عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:37 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام (32) إن يشأ يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ (33) أو يوبقهنّ بما كسبوا ويعف عن كثيرٍ (34) ويعلم الّذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيصٍ (35)}
يقول تعالى: ومن آياته الدّالّة على قدرته وسلطانه، تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره، وهي الجواري في البحر كالأعلام، أي: كالجبال، قاله مجاهدٌ، والحسن، والسّدّيّ، والضّحّاك، أي: هي في البحر كالجبال في البرّ). [تفسير ابن كثير: 7/ 209]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إن يشأ يسكن الرّيح} أي: الّتي تسير بالسّفن، لو شاء لسكّنها حتّى لا تتحرّك السّفن، بل تظلّ راكدةً لا تجيء ولا تذهب، بل واقفةً على ظهره، أي: على وجه الماء {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ} أي: في الشّدائد {شكورٍ} أي: إنّ في تسخيره البحر وإجرائه الهوى بقدر ما يحتاجون إليه لسيرهم، لدلالاتٍ على نعمه تعالى على خلقه {لكلّ صبّارٍ} أي: في الشّدائد، {شكورٍ} في الرّخاء). [تفسير ابن كثير: 7/ 209]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أو يوبقهنّ بما كسبوا} أي: ولو شاء لأهلك السّفن وغرّقها بذنوب أهلها الّذين هم راكبون عليها {ويعف عن كثيرٍ} أي: من ذنوبهم. ولو أخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك كلّ من ركب البحر.
وقال بعض علماء التّفسير: معنى قوله: {أو يوبقهنّ بما كسبوا} أي: لو شاء لأرسل الرّيح قويّةً عاتيةً، فأخذت السّفن وأحالتها عن سيرها المستقيم، فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشّمال، آبقةً لا تسير على طريقٍ، ولا إلى جهة مقصدٍ.
وهذا القول هو يتضمّن هلاكها، وهو مناسبٌ للأوّل، وهو أنّه تعالى لو شاء لسكّن الرّيح فوقفت، أو لقوّاه فشردت وأبقت وهلكت. ولكن من لطفه ورحمته أنّه يرسله بحسب الحاجة، كما يرسل المطر بقدر الكفاية، ولو أنزله كثيرًا جدًّا لهدم البنيان، أو قليلًا لما أنبت الزّرع والثّمار، حتّى إنّه يرسل إلى مثل بلاد مصر سيحًا من أرضٍ أخرى غيرها ؛ لأنّهم لا يحتاجون إلى مطرٍ، ولو أنزل عليهم لهدم بنيانهم، وأسقط جدرانهم). [تفسير ابن كثير: 7/ 209-210]

تفسير قوله تعالى: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ويعلم الّذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيصٍ} أي: لا محيد لهم عن بأسنا ونقمتنا، فإنّهم مقهورون بقدرتنا). [تفسير ابن كثير: 7/ 210]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وما عند اللّه خيرٌ وأبقى للّذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون (36) والّذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون (37) والّذين استجابوا لربّهم وأقاموا الصّلاة وأمرهم شورى بينهم وممّا رزقناهم ينفقون (38) والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون (39)}
يقول تعالى محقّرًا بشأن الحياة الدّنيا وزينتها، وما فيها من الزّهرة والنّعيم الفاني، بقوله: {فما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا} أي: مهما حصلتم وجمعتم فلا تغترّوا به، فإنّما هو متاع الحياة الدّنيا، وهي دارٌ دنيئةٌ فانيةٌ زائلةٌ لا محالة، {وما عند اللّه خيرٌ وأبقى} أي: وثواب اللّه خيرٌ من الدّنيا، وهو باقٍ سرمديٌّ، فلا تقدّموا الفاني على الباقي؛ ولهذا قال: {للّذين آمنوا} أي: للّذين صبروا على ترك الملاذّ في الدّنيا، {وعلى ربّهم يتوكّلون} أي: ليعينهم على الصّبر في أداء الواجبات وترك المحرّمات). [تفسير ابن كثير: 7/ 210]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {والّذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} وقد قدّمنا الكلام على الإثم والفواحش في "سورة الأعراف" {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} أي: سجيّتهم [وخلقهم وطبعهم] تقتضي الصّفح والعفو عن النّاس، ليس سجيّتهم الانتقام من النّاس.
وقد ثبت في الصّحيح: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما انتقم لنفسه قطّ، إلّا أن تنتهك حرمات اللّه وفي حديثٍ آخر: "كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ما له؟ تربت جبينه".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن زائدة، عن منصورٍ، عن إبراهيم قال: كان المؤمنون يكرهون أن يستذلّوا، وكانوا إذا قدروا عفوا).[تفسير ابن كثير: 7/ 210]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين استجابوا لربّهم} أي: اتّبعوا رسله وأطاعوا أمره، واجتنبوا زجره، {وأقاموا الصّلاة} وهي أعظم العبادات للّه عزّ وجلّ، {وأمرهم شورى بينهم} أي: لا يبرمون أمرًا حتّى يتشاوروا فيه، ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها، كما قال تعالى: {وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكّل على اللّه} [آل عمران: 159] ولهذا كان عليه [الصلاة] السلام، يشاورهم في الحروب ونحوها، ليطيّب بذلك قلوبهم. وهكذا لـمّا حضرت عمر بن الخطّاب [رضي اللّه عنه] الوفاة حين طعن، جعل الأمر بعده شورى في ستّة نفرٍ، وهم: عثمان، وعليٌّ، وطلحة، والزّبير، وسعدٌ، وعبد الرّحمن بن عوفٍ، رضي اللّه عنهم أجمعين، فاجتمع رأي الصّحابة كلّهم على تقديم عثمان عليهم، رضي اللّه عنهم، {وممّا رزقناهم ينفقون} وذلك بالإحسان إلى خلق اللّه، الأقرب إليهم منهم فالأقرب). [تفسير ابن كثير: 7/ 211]

رد مع اقتباس