عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:32 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (38) إلى الآية (41) ]

{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)}

قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38)}

قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فنادته الملائكة... (39).
قرأ حمزة والكسائي: (فناديه الملائكة) بالياء وإمالة الدال.
وقرأ البا قون: (فنادته) بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ (فنادته) بالتاء فكأن الملائكة جماعة مؤنثة.
ومن قرأ (فناديه) نوى جمع الملائكة فوحّد الفعل، وكذلك كل فعل جماعة تقدم فلك فيه الوجهان). [معاني القراءات وعللها: 1/253]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (في المحراب أنّ اللّه... (39)
قرأ ابن عامرٍ وحمزة بكسر الألف.
وقرأ الباقون: (أنّ اللّه) بفتح الألف، وأمال ابن عامرٍ الراء من (المحراب) لم يملها غيره.
[معاني القراءات وعللها: 1/253]
قال أبو منصور: من فتح (أنّ اللّه يبشّرك) فالمعنى: فنادته الملائكة بأنّ اللّه يبشّرك؛ أي: نادته بالبشارة.
ومن كسر فقرأ (إنّ اللّه) فالمعنى: قالت له: إنّ اللّه يبشّرك؛ لأن النداء قولٌ). [معاني القراءات وعللها: 1/254]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يبشّرك... (39).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (يبشّرك) بالتشديد في كل القرآن إلا موضعًا واحدًا في (عسق)، فإنهما خففا قوله: (الذي يبشر اللّه عباده) قرأ نافع وابن عامر وعاصم والحضرمي بتشديد ذلك كله.
وقرأ الكسائي بتخفيف خمسة مواضع.
موضعان ها هنا في هذه السورة، وفي بني إسرائيل: (ويبشر المؤمنين)، وفي الكهف (ويبشر المؤمنين)، وفي (عسق) "يبشر الله عباده).
قال أبو منصور: من قرأ (يبشّرك) فهو من البشارة لا غير، يقال بشّرته بشارةً بتشديد الشين.
ومن قرأ (يبشرك) فمعناه: يسرك ويفرحك.
يقال: بشرته أبشره، إذا فرّحته.
وذكر عن حمزة أنه قرأ في
[معاني القراءات وعللها: 1/254]
الحجر (: (فبم تبشّرون (54)
خصه بالتشديد لقوله: (قالوا بشّرناك). لقربه منه.
وقرأ حميد وحده: (يبشرك).
قال أبو منصور: من العرب من يجيز بشّرته وأبشرته وبشرته بمعنى واحد، ويقال: بشّرته فأبشر وبشر، أي: سرّ وفرح). [معاني القراءات وعللها: 1/255]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (31- قوله تعالى: {فنادته الملائكة} [39].
قرأ حمزة والكسائي {فنادبه الملائكة}.
وقرأ الباقون: {فنادته الملائكة} بالتاء.
فحجة من ذكر قال: الفعل مقدم كقولك: قام الرجال ومع ذلك فإن (الملائكة) هاهنا جبريل، والتقدير: فناداه الملك، فناداه جبريل.
ومن قرأ بالتاء قال: الملائكة جماعة وأنثه كما قال تعالى: {كذبت قوم نوح} و{قالت الأعراب} وقامت الرجال، وشاهده {وإذ قالت الملائكة} [42] ولم يقل: وإذ قال). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/112]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (32- وقوله تعالى: {أن الله يبشرك} [39].
قرأ حمزة وابن عامر {إن الله} بالكسر.
وقرأ الباقون بالفتح.
فمن نصب أعمل الفعل وهو {فندته الملائكة} أن الله وبأن الله، ومن كسر جعل النداء بمعنى القول، فكأنه في التقدير: قالت الملائكة: إن الله يبشرك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/112]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (33- وقوله تعالى: {يبشرك} [39].
قرأ حمزة كل ما في القرآن يبشر بالتخفيف إلا قوله {فبم تبشرون}.
وقرأ أبو عمرو وابن كثير كل ذلك بالتشديد إلا واحدًا في (عسق) {ذلك الذي يبشر الله}، وقرأ الكسائي في خمسة مواضع بالتخفيف، موضعين في (آل عمران) وفي (بني إسرائيل) و(الكهف) و(عسق).
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/112]
وقرأ الباقون بالتشديد، وهما لُغتان: بَشَرْتُ، وبَشَّرْتُ غير أن (بشَّرتُ) أبلغ وأكثر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/113]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (34- وقوله تعالى: {من المحراب} [39].
قرأ ابن عامر {من المحراب} بالإمالة من أجل الراء والكسر.
وقرأ الباقون بالتفخيم على أصل الكلمة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/113]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الألف والتاء من قوله تعالى: فنادته الملائكة [آل عمران/ 39].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر (فنادته) بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي (فناداه) بإمالة الدال.
قال أبو علي: من قرأ (فنادته) بالتاء فلموضع الجماعة، والجماعة ممن يعقل في جمع التكسير يجري مجرى ما لا يعقل، ألا ترى أنّك تقول: هي الرجال، كما تقول هي الجذوع، وهي الجمال؟ فعلى هذا أنّث كما جاء: قالت الأعراب [الحجرات/ 14] ومن زعم أنّ التأنيث يكره هاهنا لأنّ فيه كالتحقيق لما كانوا يدّعونه في الملائكة لم يكن هذا بحجة على من قرأ بالتاء. ألا ترى أنّه قد جاء: إذ قالت الملائكة [آل عمران/ 45]؟ فلو كان في تأنيث هذا حجة لما كانوا يدّعونه في الملائكة لكان في تذكير [نحو قوله] والملائكة باسطو أيديهم [الأنعام/ 93]، والملائكة يدخلون عليهم [الرعد/ 23] حجة عليهم، ولكان في نحو قوله: إذ قالت الملائكة حجة لهم، فليس هذا بشيء. ومن قرأ: فناداه
[الحجة للقراء السبعة: 3/37]
الملائكة، فهو كقوله: وقال نسوة في المدينة [يوسف/ 30] وأمّا إمالة الألف في ناداه فحسنة لأنّها تصير إلى الياء، من الواو كانت أو من الياء، فتحسن الإمالة للانتحاء نحو ما الألف منقلبة عنه وهو الياء. وحجة التفخيم في ناداه أنّه في قلبه الياء إلى الألف فرّ من الياء، فإذا أمال بعد فقد قرّب الحرف مما كان كرهه وفرّ منه.
قال سيبويه: ولا تقول ذلك في حبلى، لأنّه لم يفرّ فيها من ياء. يريد أنّ ألف حبلى لم تكن ياء قلبت ألفا، إنّما هي في أصلها ألف مزيدة للتأنيث). [الحجة للقراء السبعة: 3/38]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في كسر الألف في (إنّ) وفتحها من قوله تعالى: [في المحراب] أن الله [آل عمران/ 39].
فقرأ ابن عامر وحمزة: إنّ الله بالكسر.
وقرأ الباقون: أن الله بالفتح.
قال أبو علي: من فتح «أنّ» المعنى: فنادته بأنّ الله، فلمّا حذف الجارّ منها وصل الفعل إليها فنصبها، فأنّ في موضع نصب،
[الحجة للقراء السبعة: 3/38]
وعلى قياس قول الخليل في موضع جرّ. ومن كسر أضمر القول، كأنّه: نادته فقالت: إنّ الله فحذف القول كما حذف في قول من كسر، فقال: فدعا ربه إني مغلوب [القمر/ 10] وإضمار القول كثير في هذا النحو، كما قال: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم [الرعد/ 23] والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا [الأنعام/ 93]. فاما الذين اسودت وجوههم أكفرتم [آل عمران/ 106]. فأضمر القول في ذلك كلّه. وزعموا أنّ في حرف عبد الله فنادته الملائكة يا زكرياء إن الله فقوله: يا زكرياء في موضع نصب بوقوع النداء عليه، وكذلك إن أضمرت يا زكرياء ولم تذكره كان جائزا وحذف كما حذف المفعول من الكلام، ولا يجوز الفتح في (إنّ) على هذا، لأنّ ناديت قد استوفى مفعوليها، أحدهما: علامة الضمير، والآخر: المنادى، فإن فتحت (أنّ) لم يكن لها شيء يتعلق به). [الحجة للقراء السبعة: 3/39]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم [فتح الراء من: المحراب] [آل عمران/ 37 و 39]: إلا ابن عامر فإنه أمالها.
قال أبو علي: قد أطلق أبو بكر القول في إمالة ابن عامر الألف من محراب. ولم يخصّ به الجرّ من غيره. وقال غيره:
إنّما يميله في الجر. وحجة من لم يمل أنّ «راب» من محراب
[الحجة للقراء السبعة: 3/39]
بمنزلة راء وراءة ونحو ذلك. فكما لا تمال الراء من هذا النحو كذلك ينبغي أن لا تمال من المحراب في الجرّ ولا في الرفع.
ألا ترى أنّه لا تمال رادة من قولهم: ريح رادة وراشد؟. والراء من «راب» بمنزلة الراء من راشد. فإن قلت: فهلّا جازت إمالتها للكسرة التي في الميم كما جازت الإمالة في مقلات للكسرة.
قيل إنّ من أمال مقلاتا، إنّما أماله لأنّه قدّر الكسرة كأنّها على القاف، لأنّها تليها، والقاف إذا تحركت بالكسر حسنت إمالة الألف بعدها. نحو: ققاف وغلاب. ولو قدّرت الكسرة على الحاء من محراب كما قدّرتها على القاف من مقلات لم تحسن الإمالة، ألا ترى أنّ «حراب» بمنزلة فراش، وفراس؟.
وقد قال: إنّهم لا يميلون فراشا، فكذلك المحراب، يريد سيبويه، بقوله: لا يميلون، لا يميله الأكثر. وحجة من أمال الألف من «محراب» أنّ سيبويه قد زعم أنّهم قالوا: عمران، ولم يميلوا برقان يعني: أنّهم لم يجعلوا الراء كالمستعلي في منع الإمالة، فعلى هذا يجوز أن تمال الألف في «محراب» في
[الحجة للقراء السبعة: 3/40]
الرفع، وزعم أيضا أنّهم قالوا: ذا فراش، هذا جراب، لما كانت الكسرة أولا والألف زائدة. قال: والنصب فيه كلّه حسن). [الحجة للقراء السبعة: 3/41] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الياء وفتحها أو فتح الباء وسكونها والتثقيل من قوله جلّ وعزّ: يبشرك [آل عمران/ 39].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: يبشرك بضم الياء وفتح الباء والتشديد في كل القرآن، إلّا في عسق فإنّهما قرأ ذلك الذي يبشر الله عباده [الشورى/ 23] مفتوح الياء مضموم الشين مخففا.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم يبشرك مشدّدا في كلّ القرآن). [الحجة للقراء السبعة: 3/41]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ حمزة يبشر خفيفا، مما لم يقع في كلّ القرآن، إلّا قوله تعالى: فبم تبشرون [الحجر/ 54].
وقرأ الكسائي يبشر مخففة في خمسة مواضع: في آل عمران في قصة زكريا، وقصة مريم وفي سورة بني إسرائيل، وفي
[الحجة للقراء السبعة: 3/41]
الكهف: ويبشر المؤمنين [الإسراء/ 9] وفي عسق: يبشر الله عباده [الشورى/ 23].
[قال أبو علي]: قال أبو عبيدة: يبشّرك، ويبشرك ويبشرك وبشرناه واحد.
قال أبو الحسن في يبشّر: ثلاث لغات: بشّر وبشر وأبشر يبشر بكسر الشين إبشارا، وبشر يبشر بشرا وبشورا يقال: أتاك أمر بشرت به، وأبشرت به في معنى بشّرت به ومنه وأبشروا بالجنة [فصلت/ 30]. وأنشد:
وإذا رأيت الباهشين إلى العلى... غبرا أكفّهم بقاع ممحل
فأعنهم وابشر بما بشروا به... وإذا هم نزلوا بضنك فانزل
وقال أبو زيد: بشّرت القوم بالخير تبشيرا، والاسم:
البشرى. وأبشر بالخير إبشارا، وبشّرت الناقة باللّقاح حين يعلم ذاك منها أول ما تلقح.
[الحجة للقراء السبعة: 3/42]
قال أبو علي: إذا كانت هذه اللغات في الكلمة شائعة فأخذ القارئ بإحداها وجمعه بينها مستقيم سائغ). [الحجة للقراء السبعة: 3/43]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مجاهد وحميد الأعرج: [أَنَّ اللَّهَ يُبْشِرُكَ] بضم الياء وسكون الباء وكسر الشين خفيفة.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا منقولًا من بَشِرْتُ بالأمر في وزن أَنِفْتُ وفَرِحْتُ؛ كقولك: بَطِر وأبطرته، وخرِق وأخرقته، يقال: بَشِر الرجل بالخير وأبشرته وبشَّرته وبَشَرْتُ خفيفة أيضًا). [المحتسب: 1/161]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فنادته الملائكة وهو قائم يصلّي} 39
قرأ حمزة والكسائيّ (فناداه) بألف ممالة وحجتهما أن الّذي ناداه جبريل والتّقدير فناداه الملك فأخرج الاسم الواحد بلفظ الجمع
وقرأ الباقون {فنادته الملائكة} بالتّاء وحجتهم إجماع الجميع على قوله {تحمله الملائكة} قال عبّاس سألت أبا عمرو فقرأ {وإذ قالت الملائكة} بالتّاء ولم يقل وإذ قال الملائكة فأنث فعل الملائكة ها هنا بلا خلاف الواجب أن يرد ما هم مختلفون فيه إلى ما هم عليه مجمعون
قال الزّجاج الوجهان جميعًا جائزان لأن الجماعة يلحقها اسم التّأنيث لأن معناها معنى جماعة ويجوز أن يعبر عنها بلفظ التّذكير كما يقال جمع الملائكة قال ويجوز أن يقول نادته الملائكة وإنّما ناداه جبريل وحده لأن معناه أتاه النداء من هذا الجنس كما تقول ركب فلان في السفن وإنّما ركب سفينة واحدة تريد بذلك جعل ركوبه في هذا الجنس). [حجة القراءات: 162]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {فنادته} قرأه حمزة والكسائي بألف على التذكير، ويميلانها، لأن أصلها الياء، ولأنها رابعة، وقرأ الباقون بالتاء على لفظ التأنيث.
24- وحجة من قرأ بالألف أنه ذكر على المعنى، وقد أجمعوا على التذكير في قوله: {وقال نسوة} «يوسف 30»، وقد قيل: إنما نادى جبريل وحده، فالمعنى فناداه الملك، فلا وجه للتأنيث على هذا التفسير، وأيضًا فقد اختار قوم الألف، لئلا يوافق التأنيث دعوى الكفار في الملائكة، وأيضًا فإن الملائكة والملائك واحد، وأيضًا فقد فرّق بين المؤنث وفعله بالهاء، فقوي التذكير.
25- وحجة من قرأ بالتاء أنه أنث لتأنيث الجماعة التي بعدها في قوله: {الملائكة}، والجماعة ممن يعقل في التكسير، يجري في التأنيث مجرى ما لا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/342]
يعقل، تقول: هي الرجال، وهي الجذوع، وهي الجمال، وقالت الأعراب، ويقوي ذلك قوله: {إذ قالت الملائكة} «آل عمران 45»، وقد ذكر في موضع آخر فقال: {والملائكة باسطو أيديهم} «الأنعام 93» وهذا إجماع، وقال: {والملائكة يدخلون عليهم} «الرعد 23» فتأنيث هذا الجمع وتذكيره جائزان حسنان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/343]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {أن الله يبشرك} قرأه حمزة وابن عامر بكسر «إن»، وقرأ الباقون بالفتح، فمن فتح قدر حرف الجر محذوفًا، فـ {أن} في موضع نصب بحذف حرف الجر، ومذهب الخليل أنها في موضع جر على إعمال حرف الجر، عمل محذوفًا لكثرة حذفه مع {أن}، وعلى ذلك أجاز سيبويه: في القسم، تقديره: فنادته الملائكة بأن الله، ومن كسر «إن» أجرى النداء مجرى القول، فكسر «إن» بعده، كما تكسر بعد القول، ويجوز أن يكون أضمر القول بعد {فنادته} {فقالت إن الله}، ويقوي الكسر أن في حرف عبد الله: «فنادته الملائكة يا زكريا إن الله}، وفتح «أن» على هذا القراءة لا يجوز لأن «نادى» قد استوفى مفعوليه، أحدهما الضمير والثاني المنادى، فلا يتعدى لثالث بحرف ولا بغير حرف، فلابد من الكسر، وهو الاختيار لأن أكثر القراء عليه، وفصحة معناه، وقوة وجهه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/343]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (27- قوله: {يبشرك} قرأ حمزة بالتخفيف في كل القرآن، إلا في {فبم تبشرون} «الحجر 54» ووافقه الكسائي على التخفيف في خمسة مواضع: في آل عمران موضعان وفي سبحان موضع وفي الكهف موضع وفي الشورى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/343]
موضع، وشدد ذلك الباقون، غير أن أبا عمرو وابن كثير خففا الذي في الشورى خاصة، والتخفيف والتشديد لغتان مشهورتان، يقال: بَشَر يُبشر، وبشَر يبشّر مبشّرا وبُشورا، وأنكر أبو حاتم التخفيف، وقال: لا نعرف فيه أصلًا يعتمد عليه، وهي لغة مشهورة، وأكثر ما وقع في القرآن، مما أجمع عليه التشديد نحو: {فبشر عباد. الذين} «الزمر 17، 18» و{فبشره بمغرفة} «يس 11» ومثله كثير بالتشديد، وفيه لغة ثالثة وهي «أبشر» قال الله جل ذكره: {وأبشروا بالجنة} «فصلت 30»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/344]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {فَنَاداهُ المَلائِكَةُ} [آية/ 39]:-
بالألف ممالة، قرأها حمزة والكسائي.
والوجه في التذكير أن الملائكة تأنيثها تأنيث جمعٍ، فإذا تقدم فعلها حسن التذكير، ومن ذلك {قالَ نِسْوَةٌ}.
وأما الإمالة في الألف فحسنةٌ؛ لأن هذه الألف تصير إلى الياء، سواء كانت من الواو او من الياء نحو: ناديت.
وقرأ الباقون {فَنَادَتْهُ} بالتاء.
[الموضح: 369]
وذلك لأن الفعل لجماعةٍ، وجماعة من يعقل في التكسير تجري مجرى ما لا يعقل نحو: هي الرجال وهي الجذوع، فألحقت علامة التأنيث الفعل، كقوله تعالى {قَالَتِ الأعْرابُ} ). [الموضح: 370]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {إنَّ الله} [آية/ 39]:-
بكسر الألف، قرأها ابن عامر وحمزة.
وهذا على إضمار القول كأنه قال: فنادته الملائكة وقالت إن الله يبشرك، فحذف، كقوله تعالى {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ} أي يقولون أخرجوا.
وقرأ الباقون بفتح الألف.
والمعنى: فنادته الملائكة بأن الله يبشرك، فلما حذف الباء أوصل الفعل نفسه إليه، فإن موضعه نصب عند الأكثرين، وجر على قياس قول الخليل
[الموضح: 370]
والكسائي). [الموضح: 371]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {يُبَشِّرُكَ} [آية/ 39]:-
بفتح الياء والتخفيف، قرأها حمزة، وكذلك في نحوه من جميع القرآن، إلا قوله تعالى {فَبِم تُبَشّرُون} فلا خلاف في تشديدها، ووافقه الكسائي في خمسة مواضع: في آل عمران موضعين، وفي بني إسرائيل والكهف {وَيَبْشُرَ المُؤمِنينَ}، وعسق {يَبْشُرُ الله}، وشدد الباقي.
وابن كثير وأبو عمرو يشددان الكل إلا الحرف الواحد في عسق.
ونافع وابن عامر وعاصم ويعقوب يشددون الكل في جميع القرآن.
في بشر ثلاث لغات: بشر بالتخفيف يبشر بشرًا وبشورًا، وبشر بالتضعيف يبشر تبشيرًا، وأبشر بالألف يبشر إبشارًا، وإذا كانت في الكلمة لغات جيدة مستعملة، فأيها تمسك بها القارئ كان حسنًا). [الموضح: 371]

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)}

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (اجعل لي آيةً... (41).
فتح الياء نافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/257]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش: [إِلَّا رُمُزًا] بضمتين.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا على قول مَن جعل واحدتها رُمْزَة، كما جاء عنهم ظُلْمَة
[المحتسب: 1/161]
وظُلُمة، وجُمْعَة وجُمُعَة، ويجوز أن يكون جَمَع رُمْزَة على رُمْز، ثم أتبع الضم الضم، كما حكى أبو الحسن عن يونس أنه قال: ما سُمع في شيء فُعْل إلا سُمع فيه فُعُل، وعليه قول طرفة:
وِرَادًا وشُقُر
يريد: شُقْرًا). [المحتسب: 1/162]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس