عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م, 06:38 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ أصحاب الجنّة اليوم في شغلٍ فاكهون (55) هم وأزواجهم في ظلالٍ على الأرائك متّكئون (56) لهم فيها فاكهةٌ ولهم ما يدّعون (57) سلامٌ قولا من ربٍّ رحيمٍ (58)}
يخبر تعالى عن أهل الجنّة: أنّهم يوم القيامة إذا ارتحلوا من العرصات فنزلوا في روضات الجنّات: أنّهم {في شغلٍ [فاكهون} أي: في شغلٍ] عن غيرهم، بما هم فيه من النّعيم المقيم، والفوز العظيم.
قال الحسن البصريّ: وإسماعيل بن أبي خالدٍ: {في شغلٍ} عمّا فيه أهل النّار من العذاب.
وقال مجاهدٌ: {في شغلٍ فاكهون} أي: في نعيمٍ معجبون، أي: به. وكذا قال قتادة.
وقال ابن عبّاسٍ: {فاكهون} أي فرحون.
قال عبد اللّه بن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وسعيد بن المسيّب، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والأعمش، وسليمان التّيميّ، والأوزاعيّ في قوله: {إنّ أصحاب الجنّة اليوم في شغلٍ فاكهون} قالوا: شغلهم افتضاض الأبكار.
وقال ابن عبّاسٍ -في روايةٍ عنه -: {في شغلٍ فاكهون} أي بسماع الأوتار.
وقال أبو حاتمٍ: لعلّه غلطٌ من المستمع، وإنّما هو افتضاض الأبكار). [تفسير ابن كثير: 6/ 582-583]

تفسير قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {هم وأزواجهم} قال مجاهدٌ: وحلائلهم {في ظلالٍ} أي: في ظلال الأشجار {على الأرائك متّكئون}.
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ وعكرمة، ومحمّد بن كعبٍ، والحسن، وقتادة، والسّدّيّ، وخصيف: {الأرائك} هي السّرر تحت الحجال.
قلت: نظيره في الدّنيا هذه التّخوت تحت البشاخين، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 6/ 583]

تفسير قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لهم فيها فاكهةٌ} أي: من جميع أنواعها، {ولهم ما يدّعون} أي: مهما طلبوا وجدوا من جميع أصناف الملاذّ.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، حدّثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينارٍ، حدّثنا محمّد بن مهاجرٍ، عن الضّحّاك المعافري، عن سليمان بن موسى، حدّثني كريب؛ أنّه سمع أسامة بن زيدٍ يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ألا هل مشمّر إلى الجنّة؟ فإنّ الجنّة لا خطر لها هي -وربّ الكعبة-نورٌ كلّها يتلألأ وريحانةٌ تهتزّ، وقصرٌ مشيد، ونهرٌ مطّرد، وثمرةٌ نضيجةٌ، وزوجةٌ حسناء جميلةٌ، وحللٌ كثيرةٌ، ومقامٌ في أبدٍ، في دار سلامةٍ، وفاكهةٍ خضرةٍ وحبرة ونعمةٍ، ومحلّةٍ عاليةٍ بهيّة". قالوا: نعم يا رسول اللّه، نحن المشمّرون لها. قال: "قولوا: إن شاء اللّه". قال القوم: إن شاء اللّه.
وكذا رواه ابن ماجه في "كتاب الزّهد" من سننه، من حديث الوليد بن مسلمٍ، عن محمّد بن مهاجر، به). [تفسير ابن كثير: 6/ 583]

تفسير قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {سلامٌ قولا من ربٍّ رحيمٍ} قال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ في قوله: {سلامٌ قولا من ربٍّ رحيمٍ} فإنّ اللّه نفسه سلامٌ على أهل الجنّة.
وهذا الّذي قاله ابن عبّاسٍ كقوله تعالى: {تحيّتهم يوم يلقونه سلامٌ} [الأحزاب: 44]
وقد روى ابن أبي حاتمٍ هاهنا حديثًا، وفي إسناده نظرٌ، فإنّه قال: حدّثنا موسى بن يوسف، حدّثنا محمّد بن عبد الملك بن أبي الشّوارب، حدّثنا أبو عاصمٍ العبّاداني، حدّثنا الفضل الرّقاشيّ، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "بينا أهل الجنّة في نعيمهم، إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم، فإذا الرّبّ تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السّلام عليكم يا أهل الجنّة. فذلك قوله: {سلامٌ قولا من ربٍّ رحيمٍ}. قال: "فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيءٍ من النّعيم ما داموا ينظرون إليه، حتّى يحتجب عنهم، ويبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم".
ورواه ابن ماجه في "كتاب السّنة" من سننه، عن محمّد بن عبد الملك بن أبي الشّوارب، به.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، حدّثنا حرملة، عن سليمان بن حميد قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظي يحدّث عن عمر بن عبد العزيز قال: إذا فرغ اللّه من أهل الجنّة والنّار، أقبل في ظلل من الغمام والملائكة، قال: فيسلّم على أهل الجنّة، فيردّون عليه السّلام -قال القرظيّ: وهذا في كتاب اللّه {سلامٌ قولا من ربٍّ رحيمٍ} -فيقول: سلوني. فيقولون: ماذا نسألك أي ربّ؟ قال: بلى سلوني. قالوا: نسألك -أي ربّ-رضاك. قال: رضائي أحلّكم دار كرامتي. قالوا: يا ربّ، فما الّذي نسألك، فوعزّتك وجلالك وارتفاع مكانك، لو قسّمت علينا رزق الثّقلين لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم، لا ينقصنا ذلك شيئًا. قال: إنّ لديّ مزيدًا. قال فيفعل ذلك بهم في درجهم، حتّى يستوي في مجلسه. قال: ثمّ تأتيهم التّحف من اللّه، عزّ وجلّ، تحملها إليهم الملائكة. ثمّ ذكر نحوه.
وهذا أثرٌ غريبٌ، أورده ابن جريرٍ من طرقٍ. ). [تفسير ابن كثير: 6/ 583-584]

رد مع اقتباس