عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 10:25 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن مهدي، عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد في قول الله: {واستوى آتيناه حكما وعلما}، قال: إذا بلغ أربعين سنة فقد استوى). [الجامع في علوم القرآن: 1/134]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولما بلغ أشده واستوى قال استوى بلغ أربعين سنة). [تفسير عبد الرزاق: 2/88]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن خثيم عن مجاهد قال استوى أربعين سنة وقال معمر وقال قتادة أشده ثلاث وثلاثون سنة). [تفسير عبد الرزاق: 2/88-89]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولمّا بلغ أشدّه واستوى آتيناه حكمًا وعلمًا، وكذلك نجزي المحسنين}.
يقول تعالى ذكره: {ولمّا بلغ} موسى {أشدّه}، يعني حان شدّة بدنه وقواه، وانتهى ذلك منه.
وقد بيّنّا معنى الأشدّ فيما مضى بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: {واستوى} يقول: تناهى شبابه، وتمّ خلقه واستحكم.
وقد اختلف في مبلغ عدد سني الاستواء، فقال بعضهم: يكون ذلك في أربعين سنةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {واستوى} قال: أربعين سنةً.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولمّا بلغ أشدّه} قال: ثلاثًا وثلاثين سنةً. قوله: {واستوى} قال: بلغ أربعين سنةً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، {ولمّا بلغ أشدّه} قال: بضعًا وثلاثين سنةً.
- قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ولمّا بلغ أشدّه} قال: ثلاثًا وثلاثين سنةً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، {أشدّه واستوى} قال: أربعين سنةً، وأشدّه: ثلاثًا وثلاثين سنةً.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولمّا بلغ أشدّه واستوى} قال: كان أبي يقول: الأشدّ: الجلد، والاستواء: أربعون سنةً.
وقال بعضهم: يكون ذلك في ثلاثين سنةً.
وقوله: {آتيناه حكمًا وعلمًا} يعني بالحكم: الفهم بالدّين والمعرفة.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {آتيناه حكمًا وعلمًا} قال: الفقه، والعقل، والعمل قبل النّبوّة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {آتيناه حكمًا وعلمًا} قال: الفقه والعمل قبل النّبوّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {ولمّا بلغ أشدّه واستوى} آتاه اللّه حكمًا وعلمًا وفقهًا في دينه ودين آبائه، وعلمًا بما في دينه وشرائعه وحدوده.
وقوله: {وكذلك نجزي المحسنين} يقول تعالى ذكره: كما جزينا موسى على طاعته إيّانا وإحسانه بصبره على أمرنا، كذلك نجزي كلّ من أحسن من رسلنا وعبادنا فصبر على أمرنا وأطاعنا، وانتهى عمّا نهيناه عنه). [جامع البيان: 18/180-182]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولمّا بلغ أشدّه واستوى آتيناه حكمًا وعلمًا وكذلك نجزي المحسنين (14)
قوله تعالى: ولما بلغ أشده
[الوجه الأول]
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، حدّثني يحيى بن أيّوب، عن عمرو بن الحارث، عن ربيعة في قول اللّه: بلغ أشدّه أشدّه: الحلم.
- قال ابن وهبٍ: وحدّثني عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه مثله.
قال مالكٌ: مثله.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن محمّد بن مصعبٍ الصّوريّ، ثنا مؤمّلٌ، قال: سمعت سفيان الثّوريّ يقول: بلغ أشدّه إلى أربعةٍ وثلاثين سنةً. تقدّم تفسيره والأقاويل فيه قبله.
قوله تعالى: واستوى
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبد اللّه بن إدريس، عن عبد اللّه بن عثمان ابن خثيمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ واستوى قال: أربعون.
وروي عن مجاهدٍ وقتادة وزيد بن أسلم والثّوريّ مثل ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن يزيد بن سنانٍ، ثنا معقلٌ يعني ابن عبيد اللّه، عن ابن قبيصة في قوله: بلغ أشدّه واستوى يعني بالاستواء: خروج لحيته.
قوله تعالى: آتيناه حكما وعلما
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمد ابن إسحاق ولمّا بلغ أشدّه واستوى آتيناه حكمًا وعلمًا أي آتاه اللّه حكمًا وعلمًا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن إسماعيل بن مسلمٍ، عن عكرمة قال: الحكم اللّبّ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: قال محمّد بن العلاء، ثنا يونس بن بكيرٍ، عن مطر بن ميمونٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: الحكم: العلم.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: آتيناه حكمًا وعلمًا قال: الفقه والعقل والعلم قبل النّبوّة.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: آتيناه حكمًا وعلمًا قال: النّبوّة.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ: الحكم قال: هو القرآن.
قوله تعالى: وعلمًا
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق آتيناه حكمًا وعلمًا أي آتاه اللّه حكمًا وعلمًا، فقهًا في دينه ودين آبائه وعلمًا بما في دينه من شرائعه وحدوده.
قوله تعالى: وكذلك نجزي المحسنين
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: ولمّا بلغ أشدّه واستوى آتيناه حكمًا وعلمًا آتاه اللّه حكمًا وعلمًا يقول اللّه: وكذلك نجزي المحسنين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2951-2952]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولما بلغ أشده يعني ثلاثا وثلاثين سنة واستوى يعني أربعين سنة). [تفسير مجاهد: 481-482]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن جاهد في قوله آتيناه حكما وعلما قال يعني الفقه والعقل والعلم قبل النبوة). [تفسير مجاهد: 482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين.
أخرج عبد بن حميد ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والمحاملي في أماليه عن طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولما بلغ أشده} قال: ثلاثا وثلاثين سنة {واستوى} قال: أربعين سنة). [الدر المنثور: 11/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المعمرين من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولما بلغ أشده واستوى} قال: الاشد ما بين الثماني عشرة إلى الثلاثين والاستواء ما بين الثلاثين والأربعين فاذا زاد على الأربعين أخذ في النقصان). [الدر المنثور: 11/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولما بلغ أشده} قال: ثلاثا وثلاثين سنة {واستوى} قال: أربعين سنة {آتيناه حكما وعلما} قال: الحكم والفقه والعقل والعلم قال: النبوة). [الدر المنثور: 11/435-436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قبيصة رضي الله عنه في الآية قال: يعني بالاستواء: خروج لحيته). [الدر المنثور: 11/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ولما بلغ أشده} قال: ثلاثا وثلاثين سنة {واستوى} قال: أربعين سنة). [الدر المنثور: 11/436]

تفسير قوله تعالى: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (تفسير ما بين المغرب والعشاء
وأخبرني حفص بن ميسرة عن الكرماني أنه قال في قول الله: {ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها}، قال: ما بين المغرب والعشاء). [الجامع في علوم القرآن: 1/34-35]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى على حين غفلة من أهلها قال عند القائلة بالظهيرة وهم نائمون). [تفسير عبد الرزاق: 2/89]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه قال كان الذي استغاثه رجلا من بني إسرائيل استعان موسى على عدوه من آل فرعون فوكزه موسى بعصاه فقضى عليه فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوى مبين فأقبل إليه موسى فظن الرجل أنه يريد قتله فقال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس وقبطي قريب منهما يسمعهما فأفشى عليهما قال وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال هو مؤمن آل فرعون يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب من قتل النفس يترقب أن يأخذه الطلب). [تفسير عبد الرزاق: 2/89]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] {دخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها} قال: نصف النهار [الآية: 15]). [تفسير الثوري: 233]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوّه فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشّيطان إنّه عدوٌّ مضلٌّ مبينٌ}.
يقول تعالى ذكره: {ودخل} موسى {المدينة} مدينة منف من مصر {على حين غفلةٍ من أهلها} وذلك عند القائلة نصف النّهار.
واختلف أهل العلم في السّبب الّذي من أجله دخل موسى هذه المدينة في هذا الوقت، فقال بعضهم: دخلها متّبعًا أثر فرعون، لأنّ فرعون ركب وموسى غير شاهدٍ؛ فلمّا حضر علم بركوبه فركب واتّبع أثره، وأدركه المقيل في هذه المدينة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: كان موسى حين كبر يركب مراكب فرعون، ويلبس مثل ما يلبس، وكان إنّما يدعى موسى بن فرعون، ثمّ إنّ فرعون ركب مركبًا وليس عنده موسى؛ فلمّا جاء موسى قيل له: إنّ فرعون قد ركب، فركب في أثره فأدركه المقيل بأرضٍ يقال لها منف، فدخلها نصف النّهار، وقد تغلّقت أسواقها، وليس في طرقها أحدٌ، وهي الّتي يقول اللّه: {ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها}.
وقال آخرون: بل دخلها مستخفيًا من فرعون وقومه، لأنّه كان قد خالفهم في دينهم، وعاب ما كانوا عليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لمّا بلغ موسى أشدّه واستوى، آتاه اللّه حكمًا وعلمًا، فكانت له من بني إسرائيل شيعةٌ يسمعون منه ويطيعونه ويجتمعون إليه، فلمّا استدّ رأيه، وعرف ما هو عليه من الحقّ، رأى فراق فرعون وقومه على ما هم عليه حقًّا في دينه، فتكلّم وعادى وأنكر، حتّى ذكر منه، وحتّى أخافوه وخافهم، حتّى كان لا يدخل قرية فرعون إلاّ خائفًا مستخفيًا، فدخلها يومًا على حين غفلةٍ من أهلها.
وقال آخرون: بل كان فرعون قد أمر بإخراجه من مدينته حين علاه بالعصا، فلم يدخلها إلاّ بعد أن كبر وبلغ أشدّه. قالوا: ومعنى الكلام: ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها لذكر موسى؛ أي من بعد نسيانهم خبره وأمره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {على حين غفلةٍ من أهلها} قال: ليس غفلةً من ساعةٍ، ولكن غفلةٌ من ذكر موسى وأمره. وقال فرعون لامرأته: أخرجيه عنّي، حين ضرب رأسه بالعصا، هذا الّذي قتلت فيه بنو إسرائيل، فقالت: هو صغيرٌ، وهو كذا، هات جمرًا، فأتي بجمرٍ، فأخذ جمرةً فطرحها في فيه فصارت عقدةٌ في لسانه، فكانت تلك العقدة الّتي قال اللّه {واحلل عقدةً من لساني. يفقهوا قولي}، قال: أخرجيه عنّي، فأخرج، فلم يدخل عليهم حتّى كبر، فدخل على حين غفلةٍ من ذكره.
وأولى الأقوال في الصّحّة بذلك أن يقال كما قال اللّه جلّ ثناؤه: {ولمّا بلغ أشدّه واستوى} {ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها}.
واختلفوا في الوقت الّذي عني بقوله: {على حين غفلةٍ من أهلها} فقال بعضهم: ذلك نصف النّهار.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثنّى حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن محمّد بن المنكدر، عن عطاء بن يسارٍ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها} قال: نصف النّهار.
- قال ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: يقولون في القائلة، قال: وبين المغرب والعشاء.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها} قال: دخلها بعد ما بلغ أشدّه عند القائلة نصف النّهار.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: دخل نصف النّهار.
وقوله: {فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته} يقول: هذا من أهل دين موسى من بني إسرائيل {وهذا من عدوّه} من القبط من قوم فرعون {فاستغاثه الّذي من شيعته} يقول: فاستغاثه الّذي هو من أهل دين موسى على الّذي من عدوّه من القبط {فوكزه موسى فقضى عليه} يقول: فلكزه ولهزه في صدره بجمع كفّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا حفصٌ، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: أساء موسى من حيث أساء، وهو شديد الغضب شديد القوّة، فمرّ برجلٍ من القبط قد تسخّر رجلاً من المسلمين، قال: فلمّا رأى موسى استغاث به، قال: يا موسى، فقال موسى: خلّ سبيله، فقال: قد هممت أن أحمله عليك {فوكزه موسى فقضى عليه} قال: حتّى إذا كان الغد نصف النّهار خرج ينظر الخبر قال: فإذا ذاك الرّجل قد أخذه آخر في مثل حدّه؛ قال: فقال: يا موسى، قال: فاشتدّ غضب موسى، قال: فأهوى، قال: فخاف أن يكون إيّاه يريد، قال: فقال: {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس}؟ قال: فقال الرّجل: ألا أراك يا موسى أنت الّذي قتلت؟.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثّام بن عليٍّ، قال: حدّثنا الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ: {فوجد فيها رجلين يقتتلان} قال: رجلٌ من بني إسرائيل يقاتل جبّارًا لفرعون فاستغاثه.. فوكزه موسى فقضى عليه فلمّا كان من الغد، استصرخ به فوجده يقاتل آخر، فأغاثه، فقال {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس} فعرفوا أنّه موسى، فخرج منها خائفًا يترقّب. قال عثّامٌ: أو نحو هذا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فوجد فيها رجلين يقتتلان، هذا من شيعته، وهذا من عدوّه} أمّا الّذي من شيعته فمن بني إسرائيل، وأمّا الّذي من عدوّه فقبطيٌّ من آل فرعون.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فوجد فيها رجلين يقتتلان، هذا من شيعته وهذا من عدوّه} يقول: من القبط {فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه}.
- حدّثنا العبّاس بن الوليد، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، قال: حدّثنا القاسم بن أبي أيّوب، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا بلغ موسى أشدّه، وكان من الرّجال، لم يكن أحدٌ من آل فرعون يخلص إلى أحدٍ من بني إسرائيل معه بظلمٍ ولا سخرةٍ، حتّى امتنعوا كلّ الامتناع، فبينا هو يمشي ذات يومٍ في ناحية المدينة، إذا هو برجلين يقتتلان: أحدهما من بني إسرائيل، والآخر من آل فرعون، فاستغاثه الإسرائيليّ على الفرعونيّ، فغضب موسى واشتدّ غضبه، لأنّه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل، وحفظه لهم، ولا يعلم النّاس إلاّ أنّما ذلك من قبل الرّضاعة من أمّ موسى إلاّ أن يكون اللّه أطلع موسى من ذلك على علم ما لم يطلع عليه غيره، فوكز موسى الفرعونيّ فقتله، ولم يرهما أحدٌ إلاّ اللّه والإسرائيليّ، فقال موسى حين قتل الرّجل {هذا من عمل الشّيطان} الآية.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {فوجد فيها رجلين يقتتلان، هذا من شيعته} مسلمٌ، وهذا من أهل دين فرعون كافرٌ {فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه} وكان موسى قد أوتي بسطةً في الخلق، وشدّةً في البطش فضبّ بعدوّهما فنازعه {فوكزه موسى} وكزةً قتله منها وهو لا يريد قتله، فـ {قال هذا من عمل الشّيطان إنّه عدوٌّ مضلٌّ مبينٌ}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {هذا من شيعته} قال: من قومه من بني إسرائيل، وكان فرعون من فارس من إصطخر.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن أصحابه، {هذا من شيعته} إسرائيليّ {وهذا من عدوّه} قبطيٌّ {فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه}.
وبنحو الّذي قلنا أيضًا قالوا في معنى قوله: {فوكزه موسى}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {فوكزه موسى} قال: بجمع كفّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فوكزه موسى} نبيّ اللّه، ولم يتعمّد قتله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قتله وهو لا يريد قتله.
وقوله: {فقضى عليه} يقول: ففرغ من قتله.
وقد بيّنت فيما مضى أنّ معنى القضاء: الفراغ بما أغنى عن إعادته هاهنا.
ذكر أنّه قتله ثمّ دفنه في الرّمل:
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن أصحابه، {فوكزه موسى فقضى عليه} ثمّ دفنه في الرّمل.
وقوله: {قال هذا من عمل الشّيطان إنّه عدوٌّ مضلٌ مبينٌ} يقول تعالى ذكره: قال موسى حين قتل القتيل: هذا القتل من تسبّب الشّيطان لي بأن هيّج غضبي حتّى ضربت هذا فهلك من ضربتي {إنّه عدوٌّ} يقول: إنّ الشّيطان عدوٌّ لابن آدم {مضلٌّ} له عن سبيل الرّشاد بتزيينه له القبيح من الأعمال، وتحسينه ذلك له {مبينٌ} يعني أنّه يبيّن عداوته لهم قديمًا، وإضلاله إيّاهم). [جامع البيان: 18/183-190]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوّه فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشّيطان إنّه عدوٌّ مضلٌّ مبينٌ (15)
قوله تعالى: ودخل المدينة
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ أنّ فرعون ركب مركبًا، وليس، عنده موسى، فلمّا جاء موسى قيل له: إنّ فرعون قد ركب، فركب في أثره فأدركه المقيل بأرضٍ يقال لها: منفٌ، فدخلها نصف النّهار، وقد تغلّقت أسواقها، وليس في طرقها أحدٌ، وهي الّتي يقول اللّه عزّ وجلّ ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها.
قوله تعالى: ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها
[الوجه الأول]
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ، عن ابن المنكدر، عن عطاء بن يسارٍ، عن ابن عبّاسٍ ودخل المدينة على حين غفلةٍ قال: نصف النّهار.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا النّضر بن إسماعيل، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها قال: نصف النّهار والنّاس قائلون. وروي، عن عكرمة والسّدّيّ مثل ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة في قول اللّه عزّ وجلّ: ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها قال: دخلها ظهرا، وذلك أغفل ما يكون النّاس.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا إبراهيم بن سعيدٍ يعني الجوهريّ، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ على حين غفلةٍ من أهلها قال: بين المغرب والعشاء.
الوجه الثّالث:
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً أنبأ ابن وهبٍ، عن ابن زيدٍ يعني عبد الرّحمن على حين غفلةٍ من أهلها قال: على حين غفلةٍ من النّاس، على حين غفلةٍ من ذكر موسى.
قوله تعالى: فوجد فيها رجلين يقتتلان
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس لما بلغ أشده وكان من الرّجال لم يكن أحدٌ من آل فرعون يخلص إلى أحدٍ من بني إسرائيل معه بظلمٍ ولا سخرةٍ حتّى امتنعوا كلّ الامتناع، فبينا موسى يمشي في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلانٍ أحدهما فرعونيٌّ، والآخر إسرائيليٌّ.
قوله تعالى: هذا من شيعته وهذا من عدوّه
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه، عنه في قوله: ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته إسرائيليّ وهذا من عدوّه قبطيّ.
وروي، عن قتادة والسّدّيّ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق هذا من شيعته أي مسلمٌ، وهذا من عدوّه، أي هذا من أهل دين فرعون: كافرٌ.
قوله تعالى: فاستغاثه الّذي من شيعته
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون ثنا أصبغ ابن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه فاستغاثه الإسرائيليّ على الفرعونيّ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: فاستغاثه الّذي من شيعته قال: كان الّذي استغاثه رجلٌ من بني إسرائيل استغاث موسى على عدوّه من آل فرعون.
قوله تعالى: على الّذي من عدوّه
- حدّثنا ابن أبي الثّلج يزيد بن هارون أنبأ أصبغ، ثنا القاسم، ثنا سعيدٌ، عن ابن عبّاسٍ قال: فغضب موسى غضبًا شديدًا لأنّه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل، وحفظه لهم لا يعلم النّاس إلا إنّما ذلك من الرّضاع إلا أمّ موسى، إلا أن يكون اللّه أطلع موسى صلّى اللّه عليه وسلّم من ذلك ما لم يطلع عليه غيره، فوكز موسى الفرعونيّ فقتله وليس يراهما إلا اللّه ثمّ الإسرائيليّ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ فوكزه موسى بجمع كفّه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: فوكزه موسى يقول: فوكزه نبيّ اللّه موسى صلّى اللّه عليه وسلّم- بعصاه ولم يتعمّد قتله.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: وكان موسى قد أوتي بسطةً في الخلق، وشدّةً في البطش فضبّ بعدوّهما فنازعه، فوكزه موسى وكزةً قتله منها، وهو لا يريد قتله.
- حدّثنا أبي، ثنا يوسف بن يعقوب الصّفّار، ثنا عثمان بن عليٍّ، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ قال: الّذي وكزه موسى كان خبّازًا لفرعون.
قوله تعالى: فقضى عليه
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: فقضى عليه فمات، فكبر ذلك على موسى صلّى اللّه عليه وسلّم
قوله تعالى: قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ بن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فقال موسى حين قتل الرّجل هذا من عمل الشّيطان إنّه عدوٌّ مضلٌّ مبينٌ). [تفسير القرآن العظيم: 9/2952-2955]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فاستغاثه الذي من شيعته قال يعني من قومه بني إسرائيل قال وكان فرعون من فارس من اصطخر). [تفسير مجاهد: 482]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فوكزه موسى قال يعني بجمع كفه). [تفسير مجاهد: 482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ودخل المدينه على حين غفله من أهلها فوجد فيها رجلان يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مبين.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي: ان فرعون ركب مركبا وليس عنده موسى فلما جاء موسى عليه السلام قيل له: ان فرعون قد ركب، فركب في أثره، فأدركه المقيل بأرض يقال لها منف فدخلها نصف النهار وقد تغلقت أسواقها وليس في طرقها أحد، وهي التي يقول الله تعالى {ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها} ). [الدر المنثور: 11/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ودخل المدينة على حين غفلة} قال: نصف النهار). [الدر المنثور: 11/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {ودخل المدينة على حين غفلة} قال: نصف النهار والناس قائلون). [الدر المنثور: 11/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: دخلها عند القائلة بالظهيرة والناس نائمون، وذلك أغفل ما يكون الناس). [الدر المنثور: 11/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حين غفلة} قال: ما بين المغرب والعشاء). [الدر المنثور: 11/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {على حين غفلة} قال: ما بين المغرب والعشاء عن أناس وقال آخرون: نصف النهار وقال ابن عباس: أحدهما). [الدر المنثور: 11/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته} قال: اسرائيلي {وهذا من عدوه} قال: قبطي {فاستغاثه الذي من شيعته} الاسرائيلي {على الذي من عدوه} القبطي {فوكزه موسى فقضى عليه} قال: فمات قال: فكبر ذلك على موسى عليه الصلاة والسلام). [الدر المنثور: 11/437-438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فاستغاثه الذي من شيعته} قال: من قومه من بني اسرائيل، وكان فرعون من فارس من اصطخر {فوكزه موسى} قال: بجمع كفه). [الدر المنثور: 11/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فوكزه موسى} قال: بعصا ولم يتعمد قتله). [الدر المنثور: 11/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: الذي وكزه موسى كان خبازا لفرعون). [الدر المنثور: 11/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن وهب رضي الله عنه قال: قال الله عز وجل (بعزتي يا ابن عمران لو أن هذه النفس التي وكزت فقتلت اعترفت لي ساعة من ليل أو نهار باني لها خالق أو رازق لاذقتك فيها طعم العذاب، ولكني عفوت عنك في أمرها انها لم تعترف لي ساعة من ليل أو نهار اني لها خالق أو رازق) ). [الدر المنثور: 11/438]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنّه هو الغفور الرّحيم (16) قال ربّ بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرًا للمجرمين}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن ندم موسى على ما كان من قتله النّفس الّتي قتلها، وتوبته إليه منه ومسألته غفرانه من ذلك {ربّ إنّي ظلمت نفسي} بقتل النّفس الّتي لم تأمرني بقتلها، فاعف عن ذنبي ذلك، واستره عليّ، ولا تؤاخذني به فتعاقبني عليه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {ربّ إنّي ظلمت نفسي} قال: بقتلي، من أجل أنّه لا ينبغي لنبيٍّ أن يقتل حتّى يؤمر، ولم يؤمر.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: عرف المخرج، فقال: {ظلمت نفسي فاغفر لي، فغفر له}.
وقوله: {فغفر له} يقول تعالى ذكره: فعفا اللّه لموسى عن ذنبه ولم يعاقبه به {إنّه هو الغفور الرّحيم} يقول: إنّ اللّه هو السّاتر على المنيبين إليه من ذنوبهم على ذنوبهم، المتفضّل عليهم بالعفو عنها، الرّحيم للنّاس أن يعاقبهم على ذنوبهم بعد ما تابوا منها). [جامع البيان: 18/190-191]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنّه هو الغفور الرّحيم (16)
قوله تعالى: قال ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال في موسى: إنّي ظلمت نفسي يعني ذنبًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا شيبان، ثنا أبو هلالٍ، ثنا قتادة في قوله: ربّ إنّي ظلمت نفسي قال: عرف نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أين المخرج يراد المخرج، فلم يلق ذنبه على ربّه. قال بعض النّاس: أي من جهة المقدور.
قوله تعالى: إنّه هو الغفور الرّحيم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: الغفور يعني لما كان منه الرحيم لمن تاب). [تفسير القرآن العظيم: 9/2955-2956]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: قال رب ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إني ظلمت نفسي} قال: بلغني أنه من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر، فقتله ولم يؤمر). [الدر المنثور: 11/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قال رب إني ظلمت نفسي} قال: عرف نبي الله عليه السلام من أين المخرج، فاراد المخرج فلم يلق ذنبه على ربه، قال بعض الناس: أي من جهة المقدور). [الدر المنثور: 11/439]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (17) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فلن أكون ظهيرا للمجرمين قال إني لن أعين بعدها ظالما على فجرة). [تفسير عبد الرزاق: 2/89-90]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال ربّ بما أنعمت عليّ} يقول تعالى ذكره: قال موسى ربّ بإنعامك عليّ بعفوك عن قتل هذه النّفس. {فلن أكون ظهيرًا للمجرمين} يعني المشركين، كأنّه أقسم بذلك، وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: (فلا تجعلني ظهيرًا للمجرمين) كأنّه على هذه القراءة دعا ربّه، فقال: اللّهمّ لن أكون ظهيرًا ولم يستثن عليه السّلام حين قال {فلن أكون ظهيرًا للمجرمين} فابتلي.
وكان قتادة يقول في ذلك ما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فلن أكون ظهيرًا للمجرمين} يقول: فلن أعين بعدها ظالمًا على فجره، قال: وقلّما قالها رجلٌ إلاّ ابتلي، قال: فابتلي كما تسمعون). [جامع البيان: 18/191-192]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال ربّ بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرًا للمجرمين (17)
قوله تعالى: قال ربّ بما أنعمت عليّ
- حدّثنا أبو بجيرٍ المحاربيّ، ثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، ثنا أبو حنظلة قال أبو محمّدٍ أبو حنظلة الضّبّيّ، يعني جابر بن حنظلة الكاتب قال: قال رجلٌ لعامرٍ: يا أبا عمرٍو إنّي رجلٌ كاتبٌ، أكتب ما يدخل وما يخرج، آخذ رزقًا أستغني به أنا وعيالي. قال: فلعلّك تكتب في دمٍ يسفك. قال: لا. قال: فلعلّك تكتب في مالٍ يؤخذ. قال: لا. قال: فلعلّك تكتب في دارٍ تهدم. قال: لا، أسمعت بما قال موسى؟ ربّ بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرًا للمجرمين قال: أبلغت إليّ يا أبا عمرٍو، واللّه لا أخطّ لهم بقلمٍ أبدًا. قال: واللّه لا يدعك اللّه بغير رزقٍ أبدًا.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن نفيلٍ، ثنا زهيرٌ يعني ابن معاوية، ثنا عبيد اللّه بن الوليد الصّافي أنّه سأل عطاء بن أبي رباحٍ، عن أخٍ له كاتبٍ قلت ليس يلي من أمور السّلطان شيئًا إلا أنّه يكتب لهم بقلمٍ ما دخل وما خرج. فإن ترك قلمه صار عليه دينٌ واحتاج. وإن أخذ له كان له فيه غنًى: قال: الرّأس من هو؟ قال: خالد بن عبد اللّه.
قال: قال العبد الصّالح: يعني موسى عليه السّلام ربّ بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرًا للمجرمين فلا يهتمّ بشيءٍ، وليرم قلمه، فإنّ اللّه سيأتيه برزقٍ.
قوله تعالى: فلن أكون ظهيرًا للمجرمين
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا محمّد بن عبيد اللّه، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك فلن أكون ظهيرًا للمجرمين قال: معينًا للمجرمين.
وروي، عن عطاءٍ ومجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ وعكرمة نحو ذلك.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: فلن أكون ظهيرًا للمجرمين قال: لن أعين بعدها ظالمًا على فجره). [تفسير القرآن العظيم: 9/2956]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا مسعرٌ، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال: صلّيت إلى جنب ابن عمر العصر فسمعته يقول في ركوعه: «ربّ بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرًا للمجرمين» فلمّا انصرف قال: «ما صلّيت صلاةً إلّا وأنا أرجو أن تكون كفّارةً للّتي أمامها» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين.
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فلن أكون ظهيرا للمجرمين} قال: معينا للمجرمين). [الدر المنثور: 11/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلن أكون ظهيرا للمجرمين} قال: ان أعين بعدها ظالما على فجره). [الدر المنثور: 11/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عبيد الله بن الوليد الرصافي رضي الله عنه، أنه سأل عطاء بن أبي رباح عن أخ له كاتب ليس يلي من أمور السلطان شيئا إلا أنه يكتب لهم بقلم ما يدخل وما يخرج فان ترك قلمه صار عليه دين واحتجاج وان أخذ به كان له فيه غنى قال: يكتب لمن قال: لخالد بن عبد الله القسري قال: ألم تسمع إلى ما قال العبد الصالح {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين} فلا يهتم بشيء وليرم بقلمه فان الله سيأتيه برزق). [الدر المنثور: 11/439-440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حنظلية جابر بن حنظلة الكاتب الضبي قال: قال رجل لعامر: يا أبا عمرو اني رجل كاتب أكتب ما يدخل وما يخرج آخذ ورقا استغني به أنا وعيالي قال: فلعلك تكتب في دم يسفك قال: لا، قال: فلعلك تكتب في مال يؤخذ قال: لا، قال: فلعلك تكتب في دار تهدم قال: لا، قال: أسمعت بما قال موسى عليه الصلاة والسلام {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين} قال: رضي الله عنه قال: صليت إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما العصر فسمعته يقول في ركوعه {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين} ). [الدر المنثور: 11/440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سلمة بن نبيط رضي الله عنه قال: بعث عبد الرحمن ابن مسلم إلى الضحاك فقال: اذهب بعطاء أهل بخاري فاعطهم فقال: اعفني فلم يزل يستعفيه حتى أعفاه فقال له بعض أصحابه: ما عليك أن تذهب فتعطيهم وأنت لا ترزؤهم شيئا فقال: لا أحب أن أعين الظلمة على شيء من أمرهم). [الدر المنثور: 11/441]

تفسير قوله تعالى: (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأصبح في المدينة خائفًا يترقّب فإذا الّذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنّك لغويٌّ مبينٌ}.
يقول تعالى ذكره: فأصبح موسى في مدينة فرعون خائفًا من جنايته الّتي جناها، وقتله النّفس الّتي قتلها أن يؤخذ فيقتل بها {يترقّب} يقول: يترقّب الأخبار: أي ينتظر ما الّذي يتحدّث به النّاس، ممّا هم صانعون في أمره وأمر قتيله.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني العبّاس بن الوليد، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا أصبغ بن زيدٍ، قال: حدّثنا القاسم، عن أبي أيّوب، قال: حدّثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {فأصبح في المدينة خائفًا يترقّب} الأخبار.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {خائفًا يترقّب} قال: خائفًا من قتله النّفس، يترقّب أن يؤخذ.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فأصبح في المدينة خائفًا يترقّب} قال: خائفًا أن يؤخذ.
وقوله: {فإذا الّذي استنصره بالأمس يستصرخه} يقول تعالى ذكره: فرأى موسى لمّا دخل المدينة على خوفٍ مترقّبًا الأخبار عن أمره وأمر القتيل، فإذا الإسرائيليّ الّذي استنصره بالأمس على الفرعونيّ يقاتله فرعونيٌّ آخر، فرآه الإسرائيليّ فاستصرخه على الفرعونيّ. يقول: فاستغاثه أيضًا على الفرعونيّ، وأصله من الصّراخ، كما يقال: يالبنى فلانٍ: يا صباحاه، قال له موسى: {إنّك لغويٌّ مبينٌ} يقول جلّ ثناؤه: قال موسى للإسرائيليّ الّذي استصرخه، وقد صادف موسى نادمًا على ما سلف منه من قتله بالأمس القتيل، وهو يستصرخه اليوم على آخر: إنّك أيّها المستصرخ لغويٌّ: يقول: إنّك لذو غوايةٍ مبينٌ: يقول: قد تبيّنت غوايتك بقتلك أمس رجلاً، واليوم آخر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا أصبغ بن زيدٍ، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: أتي فرعون، فقيل له: إنّ بني إسرائيل قد قتلوا رجلاً من آل فرعون، فخذ لنا بحقّنا ولا ترخّص لهم في ذلك، قال: ابغوني قاتله ومن يشهد عليه، لا يستقيم أن نقضي بغير بيّنةٍ ولا ثبتٍ، فاطلبوا ذلك، فبينما هم يطوفون لا يجدون شيئًا، إذ مرّ موسى من الغد، فرأى ذلك الإسرائيليّ يقاتل فرعونيًّا، فاستغاثه الإسرائيليّ على الفرعونيّ، فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه بالأمس، وكره الّذي رأى، فغضب موسى، فمدّ يده وهو يريد أن يبطش بالفرعونيّ، فقال للإسرائيليّ لما فعل بالأمس واليوم {إنّك لغويٌّ مبينٌ}، فنظر الإسرائيليّ إلى موسى بعد ما قال هذا، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس إذ قتل فيه الفرعونيّ، فخاف أن يكون بعد ما قال له: {إنّك لغويٌّ مبينٌ} إيّاه أراد، ولم يكن أراده، إنّما أراد الفرعونيّ، فخاف الإسرائيليّ فحاجز الفرعونيّ، فقال: {يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس إن تريد إلاّ أن تكون جبّارًا في الأرض} وإنّما قال ذلك مخافة أن يكون إيّاه أراد موسى ليقتله، فتتاركا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فإذا الّذي استنصره بالأمس يستصرخه} قال: الاستنصار والاستصراخ واحدٌ.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فإذا الّذي استنصره بالأمس يستصرخه} يقول: يستغيثه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لمّا قتل موسى القتيل، خرج فلحق بمنزله من مصر، وتحدّث النّاس بشأنه، وقيل: قتل موسى رجلاً، حتّى انتهى ذلك إلى فرعون، فأصبح موسى غاديًا الغد، وإذا صاحبه بالأمس معانقٌ رجلاً آخر من عدوّه، فقال له موسى: {إنّك لغويٌّ مبينٌ} أمس رجلاً، واليوم آخر؟.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا حفصٌ، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ، والشّيبانيّ، عن عكرمة، قال: الّذي استنصره: هو الّذي استصرخه). [جامع البيان: 18/192-195]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فأصبح في المدينة خائفًا يترقّب فإذا الّذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنّك لغويٌّ مبينٌ (18)
قوله تعالى: فأصبح في المدينة خائفًا يترقّب
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ فأصبح في المدينة خائفًا يترقّب قال: خائفًا أن يؤخذ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة قوله: فأصبح في المدينة خائفًا يترقّب.
قوله تعالى: يترقّب
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيد، ثنا القاسم ابن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ فأصبح في المدينة خائفًا يترقّب الأخبار. فأتي فرعون فقيل له: إنّ بني إسرائيل قتلوا رجلا من آل فرعون فخذ لنا بحقّنا ولا ترخّص فقال: أبقوني قاتله ومن يشهد عليه فإنّ الملك وإن كان صفوةً مع قومه لا يستقيم له أن يقد بغير بيّنةٍ ولا ثبتٍ، فاطلبوا لي علم ذلك آخذ لكم بحقّه.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: يترقّب أن يأخذه الطّلب.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا النّضر بن إسماعيل البجليّ أبو المغيرة، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: يترقب قال: يتلفت. وروي، عن الضّحّاك نحو ذلك.
قوله تعالى: فإذا الّذي استنصره بالأمس يستصرخه
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن كثيرٍ العبديّ أنبأ سليمان بن كثيرٍ أنبأ حصينٌ، عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: فإذا الّذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنّك لغويّ مبينٌ قال: هو صاحب موسى الّذي استنصره بالأمس.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا حفصٌ، عن الشّيبانيّ، عن عكرمة الّذي استنصره قال: الّذي استصرخه.
قوله تعالى: قال له موسى إنّك لغويّ مبين
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: فقال موسى للإسرائيليّ لما فعله أمس واليوم إنّك لغوي مبينٌ). [تفسير القرآن العظيم: 9/2957-2958]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال لع موسى إنك لغوي مبين * فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فأصبح في المدينة خائفا} قال: خائفا أن يؤخذ). [الدر المنثور: 11/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {يترقب} قال: يتلفت). [الدر المنثور: 11/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {يترقب} قال: يتوحش). [الدر المنثور: 11/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه} قال: هو صاحب موسى الذي استنصره بالامس). [الدر المنثور: 11/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: الذي استنصره: هو الذي استصرخه). [الدر المنثور: 11/441-442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه} قال: الاستصراخ: الاستغاثة، قال: والاستنصار والاستصراخ واحد {قال له موسى إنك لغوي مبين} فاقبل عليه موسى عليه السلام فظن الرجل أنه يريد قتله فقال: يا موسى {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس} قال: قبطي قريب منهما يسمعهما فافشى عليهما). [الدر المنثور: 11/442]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({يبطش} [القصص: 19] : «ويبطش»). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يبطش: ويبطش
أشار به إلى قوله تعالى: {فلمّا أراد أن يبطش بالّذي هو عدو لهما} (القصص: 19) وبين أن فيه لغتين إحداهما: يبطش، بضم الطّاء، والآخرى: يبطش، بالكسر). [عمدة القاري: 19/106]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({نبطش}) بالنون وكسر الطاء (ونبطش) بضم الطاء لغتان ومراده الإشارة إلى قوله: {فلما أراد أن يبطش} [القصص: 19] لكن الآية بالياء وكذا وقع في بعض نسخ البخاري بل هو الذي في اليونينية وبالنون فيهما في فرعها والضم قراءة أبي جعفر والكسر قراءة الباقين). [إرشاد الساري: 7/283]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا أن أراد أن يبطش بالّذي هو عدوٌّ لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس إن تريد إلاّ أن تكون جبّارًا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا أراد موسى أن يبطش بالفرعونيّ الّذي هو عدوٌّ له وللإسرائيليّ، قال الإسرائيليّ لموسى وظنّ أنّه إيّاه يريد {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فلمّا أن أراد أن يبطش بالّذي هو عدوٌّ لهما قال}: خافه الّذي من شيعته حين قال له موسى: {إنّك لغويٌّ مبينٌ}.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: قال موسى للإسرائيليّ: {إنّك لغويٌّ مبينٌ} ثمّ أقبل لينصره، فلمّا نظر إلى موسى قد أقبل نحوه ليبطش بالرّجل الّذي يقاتل الإسرائيليّ، قال الإسرائيليّ، وفرق من موسى أن يبطش به من أجل أنّه أغلظ له الكلام: {يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس، إن تريد إلاّ أن تكون جبّارًا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين} فتركه موسى.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن أصحابه، قال: ندم بعد أن قتل القتيل، فقال: {هذا من عمل الشّيطان، إنّه عدوٌّ مضلٌّ مبينٌ} قال: ثمّ استنصره بعد ذلك الإسرائيليّ على قبطيٍّ آخر، فقال له موسى: {إنّك لغويٌّ مبينٌ} فلمّا أراد أن يبطش بالقبطيّ، ظنّ الإسرائيليّ أنّه إيّاه يريد، فقال: يا موسى {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس}؟.
- قال: وقال ابن جريجٍ، أو ابن أبي نجيحٍ، الطّبريّ يشكّ، وهو في الكتاب ابن أبي نجيحٍ: أنّ موسى لمّا أصبح، أصبح نادمًا تائبًا، يودّ أن لم يبطش بواحدٍ منهما، وقد قال للإسرائيليّ: {إنّك لغويٌّ مبينٌ} فعلم الإسرائيليّ أنّ موسى غير ناصره؛ فلمّا أراد الإسرائيليّ أن يبطش بالقبطيّ نهاه موسى، ففرق الإسرائيليّ من موسى، فقال: {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس}؟ فسعى بها القبطيّ.
وقوله: {إن تريد إلاّ أن تكون جبّارًا في الأرض} يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل الإسرائيليّ لموسى: {إن تريد} ما تريد إلاّ أن تكون جبّارًا في الأرض.
وكان من فعل الجبابرة: قتل النّفوس ظلمًا، بغير حقٍّ. وقيل: إنّما قال ذلك لموسى الإسرائيليّ لأنّه كان عندهم: من قتل نفسين من الجبابرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا مجاهد بن موسى، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا هشيم بن بشيرٍ، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن الشّعبيّ، قال: من قتل رجلين فهو جبّارٌ؛ قال: ثمّ قرأ {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس إن تريد إلاّ أن تكون جبّارًا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {إن تريد إلاّ أن تكون جبّارًا في الأرض} إنّ الجبابرة هكذا، تقتل النّفس بغير النّفس.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {إن تريد إلا أن تكون جبّارًا في الأرض} قال: تلك سيرة الجبابرة أن تقتل النّفس بغير النّفس.
وقوله: {وما تريد أن تكون من المصلحين} يقول: ما تريد أن تكون ممّن يعمل في الأرض بما فيه صلاح أهلها، من طاعة اللّه.
وذكر عن ابن إسحاق أنّه في ذلك ما:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {وما تريد أن تكون من المصلحين} أي: ما هكذا يكون الإصلاح). [جامع البيان: 18/195-197]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلمّا أن أراد أن يبطش بالّذي هو عدوٌّ لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس إن تريد إلّا أن تكون جبّارًا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين (19)
قوله تعالى: فلمّا أن أراد أن يبطش بالّذي هو عدوٌّ لهما
- وبه عن ابن عبّاسٍ: فبينما هم يطوفون ولا يجدون ثبتًا إذا موسى قد رأى من الغد ذلك الإسرائيليّ يقاتل رجلا من آل فرعون آخر، فاستغاثه الإسرائيليّ على الفرعونيّ، فصادف موسى قد ندم على ما كان منه، فكره الّذي رأى، فغضب من الإسرائيليّ، وهو يريد أن يبطش الفرعونيّ فقال للإسرائيليّ لما فعل أمس واليوم إنّك لغويّ مبينٌ
قوله تعالى: قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس
- وبه عن ابن عبّاسٍ قال: فنظر الإسرائيليّ إلى موسى بعد ما قال له ما قال، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس الّذي قتل به الفرعونيّ، فخاف أن يكون بعد ما قال له: إنّك لغويّ مبينٌ أن يكون إيّاه أراد، ولم يكن أراده وإنّما أراد الفرعونيّ فخاف الإسرائيليّ، فحاجز الفرعونيّ وقال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس وإنّما قال ذلك، مخافة أن يكون أراد إيّاه موسى ليقتله، فتتاركا، وانطلق الفرعونيّ إلى قومه فأخبرهم بما سمعه من الإسرائيليّ من الخبر حين يقول: أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس قال: فتركه موسى، وذهب القبطيّ فأفشى عليه أنّ موسى هو الّذي قتل الرّجل.
قوله تعالى: إن تريد إلا أن تكون جبّارًا في الأرض
- حدّثنا أبو عبد اله الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر العدنيّ، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة قول الرّجل لموسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبّارًا في الأرض قال عكرمة: لا يكون الرّجل جبّارًا حتّى يقتل نفسين.
وروي عن الشّعبيّ مثل ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا حاضرة يعني ابن فرهدة قال: سمعت أبا عمران الجونيّ يقول: في هذه الآية إن تريد إلا أن تكون جبّارًا في الأرض يقول: وآية الجبابرة القتل بغير الحقّ. وروي، عن قتادة مثل ذلك.
قوله تعالى: وما تريد أن تكون من المصلحين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى الدّامغانيّ، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق وما تريد أن تكون من المصلحين أي ما هكذا يكون الإصلاح). [تفسير القرآن العظيم: 9/2958-2959]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه} قال: الاستصراخ: الاستغاثة، قال: والاستنصار والاستصراخ واحد {قال له موسى إنك لغوي مبين} فاقبل عليه موسى عليه السلام فظن الرجل أنه يريد قتله فقال: يا موسى {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس} قال: قبطي قريب منهما يسمعهما فافشى عليهما). [الدر المنثور: 11/442] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فلما أن أراد أن يبطش} قال: ظن الذي من شيعته انما يريده فذلك قوله {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس} أنه لم يظهر على قتله أحد غيره، فسمع قوله {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس} عدوهما فأخبر عليه). [الدر المنثور: 11/442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الشعبي قال: من قتل رجلين فهو جبار ثم تلا هذه الآية {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض} ). [الدر المنثور: 11/442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال: لا يكون الرجل جبارا حتى يقتل نفسين). [الدر المنثور: 11/442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني قال: آية الجبابرة القتل بغير حق، والله أعلم). [الدر المنثور: 11/443].

تفسير قوله تعالى: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({يأتمرون} [القصص: 20] : «يتشاورون). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يأتمرون: يتشاورون
أشار به إلى قوله تعالى: {قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك} (القصص: 20) وفسّر: (يأتمرون) بقوله: (يتشاورون) وقيل: معناه يأمر بعضهم بعضًا، والقائل لموسى بذلك هو حزقيل مؤمن آل فرعون وكان ابن عم فرعون، والملأ: الجماعة). [عمدة القاري: 19/106]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({يأتمرون}) في قوله: {يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك} [القصص: 20] أي (يتشاورون) بسببك. قال في الأنوار: وإنما سمي التشاور ائتمارًا لأن كلاًّ من المتشاورين يأمر الآخر ويأتمر وسقط لأبي ذر والأصيلي. قال ابن عباس: أولي القوة إلى هنا). [إرشاد الساري: 7/283]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجاء رجلٌ من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنّي لك من النّاصحين}.
ذكر أنّ قول الإسرائيليّ سمعه سامعٌ فأفشاه، وأعلم به أهل القتيل، فحينئذٍ طلب فرعون موسى، وأمر بقتله؛ فلمّا أمر بقتله، جاء موسى مخبرٌ، وخبّره بما قد أمر به فرعون في أمره، وأشار عليه بالخروج من مصر بلد فرعون وقومه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني العبّاس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، قال: حدّثنا القاسم بن أبي أيّوب، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: انطلق الفرعونيّ الّذي كان يقاتل الإسرائيليّ إلى قومه، فأخبرهم بما سمع من الإسرائيليّ من الخبر حين يقول {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس}؟ فأرسل فرعون الذّبّاحين لقتل موسى، فأخذوا الطّريق الأعظم، وهم لا يخافون أن يفوتهم، وكان رجلٌ من شيعة موسى في أقصى المدينة، فاختصر طريقًا قريبًا، حتّى سبقهم إلى موسى، فأخبره الخبر.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: أعلمهم القبطيّ الّذي هو عدوٌّ لهما، فأتمر الملأ ليقتلوه، فجاء رجلٌ من أقصى المدينة، وقرأ {إنّ}.. إلى آخر الآية، قال: كنّا نحدّث أنّه مؤمن آل فرعون.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: ذهب القبطيّ، يعني الّذي كان يقاتل الإسرائيليّ، فأفشى عليه أنّ موسى هو الّذي قتل الرّجل، فطلبه فرعون وقال: خذوه فإنّه صاحبنا، وقال للّذين يطلبونه: اطلبوه في بنيّات الطّريق، فإنّ موسى غلامٌ لا يهتدي الطّريق، وأخذ موسى في بنيّات الطّريق، وقد جاءه الرّجل فأخبره {إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن أصحابه، قالوا: لمّا سمع القبطيّ قول الإسرائيليّ لموسى {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس} سعى بها إلى أهل المقتول، فقال: إنّ موسى هو قتل صاحبكم، ولو لم يسمعه من الإسرائيليّ لم يعلمه أحدٌ؛ فلمّا علم موسى أنّهم قد علموا خرج هاربًا، فطلبه القوم فسبقهم. قال: وقال ابن أبي نجيحٍ: سعى القبطيّ
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، قال: قال الإسرائيليّ لموسى: {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس} وقبطيٌّ قريبٌ منهما يسمع، فأفشى عليهما.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثنّى حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: سمع ذلك عدوٌّ، فأفشى عليهما.
وقوله: {وجاء رجلٌ} ذكر أنّه مؤمن آل فرعون، وكان اسمه فيما قيل: سمعان. وقال بعضهم: بل كان اسمه شمعون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، أخبرني وهب بن سليمان، عن شعيبٍ الجبئيّ، قال: اسمه شمعون الّذي قال لموسى: {إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أصبح الملأ من قوم فرعون قد أجمعوا لقتل موسى فيما بلغهم عنه، فجاء رجلٌ من أقصى المدينة يسعى يقال له سمعان، فقال: {يا موسى إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فاخرج إنّي لك من النّاصحين}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: {وجاء رجلٌ من أقصى المدينة يسعى} إلى موسى {قال يا موسى إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فاخرج إنّي لك من النّاصحين}.
وقوله {من أقصى المدينة} يقول: من آخر مدينة فرعون {يسعى} يقول: يعجّل.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وجاء رجلٌ من أقصى المدينة يسعى} قال: يعجّل، ليس بالشّدّ.
وقوله: {قال يا موسى إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك} يقول جلّ ثناؤه: قال الرّجل الّذي جاءه من أقصى المدينة يسعى لموسى: يا موسى إنّ أشراف قوم فرعون ورؤساءهم يتومرون بقتلك، ويتشاورون ويرتئون فيه؛ ومنه قول الشّاعر:
ما تأتمر فينا فأمرك = في يمينك أو شمالك
يعني: ما ترتئي، وتهمّ به؛ ومنه قول النّمر بن تولبٍ:
أرى النّاس قد أحدثوا شيمةً = وفي كلّ حادثةٍ يؤتمر
أي يتشاور ويرتأى فيها.
وقوله: {فاخرج إنّي لك من النّاصحين} يقول: فاخرج من هذه المدينة، إنّي لك في إشارتي عليك بالخروج منها من النّاصحين). [جامع البيان: 18/198-201]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وجاء رجلٌ من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنّي لك من النّاصحين (20)
قوله تعالى: وجاء رجلٌ من أقصى المدينة يسعى
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك وجاء رجلٌ من أقصى المدينة يسعى قال: مؤمنٌ من آل فرعون.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: وجاء رجلٌ من شيعة موسى من أقصى المدينة
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا حجاج ابن محمّدٍ، ثنا ابن جريجٍ، عن وهبٍ هو ابن سليمان، عن شعيبٍ الجبائيّ قال: كان اسم الّذي قال لموسى: إنّ الملأ يأتمرون بك شمعون.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: وأصبح الملأ من قوم فرعون، وفرعون قد أجمعوا لقتل موسى فيما بلغهم، عنه، قال: وجاء رجلٌ من أقصى المدينة يسعى يقال له: سمعان.
قوله تعالى: يا موسى إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنّي لك من الناصحين
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيدٍ الورّاق، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فأرسل فرعون الذّبّاحين ليقتلوا موسى، وهم لا يخافون أن يفوتهم، وجاء رجلٌ من شيعة موسى من أقصى المدينة، فاختصر طريقًا قريبًا حتّى سبقهم إلى موسى، فأخبره الخبر.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: فطلبه فرعون، وقال: خذوه فإنّه قتل صاحبنا، وقال للّذين يطلبونه: اطلبوه في بنيات الطّريق فإنّ موسى غلامٌ، لا يهتدي الطّريق. وأخذ موسى في بنياتٍ الطّريق وقد جاءه الرّجل فأخبره إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج). [تفسير القرآن العظيم: 9/2959-2960]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين * فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين.
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال: مؤمن آل فرعون). [الدر المنثور: 11/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال: كان اسم الذي قال لموسى {إن الملأ يأتمرون بك} شمعون). [الدر المنثور: 11/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال: يعمل ليس بالسيد، اسمه حزقيل). [الدر المنثور: 11/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: ذهب القبطي فافشى عليه: أن موسى هو الذي قتل الرجل فطلبه فرعون وقال: خذوه فانه الذي قتل صاحبنا وقال الذين يطلبونه: اطلبوه في ثنيات الطريق فان موسى غلام لا يهتدي للطريق، وأخذ موسى عليه السلام في ثنيات الطريق وقد جاءه الرجل فأخبره {إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين} فلما أخذ في ثنيات الطريق جاءه ملك على فرس بيده عنزة فلما رآه موسى عليه السلام سجد له من الفرق، فقال: لا تسجد لي ولكن اتبعني فتبعه وهداه نحو مدين، فانطلق الملك حتى انتهى به إلى المدين فلما أتى الشيخ وقص عليه القصص {قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين} القصص الآية 25 فأمر احدى ابنتيه أن تأتيه بعصا، وكانت تلك العصا عصا استودعه إياها ملك في صورة رجل فدفعها إليه فدخلت الجاريه فأخذت العصا فأتته بها فلما رآها الشيخ قال لإبنته إئتيه بغيرها، فالقتها وأخذت تريد غيرها فلا يقع في يدها إلا هي وجعل يرددها وكل ذلك لا يخرج في يدها غيرها فلما رآى ذلك عهد إليه فأخرجها معه فرعى بها ثم إن الشيخ ندم وقال: كانت وديعة فخرج يتلقى موسى عليه السلام فلما رآه قال: اعطني العصا، فقال موسى عليه السلام: هي عصاي فأبى أن يعطيه فاختصما فرضيا أن يجعلا بينهما أول رجل يلقاهما، فاتاهما ملك يمشي فقضى بينهما فقال: ضعوها في الأرض فمن حملها فهي له، فعالجها الشيخ فلم يطقها وأخذها موسى عليه السلام بيده فرفعها فتركها له الشيخ فرعى له عشر سنين). [الدر المنثور: 11/444-445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال: هو مؤمن آل فرعون جاء يسعى وفي قوله {فخرج منها خائفا يترقب} قال: أن يأخذه الطلب). [الدر المنثور: 11/445]

تفسير قوله تعالى: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فخرج منها خائفًا يترقّب قال ربّ نجّني من القوم الظّالمين (21) ولمّا توجّه تلقاء مدين قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل}.
يقول تعالى ذكره: فخرج موسى من مدينة فرعون خائفًا من قتله النّفس أن يقتل به {يترقّب} يقول: ينتظر الطّلب أن يدركه فيأخذه.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فخرج منها خائفًا يترقّب} خائفًا من قتله النّفس يترقّب الطّلب {قال ربّ نجّني من القوم الظّالمين}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، {فخرج منها خائفًا يترقّب} قال: خائفًا من قتل النّفس، يترقّب أن يأخذه الطّلب.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر لي أنّه خرج على وجهه خائفًا يترقّب ما يدري أيّ وجهٍ يسلك، وهو يقول: {ربّ نجّني من القوم الظّالمين}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {فخرج منها خائفًا يترقّب} قال: يترقّب مخافة الطّلب.
وقوله: {قال ربّ نجّني من القوم الظّالمين} يقول تعالى ذكره: قال موسى وهو شاخصٌ عن مدينة فرعون خائفًا: ربّ نجّني من هؤلاء القوم الكافرين، الّذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بك). [جامع البيان: 18/201-202]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فخرج منها خائفًا يترقّب قال ربّ نجّني من القوم الظّالمين (21)
قوله تعالى: فخرج منها خائفًا يترقّب
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ أصبغ ابن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فخرج منها متوجّهًا نحو مدين لم يلق رجلا قبل ذلك، وليس له بالطّريق علمٌ إلا حسن ظنّه بربّه.
قوله تعالى: قال ربّ نجّني من القوم الظّالمين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ فخرج منها خائفًا يترقّب قال ربّ نجّني من القوم الظّالمين فلمّا أخذ في بنيات الطّريق جاءه ملكٌ على فرسٍ بيده، عنزةٌ، فلمّا رآه موسى سجد له من الفرق وقال: لا تسجد لي، ولكن اتبعني، فاتّبعه وهداه نحو مدين.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: فذكر لي أنّه خرج على وجهه خائفًا يترقّب، ما يدري أيّ وجهٍ يسلك وهو يقول: ربّ نجّني من القوم الظّالمين فهيّأ اللّه له الطّريق إلى مدين فخرج بغير زادٍ ولا خدمٍ. ولا ظهرٍ خائفًا يترقّب). [تفسير القرآن العظيم: 9/2960]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال: هو مؤمن آل فرعون جاء يسعى وفي قوله {فخرج منها خائفا يترقب} قال: أن يأخذه الطلب). [الدر المنثور: 11/445] (م)


رد مع اقتباس