وعيال عليه. والشطة: بعد المسافة. يقال: شط المكان: إذا بعد يشط ويشط. ويقال: شطت به النوى إذا بعدت.
[117] [و] قوله صلى الله عليه وسلم حين قنت في صلاة الفجر فقال: «اللهم قاتل كفرة أهل الكتاب، واجعل قلوبهم كقلوب نساء كوافر».
المعنى: كقلوبهن في الاختلاف، وقلة الائتلاف، وأراه عني الضرائر منهن لأن ذلك أشد لاختلافهن ومنافسة بعضهن بعضًا. وفي الكوافر وجهان؛ أحدهما: الكفر بالله جل وعز وذلك أشد لاختلافهن. قال الله تعالى: {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} [المائدة: 64]. والقول الآخر: أن يكون ذلك من كفران النعم وهن من أقل الناس شكرًا للعوارف وكذلك.
[118] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير».
وفيه وجه آخر؛ وهو أن الكوافر يرعن أبدًا بالصباح والبيات في عقر دارهن فقلوبهن تجب أبدًا.
[119] [و] قوله حين استأذن عليه رهط من اليهود فقالوا: «السام عليكم يا أبا القاسم، فقالت عائشة [رضي الله عنها]: عليكم السام واللعنة والأفن والذام».
السام: فسره أبو عبيد فقال: هو الموت. وقال قتادة: هو السآم ممدود مهموز؛ أي: تسأمون دينكم. مصدر سئم سآمة وسآما، والأفن: النقص. والذام: العيب. ومثله الذان).[شأن الدعاء: 178-190]


رد مع اقتباس