عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 11:19 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

(فصل)
"إنّ" و"أنّ" المشددتين المكسورة والمفتوحة و"إنْ"و"أنْ" المخففتين المكسورة والمفتوحة

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل)
"إنّ" و"أنّ" المشددتين المكسورة والمفتوحة و"إنْ" و"أنْ" المخففتين المكسورة والمفتوحة.
فأما "إنّ" فإنها حرف، تنصب الاسم وترفع الخبر، وقد تنصبهما جميعًا في لغة قال الشاعر:
إذا اسود جنح الليل فلتأت ولتكن ..... خطاك خفافًا إن حُراسنا أسدا
وفي الحديث: «إن قعر جهنم سبعين خريفًا».
ومنهم من حمله على حذف الخبر أي تلقاهم أسدا، وحمل القعر على المصدر، الذي هو الفعل لا على الظرف، ونصب سبعين على أنه خبر كان المحذوفة تقديره: "إن" بلوغ قعر جنهم يكون في سبعين عامًا.
وقد يرتفع بعدها المبتدأ فيكون اسمها ضمير شأن محذوفًا ... كقول الشاعر:
إن من يدخل الكنيسة يومًا .... يلق فيها جاذرًا وظباء
ولا يجوز "أن" تكون من اسمها لأن، فمن شرط والشرط له صدر الكلام فلا يعمل فيه ما قبله.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون».
والأصل: "إنه" من يدخل الكنيسة، "إنه" من أشد الناس عذابًا أي الشأن.
وتميم وقيس تبدل "همزة" المفتوحة عينًا وتقول: أشهد "عن" محمدًا رسول الله.
قال ذو الرمة:
أعن ترسمت من خرقاء منزلةً .... ماءُ الصبابة من عينيك مسجوم
يجعل مكان "الهمزة" عينًا، وتسمى عنعنة تميم.
هذا حكمها.
وأما معناها: فهو التوكيد والتحقيق حتى قال أبو زكريا الفراء: إنها مقدرة جوابًا لقسم متروك استغني بها عنه: والتقدير: والله "إن" زيدًا عالم، وكذلك المفتوحة للتوكيد أيضًا.
وقد تأتي المكسورة للجواب بمعنى "نعم"، وأنكره أبو عبيد، واحتج المثبتون بقول ابن الزبير رضي الله عنهما لمن قال له: لعن الله ناقة حملتني إليك: "إن" وراكبها، أي: "نعم" ولعن راكبها.
وبقول ابن قيس الرقيات:
بكرت علي عواذلي .... يلحينني وألومهنـــــــــــــــــــــــه

ويقلن شيبٌ قد علا .... ك وقد كبرت فقلت إنه
وتأوله أبو عبيد على معنى الاختصار: "أ" "إنه" قد كان كما تقلن.
وقال: وهذا اختصار من كلام العرب يكتفى منه بالضمير؛ لأنه قد علم معناه.
وأما المثبتون فيقلون "الهاء" "هاء" السكوت لا "هاء" الضمير، ويرد قولهم: إنه لا تثبت القواعد الكلية مع قيام الاحتمال، وهذا أصل فاعتمد عليه في جميع ما يرد عليك.
نعم يشهد لهم قول الشاعر:
قالوا أخفت فقلت إن وخيفتي .... ما إن تزال منوطةً برجـــــــــــــــــــائي
وقول الآخر:
قالوا: غدرت فقلت إن، وربما .... نال العلى وشفى الغليل الغادر
وخرج المبرد على هذا المعنى قوله تعالى: {إن هذان لساحران}.
ورد بأن هذه لغة شاذة عند من أثبتها فلا يخرج عليها القرآن العزيز وإنما يخرج على الوجه القوي القريب دون الضعيف البعيد، وهذا أيضًا أصل نفيس فاعتمد عليه أيضًا فيما يرد عليك فللمعربين أقوال كثيرة على خلاف الصواب). [مصابيح المغاني: 159 - 165]

(فصل)
"إنّ" و"أنّ" المشددتين المكسورة والمفتوحة و"إنْ" و"أنْ" المخففتين المكسورة والمفتوحة

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): (وقد ترد المفتوحة بمعنى "لعل"، نحو قوله تعالى: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون} المعنى: "لعلها" إذا جاءت؛ بدليل قراءة أُبي رضي الله تعالى عنه، وحكى الخليل: ائت السوق "أنك" تشتري لنا شيئًا، "لعلك"، وقال عدي بن زيد:
أعاذلُ ما يدريك أن منيتي .... إلى ساعةٍ في اليوم أو في ضحى الغد
وتزاد عليها "ما" فتفيد المكسورة: الحصر والتعيين عند الجمهور من الأصوليين وغيرهم خلافًا للآمدي وأبي حيان، قال: ويذكر لذلك وجه لطيف بسند إلى علي بن عيسى الربعي وهو: أنه لما كانت كلمة "إن" لتأكيد المسند للمسند إليه ثم اتصلت بها "ما" المؤكدة "لا" النافية كما يظنه من لا وقوف له على علم النحو ناسب أن تضمن معنى الحصر لأنه ليس إلا تأكيدًا على تأكيد، فإن قولك لمن يردد المجيء الواقع بين زيد وعمرو، جاء زيد "لا" عمرو، يفيد إثباته لزيد في الابتداء صريحًا وفي الآخر ضمنًا، وسيأتي الكلام على ذلك أيضًا في باب "ما"، قال أبو زكريا الفراء وابن فارس: ولا تكون ابتداءً وإنما تكون ردًا لقول متقدم كقول الله تعالى: {إنما الله إله واحد}، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الولاء لمن أعتق».
وكذا المفتوحة تفيد الحصر عند الزمخشري لكونها فرع المكسورة، ونسبه أبو حيان إلى الشذوذ، قال ابن هشام: وهو محجوج بقوله تعالى: {قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحدٌ} فإنما الأولى قصرت الوحي على الإلهية لأجل الرد عليهم، فقصرت الصفة على الموصوف، وإنما الثانية حصرت الإله في الوحدانية، فقصرت الموصوف على الصفة.
قال عبد الوهاب السبكي: ولأبي حيان أن يقول: المعنى على قول الزمخشري جميع ما يوحى إلى "أن" إلهكم ليس إلا واحد، فيلزمه "أن" إلهنا واحد وقادر وحي وسميع وبصير إلى غير ذلك من الصفات التي نثبتها، فيلزم من يدعي الحصر عدم إيحاء غير الوحدانية وهذا باطل لأنه يوحى إليه أمورًا أخر.
قال: ولعل الزمخشري إنما ادعي لعدم مبالاته بهذا الإلزام فإنه معتزلي لا يثبت الصفات. انتهى.
قلت: ولا يخفى ما في هذا البحث من التكلف والتعسف فإنه و"إن" أوحى إليه "أنه" قادر، حي، سميع، بصير، فذلك لكه من الوحدانية، والذي أراه أن الكلام إنما سيق لمجرد الرد عليهم في دعوتهم التشريك فالحصر معنى ألزم والله أعلم). [مصابيح المغاني: 166 - 167]


رد مع اقتباس