عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 11:13 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المائدة
[ من الآية (59) إلى الآية (63) ]

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (62) لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (63)}

قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)}

قوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (60)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وعبد الطّاغوت... (60)
قرأ حمزة وحده (وعبد الطّاغوت) بضم الباء وكسر التاء، وقرأ الباقون بفتحها.
قال أبو منصور: من قرأ (وعبد الطّاغوت) عطفه على قوله (وجعل منهم القردة والخنازير) ومن عبد الطاغوت، وأما قراءة حمزة (وعبد الطّاغوت)) فإن أهل العربية ينكرونه، وقال نصير النحوي: هو وهمٌ ممن قرأ به، فليتق الله من قرأ به، وليسأل عنه العلماء حتى يوقف على أنه غير جائز.
وقال الفراء من قرأ (وعبد الطاغوت) فإن تكن فيه لغة مثل: حذر وحذر، وعجل وعجل فهو وجه، وإلا فلا يجوز في القراءة). [معاني القراءات وعللها: 1/335]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- .............. [60].
بضم الباءِ وفتح الدَّال.
وقرأ الباقون {وعبد الطاغوت} فعلاً ماضيًا، ولهم في ذلك حجتان:
إحداهما: النسق على قوله {من لعنه الله} ومن عبد الطاغوت.
والحجة الثانية: أن ابن مسعود وأبيًّا قرآ: {وعبدوا الطاغوت} فأما حمزة فإنه جعل «عبد» جمع عبد، والعرب تجمع عبدًا فيقولون هؤلاء عبيد الله وعباد الله وأعبد الله وعبدان الله وعبدي الله، فمن جر الطاغوت أضاف إليه العبد، ومن قرأ بالنصب جعله فعلاً ماضيًا وتلخيصه: من لعنه الله وخدم الطاغوت.
واختلف الناس في «الطاغوت» فقال قوم: يكون مذكرًا ومؤنثًا وجمعًا وواحدًا، وقد بين الله ذلك في القرآن فقال: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} فأنث وقال: {أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم} فجمع.
وقال آخرون: الطاغوت: واحدٌ، وجمعها طواغيت، وإنما قال تعالى: {أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم} كما قال: {أو الطفل الذين لم يظهروا} فاجتزأ بالواحد عن الجمع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/147]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في ضم الباء وفتحها من قوله تعالى: وعبد الطاغوت [المائدة/ 60].
فقرأ حمزة وحده: وعبد الطاغوت بفتح العين وضم الباء وكسر التاء من الطاغوت.
وقرأ الباقون: وعبد الطاغوت منصوبا كلّه.
حجّة حمزة في قراءته عبد الطاغوت: أنه يحمله على ما عمل فيه جعل* فكأنه قال: وجعل منهم عبد الطاغوت. ومعنى جعل*: خلق كما قال: وجعل منها زوجها [الأعراف/ 189] وكما قال: وجعل الظلمات والنور [الأنعام/ 1] وليس عبد*
[الحجة للقراء السبعة: 3/236]
لفظ جمع، ألا ترى أنّه ليس في أبنية الجموع شيء على هذا البناء، ولكنه واحد يراد به الكثرة، ألا ترى أن في الأسماء المنفردة المضافة إلى المعارف ما لفظه لفظ الإفراد ومعناه الجمع؟ وفي التنزيل: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها [النحل/ 18] [يريد: نعم الله] فكذلك قوله: وعبد الطاغوت وجاء على فعل لأنّ هذا البناء تراد به الكثرة والمبالغة، وذلك نحو يقظ، وندس، وفي التنزيل: وتحسبهم أيقاظا [الكهف/ 18] فكأنّ تقديره أنّه قد ذهب في عبادة الطاغوت، والتذلّل له كلّ مذهب وتحقّق به، وجاء على هذا لأنّ عبدا في الأصل صفة، وإن كان قد استعمل استعمال الأسماء، واستعمالهم إياه استعمالها لا يزيل عنه كونه صفة، ألا ترى أنّ الأبرق والأبطح، وإن كانا استعملا استعمال الأسماء حتى كسّر هذا النحو تكسيرها عندهم في نحو قوله:
بالعذب في رصف القلات مقيله... قضّ الأباطح لا يزال ظليلا
لم يزل عنهما حكم الصفة يدلك على ذلك تركهم
[الحجة للقراء السبعة: 3/237]
صرفها كتركهم صرف آخر، ولم يجعلوا ذلك كأفكل، وأيدع، فكذلك عبد، وإن كان قد استعمل استعمال الأسماء، لم يخرجه ذلك عن أن يكون صفة وإذا لم يخرج عن أن يكون صفة، لم يمتنع أن يبنى بناء الصفات على فعل نحو يقظ.
فأما من فتح فقال: وعبد الطاغوت فإنّه عطفه على مثال الماضي الذي في الصلة وهو قوله: لعنه الله [النساء/ 118] وأفرد الضمير الذي في عبد، وإن كان المعنى فيه الكثرة لأنّ الكلام محمول على لفظ من دون معناه، وفاعله ضمير من كما أن فاعل الأمثلة المعطوف عليها ضمير من، فأفرد لحمل ذلك جميعا على اللفظ ولو حمل الكلّ على المعنى أو البعض على اللفظ والبعض على المعنى كان مستقيما). [الحجة للقراء السبعة: 3/238]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وابن هُرْمُز وابن عمران ونُبيج وابن بريدة: [مَثْوبة] ساكنة الثاء.
قال أبو الفتح: هذا مما خرج على أصله، شاذًّا عن بابه وحال نظائره، ومثله مما يحكى عنهم من قولهم: الفُكاهة مَقْوَدةٌ إلى الأذى، وقياسهما مَثابة ومَقادة، كما جاء عنهم من منامة وهي القطيفة، ومزادة، ومثله مزْيد، وقياسه مزاد، إلا أن مَزْيَدًا عَلَم، والأعلام قد يحتمل فيها ما يكره في الأجناس، نحو: مَحبب ومَكوزة ومريم ومدين ومعد يكرب ورجاء بن حيوة، ومنه: موظب ومورق اسم رجلين، ومَثْوَبة مَفْعَلةٌ ومَثُوبة مَفْعُلة، ونظيرها الْمَبْطَخة والْمَبْطُخة والمشرَفة والمشرُفة، وأصل مَثُوبَة مَثْوُبَة، فنقلت الضمة من الواو إلى الثاء، ومثلها معونة. وأما مئونة
[المحتسب: 1/213]
فمختلف فيها، فمذهب سيبويه أنها فَعُولة من مُنت الرجل أَمونه، وأصلها مَوُونة بلا همز، كما تقول في فَعول من القيام: قَوُوم، ومن النوم: نَوُوم، ثم تُهمز الواو استحسانًا للزوم الضمة لها؛ فتصير مئونة. وقال غيره: هي مَفْعُلة من الأَوْن؛ وهو الثِّقْل من قول رؤبة:
سِرًّا وقد أوَّن تأْوينَ العُقُق
أي: ثقلت أجوافهن فصار كأن هناك أَونَين؛ أي: عِدْلين، فمئونة على هذا كمعونة، هذا من الأَوْن، وهذا من الْمَوْن، وأجاز الفراء أن تكون من الأَيْن -وهو التعب- من حيث كانت المئونة ثِقْلًا على ملتزها، فسلك الفراء في هذا مذهب أبي الحسن في قوله في مَفْعُلَة من البيع: مَبْوُعَة، وحجته في هذا ما سمع منهم في قول الشاعر:
وكنتُ إذا جارِي دَعَا لمضوفة ... أُشَمِّر حتى يَنْصُفَ الساقَ مئزري
وهي من الضيف. والكلام هنا يطول، وقد أشبعناه في كتابنا المنصف). [المحتسب: 1/214]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما يُروى في قول الله تعالى: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}، وهو عشر قراءات:
{وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} على فَعَل ونصب الطاغوت. [وعَبُدَ الطاغوتِ] بفتح العين، وضم الباء، وفتح الدال، وخفض الطاغوت، وهما في السبعة.
ابن عباس، وابن مسعود، وإبراهيم النخعي، والأعمش، وأبان بن تغلب، وعلي بن صالح، وشيبان: [وعُبُد الطاغوتِ]بضم العين والباء، وفتح الدال، وخفض الطاغوت.
وروى عكرمة عن ابن عباس: [وعُبَّدَ الطاغوتِ] بضم العين، وفتح الباء وتشديدها، وفتح الدال، وخفض الطاغوت.
[المحتسب: 1/214]
وأبو واقد: [وعُبَّادَ الطاغوتِ]، و[وعِبَادَ الطاغوتِ] قراءة البصريين.
وقال معاذ: قرأ بعضهم: [وعُبِدُ الطاغوتُ]، كقولك: ضُرب زيد لم يسم فاعله.
وقرأ عون العقيلي وابن بُرَيدة: [وعابِدَ الطاغوتِ].
وقرأ أبي بن كعب: [وعَبدُوا الطاغوتَ] بواو.
وقرأ ابن مسعود فيما رواه عبد الغفار عن علقمة عنه: [وعُبَدَ الطاغوتِ] كصُرد.
قال أبو الفتح: أما قوله: {وعَبد الطاغوتَ} فماض معطوف على قوله سبحانه: [وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ].
وأما [وعَبُد الطاغوتِ] فاسم على فَعُل. قال أبو الحسن: جاء به نحو حَذُر وفَطُن.
قال: وأما [وعُبُدَ] فجمع عبيد، وأنشد:
انسب العبدَ إلى آبائه ... أسود الجلد ومن قوم عُبُد
هكذا قال أبو الحسن، وقد يجوز أن يكون عُبُد جمع عَبْد، كرَهْن ورُهُن، وسَقْف وسُقُف، ومن جهة أحمد بن يحيى: عُبُد جمع عابد، وهذا صحيح، كبازل وبُزُل، وشارف وشُرُف.
وقال أبو الحسن: والمعنى -فيما يقال- خَدمُ الطاغوت.
وأما [عُبَّد الطاغوت] فجمع عابد، ومثله عُبَّاد، كضارب وضُرَّب وضُرَّاب، وعليه القراءتان: [عُبَّد الطاغوت] و[عُبَّاد الطاغوت]، وعليه قراءة من قرأ: [وعِبَادَ الطاغوت]، عابد وعباد، كقائم وقيام، وصائم وصيام. وقد يجوز أن يكون [عِبَادَ الطاغوت] جمع عَبْد، وقلما يأتي عِباد مضافًا إلى غير الله. وقد أنشد سيبويه:
أتوعدني بقومك يابن حَجْل ... أُشَاباتٍ يُخالون العِبادَا
[المحتسب: 1/215]
يريد: عبيدًا لبني آدم، ولا يجوز أن يكون في المعنى عباد الله، لأن هذا ما لا يُسب به أحد، والناس كلهم عباد الله تعالى، وأما قول الآخر:
لا والذي أنا عبد في عبادته ... لولا شماتة أعداء ذوي إحن
ما سرني أنَّ إبْلي في مبارِكها ... وأن شيئًا قضاه الله لم يكن
فيحتمل أن يكون جمع عبد، إلا أنه أنثه فصار كَذِكارة وحجارة وقصارة، جمع قصير.
ويجوز أن تكون العبادة هنا مصدرًا؛ أي: أنا عبد في طاعته.
وأما [عُبِدَ الطاغوتُ] فظاهر، وعليه قراءة أُبي: [وَعَبَدُوا الطَّاغُوتَ] بواو.
وأما [وعابِدَ الطاغوتِ] فهو في الإفراد كعبد الطاغوت، واحد في معنى جماعة على ما مضى. وعليه أيضًا: [وعُبَد الطاغوتِ] لأنه كحُطَم ولُبَد، كما أن عبُدًا كندُسٍ وحذُرٍ ووظيف عَجُرٍ، ومن جهة أحمد بن يحيى [وعَبُدَ الطاغوتُ] أي: صار الطاغوتُ معبودًا؛ كفقُه الرجل وظرف: صار فقيهًا وظريفًا، ومن جهته أيضًا: [وعبدَ الطاغوتِ] وقال: أراد عبَدَة فحذف الهاء، قال: ويقال: عَبَدة الطاغوتِ والأوثان، ويقال للمسلمين: عُبَّاد). [المحتسب: 1/216]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت}
قرأ حمزة {وعبد} بضم الباء {الطاغوت} جر يقال عبد وعبد قال الشّاعر
ابني لبينى إن أمكم ... أمة وإن أباكم عبد
قال الفراء الباء تضمها العرب للمبالغة في المدح والذم نحو رجل حذر ويقظ أي مبالغ في الحذر فتأويل عبد أنه بلغ الغاية في طاعة الشّيطان وكذا قرأ مجاهد ثمّ فسره وقاله وخدم الطاغوت قال الزّجاج وكان اللّفظ لفظ واحد يدل على الجميع كما تقول للقوم منكم عبد العصا تريد إن فيكم عبيد العصا والنّصب في عبد من وجهين أحدهما على وجعل منهم عبد الطاغوت والثّاني على الذّم على أعني عبد الطاغوت
وقرأ الباقون {وعبد الطاغوت} ولهم في ذلك حجتان
إحداهما النسق على قوله {من لعنه الله} و{عبد الطاغوت} والطاغوت هو الشّيطان أي أطاعه فيما سوّل له وأغواه به والثّانية أن ابن مسعود وأبيا قرأا (وعبدوا الطاغوت) حملا الفعل على معنى
[حجة القراءات: 231]
من لأن من واحد في اللّفظ وجمع في المعنى فقراءة العامّة على اللّفظ وقراءتهما على المعنى كما قال {ومنهم من يستمعون إليك} على المعنى ثمّ قال {ومنهم من ينظر إليك} على اللّفظ). [حجة القراءات: 232]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {وعبد الطاغوت} قرأه حمزة بضم الباء وكسر التاء، وقرأ الباقون بفتح الباء والتاء.
وحجة من ضم الباء وكسر التاء أنه جعل «عبد» اسمًا يبنى على «فعل» كعضُد، فهو بناء للمبالغة والكثرة كـ «يقظ وندس» وأصله الصفة، ونصبه بـ «جعل» أي: جعل منهم عبدًا للطاغوت، وأضاف «عبد » إلى «الطاغوت» فخفضه، و«جعل» بمعنى: «خلق» كقوله: {وجعل الظلمات والنور} «الأنعام 1» والمعنى: وجعل منهم من يبالغ في عبادة الطاغوت، وليس «عبد» بجمع، لأنه ليس من أبنية الجموع.
26 – وحجة من فتح الباء والتاء أنه جعله فعلًا ماضيًا، وعطفه على فعل ماض، وهو غضب ولعن وجعل، ونصب «الطاغوت» به، في هذه القراءة غير بحذفه الموصول؛ لأن التقدير: وجعل منهم من عبد الطاغوت، فحذف «من»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/414]
وأبقى الصلة، فهو قبيح جائز على بعده، ولذلك كثر الاختلاف في هذا الحرف، فقرئ على أحج عشر وجهًا، ووحّد الضمير في القراءتين، حملا على فظ «من» وهو الاختيار؛ لأن عليه الجماعة، وهو أبين في المعنى؛ لأن التقدير: من لعنه الله، ومن غضب عليه، ومن جعل منهم القردة والخنازير، ومن عبد الطاغوت، فهو أبين في المجانسة والمطابقة، وحمل آخر الكلام على مثال أوله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/415]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [آية/ 60]:-
بضم الباء، وخفض {الطاغوتِ}، قرأها حمزة وحده.
ووجهه أن عبدًا واحدٌ كحذر وندس ويقظ، وهو من أبنية المبالغة، والمراد بعبد الطاغوت الذي ذهب في عبادة الطاغوت كل مذهبٍ، وهو معطوف على
[الموضح: 446]
ما قبله مما عمل فيه جعل، كأنه قال: وجعل منهم القردة والخنازير وجعل منهم عبد الطاغوت، أي عابد الطاغوت.
وقرأ الباقون {وَعَبَدَ الطاغوت} بفتح الباء ونصب {الطاغوت}.
والوجه أن {عَبَدَ} فعل ماضٍ معطوف على مثال الماضي الذي في الصلة، وهو قوله {لَعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيْهِ}، وأفراد الضمير حملاً على لفظ {مَنْ} دون معناه؛ لأن لفظه على الوحدة). [الموضح: 447]

قوله تعالى: {وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ (61)}

قوله تعالى: {وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (62)}
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {السحت} قرأه ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بضم الحاء في ثلاثة مواضع في هذه السورة، وأسكن ذلك الباقون، وهما لغتان يراد بهما اسم الشيء المسحوت، وليسا بمصدرين، يقال: سحته الله إذا استأصله، فكأنه يستح بدين آكله أي يذهبه، ويقال: سحته إذا ذهب به قليلًا، وأصله أكل الرُشا في الأحكام). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/408]

قوله تعالى: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (63)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {وأكلهم السحت} [63].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: {السحت} بضمتين.
وقرأ الباقون: {السحت} ساكنًا، وهما لغتان، نحو والبخل والبخل. قرأ به عيسى بن عمر.
وروى خارجة عن نافع {السحت} بفتح السين وسكون الحاء
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/145]
فتكون لغة ثالثة. والعرب تقول: سحتهم الله وأسحتهم، وكل ذلك قد قرئ به {فيسحتكم بعذاب} و{فيسحتكم} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/146]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الحاء وإسكانها من قوله تعالى: السحت [المائدة/ 62/ 63].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: السحت* مضمومة الحاء مثقّلة.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة: السحت ساكنة الحاء خفيفة.
وروى العباس بن الفضل عن خارجة بن مصعب عن نافع: أكالون للسحت [المائدة/ 42] بفتح السين [وجزم الحاء].
قال أبو عبيدة: السّحت: أكل ما لا يحلّ. يقال: سحته وأسحته: إذا استأصله، وفي التنزيل: فيسحتكم بعذاب
[الحجة للقراء السبعة: 3/221]
[طه/ 61] أي: نستأصلكم به، ومن أسحت قول الفرزدق:
إلّا مسحتا أو مجلّف والسّحت والسّحت لغتان، ويستمر التخفيف والتثقيل في هذا النحو، وهما اسم الشيء المسحوت، وليسا بالمصدر. فأما من قرأ أكالون للسحت [المائدة/ 42] فالسّحت مصدر سحت، وأوقع اسم المصدر على المسحوت كما أوقع الضرب على المضروب في قولهم: هذا الدرهم ضرب الأمير. والصيد على المصيد في قوله: لا تقتلوا الصيد [المائدة/ 95] والسّحت أعم من الربا، وهؤلاء قد وصفوا بأكل الربا. في قوله: وأخذهم الربا وقد نهوا عنه [النساء/ 161] إلّا أنّ السّحت أعمّ من الربا نحو ما أخذوا فيه من كتمانهم ما أنزل عليه وتحريفهم إياه ونحو ذلك لأنّه يشمل الربا وغيره). [الحجة للقراء السبعة: 3/222]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس