عرض مشاركة واحدة
  #31  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 11:29 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المائدة
[ من الآية (87) إلى الآية (89) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (88) لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)}

قوله تعالى: {وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)}

قوله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بما عقّدتم الأيمان... (89)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص ويعقوب (عقّدتم) مشددة، وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي (عقدتم) خفيفة، وقرأ ابن عامر (عاقدتم) بالألف.
[معاني القراءات وعللها: 1/337]
قال أبو منصور: من قرأ (عقّدتم) بالتشديد فمعناه: وكدتم، قاله أبو عبيد، وقيل لنافع: ما التوكيد؟ قال: أن يحلف على الشيء مرارًا.
والتشديد في الفعل يستعمل إذا تكرر، كقولك: قتّل القوم.
ومن قرأ (عاقدتم) فهو مؤاخٍ لـ (عقّدتم)، كقولك: صاعر خده وصعّره، وعلى الرجل على البعير وعالى عليه، وله نظائر كثيرة، ومن قرأ (عقدتم) فإن أبا عبيد قال: كان الكسائي يقرأ بالتخفيف (عقدتم)، وتفسيره: أوجبتم). [معاني القراءات وعللها: 1/338]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {بما عقدتم الأيمان} [89].
قرأ ابن عامر وحده برواية ابن ذكوان {عاقدتم} بألف أي: تحالفتم، فعل من اثنين.
وقرأ أهل الكوفة غير حفص {عقدتم} مخففًا فيكون مغرمًا عليه ومؤكدًا.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع: {عقدتم} أي: أكدتم، وقد مرَّ تفسير هذا في (سورة النساء) فأغنى عن الإعادة، وكذلك قوله: {قيامًا للناس} وقد مرت العلل في أول (النساء).
سنخبر عن القراءة هاهنا. فقرأ ابن عامر وحده {قيما}.
والباقون {قيامًا} والياء مبدلة من واو والأصل: قوامًا مثل ثوب وثياب وسوط وسياط). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/149]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد القاف وتخفيفها وإدخال الألف وإخراجها من قوله [عزّ وجل] عقدتم الأيمان [المائدة/ 89].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: بما عقدتم بغير ألف مشدّدة القاف.
وكذلك روى حفص عن عاصم.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: بما عقدتم بغير ألف خفيفة. وكذلك قرأ حمزة والكسائي. وقرأ ابن عامر عاقدتم بألف.
قالوا: أعقدت العسل، فهو معقد وعقيد. وأخبرنا أبو إسحاق أنّ بعضهم قال: عقدت العسل، قال: والكلام أعقدت.
من قال: عقدتم فشدد القاف احتمل أمرين: أحدهما: أن يكون لتكثير الفعل لقوله: ولكن يؤاخذكم فخاطب الكثرة فهذا مثل: غلقت الأبواب [يوسف/ 23] والآخر: أن يكون عقّد مثل ضعّف، لا يراد به التكثير، كما أن ضاعف لا يراد به فعل من اثنين.
[الحجة للقراء السبعة: 3/251]
ومن قال: عقدتم فخفف جاز أن يراد به الكثير من الفعل والقليل، إلّا أن فعّل يختص بالكثير، كما أن الرّكبة تختصّ بالحال التي يكون عليها الركوب. وقالوا: عقدت الحبل والعهد، واليمين: عهد، ألا ترى أن عاهدت يتلقّى بما يتلقّى به القسم قال:
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم وأما قراءة ابن عامر بما عاقدتم الأيمان فيحتمل ضربين:
أحدهما: أن يكون عاقدتم يراد به عقدتم، كما أن عافاه الله وعاقبت اللصّ، وطارقت النعل بمنزلة فعلت، فتكون قراءته في المعنى على هذا كقراءة من خفف. ويحتمل أن يراد بعاقدتم:
فاعلت. الذي يقتضي فاعلين فصاعدا، كأنه يؤاخذكم بما عاقدتم عليه اليمين. ولما كان عاقد في المعنى قريبا من عاهد عدّي بعلى كما يعدّى عاهد بها، قال: ومن أوفى بما عاهد عليه الله [الفتح/ 10] ونظير ذلك في تعديته بالجار لما كان
[الحجة للقراء السبعة: 3/252]
بمعنى ما يتعدّى به قولهم: ناديت، قالوا: ناديت زيدا، وناديناه من جانب الطور [مريم/ 52]، وقال: وإذا ناديتم إلى الصلاة [المائدة/ 58] فعدّي بالجار لما كان بمعنى ما يتعدّى بالجار، وهو دعوت تقول: دعوته إلى كذا، وقال: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله [فصلت/ 33] فكما عدّي نادى لمّا كان في معنى دعا بالجار، كذلك عدّي عاقد- لمّا كان بمعنى عاهد- به واتسع فيه، وحذف الجار فوصل الفعل إلى المفعول، ثمّ حذف من الصلة الضمير الذي كان يعود إلى الموصول، كما حذف من قوله: فاصدع بما تؤمر [الحجر/ 94] ومثل حذف الجار هنا حذفه من قول الشاعر:
كأنّه واضح الأقراب في لقح... أسمى بهنّ وعزّته الأناصيل
إنّما هو عزت عليه، فاتّسع فيه، فالتقدير: يؤاخذكم بالذي عاقدتم عليه، ثمّ عاقدتموه الأيمان فحذف الراجع. ويجوز أن يجعل ما التي مع الفعل بمنزلة المصدر فيمن قرأ عقدتم وعقدتم، ولا يقتضي راجعا، كما لا تقتضيه في نحو قوله تعالى: ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون [البقرة/ 10]
[الحجة للقراء السبعة: 3/253]
وقوله: فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون [الأعراف/ 51] والكفارة في الأيمان إنّما أوجبت بالتنزيل فيما عقد عليه دون اليمين التي لم يعقد عليها. يدل على ذلك قوله: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته [المائدة/ 89] أي: كفارة ما عقدتم عليه، والمعقود عليه ما كان موقوفا على الحنث، والبرّ، دون ما لم يكن كذلك). [الحجة للقراء السبعة: 3/254]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة جعفر بن محمد: [مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهَالِيكُمْ].
قال أبو الفتح: يقال أَهل وأَهْلَة، قال:
وأَهْلةِ وُدٍّ قد تَبَرَّيْتُ ودَّهم ... وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلي
[المحتسب: 1/217]
فأما أهالٍ فكقولهم: ليالٍ؛ كأن واحدها أهلاة وليلاة، وقد مر بنا تصديقًا لقول سيبويه: فإن واحده في التقدير ليلاة -ما أنشده ابن الأعرابي من قوله:
في كل يوم ما وكل ليلاهْ ... حتى يقول من رآه إذ رآهْ
يا ويحه من جمل ما أَشقاهْ
ومن ذهب إلى أن "أهالٍ" جمع أهلون فقد أساء المذهب؛ لأن هذا الجمع لم يأتِ فيه تكسير قط، قل الشنفرى:
ولي دونكم أهلون سِيد عملَّسٌ ... وأرقط زهلول وعرفاء جيئل
ونحو من ذلك أرض وأراضٍ، القول فيهما واحد، ويقال: أرض وأرَضُون وأَرْضون، بفتح الراء وتسكينها أيضًا. قال كعب بن معدان الأشقري:
لقد ضجت الأَرْضون إذ قام من بنى ... هَداد خطيبٌ فوق أعواد منبر
وحكى أبو زيد فيه: أَرَض، وقيل: آراض. وأسكن الياء من أهاليكم في موضع النصب تشبيهًا لها بالألف، وقد سبق مثل ذلك). [المحتسب: 1/218]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة سعيد بن جبير ومحمد بن السميفغ: [أو كإِسْوتِهِم] من الإِسْوة.
قال أبو الفتح: كأنه -والله أعلم- قال: أو كما يكفي مثلهم، فهو على حذف المضاف، أو ككفاية إسوتهم، وإن شئت جعلت الإسوة هي الكفاية ولم تحتج إلى حذف المضاف). [المحتسب: 1/218]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان}
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر {بما عقدتم} بتخفيف القاف أي أوجبتم
وقرأ الباقون {عقدتم} بالتّشديد وحجتهم ذكرها أبو عمرو فقال عقدتم أي وكدتم وتصديقها قوله {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} والتوكيد هو ضد اللّغو في اليمين واللغو ما لم يكن باعتقاد وأخرى وهي جمع الأيمان فكأنهم أسندوا الفعل إلى كل حالف عقد على نفسه يمينا والتّشديد يراد به كثرة الفعل وتردده من فاعليه أجمعين فصار التكرير لا لواحد فحسن حينئذٍ التّشديد
وحجّة التّخفيف أن الكفّارة تلزم الحانث إذا عقد يمينا بحلف مرّة واحدة كما يلزم بحلف مرّات كثيرة إذا كان ذلك على الشّيء الواحد ولأن باب فعلت يراد به رددت الفعل مرّة بعد مرّة وإذا شددت القاف سبق إلى وهم السّامع أن الكفّارة لا تجب على الحانث العاقد على نفسه يمينا بحلف مرّة واحدة حتّى يكرر الحلف وهذا خلاف حميع الأمة فإذا خففت دفع الإشكال
[حجة القراءات: 234]
وقرأ ابن عامر (بما عاقدتم) بالألف أي تحالفتم فعل من اثنين). [حجة القراءات: 235]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {عقدتم الأيمان} قرأه أبو بكر وحمزة والكسائي بالتخفيف، وقرأ ابن ذكوان بألف بعد العين مخففا، وقرأ الباقن مشددا، من غير ألف.
وحجة من شدد أنه أراد تكثير الفعل على معنى: عقد بعد عقد، أو يكون أراد تكثير العاقدين للأيمان، بدلالة قوله: {ولكن يؤاخذكم} فخاطب جماعة، أو يكون شدد لوقوع لفظ الأيمان بالجمع بعده، فكأنه عقد يمين بعد عقد يمين، فالتشديد يدل على كثرة الأيمان، ولو كان بعده اليمين بالتوحيد لكان حجة للتخفيف.
32- وحجة من خففه أنه أراد به عقد مرة واحدة؛ لأن من حلف مرة واحدة لزمه البر أو الكفارة، وليست الكفارة لا تلزم إلا من كرر الأيمان، فيحتاج ضرورة إلى التشديد، والتشديد للتكثير، وتكرير الأيمان يوهمان الكفارة، لا تلزم إلا من كرر اليمين، وإذا لزمت الكفارة في اليمين الواحدة كانت في الأيمان المكررة على شيء بعينه ألزم وآكد، فالتخفيف فيه إلزام الكفارة، وإن لم يكرر، وفيه رفع للإشكال، فالتشديد فيه إلزام الحالفين الكفارة على عددهم، وفيه إيهام ترك الكفارة عمن لم يكرر اليمين، فالقراءتان حسنتان، وكان التشديد أحب إلي؛ لأن أكثر القراء عليه، وعليه أهل الحرمين.
33- وحجة من قرأ بألف أنه جعل «فاعل» يُراد به المرة الواحدة، فعل الواحد كعافاه الله، فيكون في المعنى بمنزلة قراءة من خفف بغير ألف، ويجوز أن يُراد به اثنان فأكثر، على باب فاعلين، فتكون اليمين من كل واحد من الحالفين المتعاهدين، المعنى على هذا القول أن تكون اليمين من كل واحد للآخر، على أمر عقدوه، وعلى القراءة الأولى أن تكون اليمين من واحد على فعل يفعله، أو على ترك فعل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/417]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {عَاقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [آية/ 89]:-
بالألف، قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أن {عَاقَّدْتُمُ} ههنا يجوز أن يكون بمعنى عقدتم كعاقبت الرجل وطارقت النعل وعافاه الله.
ويجوز أن يكون {عَاقَّدْتُمُ} من فاعل الذي يقتضي فاعلين، فيكون المعاقد هو اليمين، كأنه قال: يواخذكم بما عقدتم عليه اليمين.
[الموضح: 449]
وقرأ حمزة والكسائي وعاصم -ش {عَقَّدْتُمُ} مخففة، بغير ألف ووجهه أن فعل بالتخفيف يجوز أن يراد به القليل من الفعل والكثير منه، وفعل بالتشديد يختص الكثير، فمن قرأ بالتخفيف يجوز أن تتضمن قراءه معني قراءة من قرأ بالتشديد.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو و ص- عن عاصم ويعقوب {عَقَّدْتُمُ} بالتشديد.
والوجه أن عقد بالتشديد يراد به تكثير الفعل، فيختص بالكثرة، فالأولى إذا أريد الكثرة أن يستعمل اللفظ المخصوص بها.
ويجوز أن يكون عقد بالتشديد مثل ضعف لا يراد به التكثير، كما أن ضاعف لا يراد به الفعل من اثنين، إلا أن الأصل هو ما قدمناه). [الموضح: 450]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس