عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 05:05 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (73) إلى الآية (81) ]
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75) إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) }


قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73)}
قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن السميفع وابن محيصن: [تَكُنُّ صُدُورُهُمْ] بفتح التاء. وضم الكاف.
قال أبو الفتح: المألوف في هذا: أَكْنَنْتُ الشيءَ: إذا أخفيتَه في نفسك. وكَنَنْتُه: إذا سترته بشيء، فأكننت كأضمرت، وكَنَنْتُ كسترت. فأما هذه القراءة: [تَكُنُّ صُدُورُهُمْ] فعلى أنه أجرى الضمير لها مجرى الجسم الساتر لها مبالغة؛ وذلك لأن الجسم أقوى من العَرَض، وهذا نحو من قوله:
وحَاجَةٌ دونَ أُخْرَى قَدْ عَرَضْتُ لها ... جَعَلْتُها لِلَّتِي أَخْفَيْتُ عُنْوَانا
فأجرى ما يخفيه الضمير ويبرزه البوح به مجرى ما يدرك باللمس؛ تنويها به، ومُبَادَاة للحس بإدراكه, وقد مر به بعض المولدين، فقال:
حُبِّي لَهُ جِسْمٌ وَحُبْـ ... ـبُّ الناسِ كُلِّهِمُ عَرَضْ
وعليه قول الآخر:
تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمَةَ في فُوادِي ... فَبَادِيِهِ مَعَ الخافِي يَسِيرُ
ألا تراه كيف وصفه بما توصف به الجواهر من السروب والتغلغل؟ ومرَّ به الطائي الكبير، إلا أنه عكسه فقال:
مَوَدَّةٌ ذَهَبٌ أثمارُها شَبهُ ... وَهِمّةٌ جَوْهَرٌ مَعْرُوفُها عَرَضُ
والباب واسع، والطريف مُسْهَب, إلا أنّ هذا سًمْته). [المحتسب: 2/144]

قوله تعالى: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75)}
قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)}
قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77)}
قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78)}
قوله تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)}
قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا يسمع الصّمّ الدّعاء (80)
قرأ ابن كثير وحده (ولا يسمع) بالياء، (الصّمّ) رفعًا، و(الدّعاء) نصبًا.
ها هنا وفي الروم.
وقرأ الباقون (ولا تسمع الصّمّ الدّعاء).
وروى عباس عن أبي عمرو مثل ابن كثير.
قال أبو منصور: من قرأ (ولا يسمع الصّمّ الدّعاء) فالفعل للصّمّ، و(الدعاء) مفعول به.
ومن قرأ (ولا تسمع الصّمّ الدّعاء) فالخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -
[معاني القراءات وعللها: 2/245]
والصّم مفعول به، والدعاء مفعول ثان وأراد بالصّم: الكفار الذين لا يعون ما يسمعون، لا أنّهم صمّ الآذان). [معاني القراءات وعللها: 2/246]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (26- وقوله تعالى: {ولا تسمع الصم الدعاء} [80].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/162]
قرأ ابن كثير وحده: {ولا يسمع} بالياء، {الصم} بالرفع جعلهم هم الفاعلين.
وقرأ الباقون: {ولا تسمع} أنت يا محمد بالتاء خطابًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، {الصم} نصب مفعول به أي: ولا تسمع أنت يا محمد القوم الصم {الدعاء} مفعول ثان. والصم مثل؛ لأنهم لو لم يسمعوا ولم يبصروا ما وجبت الحجة عليهم، ولكنه لما خاطبهم ووعظهم فتكبروا عن الموعظة ومجتها آذانهم صاروا بمنزلة من لا يسمع. قال الشاعر:
اصم عما ساءه سميع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/163]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير: (ولا يسمع الصم) [النمل/ 80] رفعا، وفي الروم [الآية/ 52] مثله، وقرأ الباقون: تسمع بالتاء، الصم نصبا في الموضعين.
عباس عن أبي عمرو: (ولا يسمع الصّمّ) مثل ابن كثير.
حجّة من قرأ: تسمع أنّه أشبه بما قبله، ألا ترى قوله سبحانه: إنك لا تسمع الموتى [النمل/ 80] فأسند الفعل إلى المخاطبين، فكذلك يسند إليهم في قوله: ولا تسمع الصم ويؤكد ذلك قوله: ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا [الأنفال/ 23]، فيكون المعنى: إنّك لا تسمعهم كما لم يسمعهم الله.
والمعنى: أنّهم لفرط إعراضهم عما يدعون إليه من التوحيد والدين، كالميت الذي لا سبيل إلى إسماعه وإعلامه شيئا، وكالصّمّ الذين لا يسمعون ولا يسمعون. ومن قرأ: (لا يسمع الصّمّ) فالمعنى أنّهم لا ينقادون للحقّ لعنادهم، وفرط ذهابهم عنه، كما لا يسمع الأصم ما يقال له.
ومن قرأ: لا تسمع فالمعنى: إنك إذا أسمعتهم لم يسمعوا، فالمعنى فيه يؤول إلى أن الصمّ لا تسمع). [الحجة للقراء السبعة: 5/403]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدّعاء إذا ولوا مدبرين}
قرأ ابن كثير {ولا يسمع} بالياء وفتحها {الصم} بالرّفع جعلهم الفاعلين أي لا ينقادون للحق لعنادهم كما لا يسمع الأصم ما يقال له
وقرأ الباقون {لا تسمع} بالتّاء وضمّها {الصم} نصب خطاب لرسول الله صلى الله عليه وحجتهم أنه أشبه بما قبله ألا ترى في قوله تعالى {إنّك لا تسمع الموتى} فأسند الفعل إلى المخاطب فكذلك تسند إليه في قوله {ولا تسمع الصم} ويدل على ذلك قوله ولو علم الله فيه خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا فيكون المعنى إنّك
[حجة القراءات: 536]
لا تسمعهم كما لم يسمعهم الله فالمعنى أنهم لفرط إعراضهم عمّا يدعون إليه من التّوحيد كالميت الّذي لا سبيل إلى إسماعه وإعلامه شيئا كالصم). [حجة القراءات: 537]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- قوله: {ولا تُسمع الصم} قرأه ابن كثير بياء مفتوحة، وفتح الميم، ورفع «الصم» على الإخبار عنهم، فهو نفي السماع عنهم، فرفعهم كرفع الفاعل، والمعنى أنهم لا ينقادون إلى الحق كما لا يسمع الأصم المعرض المدبر عن سماع ما يقال له من كلام من يكلمه، فلم يكفه أنه معرض عما يقال له حتى وصفه بالصم.
فهذا غاية امتناع سماع ما يقال له، فيشبههم في إعراضهم عن قبول ما يقال لهم من الإسلام والكتاب بدعاء الأصم المعرض المدبر عن الشيء، وقرأ الباقون بتاء مضمومة، وكسر الميم، ونصب «الصم» ردوه على ما قبله من الخطاب لمحمد عليه السلام، في قوله: {إنك لا تسمع الموتى} فجرى الثاني على لفظ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/165]
الأول من الخطاب، ونصبوا الصم بوقوع الفعل عليهم، والمعنى: إنك يا محمد لا تقدر أن تسمع دعاءك الصم المعرضين عنك المدبرين شبهوا في إعراضهم عما جاءهم به محمد، وترك قبولهم له، بالأصم المعرض عن الشيء المدبر وهو الاختيار لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/166]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ} [آية/ 80] بالياء مفتوحة في {يَسْمَعُ} وبالرفع في {الصُّمُّ}:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أن الفعل مسند إلى {الصُّمُّ}، والمعنى أن الصم لا يسمعون الدعاء، أراد أن الكفار يشبهون الصم من حيث أنهم لا يُصيخون للحق ولا يقبلونه، كما أن الأصم لا يسمع ما يقال له.
وقرأ الباقون {وَلَا تُسْمِعُ} بالتاء المضمومة، {الصُّمَّ} بالنصب.
والوجه أنه على إسناد الفعل إلى المخاطب، والمخاطب هو النبي صلى الله عليه (وسلم)، أي إنك لا تقدر على إسماء الصم، كما لا تقدر
[الموضح: 970]
على إسماع الموتى؛ لأن قبله {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، فهذا أشد مناسبة ما قبله؛ لأن الفعل فيما قبله مسند إلى المخاطب). [الموضح: 971]

قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما أنت بهادي العمي (81)
قرأ حمزة وحده (وما أنت تهدي العمي) بالتاء و(العمي) نصبًا، وكذلك قرأ في الروم فوقف عليها بالياء، يعنى على قوله (تهدي).
وقرأ الباقون (وما أنت بهادي العمي) بالياء مع الإضافة، ووقفوا على التي في النمل (بهادي) بالياء، وهي ثابتة في المصحف، ووقفوا في الروم على قوله (بهاد) بغير ياء، وليس في الكتاب ياء.
قال أبو منصور: من قرأ (وما أنت تهدي العمي)
فالمعنى: ما أنت يا محمد تهدي الذين عميت بصائرهم عن آياننا، ولكن عليك الدّعاء، ويهدى الله من يشاء.
و(العمي) في هذه القراءة منصوب بالفعل، ومن قرأ (وما أنت بهادي العمي) فإن الباء دخلت لحرف النفي، كقولك: ما أنت بعالم.
وخفض (العمي) لأنه مضاف إليه). [معاني القراءات وعللها: 2/246]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (27- وقوله تعالى :{وما أنت بهادي العمي} [81].
قرأ حمزة وحده: {وما أنت تهدي العمي} جعله فعلاً مضارعًا. وكذلك في (الروم) فيلزم من قرأ بقراءة حمزة أن يقف بالياء في السورتين كليهما.
وقرأ الباقون: {بهادي} فـ «هادي» اسم الفاعل، وهو في موضع جر بالباء وهو خبر «ما» كأنه يقول: ما أنت بقائم، ولو أسقطت الباء لقلت ما أنت قائمًا، فإذا قلت: ما أنت تقوم فـ«تقوم» نصب في المعنى، رفع في اللفظ. وكتبت {بهدي} بالياء على الأصل وكتب في (الروم) {به} بغير ياء على الوقف، والاختيار أن تقف ها هنا بالياء، وثم بغير ياء اتباعا للمصحف. ويجوز في النحو إسقاط الياء من الجميع، وإثباتها.
حدثنا ابن مجاهد، قال: حدثنا محمد بن يحيى الكسائي عن خلف
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/163]
قال: كان الكسائي يقول: من قرأ {تهدى} بالتاء وقف عليهما بالياء. قال خلف: وسمعت الكسائي يقف عليهما جميعًا.
وفيها قراءة ثالثة: حدثني ابن عرفة، قال: حدثني المبرد قال: سمعت عمارة بن عقيل بن بلال بن جري يقرأ: {وما أنت بهاد العمى} وهو جيد في العربية. كما تقول: براكب الفرس، وبراكب الفرس، فعلى هذه القراءة تقف {هاد} بغير ياء مثل {ولا مولود هو جاز} {فاقض ما أنت قاض} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/164]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ حمزة وحده: (تهدي) [النمل/ 81] بالتاء (العمي) نصبا، وفي الروم [53] مثله، وقرأ الباقون: بهادي العمي مضافا في السورتين. قال أبو بكر: وكتب: (تهدي العمي) في هذه السورة بياء على الوقف، وكتب التي في الروم بغير ياء على الوصل، وقال خلف: كان الكسائي يقف عليهما جميعا بالياء.
حدثنا بذلك محمد بن يحيى الكسائي عن خلف، قال خلف: سمعت الكسائي يقول: من قرأ: (تهدي العمي) بالتاء، وقف عليهما جميعا بالياء.
قال بعض أصحاب أحمد، يعني الكسائي: إن حمزة يقف: (تهدي)، كما يصل بالياء.
[قال أبو علي]: حجة حمزة قوله: أفأنت تهدي العمي [يونس/ 43] والمعنى على تقدير: إنّك لا تهديهم لشدة عنادهم، وفرط إعراضهم، وإذا كان كذلك كان المعنى: إنّك لا تهدي العمي.
فأمّا أنت من قوله: (وما أنت تهدي العمي) فعلى قول أهل الحجاز، وهي لغة التنزيل يرتفع بما، وتهدي في موضع نصب بأنّه الخبر، وعلى قول بني تميم: يرتفع بمضمر يفسره الظاهر الذي
[الحجة للقراء السبعة: 5/404]
هو: (تهدي) تقديره إذا أظهرت ذلك المضمر ما تهدي تهدي، لأنّك إذا أظهرت الفعل المضمر اتصل به الضمير، ولم ينفصل كما ينفصل إذا لم تظهر.
وكذلك لو أظهرت ما ارتفع عليه أنت: فانظر، اتصل الضمير فصار: انظر انظر.
ومن قرأ: بهادي العمي مضافا في السورتين، فاسم الفاعل للحال، أو للآتي وإذا كان كذلك. كانت الإضافة في نيّة الانفصال، فأمّا كتابة: بهادي العمي في هذه السورة بالياء، فإن في الوقف على هاد وواد، وواق، ونحوه لغتين:
إحداهما وهي الأكثر: أن يقف بغير ياء، فيقول: (بهاد) بالسكون، وذلك أنّه كان في الوصل متحركا بالكسر، فإذا وقفت حذفت الحركة، كما تحذفها من سائر المتحركات في الوقف.
وقوم يقفون بالياء فيقولون: بهادي وواقي، وذلك أنّه كان حذف الياء من هادي لالتقائهما مع التنوين، وهما ساكنان، فلمّا وقف حذف التنوين في الوقف، فلمّا حذف التنوين عادت الياء التي كانت حذفت [لالتقائها ساكنة مع التنوين فيقول: هادي وواقي. ونحوه حكى سيبويه] اللغتين، فعلى هذا حذف الياء في موضع وإثباتها في آخر، على أن تكون كتبت على اللغتين، أو يكون أريد (بهادي) الإضافة، فلم ينوّن، فإذا لم ينوّن لم يلزم أن يحذف الياء، كما يحذف
[الحجة للقراء السبعة: 5/405]
إذا نوّن لسكونها، وسكون الياء، أو يكون: أريد به تهدي تفعل، ولم يرد به اسم الفاعل، وإذا أريد: تفعل ثبتت الياء في الوصل والوقف، ولعل حمزة في قراءته (تهدي). اعتبر ذلك إن كان مكتوبا في الخط بغير ألف، وزعموا أن: (تهدي) قراءة الأعمش). [الحجة للقراء السبعة: 5/406]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم} 81
قرأ حمزة (وما أنت تهدي العمي) بالتّاء و{العمي} بالنّصب وحجته قوله {أفأنت تهدي العمي} والمعنى أنّك لا تهديهم لشدّة عنادهم وفرط إعراضهم فأما {أنت} في قوله (وما أنت تهدي) فعلى قول أهل الحجاز وهو لغة التّنزيل يرتفع ب {ما} {وتهدي} في موضع نصب بأنّه الخبر
وقرأ الباقون {وما أنت بهادي العمي} مضافا وفي الرّوم مثله {بهادي} اسم الفاعل وهو في موضع جر بالباء وهو خبر {ما} كما تقول ما أنت بقائم ولو أسقطت الباء لقلت ما أنت قائما وكتب {بهادي} في هذه السّورة بالياء على الأصل وكتب في الرّوم (بهاد) بغير ياء على نيّة الوصل والاختيار أن تقف ها هنا
[حجة القراءات: 537]
بالياء وفي الرّوم بغير ياء). [حجة القراءات: 538]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {وما أنت بهادي العمي} قرأه حمزة «تهدي» بالتاء على وزن «تفعل»، «العمى» بالنصب بـ «تهدي» جعله فعلًا للحال والاستقبال، وقرأ الباقون «بهادي» جعلوه اسم فاعل، دخلت عليه الباء لتأكيد النفي، وهو أيضًا للحال أو للاستقبال وخفضوا «العمي» لإضافة «هادي» إليه، ويجوز «العمي» في الكلام بالنصب على تقدير حذف التنوين لالتقاء الساكنين، ومثله في الروم، ووقف الكسائي عليهما جميعًا بالياء على الأصل، ووقف الباقون على هذا الذي في النمل بالياء، لثبات الياء فيه في المصحف، ولأنه الأصل، ووقفوا على الذي في الروم بغير ياء لحذفها من المصحف في الروم اتباعًا للخط، وروي عن حمزة أنه يقف عليهما بالياء، وقال الكسائي: من قرأ «تهدي» بالتاء لزمه أن يقف بالياء وإنما لزمه ذلك لأن الفعل لا يدخله تنوين في الوصل تحذف له الياء، فيكون في الوقف كذلك كما يدخل التنوين على «هاد» ونحوه فتذهب الياء في الوصل، فيجري الوقف على ذلك لمن وقف بغير ياء، والاختيار ما عليه الجماعة والاتباع لخط المصحف، وأن لا يُتعمد الوقف
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/166]
عليه في الروم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/167]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {وَمَا أَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ} [آية/ 81] بالتاء في {تَهْدِي} على أنه فعلٌ مستقبلٌ، وبنصب {الْعُمْيَ}:
قرأها حمزة وحده، وكذلك في الروم.
والوجه أنه أليقُ بما قبله، وهو قوله {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ} وهما فعلان مستقبلان، وكذلك هذا فعل مستقبل، والمعنى: إنك لا تسمع الصم ولا تُهدي العمي، أي إنك لا تقدر على أن تهديهم لفرط عنادهم فشبههم في عنادهم بالعمي، أراد أنهم لا ينتفعون بإبصار الحق، فكأنهم عمي.
وقرأ الباقون في السورتين {بِهَادِي} على وزن فاعل، وبجر {العُمْيِ}.
والوجه أنه فاعل من هدى، فهو هادٍ، على وزن قاضٍ، وهو بمعنى الحال أو الاستقبال، فالإضافة غير محضة؛ لأنها في نية الانفصال ووجود التنوين، والتقدير: بهادٍ العمي، وقد عمل اسم الفاعل عمل الفعل، كأنه قال: تهدي العمي، والمعنى في القراءتين واحد.
[الموضح: 971]
ويعقوب يقف عليهما بالياء.
واختلف عن الكسائي فيه، فالدوري عنه يقف بلا ياء، وابن هشام بالياء.
والوجه أن الوقف على مثل {هادٍ} و{والٍ} و{واقٍ} يجوز بالياء وبغير الياء، لكنه بغير الياء أكثر؛ لأن التنوين مراعىً، إذ لا ألف ولام فيه، والياء إنما حذفت لالتقائها مع التنوين، وحجة إثبات الياء أن التنوين زائل في اللفظ لأجل الوقف فعاد الياء لذلك.
ومن قرأ {تَهْدِي} فإنه يقف بالياء.
والوجه أن الياء ههنا مثبتة؛ لأنها في فعلٍ مستقبلٍ، ولا تنوين فيه، فتحذف الياء لأجل التنوين). [الموضح: 972]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس