عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:37 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ الآية (43) ]


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أو لامستم النّساء... (43)
قرأ حمزة والكسائي: (أو لمستم) في السورتين بغير ألف وقرأ الباقون فيهما بالألف
قال أبو منصور: من قرأ (أو لامستم) فهو على فاعلتم، لاشتراكهما في الفعل الذي يكون منه الولد، ومن قرأ (أو لمستم) خص بالفعل الرجل، لأن الفعل في باب الجماع يضاف إلى الرجل، وقد يكنى عن الجماع باللمس واللماس، والعرب تقول: فلانة لا تردّ يد لامسٍ، أي: لا ترد عن نفسها من أراد غشيانها). [معاني القراءات وعللها: 1/310]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {أو لامستم النساء} [43].
قرأ حمزة والكسائي: {لمستم} بغير ألف، جعلا الفعل للرجال دون النساء.
وقرأ الباقون (لامستم) لأن المرأة تلامس الرجل والرجل يلامسها والمفاعلة لا تكون إلا من اثنين، وحجتهم: جامعتُ المرأة، ولا يقال: جمعت.
ومن قرأ (لمستم) فحجته: نكحت، ولا يقال: ناكحت). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/134]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إدخال الألف وإخراجها من قوله [جلّ وعز] أو لامستم النساء [النساء/ 43].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: أو لامستم بألف هاهنا، وفي المائدة [الآية/ 6] مثله.
وقرأ حمزة والكسائي: لمستم بغير ألف، وفي المائدة مثله.
قال أبو علي: اللمس يكون باليد، وقد اتّسع فيه فأوقع على غيره فمما جاء يراد به مسّ باليد قوله:
ولا تلمس الأفعى يداك تنوشها... ودعها إذا ما غيّبتها سفاتها
ومما جاء يراد به غير اللمس بالجارحة قوله تعالى: وأنا لمسنا السماء فوجدناها [الجن/ 8]
[الحجة للقراء السبعة: 3/163]
تأويله: عالجنا غيب السماء ورمناه لنسترقه فنلقيه إلى الكهنة ونخبرهم به. ولما كان اللمس قد يكون غير المباشرة بالجارحة قال: ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم [الأنعام/ 7] فخصص باليد لئلا يلتبس بالوجه الآخر، كما جاء وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم [النساء/ 23] لما كان الابن قد يكون متبنّى به من غير الصّلب، وقد كان ينسب المتبنى به إلى المتبنّي فقال: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله [الأحزاب/ 5].
وقد قالوا: التمس وهو افتعل من اللمس، فأوقع على ما لا يقع عليه اللمس والمباشرة- قال:
الحرّ والهجين والفلنقس ثلاثة فأيّهم تلمّس ليس يريد أيّهم تباشر بيدك، ولكن أيّهم تطلب.
قال:
وبالسّهب ميمون النّقيبة قوله* لملتمس المعروف أهل ومرحب
[الحجة للقراء السبعة: 3/164]
فملتمس المعروف طالبه ليس مماسّه ولا مباشره.
وقوله تعالى: أو لامستم النساء قد عنى به ما لا يكون مسّا بيد، وذاك أنّ الخلوة قد تكون في حكم المسّ في قول عمر وعلي [رضي الله عنهما] والخلوة ليست بلمس ولا مس بجارحة.
واختلف الصحابة في قوله: أو لامستم النساء على قولين:
فحمله حاملون على المسّ باليد، وآخرون على الجماع، ولم يحمله أحد منهم على الأمرين جميعا، فحمله عليهما خروج من إجماعهم، وأخذ بقول قد أجمعوا على رفضه.
وقد أجري المسّ هذا المجرى لا يراد به المباشرة وتلزيق الجارحة بالمطلوب، وذلك قوله:
مسنا السّماء فنلناها وطالهم* حتى رأوا أحدا يهوي وثهلانا فليس يريد باشرناها، ولكن يريد به رفعتهم وأنّ غيرهم لا
[الحجة للقراء السبعة: 3/165]
يدرك شأوهم ولا ينال ما نالوه من رفعة المنزلة وهذا كقوله: .. وقد فاتت يد المتناول ومن المباشرة قوله تعالى: ذوقوا مس سقر [القمر/ 48] وإن يمسسكم قرح [آل عمران/ 140] ولن تمسنا النار إلا أياما [آل عمران/ 24] فأما قوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن [البقرة/ 236] فقد يكون من مثل قوله: ذوقوا مس سقر وقد لا يكون مسّا، ولكن ما يكون في حكم المسّ، وهو الخلوة بها في قول عمر وعلي رضي الله عنهما.
وحجة من قرأ: لمستم أن هذا المعنى جاء في التنزيل في غير موضع على فعلتم، وذلك قوله: ولم يمسسني بشر [مريم/ 20] ولم يطمثهن إنس [الرحمن/ 56]. وحجّة من قرأ: لامستم أنّ فاعل قد جاء في معنى فعل، نحو عاقبته، وطارقت النعل. وقال أبو عبيدة اللماس النكاح). [الحجة للقراء السبعة: 3/166]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش: [لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكْرَى] مضمومة السين، ساكنة الكاف من غير ألف.
وقراءة إبراهيم: [وَأَنْتُمْ سَكْرَى].
وفي قراءته أيضًا: [تُرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى].
[المحتسب: 1/188]
قال أبو الفتح: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن وكيع عن الدمشقي عن ابن قطرب عن قطرب في كتابه الكبير: أن قراءة أبي زرعة الشامي: [وتَرَى النَّاسَ سُكْرَى وَمَا هُمْ بِسُكْرى].
وسألت أبا علي عن [سُكْرَى] فردد القول فيها، ثم استقر الأمر فيها بيننا على أنها صفة من هذا اللفظ والمعنى، بمنزلة حبلى مفردة كما ترى.
فأما [سَكْرَى] بفتح السين فيمن قرأ كذلك فيحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون جمع سكران؛ إلا أنه كُسِّر على فَعْلَى؛ إذ كان السكر علة تلحق العقل، فجرى ذلك مجرى قوله:
فَأَمَّا تَميمٌ تَميمُ بنُ مُرٍّ ... فَأَلفاهُمُ القَومُ رَوْبَى نِياما
فهذا جمع رائب؛ أي: نومى خُثَراءُ الأنفس؛ فيكون ذلك كقولهم: هالك وهلكى ومائد ومَيْدَى، فيجري مجرى صريع وصرعى وجريح وجرحى؛ إذ كان ذلك علة بُلوا بها، وإن كان هالك ومائد ورائب فعلًا منسوبًا إليهم، لا مُوقَعًا في اللفظ بهم.
والآخر: أن يكون [سَكْرَى] هنا صفة مفردة، مذكرها سكران، كامراة سكرى. ويشهد لهذا الأمر قراءة مَن قرأ: [سُكْرى] بالضم، وهذا لا يكون إلا واحدًا. ويشهد للقول الأول قراءة العامة: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} . وجاز أن يوقع على الناس كلهم صفة مفردة تصورًا لمعنى الجملة والجماعة وهي بلفظ الواحد، كما جاز للَبيدٍ أن يشير أيضًا إلى الناس بلفظ الواحد في قوله:
وَلَقَد سَئِمتُ مِنَ الحَياةِ وَطولِها ... وَسُؤالِ هَذا الناسِ كَيفَ لَبيدُ
ومن معكوسه في إيقاع لفظ الجماعة على معنى الواحد قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} والمراد به الواحد، كلٌّ من كلام العرب.
[المحتسب: 1/189]
وقراءته: [وتُرَى الناسَ سُكرى] بضم التاء يقوي ما قدمناه من أن أُرَى في اليقين دون أَرى؛ لقوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} ). [المحتسب: 1/190]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود والزهري أيضًا: [أو جاء أحد منكم من غَيْط].
قال أبو الفتح: فيه صنعة، وذلك أن هذا الحرف مما عينه واو؛ لقوهم تغوَّط الرجل: إذا أتى الغائط، وهو مُطْمَأَنٌّ من الأرض كانوا يقضون فيه حوائجهم. وظاهر أمر غَيْط أنه فَعْل مما عينه ياء، بمنزلة شيخ وبيت. وأمثل ما ينبغي أن يقال فيه: إنه محذوف من فَيْعِل، كأنه في الأصل غيِّط كميت وسيد، ثم حذفت عينه تخفيفًا فبقي مَيْت وسيْد، ومثاله قَيْل؛ لأن العين محذوفة.
فإن قلت: فإنا لا نعرف في الكلام غَيِّطًا كما عرفنا سيِّدًا وميِّتًا؟
قيل: قد يجوز أن يكون محذوفًا من فيعِل مقدرًا غير مستعمل، كما أن قولهم: يَذَر ويدع استُغني عنهما بِتَرَك، كما استُغني أيضًا بغائط عن غيِّط، وكما استغني أيضًا بذَكَر ولَمْحة عن مِذْكار ومَلْمَحة اللتين عليهما كسر ملامح ومذاكير.
ويؤكد هذا أن غائطًا إلى غيِّط أقرب من ذَكَر ولَمْحة إلى مِذْكار ومَلْمَحة؛ وذلك لأن ثاني فاعل ألف زائدة كما أن ثاني فيعِل ياء زائدة، والعين فيهما كليهما مكسورة، واللام تلي العين فيهما جميعًا، والياء أيضًا أخت الألف، فكأنهما مثال واحد من حيث ذكرنا، فَبِقدر هذا القرب بينهما ما حسنت إنابة فاعل عن فيعِل، لا سيما وكأن غَيْطًا في اللفظ غيِّط لقربه منه وزنًا.
وفيه قول ثانٍ؛ وهو أن يكون غَيْط فَعْلًا وأصله غَوْط، إلا أن الواو قلبت للتخفيف ياء، كما قلبوها إليها لذلك في قولهم: لا حَيْل ولا قوة إلا بالله؛ أي: لا حول ولا قوة إلا بالله. وقالوا: هو أَليط بقلبي من كذا، وظاهر أمره أن يكون من لُطت الحوض أَلوطه؛ أي: ألصقت بعضه ببعض، فكذلك هو أَليط بقلبي: إذا لصق به، وأصله على هذا أَلْوط، وقلبت الواو ياء استحسانًا كأشياء نحو ذلك، نحو: العلياء وهي من علوت، والعَيْصاء بمعنى العوصاء، فهذا الوجه أقرب، والأول أشد وأصنع). [المحتسب: 1/190]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو لامستم النّساء} 43
قرأ حمزة والكسائيّ (أو لمستم النّساء) بغير ألف جعلا
[حجة القراءات: 204]
الفعل للرّجال دون النّساء وحجتهما أن اللّمس ما دون الجماع كالقبلة والغمزة عن ابن عمر اللّمس ما دون الجماع أراد اللّمس باليد وهذا مذهب ابن مسعود وسعيد بن جبير وإبراهيم والزهريّ
وقرأ الباقون {أو لامستم} بالألف أي جامعتم والملامسة لا تكون إلّا من اثنين الرجل يلامس المرأة والمرأة تلامس الرجل وحجتهم ما روي في التّفسير قال عليّ بن ابي طالب صلوات الله عليه قوله {لامستم النّساء} أي جامعتم ولكن الله يكني وعن ابن عبّاس
[حجة القراءات: 205]
{أو لامستم} قال هو الغشيان والجماع وقال إن الله كريم يكني عن الرّفث والملامسة والمباشرة والتغشي والإفضاء وهو الجماع). [حجة القراءات: 206]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (53- قوله: {أو لامستم} قرأه حمزة والكسائي {أو لمستم} بغير ألف، ومثله في المائدة، أضافا الفعل والخطاب للرجال دون النساء، على معنى: مس بعض الجسد بعض الجسد، ومس اليد الجسد، فجرى الفعل من واحد، ودليله قوله: {ولم يمسسني بشر} «آل عمران 70» ولم يقل: يماسسني، وقوله: {لم يطمثهن} «الرحمن 56»، ولم يقل: يطامثهن، وأيضًا فإن اللمس يكون بغير الجماع، كالغمز والإفضاء باليد إلى الجسد، وهو قول ابن مسعود وابن عمر وعبيدة، وعطاء والشعبي وابن جبير، وغيرهم يقولون: إن اللمس في هذا الإفضاء باليد إلى الجسد، وهو قول ابن مسعود وابن عمر، وبعض جسده إلى بعضه جسدها، فحمل على غير الجماع، فهو من واحد كما قال: {وأنا لمسنا السماء} «الجن 8» فهو لمس بغير يد، واللمس على وجهين:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/391]
لمس باليد ولمس بغير يد، نحو ما ذكرنا السماء، وقرأ الباقون {لامستم} بألف، جعلوا الفعل من اثنين، وجعلوه من الجماع، فجرى على المفاعلة، لأن الجماع لا يكون إلا من اثنين، ويجوز أن يكون لامس من واحد كـ «عاقبت اللص» وتتفق القراءتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/392]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {أَوْ لَمَسْتُمُ النّساءَ} [آية/ 43]:-
بغير ألف ههنا وفي المائدة، قرأها حمزة والكسائي؛ لأن الفعل في باب الجماع مضاف إلى الرجل، وقد جاء مثل هذا اللفظ في التنزيل في غير موضعٍ على فعل، وذلك قوله {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} و{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}.
وقرأ الباقون {لاَمَسْتُم} بالألف في السورتين.
[الموضح: 418]
يجوز أن يكون الفعل من واحدٍ وإن كان على فاعل نحو: عاقبته وطارقت النعل.
ويجوز أن يكون على حصول الفعل منهما كالمجامعة والمباضعة والمباشرة؛ لاشتراكهما في ذلك). [الموضح: 419]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس