عرض مشاركة واحدة
  #43  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:46 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (196) إلى الآية (202) ]

{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202)}

قوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّ وليّي اللّه... (196)
روى عباس عن أبي عمرو (إنّ وليّ اللّه) غير مثقل.
وقال زيد عن أبي عمرو (إنّ وليّ اللّه) مدغمة.
وقرأ الباقون (وليّي) بإظهار الياءين مع التشديد، وهي ثلاث ياءات:
الأولى: ياء (فعيل)، والثانية: لام الفعل، والثالثة ياء الاسم المضمر المضاف إليه.
[معاني القراءات وعللها: 1/432]
وأما ما روي من الإدغام لأبى عمرو فلا موضع للإدغام ها هنا؛ لأن الإدغام فيه يجمع بين ساكنين، لكن أبا عمرو لما رأى توالي الياءات اختلس لفظ بعضها اختلاسًا خفيًا بلطافته على ما هو معهود عنده من لطافة ألسنة العرب.
فلا يطوع لسان الحضري لما يطوع له لسان البدوي). [معاني القراءات وعللها: 1/433]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (49- قوله تعالى: {إن وليي الله} [196].
قرأ القراء بثلاث ياءات الأولى: يا فعيل، والثانية: أصلية، والثالثة ياء الإضافة إلى النفس، فأدغمت الياء الزائدة في الياء الأصلية، فالتشديد من جلل ذلك، والوسطى مكسورة، وإن كنت في موضع نصب؛ لاتصالها بياء الإضافة؛ لأن ياء الإضافة يُكسر ما قبلها، فياء الإضافة مفتوحة كما تقول: إن غلامي الكريم. وروى ابن اليزيدي عن أبيه عن أبي عمرو {إن ولي الله} بياء مشددة؛ كأنه حذف الياء الوسطى وأدغم الأولى في الثانية كما تقول: علي ولدي.
وروى عن عاصم الجحدي {إن ولي الله} بياء مشددة مكسورة، فكأنه حذف الياء الوسطى وأسكن ياء الإضافة وكسرها لالتقاء الساكنين.
قال ابن خالويه رحمه الله -: الصواب في قراءة الجحدري أن تقول: أسقط ياء الإضافة؛ لأنه أسكنها، ولقي الياء ساكنًا آخر، والكسرة دالة عليها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/217]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في قوله [جلّ وعز]: إن وليي الله [الأعراف/ 196].
فقرأ ابن كثير، وعاصم، ونافع، وابن عامر، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: وليي الله بثلاث ياءات: الأولى ساكنة، والثانية مكسورة، والثالثة هي ياء الإضافة مفتوحة.
وقال ابن اليزيدي عن أبيه عن أبي عمرو أنه قال: لام الفعل مشمّة كسرا وياء الإضافة منصوبة.
وقال ابن سعدان عن اليزيدي عنه أنّه قرأ: ولي الله يدغم الياء. قال أبو بكر: والترجمة التي قال ابن سعدان عن اليزيدي في إدغام الياء، ليست بشيء، لأنّ الياء الوسطى التي هي لام الفعل متحركة وقبلها ساكن، والياء الزائدة ساكنة ولا يجوز إسكانها وإدغامها، وقبلها ساكن، ولكني أحسبه أراد حذف الياء الوسطى وإدغام الياء الزائدة في ياء الإضافة.
وقال أبو زيد عن أبي عمرو: إن ولي الله مدغمة، وإن شاء بالبيان قال: وليي الله مثقّلة.
[الحجة للقراء السبعة: 4/116]
وروى العباس بن الفضل كذلك مثقّلة عن أبي عمرو مثله.
[قال أبو علي]: لا يخلو ما رواه أبو زيد عن أبي عمرو من قوله: إن وليي الله من أن يدغم الياء التي هي لام الفعل في ياء الإضافة، أو يحذف الياء التي هي لام الفعل، فإذا حذفها أدغم ياء فعيل في الياء التي هي ياء الإضافة، فلا يجوز أن يدغم الياء التي هي لام في ياء الإضافة لأنّه إذا فعل ذلك انفكّ الإدغام.
ويذهب سيبويه إلى أنك إذا قلت: هذا وليّ يزيد وعدوّ وليد، لم يجز إدغام الياء التي هي لام في ياء يزيد، لأنّك حيث أدغمت الياء في وليّ، والواو في عدوّ، ذهب المد للإدغام، فصارت الياء والواو بمنزلة غيرهما من الحروف التي لا تكون للمدّ، واستدلّ على ذلك بجواز ليّا في القافية مع طيّا ودوّا مع غزوا، فلو أدغمت شيئا من ذلك عاد المدّ إلى الحرف الذي كان ذاك المدّ عنه بالإدغام، وعود المدّ إليه بانفكاك الإدغام بمنزلة تحريك الساكن في نحو: قرم موسى، واسم
[الحجة للقراء السبعة: 4/117]
مالك، فكما لا يدغم هذا أحد، كذلك لا ينبغي إدغام الياء التي هي لام في وليّ لعود المدّ إليه بانفكاك الإدغام، وعود المدّ بمنزلة تحريك الراء في قرم موسى، ألا ترى أن المدّ قد قام مقام الحركة في دابّة، وتمودّ الثوب وتضربينّي، فكما لم يجز التحريك في راء قرم موسى، كذلك لا يجوز إدغام الياء التي هي لام في ياء الإضافة. فإن قلت: فليست ياء الإضافة منفصلة لأنّها لا تنفرد.
قيل: إنّها في حكم المنفصل كما أنّ اقتتلوا في حكم المنفصل لاجتماعهما جميعا في أنّ كلّ واحد من الحرفين، يجري في الكلام، ولا يلزمه به مثله، وإذا لم يجز هذا لما ذكرنا، ثبت أنّ اللّام من وليّ حذفها حذفا كما حذفت اللّام من قوله: ما باليت به بالة.
وكما حذفت من قولهم: حانة، وكما حذفت الهمزة التي هي لام في قول أبي الحسن من أشياء، وكما حذفت الهمزة في قولهم: سواية إذا أردت به سوائية مثل الكراهية.
[الحجة للقراء السبعة: 4/118]
وكما استمر الحذف في التحقير في هذه اللامات نحو: عطيّ في تحقير: عطاء، بدلالة قولهم: سميّة؛ فلما حذفت اللّام أدغمت ياء فعيل في ياء الإضافة، فقلت: وليّ الله، فهذه الفتحة فتحة ياء الإضافة.
فإن قلت: فأبو عمرو لا يرى حذف الياء الثالثة إذا اجتمعت ثلاث ياءات، لأن سيبويه حكي عنه أنّه يقول في تحقير أحوى فيمن قال: أسيد: أحيّ. قيل: هذا لا يدل على ما ذكرت من أنّه يرى الجمع بين ثلاث ياءات في نحو تحقير سماء، وذلك أنّه استجاز أحيّ، لأنّ في أوّل الكلمة الزيادة التي تكون في الفعل، وقد جرى هذا مجرى الفعل في أنّه منع الصرف، فكما جرى مجرى الفعل فيما ذكرنا، كذلك ما جرى مجراه في جواز اجتماع ثلاث ياءات في أحيّ، كما اجتمع في الفعل نحو أحيّي، ورأيت أحيي قبل وفي الاسم الجاري عليه نحو: محيّي، فلا يدل هذا على جواز عطيّ عنده، بل يفصل بينهما بما ذكرناه.
ألا ترى أنّ سيبويه ألزمه عطي على قوله: أحيّ، ولو كان يرى عطيّ، كما يرى أن يقول: أحيّ لم يلزمه سيبويه ذلك،
[الحجة للقراء السبعة: 4/119]
فكأن أبا عمرو في قوله: إن ولي الله شبّه المنفصل بالمتصل، فحذف إحدى الياءات من وليّ، كما يحذف من عطيّ.
وقرأ أبو عمرو أيضا: إن وليي الله كما قرأ غيره، ولم يحذف الياء، فقصر حذف الياء إذا اجتمعت ثلاث ياءات على المتصل، ولم يجر المنفصل مجرى المتصل في هذا المذهب الآخر الذي وافق فيه الأكثر). [الحجة للقراء السبعة: 4/120]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (55- {ولِيِّ الله} [آية/ 196] بفتح الياء مدغمة:
روي عن أبي عمرو.
[الموضح: 570]
والوجه أن الأصل ولي على وزن كبيري، فاجتمعت ثلاثة ياءات: منها ياء فعيل، والثانية ياء الأصل وهي لام الفعل، والثالثة ياء الإضافة، فلاجتماع الياءات حذفت إحداهن، وهي الياء التي هي لام الفعل كما حذفت من قولهم: ما باليت بالة، والأصل بالية، وكما حذفت من أشياء عند الأخفش وأصله أفعلاء عنده. فبقيت ياء فعيل وياء الإضافة، فأدغمت الأولى في الثانية وفتحت، فالفتحة فتحة ياء الإضافة على الأصل.
وقرأ الباقون {ولِيِّيَ} على الأصل، اجتمعت ثلاث ياءات على ما سبق، فأدغمت ياء فعيل في ياء الأصل، [وبقيت ياء الإضافة] مفتوحة على أصلها). [الموضح: 571]

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197)}

قوله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198)}

قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}

قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إذا مسّهم طيفٌ... (201).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي (طئف " بغير ألف،
وقرأ الباقون (طائفٌ) بالألف.
قال أبو منصور: المعنى في الطيف والطائف واحد.
والطيف في كلام العرب له معنيان:
أحدهما: الجنون، ومنه قول للهذلي:
............. فإذا بها وأبيك طيف جنون.
وقد جعله بعض المفسرين في هذا الموضع جنونا؛ لأن الغضب الشديد يعتريه شيء من الجنون، المعني: إذا مسهم غضب يخيّل إلى من
[معاني القراءات وعللها: 1/433]
رآه في تلك الحالة بعد ما كان رآه ساكنا أنه مجنون.
والطيف في غير هذا: الخيال الذي تراه في منامك، يقال: طاف الخيال يطيف طيفًا، وطاف الرجل بالبيت يطوت طوافًا.
ومن قرأ (إذا مسّهم طائفٌ) أراد به: تغير حالة الغضبان إذا ثار ثائره، فكأنما طاف به شيطان استخفه حتى تهافت فيما يتهافت فيه المجنون، من سفك الدم الحرام، والتقحّم على الأمور العظام). [معاني القراءات وعللها: 1/434]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (50- وقوله تعالى: {إذا مسهم طائف من الشيطان} [201].
قرأ أبو عمرو وابن كثير والكسائي {طيف} بغير ألف والأصل: طيف بتشديد الياء فحذفوا إحدى الياءين اختصارًا كما تقول: هين لين وميت.
وأخبرني محمد بن الحسن النحوي؛ وابن مجاهد عن إسماعيل عن نصر
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/217]
عن الأصمعي عن أبي عمرو {إذا مهم طيف} وأنشد:
ما هاج حسان رسوم المقام = ومظعن الحي ومبنى الخيام
جنية أرقني طيفها = تذهب صبحا وترى في المنام
ويقال: طاف الخيال يطيف طيفًا ومطافًا، وطاف فهو طائفٌ وقال جرير:
طاف الخيال وأين منك لماما = فارجع لزورك في السلام سلاما
فلقد أنى لك أن تودع خلة = رثت وكان حبالها أرماما
فمعنى طائف الشيطان: وسواسه ولممه وخبله وأنشد أبو عبيدة:
وتصبح عن غب السرى وكأنما = ألما بها من طائف الجن أولق
فهذا شاهد الباقين الذين قرأوا: {طائنف من الشيطان}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/218]
وقال آخر:
أنى ألم بك الخيال يطيف = ومطافه لك ذكرة وشعوف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/219]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في إثبات الألف وإسقاطها من قوله عز وجل: طيف* [الأعراف/ 201].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: طيف* بغير ألف.
وقرأ نافع وابن عامر، وعاصم، وحمزة: طائف بألف [وهمز].
أبو زيد: طاف الرجل يطوف طوفا، إذا أقبل وأدبر، وأطاف يطيف إطافة، إذا جعل يستدير بالقوم ويأتيهم من نواحيهم، وطاف الخيال يطيف طيفا، إذا ألمّ في المنام.
أبو عبيدة: طيف من الشيطان: أي: يلمّ به لمّا وأنشد الأعشى:
[الحجة للقراء السبعة: 4/120]
وتصبح عن غبّ السّرى وكأنّما... ألمّ بها من طائف الجنّ أولق
فقد ثبت ممّا قاله أبو زيد من قولهم: يطيف طيفا، أنّ الطيف مصدر، فكأنّ المعنى: إذا مسّهم وخطر لهم خطرة من الشيطان، ويكون: طائف بمعناه، مثل العاقبة والعافية، ونحو ذلك مما جاء المصدر فيه على فاعل وفاعلة.
والطيف أكثر لأنّ المصدر على هذا الوجه، أكثر منه على وزن فاعل، فطيف كالخطرة والطائف كالخاطر، وقال:
ألا يا لقوم لطيف الخيا... ل أرّق من نازح ذي دلال
وقال آخر:
فإذا بها وأبيك طيف جنون
[الحجة للقراء السبعة: 4/121]
قال أبو الحسن: الطيف أكثر في كلام العرب). [الحجة للقراء السبعة: 4/122]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن الّذين اتّقوا إذا مسهم طائف من الشّيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}
قرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة {طائف} بالألف من طاف به إذا دار حوله فهو طايف كذا قال الكسائي وقال غيره هو من طاف به من وسوسة الشّيطان
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (طيف من الشّيطان) أي لمة وخطرة من الشّيطان وكان مجاهد يقول طيف من الشّيطان غضب وحجتهم قوله قبله {وإمّا ينزغنك من الشّيطان نزغ} ولم يقل
[حجة القراءات: 305]
نازغ وقال {وإذا مسكم الضّر} ولم يقل الضار ويقال أصابته نظرة ولا يقال ناظرة فقوله طيف يحتمل أن يكون مصدر طاف يطيف طيفا كما يقال طاف الخيال يطيف طيفا ويحتمل أن يكون اسما مثل الطاف سواء كما يقال مائت وميت والّذي يدل عليه قراءة ابن مسعود (طيف) بالتّشديد مثل هين وهين بالتّشديد والتّخفيف). [حجة القراءات: 306]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (65- قوله: {طائف} قرأه أبو عمرو وابن كثير والكسائي بغير ألف،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/486]
مثل «ضيف»، وقرأ الباقون بألف مثل «فاعل».
وحجة من قرأ بغير ألف أنه جعله مصدر «طاف الخيال يطيف طيفا» مثل «كال يكيل» إذا ألم في المنام، قال أبو عبيدة: طيف من الشيطان يلم به، ويقال أيضًا: «طاف الخيال يطوف» مثل «قال يقول» فيكون «طيف» مخففا من «طيف» كـ «ميت، ميّت» ودل على ذلك أن ابن جبير قرأ «طيف» بالتشديد.
66- وحجة من قرأه على «فاعل» أنه جعله أيضًا مصدرًا كالعافية والعاقبة، و«فعل» أكثر في المصادر من فاعل، حكى أبو زيد: طاف الرجل يطوف طوفا، إذا أقبل وأدبر، وأطاف يطيف إذا جعل يستدير بالقوم ويأتيهم من نواحيهم، وطاف الخيال يطوف، إذا ألم في المنام، وقيل: الطائف ما طاف به من وسوسة الشيطان، والطيف من اللمم والمس الجنون، وقال الكسائي: الطيف اللهو، والطائف كل ما طاف حول الإنسان، وعن ابن جبير ومجاهد: الطيف الغضب، وعن ابن عباس طائفة لمة من الشيطان، والاختيار طائف؛ لأن عليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/487]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (53- {طَيْفٌ} [آية/ 201] بغير ألف:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب.
والوجه أنه مصدر من طاف الخيال يطيف طيفًا إذا ألم، والمعنى خطر لهم خطرة من الشيطان.
وقال بعض المفسرين: الطيف الجنون ههنا قال: والمعنى إذا مسهم غضب يخيل إلى من يراه أنه مجنون، والطيف في غير هذا الخيال.
وقرأ الباقون {طَائِفٌ} بالألف على وزن فاعل.
والوجه أنه مصدر أيضًا، فقد جاء فاعل وفاعلة مصدراً نحو العاقبة والعافية والنائل والخاطر، وكلها مصادر.
وطائف وطيف كلاهما واحدٌ، إلا أن الطيف أكثر في هذا الباب، فالطيف كالخطرة، والطائف كالخاطر). [الموضح: 569]

قوله تعالى: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإخوانهم يمدّونهم في الغيّ... (202).
قرأ نافع وحده (يمدّونهم) بضم الياء، من أمددت أمدّ، وقرأ الباقون (يمدّونهم في الغيّ) من مدّ يمدّ.
وقال أبو منصور: القراءة الجيدة (يمدّونهم) بفتح الياء كما قال الله جلّ وعزّ: (اللّه يستهزئ بهم ويمدّهم في طغيانهم يعمهون).
وأما الإمداد فأكثر ما يستعمل في الإمداد بالمال، كما قال الله (أيحسبون أنّما نمدّهم به من مالٍ وبنين)، والإمداد يكون بحرف الصلة، كقوله جلّ وعزّ: (ويمددكم بأموالٍ وبنين) قصد مد ماء هذا
[معاني القراءات وعللها: 1/434]
النهر نهر آخر يمده.
وقال: سيل آت مد أتيٌّ). [معاني القراءات وعللها: 1/435]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (52- [وقوله تعالى]: {يمدونهم في الغي} [202].
وقرأ نافع {يمدونهم في الغي} بضم الياء.
والباقون بفتحها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/219]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء وضمها في قوله عزّ وجلّ: يمدونهم في الغي [الأعراف/ 202].
فقرأ نافع وحده: يمدونهم بضم الياء وكسر الميم.
وقرأ الباقون: يمدونهم بفتح الياء وضمّ الميم.
[قال أبو علي] عامة ما جاء في التنزيل فيما يحمد ويستحبّ أمددت على أفعلت كقوله: إنما نمدهم به من مال وبنين [المؤمنون/ 55].
وقوله: وأمددناهم بفاكهة [الطور/ 22]، وقال:
أتمدونني بمال [النمل/ 36] وما كان خلافه يجيء على مددت قال: ويمدهم في طغيانهم يعمهون [البقرة/ 15].
وقال أبو زيد: أمددت القائد بالجند، وأمددت الدواة، وأمددت القوم بمال ورجال، وقال أبو عبيدة: يمدّونهم في الغي، أي: يزينون لهم [الغي والكفر ويقال]: مدّ له في غيه:
[الحجة للقراء السبعة: 4/122]
[زينه له وحسنه وتابعه عليه].
قال أبو عبيدة: هكذا يتكلمون بهذا، فهذا ممّا يدل أن الوجه فتح الياء، كما ذهب إليه الأكثر.
ووجه قول نافع أنّه بمنزلة قوله: فبشرهم بعذاب أليم [آل عمران/ 21].
وقوله: فسنيسره للعسرى [الليل/ 10]). [الحجة للقراء السبعة: 4/123]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الجحدري: [يُمَادُّونَهم].
قال أبو الفتح: هو يُفَاعِلونهم من أَمددته بكذا، فكأنه قال: يعاونونهم). [المحتسب: 1/271]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإخوانهم يمدونهم في الغي ثمّ لا يقصرون}
قرأ نافع {وإخوانهم يمدونهم} بضم الياء وكسر الميم من من أمد يمد وهو من قولك أمددت الجيش إذا زدته بمدد قال الله تعالى {وأمددناكم بأموال وبنين} فمعنى {يمدونهم} يزيدونهم غيا وكأنّه قال يمدونهم من الغي
وقرأ الباقون {يمدونهم} بفتح الياء من مد يمد إذا جر فقوله يمدونهم أي يجرونهم في الغي وقال قوم يمدونهم يتركونهم في الغي تقول العرب لأمدنك في باطلك أي لأتركنك فيه ولا أخرجك منه). [حجة القراءات: 306]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (67- قوله: {يمدونهم في الغي} قرأه نافع بضم الياء، وكسر الميم، وقرأ الباقون بفتح الياء، وضم الميم، وهما لغتان: مد وأمدّ، ومدّ أكثر بغير ألف، يقال: مددت في الشر وأمددت في الخير. قال الله في الخير {إنما نمدهم به من مال} «المؤمنون 55» وقال: {وأمددناهم بفاكهة} «الطور 22» وقال في الشر: {ويمدهم في طغيانهم} «البقرة 15» فهذا يدل على قوة الفتح في هذا الحرف، لأنه في الشر، وحكى أبو زيد: أمددت القائد بالجند،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/487]
وأمددت الرواة، وأمددت القوم بمال ورجال، وفتح الياء الاختيار، لما ذكرنا أن «مددت» أكثر، وأنه يستعمل في الشر، والغي هو الشر، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/488]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (54- {يَمُدُّونَهُمْ} [آية/ 202] بضم الياء وكسر الميم:
قرأها نافع وحده.
والوجه أنه وإن كان الإمداد يستعمل فيما يحمد ويستحب، فهو ههنا على المجاز والتشبيه بمنزلة قوله تعالى {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وذلك أنه يقال: أمددته بمال. قال الله تعالى {أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ} وقال {وأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ فيستعمل أمد فيما يكون محموداً، وفي المكروه مددت، قال الله تعالى {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ فوضع نافع الإمداد موضع المد مجازاً وتشبيهًا.
وقرأ الباقون {يَمُدُّونَهُمْ} بفتح الياء وضم الميم.
والوجه أنه على أصله الذي يجب أن يكون عليه؛ لأنه مستعمل مع الغي، فالأحسن أن يكون المد لا الإمداد؛ لأن الغي مكروه غير محمود، يقال: مددته في الغي أو الجهل أو الطغيان، وقد مضى شاهده). [الموضح: 570]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس