عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 12:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل * وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون * إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}
قرأ الناس: "في مرية" بكسر الميم، وقرأ الحسن بضمها. واختلف المتأولون في الضمير الذي في "لقائه" على من يعود؟ فقال أبو العالية الرياحي، وقتادة: يعود على "موسى"، والمعنى: لا تك في شك من أن تلقى موسى، أي: في ليلة الإسراء، وهذا قول جماعة من السلف، وقاله المبرد حين امتحن أبا إسحاق الزجاج بهذه المسألة. وقالت فرقة: الضمير عائد على "الكتاب"، أي أنه لقي موسى حين لقيه موسى عليه السلام، والمصدر في هذا التأويل يصح أن يكون مضافا للفاعل، بمعنى: لقي الكتاب موسى، ويصح أن يكون مضافا إلى المفعول، بمعنى: لقي الكتاب - بالنصب - موسى عليه السلام. وقال الحسن: الضمير عائد على ما يتضمنه القول من المحنة والشدة التي في إخباره بأنه آتى موسى الكتاب، كأنه قال: ولقد آتينا موسى هذا العبء الذي أنت بسبيله، فلا تمتر أنك تلقى ما لقي هو من المحنة بالناس، وكأن الآية تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم. وقالت فرقة: معناه: فلا تكن في شك من لقائه في الآخرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول ضعيف.
وقالت فرقة: الضمير عائد على ملك الموت الذي تقدم ذكره، وقوله: {فلا تكن في مرية من لقائه} اعتراض بين الكلامين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا أيضا ضعيف.
والمرية: الشك. والضمير في "جعلناه" عائد على "موسى"، وهو قول قتادة، ويحتمل أن يعود على "الكتاب"). [المحرر الوجيز: 7/ 80-81]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"أئمة": جمع إمام، وهو الذي يقتدى به، وأصله خيط البناء، وجمهور النحويين على "أيمة" بياء وتخفيف الهمزة، إلا ابن أبي إسحاق، فإنه جوز اجتماع الهمزتين وقرأ: "أئمة". وقرأ جمهور القراء: "لما صبروا" بفتح اللام وشد الميم، وقرأ حمزة والكسائي: "لما صبروا" بكسر اللام وتخفيف الميم، وهي قراءة ابن مسعود، وطلحة، والأعمش، فالأولى في معنى الظرف، والثانية كأنه قال: لأجل صبرهم، فـ"ما" مصدرية، وفي القراءتين معنى المجازاة، أي: جعلهم أئمة جزاء على صبرهم على الدنيا، وكونهم موقنين بآيات الله تبارك وتعالى وأوامره وجميع ما تورده الشريعة. وقرأ ابن مسعود: "بما صبروا").[المحرر الوجيز: 7/ 81]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن ربك} الآية حكم يعم جميع الخلق، وذهب بعض المتأولين إلى تخصيص الضمير، وذلك ضعيف).[المحرر الوجيز: 7/ 81]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون * أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون * ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين * قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون * فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون}
"يهد" معناه: يبين، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وقرأ جمهور الناس: "يهدي" بالياء، فالفاعل الله تعالى في قول فرقة، والرسول في قول فرقة، والمصدر في قول فرقة، كأنه قال: أو لم يبين لهم الهدى. وجوز الكوفيون أن يكون الفاعل "كم"، ولا يجوز ذلك عند البصريين; لأنها في الخبر على حكمها في الاستفهام في أنها لا يعمل فيها ما قبلها. وقرأ أبو عبد الرحمن: "نهد لهم" بالنون، وهي قراءة الحسن وقتادة. فالفاعل الله تعالى، و"كم" في موضع نصب: فعند الكوفيين بـ"نهد"، وعند البصريين بـ"أهلكنا" على القراءتين جميعا. وقرأ جمهور الناس: "يمشون" بفتح الياء وتخفيف الشين، وقرأ ابن السميفع اليماني: "يمشون" بضم الياء وفتح الميم وشد الشين، وقرأ عيسى بن عمر: "يمشون" بضم الياء وسكون الميم وشين مضمومة مخففة، والضمير في "يمشون" يحتمل أن يكون للمخاطبين بالبينة المحتج عليهم، ويحتمل أن يكون للمهلكين، فـ"يمشون" في موضع الحال، أي: أهلكوا وهم ماشون في مساكنهم. والضمير في "يسمعون" للمنهيين. ومعنى الآية إقامة الحجة على الكفرة بالأمم السالفة الذين كفروا فأهلكوا). [المحرر الوجيز: 7/ 82]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أقام عز وجل الحجة عليهم في معنى الإيمان بالقدرة وبالبعث بأن نبههم على إحياء الأرض الموات بالماء، و"السوق" هو بالسحاب، و"الجرز": الأرض العاطشة التي قد أكلت نباتها من العطش والقيظ، ومنه قيل للأكول: جروز، قال الشاعر:
خب جروز وإذا جاع بكى
ومن عبر عنها بأنها الأرض التي لا تنبت فإنها عبارة غير مخلصة. وعم تعالى كل أرض هي بهذه الصفة; لأن الآية فيها والعبرة بينة. وقال ابن عباس - رضي الله عنهما وغيره أيضا: الأرض الجرز أرض (أبين) من اليمن، وهي أرض تشرب بسيول لا بمطر. وجمهور الناس على ضم الراء، قال الزجاج: وتقرأ: "الجرز" بسكون الراء.
ثم خص تعالى الزرع بالذكر تشريفا له; ولأنه عظم ما يقصد من النبات، وإلا فعرف أكل الأنعام إنما هو من غير الزرع، لكنه أوقع الزرع موقع النبات، ثم فصل ذلك بأكل الأنعام وبني آدم. وقرأ أبو بكر بن عياش، وأبو حيوة: "يأكل" بالياء من تحت، وقرأ ابن مسعود: "تبصرون" بالتاء من فوق، وقرأ جمهور الناس: "يبصرون" بالياء). [المحرر الوجيز: 7/ 82-83]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم حكى عن الكفرة أنهم يستفتحون ويستعجلون فصل القضاء بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم على معنى الهزء والتكذيب. و"الفتح": الحكم، هذا قول جماعة من المفسرين، وهذا أقوى الأقوال، وقالت فرقة: الإشارة إلى فتح مكة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف، يرده الإخبار بأن الكفرة لا ينفعهم الإيمان، فلم يبق إلا أن يكون الفتح إلا إما حكم الآخرة، وهو قول مجاهد، وإما "فصل" في الدنيا كبدر ونحوه.
وقوله تعالى: {قل يوم الفتح} إشارة إلى الفتح الأول حسب محتملاته. فالألف واللام في "الفتح" الثاني للعهد، و"يوم" ظرف، والعامل فيه "ينفع"، و"ينظرون" معناه: يؤخرون). [المحرر الوجيز: 7/ 83]

تفسير قوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره تبارك وتعالى بالإعراض عن الكفار وانتظار الفرج، وهذا مما نسخته آية السيف، وقوله تعالى: {إنهم منتظرون} أي العذاب، بمعنى أن هذا حكمهم وإن كانوا لا يشعرون. وقرأ محمد بن السميفع: "منتظرون" أي: للعذاب النازل بهم، والله أعلم.
كمل تفسير سورة السجدة والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين). [المحرر الوجيز: 7/ 83-84]

رد مع اقتباس