عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 11:10 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المائدة
[ من الآية (51) إلى الآية (53) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ (53)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)}

قوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى وإبراهيم: [فَيرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ] بالياء.
قال أبو الفتح: فاعل يرى مضمر دلت عليه الحال؛ أي: فيرى رائيهم ومتأمِّلُهم، والذين في موضع نصب كقراءة الجماعة، وقد كثر إضمار الفاعل لدلالة الكلام عليه، كقولهم: إذا كان غدًا فائتني؛ أي: إذا كان ما نحن عليه من البلاء في غد فائتني، وهو كثير، ودل عليه أيضًا القراءة العامة؛ أي: فترى أنت يا محمد -أو يا حاضر- الحال الذين في قلوبهم مرض يسارعون في ولاء المشركين ونصرهم). [المحتسب: 1/213]

قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ (53)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويقول الّذين آمنوا أهؤلاء الّذين أقسموا... (53).
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: (يقول الّذين آمنوا) بغير واو في أوله وبرفع اللام، وقرأ أبو عمرو: (ويقول) نصبًا.
وقرأ الكوفيون: (ويقول الّذين آمنوا) رفعًا، وروى علي بن نصر عن أبى عمرو الرفع والنصب جميعًا.
قال أبو منصور: أما حذف الواو وإثباتها فعلى ما كتب في المصاحف القديمة، وثبوت الواو، وسقوطها لا يغير المعنى، ومن نصب (ويقول) عطفه على قوله (فعسى اللّه أن يأتي بالفتح.. وأن يقول.
ومن رفع (ويقول) فهو استئناف، وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 1/333]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في إدخال الواو وإخراجها والرفع والنصب في قوله [جل وعز]: ويقول الذين آمنوا [المائدة/ 53].
فقرأ أبو عمرو وحده: ويقول الذين آمنوا* نصبا. وروى علي بن نصر عن أبي عمرو أنّه قرأ بالنصب والرفع: ويقول الذين آمنوا* نصبا ويقول الذين آمنوا رفعا.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: ويقول الذين آمنوا رفعا.
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: يقول الذين آمنوا* بغير واو في أولها ورفع اللام، وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة ومكة واللام من يقول مضمومة.
[قال أبو علي]: إن قلت: كيف قرأ أبو عمرو: ويقول الذين آمنوا* ولا يجوز عسى الله أن يقول الذين آمنوا. فالقول في ذلك أنّه يحتمل أمرين غير ما ذكرت، أحدهما: أن يحمله على المعنى لأنّه إذا قال: فعسى الله أن يأتي بالفتح [المائدة/ 52] فكأنّه قد قال: عسى أن يأتي الله بالفتح، ويقول الذين آمنوا. كما أنّه إذا قال: فأصدق وأكن [المنافقون/ 10] فكأنّه قد قال: أصّدق
[الحجة للقراء السبعة: 3/229]
وأكن، ألا ترى أنّه يستقيم أن يقع في موضع قوله: لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق: هلّا أخّرتني إلى أجل قريب أصّدّق، لأنّ هلّا للتحضيض، فكأنّه قال: أخّرتني إلى أجل قريب أصّدّق، كما تقول: أعطني أكرمك، فلما وقع قوله: فأصدق موضع قوله:
أصّدّق حمل أكن على الجزم الذي كان يجوز في الفعل لو وقع موقع الفاء والفعل الذي بعده، كما أنّ قوله:
أنّى سلكت فإنّني لك كاشح... وعلى انتقاصك في الحياة وأزدد
حمل أزدد فيه على الجزم الذي كان يكون في موضع الفعل الذي هو جزاء، فكذلك حمل: ويقول الذين آمنوا على ما كان يجوز وقوعه بعد عسى من أن، ألا ترى أنّ جواز كلّ واحد منهما ومساغه كجواز الآخر وقد جاء التنزيل بهما [قال عزّ وجل]:
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم [البقرة/ 216] وعسى الله أن يكف بأس الذين كفروا [النساء/ 84] فلمّا كان مجازهما واحدا، صرت إذا ذكرت أحدهما فكأنّك ذكرت الآخر، فجاز الحمل عليه.
ووجه آخر وهو أنّه إذا قال: فعسى الله أن يأتي بالفتح [المائدة/ 52] جاز أن يبدل أن يأتي من اسم الله كما أبدلت
[الحجة للقراء السبعة: 3/230]
أن من الضمير في قوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63] وإذا أبدلت منه حملت النصب في: ويقول* على ذلك، كأنّك قلت: عسى أن يأتي الله بالفتح، ويقول الذين آمنوا.
فأمّا من رفع، فحجّته أن يجعل الواو لعطف جملة على جملة، ولا يجعلها عاطفة على مفرد، ويدلّ على قوة الرفع قول من حذف الواو فقال: يقول الذين آمنوا*.
وأما إسقاط الواو وإثباتها من قوله: ويقول الذين آمنوا فالقول فيه إنّ حذفها في المساغ والحسن كإثباتها. فأمّا الحذف فلأنّ في الجملة المعطوفة ذكرا من المعطوف عليها، وذلك أن من وصف بقوله: يسارعون فيهم يقولون: نخشى أن تصيبنا دائرة إلى قوله: نادمين [المائدة/ 52] هم الذين قال فيهم الذين آمنوا: أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم [المائدة/ 53] فلمّا صار في كلّ واحدة من الجملتين ذكر من الأخرى حسن عطفها بالواو وبغير الواو، كما أن قوله:
سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم [الكهف/ 22] لمّا كان في كل واحدة من الجملتين ذكر مما تقدّم، اكتفي بذلك عن الواو، لأنّها بالذكر وملابسة بعضها ببعض به ترتبط إحداهما بالأخرى كما ترتبط بحرف العطف، وعلى هذا قوله: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [البقرة/ 39]
[الحجة للقراء السبعة: 3/231]
ولو أدخلت الواو فقيل: وهم فيها خالدون، كان حسنا، ويدلّك على حسن دخول الواو قوله:
ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم فحذف الواو من قوله: ويقول الذين آمنوا كحذفها في هذه الآي، وإلحاقها كإلحاقها في قوله: ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم [الكهف/ 22] فقد تبين لك بمجيء التنزيل بالأمرين أنّ هذا الموضع أيضا مثل ما جاء التنزيل به في غير هذا الموضع). [الحجة للقراء السبعة: 3/232]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويقول الّذين آمنوا أهؤلاء الّذين أقسموا باللّه جهد أيمانهم}
قرأ ابو عمرو {ويقول الّذين آمنوا} بالنّصب رد على قوله {فعسى الله أن يأتي بالفتح} و{أن يقول الّذين آمنوا} وقرأ أهل الحجاز والشّام (يقول) بغير الواو وكذلك هي في مصاحفهم وحجتهم ما روي عن مجاهد في تفسيره {فعسى الله أن يأتي بالفتح} فتح مكّة {أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين} (يقول الّذين آمنوا) أي حينئذٍ (يقول الّذين آمنوا أهؤلاء الّذين أقسموا باللّه جهد أيمانهم) أي ليس كما قالوا
وقرأ أهل الكوفة {ويقول} بالواو والرّفع على الانقطاع من الكلام المتقدّم فابتدأ الخبر عن قول الّذين آمنوا وقد يجوز أن تكون
[حجة القراءات: 229]
مردودة على قوله {فترى الّذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم} ويقول الّذين آمنوا أي وترى الّذين آمنوا يقولون {أهؤلاء الّذين أقسموا باللّه} ). [حجة القراءات: 230]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- قوله: {ويقول الذين آمنوا} قرأ الحرميان وابن عامر بغير واو، وقرأ الباقون بالواو، وكلهم رفع «يقول» إلا أبا عمرو فإنه نصبه.
وحجة من أثبت أنه جعله عطفًا على ما قبله، عطف جملة على جملة، وتبع في ذلك أنها ثابتة في مصاحف الكوفة والبصرة.
18- وحجة من حذف الواو أنه استغنى عن حرف العطف، لأن في الجملة الثانية ضميرًا يعود على الاول، فذلك الضمير يغني عن حرف العطف، كما قال: {ثلاثة رابعهم} وقال: {خمسة سادسهم} «الكهف 22» وإثبات حرف العطف حسن، كما قال: {سبعة وثامنهم}، وأيضًا فإنه بغير واو في مصاحف أهل المدينة ومكة والشام، والقراءتان حسنتان، وإثبات الواو أحب
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/411]
إلي؛ لارتباط بعض الكلام ببعض؛ ولأنه أزيد في الحسنات.
19- وحجة من نصب الفعل أنه عطفه على «أن يأتي» على تقدير تقدم «أن» إلى جنب «عسى» إذ لا يحسن «على الله أن يأتي، وعسى الله أن يقول الذين» كما لا يحسن: عسى زيد أن يقوم عمرو، فإذا قدّرت التقديم في «أن يأتي» إلى جنب «عسى» حسن لأنه يصير التقدير: عسى الله أن يأتي الله، وعسى أن يقول الذين، ويجوز أن يجعل «أن يأتي» بدلًا من اسم الله جل ذكره، فيصير التقدير: عسى الله أن يأتي الله بالفتح ويقول الذين.
20- وحجة من رفع الفعل أنه جعل الواو عطفت جملة على جملة، لم تعطف مفردًا على مفرد، ويقوي الرفع قراءة من قرأ بغير واو فلا يجوز مع حذف الواو إلا الرفع على الاستئناف، والاستغناء بالضمير الذي في الجملة الثانية، عن حرف العطف، والاختيار الرفع، إذ عليه الجماعة، ولظهور وجهه، ولترك التكلف فيه، كما احتيج إلى التكلف في النصب، من تقديم لفظ مؤخر، وإثبات الواو وحذفها واحد، وحذفها أحب إلي؛ لأن في حذفها دليلًا على قوة الرفع الي اخترنا، وفيه ترك النصب، الذي فيه ترك التقديم والتأخير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/412]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا} [آية/ 53]:-
بغير واو في أوله، قرأها ابن كثير ونافع وابن عامر؛ لأن في هذه الجملة ذكرًا من الجملة المتقدمة، فجاز عطفها عليها بالواو وبغير الواو، وذلك أن الذين وصفوا بقوله تعالى {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} هم الذين قال فيهم {الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِالله} فلما كان في كل واحدةٍ من الجملتين ذكر من الأخرى جاز حذف الواو لاتصال إحداهما بالأخرى، كما جاز في قوله {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} فعطف بغير الواو، ثم قال: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} فعطف بالواو.
وقرأ الباقون {وَيَقُولُ} بإثبات الواو في أوله، وهو الأظهر؛ لأنه عطف جملةٍ على جملةٍ، فالأصل فيه أن يكون بالواو.
[الموضح: 443]
وأما نصب {يُقُولَ}:-
فقد قرأه أبو عمرو ويعقوب.
ووجهه أن الكلام محمول على المعنى؛ لأنه إذا قال {فَعَسَى الله أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} فكأنه قال: عسى أن يأتي الله بالفتح، ويقول الذين آمنوا، فعطف على المعنى، كما أنه إذا قال {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} كان محمولاً على المعنى، كأنه قال: أصدق وأكن، بالجزم فيهما، وقد قال الله تعالى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} {وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا}.
ووجه ثانٍ: هو أنه إذا قال {فَعَسَى الله أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} جاز أن يبدل {أَنْ يَأْتِيَ} من اسم الله، كما فعلت في قوله تعالى {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} فأبدلت {أَنْ أَذْكُرَهُ} بدلاً من الضمير في {آنْسانِيهُ}، فإذا أبدلت {أَنْ يَأْتِيَ} من اسم الله، حملت قوله {وَيَقُولَ} بالنصب عليه، فكأنك قلت: فعسى أن يأتي الله بالفتح وأن يقول.
ووجه ثالث: إن قوله {يَقُولَ} بالنصب عطف على الفتح، والفتح مصدر، وأن يقول في معنى المصدر، فكأنه قال: عسى الله أن يأتي بالفتح وبأن يقول الذين آمنوا، والمعنى بالفتح وبقول الذين آمنوا، فعطف مصدرًا على مصدرٍ.
وإنما لم يعطف {يَقُولَ} على {يأتيَ} كما يتوهمه بعض الناس؛ لأنه لا يستقيم: عسى الله أن يقول الذين آمنوا.
[الموضح: 444]
وقرأ الباقون {يَقُولُ} بالرفع.
ووجهه: أن تجعل الواو لعطف جملة على جملةٍ، ولا تجعلها عاطفة على مفردٍ، ويؤيد وجه الرفع قراءة من قرأ بحذف الواو من {يَقُولُ} ). [الموضح: 445]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس