عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 08:07 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {فلا أقسم بالخنّس * الجوار الكنّس * واللّيل إذا عسعس * والصّبح إذا تنفّس * إنّه لقول رسولٍ كريمٍ * ذي قوّةٍ عند ذي العرش مكينٍ * مطاعٍ ثمّ أمينٍ * وما صاحبكم بمجنونٍ * ولقد رآه بالأفق المبين * وما هو على الغيب بضنينٍ * وما هو بقول شيطانٍ رجيمٍ * فأين تذهبون * إن هو إلّا ذكرٌ لّلعالمين * لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاءون إلّا أن يشاء اللّه ربّ العالمين}.
قوله تعالى: {فلا أقسم} إما أن تكون {لا} زائدةً، وإما أن يكون ردًّا لقول قريشٍ في تكذيبهم بنبوّة محمّدٍ [صلّى اللّه عليه وسلّم] وقولهم: إنه ساحرٌ وكاهنٌ، ونحو ذلك.
ثمّ أقسم اللّه تعالى بالخنّس الجواري الكنّس، فقال جمهور المفسّرين: إن ذلك الدّراريّ السّبعة، الشّمس، والقمر، وزحل، وعطاردٌ، والمرّيخ، والزّهرة، والمشتري.
وقال عليّ بن أبي طالبٍ [رضي اللّه عنه]: المراد الخمسة دون الشمس والقمر. وذلك أنّ هذه الكواكب تخنس في جريها، أي: تتقهقر فيما ترى العين، وهي جوارٍ في السماء.
وأثبت يعقوب الياء في (الجواري) في الوقف. وحذفها الباقون.
وهي تكنس في أبراجها، أي: تستتر، وقال عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، والحسن، وقتادة: المراد: النجوم كلّها؛ لأنّها تخنس، وتكنس بالنهار حين تختفي.
وقال عبد اللّه بن مسعودٍ، والنّخعيّ، وجابر بن زيدٍ، وجماعةٌ من المفسرين: المراد بالخنّس الجواري الكنّس بقر الوحش؛ لأنها تفعل هذه الأفعال في كناسها، وهي المواضع التي تأوي إليها من الشّجر والغيران ونحوه.
وقال ابن عبّاسٍ، وابن جبيرٍ، والضّحّاك: هي الظّباء. وذهب هؤلاء في الخنّس إلى أنه من صفة الأنوف؛ لأنها يلزمها الخنس، وكذلك هي بقر الوحش أيضاً. ومن ذلك قول الشاعر:
سوى باز بيضٍ أو غزال صريمةٍ ....... أغنّ من الخنس المناخر توأم).
[المحرر الوجيز: 8/ 549-550]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(عسعس الليل) في اللغة إذا كان غير مستحكم الإظلام، فقال الحسن بن أبي الحسن: ذلك في وقت إقباله، وبه وقع القسم. وقال عليٌّ، وابن عبّاسٍ، وزيد بن أسلم، ومجاهدٌ، وقتادة: ذلك عند إدباره، وبه وقع القسم. ويرجّح هذا قوله تعالى بعد: {والصّبح إذا تنفّس} فكأنهما حالان متّصلان، ويشهد لذلك قول علقمة بن قرطٍ:
حتّى إذا الصّبح لها تنفسّا ....... وانجاب عنها ليلها وعسعسا
وقال أبو العبّاس المبرّد: أقسم اللّه تعالى بإقباله وإدباره معاً. قال الخليل: يقال: عسعس الليل وسعسع، إذا أقبل وأدبر). [المحرر الوجيز: 8/ 550]

تفسير قوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(تنفّس الصّبح) استطار واتّسع ضوءه. وقال علوان بن قيسٍ:
وليلٍ دجيٍّ قد تنفّس فجره ....... لهم بعد أن خالوه لن يتنفّسا).
[المحرر الوجيز: 8/ 550]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والضمير في {إنّه} للقرآن.
و(الرسول الكريم) في قول جمهور الناس: جبريل عليه السلام. وقال آخرون: هو محمّدٌ [عليه الصلاة والسلام] في الآيات كلّها. والقول الأوّل أصحّ.
و{كريمٍ} في هذه الآية صفةٌ تقتضي رفع المذامّ، ثمّ وصفه تعالى بقوةٍ منحه اللّه تعالى إيّاها). [المحرر الوجيز: 8/ 550-551]

تفسير قوله تعالى: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في تعلّق قوله تعالى: {عند ذي العرش}؛ فذهب بعض المتأوّلين إلى تعلّقه بقوله سبحانه: {ذي قوّةٍ}، وذهب آخرون إلى أنّ الكلام تمّ في قوله: {ذي قوّةٍ}، وتعلّق الظرف بقوله: {مكينٍ}، ومعناه: له مكانةٌ ورفعةٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 551]

تفسير قوله تعالى: {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {مطاعٍ ثمّ أمينٍ}؛ معناه: مقبول القول، مصدّقٌ فيما يقوله، مؤتمنٌ على ما يرسل به ويؤدّيه من وحيٍ وامتثال أمرٍ.
وقرأ أبو جعفرٍ: (ثمّ) بضمّ الثاء. وذكر اللّه تعالى نفسه بالإضافة إلى عرشه؛ تنبيهاً على عظم ملكوته). [المحرر الوجيز: 8/ 551]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأجمع المفسرون على أنّ قوله تعالى: {وما صاحبكم}؛ يراد به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم). [المحرر الوجيز: 8/ 551]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والضمير في {رآه} لجبريل عليه السلام.
وهذه الرؤية التي كانت بعد أمر غار حراء حين رآه على كرسيٍّ بين السماء والأرض. وقيل: هي الرؤية التي رآه عند سدرة المنتهى في الإسراء.
وسمّى ذلك الموضع أفقاً مجازاً، وقد كانت لرسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] رؤيةٌ ثانيةٌ بالمدينة، وليست هذه. ووصف تعالى الأفق بالمبين؛ لأنه كان في الشرق من حيث تطلع الشمس، قاله قتادة: وأيضاً فكلّ أفقٍ فهو في غاية البيان). [المحرر الوجيز: 8/ 551]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما هو على الغيب بضنينٍ} بالضاد بمعنى: بخيلٍ، أي: يشحّ به ولا يبلّغ ما قيل له ويبخل، كما يفعل الكاهن حتى يعطى حلوانه، وبالضاد هي في خطوط المصاحف كلّها فيما قال الطّبريّ، وهي قراءة نافعٍ، وعاصمٍ، وابن عامرٍ، وحمزة، وعثمان بن عفّان، وابن عبّاسٍ، والحسن، وأبي رجاءٍ، والأعرج، وأبي جعفرٍ، وشيبة، وجماعةٍ وافرةٍ.
وقرأ ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو، والكسائيّ، وابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وزيد بن ثابتٍ، وابن عمر، وابن الزّبير، وعائشة، وعمر بن عبد العزيز، وابن جبيرٍ، وعروة بن الزّبير، ومسلم بن جندبٍ، ومجاهدٌ وغيرهم: (بظنينٍ) بالظاء، أي: بمتّهمٍ، وهذا في المعنى نظير وصفه بأمينٍ. وقيل: معناه: بضعيف القوّة، من قولهم: بئرٌ ظنونٌ. إذا كانت قليلة المياه.
ورجّح أبو عبيدة قراءة الظّاء مشالةً؛ لأنّ قريشاً لم تبخّل محمّداً صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يأتي به، وإنما كذّبته، فقيل: ما هو بمتّهمٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 551-552]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)}

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم نفى تعالى عن القرآن أن يكون كلام شيطانٍ على ما قالت قريشٌ: إنّ محمّداً كاهنٌ.
و{رجيمٍ}؛ معناه: مبعدٌ مرجومٌ بالكواكب واللّعنة وغير ذلك). [المحرر الوجيز: 8/ 552]

تفسير قوله تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فأين تذهبون}؛ توقيفٌ وتقريرٌ، على معنى: أين المذهب لأحدٍ عن هذه الحقائق). [المحرر الوجيز: 8/ 552]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الذّكر) هنا مصدرٌ بمعنى التّذكرة). [المحرر الوجيز: 8/ 552]

تفسير قوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ خصّص تعالى من شاء الاستقامة بالذّكر؛ تشريفاً وتنبيهاً وذكراً لتكسّبهم أفعال الاستقامة.
ثمّ بيّن تعالى أنّ تكسّب المرء على العموم في استقامةٍ وغيرها إنما يكون مع خلق اللّه تعالى واختراعه الإيمان في صدر المرء.
وروي أنه نزل قوله تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم} فقال أبو جهلٍ: هذا أمرٌ قد وكل إلينا؛ فإن شئنا استقمنا، وإن لم نشأ لم نستقم. فنزلت: {وما تشاءون إلاّ أن يشاء اللّه}. وفي الحديث:
«يقول اللّه: يا بن آدم، تريد وأريد، فتتعب فيما تريد، ولا يكون إلاّ ما أريد»). [المحرر الوجيز: 8/ 552]


رد مع اقتباس