عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 26 صفر 1440هـ/5-11-2018م, 02:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({سيقول المخلّفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتّبعكم يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه قل لن تتّبعونا كذلكم قال اللّه من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلّا قليلًا (15) }
يقول تعالى مخبرًا عن الأعراب الّذين تخلّفوا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة الحديبية، إذ ذهب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه إلى خيبر يفتتحونها: أنّهم يسألون أن يخرجوا معهم إلى المغنم، وقد تخلّفوا عن وقت محاربة الأعداء ومجالدتهم ومصابرتهم، فأمر اللّه رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ألّا يأذن لهم في ذلك، معاقبةً لهم من جنس ذنبهم. فإنّ اللّه تعالى قد وعد أهل الحديبية بمغانم خيبر وحدهم لا يشركهم فيها غيرهم من الأعراب المتخلّفين، فلا يقع غير ذلك شرعًا وقدرًا؛ ولهذا قال: {يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه}
قال مجاهدٌ، وقتادة، وجويبرٌ: وهو الوعد الّذي وعد به أهل الحديبية. واختاره ابن جرير.
وقال ابن زيدٍ: هو قوله: {فإن رجعك اللّه إلى طائفةٍ منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدًا ولن تقاتلوا معي عدوًّا إنّكم رضيتم بالقعود أوّل مرّةٍ فاقعدوا مع الخالفين} [التّوبة: 83].
وهذا الّذي قاله ابن زيدٍ فيه نظرٌ؛ لأنّ هذه الآية الّتي في "براءة" نزلت في غزوة تبوك، وهي متأخّرةٌ عن غزوة الحديبية.
وقال ابن جريجٍ: {يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه} يعني: بتثبيطهم المسلمين عن الجهاد.
{قل لن تتّبعونا كذلكم قال اللّه من قبل} أي: وعد اللّه أهل الحديبية قبل سؤالكم الخروج معهم، {فسيقولون بل تحسدوننا} أي: أن نشرككم في المغانم، {بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا} أي: ليس الأمر كما زعموا، ولكن لا فهم لهم). [تفسير ابن كثير: 7/ 337-338]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل للمخلّفين من الأعراب ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم اللّه أجرًا حسنًا وإن تتولّوا كما تولّيتم من قبل يعذّبكم عذابًا أليمًا (16) ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ومن يتولّ يعذّبه عذابًا أليمًا (17) }
اختلف المفسّرون في هؤلاء القوم الّذين يدعون إليهم، الّذين هم أولو بأسٍ شديدٍ، على أقوالٍ:
أحدها: أنّهم هوازن. رواه شعبة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ -أو عكرمة، أو جميعًا-ورواه هشيم عن أبي بشرٍ، عنهما. وبه يقول قتادة في روايةٍ عنه.
الثاني: ثقف، قاله الضّحّاك.
الثّالث: بنو حنيفة، قاله جويبرٌ. ورواه محمّد بن إسحاق، عن الزّهريّ. وروي مثله عن سعيدٍ وعكرمة.
الرّابع: هم أهل فارس. رواه عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، وبه يقول عطاءٌ، ومجاهدٌ، وعكرمة -في إحدى الرّوايات عنه.
وقال كعب الأحبار: هم الرّوم. وعن ابن أبي ليلى، وعطاءٍ، والحسن، وقتادة: هم فارس والرّوم. وعن مجاهدٍ: هم أهل الأوثان. وعنه أيضًا: هم رجالٌ أولو بأسٍ شديدٍ، ولم يعيّن فرقةً. وبه يقول ابن جريجٍ، وهو اختيار ابن جريرٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الأشجّ، حدّثنا عبد الرّحمن بن الحسن القواريريّ، عن معمر، عن الزّهريّ، في قوله: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} قال: لم يأت أولئك بعد.
وحدّثنا أبي، حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن ابن أبي خالدٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة في قوله: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} قال: هم البارزون.
قال: وحدّثنا سفيان، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا تقوم السّاعة حتّى تقاتلوا قومًا صغار الأعين، ذلف الآنف، كأنّ وجوههم المجانّ المطرقة". قال سفيان: هم التّرك.
قال ابن أبي عمر: وجدت في مكانٍ آخر: ابن أبي خالدٍ عن أبيه قال: نزل علينا أبو هريرة ففسّر قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "تقاتلون قومًا نعالهم الشّعر" قال: هم البارزون، يعني الأكراد.
وقوله: {تقاتلونهم أو يسلمون} يعني: يشرّع لكم جهادهم وقتالهم، فلا يزال ذلك مستمرًّا عليهم، ولكم النّصرة عليهم، أو يسلمون فيدخلون في دينكم بلا قتالٍ بل باختيارٍ.
ثمّ قال: {فإن تطيعوا} أي: تستجيبوا وتنفروا في الجهاد وتؤدّوا الّذي عليكم فيه، {يؤتكم اللّه أجرًا حسنًا وإن تتولّوا كما تولّيتم من قبل} يعني: زمن الحديبية، حيث دعيتم فتخلّفتم، {يعذّبكم عذابًا أليمًا}). [تفسير ابن كثير: 7/ 338-339]

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ ذكر الأعذار في ترك الجهاد، فمنها لازمٌ كالعمى والعرج المستمرّ، وعارضٌ كالمرض الّذي يطرأ أيّامًا ثمّ يزول، فهو في حال مرضه ملحقٌ بذوي الأعذار اللّازمة حتّى يبرأ.
ثمّ قال تعالى مرغّبًا في الجهاد وطاعة اللّه ورسوله: {ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ومن يتولّ} أي: ينكل عن الجهاد، ويقبل على المعاش {يعذّبه عذابًا أليمًا} في الدّنيا بالمذلّة، وفي الآخرة بالنّار).[تفسير ابن كثير: 7/ 339]

رد مع اقتباس