عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:14 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم اللّه الرّحمـن الرّحيم
{قل هو اللّه أحدٌ * اللّه الصّمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن لّه كفوًا أحدٌ}.
قد تقدّم ذكر سبب نزولها.
وقال عكرمة: لمّا قالت اليهود: «نحن نعبد عزيراً ابن اللّه». وقالت النّصارى: «نحن نعبد المسيح ابن اللّه». وقالت المجوس: «نحن نعبد الشّمس والقمر». وقالت المشركون: «نحن نعبد الأوثان»؛ أنزل اللّه على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل هو اللّه أحدٌ}.
يعني: هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له، ولا وزير ولا نديد، ولا شبيه، ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحدٍ في الإثبات إلاّ على اللّه عزّ وجلّ؛ لأنّه الكامل في جميع صفاته وأفعاله). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 527-528]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {اللّه الصّمد}. قال عكرمة عن ابن عبّاسٍ:
«يعني: الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم».
قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ:
«هو السّيّد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشّرف والسّؤدد، وهو اللّه سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلاّ له، ليس له كفءٌ، وليس كمثله شيءٌ، سبحان اللّه الواحد القهّار».
وقال الأعمش عن شقيقٍ، عن أبي وائلٍ:
«{الصّمد}: السّيّد الذي قد انتهى سؤدده». ورواه عاصمٌ، عن أبي وائلٍ، عن ابن مسعودٍ، مثله.
وقال مالكٌ: عن زيد بن أسلم:
«{الصّمد}: السّيّد». وقال الحسن وقتادة: «هو الباقي بعد خلقه». وقال الحسن أيضاً: «{الصّمد}: الحيّ القيّوم، الذي لا زوال له». وقال عكرمة: «{الصّمد} الذي لم يخرج منه شيءٌ ولا يطعم».
وقال الربيع بن أنسٍ:
«هو الذي لم يلد ولم يولد». كأنّه جعل ما بعده تفسيراً له، وهو قوله: {لم يلد ولم يولد}. وهو تفسيرٌ جيّدٌ، وقد تقدّم الحديث من رواية ابن جريرٍ، عن أبيّ بن كعبٍ في ذلك، وهو صريحٌ فيه *.
وقال ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ وسعيد بن المسيّب ومجاهدٌ وعبد اللّه بن بريدة وعكرمة أيضاً وسعيد بن جبيرٍ وعطاء بن أبي رباحٍ وعطيّة العوفيّ والضّحّاك والسّدّيّ:
«{الصّمد}: الذي لا جوف له».
قال سفيان عن منصورٍ، عن مجاهدٍ:
«{الصّمد}: المصمت الذي لا جوف له». وقال الشّعبيّ: «هو الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب».
وقال عبد اللّه بن بريدة أيضاً:
«{الصّمد}: نورٌ يتلألأ». روى ذلك كلّه وحكاه ابن أبي حاتمٍ والبيهقيّ والطّبرانيّ، وكذا أبو جعفر بن جريرٍ، ساق أكثر ذلك بأسانيده، وقال: حدّثني العبّاس بن أبي طالبٍ، حدّثنا محمد بن عمرو بن روميٍّ، عن عبيد اللّه بن سعيدٍ قائد الأعمش، حدّثنا صالح بن حيّان، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه، قال: لا أعلم إلاّ قد رفعه. قال: (({الصّمد}: الذي لا جوف له)). وهذا غريبٌ جدًّا، والصحيح أنّه موقوفٌ على عبد اللّه بن بريدة.
وقد قال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في كتاب السّنّة له، بعد إيراده كثيراً من هذه الأقوال في تفسير الصّمد: وكلّ هذه صحيحةٌ، وهي صفات ربّنا عزّ وجلّ، هو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصّمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه. وقال البيهقيّ نحو ذلك أيضاً). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 528-529]

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحدٌ}. أي: ليس له ولدٌ ولا والدٌ ولا صاحبةٌ.
قال مجاهدٌ: {ولم يكن له كفواً أحدٌ}. يعني: لا صاحبة له، وهذا كما قال تعالى: {بديع السّماوات والأرض أنّى يكون له ولدٌ ولم تكن له صاحبةٌ وخلق كلّ شيءٍ}. أي: هو مالك كلّ شيءٍ وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظيرٌ يساميه أو قريبٌ يدانيه؟! تعالى وتقدّس وتنزّه.
قال اللّه تعالى: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولداً * لقد جئتم شيئاً إدًّا * تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا * أن دعوا للرّحمن ولداً * وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولداً * إن كلّ من في السّماوات والأرض إلاّ آتي الرّحمن عبداً * لقد أحصاهم وعدّهم عدًّا * وكلّهم آتيه يوم القيامة فرداً}.
وقال تعالى: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولداً سبحانه بل عبادٌ مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون}.
وقال تعالى: {وجعلوا بينه وبين الجنّة نسباً ولقد علمت الجنّة إنّهم لمحضرون سبحان اللّه عمّا يصفون}.
وفي الصحيح، صحيح البخاريّ: ((لا أحد أصبر على أذًى سمعه من اللّه، يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم!)).
وقال البخاريّ: حدّثنا أبو اليمان، حدّثنا شعيبٌ أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((قال اللّه عزّ وجلّ: كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إيّاي فقوله: لن يعيدني كما بدأني. وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من إعادته، وأمّا شتمه إيّاي فقوله: اتّخذ اللّه ولداً. وأنا الأحد الصّمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحدٌ)).
ورواه أيضاً من حديث عبد الرزّاق، عن معمرٍ، عن همّام بن منبّهٍ، عن أبي هريرة مرفوعاً بمثله، تفرّد بهما من هذين الوجهين). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 529]


رد مع اقتباس