عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 04:59 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (45) إلى الآية (53) ]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {أنا ءاتيك به قبل أن يرتد} [45].
قرأها حمزة بالإمالة {ءاتيك}
والباقون يفخمون.
فإن سأل سائل قوله: {فما ءاتاني الله} مددته لأنه من الإعطاء.
فلم مددت {أنا ءاتيك به} وهو من المجىء أي: أنا أجيئك به؟
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/151]
فالجواب في ذلك: أن المقصور في الماضي من المجيء تقول: أتي زيد عمرًا، واتيت زيدًا، فإذا رددت الماضي إلى المستقبل زادت على الهمزة همزة، الأولي علامة استقبال، والثانية فاء الفعل، فصيرت الثانية مدة، فلذلك صارت ممدودا {أنا ءاتيك به} وكذلك تقول أثرت الشيء بالقصر وآثرت بالمد، وأتيت زيدًا بالقصر وآتيت بالمد، ومعنى {قبل أن تقوم من مقامك} يعني: قبل أن تقوم من مجلس حكمك.
وكان يجلس من صلاة الغداة إلى الظهر. والذي عنده علم من الكتاب: آصف بن برخيا وكان عنده اسم الله الأعظم «يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/152]

قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)}
قوله تعالى: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
قوله تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ (49)
قرأ حمزة والكسائي (لتبيّتنّه.. ثمّ لتقولنّ) بالتاء جميعًا.
وقرأ الباقون (لنبيّتنّه... ثمّ لنقولنّ) بالنون فيهما.
قال أبو منصور: قال الفراء: من قرأ (لنبيّتنّه) بالنون (ثمّ لنقولنّ)
أراد: أنهم قالوا: (تقاسموا) فجعل (تقاسموا) خبرًا، فكأنهم قالوا متقاسمين (لتبيّتنّه... ثمّ لنقولنّ).
قال: ومن قرأ (لتبيّتنّه.. ثمّ لتقولنّ) جعل (تقاسموا) أمرًا في موضع جزم، كأنهم قالوا: تحالفوا وأقسموا لتبيتنه. قال: النون تجوز من هذا الوجه؛ لأن الذي قال لهم تقاسموا معهم في الفعل داخل، وإن كان قد أمرهم.
ألا ترى أنك تقول: قوموا نذهب إلى فلان؛ لأنه أمرهم وهو معهم في الفعل.
قال والنون أعجب الوجوه إليّ). [معاني القراءات وعللها: 2/242]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {لنبيتنه وأهله ثم لنقولن} [49].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/153]
قرأ حمزة والكسائي بالتاء، ومعناه: تقاسموا بالله قالو حلفوا لتبتنه وأهله. ومعناه: أنهم تحالفوا ليقتلن صالحًا وأهله أي: قومه، ولنهلكنهم {ثم لتقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله} أي: ما فعلنا ذلك. فذلك مكرهم فأرسل الله عليهم صخرة فدمغتهم فقال تعالى: {ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون}.
وقرأ الباقون: {لنبيتنه .... ثم لنقولن} بالنون.
وفيها قراءة ثالثة: حدثني أحمد عن على عن أبي عبيد أن حميدا قرأ: {ليبيتنه .... ثم ليقولن} بالياء جعل الإخبار عن غيب. وهذا النون مشددة في يبيتن ويقولن أسقطت الواو، والأصل: ليبيتون، وليقولون، فسقطت الواو لالتقاء الساكنين. ويقال: طرقهم أتاهم ليلاً، وظل فلان يفعل كذا إذا فعله نهارًا. ويقال: طرقهم أتاهم ليلا، أوبهم أتاهم نهارًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/154]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {ما شهدنا مهلك أهله} [49].
فيه ثلاث قراءات:
قرأ عاصم في رواية أبي بكر-: {ملك} بفتح اللام والميم.
وقرأ في رواية حفص: {مهلك} بكسر اللام وفتح الميم.
وقرأ الباقون: {مهلك} بضم الميم، وفتح اللام.
فمن ضم جعله مصدرًا من أهلك مهلكًا، مثل: {أدخلني مدخل
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/154]
صدق} ومن كسر اللام أو فتحها على قراءة عاصم جعله مصدر هلك ثلاثيًا لا رباعيًا. وقد أحكمت هذا في سورة (الكهف) ويقال: هلك زيد: مات، وهلك إذا وقع في بلية، وجمع هالك: هلاك وهالكون، وأما قولهم في المثل: «هالك في الهوالك» فإن هذا جري كالمثل لا يقاس عليه، لأن (فواعل) جمع لفاعلة لا لفاعل وإنما جاء فارس، وفوارس؛ لأن الفروسية تكون في الرجال دون النساء، فأمنوا اللبس و{رضوا بأن يكونوا مع الخوالف} قال المبرد: كل صفة على فاعل نحو ضارب وجالس فإنه لا يجمع على فواعل [إلا] نحو ضوارب، وجوالس فرقًا بين المذكر والمؤنث، تقول في المؤنث: امرأة صالحة، وضاربة، والجمع صوالح، وضوارب وجوالس، قرأ طلحة: {فالصولح قونت حوفط للغيب} فأما قول الشاعر:
وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم = خضع الرقاب نواكس الأبصار
فإنه اضطر إلى ذلك. ويقال: تهالك الرجل لفلان: إذا تواضع له،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/155]
وامرأة هلوك: فاسدة. ويقال: اهتلك يهتلك: إذا اجتهد في الطيران وغيره قال زهير يصف صقرًا:
دون السماء وفو الأرض قدرهما = عند الذنابي فلا فوت ولا درك
عند الذنابي له صوت وأزملة = تكاد تخطفه طورًا وتهتلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/156]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التاء والنون من قوله جلّ وعزّ: لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه [النمل/ 49].
[الحجة للقراء السبعة: 5/393]
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر وعاصم بالنون جميعا، وقرأ حمزة والكسائي بالتاء جميعا.
قال أبو علي: قوله: تقاسموا فعل لا يخلو من أن يراد به مثال الماضي، أو مثال الآتي الذي يراد به الأمر، ألا ترى أنّك تقول: تقاسموا أمس، إذا أردت الماضي، وتقاسموا غدا، إذا أردت به الأمر، فمن قال: تقاسموا بالله لنبيتنه فأراد الأمر وجعل لنبيتنه جوابا لتقاسموا، لأنّ هذه الألفاظ التي تكون من ألفاظ القسم تتلقى بما تتلقّى به الأيمان كقوله سبحانه: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن [فاطر/ 42] وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى [النحل/ 38]، فكذلك: تقاسموا بالله، فمن قال:
لنبيتنه تلقاه باللّام والنون الثقيلة، وأدخل المتكلمون أنفسهم مع المقسمين، كما دخلوا في قوله تعالى: فقل تعالوا ندع أبناءنا [آل عمران/ 61]. ومن قال: (لتبيّتنّه) أراد ليقسم بعضكم لبعض لتبيّتنّه، فتقاسموا على هذا: أمر، كما كان فيمن قال: لتبيّتنّه، أمرا.
ومن قال: (ليبيّتنّه) بالياء، فتقاسموا على هذا مثال ماض، ولا يجوز مع هذا إلّا بالياء، لأنّ مثال الماضي للغيبة، كما أن (ليبيّتنّه) بالياء كذلك، ولا يجوز التاء ولا النون في قوله لنبيتنه و (لتبيّتنّه) مع
[الحجة للقراء السبعة: 5/394]
مثال الماضي. لأنّ الماضي للغيبة، و (لتبيّتنّه) للخطاب). [الحجة للقراء السبعة: 5/395]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ عاصم في رواية أبي بكر: (مهلك أهله) [النمل/ 49] بفتح الميم واللام، وروى عنه حفص بفتح الميم وكسر اللام، وقرأ الباقون: (مهلك) بضمّ الميم وفتح اللام.
قال أبو علي: يقال: هلك يهلك، والمصدر منه مهلك، كما أنّ المصدر من ضرب يضرب مضربا، بفتح الراء، واسم المكان:
المهلك، بكسر اللّام، فقول عاصم في رواية أبي بكر: (مهلك) أي هلاك أهله، وقد حكي أنّه يقال: هلكني، بمعنى: أهلكني. وذلك لغة تميم، فيما زعموا، فيجوز في المهلك على هذا أن يكون مصدرا مضافا إلى المفعول به، ويكون على قول من لم يجعل هلكه بمعنى أهلكه، مصدرا مضافا إلى الفاعل، كما تقول: هلاك أهله.
وأمّا رواية حفص عنه، فيحتمل ضربين: يجوز أن يكون:
مهلك اسم المكان، فيكون المعنى: ما شهدنا موضع هلاكهم ومكانه، فيكون المهلك: كالمجلس، في أنّه يراد به موضع الجلوس، ويجوز أن يريد بالمهلك، المصدر، لأنّه قد جاء المصدر من فعل يفعل، على مفعل، قال: إلي مرجعكم [العنكبوت/ 8]، وقال: ويسألونك عن المحيض [البقرة/ 222]، والأوّل أكثر.
[الحجة للقراء السبعة: 5/395]
فأمّا من قرأ: (مهلك) فيحتمل ضربين، يجوز أن يكون: إهلاك أهله: أي: لم يشهد إهلاك أهله، ويجوز أن يكون الموضع أي: لم يشهد موضع الإهلاك). [الحجة للقراء السبعة: 5/396]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا تقاسموا باللّه لنبيتنه وأهله ثمّ لنقولن لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون} 49
قرأ حمزة والكسائيّ (قالوا تقاسموا باللّه لتبيتنه) بالتّاء وضم التّاء الثّانية (ثمّ لتقولن) بالتّاء أيضا وضم اللّام
وقرأ الباقون بالنّون فيهما وفتح التّاء واللّام وحجتهم قوله {ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون} وجعلوا {تقاسموا} أمرا كأنّهم قالوا احلفوا لنبيتنه كما تقول قوموا نذهب إلى فلان وإن الّذي
[حجة القراءات: 530]
أمرهم بالحلف داخل معهم وقال الفراء قد يجوز اللّفظ {تقاسموا} على هذه القراءة أن يجعل فعلا ماضيا في معنى الحلف ويكون تقاسموا خبرا عنهم فيكون التّأويل قالوا متقاسمين باللّه لنبيتنه وأهله فحكى لفظهم بعد القول على ما نطقوا
ومن قرأ بالتّاء فإنّه جعل {تقاسموا} أمرا أيضا فكأنّه قال احلفوا لتفعلن فكأنّه أخرج نفسه في اللّفظ والنّون أجود
قرأ ابو بكر {ما شهدنا مهلك} بفتح الميم واللّام وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللّام
وقرأ الباقون {مهلك} بضم الميم وفتح اللّام جعلوه مصدرا من أهلك يهلك مهلكا وإهلاكا قالوا فيحتمل ضربين يجوز أن يكون إهلاك أهله أي ما شهدنا إهلاك أهله ويجوز أن يكون الموضع أي لم نشهد موضع الإهلاك
ومن فتح الميم واللّام جعله مصدرا ل هلك يهلك مهلكا مثل ضرب يضرب واسم المكان المهلك بكسر اللّام وكل ما كان على فعل يفعل فاسم المكان على مفعل والمصدر على مفعل المعنى ما شهدنا هلاك أهله
وأما رواية حفص مهلك اسم المكان المعنى ما شهدنا موضع هلاكهم ومكانهم فيكون المهلك كالمجلس في أنه يراد به موضع الجلوس ويجوز أن يريد بالمهلك المصدر لأنّه قد جاء المصدر من فعل يفعل على مفعل قال الله عز وجل {إليّ مرجعكم} ). [حجة القراءات: 531]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (18- قوله: {لنبيتنه وأهله ثم لنقولن} قرأ حمزة والكسائي
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/161]
بالتاء فيهما، وبضم التاء الثانية في «لنبيتنه» وضم اللام الثانية في «لنقولن»، وقرأ الباقون بالنون فيهما، وفتح التاء واللام.
وحجة من قرأ بالتاء أنه جعل «تقاسموا» فعلًا مستقبلًا أمرًا، فهو فعل مبني، والتاء للخطاب على معنى: قال بعضهم لبعض تقاسموا، أي افعلوا القسم بينكم، أي تحالفوا، فهو خطاب من بعضم لبعض، فجرى «لتبيتنه وأهله ثم لتقولن» على الخطاب أيضًا من بعضهم لبعض، فجاء على الخطاب.
19- وحجة من قرأه بالنون أنه أجرى الفعلين على الإخبار، عن جميعهم عن أنفسهم، و«تقاسموا» مستقبل أمر كالأول، هو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/162]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (20- قوله: {مهلك أهله} قرأ أبو بكر بفتح الميم واللام، وقرأ حفص بفتح الميم، وكسر اللام، وقرأ الباقون بضم الميم، وفتح اللام.
وحجة من فتح الميم واللام أنه جعله مصدر «هلك» فمهلك وهلاك مصدران لـ «هلك» و«الأهل» فاعلون في المعنى؛ لأن «هلك» لا يتعدى في أكثر اللغات، وقد حكى أن بني تميم يقولون: هلكني الأمر بمعنى أهلكني، فإن حملته على هذه اللغة كان «الأهل» في موضع نصب.
21- وحجة من فتح الميم وكسر اللام أنه جعله اسم مكان كالمجلس، لأن اسم المكان من «فعل يفعل» «المفعِل» بالكسر، والمصدر منه بالفتح ويجوز على جهة الشذوذ أن يكون مصدرًا كما قال في المصدر «المرجع والمحيض» وأصل المصدر في هذا الفتح.
22- وحجة من ضم الميم أنه جعله مصدرًا من «أهلك» فالإهلاك والمهلك مصدران لـ «أهلك»، و«الأهل» في موضع نصب، لأنه يتعدى،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/162]
تقديره: ما شهدنا إهلاك الله أهله، ويجوز أن يكون اسمًا للمكان، على معنى ما شهدنا موضع إهلاك أهله، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/163]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {لَتُبَيِّتَنَّهُ}، {لَتَقُولَنَّ} [آية/ 49] بالتاء فيهما، ولام الكلمة مضمومة:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن {تَقَاسَمُوا} فعل أمر، والمراد: ليُقسم بعضكم لبعض لتبيتنه أنتم، وكان الأصل لتبيتون، فلحقت النون الثقيلة التي تلحق للتأكيد، فسقطت حينئذ النون التي هي علامة الرفع لأن الفعل يصير مبنيًا مع نون التأكيد، بقيت الواو ساكنة، وبعدها النون الأولى الساكنة التي أدغمت في
[الموضح: 964]
النون الأخرى، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، وبقيت ضمة التاء تدل على الواو المحذوفة.
وقرأ الباقون {لَنُبَيِّتَنَّهُ} {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ} بالنون فيهما، ولام الكلمة منهما مفتوحة.
والوجه أن {تَقَاسَمُوا} أيضًا فعل أمر، ولنبيتنه جوابه، لما كان الفعل من لفظ القسم، والمتكلمون ههنا داخلون في جملة المقسمين، كما قال الله تعالى {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ}. وقال الفراء:
قوله: {تَقَاسَمُوا} خبر على أن تقاسموا فعل ماض، وهو بدل عن {قَالُوا} قالوا، أو على إضمار قد، ويكون في موضع الحال، والتقدير: قالوا متقاسمين، والفعل في {لَنُبَيِّتَنَّهُ} لجماعة المتكلمين كما تقول لنفعلنّ). [الموضح: 965]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {مَهْلِكَ} [آية/ 49] بفتح الميم:
قرأها عاصم وحده، وفتح اللام ياش- عنه، وكسرها ص-.
والوجه أن {مَهْلَكَ}، بفتح الميم واللام، مصدر هلك يهلك، أي ما شهدنا هلاك أهله، وأما {مَهْلِكَ} بفتح الميم وكسر اللام، فيجوز أن يكون اسم المكان، أي ما شهدنا المكان الذي وقع فيه هلاكهم، ويجوز أن يكون مصدرًا على مفعل بكسر العين، كمرجع ومحيض وهو شاذ، والشاذ في هذا الباب المنقاس.
وقرأ الباقون {مُهْلَكَ} بضم الميم وفتح اللام.
والوجه أنه يجوز أن يكون مصدرًا من أهلك يُهلك إهلاكًا ومُهلكًا،
[الموضح: 965]
والمعنى ما شهدنا إهلاك أهله، ويجوز أن يكون اسم المكان منه، والمعنى ما شهدنا الموضع الذي فيه إهلاك أهله). [الموضح: 966]

قوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)}
قوله تعالى: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّا دمّرناهم (51)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر بكسر الألف (إنّا).
وقرأ الباقون: (أنّا دمّرناهم) بفتح الألف.
قال الفراء: من قرأ (إنّا دمّرناهم) بالكسر فعلى الاستئناف، وهو يفسر ما قبله، كقوله: (فلينظر الإنسان إلى طعامه، إنّا صببنا الماء) يستأنف وهو يفسر ما قبله.
ومن قرأ (أنّا دمّرناهم) بالفتح فيكون (أنّا) في موضع الرفع، يجعلها تابعة لقوله: (عاقبة مكرهم) قال: وإن شئت جعلت (أنّا) نصبًا
[معاني القراءات وعللها: 2/242]
من جهتين:
إحداهما أن تردها على موضع (كيف)، لأنها في موضع نصب.
والأخرى: أن تكرّ (كان) عليها، كأنك دلت كيف كان عاقبة مكرهم تدميرنا إيّاهم فـ (أنّا) في موضع نصب). [معاني القراءات وعللها: 2/243]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {أنا دمرناهم} [51].
قرأ أهل الكوفة: {أنا} بفتح الألف.
وقرأ الباقون: {إنا} بالكسر. فمن كسر استأنف وابتدأ، ومن فتح جعله في موضع نصب على تقدير: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم بأنا دمرناهم، فلما سقطت الباء حكمت عليها بالنصب في قول النحويين إلا الكسائي، فإنه يجعل موضعه خفضًا مع سقوط الباء.
وقال آخرون: من فتح {أنا} جعل «أنا» جعل «أنا» مع ما بعدها في موضع اسم، وجعله خبر «كان»، وتلخيصه: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم التدمير). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/156]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الألف وكسرها من قوله جلّ وعزّ: (إنا دمرناهم وقومهم) [النمل/ 51].
فقرأ عاصم وحمزة والكسائي: (أنّا) بفتح الألف، وقرأ الباقون: إنا بكسر الألف.
قال أبو علي: قال سبحانه: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم [النمل/ 51]. من كسر (إنّا) جاز أن تكون (كان) المفتقرة إلى الخبر، وجاز (أن) تكون التي بمعنى وقع، فإذا جعلته على وقع كان قوله: (كيف) في موضع حال تقديره: على أي حال وقع عاقبة مكرهم. أي أحسنا وقع عاقبة مكرهم، أم سيّئا؟ ويكون في: كيف ضمير من ذي الحال، كما أنّك إذا قلت في الدار حدث الأمر، فجعلته في موضع الحال كان كذلك، وحكم «كيف» أن يكون متعلقا بمحذوف، كما أنّك إذا قلت في الدار وقع زيد، تقديره: وقع زيد مستقرا في هذه الحال، فإن جعلته ظرفا للفعل تعلق بكان الذي بمعنى الحدوث.
[الحجة للقراء السبعة: 5/396]
وقوله: (إنا دمرناهم) [النمل/ 51] فيمن كسر استئناف، وهو تفسير للعاقبة، كما أنّ قوله: لهم مغفرة وأجر عظيم [المائدة/ 9] تفسير للوعد، فكذلك قوله: (إنّا دمّرناهم) تفسير.
ومن قرأ: أنا دمرناهم جاز أن يكون (كان) على ضربيها، فإذا حملتها على وقع كان (كيف) في موضع حال، وجاز في قوله: (إنّا دمّرناهم) أمران، أحدهما: أن يكون بدلا من قوله: عاقبة مكرهم، وجاز أن يكون محمولا على مبتدأ مضمر، كأنّه: هو أنا دمرناهم أو ذاك أنّا دمّرناهم، فإذا حملتها على المقتضية للخبر جاز في قوله: (إنّا دمّرناهم) أيضا أمران: أن يكون بدلا من اسم (كان) الذي هو (العاقبة)، فإذا حملته على ذلك كان (كيف) في موضع خبر كان.
والآخر: أن يكون خبر (كان)، ويكون موضعه نصبا، بأنّه خبر كأنّه: كان عاقبة مكرهم تدميرهم، ويكون كيف في موضع حال، ويجوز أن يكون العامل في كيف أحد شيئين:
أحدهما: أن يكون (كان) لأنّه فعل كما كان العامل في الظرف في قوله سبحانه: أكان للناس عجبا أن أوحينا [يونس/ 2] كان. ألا ترى أنّه لا يجوز أن يتصل قوله للناس بواحد من المصدرين، إلّا أن تجعله صفة لعجب، فتقدمه، فيصير في موضع حال، والعامل فيه على هذا أيضا كان. ويجوز أن يكون العامل فيه ما في الكلام من الدلالة على الفعل، لأنّ قوله: (إنّا دمّرناهم) بمنزلة تدميرنا، وتدميرنا يدلّ على دمرناهم فيصير العامل فيه هذا المعنى الذي دلّ عليه ما في
[الحجة للقراء السبعة: 5/397]
الكلام من معنى الفعل. وزعموا أن في حرف أبيّ: (أن دمرناهم وقومهم) [النمل/ 51] فهذا يقوي الفتح في أنا). [الحجة للقراء السبعة: 5/398]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {أنا دمرناهم} بكسر الألف على الابتداء واستئناف خبر وحجتهم أن الكلام متناه عند قوله {كيف كان عاقبة مكرهم} ف {عاقبة} اسم كان وكيف في موضع نصب خبر {كان} ويجوز أن يكون كان الّتي بمعنى وقع وحدث فإذا جعل على معنى وقع كان قوله {كيف} في موضع حال المعنى على أي حال وقع عاقبة مكرهم أي حسنا وقع عاقبة مكرهم أم سيّئًا
وقرأ أهل الكوفة {أنا دمرناهم} بالفتح وحجتهم قراءة أبي (كيف كان عاقبة مكرهم أن دمرناهم) قوله أنا دمرناهم على هذه القراءة يكون رفعا من وجه ونصبا من وجهين أما الرّفع فأن ترده على قوله {عاقبة} فتكون تابعة لها ويكون تقدير الكلام فانظر كيف كان تدميرنا إيّاهم وقومهم أجمعين على البدل من {عاقبة} و{كيف} في موضع نصب خبر ل كان ونصبها إن شئت جعلت أنا مع ما بعده في موضع خبر كان المعنى فانظر كيف كان عاقبة مكرهم التدمير ويجوز أن يكون أنا في موضع نصب على معنى فانظر كيف كان عاقبة مكرهم لأنا دمرناهم). [حجة القراءات: 532]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {أنا دمرناهم} قرأه الكوفيون بفتح الهمزة وكسرها الباقون.
وحجة من كسر أنه جعل «كان» بمعنى وقع تامة، لا تحتاج إلى خبر، وجعل «كيف» في موضع الحال، فتم الكلام على «مكرهم»، ثم ابتدأ بـ «إنا» مستأنفًا فكسرها، والتقدير: فانظر يا محمد على أي حال وقع عاقبة أمرهم، ثم استأنف مفسرًا للعاقبة بالتدمير، بكسر «إن» لأنها مستأنفة وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه.
24- وحجة من فتح «أنا» أنه جعل «أنا» بدلًا من العاقبة، فموضعها رفع، و«كان» بمعنى وقع، و«كيف» في موضع الحال كالأول، وإن شئت جعلت «أنا» في موضع رفع على إضمار مبتدأ، تقديره: هو أنا دمرناهم، وإن شئت جعلت «كان » ناقصة، وتحتاج إلى خبر، فتكون «العاقبة» اسمها و«أنا دمرناهم» الخبر، تقديره: فانظر كيف كان عاقبة أمر مكرهم تدميرنا إياهم، وقد تقدم ذكر «قدرناها» و«بشرى» وشبهه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/163]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} [آية/ 51] بفتح الألف:
قرأها الكوفيون ويعقوب.
والوجه أنه لا يخلو {كَانَ} التي في قوله {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ} من أن تكون تامة أو ناقصة.
فإن كانت تامة جاز في قوله {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} أن يكون بدلًا من قوله {عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ} كأنه قال: كيف كان تدميرهم؛ لأن أن مع ما بعده في معنى المصدر، وجاز أن يكون على تقدير مبتدأ محذوف، كأنه قال: هي أنّا دمّرناهم.
وإن كانت {كان} ناقصة وهي المحتاجة إلى الخبر، جاز في قوله {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} أن يكون خبر كان، كأنه قال: كان عاقبة مكرهم تدميرهم، وكيف في موضع حال، ويجوز أن يكون {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} في هذا أيضًا بدلًا عن {عاقبة} كما سبق في الوجه الأول، و{كَيْفَ} خبر كان، كأنه قال: على أي حال كان عاقبة مكرهم.
وقرأ الباقون {إِنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} بكسر الألف.
والوجه أنه كلام مستأنف، وهو تفسير العاقبة؛ لأنه قال: انظر كيف كان عاقبة مكرهم، ثم فسر العاقبة فقال: {إِنَّا دَمَّرْنَاهُمْ}، كما قال تعالى {فَلْيَنْظُرِ
[الموضح: 966]
الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} ثم استأنف على سبيل التفسير فقال {إِنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا}). [الموضح: 967]

قوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)}
قوله تعالى: {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس