عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 04:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون}
التقدير: واذكر يوم، وهذا النداء يحتمل أن يكون بواسطة، ويحتمل لأن يكون بغير ذلك، والضمير بـ "ينادي" لعباد الأصنام، والإشارة إلى قريش، وقوله: "أين" على جهة التوبيخ والتقريع، وقوله: "شركائي" أي: على قولكم وزعمكم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولما كان هذا السؤال مسكتا لهم مهينا فكأنه لا يتعلق بجمهور الكفرة، إلا بالمغوين لهم، وبالأعيان والرؤوس منهم، وبالشياطين المغوين، فكأن هذه الفئة المغوية إنما أتت الكفرة على علم بأن القول عليها متحقق، وبأن كلمة العذاب ماضية، لكنهم طمعوا في التبري من أولئك الكفرة الأتباع فقالوا: ربنا هؤلاء أضللناهم كما ضللنا نحن باجتهاد لنا ولهم، وأرادوا هم اتباعنا، وأحبوا الكفر كما أحببناه، فنحن نتبرأ إليك منهم، وهم لم يعبدونا إنما عبدوا غيرنا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهذا التوقيف يعم جميع الكفرة، والمجيبون هم جميع المغوين، كل داع إلى كفر، من الشياطين الجن، ومن الإنس العرفاء والرؤساء والسادة
وقرأ الجمهور: "غوينا" بفتح الواو، ويقال: غوى الرجل يغوي بكسر الواو، وروي عن ابن عامر، وعاصم "غوينا" بكسر الواو). [المحرر الوجيز: 6/ 603]

تفسير قوله تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تبارك وتعالى أنه يقال للكفرة العابدين للأصنام الذين اعتقدوهم آلهة: ادعوا شركاءكم أي الأصنام التي كنتم تزعمون أنهم شركاء لله، وأضاف الشركاء إليهم لما كان ذلك الاسم بزعمهم ودعواهم، فهذا القول أصل من الاختصاص، أضاف الشركاء إليهم ثم أخبر أنهم دعوهم، فلم يكن في الجمادات ما يجيب، ورأى الكفار العذاب. وقوله تعالى: {لو أنهم كانوا يهتدون}، ذهب الزجاج وغيره من المفسرين إلى أن جواب "لو" محذوف تقديره: لما نالهم العذاب، أو: لما كانوا في الدنيا عابدين للأصنام، ففي الكلام -على هذا التأويل- تأسف عليهم، وذلك محتمل مع تقديرنا الجواب: "لما كانوا عابدين للأصنام"، وفي تقديرنا الجواب: "لما نالهم العذاب" نعمة منا. وقالت فرقة: "لو" متعلقة بما قبلها، تقديره: فودوا لو أنهم كانوا يهتدون). [المحرر الوجيز: 6/ 603-604]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون}
هذا النداء أيضا كالأول في احتماله الواسطة من الملائكة، وهذا النداء أيضا للكفار يوقفهم على ما أجابوا به المرسلين الذين دعوهم إلى الله تعالى). [المحرر الوجيز: 6/ 604]

تفسير قوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : ({فعميت عليهم الأنباء} أي: أظلمت الأمور، فلم يجدوا خبرا يخبرون به مما لهم فيه نجاة، وساق الفعل في صيغة المضي لتحقق وقوعه وأنه تعين، والماضي من الأفعال متيقن، فلذلك توضع صيغته بدل المستقبل المتيقن فيقوى وقوعه وصحته، ومعناه: أظلمت جهاتها، وقرأ الأعمش: "فعميت" بضم العين وشد الميم، وروي في بعض الحديث: كان الله في عماء وذلك قبل أن يخلق الأنوار وسائر المخلوقات. و"الأنباء" جمع نبأ. وقوله تعالى: {فهم لا يتساءلون} معناه فيما قال مجاهد وغيره: بالأرحام والأنساب الذي عرفه في الدنيا أن يتساءل به; لأنهم قد أيقنوا أن كلهم لا حيلة لهم ولا مكانة، ويحتمل أن يريد أنهم لا يتساءلون عن الأنباء لتيقن جميعهم أنه لا حجة لهم). [المحرر الوجيز: 6/ 604]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم انتزع تعالى من الكفرة من تاب من كفره، وآمن بالله ورسله، وعمل بالتقوى، ورجى عز وجل أنهم يفوزون ببغيتهم ويبقون في النعيم الدائم، وقال كثير من العلماء: "عسى" من الله واجبة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ظن حسن بالله تعالى يشبه فضله وكرمه، واللازم من "عسى" أنها ترجية لا واجبة، وفي كتاب الله عز وجل: {عسى ربه إن طلقكن}). [المحرر الوجيز: 6/ 604-605]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وربك يخلق ما يشاء ويختار} الآية، قيل: سببها ما تكلمت به قريش من استغراب أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقول بعضهم: {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} فنزلت هذه الآية بسبب تلك المنازع، ورد الله تعالى عليهم، وأخبر أنه يخلق من عباده وسائر مخلوقاته ما يشاء، وأنه يختار لرسالته من يريد ويجعل فيه المصلحة، ثم نفى أن يكون الاختيار للناس في هذا ونحوه، هذا قول جماعة من المفسرين، قالوا: أن "ما" نافية، أي: ليس لهم الخيرة عن الله تبارك وتعالى، فتجيء الآية كقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله}.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويحتمل أن يريد: ويختار الله تعالى الأديان والشرائع، وليس لهم الخيرة في أن يميلوا إلى الأصنام ونحوها في العبادة، ويؤيد هذا التأويل قوله: {سبحان الله وتعالى عما يشركون}.
وذهب الطبري إلى أن "ما" في قوله: ويختار ما كان مفعولة، قال: والمعنى أن الكفار كانوا يختارون من أموالهم لأصنامهم خيارها، فأخبر الله تعالى أن الاختيار إنما هو له وحده، يخلق ويختار من الرسل والشرائع ما كان خيرا للناس، لا كما يختارون هم ما ليس لهم، ويفعلون ما لم يؤمروا به.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
واعتذر الطبري عن الرفع الذي أجمع القراء عليه في قوله تعالى: {ما كان لهم الخيرة} بأقوال لا تتحصل، وقد رد الناس عليه في ذلك، وذكر عن الفراء أن القاسم بن معن أنشده بيت عنترة:
أمن سمية دمع العين تذريف لو كان ذا منك قبل اليوم معروف
وقرن الآية بهذا البيت، والرواية في البيت: (لو أن ذا)، ولكن على ما رواه القاسم يتجه في بيت عنترة أن يكون ضمير الأمر والشأن، فأما في الآية فلا يكون بجملة فيها محذوف، وفي هذا كله نظر.
والوقف على ما ذهب إليه جمهور الناس في قوله تعالى: {ويختار}، وعلى ما ذهب إليه الطبري لا يوقف على ذلك.
ويتجه عندي أن تكون "ما" مفعولة إذا قدرنا "كان" تامة، أي أن الله تعالى يختار كل كائن، ولا يكون شيء إلا بإذنه، وقوله تبارك وتعالى: {لهم الخيرة} جملة مستأنفة معناها تعديد النعمة عليهم في اختيار الله تعالى لهم لو قبلوا وفهموا).[المحرر الوجيز: 6/ 605-606]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون}
ذكر تعالى في هذه الآيات أمورا يشهد عقل كل مفطور بأن الأصنام لا شركة لها فيها، فمنها علم ما في النفوس وما يهجس بالخواطر. و"تكن" معناه: تستر، وقرأ ابن محيصن: "تكن" بفتح التاء وضم الكاف، وعبر عن القلب بالصدر حيث كان محتويا عليه، ومعنى الآية أن الله تعالى يعلم السر والإعلان). [المحرر الوجيز: 6/ 606-607]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أفرد نفسه بالألوهية ونفاها عما سواه، وأخبر أن الحمد له في الدنيا والآخرة، إذ له الصفات التي تقتضي ذلك، والحكم له. وهو -في هذا الموضع- الفصل والقضاء في الأمور، ثم أخبر تعالى بالرجعة إليه والحشر). [المحرر الوجيز: 6/ 607]

رد مع اقتباس