عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م, 09:46 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

إملاء المصحف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا يخلو إملاء المصاحف من أن يكون عن أصول ينظر فيها المملى حال الإملاء , أو يكون إملاؤه عن ظهر قلب , فإن كان الإملاء معتمدا على أصل ينظر فيه المملى فإن المأثور عن الصحابة رضوان الله عليهم اشتراط كون الأصل الذى يعتمد عليه عند الإملاء أصلا مضبوطا متقنا , وأن يكون المملى فصيح اللسان , جيد اللغة حتى يأمن لحنه , ولكى لا يسئ الكاتب عنه الفهم إذا كان نطقه غير فصيح .
وقد أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبى داود عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : ( لا يملين فى مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش , أو غلمان ثقيف ){197}
وفى رواية عنه أيضا أنه قال : ( إذا اختلفتم فى اللغة فاكتبوه بلغة مضر , فإن القرآن نزل على رجل من مضر )
وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : " لا يكتب المصاحف إلا مضرى "
أخرج ابن أبى داواد فى المصاحف وعنه الحافظ فى الفتح فى قصة كتابة المصحف الإمام , وذكر حديثا مطولا وفى آخره: ( فلما من ذلك عثمان قال : من أكتب ؟ . قالوا : كاتب رسول الله يزيد بن ثابت . قال : فأى الناس أعرب ؟ قالوا : سعيد بن العاص . قال عثمان : فليمل سعيد وليكتب زيد فكتب زيد ) إلى آخر الأثر , ويأتى بتمامة فى مسألة توحيد المصاحف .
الإملاء عن ظهر قلب :
فإن كان المملى يعول فى إملاءه على حفظه فالظاهر من المروى عن عمر رضى الله عنه أن ذلك لا يجوز لكل أحد حاشا من شهد له النبى صلى الله عليه وسلم بالحفظ والإتقان وأوصى بأخذ القرآن عنه كابن مسعود مثلا , فقد عقد ابن أبى داود فى {198}
كتاب المصاحف بابا فى كتابة المصاحف حفظا , ذكر فيه أثر عمر رضى الله عنه فى هذا الشأن , والذى أخرجه الإمام أحمد فى المسند , واللفظ له قال ( حدثنا أبو معاوية , ثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : جاء رجل إلى عمر رضى الله عنه وهو بعرفه , قال [أبو ] معاوية : وحدثنا الأعمش عن خثيمة عن قيس بن مروان أنه أتى عمر رضى الله عنه فقال : جئت أمير المؤمنين من الكوفة , وتركت بها رجلا يملى المصاحف عن ظهر قلبه . فغضب وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتى الرحل . فقال : ومن هو ويحك ؟. قال عبد الله بن مسعود . فما زال يطفأ ويسرى عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التى كان عليها , ثم قال : ويحك ! والله ما أعلمه بقى من الناس أحد هو أحق بذلك منه , وسأحدثك عنذلك , كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبى بكر رضى الله عنه الليلة كذاك فى الأمر من أمر المسلمين , وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه , فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه , فإذا رجل قائم يصلى فى المسجد , فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع لقراءته , فلما كدنا أن نعرفه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد" . قال : ثم جلس الرجل يدعو , فجعل رسول الله صلى الله يقول له : " سل تعطه , سل تعطه " . قال عمر رضى الله عنه : قلت : والله لأغدون إليه فلأبشرنه . قال : فغدوت إليه لأبشره فوجدت أبا بكر رضى الله عنه قد سبقنى فبشره , ولا والله ما سبقته إلى خير قط إلا وسبقنى إليه ). {199}

رد مع اقتباس