عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 محرم 1435هـ/21-11-2013م, 07:42 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

مذاهب القراء في الهمز والوقف على المهموز

قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله تعالى: {إنما نحن مستهزؤون} [البقرة: 14] كان حمزة يسكت على (مستهزون) فيمد يشبه الواو من غير إظهار الواو. وكذلك: {متكئون} [يس: 56] و{ليطفئوا نور الله} [الصف: 8] (ليفطوا) و{ليواطئوا عدة ما حرم الله} [التوبة: 37]، (ليواطوا). {كنتم تكسبون. يستنبئونك} [يونس: 52، 53] (ويستنبونك). {فمالئون منها البطون} [الصافات: 66]، (فمالون) وما شبه ذلك.
قال خلف: سمعت الكسائي يقول: إذا مد الحرف ولم يظهر الواو فقد همز همزًا حفيًا. والكسائي يهمز في الوقف كما يصل. وقال الكسائي: ومن وقف بغير همز قال: (مستهزون) فرفع الزاي بغير مد. و(متكون) فرفع الكاف. وكذلك: (ليطفوا) برفع الفاء. و(ليواطوا) برفع الطاء.
و(يستنبونك) برفع الباء. (فمالون) ونحو ذلك. قال الكسائي: فقال بعضهم: فأين لاكسرة في الحرف (مستهزون)؟. فأجاز الكسائي كسرة الزاي ووقف الواو من غير همز وغير مد (مستهزون). وكذلك (متكون) كسر الكاف ووقف الواو من غير مد ولا همز. وكذلك هذه الحروف وما يشبهها على هذا بكسر الحرف الذي قبل الواو ثم يجزم الواو ولا يمد ولا يهمز فأجاز هذا القول، والثاني والأول أحب إليه، يعني رفع الزاي والكاف والفاء والطاء بغير مد، يعني، من وقف بغير همز.
قال خلف: وقول الكسائي في وقفه بالهمز أحب إلينا لتبيان الإعراب فيه.
وقال الفراء: للعرب في الهمز ثلاثة مذاهب: التحقيق الهمز، وهو يراد، والإبدال منه. فمن حقق الهمز قال استهزأت ومستهزئون. ومن أبدل من الهمزة قال: استهزيت، كما يقول: استقصيت، ويقول: مستهزون، يقول: مستقصون. ومن ترك الهمز، وهو يريده، قال: استهزات، بغير همز. وقال: مستهزون، بكسر الزاي وتسكين الواو من غير مد ولا همز. وكان أهل البصرة يسمون الهمز المحقق الهمز المشبع، ويسمون الذي يترك همزه، وهو يراد، المشرب، لأنه اشرب حركة الهمزة واسقطت منه، ويسمون الذي يبدل من همزة المقلوب.
وقال خلف: سمعت الكسائي يسكت على قوله: (وبالآخرة) على «نعمة ومعصية ومرية والقيامة» ونحو ذلك بكسر راء في الآخرة، والميم في «نعمة» والياء في «معصية» كذلك بقيتها وما يشبهها. وكان حمزة يفتحها قليلاً.
قال خلف: وفتح هذه الحروف في الوقف قليلاً أحب إلينا لأن هذه الحروف في الوصل مفتوحة.
وقال أبو العباس: قال الكسائي أمال هذه الحروف الوقف لأن الهاء أخت الياء والواو والألف، وإن نت متحركة، فإذا جاءت حركتها رجع إلى فتح قبلها.
وكان حمزة يسكت على {يؤمنون} [البقرة: 3]، {أنى يؤفكون} [المائدة: 75]، و{يؤثرون} [الحشر: 9] و{عليهم مؤصدة} [الهمزة: 8] ونحو ذلك بغير همز إذا كانت الهمزة في وسط الحرف والكسائي يهمز ذلك كله في الوقف. قال خلف: وقول الكسائي أعجب إلينا لأنه أبين للإعراب، كان بعض القراء لا يهمز (مؤصدة) يقول: هي من أوصدت مثل أوقدت. فلو قرأ قارئ على معلم بحرف حمزة، فلم يهمز (مؤصدة) في السكت لم يدر معلمه أكان يهمز في الوصل أم لا. قال خلف فالسكوت بالهمز على هذه الحروف وما أشبهها أحب إلينا؛ وإنما ترك الهمز من ترك بناء على الفعل «آمن وآثر»
فله أن يهمز في المستقبل، وله أن يترك فمن همز فهو على الأصل وم نترك بناه على لفظ «أمر»، والوجه الهمز لأنه هو الأصل، ومعنى مؤصدة عند العرب مطبقة، قال الشاعر:
تبوأت جنات كريما مقامها = وزحزحت عن باب من النار مؤصد
معناه مطبق.
وكان حمزة يسكت على قوله: {إن الذين كفروا سواء} [البقرة: 6] ويمد ثم يشم الرفع من غير همز. وكذلك: {ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} [النساء: 92]، {من الحق شيئًا} [النجم: 28] {لو يجدون ملجأ} [التوبة: 57] أو نحوه فيسكت على هذا كله بغير همز، ويسكت على (هزوًا) [البقرة: 67] بالواو. وكذلك: {كفوا} [الإخلاص: 4] بالواو. ويسكت على {كل جبار منهن جزءا} [البقرة: 260] بنصب الزاي لأنه ليس في الحرف واو فإذا ترك الهمزة انتصبت الزاي. وكذلك: {ردءا يصدقني} [القصص: 34] (ردا) فينصب الدال إذا لم يهمزه. والكسائي يهمز في ذلك كله ممدودًا كان أو مقصورًا وكتابه بالواو أو بغير الواو ويحتج بأنه ترك التنوين ووقف بالهمز. قال خلف: وقوله أعجب إلينا – يعني الكسائي – قال: والكسائي يشم الرفع الهمز ويمد، يعني في الوقف في قوله: {إن الذين كفروا سواء} [البقرة: 6] وحمزة يشم الرفع (سواء).
وروى أبو بكر بن عياش عن عاصم أنه كان يقرأ: {ثم اجعل على كل جبل منهن جزا} بضم الزاي. فإذا وقفت على هذه القراءة كان لك مذهبان: أحدهما أن تقول (جزؤا) بالهمز، والوجه الآخر أن تقول: (جزوا) بضم الزاي وإثبات الواو، ولا يجوز على هذه القراءة أن تقف (جزا) بفتح الزاي لأن فيها واوًا.
وقال نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ: من قرأ (ردأ) بالهمز أراد «عونا» ومن قرأ (ردًا) بلا همز أراد «زيادة»، واحتج بقول الشاعر:
وأسمر خطيا كأن كعوبه = نوى القسب قد أردى ذراعًا على العشر
فمعناه: قد زاد ذراعا

وحدثنا إسماعيل عن قالون عن نافع أنه كان يقرؤها «ردًا» منونة غير مهموزة. وقال الفراء: الرد العون. يقال: أردأت الرجل إذا أعنته. والحجة لحمزة في وقفه على (سواء) و(ماء) و(خطأ) و(كفؤ) و(جزء) بغير همز أن الألف أبين في السكت من الهمز لأن الهمزة من أول المخارج. والحجة له في الوقف على الممدود بغير همز نحو: {أنزل من السماء ماء} [الأنعام: 99] أنه يحكى عن العرب ترك الهمز إذا كان بين ألفين، فإذا كانت الهمزة مكسورة أو مضمومة لم تقع بين ألفين فلم تترك.
وكذلك الحكاية عنهم. والحجة لحمزة في تركه الهمز إذا لم يقع بين ألفين نحو: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} [النساء: 92] أن الياء والواو والألف أبين عنده من الهمز في الوقف.
وقوله تعالى: {إن امرؤ هلك} [النساء: 176] كان الكسائي يقف عليه (امرؤ) بالهمز. وكان حمزة يقف عليه (امرو) بالواو. وقال خلف: الوقف على مثل هذا بترك الهمز أحب إلينا من الهمز لأنه في آخر الحروف، وإن كان بعده تنوين فإنه بالرفع، ولا يمكن فيه إذا كان مرفوعًا ما يمكن في ما كان منه بالنصب مثل: {أنزل من السماء ماء} [الأنعام: 99] فالهمزة في قوله (ماء) أشبع وأبين من الهمز في (امرؤ) وإن كان بعد الهمزة تنوين
). [إيضاح الوقف والابتداء: 1/397-407]
.

رد مع اقتباس