عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:32 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (31) إلى الآية (33) ]

{إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا (31) وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32) وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}

قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا (31)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم مدخلًا كريمًا (31).
روى المفضل عن عاصم: (يكفر عنكم... ويدخلكم) بالياء معًا.
وقرأ الباقون بالنون.
قال أبو منصور: المعنى، في النون والياء واحد، والفعل لله، هو المكفر للسيئات، لا شريك له). [معاني القراءات وعللها: 1/304]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (مدخلًا كريمًا (31)، و(مدخلًا يرضونه).
قرأ نافع: (مدخلًا كريمًا) و(مدخلًا يرضونه) بفتح الميم.
[معاني القراءات وعللها: 1/304]
وكذلك روى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم.
وقرأ الباقون بضم الميم في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأهما (مدخلًا) بضم الميم فهو مصدر أدخله مدخلًا وإدخالا،
ويجوز أن يكون المدخل اسما، كأنه وضع موضع الإدخال.
ومن قرأ (مدخلًا) بفتح الميم فله معنيان:
أحدهما: مصدر دخل (مدخلًا) أي دخولا.
والثاني: موضع الدخول.
وأجاز القراء (مدخلًا) من أدخلت، ومصبحًا من أصبحت، وممسًى من أمسيت). [معاني القراءات وعللها: 1/305]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {وندخلكم مدخلا كريما} [31].
قرأ نافع وحده بالفتح وكذلك في (الحج) بالفتح.
وقرأ الباقون بالضم، جعلوه مصدرًا من أدخل كما قال تعالى: {بي أدخلني مدخل صدق}.
وأما نافع فإنه جعله من دخل مدخلاً مثل: طلعت الشمس مطلعًا ودخلت مدخلاً). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/132]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون من قوله [جل وعز]: نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم [النساء/ 31].
فروى أبو زيد سعيد بن أوس عن المفضّل عن عاصم يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم بالياء جميعا.
وقرأ الباقون: بالنون.
[الحجة للقراء السبعة: 3/152]
[قال أبو علي]: من قرأ يكفر بالياء، فلأنّ ذكر اسم الله تعالى قد تقدّم في قوله: إن الله كان بكم رحيما [النساء/ 29]. ومن قال: نكفر: فالمعنى: معنى الياء، ومثل ذلك بل الله مولاكم [آل عمران/ 150] ثمّ قال: سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب [آل عمران/ 151]. وأبو الحسن يستحسن النون في هذا النحو). [الحجة للقراء السبعة: 3/155]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الميم وفتحها من قوله [جل وعز]: مدخلا [النساء/ 31].
فقرأ نافع وحده: مدخلا كريما مفتوحة الميم، وفي الحج: مثله.
وقرأ الباقون: مدخلا مضمومة الميم هاهنا، وفي الحج. ولم يختلفوا في بني إسرائيل في: مدخل صدق ومخرج صدق [الإسراء/ 80] أنّهما بضمّ الميم.
وروى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم: مدخلا* بفتح الميم هاهنا وفي الحج.
قال أبو علي: قوله تعالى: مدخلا* بعد يدخلكم* يحتمل وجهين: يحتمل أن يكون مصدرا، ويجوز أن يكون مكانا. فإن
[الحجة للقراء السبعة: 3/153]
حملته على المصدر أضمرت له فعلا دلّ عليه الفعل المذكور.
ويكون قوله مدخلا* فيمن قدره مصدرا انتصابه بذلك الفعل، التقدير: ويدخلكم فتدخلون مدخلا.
ويجوز أن يكون مكانا، كأنه قال: يدخلكم مكانا، ويكون على هذا التقدير منتصبا بهذا الفعل المذكور، كما أنّك إذا قلت:
أدخلتك مكانا، انتصب بهذا الفعل، والمكان أشبه هاهنا، لأنا رأينا المكان وصف بالكريم، وهو قوله: كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم [الدخان/ 25 - 26] فوصف المكان بالكريم، فكذلك يكون قوله: مدخلا* يراد به المكان، مثل المقام، ويجوز أن يكون المراد به: الدخول، أو الإدخال، وإن كان قد وصف بالكرم، ويكون المعنى دخولا تكرمون فيه، خلاف من قيل فيه: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم [الفرقان/ 34] فليس هذا كقولك: حشرتهم على الوجه، وحشرتهم على وجوههم، أي: لم أدع منهم أحدا غير محشور، ولكن مثل قوله: أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي [الملك/ 22] وكقوله: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة [الزمر/ 24].
قال: ولم يختلفوا في بني إسرائيل في: مدخل صدق، ومخرج صدق أنّهما بضم الميم [قال أبو علي] لا يمتنع في
[الحجة للقراء السبعة: 3/154]
القياس أن تفتح الميم من مدخل على نحو ما قدمنا ذكره من أنّه يكون على فعل مضمر يدل عليه الكلام. ويجوز في المدخل إذا ضمّ أن يكون مكانا وأن يكون مصدرا، فإذا جعلته مصدرا جاز أن تريد مفعولا محذوفا من الكلام، كأنه قال: أدخلني الجنّة مدخلا، أي: إدخال صدق، والأشبه أن يكون مكانا، لإضافته إلى صدق، فهو في هذا كقوله: في مقعد صدق [القمر/ 55] فكما أنّ هذا المضاف إلى صدق مكان، كذلك، يكون المدخل مكانا، ولا يمتنع الآخر لأنّ غير العين قد أضيف إلى صدق في نحو: أن لهم قدم صدق عند ربهم [يونس/ 2] ألا ترى أنّه قد فسّر بالعمل الصالح). [الحجة للقراء السبعة: 3/155]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وندخلكم مدخلًا كريمًا}
قرأ نافع {وندخلكم مدخلًا كريمًا} بنصب الميم جعله مصدرا من دخل يدخل مدخلًا فإن سأل سائل فقال قد تقدم ما يدل على أنه من أدخل فالجواب في ذلك أن المدخل مصدر صدر عن غير لفظه كأنّه قال ويدخلكم فتدخلون مدخلًا وكذلك قوله {والله أنبتكم من الأرض نباتا} ولم يقل إنباتا قال الخليل تقديره فنبتم نباتا ويجوز أن يكون المدخل اسما
[حجة القراءات: 199]
للمكان فكأنّه قال وندخلكم موضع دخولكم قال الزّجاج قاله {مدخلًا} يعني به ها هنا الجنّة
وقرأ الباقون {مدخلًا} بضم الميم مصدر من أدخل يدخل إدخالا وحجتهم قوله {وندخلكم مدخلًا كريمًا} وفي التّنزيل {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} ). [حجة القراءات: 200]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (40- قوله: {مدخلا} قرأه نافع بفتح الميم، وضمها الباقون، ومثله في الحج، وكلهم ضم {مدخل صدق} في بني إسرائيل «80» لتقدم قوله: {وأدخلني}.
41- وحجة من فتح الميم أنه جعله مصدرًا لفعل ثلاثي مضمر، دل عليه الرباعي الظاهر وهو قوله: {ندخلكم} أي: ندخلكم فتدخلون مدخلًا، أي: دخولًا فدخول ومدخل مصدران للثلاثي، بمعنى واحد، ويجوز أن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/386]
يكون «مدخلًا» بالفتح مكانًا، أي: يدخلكم مكانًا فيتعدى إليه «ندخلكم» في المفعول به، وحسن ذلك، لأنه قد وصف بالكريم، كما قال {ومقام كريم} «الشعراء 58».
42- وحجة من ضم أنه أجراه مصدرًا على ما قبله، وهو «يدخلكم» ولم يحتج إلى إضمار ثلاثي، فنصبه على المصدر، فالميم في حركتها كحرف المضارعة في حركته، إن كان مفتوحًا فتحت الميم، وإن كان مضمومًا ضمت الميم، وفي الكلام مفعول محذوف؛ لأن الفعل ما نقل إلى الرباعي تعدّى إلى مفعول، تقول: دخلت في دار زيد وأدخلت عمرًا في دار زيد، فأصل «دخلت» أن لا يتعدى؛ لأن نقيضه لا يتعدى، وهو «خرجت»، وحكى النحويون: دخلت الدار، فعدوه بغير حرف وهو شاذ، والتقدير: ويدخلكم الجنة مدخلًا كريمًا، أي إدخالًا، فمدخل وإدخال مصدران لـ «أدخل»، كما كان «دخول ومدخل» مصدرين لـ «دخل»، ومعنى: «كريم» حسن، كما قال: {من كل زوج كريم} «الشعراء 7» أي: من كل جنس حسن، ويجوز أن يكون «مدخل» بالضم، مكانًا، ويتعدى إليه «يدخلكم» تعديه إلى المفعول، فلا تضمر مفعولًا آخر، وحسن ذلك لنعته بالكريم، وكذلك قوله: {مدخل صدق ومخرج صدق} في «سبحان 80» هما مصدران جريا على «أدخلني وأخرجني» والمفعول محذوف، ويجوز أن يكونا مكانين فينصبا على المفعول به، ولا نضمر مفعولًا، وحسن ذلك لإضافتهما إلى «صدق»، كما كان ذلك في قوله: {في مقعد صدق} «القمر 55»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/387]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {مَدْخَلاً كَريمًا} [آية/ 31]:-
بفتح الميم، قرأها نافع وحده، وكذلك في الحج {مَدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ}.
وهو يحتمل وجهين:-
أحدهما: أن يكون مصدرًا، والعامل فيه فعل مضمر، والتقدير: ويدخلكم فتدخلون مدخلاً كريمًا.
والثاني: أن يكون مكان الدخول، كأنه قال: ويدخلكم مكان دخول، ويكون على هذا نصبًا بهذا الفعل المذكور؛ لأنك إذا قلت أدخلتك مكانًا فإنك تنصب مكانًا بهذا الفعل الذي هو أدخلتك، وهو على حذف حرف الجر، والتقدير: أدخلتك في مكانٍ.
وقرأ الباقون {مُدْخَلاً} بضم الميم في الحرفين.
[الموضح: 413]
وهو أيضًا يحتمل الوجهين جميعًا: أن يكون مصدرًا بمعنى الإدخال، وأن يكون مكان الإدخال، إلا أن العامل ههنا هو الفعل المذكور على كل حالٍ.
وإذا كان مصدرًا في القراءتين، كان على تقدير حذف المفعول به، كأنه قال: ويدخلكم الجنة إدخالاً، أو فتدخلونها دخولاً). [الموضح: 414]

قوله تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وسألوا اللّه من فضله... (32)
ونظائره.
قرأ ابق كثير والكسائي: (وسألوا اللّه) و(فسل الذين) و(سل من أرسلنا) ونحوهن بغير همز في كل القرآن، وقرأ الباقون بالهمز، واتفقوا على همز (وليسألوا ما أنفقوا) واللام لام أمر
[معاني القراءات وعللها: 1/305]
الغائب). [معاني القراءات وعللها: 1/306]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {واسألوا الله من فضله} [32].
قرأ ابن كثير والكسائي: {وسلوا الله} بترك الهمز في كل القرآن إذا تقدمه واو أو فاء، ويكون أمرًا للمخاطب.
وقرأ الباقون بالهمز. فحجته قال: لما أتفقت القراء والمصاحف على حذف الألف من {سل بني إسرائيل] وكان هذا أمرًا مثله خزلت ألف الوصل والهمزة، والأصل: اسأل فنقلوا فتحة الهمزة إلى السين فلما تحركت السين استغنوا عن ألف الوصل، وسقطت الهمزة لسكونها، وسكون اللام.
ومن همز قال: وجدت الأمر يخزل منه الألف نحو: سل وكل ومر، فإذا تقدمه حرف نسق رجعت الهمزة كقوله تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/133]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز وتركه من قوله تعالى: وسئلوا الله من فضله [النساء/ 32].
فقرأ ابن كثير والكسائي: وسلوا الله من فضله وفسل الذين [يونس/ 94] وفسل بني إسرائيل [الإسراء/ 101] وسل من أرسلنا [الزخرف/ 45] وما كان مثله من الأمر المواجه به، وقبله واو أو فاء، فهو غير مهموز في قولهما. وروى الكسائي عن إسماعيل بن جعفر عن أبي جعفر وشيبة أنّهما لم يهمزا:
[الحجة للقراء السبعة: 3/155]
وسل، ولا فسل مثل قراءة الكسائي. وقرأ الباقون بالهمز في ذلك كله ولم يختلفوا في قوله: وليسئلوا ما أنفقوا [الممتحنة/ 10] أنّه مهموز.
قال أبو علي: الهمز وترك الهمز حسنان، ولو خففت الهمزة في قوله: وليسئلوا ما أنفقوا كان أيضا حسنا، وقد قدّمنا ذكر وجوه سل). [الحجة للقراء السبعة: 3/156]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({واسألوا الله من فضله} 32
قرأ ابن كثير والكسائيّ (وسلوا الله من فضله) و(فسلوا أهل الذّكر) بفتح السّين وترك الهمزة وكذلك كل أمر مواجه وحجتهما إجماع الجميع على طرح الهمزة في قوله سل بني إسرائيل (وسلهم أيهم بذلك زعيم) فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه فطرحا الهمزة من جميع ذلك
فإن سأل سائل فقال هلا طرحا من غير المواجهة كما طرحا من المواجهة فقرأا (وليسلوا ما أنفقوا) بغير همز الجواب لم يطرحا
[حجة القراءات: 200]
الهمزة من غير المواجهة لأن العرب لم تطرح اللّام من أوله كما طرحته من المواجهة فقالوا ليقم زيد فتركوه على أصله وقالوا قم يا زيد فحذفوا ذلك على أنهم لم يستثقلوا في غير المواجهة ما استثقلوه في المواجهة فلهذا حذفا من المواجهة كما حذفت العرب اللّام من المواجهة ولم يحذفا الهمزة من غير المواجهة كما لم تحذف العرب اللّام من غير المواجهة
وقرأ الباقون {واسألوا الله} بالهمز وحجتهم في ذلك أن العرب لا تهمز سل فإذا أدخلوا الواو والفاء وثمّ همزوا
فإن سأل سائل فقال إذا أدخلوا الواو والفاء لم همزوا هلا تركوها فالجواب في ذلك أن أصل سل اسأل فاستثقلوا الهمزتين فنقلوا فتحة الهمزة إلى السّين فلمّا تحركت السّين استغنوا عن ألف الوصل فإذا تقدمه واو أو فاء ردوا الكلمة إلى الأصل وأصله واسألوا لأنهم إنّما حذفوا لاجتماع الهمزتين فلمّا زالت العلّة ردوها إلى الأصل). [حجة القراءات: 201]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (43- قوله: {واسئلوا} قرأه ابن كثير والكسائي بغير همز في الفعل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/387]
المواجه به خاصة، مع الواو والفاء على تخفيف الهمز، ألقيا حركة الهمزة على السين الساكنة قبلها، فحركا السين، وحذفا الهمزة، على أصل تخفيف الهمز، وخصا هذا بالتخفيف لكثرة استعماله، وتصرفه في الكلام، وثقل الهمزة، وذلك في الأمر المواجه به إذا كان قبله واو أو فاء، وحسن ذلك لإجماعهم على طرح الهمزة في قوله: {سل بني إسرائيل} «البقرة 211»، وفي قوله: {سلهم أيهم} «القلم 40» وإنما خُص المواجه به بطرح الهمزة دون غيره، كما فعلت العرب بطرح لام الأمر في المواجهة، وإثباتها في غير المواجهة، فيقولون: «قم، خذ» فإن كان غير مواجه به لم تطرح اللام، نحو: ليقم زيد، ليخرج عمرو، فكذلك هذا، وإنما فُعل لذلك مع الواو والفاء، لأنهما يوصل بهما إلى اللفظ بالسين؛ لأن أصلها السكون، وحركة الهمزة عليها عارضة، لا يعتد بها، فقامت الواو والفاء مقام ألف الوصل، التي للابتداء يؤتى بها، وقرأ الباقون بالهمزة على الأصل، وهما لغتان، والهمز أحب إلي؛ لأنه الأصل ولأن عليه أكثر القراء، ولإجماعهم على الهمز في غير المواجه به، نحو: «وليسألوا»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/388]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ} [آية/ 32]:-
بفتح السين من غير همزٍ، قرأها ابن كثير والكسائي.
والوجه فيه أن الهزة حذفت للتخفيف، وألقيت حركتها على السين..
وقرأ الباقون {واسْأَلُوا} بإثبات الهمزة.
وهو الأصل؛ لأن الهمزة عين الفعل، والكلمة صيغة أمرٍ للمواجه، فهو بمنزلة: اقطعوا). [الموضح: 414]

قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والّذين عاقدت أيمانكم... (33)
قرأ الكوفيون: (عقدت) بغير ألف.
وقرأ الباقون: (عاقدت أيمانكم) بألف.
قال أبو منصور: هما لغتان: عقد يعقد. وعاقد يعاقد، وقد قرأ بهما القراء، وفيها لغة ثالثة: أخبرني المنذري عن ابن اليزيدي عن أبي زيد أنه قال: قرئ والذين عاقدت) و(عقدت) بالتخفيف، قال أبو زيد وقرأ بعضهم: (عقّدت) بتشديد القاف، والمعنى في جميعها التوكيد لليمين.
وأنشد قول الحطيئة:
أولئك قومٌ إن بنوا أحسنوا البنى... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا.
[معاني القراءات وعللها: 1/306]
يجوز: عقدوا، وعقدوا). [معاني القراءات وعللها: 1/307]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {والذين عقدت أيمانكم} [33].
قرأ أهل الكوفة {عقدت} بغير ألف، وقرأ الباقون {عاقدت} وهو الاختيار؛ لأن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين والمعاقدة: المحالفة، ومن حذف الألف قال: هناك صفة مضمرة والتقدير: والذين عقدت أيمانكم لهم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/133]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في إدخال الألف وإخراجها من قوله [جلّ وعز]: عاقدت [النساء/ 33].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر: عاقدت بالألف.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: عقدت بغير ألف:.
قال أبو علي: الذكر الذي يعود من الصّلة إلى الموصول ينبغي أن يكون ضميرا منصوبا، فالتقدير: والذين عاقدتهم أيمانكم فجعل الأيمان في اللفظ هي المعاقدة، والمعنى على الحالفين الذين هم أصحاب الأيمان، والمعنى: والذين عاقدت حلفهم أيمانكم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. فعاقدت أشبه بهذا المعنى، لأنّ لكل نفر من المعاقدين يمينا على
[الحجة للقراء السبعة: 3/156]
المحالفة. ومن قال: عقدت أيمانكم، كان المعنى: عقدت حلفهم أيمانكم، فحذف الحلف وأقام المضاف إليه مقامه.
والأوّلون كأنّهم حملوا الكلام على المعنى فقالوا: عاقدت، حيث كان من كل واحد من الفريقين يمين، والذين قالوا: عقدت، حملوا الكلام على اللفظ لفظ الأيمان، لأنّ الفعل لم يسند إلى أصحاب الأيمان في اللفظ إنّما أسند إلى الأيمان). [الحجة للقراء السبعة: 3/157]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين عقدت أيمانكم}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {والّذين عقدت أيمانكم} بغير ألف وحجتهم أن الإيمان عقدت بينهم لأن في قوله {إيمانكم} حجّة على أن أيمان الطّائفتين هي عقدت ما بينهما وفي إسناد الفعل إلى الأيمان كفاية من الحجّة
وقرأ الباقون (والّذين عاقدت) بالألف وحجتهم أن العقد
[حجة القراءات: 201]
كان من الفريقين وكان هذا في الجاهليّة يجيء الرجل الذّليل إلى العزيز فيعاقده ويحالفه ويقول له أنا ابنك ترثني وأرثك وحرمتي حرمتك ودمي دمك وثأري ثأرك فأمر الله جلّ وعز بالوفاء لهم فهذا العقد لا يكون إلّا بين اثنين وقيل إن ذلك أمر قبل تسمية المواريث وهي منسوخة بآية المواريث). [حجة القراءات: 202]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (44- قوله: {عقدت} قرأ الكوفيون «عقدت» بغير ألف، وقرأ الباقون بالألف.
45- وحجة من قرأ بالألف أنه أجراه على ظاهر اللفظ من فاعلين، لأن كل واحد من المتحالفين كفّر يمينًا عند المخالفة على الأجر، فهو من باب المفاعلة، والتقدير: والذين عاقدت أيمانكم أيمانهم، ثم حذف المفعول لدلالة المعنى عليه، وهذا مما جرى الكلام فيه على غير من هو له، فجعل الأيمان هي العاقدة، والمعنى: أن العاقد هو الحالف، وإذا كان العاقد هو الحالف وجب أن يجيء على المفاعلة، لأن كل واحد من الفريقين عقد حلفا للآخر.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/388]
46- وحجة من قرأ بغير ألف أنه أضاف الفعل إلى الأيمان، والمراد إضافة الفعل إلى المخاطبين المتحالفين في المعنى، دون من خالفهم، وفيه حذف مفعول، والتقدير: والذين عدت أيمانكم حلفهم، ثم حذف، فهو محمول على لفظ الأيمان، فأسند الفعل إليها، دون أصحاب الأيمان، فلما أسند الفعل إلى الأيمان في ظاهر اللفظ، لم يحتج إلى المفاعلة؛ لأن يمين القوم الآخرين لا فعل لها، فهذا في هذه القراءة محمول على اللفظ، لفظ الأيمان، دون أصحاب الأيمان، وهو في القراءة الأولى محمول على أصحاب الأيمان، وهو فريقان كل واحد حالف محلوف، له، فحمل على المفاعلة، وهو باب المعاقدة بالأيمان، والقراءة بالألف أقوى في نفسي، لأن المقصود بالآية أصحاب الأيمان لأن لا فعل ينسب إليها حقيقة، فبابه المفاعلة، مع أن الأكثر من القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/389]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} [آية/ 33]:-
بغير ألف، قرأها الكوفيون.
والمعنى والذين عقدت حلفهم أيمانكم، فحذف الحلف، وأقام المضاف إليه مقامه، فكأنه قال: عقدتهم أيمانكم، بعد حذف المضاف، ثم حذف الضمير العائد إلى {الذّينَ} تخفيفًا.
[الموضح: 414]
وقرأ الباقون {عَاقَدَتْ} بالألف.
والمعنى عاقدتهم أيمانكم، جعلوا الأيمان هي التي عاقدتهم، والمعنى لأصحاب الأيمان، والضمير من عاقدتهم العائد إلى {الّذين} محذوف تخفيفًا، والحذف من صلة الموصول حسن). [الموضح: 415]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس