عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:16 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (5) إلى الآية (6) ]

{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5) وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)}

قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله جلّ وعزّ: (الّتي جعل اللّه لكم قيامًا... (5).
قرأ نافع وابن عامر: (لكم قيمًا) بغير ألف، وقرأ الباقون: (قيامًا) بالألف.
قال أبو منصور: من قرأ (قيامًا) فهو من قول العرب: هذا قوام الأمر، أي: ملاكه.
ومثله قوله جلّ وعزّ: (جعل اللّه الكعبة البيت الحرام قيامًا للنّاس)، أي: قوامًا.
وقيل في قوله (جعل اللّه لكم قيامًا) أي: جعل المال يقيم بني آدم فيقومون بها قياما.
[معاني القراءات وعللها: 1/291]
ومن قرأ (قيمًا) فهو راجع إلى هذا المعنى: جعلها الله قيمة الأشياء، فيها تقوم أموركم.
وقال: الفراء: المعني في قوله: جعل الله لكم قيامًا وقوامًا وقيمًا واحد). [معاني القراءات وعللها: 1/292]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {جعل لكم قياما} [5]
قرأ نافع وابن عامر {قيما} بغير ألف.
وقرأ الباقون {قياما}، فهذه الياء مبدلة من واو، والأصل قواما، وقد قرأ بذلك ابن عمر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/129]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إدخال الألف وإخراجها من قوله تعالى: قياما وقيما* [النساء/ 5].
فقرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وأبو عمرو: قياما بألف.
وقرأ نافع وابن عامر قيما* بغير ألف.
قال أبو علي: قال أبو عبيدة: التي جعل الله لكم قياما مصدر يقيمكم. ويجيء في معناها قوام، وإنّما هو الذي يقيمك، فإنّما أذهبوا الواو لكسرة القاف، كما قالوا: ضياء وتركها بعضهم. قال لبيد:
أفتلك أم وحشيّة مسبوعة خذلت وهادية الصّوار قوامها
[الحجة للقراء السبعة: 3/129]
وقال أبو الحسن: جعل الله لكم قياما، وفي الكلام قواما، وقيما، وهو القوام الذي يقيم شأنهم.
وقال أبو الحسن: في قيام ثلاث لغات: قيما، وقياما، وقوما.
قال: وبنو ضبّة يقولون: طويل وطيال، والعامّة على طوال.
قال أبو علي: ليس قول من قال: إن القيم جمع قيمة بشيء، إنما القيم بمعنى القيام، ليس أن القيم جمع. والذي يدلّ على أنّ قيام الشيء إنّما يعنى به دوامه وثباته، ما أنشده أبو زيد:
إنّي إذا لم يند حلقا ريقه... وركد السّبّ فقامت سوقه
والراكد: الدائم الثابت، ومن ثم قيل: ماء راكد، لخلاف الجاري، وماء دائم. وفي التنزيل: فيظللن رواكد على ظهره [الشورى/ 33] وقال:
يدوم الفرات فوقه ويموج
[الحجة للقراء السبعة: 3/130]
فالدوام: كالسكون والثبات على حال خلاف التموّج، وهذا يدل على أن تفسير قوله: يقيمون الصلاة يديمونها، ويحافظون عليها. وهذا التفسير أشبه من أن يفسر بيتمّونها.
والدليل على أن قيما مصدر في معنى القيام قوله: دينا قيما ملة إبراهيم [الأنعام/ 161] فالقيمة التي هي معادلة الشيء ومقاومته لا مذهب له هنا. إنما المعنى والله أعلم: دينا ثابتا دائما لازما لا ينسخ كما تنسخ الشرائع التي قبله، وكذلك قوله: إلا ما دمت عليه قائما [آل عمران/ 75] أي: اقتضائك له ومطالبتك إياه.
فقوله: دينا قيما ينبغي أن يكون مصدرا وصف به الدّين ولا وجه للجمع هنا، ولا للصفة، لقلّة مجيء هذا البناء في الصفة، ألا ترى أنه إنما جاء في قولهم: قوم عدى، ومكان سوى، وفعل في
[الحجة للقراء السبعة: 3/131]
المصادر كالشّبع والرّضا، وحروف أخر أوسع من الوصف، فإذا كان كذلك حمل على الأكثر.
فإن قلت: فكيف اعتلّ، وهو على وزن ينبغي أن يصح معه ولا يعتلّ، كما لم يعتلّ العوض والحول ونحو ذلك؟ فإنه يمكن أن يكون هذا الوزن إنما جاء في الجمع متّبعا واحده في الإعلال، نحو: ديمة وديم، وحيلة، وحيل، مع أن حكم الجمع أن لا يتبع الواحد في نحو: معيشة ومعايش، فإذا كانوا قد أتبعوه في الواحد الجمع، جاز أن يتبعوه أيضا في هذا الفعل فيعلّ، كما يعلّ الفعل، لأن المصادر أشدّ اتباعا لأفعالها في الاعتلال من الجمع للواحد. فإن قلت: فقد قالوا: وعدا ووزنا، فصحّحوا المصدر مع إعلالهم الفعل نحو يعد. قيل: لا يشبه هذا ما ذكرنا من بناء «فعل»، لأنّ «فعلا» على بناء لا طريق للإعلال عليه، وليس «فعل» كذلك، لأنّ الكسرة توجب الإعلال في الواو إذا كانت عينا، لا سيّما إذا انضم إليها هاهنا الاعتلال في الفعل. ويدلّك على أنه مصدر، وأنه مثل عوض حكاية أبي الحسن قوما، وقيما، وكان القياس تصحيح الواو كما حكاه أبو الحسن، وإنما انقلبت ياء على وجه الشذوذ عن الاستعمال كما انقلبت ثيرة، وكما قالوا: طويل وطيال في لغة بني ضبّة فيما حكاه أبو الحسن، وكما قالوا: جميعا جواد، وجياد وكان حكم جواد أن تصحّ عينه في الجمع، قال الأعشى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/132]
جيادك في الصّيف
في نعمة... تصان الجلال وتعطى الشّعيرا
فكما شذّت هذه الأشياء عما عليه الاستعمال كذلك شذّ قولهم: قيما، وهو فعل كالشبع، ولا وجه للصفة هنا لقلة الصفة، ولا لأن يكون جمع قيمة، لأنّ ذلك لا مذهب له، ألا ترى أنه لا يجوز أن يوصف الدّين بذلك، وقوله: قيما، وقياما بمعنى، وإنّما أعلّ القيام لأنه مصدر قد اعتلّ فعله، فأتبع الفعل في الاعتلال، فأمّا القوام الذي حكاه أبو عبيدة، فإنه ينبغي أن يكون اسما غير مصدر، كالقوام فيمن فتح. ويجوز أن يكون مصدر قاوم، كما أنّ الغوار مصدر غاور، فأما القيام والصّيام، والعياذ، والعيادة، والحياكة ونحو ذلك مما قلبت الواو فيه ياء، فمصادر جارية على الفعل، ومما يدل على أن قيما ليس بجمع قيمة، وإنما هو مصدر قوله: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس [المائدة/ 97] وقيما للناس، وإنّما المعنى جعل الله حجّ البيت الحرام قواما لمعايش الناس). [الحجة للقراء السبعة: 3/133]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما ذكره ابن مجاهد في [قيامًا وقِيَمًا]، وهما في السبعة [قِوَامًا]، وقيل: [قَوَامًا]، واللغة بكسر القاف. قرأ [قَوَامًا] بالواو وفتح القاف ابن عمر. انتهى كلام ابن مجاهد ولم يذكر [قِوَامًا] عن أحد؛ لكنه أثبته.
قال أبو الفتح: يقال: هذا قِوَام الأمر: أي مِلاكه، ويقال: قاومته قِوَامًا كقولك: عاودته عِوادًا، كما قال:
وإن شئتم تَعَاودْنا عِوادا
وأما [القَوَام] فمصدر جارية حسنة القَوام، فهو كالشَّطَاط، فقد يجوز مع هذا أن يراد بِقِوام ما أراده من قرأ: [قِيامًا] فيخرجه على الصحة، كما قال العجاج:
يَخْلِطن بالتأَنُّس النِّوارا ... زَهوك بالصَّريمة الصِّوارا
وقياسه النِّيار؛ لأنه مصدر فعل معتل العين، وهو نار ينور: أي نفر. قال:
أنورًا سَرْع ماذا يا فَروقُ ... وحبلُ الوصْل منتكِثٌ حذيقُ
وقد ذكرت هذا الموضع في كتابي المنصف). [المحتسب: 1/182]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل الله لكم قياما}
قرأ نافع وابن عامر {قيمًا} بغير ألف وقرأ الباقون {قياما}
[حجة القراءات: 190]
وأصل الكلمة قواما فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فصارت قياما قال الكسائي قياما وقواما وقيما ثلاث لغات والمعنى واحد وهو ما يقيم شأن النّاس ويعيشهم وفي تفسير بعضهم قياما معاشا). [حجة القراءات: 191]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {قيامًا} قرأه نافع وابن عامر «قيما» بغير ألف، وقرأ الباقون {قياما} بألف.
4- وحجة من قرأ بغير ألف أن جعله جمع «قيمة» كـ «ديمة وديم»، ودل على أنه جمع «قيمة»، وليس بمصدر أنه أعتل، ولو كان مصدرًا لم يعتل، كـ «العور والحول»، فالمعنى: أموالكم التي جعل الله لكم قيمة لأمتعتكم ومعايشكم، وقد قيل: إن قيما مصدر، بمعنى القيام، لغة فيه، من: قام بالأمر قام به، ومنه: {يقيمون الصلاة} «البقرة 3» أي يدومون عليها، وعلى ذلك قوله: {دينًا قيمًا} «الأنعام 161» في قراءة من خفف، أي: دائمًا ثابتًا لا ينسخ بغيره كما نسخت الشرائع قبله، فهو مصدر صفة لـ «الدين» ولو كان جمع «قيمة» لصار معناه: دينًا معاد لا بغيره، وهذا لا يصح، لأن الإسلام لا يعدله شيء، وإنما اعتل لأنه اتبع فعله فاعل.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/376]
5- وحجة من قرأ بالألف أنه جعله مصدرًا، قام يقيم قيامًا، على معنى: أموالكم التي تقيمكم طلبها وجمعها، قال أبو عبيد: «قياما» مصدر يقيمكم، ويجيء في معناها «قوام» غير معتل، وقد حكى الأخفش: طيال وطوال، في جمع «طويل» قال الأخفش في المصدر ثلاث لغات: القوام والقيام والقيم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/377]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {الَّتِي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَامًا} [آية/ 5]:-
بغير ألفٍ، قرأها نافع وابن عامر.
والقيم ههنا بمعنى القيام، وهما معًا قوام أمرهم الذي يقوم به ويصلح، وكلاهما مصدر، وإعلال القيام لاعتلال فعله، وأما إعلال القيم فشاذ؛ لأن القياس أن يصحح كعوض وحولٍ، لكنه شذ، كثيرةٍ في جمع ثورٍ، وطيالٍ في جمع طويل، وقد حكى أبو الحسن فيه قومًا بالواو على القياس، وبعضهم ذهب إلى أن قيما ههنا جمع قيمةٍ، والمعنى جعلها الله قيما للأشياء.
وقرأ الباقون {قِيَامًا} بالألف، وهو على ما ذكرنا). [الموضح: 404]

قوله تعالى: {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس