عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م, 05:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون (37) والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم (38) والقمر قدّرناه منازل حتّى عاد كالعرجون القديم (39) لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلٌّ في فلكٍ يسبحون (40)}
يقول تعالى: ومن الدّلالة لهم على قدرته تعالى العظيمة خلق اللّيل والنّهار، هذا بظلامه وهذا بضيائه، وجعلهما يتعاقبان، يجيء هذا فيذهب هذا، ويذهب هذا فيجيء هذا، كما قال: {يغشي اللّيل النّهار يطلبه حثيثًا} [الأعراف: 54]؛ ولهذا قال عزّ وجلّ هاهنا: {وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار} أي: نصرمه منه فيذهب، فيقبل اللّيل؛ ولهذا قال: {فإذا هم مظلمون} كما جاء في الحديث: "إذا أقبل اللّيل من هاهنا، وأدبر النّهار من هاهنا، وغربت الشّمس، فقد أفطر الصّائم".
هذا هو الظّاهر من الآية، وزعم قتادة أنّها كقوله تعالى: {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} [الحجّ: 61] وقد ضعّف ابن جريرٍ قول قتادة هاهنا، وقال: إنّما معنى الإيلاج: الأخذ من هذا في هذا، وليس هذا مرادًا في هذه الآية. وهذا الّذي قاله ابن جريرٍ حقٌّ). [تفسير ابن كثير: 6/ 575-576]

تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}، في معنى قوله: {لمستقرٍّ لها} قولان:
أحدهما: أنّ المراد: مستقرّها المكانيّ، وهو تحت العرش ممّا يلي الأرض في ذلك الجانب، وهي أينما كانت فهي تحت العرش وجميع المخلوقات؛ لأنّه سقفها، وليس بكرةً كما يزعمه كثيرٌ من أرباب الهيئة، وإنّما هو قبّةٌ ذات قوائم تحمله الملائكة، وهو فوق العالم مما يلي رؤوس النّاس، فالشّمس إذا كانت في قبّة الفلك وقت الظّهيرة تكون أقرب ما تكون من العرش، فإذا استدارت في فلكها الرّابع إلى مقابلةٍ هذا المقام، وهو وقت نصف اللّيل، صارت أبعد ما تكون من العرش، فحينئذٍ تسجد وتستأذن في الطّلوع، كما جاءت بذلك الأحاديث.
قال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم [التّيميّ]، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: كنت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد عند غروب الشّمس، فقال: "يا أبا ذرٍّ، أتدري أين تغرب الشّمس؟ " قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش، فذلك قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}.
حدّثنا عبد اللّه بن الزّبير الحميديّ، حدّثنا وكيع عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}، قال: "مستقرّها تحت العرش".
كذا أورده هاهنا. وقد أخرجه في أماكن متعدّدةٍ، ورواه بقيّة الجماعة إلّا ابن ماجه، من طرقٍ، عن الأعمش، به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ قال: كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد حين وجبت الشّمس، فقال: "يا أبا ذرٍّ، أتدري أين تذهب الشّمس؟ " قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها تذهب حتى تسجد بين يدي ربّها عزّ وجلّ، فتستأذن في الرّجوع فيؤذن لها، وكأنّها قد قيل لها: ارجعي من حيث جئت. فترجع إلى مطلعها، وذلك مستقرّها، ثمّ قرأ: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}
وقال سفيان الثّوريّ، عن الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي ذرٍّ حين غربت الشّمس: "أتدري أين هذا؟ " قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، ويقال لها: ارجعي من حيث جئت. فتطلع من مغربها، فذلك قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابرٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال في قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}، قال: إنّ الشّمس تطلع فتردّها ذنوب بني آدم، حتّى إذا غربت سلّمت وسجدت واستأذنت فيؤذن لها، حتّى إذا كان يومٌ غربت فسلّمت وسجدت، واستأذنت فلا يؤذن لها، فتقول: إنّ المسير بعيدٌ وإنّي إلّا يؤذن لي لا أبلغ، فتحبس ما شاء اللّه أن تحبس، ثمّ يقال لها: "اطلعي من حيث غربت". قال: "فمن يومئذٍ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسًا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرًا".
وقيل: المراد بقوله: {لمستقرٍّ لها} هو انتهاء سيرها وهو غاية ارتفاعها في السّماء في الصّيف وهو أوجها، ثمّ غاية انخفاضها في الشّتاء وهو الحضيض.
والقول الثّاني: أنّ المراد بمستقرّها هو: منتهى سيرها، وهو يوم القيامة، يبطل سيرها وتسكن حركتها وتكوّر، وينتهي هذا العالم إلى غايته، وهذا هو مستقرّها الزّمانيّ.
قال قتادة: {لمستقرٍّ لها} أي: لوقتها ولأجلٍ لا تعدوه.
وقيل: المراد: أنّها لا تزال تنتقل في مطالعها الصّيفيّة إلى مدّةٍ لا تزيد عليها، يروى هذا عن عبد اللّه بن عمرٍو.
وقرأ ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ: "والشّمس تجري لا مستقرّ لها" أي: لا قرار لها ولا سكون، بل هي سائرةٌ ليلًا ونهارًا، لا تفتر ولا تقف. كما قال تعالى: {وسخّر لكم الشّمس والقمر دائبين} [إبراهيم: 33] أي: لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة.
{ذلك تقدير العزيز} أي: الّذي لا يخالف ولا يمانع، {العليم} بجميع الحركات والسّكنات، وقد قدّر ذلك وقنّنه على منوالٍ لا اختلاف فيه ولا تعاكس، كما قال تعالى: {فالق الإصباح وجعل اللّيل سكنًا والشّمس والقمر حسبانًا ذلك تقدير العزيز العليم} [الأنعام: 96]. وهكذا ختم آية حم السّجدة" بقوله: {ذلك تقدير العزيز العليم} [فصّلت: 12]). [تفسير ابن كثير: 6/ 576-577]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {والقمر قدّرناه منازل} أي: جعلناه يسير سيرًا آخر يستدلّ به على مضيّ الشّهور، كما أنّ الشّمس يعرف بها اللّيل والنّهار، كما قال تعالى: {يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للنّاس والحجّ} [البقرة: 189]، وقال {هو الّذي جعل الشّمس ضياءً والقمر نورًا وقدّره منازل لتعلموا عدد السّنين والحساب} الآية [يونس: 5]، وقال: {وجعلنا اللّيل والنّهار آيتين فمحونا آية اللّيل وجعلنا آية النّهار مبصرةً لتبتغوا فضلا من ربّكم ولتعلموا عدد السّنين والحساب وكلّ شيءٍ فصّلناه تفصيلا} [الإسراء: 12]، فجعل الشّمس لها ضوءٌ يخصّها، والقمر له نورٌ يخصّه، وفاوت بين سير هذه وهذا، فالشّمس تطلع كلّ يومٍ وتغرب في آخره على ضوءٍ واحدٍ، ولكن تنتقل في مطالعها ومغاربها صيفًا وشتاءً، يطول بسبب ذلك النّهار ويقصر اللّيل، ثمّ يطول اللّيل ويقصر النّهار، وجعل سلطانها بالنّهار، فهي كوكبٌ نهاريٌّ. وأمّا القمر، فقدّره منازل، يطلع في أوّل ليلةٍ من الشّهر ضئيلًا قليل النّور، ثمّ يزداد نورًا في اللّيلة الثّانية، ويرتفع منزلةً، ثمّ كلّما ارتفع ازداد ضياءً، وإن كان مقتبسًا من الشّمس، حتّى يتكامل نوره في اللّيلة الرّابعة عشرة، ثمّ يشرع في النّقص إلى آخر الشّهر، حتّى يصير كالعرجون القديم.
قال ابن عبّاسٍ: وهو أصل العذق.
وقال مجاهدٌ: العرجون القديم: أي العذق اليابس.
يعني ابن عبّاسٍ: أصل العنقود من الرّطب إذا عتق ويبس وانحنى، وكذا قال غيرهما. ثمّ بعد هذا يبديه اللّه جديدًا في أوّل الشّهر الآخر، والعرب تسمّي كلّ ثلاث ليالٍ من الشّهر باسمٍ باعتبار القمر، فيسمّون الثّلاث الأول "غرر" واللّواتي بعدها "نفل"، واللّواتي بعدها "تسع"؛ لأنّ أخراهنّ التّاسعة، واللّواتي بعدها "عشر"؛ لأنّ أولاهنّ العاشرة، واللّواتي بعدها "البيض"؛ لأنّ ضوء القمر فيهنّ إلى آخرهنّ، واللّواتي بعدهنّ "درع" جمع درعاء؛ لأنّ أوّلهنّ سود ؛ لتأخّر القمر في أوّلهنّ، ومنه الشّاة الدّرعاء وهي الّتي رأسها أسود. وبعدهنّ ثلاثٌ "ظلم" ثمّ ثلاثٌ "حنادس"، وثلاثٌ "دآدئ" وثلاثٌ "محاق"؛ لانمحاق القمر أواخر الشّهر فيهنّ. وكان أبو عبيد ينكر التّسع والعشر. كذا قال في كتاب "غريب المصنّف"). [تفسير ابن كثير: 6/ 577-578]

تفسير قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر}: قال مجاهدٌ: لكلٍّ منهما حدٌّ لا يعدوه ولا يقصر دونه، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا، وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: ذلك ليلة الهلال.
وروى ابن أبي حاتمٍ هاهنا عن عبد اللّه بن المبارك أنّه قال: إنّ للرّيح جناحًا، وإنّ القمر يأوي إلى غلافٍ من الماء.
وقال الثّوريّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ: لا يدرك هذا ضوء هذا، ولا هذا ضوء هذا.
وقال عكرمة في قوله {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر}: يعني: أنّ لكلٍّ منهما سلطانًا، فلا ينبغي للشّمس أن تطلع باللّيل.
وقوله: {ولا اللّيل سابق النّهار}: يقول: لا ينبغي إذا كان الليل أن يكون ليلٌ آخر حتّى يكون النّهار، فسلطان الشّمس بالنّهار، وسلطان القمر باللّيل.
وقال الضّحّاك: لا يذهب اللّيل من هاهنا حتّى يجيء النّهار من هاهنا. وأومأ بيده إلى المشرق.
وقال مجاهدٌ: {ولا اللّيل سابق النّهار} يطلبان حثيثين، ينسلخ أحدهما من الآخر.
والمعنى في هذا: أنّه لا فترة بين اللّيل والنّهار، بل كلٌّ منهما يعقب الآخر بلا مهلةٍ ولا تراخٍ؛ لأنّهما مسخّران دائبين يتطالبان طلبًا حثيثًا.
وقوله: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} يعني: اللّيل والنّهار، والشّمس والقمر، كلّهم يسبحون، أي: يدورون في فلك السّماء. قاله ابن عبّاسٍ، وعكرمة، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، وعطاءٌ الخراسانيّ.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: في فلكٍ بين السّماء والأرض. رواه ابن أبي حاتمٍ، وهو غريبٌ جدًّا، بل منكرٌ.
قال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ من السّلف: في فلكةٍ كفلكة المغزل.
وقال مجاهدٌ: الفلك كحديد الرّحى، أو كفلكة المغزل، لا يدور المغزل إلّا بها، ولا تدور إلا به). [تفسير ابن كثير: 6/ 578-579]

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون (41) وخلقنا لهم من مثله ما يركبون (42) وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون (43) إلا رحمةً منّا ومتاعًا إلى حينٍ (44)}
يقول تعالى: ودلالةٌ لهم أيضًا على قدرته تعالى: تسخيره البحر ليحمل السّفن، فمن ذلك -بل أوّله-سفينة نوحٍ، عليه السّلام، الّتي أنجاه اللّه تعالى فيها بمن معه من المؤمنين، الّذين لم يبق على وجه الأرض من ذرّيّة آدم غيرهم؛ ولهذا قال: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم} أي: آباءهم، {في الفلك المشحون} أي: في السّفينة [الموقرة] المملوءة من الأمتعة والحيوانات، الّتي أمره اللّه أن يحمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين.
قال ابن عبّاسٍ: المشحون: الموقر. وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والشّعبيّ، وقتادة، [والضّحّاك] والسّدّيّ.
وقال الضّحّاك، وقتادة، وابن زيدٍ: وهي سفينة نوحٍ، عليه السّلام). [تفسير ابن كثير: 6/ 579]

تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}: قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: يعني بذلك: الإبل، فإنّها سفن البرّ يحملون عليها ويركبونها. وكذا قال عكرمة، ومجاهدٌ، والحسن، وقتادة -في رواية- عبد اللّه بن شداد، وغيرهم.
وقال السّدّيّ -في روايةٍ-: هي الأنعام.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا الفضل بن الصّبّاح، حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: تدرون ما {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}؟ قلنا: لا. قال: هي السّفن، جعلت من بعد سفينة نوحٍ على مثلها.
وكذا قال [غير واحدٍ و] أبو مالكٍ، والضّحّاك، وقتادة، وأبو صالحٍ، والسّدّيّ أيضًا: المراد بقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}: أي السّفن.
ويقوّي هذا المذهب في المعنى قوله تعالى: {إنّا لـمّا طغى الماء حملناكم في الجارية * لنجعلها لكم تذكرةً وتعيها أذنٌ واعيةٌ} [الحاقّة:11، 12]). [تفسير ابن كثير: 6/ 579-580]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإن نشأ نغرقهم} يعني: الّذين في السّفن، {فلا صريخ لهم} أي: فلا مغيث لهم ممّا هم فيه، {ولا هم ينقذون} أي: ممّا أصابهم.
{إلا رحمةً منّا} وهذا استثناءٌ منقطعٌ، تقديره: ولكن برحمتنا نسيّركم في البرّ والبحر، ونسلّمكم إلى أجلٍ مسمًّى؛ ولهذا قال: {ومتاعًا إلى حينٍ} أي: إلى وقتٍ معلومٍ عند اللّه). [تفسير ابن كثير: 6/ 580]

رد مع اقتباس